قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
47.5K subscribers
619 photos
22 videos
151 files
612 links
القناة الرئيسية:
t.me/alkulife
قناة الدروس العلمية:
t.me/doros_alkulify

أسئلة عامة مع عبد الله الخليفي:
t.me/swteat_k
صوتيات الخليفي:
t.me/swteat_alkulife

تعزيز القناة : https://t.me/alkulife?boost
Download Telegram
الباقلاني مسبوق بهذا الإلزام

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/12) في ترجمة الباقلاني: "وقد سار القاضي رسولا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعا للملك، ففطن لها القاضي، ودخل بظهره.
ومنها أنه قال لراهبهم، كيف الأهل والأولاد؟ فقال الملك: مه! أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون رب العالمين عن الصاحبة والولد!".

أقول: هذا الإلزام المروي عن الباقلاني المتوفى عام 403 روي عمن هو أقدم منه.

قال المحسن التنوخي (المتوفى: 384هـ) في كتابه الفرج بعد الشدة في قصةٍ طويلةٍ قصةِ قباث اللخمي وأسر الروم له: "قال قباث: فلمَّا دخلت على الملك، استدناني، وقربني، وأكرمني، وقال لي: ناظر هؤلاء البطارقة.
فأعلمته، أَنِّي لا أرضى لنَفسِهِ بمناظرتهم، وأَنِّي لا أناظر إِلا البطريق الأكبر، فأَمر بإحضاره.
فَلَمَّا دخل، سلمت عليه، وَقلت له: مرحبًا أيها الشيخ الكبير القدر.
ثم قلت له: يا شيخ، كيف أَنت؟ قال: في عافية.
قلت: فكيف أحوالك كلها؟ قال: كما تحب.
فقلت له: فكيف ابنك؟ فتضاحكت البطارقة كلها، وقالوا: زعم البطريق، يعنون الذي هو صديقي أَن هذا أديب، وأن له عقلا، وهو لا يعلم بجهله، أَن الله تعالى قد صان هذا البطريق عن أَن يكون له ابن.
فقلت: كأنكم ترفعونه عن أَن يكون له ابن؟ قالوا: إِي والله، إِنَّا لنرفعه، إِذْ كان الله رفعه عن ذلك".

قباث اللخمي من كبار أتباع التابعين من أهل مصر، وخرج النسائي حديثه وعدله أحمد وأبو حاتم.

غير أن التنوخي لم يورد إسنادًا معتبرًا للقصة، وهو نفسه لا يعتمد، غير أن ذكره للقصة يدل على أنها متداولة في تلك الأيام مع كون التنوخي أقدم ميلادًا ووفاة من الباقلاني (والله أعلم بحدوث القصة مع الباقلاني أصالة) (وقد نبه ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة قباث على أنه سبق الباقلاني).

وهذا الإلزام أصله مستفاد من كتاب الله عز وجل: {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} [النحل]

هذه الآية نزلت في المشركين الذين يكرهون البنات ثم يصفون الله عز وجل بأن له بنات، ومثلهم الرهبان الذين يجعلون لله الولد ثم ينزهون أنفسهم عن ذلك.

وهذه هي أحسن الإلزامات العقلية، تلك التي تُنسج على منوال النصوص، لا كما يفعل أهل الكلام حين يتحدثون عن دليل الحدوث ودليل الإمكان ثم أول ثمرات هذا الدليل استشكال ظواهر النصوص واعتقاد أنها كفر.

ولو قلتَ إن كلام شيوخهم ظاهره الكفر أو إن كلامهم لا يفي بالغرض للرد على الملاحدة لغضبوا، ثم هم لا ينزهون كلام الله عما ينزهون عنه كلام شيوخهم.
هل يليق به أن يكون حكماً في اختلافات الأمم الأخرى ولا يكون حكماً في خلاف أمته؟

قال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}

مما تستبطنه كثير من دعوات التقريب اعتقاد خفاء الحق، ولهذا لا ينبغي أن تبني أحكاماً قاسية على هذا الخلاف، فالمخالف إنما خالف لأنه لم يظهر له الحق لا لكونه معانداً أو مقصراً في طلب الحق أو معرضاً.

فالخلاف بين السني والشيعي والإباضي والزيدي والمعتزلي والأشعري كل ذلك خلاف هين من جنس خلافيات الفقهاء (وليست كل خلافيات الفقهاء هينة أصالة).

فيقال لمن هذا نظره ما تقول في الآية المكتوبة أعلاه والتي تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم يبين للناس ما اختلفوا فيه وهو هدى ورحمة للمؤمنين!

فإن قلت: الآية المخاطب بها الكفار من اهل الكتاب وغيرهم.

قلنا لك: رب العالمين قال {هدى ورحمة للمؤمنين}، ثم هل يليق به أن يوضح خلافيات أهل الملل الأخرى ولا يوضح الحق فيما يقع بين أهل ملته!

وقد قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، فإما تكون الأمة كلها أعرضت عن الرد فهنا لا تكون مرحومة، وإما تكون ردت فمنهم من خالف ومنهم من وافق، وهنا لا يصلح أن يستوي من وافق الوحي ومن خالفه.

فإن قيل: الآية في الخلافيات العظيمة ونحن نرى أن هذه خلافيات بسيطة.

فيقال: خلافيات من ذكرنا هي خلافيات عظيمة من جنس خلافيات أهل الأديان، بدليل أن الأطراف المتنازعة تبادلوا التكفير والتفسيق، وهي في نفسها عظيمة وفيها نصوص، وكلامكم مجرد تحكم ثم تزعمون أن كل من كفر أو بدع كان ضالاً بعيداً عن النصوص، فبدلاً من أن تقولوا الطائفة الفلانية ضلت لنفيها الصفات مثلاً صرتم تقولون الطائفة الفلانية ضلت لحكمها على المخالف ولم يحكموا لهم بالاجتهاد السائغ هنا، ثم منعتمونا أن نحكم عليهم بالحكم نفسه، وقد خالفوا النصوص حقاً، فهربتم من شيء ووقعتم في نظيره، خصوصاً إن زعمتم أنكم استفدتم حكمكم من الرجوع للكتاب والسنة ثم ها أنتم اهتديتم وقد ضلت عموم الأمة عن فهم ما فهتموه، فهذا نظير فعل العالمانيين والليبراليين الذين يفسرون الكتاب بأهوائهم ويزعمون أنهم اهتدوا لما ضلت عنه الأمة.
تعليق على السجال حول تكفير حمزة يوسف 👇
كلامه في هذا المقطع يخالف القرآن الذي يزعم اهتمامه به.

فالله عز وجل يقول: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} [البقرة]

وصاحبنا يزعم أن علماء المسلمين على مر التاريخ ما اهتدوا بالكتاب تمام الهدى حتى احتاج الناس في آخر الزمان لمذهب جديد.

وأنهم ما قادهم القرآن لنفي الكذب عن رسول الله ﷺ، فما اهتدوا به تمام الهدى فما هم بمتقين.

وقال تعالى: {كنتم خير أمة أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [آل عمران]

وأعظم المنكر نسبة أحاديث مكذوبة لرسول الله ﷺ.

وصاحبنا يزعم أن عامة الأمة ما نفوا الكذب عن رسول الله ﷺ كما ينبغي حتى نسبوا له أحاديث جرَّت ويلات وهو الذي سينفيها بمذهبه الجديد (فكيف يستحقون المدح الوارد في القرآن؟).

ويقول: أنا لا أتهم عقلي أمام النص لأنني إن اتهمت عقلي فأنا لست بعاقل.

فيقال له: حقًّا لست بعاقل إذ ظننت أن الذين صحَّحوا الخبر وعملوا به وجرُّوا الويلات على الأمة وهم عامة علماء الأمة كانوا بلا عقول وأنت العاقل الوحيد، فحقًّا لست بعاقل (وعملهم بالأخبار دليل على قبولهم متونها وليس الأمر تصحيحًا إسناديًّا فحسب، وهو يتكلم عن أمور عملية بدليل حديثه عن مذهب وليس عن الغيبيات)، ولا تفرِّقُ بين اتهام العقل بمعنى وصفه بالجنون وبين اتهام العقل بمعنى اتهام الرأي أنه لا يحيط بالأمر من كل جوانبه كما حصل مع عمر في الحديبية، ولو كان الناس مستغنين بعقولهم لما احتجنا لمذهبك من أساسه.
هذا الرافضي الزنديق الذي على وجهه مسحة خنزير يرمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن أمه زانية وجدته زانية.

ووضعوا مصدرا أسموه (الصلابة في معرفة الصحابة) وقالوا إنه من مصادر أهل السنة ويذكر ذلك، ولا يوجد كتاب بهذا الاسم، ولا يذكر أن لعمر جدة اسمها صهاك إلا في كتب الشيعة، ولا وجود لذلك في كتب السنة البتة، ولا توجد شخصية بهذا الاسم، وأما قذف أم عمر وجدته فما ظهر إلا في كتب الرافضة في القرن الخامس.

هذه الكذبة يقرأها ملايين الشيعة ويظنون أنهم وقفوا على أمر عظيم، ولا يدرون أن في ذلك إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلي الذين صاهرا عمر.

وهذا من ضمن أكاذيب كثيرة جدا تفشو بين الإمامية لا تدخل في الحصر، من أشدها غرابة إيمانهم بشخصية وهمية لا وجود لها في المصادر التاريخية القديمة اسمها (رقية بنت الحسين).

وأي إنسان عنده ذرة عقل لا يصدق معلومة في نسب رجل إنما ظهرت في القرون المتأخرة في كتب أعدائه الذين تنافس أكاذيبهم أنفاسهم في العدد.

وما رموه بأمر إلا وهم أولى به، وهم أهل المتعة (وقد زعم بعض ظرفائهم أن الصحابة منعوا المتعة لينتشر الزنا واللواط، أفلا يرون أن فعل قوم لوط ينتشر في أكثر المجتمعات انفتاحا على الزنا والمساكنة التي هي أعمق من المتعة).

وتراهم ينكرون صحاح الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الصحابة والصفات والرؤية والمسح على الخفين ومئات السنن ويصدقون أكاذيب لا أسانيد لها في قذف الخلق، تلك أمة مخذولة ملعونة.
حين قرأت كلام المحامية والتعليقات عليها (مع التحفظ على أصل المهنة ودخول النساء فيها) أخذني الأسف كيف كنا غافلين سنوات طويلة عن مناقشة مثل هذا.

كنا غارقين في الإجابة على شبهات ملؤها المماحكة والنزغ ومحاكمة شريعة غائبة وإهمال شريعة ظالمة حاضرة.

كل من أراد مناقشة مشكلة "قايمة المنقولات" -وقد سبق لي مناقشتها- يتم إغراقه بأمثلة افتراضية لتغمية عينه عن الواقع، فيقال له (الرجال اليوم تغيروا ولا يؤتمنون) فإذا قال (نساء كثر افترين على الرجال بسبب هذه القائمة) يقال له (التعميم لغة الجهلاء)، والأمر ليس تعميمًا، ولا ينتبه القائل أنه عمَّم على الرجال، تجده غارقًا في عقلية (الرجل الذئب) و (المرأة الحمل).

تلك الفكرة التي يُزعم ضروريتها مع استغناء عامة المجتمعات البشرية عنها مسلمهم وكافرهم سوى المجتمع المصري.

احتقان الرجال في العصر الحديث فكرة كثيرة التداول في المنتديات النسوية والليبرالية، عامتهم يلاحظ هذه الظاهرة ويحاولون تحليلها، وعادة ما تُحلَّل من خلال نظرة (الذئب) و (الحمل)، الرجل الغاضب من إنجازات المرأة وذهاب سلطته، ولكن سلطته حين ذهبت هل ذهبت للمرأة؟ لا، وإلا لماذا لا يكففن عن الشكوى؟ إنما ذهبت لمؤسسات رأسمالية يملكها رجال!

يقولون إن المرأة صارت مستقلة! ومع كونها مستقلة لا تستغني عن أموال الرجل وتطالب بالقوانين التي تمكِّنها منها، وعامة المستقلات لا مانع لديهن من الارتباط برجل ثري على أي حال كانت أوصافه الخَلقية والخُلقية ما دامت يمكنها الانتفاع بماله، في الواقع استقلال المرأة هو (استغلال المرأة)، تارة تكون المرأة (فاعلًا) في الجملة السابقة وتارة تكون (مفعولًا).

هذا ليس تبريرًا للجريمة ولكن إذا كانت الجريمة نتيجة لجريمة أخرى فالجد كل الجد بإزالة الأمرين، وإلا فالذي ليس لديه شيء يخسره ردعُ القانون له ضعيف، ولا ينفع أن تعظه بالتقوى في مجتمع أنت حاربت التدين فيه. وما فائدة إزالة صور الإضرار بالمرأة التقليدية إذا استبدلناها بصور عصرية؟
فضيلة الصحابة المنسية 👇
هذه الركعة قد تكون بألف ركعة فانتبه!

قال مسلم في صحيحه: "207 - (131) حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا عبد الوارث، عن الجعد أبي عثمان، حدثنا أبو رجاء العطاردي، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى، قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة»".

أقول: ينبغي استحضار مثل هذا الحديث في هذه العشر المباركة إذ فيه أن الحسنة قد تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فالأمر لا يقف عند سبعمائة.

ومن مظان المضاعفة الأزمنة الفاضلة، ودليل ذلك قوله تعالى {ليلة القدر خير من ألف شهر} وليلة القدر زمان فاضل.

وما ورد عن بعض السلف من أن التسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة في غيره يعضد المعنى، فإذا كانت ليلة القدر خيرا من ألف شهر فلا يبعد أن تكون ليلة من رمضان خير من ألف ليلة في غيره، أو على أي صفة كانت المضاعفة المهم أن الزمن الفاضل مظنة مضاعفة أجر.

فتلك الركعة التي تصليها لله عز وجل في هذه العشر قد تكون خيرًا من ألف ركعة في غيرها، وكذلك كل عمل صالح.

واعلم أن الفريضة خير من النافلة وأن الأعمال الصالحة لا تنحصر بالصلاة والصدقة والصيام (وكل ذلك عظيم جليل) بل أيضًا بترك المنكرات من النظر الحرام والغيبة والنميمة وعامة ذنوب اللسان. ومِن العمل الصالح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والمرء أسعد ما يكون بحرصه على أزمنة الخير يوم القيامة حين تكون هذه الحسنات منفذ النجاة له من العذاب الأليم وطريقه إلى النعيم المقيم.
الوعظ الجبان (شيء مما يفعله الإعلام بعقولنا).

إن رأيت إنساناً من بلد معين وكانت له صفة تميزه كأن يكون كريماً، ثم رأيت شخصاً من نفس البلد له الصفة نفسها، فإنك إن رأيت ثالثاً من نفس البلد فإنك ستميل إلى اعتباره كريماً، وتتعامل معه على هذا الأساس حتى يثبت العكس، وسيكون تقبلك لحقيقة أنه بخيل أصعب من تقبلك لحقيقة بخل غيره ممن هم من جنسية أخرى.

الذي يفعله الإعلام عن طريق المسلسلات والأفلام أنه يملأ رأسك بصور معينة عن المتدينين وعن بعض الأعراق ويغذيك بأفكار عن المرأة وغيرها، هذه الصور تراكمياً تصبح وكأنها تجارب حقيقية، إن تعاملت مع إنسان له صفة كوّنها الإعلام عنه في ذهنك فإنه سيبذل مجهوداً كبيراً حتى يغيرها أكثر من غيره.

ولهذا الكثير من الأعمال الإعلامية تمارس تحريضاً مبطناً على أهل التدين ومحاولة لعزلهم، وتمارس توكيداً لقناعات عند كتاب هذه الأعمال.

إن قرأت في النقد الأدبي المعاصر ستجد السائد ذم الوعظ المباشر في الشعر أو في القصص والروايات هم يفضلون ما أسميه بـ (الوعظ الجبان).

يُذكر أن السوفسطائية كانوا ينشرون أفكارهم عن طريق المسرح، كل إنسان لا يمكنه أن يعرض فكرته ببراهينها ويقارع الحجة بالحجة، فإنه سيستعين بـ(السياق الدرامي) أو (السبكة الشعرية) وسيخفي فكرته في ثنايا الأحداث، وهكذا سيضمن وصول فكرته دون أن يتحمل التبعات التي يتحملها صاحب أي عقيدة من المطالبة بالبينة، والتعرض لاعتراضات الخصوم.

على سبيل المثال قد تحدث ألف حادثة تثبت فساد نتاج الدعوة لـ (تحرير المرأة) أو (تمكين المرأة)، كل ما يفعله دعاة هذه الأفكار أنهم يأخذون القلم ويخترعون قصة من رؤوسهم ويضعونها في سياق درامي لبيان محاسن دعوتهم، وهذا الأمر يصل لفئات كبيرة للمجتمع لا يصل إليها الحوادث الحقيقية.

كما أنهم إذا أمسكوا بزمام الإعلام فإنهم ينتقون ما يجعلونه على رأس الأخبار وما يخفونه أو يعرضونه عرضاً باهتاً بحسب ميولهم الفكرية.

وحتى لا يكشف أمرهم يقضون حياتهم بهجاء التعصب الديني وعدم الحياد، واتهام المؤرخين والمحدثين وغيرهم، بينما هم يمارسون عمليات غير أخلاقية يومياً ويقبضون على ذلك الأموال الطائلة.

هم أيضاً متعصبون ومؤدلجون بل ووعاظ ولكنهم وعاظ جبناء.

والمجتمع الذي يقضي وقته في الجدل عن مضامين المسلسلات ويقسمها إلى جيد وسيء هذا مجتمع يتعاطى المخدرات جماعيا، ويبحث عن الأخف ضررا منها فحسب.
هبك عفا عنك فلِمَ توبق نفسك مرة أخرى

مع كثرة الحديث عن أسباب العفو والمغفرة في هذه الأيام -مِن فضل الليالي العشر وفضل صيامها وقيامها وعامة الأعمال الصالحة فيها- تتشوَّف نفوس الكثيرين لنيل هذا الفضل، حتى إن الأئمة إذا دعوا بالعفو والمغفرة فإن الأصوات ترتفع بالتأمين، وربما يرجو المرء من بركة دعاء المسلمين وقد اجتمعوا ما لا يرجو من عمله، ولا عجب، فدعاء المسلمين سبب للمغفرة عند الصلاة على الميت كما ورد في فضل صلاة الجنازة فيمن صلى عليه أربعون، وكذلك دعاء المسلمين في هذه الليالي لها من ذلك الفضل.

غير أن كثيرًا منهم ينحصر اجتهاده واتقاؤه للمحارم في هذه الليالي ثم يعود لحاله بعدها.

فيقال له: إنك حين تدعو بالمغفرة فما الذي يخطر على بالك؟ أليس ذنوبًا اجترحتها وتخشى من مغبَّتها يوم القيامة؟ فهبك غُفِر لك في هذه الأيام ألا يكون لك في ذلك عبرة؟

فلو أن رجلًا أصيب بمرض منعه الراحة أو النوم واجتهد في علاجه إلى أن شفي منه، فإنه بعدها لن يتعاطى أسباب وقوعه في المرض وسيهابها أشد الهيبة.

ولو أن رجلًا ابتُلي بدَين أرَّقه واجتهد وتعب حتى أزال هذا الدين عن عاتقه، أتراه بعدها يُبذِّر أو لا يجتهد في جمع المال بالحلال؟

وهكذا ذنوبك، فهي كالمرض أو الدَّين بل أشد، ولا تدري هل ستبلغ شهر رمضان القادم أم لا تبلغه.

أما الاجتهاد بالطاعات فهذا باب يمضي به المرء شيئًا فشيئًا، ويبعد أن يكون نشاطك بعد رمضان مثل نشاطك في رمضان، غير أن الأمر الشديد الذي ينبغي أن تُعنى به التقصير بالواجبات وفعل المحرمات، عليك أن تتقي الأمرين وتتدارك ما يقع منك وتقلله حتى يكون لممًا مغمورًا بالطاعات.

وأنت في كل ذلك لا تشاهد طاعتك وإنما تشاهد فضل الله عز وجل عليك إذ ضاعف لك الأجر ومَنَّ عليك بمواسم الخير.

ولا يدري أحدنا هل غُفِر له أم لم يغفر ولكنه يرجو من فضل الله، غير أن بعض الناس يتصرف وكأنه غُفِر له ثم تراه يعود للإسراف على نفسه.
السجود كاشفُ المشركين من المنتسبين للملة

قال تعالى في المشركين: {فإذا ركِبُوا في الفلك دَعَوُا الله مخلصين له الدين فلمَّا نجَّاهم إلى البر إذا هم يشركون} [العنكبوت]

وجه الحجة على أهل الإشراك أنهم يدعون الله عز وجل في الشدائد فلِمَ يدعون غيره في الرخاء.

فمَن سمعهم في الشدائد يسمعهم في الرخاء، ومَن رحمهم في الشدائد يرحمهم في الرخاء، ومَن لم نحتج إلى وسائط في دعائه في الشدائد لا نحتاج إلى وسائط في دعائه في الرخاء.

وهو أسمع لهم سبحانه وأرحم وأعلم بهم من أصنامهم (على أنها لا تسمع ولا تعلم ولكنها أوهامهم) ولا يمكنهم إلا أن يقولوا هذا لهذا يجعلون دعاءه لعظائم الأمور.

وهذا يقيم الحجة على المشركين من المنتسبين للملة في أمر السجود.

فلو سألت شخصًا منهم فقلت له: ألا تعلم أن المرء أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد؟

فإن قال: بلى.

فقل له: هل تجرؤ أن تدعو النبي صلى الله عليه وسلم أو عليًّا أو الحسين أو عبد القادر أو البدوي وأنت ساجد في نافلة أو فريضة، حتى وإن زعمت أن ذلك من المجاز العقلي؟

فعامتهم سيقول لك: لا.

فقل له كما تقول للمشرك، فالأعلم والأرحم بك وأنت ساجد هو أعلم وأرحم بك في كل وقت.

وهو القريب المجيب سبحانه ما سمَّى نفسه بهذا الاسم حتى تدعو غيره.

تأمِّل هذا!
السجود أرجى من القنوت 👇