وكأني بالزَّمنِ في مرحلةٍ مّا، يُدِينُني من العافيةِ نصيبًا..
ثم إذ به، ودون استئذانٍ، أو سابقِ إنذارٍ
يأتي ليسترجع دَيْنَهُ.
كُلّهُ! دُفعةً واحدةً..

ويسحَب النُّور من فُؤَادي ثُقبُهُ الأسودُ …
فأعودَ إلى الظَّلامِ السَّابق

كأن لم أكن تحتَ النُّورِ،
كأنْ لا قِبْل لي بالنُّورِ،

فيبدو كل شيء أحلك مما كان يومًا عليه، قاتما نقيّ السواد!

كأنما أعطاني شيئا، آمنتُ به،
ثم استعادهُ في رفة عينٍ،

فهان في عينيَّ كُل شيءٍ.

الحقيقة، بعد هذا المسير الطويل،
وبعد تراجُعِ الزّبدِ واستقرار ما ينفع.
مع تمام حركةِ موج الزمنِ المكر المفرِّ، ولعبة المنعِ والعطاء الخشنة،

والإقبال والإدبار:
حاملا ما أقبل به معه، ساحِبًا ما أقبل به معه.

الحقيقة، التي استقرّت، بعد كل هذا المسير،

التي تعلمتها من ربي في لحظة صفاءٍ وتدبر واستماعٍ.

هي أن ما استدنتُ بُرهةً ليس إلا قَبسًا أستنيرُ به زمنًا لأرى الطّريق،

لئلا أضلّ أو تطول بيَ الغفلةُ،

أما وقد خبرتُ اتجاهها فلا يضيرني انطفاءُ النُّور،

والحُبُّ والصدقُ والجمالُ والطيبُ وما يؤمنُ بهِ المؤمنون،
في فؤادي،
مُخبّـــأٌ مُدَّخرٌ،
لأنيرهُ من ذاتي
وهي تسعى إليكَ خالِقي..

ينبثقُ نورا من احتكاك خطوي بأرض هذه الطريقِ المباركة.

أصنعُهُ، لأدُلَّ البشر على حُبِّك أنتَ!

أصوغُهُ، لأكون منارة أحدٍ ما.

ويهونُ عليّ كل شيءٍ مادام خطوا في سبيلك، مادام سيرا في طريقٍ أنت وجهتها. ما دام يُعمق معرفتي بك، ما دمتُ في نهايته أقرب إليك شِبرًا.

كلُّ فقدٍ، كلُّ رحيلٍ، كلُّ هجرٍ.
يهونُ.

#حديث_الزمن

خوفُ الانتظارِ :
كان سيفًا يشطِرُ روحي شطرينِ،
كنت أفزَعُ، وتتلاطمُ الكلماتُ والأفكارُ بين لساني وعقلي، وأئنُّ أنينًا يهبطُ بأركانِ روحي إلى أسفل سافلينَ؛ فأتوسَّلُ الفقيرَ وأشتكي إليه غنايَ وأتذوقُ مرارة المذلة ..
أما الآن وإذا ما دقّت ساعة الانتظارِ، خشعت جوارحي لارتجافة القلبِ،
وما عُدتُ أشعر بحاجةٍ لأي وزنٍ زائدٍ يثقلُ انتظاري، فأزهدُ في الكلماتِ وأصمتُ، ومع أن الخوف نفسهُ يراودني، ووعيي باحتمالاتِ الجحيم قد بات واسعًاَ، وخيالي الذي اختبر الوجع صار أخبر بهِ من ذي قبلٍ .. مع هذا أنا لا أخرقُ السكوتَ، أنتظِرُ حيثُما يجِبُ عليّ الانتظارُ، وأخافُ الله في نفسي، بيقينِ من جرب البدايات والنهايات مرارًا ..

الصورة بعدسة Fluvio Roiter - التقطت في سواحل تونس

#حديث_الزمن
#من_وحي_صورة
#انتظار
#في_استنطاق_الخوف

عن جهدِ التجاربِ وآثارها؛

هناك مِن الأدواتِ البشريّةِ آلاتٌ عظيمة نُعمِلُها في مواقعِ بناءِ النفسِ،

نمرُّ بما يزلزلُ الأُسُسَ ويهدّدُ أمنها في أزمنةٍ نَحــنُ فيها أمامَ اضطرارِ هدْمٍ في سبيلِ الإنشاءِ من جديد..

فإذا تمّت لنا النُّقلةُ بتمامِ البناء،
وآن لنا من بعد مشقّةٍ زمانُ سكونِِ،

غفلْنَا عن الآلاتِ
وقد تمكَّنت منّا وحُفِرت أوامِرُ اشتِغالهَا سِلسِلةً عميقة في بواطننا:

فما كانَ مِنها 'شكا بنّاءً' في مراحل التّشييدِ تراهُ يستحيلُ شكا هدّاماً لا يُبقي ولا يذرُ
فلا يعودُ يستقرُّ بصاحبه الحالُ في مراسيّ اليقين التي كان يهنأُ بها!

وما كان منها 'وعيًا وفِطنة'ً بنواقصِ البناءِ السابقةِ يصبحُ نزعةً مَرَضيّة في البحثِ ليس فقط عن كلّ الثُّغورِ الممكنة حاضرا بل وعن كلّ إحتمالات الثغور المستقبليّة أيضًا..

وتتحوّلُ ماكينةُ 'إعادة صياغة المفاهيم' إلى وحشٍ صامتٍ يلتهِمُ أُسسَ البناءِ ذاتها، يترصّدُ وينقضُّ في سلسلة مفرغةٍ من التهشيمِ والتّدويرِ لا غاية لها سوى إعادة الصياغة نفسها!

تتضخَّمُ الماكينةُ ويشتدُّ عودها في كلّ دَورةٍ، كالعُضوِ الذي زادَ قدرُ نشاطه عن الحدّ الطبيعيّ ليختلّ بهِ تناسُقُ الجسدِ؛

فلا يستكينُ البناءُ ولا تستقرُّ على تضاريسهِ المُرتَجّةِ حمـــائِمُ سلامٍ..

فهل رأيتَ ما كانَ يومًا أداة قوّةٍ وعلامةً على سلامة النّفس وعافيتها، قد باتَ عُشًّا لشياطينِ الخوفِ والتردُّدِ والانهزامِ قبل خوض المعاركِ!

#حديث_الزمن

فإن كانت مرساةُ السُّفن تشتقُّ من الأرضِ قُوَّة جَذبِها لتصوغها قوّة تَثبيتٍ.
فهذه مرساة الأبصار والأفئدة،
تشتقُّ من السماءِ علوّها ومن الغيمِ جلاله ومن الفضـا اتِّساعهُ، وتثبِّتُ تحت أقدامنا الثرى بفعل جذبِ الثُّريا لنا.

صومعة جامع القصر - مدينة تونس

#من_وحي_صورة #سنن

إني لأعرِفهُم من قبلِ رُؤيتهم
والماء يعرفه الضامي وما ورد
وسُنَّةُ الله في الأحبابِ أنَّ لهم
وجها يزيــدُ وُضوحًا كُلَّما ابتعدا
كأنهم وعدوني في الهوى صلةً
والحُرُّ حتى إذا ما لم يعدْ وعدَا!
..
جديلة هي من يأسٍ ومن ألمٍ
خصمانِ ما اعتنقا إلا ليجْتَلِدا

#شعر
_____________________
https://soundcloud.com/mohamed_vet/mduilr3l9rwa

لولا الهوى لم نكُن نُهدي ابتسامتنا
لكلِّ من أورَثونا الهمَّ والكمدَ!

ثُمَّ إن الوُقوفَ على أعْتابِ الفِكرةِ ما كان لِيُجدي.
وما الإنبِهَار الأوَّلُ بزُخرُفِ الأبواب يُجدي. كلُّ الجَدوَى في الدُّخولِ.

دار الجنرال حسين ¦ مدينة تونس

#جدوى

| المُتنسِّكــ

ربي أنا عبدك الضعيف، اللهم اغفر لي إن نسيتُ، إن نسيت نفسي في خلقك،
إن نسيتُ عهدي، ونيّتي، ومعناي في هذا العالم..

إن نسيتُ أثري، وتكليفي،
وسِعَتي التي أنعمت عليّ حتى أنفق.

اللهم اغفر لي إن أهدرتُ شيئا من ذاتي، إن غفلتُ، وتغافلتُ، وابتعدتُ، وضللتُ..

اللهم أنت خالقي، لك بدايتي وآخرتي. ولك ما بينهما. وإليك أرجعُ.
اللهم أنت خالقي، أقربُ إليّ من وريدي،
أرحمُ بي من أمي، أعلمُ بي من نفسي..

اللهم ثباتًا، اللهم ثباتًا، ووُضوحًا، وصدقًا
في السّعي، اللهم بيانا. اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي..
اللهمّ ما أودعت في قلبي من ميلٍ، من عشقٍ، من فطرةٍ سليمة، لوجهك وحدك.
اللهم لوجهك وحدك، لك وحدك، عملي وتعبي، وقصدي، وحرفي...

اللهم أستعيذ بك من زيغِ القلبِ،
ألهمني أن أعامل خلقك ومخلوقاتك بما يرضيك. وأن أتبع أحسن ما أنزلت.

الحُكـْمُ على الغَائِبينَ والمُغيـَّبِيـنَ دَوْماً سهلٌ يَسِير.
سَواءَ كان الحُكْمُ عليهم حُـبًّـا أو كُرهاً.

#أرأيت

مُعاشرةُ الأشجارِ والزُّهورِ والغيمِ والحيوانات وسائر مخلوقات اللّٰه دونَ البشرِ تهذِّبُ ذائقة الإنسان وتُرقِّقُ طبعهُ

أرض السواد 2 | ص273
#عبد_الرحمن_منيف

بَلِ الْإِنْسٰنُ عَلٰى نَفْسِهِۦ بَصِيرَةٌ (١٤)

وَلَوْ أَلْقٰى مَعَاذِيرَهُۥ (١٥)

لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ (١٦)

| سورة القيامة
#آية

تقولُ فيروز الصباح مُغنية ترانيمها:
أومن أن خلف الريحِ الهوجاءِ شفاه تتلُو الصَّلاة

وهي لعمري، إذ توقفتُ لأتأملها، من أجمل المعاني التي دُسَّت داخل لحنٍ وحرف. ومن أبلغِ صور المجازات التي تحكي تسبيح عناصر الطبيعة والكون..

فترقِّي النفسِ من نظرِ الحواسِّ وهو أدنى النظر إلى إيمانِ الفُؤادِ وهو أسمى النظرِ يبوحُ بالسِّر الذي يجعلُ هذه الأحرف القليلة تُحفَرُ في نسيجِ الرُّوحِ وتنزلُ فيها بردا وسلاما.

فإنَّ الريح التي كانت في ظاهرها تقسو، هي في باطنها تحملُ لُطفَ الذِّكرِ وجلالَه، والتي كانت في بدايةِ النظرِ تتجبّرُ قُوّةً أضحت في سِدرتهِ تتضاءَلُ امتِثالا لقوَّةٍ وحكمة فوقِيَّة.
وهي في الأصل وكيفما نُفخت تسبح باسم رب الوجود كله. وهي في كل حالاتها رسولة من رسلِ الله للبشر، تخبرُ عن الجبروت والوهنِ، والاتساعِ والضآلة، والبأسِ والرفق والقبض والإرسال وعن جامعها كلِّها في الكفِّ..

أما فيروز فيخبرنا صوتها الدافئ في هذه الجملة الوجيزة البليغة أنّ الوصولَ لبواطن الأشياء يُقصدُ ارتحالا من ظواهرها، وأن التيقُّنَ من الأضدادِ يُبلغُ انطلاقا من أضدادها. وأن التنقل ما بينهما رحلةُ إيمانٍ، وانفتاحُ بصيرةٍ،

وتصديقٌ جميلٌ بأنَّ القسمَ حقٌّ وأنَّ معَ العُسر يُسرًا، فإنَّ معَ العسرِ يُسرًا..

#أرأيت
#آية

شيرلوك هولمز: لابد أن تهدأي يا مولي، أنت متوترة جدًا.
مولي: وأنت تموت.
شيرلوك:أفوز أنا كالعادة؛ التوتر يفسد كل أيامك، وموتي لن يُفسد علي أكثر من يوم واحد.