لحظات لا ندركها، ولا ندرك ما حصل فيها، الحسين وما أدراك ما الحسين.
سمعنا وتسمعون:
فنادى برفيع صوته: ولدي علي، ولدي علي.
فقطعوه بالسيوف إربا إربا، فحمله في فسطاط إلى خيمة الشهداء.
فطعنه فلان في ترقوته.
فأصاب سهم حنكه الشريف.
فرفع يديه بالدعاء عليهم حتى بان بياض أبطيه.
فبان عاتقه الشريف فطعنه ….
فأخذ بيديه من دمه فخضب به لحيته الشريفة وقال هكذا ألقى ربي وأنا مخضب بدمي، ثم أخذ أخرى فرماها إلى السماء فلم تعد منه قطرة قط.
أتته السهام كأنها المطر، حتى صار جسده كالقنفذ من السهام.
إن ذلك الحجر كسر عظم جبهة الحسين.
فانبعث الدم كالميزاب.
واختلفت بالانقباض شمالك ويمينك
واحتز رأسه
ناشرات الشعور لاطمات الوجوه وبالعويل داعيات
ورفع رأسه على القنا.

_ أحمد علي الحلّي.

رأس ابن بنت محمد ووصيهِ
يا للرجال على قناةٍ يُرفعُ!

_ دعبل الخزاعي.

‏السّيّد حيدر الحِلّيّ:

فَهَوىٰ بِضاحِيَةِ الهَجيرِ ضَريبَةً
تَحتَ السُّيوفِ لِحَدِّها المَسنُونِ

وَقَفَت لَهُ الأفلاكُ عِندَ هَوِيِّهِ
وَتَبَدَّلَت حَرَكاتُها بِسُكُونِ

.


أوَ مَثلُ زَينبَ وهي بنتُ مُحمدٍ
برَزَت تُخاطبُ شَامتًا مَلعونا


.

.

أَتَنسى ـ وهل يُنسى ـ وقُوف نسَائكُم
لَدى ابن زِيادٍ إذ أمَاطَ حجابهَا

وعمَتُكَ الحَوراء أنّى تَوجَهت
رأتْ نائباتِ الدَهر تقرعُ بابهَا

.
الشاعر الأديب الشيخ عبد الحسين بن أحمد شكر يستنهضُ وليُ الزَمان 'سَ'.

.

بَناتُ زِيادٍ في القُصورِ مَصونَةٌ
وَآلُ رَسولِ اللَهِ في الفَلَواتِ *



عند هَذا البيت وما بَعدهُ بكى الإِمام الرِضا "سَّلام اللهِ عَلَيه" حتى أُغمي عَلَيهِ مرتين.


* تائية دعبل الخزاعي
.

يذكر معاشر الخطباء: إنّ أديب الطف الشيخ عبد الحسين شكر وصل بقصيدته التي مطلعها " البدار البدار آل نزار" إلى هذا البيت :

طأطئوا الرؤوسَ إن رأسَ حسينٍ...رفعتْه فوق القنا الخَطَّارِ.

فقام أحد السادة العلماء قائلًا:
يا شيخ عبد الحسين إذا رفع رأس الحسين من أجل الله علينا أن نرفع رؤوسنا!

قال له الشيخ عبد الحسين : انتظرني يا سيد، سأكمل البيت الذي أريد إيصاله إليك وأنت تطأطأ رأسك.
فوصل الشيخ إلى البيت وقال:

هتِّكوا عن نسائِكم كلَّ خدرِ...هذه زينبٌ على الأكوارِ.

قال السيد: يا شيخ لقد طأطأت رؤوسنا بهذه المصيبة.

"شلون تنام عيون السادة..وعدهم بالطف مسبيات"

‏اَعْظَمَ اللهُ اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَجَعَلَنا وَاِيّاكُمْ مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الاِْمامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ السَّلامُ.

السبحة نفسها اليوم، وقد ذهبت عنها آثار الحُمرة بشكل تام تقريبًا..

السلام على من بكاه كلّ شيء..
كيف لا نمضي العمر بالبكاء عليه وقد بكاه حتى التراب!

‏"أنعِم جوابًا يا حُسَين أما ترى
شِمرَ الخنا بالسَّوطِ ألّم أضلُعِي

فأجابها من فوقِ شاهِقةِ القنا
قُضِيَ القضاءُ بما جرى فاسترجعي"

ليلة الحادي عشر، عند مثوى فقيه أهل البيت (عليهم السّلام) السيّد الحكيم (رضوان الله عليه).

‏هذا وإنْ كُنتُ طَوَّعْتُ الحَديدَ على
رِثائِهمْ بَيْدَ أنِّي أَغْبِطُ الشُّهدَا

لكِنَّ لَهفِي على اللَّاتي بأَعْيُنِها
ذَرَّ القَذَى قَتَداً لَمَّا شَكَتْ رَمَدَا

إِذْ طَوَّقَ الجِيدَ مِنها حَبْلُ ثاكِلِها
وإنَّما قَدْ طَوَى في جِيدِهِ مَسَدَا

- الشاعر الاديب بدر الدريع.

• وا ولداه!

روى الشيخ الصدوق بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال:

«يُمثّل لفاطمة عليها السلام رأس الحسين عليه السلام متشحّطاً بدمه، فتصيح وا ولداه وا ثمرة فؤاداه، فتصعق الملائكة لصيحة فاطمة عليها السلام، وينادي أهل القيامة: قتل الله قاتل ولدك يا فاطمة..».

• بحار الأنوار: ج٤٣، ص٢٢٣.

• الموجع قلبه لنا!

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:

«إنَّ الموجعَ قلبُهُ لنا ليفرحُ يومَ يرانا عند موتِهِ فرحةً لا تزالُ تلكَ الفرحةُ في قلبه حتّى يردَ علينا الحوضَ».

• بحار الأنوار: ج٤٤، ص٢٩٠.

"..ويظهر -والله العالم- أنَّ الأئمّة صلوات الله عليهم لم يكونوا يُريدون أنْ تتحوّل الزيارة إلىٰ نوع من النزهة والتفرّج واللهو ممّا يُنافي الغرض من الزيارة الّتي تهدف إلىٰ تذكّر مواقف الحسين صلوات الله عليه وما جرىٰ عليه من مآسٍ ومعاناة، ومعرفة حقّه وتجديد العهد معه للسير علىٰ نهجه وطريقه، فإذا فُرّغت الزيارة من محتواها ومضمونها ذاك، أصبحت أقرب إلىٰ التلهّي منها إلىٰ تحقيق أهداف الزيارة.

وفي رواية عن إمامنا الصادق صلوات الله عليه: إنَّ قومًا إذا زاروا الحُسين بن عليّ حملوا معهم السُّفر فيها الحلاوة والأخبصة وأشباهه، لو زاروا قبورَ أحبائهم ما حملوا ذلك.

وفي روايةٍ أُخرىٰ عن أبي عبد الله صلوات الله عليه: تزورونَ خيرٌ من أنْ لا تزورون، ولا تزورونَ خيرٌ من أنْ تزورون، قلت: قطعت ظهري، قال: تالله إنّ أحدكم يخرج إلىٰ قبر أبيه كئيبًا حزينًا وتأتونه أنتم بالسُّفر؟! كلا.. حتّىٰ تأتونه شعثًا غبرا..".

*السُّفر جمع سفرة،
والأخبصة جمع خبيص أو خبيصة نوع من الحلواء.

#آداب_الزيارة

أخي أبا عبد الله، لقد أتونا بالنياق مهزولة، لا موطّأة و لا مرحولة، وناقتي مع هزلها صعبة الانقياد.
أخي ودّعتك الله السميع العليم، أخي لو خيّروني بين الرحيل و المقام عندك لاخترت المقام عندك، و لو أن السباع تأكل من لحمي.!
يا خليفة أبي وأخي، فإن فراقي هذا لا عن ضجر ولا عن ملالة، و لكن يابن أمي الأمر كما ترى.
فاقرأ جدي وأبي وأخي عنّا السلام.

_ الحوراء زينب (صلواتُ اللّٰه عليها)
بعد أن أوشك الركب على مغادرة كربلاء نحو الكوفة.

| كتاب الفاجعة العظمى/ ص ١٨٧.
______
أمشي ميَسّرة وأرجع إلك يوم أربعينك!