رسائل..
6.14K subscribers
145 photos
55 videos
43 files
523 links
السعي طريق الوعي | مقالات * فوائد * صوتيات
موقع يتضمن المواد بطريقة مرتبة: ttangawi.com
Download Telegram
Forwarded from رسائل..
#إضاءة_منهجية (١١) : أنت صاحب موقف مسبق! (١/٢)

هكذا يقولون: تخلص من مواقفك المسبقة.. عليك أن تتسائل .. عليك أن تشك.. بغير ذلك لن تتيقن ولن تكون عقلانيا!

هذه التعبيرات أو ما يشبهها تطرح كثيرا كأسلوب لزعزعة موقف الإنسان في ما نشأ عليه، وربما طرحت كذلك على المسلم لتشكيكه في دينه أو ثوابته عموما، وثمة مغالطة كبيرة في تعميم هذه الفكرة، وتوظيفها للتسوية بين المختلفات والتشكيك في القطعيات، ولنكشف ذلك فيما يلي:

أولا: ليس كل ما نشأ عليه الإنسان في مرتبة واحدة من الصحة والبطلان والقطعية والظنية، وبالتالي ليس كل ما نشأنا عليه يستدعي الشك وذم التمسك به لمجرد أنه مما نشأنا عليه، فإن مما نشأنا عليه ما لا يقبل عاقل الشك فيه أصلا كالقضايا الفطرية والعقلية القطعية، فمن الذي يشك في كون الجزء أصغر من الكل، أو الواحد مع الواحد يساوي اثنين، أو في ضرورة السبب للمسبب!

ثانيا: التفكير السليم والعقلانية هو البناء على الفطرة والضرورات العقلية وإدراك ما يترتب عليها، أي أن ننطلق من الحقائق الثابتة ثم نستخدم قواعد العقل لبناء المعارف، فنستدل مثلا بمبدأ السببية وعدم التناقض وإدراك التلازمات بين مقدمات الأدلة ونتائجها لتتطور المعرفة، وهذا الطرح بعمومه حين يشكك في ما علمناه وتوصلنا إليه وفق هذا التفكير السليم، هو في الحقيقة مرض ووسوسة! ولذلك:

ثالثا: نجد أن القرآن أمر بالتفكر في الآيات ليتيقظ الإنسان لما تقتضية الفطرة ونظر العقل الصحيح، فيتنبه لما يلزم من تلك الآيات من معارف، فيرى فيها آثار صفات الخالق، ويشعر بعظيم حقه، ويتجه لتوحيده.. ومن حاد عن هذا السبيل قيل له في استنكار {أفي الله شك فاطر السماوات والأرض}، فالشك في وحدانية الله وفي صحة الرسالة ليس أمرا عاديا يتفق مع العقل والفطرة، لأنها ثابتة بأدلة قطعية، بل لا بد للشك في ذلك من وسوسة وخلل في منهج التفكير، وهذا لا يختص بهذه الأصول الكبار، بل أن ما تستلزمه من طاعة الله ورسوله والتسليم لأحكام الله وتصديق خبر الوحي بتفاصيله يدخل في ذلك، لأن ما استلزمه القطعي قطعي.

وبهذا تتنبه لمغالطة بعضهم بأن يورد لتأييد هذا الطرح الآيات التي تتضمن الدعوة لإعمال العقل والتفكر، فنقول: ما سبق من التفكر الصحيح الموافق للفطرة والآيات الدالة على صحة حقائق الدين وصدق الرسالة هو المقصود بهذه الآيات، ولم يدع القرآن للشك في الفطرة والنظر السليم! بل ذلك مرض، ولذلك حين ورد في القرآن ورد مورد الاستنكار، ففي الشك في الوحدانية {أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} ، وفي الشك في صدق الرسول المخالف لما علم من حال صدقه: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون}، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

إذا: التفكيرالسليم والعقلانية هو البناء على الفطرة والضرورات العقلية وإدراك ما يترتب عليها والانطلاق نحو التوحيد والطاعة، وليس البقاء في المربع الاول والشك فيه بشكل مرضي

رابعا: تصحيح الطرح منهجيا بشكل عام هو أن يقال: العبرة بالفطرة والدليل العقلي السليم وما يترتب على ذلك، فإن كانت النشأة عبارة عن بقاء على ذلك، فمن المرض واللاعقلانية استدعاء الشك فيه، وإذا كان الإنسان قد نشأ على تغيير للفطرة وتصورات محدثة غير مستندة للأدلة، فعليه أن يبحث عن أدلة ليتحقق ولا يعتمد على مجرد الاعتياد والنشأة. وبناء على ذلك:

خامسا: لا يصح إيراد هذا الطرح على نشأة المسلم، فالإسلام دين الفطرة والبراهين العقلية، لذا فإن مجرد النشأة عليه لا تستدعي الشك، ولنزد بيان هذا من وجوه:

الوجه الأول: أن أصول الإسلام من اعتقاد كمال الله ﷻ وتوحيده والخضوع له، هي قضايا فطر الله ﷻ الناس عليها أو على ما يستلزم إدراكها ولو إجماليا، ولذا فإن المستمر على الفطرة لديه دليل فطري، وهذا معلوم بالنصوص، كما في قوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها}، وبالتجربة والواقع يجد كل الناس نزعة الإقرار بكمال الله ووحدانيته، بل حتى الملاحدة ينزعون لذلك في اعتراضاتهم على الأحكام مثلا، فيجعلون عدم الظلم في حق الله مقدمة في اعتراضاتهم على بعض الأحكام الشرعية التي يتوهمون أن فيها ظلما..فينبغي الانتباه إلى مغالطة تصوير المسلم بصورة الخالي من البرهان وتجاهل برهان الفطرة.

الوجه الثاني: أن كون إيمان الشخص مبنيا على البراهين العقلية لا يستلزم أن يكون قادرا على استحضار صياغة معينة لتلك البراهين، أو التعبير عنها في صورة استدلال يقيم الحجة على الغير، فوجود معنى الدليل في نفس الإنسان شيء، وتصوره على شكل دليل شيء، وتقديمه للغير شيء آخر، والوجود كاف للتيقن.

الوجه الثالث: أن القرآن مليء بالبراهين العقلية، فكل مسلم يقرؤه ويفهمه هو في الواقع يستقي تلك البراهين وتثبّته، بغض النظر عن قدرته على تصورها في صورة براهين وصياغتها..

يتبع..
Forwarded from رسائل..
تابع ل #إضاءة_منهجية (١١) : انت صاحب موقف مسبق! (٢/٢)

.. فالقرآن مشتمل على أصول الأدلة العقلية، كدليل السببية وعدم التساوي بين الخالق والمخلوقين، كما في قوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} ، ففي الآية استحالة الخلق من غير سبب، وعدم صلاحية الخلق للتسبب، وهذا معلوم للقارئ أنه لنقصهم وافتقارهم وعدم كمالهم، فيدل ذلك على الأحدية أيضا، لأن انتفاء هذه الاحتمالات لا يبقى بعده إلا إثبات خالق ليس كالمخلوقين، متصف بالكمال المطلق دونهم.

كذلك ذكر آيات الله ﷻ في الكون وتعدادها وبيان أوجه الإحكام والتسخير يدل على الخلق وصفات الخالق

وكذلك أدلة النبوة والدفاع عن النبي ﷺ وذكر أحواله التي تقتضي صدقه، وتحدي الثقلين في الإتيان بمثل القرآن، وما في القرآن في ذاته من كمال البيان والمعاني والإخبار بالمغيبات وغير ذلك (انظر مثلا للتوسع: النبأ العظيم لدراز https://archive.org/download/nabaa_azeem/nbzm1.pdf )

والحاصل أن المسلم الذي ينشأ على الفطرة السليمة والدين الحق المليء بالبراهين القاطعة هو في موقف عقلاني قاطع، حتى لو لم يستحضر صيغ الدلالة العقلية، ولذلك نجد أن المسلمين مهما اختلفت درجات علمهم يشعرون عموما بقوة دينهم وصحته ويتمسكون بذلك، ونجد أن تشكيك المسلم في دينه أصعب من تشكيك أهل المعتقدات الأخرى التي تقوم على تناقضات مع الفطرة والعقل.

سادسا: لا شك أنه كلما قوي تدبر المسلم في القرآن وتفكره في آيات الله وتقربه لله بالطاعات زاد إيمانه ويقينه، ومن هذا المنطلق يدعى المسلمون لزيادة إيمانهم، لا بالشك المتكلف كما في هذا الطرح، ولكن بالتدبر في كتاب الله والتفكر في خلقه والقرب منه وزيادة التقوى، والبعد عن أهل المغالطات الذين يلقون الشبه وعن مقالاتهم، كما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم). [انظر: https://t.me/ttangawi/35 ]

والله الهادي
رسائل..
مجرد أغنية أم فانتازيا وإيدولوجيا؟ مر على اليوم كلمات أغنية لفرقة كورية شهيرة، ولم يسبق لي أن أطالع مثل هذه الأمور لاعتقادي أن كونها منكرا أشهر من أن يحتاج لتدليل، لكني تأملتها على كل حال، وشعرت في ضوء ذلك أن فهمي زاد لبعض ما أسمعه من تعلق شديد بهذه الفرقة…
من أحب فهم مصطلحات العنوان - مع أنها في تقديري ليست ضرورية لفهم فكرة المقال الرئيسة- :

- مراجعة الإضاءة السابقة :

أنت مؤدلج!
https://t.me/ttangawi/690

- أعني بالفانتازيا في هذا السياق: استخدام الخيال الذي يمرر مع هيجان المشاعر رؤية غير واقعية وغير صحيحة للوجود ولدور الإنسان فيه.. وهذا الاستخدام للمصطلح موجود في بعض الأدبيات المتعلقة بالأفكار
الدنيا تارة تسر وتارة تسوء، ولن تدوم لأحد فيها مسرة ولا يدوم فيها ما يسوء.. ولهذا الفهم أثر في اعتدال المشاعر عند تجدد أسباب السرور أو العكس، وذلك الاعتدال يعين على الصبر عموما وعلى استمرار العبد في سعيه للآخرة حيث تنفصل السعادة عن الشقاء للأبد {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا} [الإسراء : 19]

للفائدة:
https://t.me/ttangawi/880

#رسائل_الصبر
#رسائل_البلاء
#رسائل_العبودية
Forwarded from رسائل..
#إضاءة_منهجية (٢٠)

احذر السفه باسم العقل!!

📍الصحابة هم العقلاء ومخالفوهم المنافقون هم السفهاء

📍لا تخالف ما كان عليه الصحابة باسم العقل لأنك حينئذ واقع في السفه!


🔹 قد نص الله تعالى في القرآن على أن السفه هو في مخالفة ماكان عليه أصحاب النبي ﷺ ، وذلك في قوله تعالى عن المنافقين: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} [البقرة : 13]

✍🏻 يقول الطبري رحمه الله:

" وهذا خبرٌ من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعتُه لهم، ووصفُه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب، أنَّهم هُم الجُهَّال في أديانهم, الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم، من الشكّ والريْب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوته, وفيما جاء به من عند الله, وأمر البعث, لإساءَتهم إلى أنفسهم بما أتَوْا من ذلك وهم يحسبون أنَّهم إليها يُحْسِنون. وذلك هو عَيْنُ السَّفه, لأن السفيه إنما يُفسد من حيث يرى أنه يُصلحُ، ويُضيع من حيث يَرى أنه يحفظ، فكذلك المنافق: يَعصي رَبَّه من حيث يرى أنه يطيعُه, ويكفرُ به من حيث يرى أنه يُؤمن به, ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يُحسن إليها "

🔴 فكل من يدعون العقل اليوم ويخالفون ما كان عليه الصحابة بدعوى أنهم يأخذون بالقرآن ويستقلون بفهمه بعقولهم ويحفلون به، فالقرآن يدل على سفه عقولهم وضعف آرائهم !
وقفات مع مشكلة غياب عمق وشمول التأصيل الشرعي عند المهتمين بالمجال الفكري (٢/٢)

ولا شك أن الإسلام لم يأت بإهمال تأثير اختلاف الواقع وخصوصياته بإطلاق، ولكنه أيضا لم يعتبرها معيارا بإطلاق، ولذلك شرع الهجرة وأمر بالصبر على الحق والتواصي عليه، فالأمر يحتاج لانضباط في مراعاة أثر ضغط الواقع الذي يستوجب بعض المرونة في أمور دون أمور، ومرجع ذلك لنوع المسائل وحال السائل، لا إلى أحدهما فحسب بحيث يحكم على الآخر بإطلاق في كل مسألة

وبعض هؤلاء - نفع الله بهم وبصرهم بالصواب - يتابعهم الشباب بحماس شديد لما يرون من قدراتهم الجدلية وانتصاراتهم على التيار الإلحادي، وبعض هؤلاء المتابعين لا يروق له إلا جو الإثارة والردود المفحمة، ولا يصبر على البناء المعرفي أيا كان، فينهمك في متابعة الردود أو المناظرات، وبعضهم يشعر مع ذلك بطمأنينة لقوة الإسلام، ثم قد يسمع شبهة ولا يقتنع بردها، فيتحير ويتوه طويلا في ظل عدم وجود منهجية صحيحة ولا معرفة بالمصادر ولا تصور شمولي للبناء المعرفي الشرعي

ويتعدى بعضهم هذه المرحلة إلى مرحلة المحاكاة، فيدخل في نقاشات دون نضج علمي، وربما حاول التعلم بالتركيز على العلوم الإنسانية وقراءة الردود الفكرية، ثم يأخذ في التصدر فيأتي بما لا يحمد، خاصة أن كثيرا من الشباب لا يتحمس للتعلم الشرعي الشمولي، ويريد البقاء في مجال الرد المثير للحماس

ومشكلة هذا الحماس أنه قد يعمي عن قبول النصح، فتجد أن الشاب إذا نصح يقولب الناصح في قوالب تحول دونه ودون استماع نصحه، فهو تلقائيا يصنفه بأنه لا يفقه الواقع ولا يعرف العلوم الإنسانية أو لا يهتم بالرد على شبهات خصوم الإسلام، وهذه الأمور قد تكون موجودة بدرجات متفاوتة في بعض الناصحين، وقد تكون أوهاما، ولكن هي على كل حال لا تمنع سماع النصح وقبوله

وأيضا بعض ما يصنف ضمن فقه الواقع أو العلوم المساندة لتصوره أو تصور مذاهب الخصوم ونقض فلسفاتهم، هي أمور يمكن أن يعلم أصول الانحراف فيها مع التوسع في معرفة الرؤية الإسلامية الصحيحة، وكثير من التوسع الفكري المعاصر يقوم بعكس الأمر، ويتوسع في عرض تلك العلوم والمذاهب بما لا حاجة له أصلا، ولا يتعلق بواقع الشريحة الكبرى من المتأثرين بالانحرافات الفكرية، بل يدخل ضمن الترف الفكري في بعض الأحيان، أو يكون شأنا تخصصيا يناسب أن يدخل فيه بعض المتخصصين ويكفوا فيه غيرهم

وقد درست في بعض البرامج المهتمة بالتحصين الفكري ورد الشبهات، ومارست مئات الحوارات مع الشباب المتأثرين بالموجة التشكيكية، فوجدت تجريبيا أن بعض مقررات هذه البرامج متضخمة في هذه الجوانب ولا يحتاج إليها عند الحوارات بهذه الصورة، وقد تغني أحيانا صفحة واحدة عن أضعافها من الصفحات في مواضيع معينة، خاصة ما يكون من باب تصوير الفلسفات المخالفة وبيان موقف الإسلام منها، فالواجب أن يشرح فيها الموقف الإسلامي بطريقة بنائية تراعي بيان أسس نقض موقف الخصوم بإجمال مناسب، ويكفي هذا في معظم الأحوال!

والحاصل أن ظاهرة الاهتمام بما يعرف بالفكر تحتاج لوقفات، وأظن أن جزءا كبيرا من مسؤولية التصحيح تقع على عاتق من ينشطون في هذا المجال ويجذبون الشباب إليه، وقد يكون الأمر في حق بعضهم مستوفيا شروطه غير مخل بالأولويات، لكن المنجذبين يدخلون في هذا الجو دون وعي بتلك الشروط ودون مراعاة للأولويات، فمن سيأخذ بأيديهم؟

نعم لقد جاءت هذه الموجة الفكرية الشرعية في وقت حرج وأسهمت في كسر كثير من موجات الانحراف الفكري واحتوت كثيرا من الشباب التائه، وليس من العدل أن ينكر الإنسان ذلك أو يقلل منه، لكن ذلك لا يلغي ملاحظة الانحرافات أو القصور أو السلبيات للتوعية بها، ولا يلغي وجوب معرفة نوع الاشتغال العلمي هل هو من باب المقاصد أو الوسائل، وما منزلته عموما؟ وما منزلته بالنسبة لسياقات خاصة؟ فمثل هذا لا غنى عنه لتحقيق التوازن ومراعاة الأولويات، والتواصي به داخل في صميم التواصي بالحق

والله أعلم، نسأله تعالى الهدى والتوفيق لكل خير

#إضاءات_منهجية
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل

https://t.me/ttangawi
كن واعيا بوعيك!

تتشكل أحيانا ميول قوية في نفوسنا للرفض أو القبول للأفكار، وقد نسير معها ونبني عليها متكاسلين عن التوقف للتساؤل: ما هذا الميول؟ أهو حكم عقلي بني على أساس سليم؟ أو هو شعور نفسي يحتاج لمسائلة أعمق: ما باعثه وما الأفكار الخفية التي تقف وراءه؟

و كثيرا ما نجد بعد الانسياق مع الميول أننا تعجلنا، و أننا لم نكن قد بنينا مواقفنا على أسس سليمة، وربما صعب علينا الاعتراف بذلك، فمنا من يكابر الوقوف والمحاسبة، ومنا من يتشجع ويتواضع ويجاهد نفسه، فيزيد وعيا.

ويكمن الخطر الأكبر في أن الإنسان قد يسيطر عليه الهوى لتبني أفكار واتجاهات، يتطلع فيها إلى مظاهر أنماط من الحياة يهواها، ونتائج يحلم بها، ثم تصبح تلك الأهواء منطلقات لميوله تجاه الأفكار، دون محاولة لتبني التفكير المنهجي الذي ينطلق من أسس ثابتة لمحاكمة ما يكون محلا للنظر بعدل وطلب جاد للصواب

إن الوعي بالوعي أساس في فهم النفس، فأنت لن تستطيع تصحيح وجهتك وأنت لا تدرك أصلا أنك تائه، وأنك تسير حسب ما ترغب لا حسب ما تدل عليه خارطة السير التي وضعت وفق علم بالأماكن والطرق الموصلة، وإذا فرضنا على أحسن الأحوال أن ميولك ترقى إلى أن تكون بوصلة، فإن اندفاعك دون توجيه العلم وحسابات العقل الصحيحة قد يسقطك في حفرة، أو يوقفك دون زاد في مهلكة!

كثير من الجيل الناشئ يميل اليوم ببوصلة مزيفة يعبر عنها أحيانا ب "أحس"، فتطوى عمليات التفكير المبنية على المعطيات الثابتة والمناهج العقلانية، وتتخذ أهواء البشر وفلسفاتهم النسبية محركات لتلك الميول لمجرد انتشارها وتداولها، دون مسائلة لأسسها وفهم لما يلزم منها من ضلال وما تنتهي له من فساد في الدنيا والآخرة

وجزء من حل هذه المعضلة يكمن في الخوف، بإدراك حقيقة الدنيا وحتمية الموت ومصير الآخرة، وهنا تضطر النفس إلى التوقف والتثبت وتتجه للوعي بما يدور فيها للتأكد، فتبدأ سلسلة التصحيح، وأما الأمن والغفلة فمظنة الإهمال ومسايرة السائد من الأفكار غير المبرهنة، لما في ذلك من استراحة من وحشة المخالفة ولوازم الحق التي لا بد من دفعها، فسلعة الله غالية.. وسلعة الله هي الجنة!

#إضاءات_منهجية
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل

https://t.me/ttangawi
يقوم بعض الناس مشكورين ببيان حال بعض المجرمين من الكفار ممن له سجل من الاعتداءات الظالمة على الأمة، وذلك في سياق التحذير من محاولة بعض المضللين من استغلال وفيات مشاهير الكفار بالترويج للترحم عليهم وتسويق منجزات إنسانية أو علمية لهم، وهذا قد يفيد بصورة جزئية، ولكن..

من الخطأ أن تكون العمدة في بيان قضية شرعية عقدية كهذه هي جرائم في حق الإنسان، وكأن الكافر الذي أحسن فعلا في معاملة البشر وخدمهم لكنه تنكر لحق خالقه وهو الحق الأعظم، وأجرم أعظم الجرم بظلم الشرك والجحود والتمرد عليه وتكذيب رسله، كأنه حاز صك البراءة بجمال ابتسامته أو نفع مخترعاته

قال الحق تعالى :

{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف : 40]

وهذه إضاءة سابقة تفيد في هذا السياق :

https://t.me/ttangawi/408
#إضاءة_منهجية

القفز لمنهج السلف فوق العلماء من بوابة بعض المعاصرين (1) : مدخل تأصيلي عام 👇🏻

https://t.me/ttangawi/1593
رسائل..
#إضاءة_منهجية القفز لمنهج السلف فوق العلماء من بوابة بعض المعاصرين (1) : مدخل تأصيلي عام 👇🏻 https://t.me/ttangawi/1593
القفز لمنهج السلف فوق العلماء من بوابة بعض المعاصرين (2)

https://t.me/ttangawi/1595

خرج على الصحابة الخوارج وهم يدعون اتباع النصوص ويرمون الصحابة بعدم اتباعها، وإنّما وقع لهم ذلك لسوء الفهم مع كونهم أهل تنسّك كما جاء في صفتهم بالحديث، ولأنّهم لم يرجعوا لأهل العلم بتأويل القرآن والاستنباط منه، ممن شهدوا التنزيل وعرفوا لغة العرب ووجوه تصرفها في كلامها، وحازوا رتبة الاجتهاد وحسن النظر في الأدلة ومعرفة أوجه الجمع بينها والنسخ، وغير ذلك مما يبتني عليه الاجتهاد الصحيح من الأصول

فإذا كان هذا الخلل وقع للخوارج عندما نازعوا أهل العلم من الصحابة في فهم النصوص مع عظم البيان فيها وعصمتها، فكيف بفهم كلام السلف نفسه، فحين يدعي بعض المعاصرين فهما شاذا يضرب به فهم أهل العلم لمذهب السلف على مر القرون ، ثم يدعون أنّهم بذلك إنما رجعوا للمصدر الأصلي وتركوا ما لا يلزم الأخذ به من أقوال العلماء، فهم بذلك ينتهجون نهج من خرجوا على السلف من حيث لا يشعرون

إن من يظن أن مجرد ادعاء الانتساب للكتاب والسنة (أو الانتساب لمذهب السلف من باب أولى) والحماس في ذلك مع الحط من المخالفين ممن ينازع في هذا الانتساب أو بعض مضامينه، من يظن أن ذلك كاف في تحقيق الانتساب للسلف مع ضعف الأدوات العلمية وضعف الاستقراء لكلام السلف والتنكب عن تقريرات الأئمة المعتنين بذلك فهو واهم، خاصة عندما يكون عماده تقليد معاصر في شذوذات يدعي نسبتها للسلف مخالفا لمن هو ألصق منه بالعلم من الأئمة على مر الأزمان

#إضاءة_منهجية