ما أنكره المقريزي على القاضي الحنفي.
قال أبو العباس المقريزي (المتوفى: 845هـ) في السلوك لمعرفة دول الملوك (7/464) : "وفي هذا الشهر: ادعي على يهودي متزوج أنه زنى ليهودية فعني به بعض خواص السلطان حتى حكم له بعض نواب القضاء الحنفية برفع الرجم عنه. ونفذ حكمه من عداه من القضاة الذين مذهبهم رجمه فكان هذا من شنيع ما حكم به زمنا. وهو وإن كان مذهب الحنفية أن الكتابي المتزوج لا يرجم فإنه لم يحكم به قاض فيما أدركناه".
أقول: هنا المقريزي يحكي قصة عن يهودي محصن زنا في دولة الإسلام، والعادة في مثله الرجم، غير أن هذا توسط له بعض خواص السلطان فوجدوا له مخرجاً في المذهب الحنفي أن في مذهبهم أن اليهودي المحصن إذا زنا لا يرجم، فرأى المقريزي ذلك شنيعاً وإن كان مذهب الحنفية.
ووجه تشنيعه أن هذا المذهب خلاف السنة، وهي أول مسألة وضعها ابن أبي شيبة في كتاب (الرد على أبي حنيفة).
والذي عليه المحققون أنه يجوز الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان القول ضعيفاً، وإلا فالمقريزي يعد المذهب الحنفي مذهباً معتبراً.
واليوم تجد من يشنع على مخالف (معتمد المذاهب الأربعة) ثم هو لا ينكر على مخالف السنة.
علماً أن مخالف (معتمد المذاهب الأربعة) أنواع، فقد يخالفهم متتبع الرخص أو مخالف الإجماع، وهذا الذي ينكر عليه (كالقائل بحل المعازف أو حل إتيان النساء في الدبر)، وقد يأخذ من يخالفهم بقول قوي في أحد المذاهب الأربعة، كأن تكون رواية عن الإمام ولها دليلها (كالقول بالمنع من تكرار العمرة في سفر واحد، هذا قال به طاووس وأقر أحمد كلامه في رواية أبي طالب)، فهذا لا يستوي مع سابقه، وقد يكون من يخالفهم يأخذ بقول إمام مجتهد لا يقل عن المتبوعين إن لم يزد على بعضهم ومعه حجة قوية، كمن يأخذ بقول إسحاق في قضاء الحامل والمرضع وقوله بقطع يد جاحد العارية، وأحياناً يكون (معتمد المذاهب) ليس نصوص الأئمة ولا حتى متقدمي أصحابهم وإنما أمور فشت بين المتأخرين الذين لم يبلغوا الاجتهاد، وتتابعوا عليها فيرفعها المقلد إلى مستوى نصوص الأئمة، كمثل كلامهم في قضايا شد الرحال ونحوها.
وخلط المنسوبين للمذهبية بين كل الأنواع السابقة محل نقد شديد مع تسامحهم بمخالفة السنة إذا نسبت إلى مذهب، سواءً كان ذلك نصاً لإمام المذهب أو كلاما لبعض المتأخرين.
قال ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمة جلال التباني الحنفي (2/97) : "وله تصنيف في منع تعدد الجمعة والآخر في أن الإيمان يزيد وينقص وكان محبا في السنة حسن العقيدة شديدا على الاتحادية والمبتدعة وانتهت إليه رئاسة الحنفية في زمانه".
فهذا رجل حنفي بل رئيس من رؤسائهم، ولكنه يصنف مصنفات في مخالفة مذهبه في الأمور التي خالفت السنة، فهذا محل مدح وليس محل حط وسخرية كما انتشر عند كثير من الخلوف، بل أسوأ الناس حالاً من يتمسك بمذهبه في الأمور الضعيفة، وإذا خالف مذهبه خالفه متتبعاً للرخص أو سائراً مع الثقافة الأجنبية.
وقد يكون وجه نقد المقريزي استخدام الفقه لمحاباة اليهودي، والبحث له عن مخرج، وهذا قبيح.
واليوم من الناس من يبحث في المسائل الفقهية بنفس انهزامي تحت سطوة الثقافة الغالبة، حتى رأيت مرةً شخصاً يرجح أن دية الذمي مثل دية المسلم معللاً ذلك بأن هذا أنسب للعصر (مع أن عصر العالمانية لا يقبل فيه مفهوم أهل الذمة من أصله).
وقد يكون وجه نقد المقريزي في تجاهل حكم أغلب المذاهب، والمضي على مذهب أهل الرأي فحسب، وبين في كلامه أن فقهاء الحنفية كانوا يسكتون على حكم بقية المذاهب، خصوصاً وأن عوام المسلمين يرون الرجل المسلم يرجم فكيف يترك اليهودي والنصراني بلا رجم. (فإذا جئنا نرجم المسلم تعصب له قومه وقالوا تركتم الكافر وترجمون صاحبنا، فلا يزال الأمر بالناس هكذا حتى تترك العقوبة بالكلية كما فعل أهل الكتاب وقد كان)، فالسنة والنظر مع المذاهب الأخرى، ثم إن أبا يوسف وافق الجمهور في هذه المسألة، والحنفية لا يرون وفاق أبي يوسف خروجاً عن المذهب الحنفي.
قال أبو العباس المقريزي (المتوفى: 845هـ) في السلوك لمعرفة دول الملوك (7/464) : "وفي هذا الشهر: ادعي على يهودي متزوج أنه زنى ليهودية فعني به بعض خواص السلطان حتى حكم له بعض نواب القضاء الحنفية برفع الرجم عنه. ونفذ حكمه من عداه من القضاة الذين مذهبهم رجمه فكان هذا من شنيع ما حكم به زمنا. وهو وإن كان مذهب الحنفية أن الكتابي المتزوج لا يرجم فإنه لم يحكم به قاض فيما أدركناه".
أقول: هنا المقريزي يحكي قصة عن يهودي محصن زنا في دولة الإسلام، والعادة في مثله الرجم، غير أن هذا توسط له بعض خواص السلطان فوجدوا له مخرجاً في المذهب الحنفي أن في مذهبهم أن اليهودي المحصن إذا زنا لا يرجم، فرأى المقريزي ذلك شنيعاً وإن كان مذهب الحنفية.
ووجه تشنيعه أن هذا المذهب خلاف السنة، وهي أول مسألة وضعها ابن أبي شيبة في كتاب (الرد على أبي حنيفة).
والذي عليه المحققون أنه يجوز الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان القول ضعيفاً، وإلا فالمقريزي يعد المذهب الحنفي مذهباً معتبراً.
واليوم تجد من يشنع على مخالف (معتمد المذاهب الأربعة) ثم هو لا ينكر على مخالف السنة.
علماً أن مخالف (معتمد المذاهب الأربعة) أنواع، فقد يخالفهم متتبع الرخص أو مخالف الإجماع، وهذا الذي ينكر عليه (كالقائل بحل المعازف أو حل إتيان النساء في الدبر)، وقد يأخذ من يخالفهم بقول قوي في أحد المذاهب الأربعة، كأن تكون رواية عن الإمام ولها دليلها (كالقول بالمنع من تكرار العمرة في سفر واحد، هذا قال به طاووس وأقر أحمد كلامه في رواية أبي طالب)، فهذا لا يستوي مع سابقه، وقد يكون من يخالفهم يأخذ بقول إمام مجتهد لا يقل عن المتبوعين إن لم يزد على بعضهم ومعه حجة قوية، كمن يأخذ بقول إسحاق في قضاء الحامل والمرضع وقوله بقطع يد جاحد العارية، وأحياناً يكون (معتمد المذاهب) ليس نصوص الأئمة ولا حتى متقدمي أصحابهم وإنما أمور فشت بين المتأخرين الذين لم يبلغوا الاجتهاد، وتتابعوا عليها فيرفعها المقلد إلى مستوى نصوص الأئمة، كمثل كلامهم في قضايا شد الرحال ونحوها.
وخلط المنسوبين للمذهبية بين كل الأنواع السابقة محل نقد شديد مع تسامحهم بمخالفة السنة إذا نسبت إلى مذهب، سواءً كان ذلك نصاً لإمام المذهب أو كلاما لبعض المتأخرين.
قال ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمة جلال التباني الحنفي (2/97) : "وله تصنيف في منع تعدد الجمعة والآخر في أن الإيمان يزيد وينقص وكان محبا في السنة حسن العقيدة شديدا على الاتحادية والمبتدعة وانتهت إليه رئاسة الحنفية في زمانه".
فهذا رجل حنفي بل رئيس من رؤسائهم، ولكنه يصنف مصنفات في مخالفة مذهبه في الأمور التي خالفت السنة، فهذا محل مدح وليس محل حط وسخرية كما انتشر عند كثير من الخلوف، بل أسوأ الناس حالاً من يتمسك بمذهبه في الأمور الضعيفة، وإذا خالف مذهبه خالفه متتبعاً للرخص أو سائراً مع الثقافة الأجنبية.
وقد يكون وجه نقد المقريزي استخدام الفقه لمحاباة اليهودي، والبحث له عن مخرج، وهذا قبيح.
واليوم من الناس من يبحث في المسائل الفقهية بنفس انهزامي تحت سطوة الثقافة الغالبة، حتى رأيت مرةً شخصاً يرجح أن دية الذمي مثل دية المسلم معللاً ذلك بأن هذا أنسب للعصر (مع أن عصر العالمانية لا يقبل فيه مفهوم أهل الذمة من أصله).
وقد يكون وجه نقد المقريزي في تجاهل حكم أغلب المذاهب، والمضي على مذهب أهل الرأي فحسب، وبين في كلامه أن فقهاء الحنفية كانوا يسكتون على حكم بقية المذاهب، خصوصاً وأن عوام المسلمين يرون الرجل المسلم يرجم فكيف يترك اليهودي والنصراني بلا رجم. (فإذا جئنا نرجم المسلم تعصب له قومه وقالوا تركتم الكافر وترجمون صاحبنا، فلا يزال الأمر بالناس هكذا حتى تترك العقوبة بالكلية كما فعل أهل الكتاب وقد كان)، فالسنة والنظر مع المذاهب الأخرى، ثم إن أبا يوسف وافق الجمهور في هذه المسألة، والحنفية لا يرون وفاق أبي يوسف خروجاً عن المذهب الحنفي.
Forwarded from وزارة الدفاع العقدي - القناة الرسمية
YouTube
زمن السيولة بامتياز.. عفوًا: *بامتعاض (شاهد بنفسك أكثر من 8 مواقف ومقاطع لصور الذوبان العصري)
الكل يذوب إلا من رحم ربك، دعونا نحاول التعليق على بعض المواقف والمقاطع، هذا وأدعو لكل من ذكرته في مقطعي من المسلمين بالمغفرة والتوفيق والسداد، أدعو بهذا لنفسي وله ولجميع المسلمين، والغاية ان نشيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلا فسنتمر في الذوبان من دون…
بمناسبة المسلسل الأخير أود التنبيه على أسطورة فاشية قبل المسلسل بكثير، وهي أن الإمام الشافعي تتلمذ عند نفيسة بنت الحسن وسمع منها الحديث..
وهذا كذب، فهذه كتب الشافعي ليس فيها أي رواية عنها، ولا يُروى عنها العلم في أي كتاب من كتب الحديث لا من طريق الشافعي ولا من طريق غيره.
وقد زعم بعض متأخري المؤرخين بعد القرن السادس أن الشافعي حضر وليمة عندها ولا يصح ذلك.
وزعم بعضهم أن جنازة الشافعي أدخلت عليها.
وقد عُرِضت القصتان على ابن حجر فأنكرهما كما ذكر تلميذه السخاوي، وكان ذلك مبلغ الكذب في زمنهم.
وأما بعدهم فزاد الناس دعوى أن الشافعي قال أبياتًا في مدح أهل البيت لأجلها، وهذا أيضا كذب.
وزادوا أنها قالت عنه: كان يحسن الوضوء، وقالت كلامًا فُهِم منه قرب أجله، وكل هذا لا أصل له في التواريخ وكتب مناقب الشافعي وإنما هي اختراعات، بل عامة أخبار نفيسة من هذا الجنس حتى أن أبا نعيم لم يذكرها في حلية الأولياء ولا ابن الجوزي في صفة الصفوة ولا قوام السنة في سير السلف الصالحين ولا السلمي في النسوة المتعبدات ولا ابن يونس في تاريخ مصر، وذهب الذهبي إلى أن تعظيم قبرها من دسائس العبيديين.
وهذا كذب، فهذه كتب الشافعي ليس فيها أي رواية عنها، ولا يُروى عنها العلم في أي كتاب من كتب الحديث لا من طريق الشافعي ولا من طريق غيره.
وقد زعم بعض متأخري المؤرخين بعد القرن السادس أن الشافعي حضر وليمة عندها ولا يصح ذلك.
وزعم بعضهم أن جنازة الشافعي أدخلت عليها.
وقد عُرِضت القصتان على ابن حجر فأنكرهما كما ذكر تلميذه السخاوي، وكان ذلك مبلغ الكذب في زمنهم.
وأما بعدهم فزاد الناس دعوى أن الشافعي قال أبياتًا في مدح أهل البيت لأجلها، وهذا أيضا كذب.
وزادوا أنها قالت عنه: كان يحسن الوضوء، وقالت كلامًا فُهِم منه قرب أجله، وكل هذا لا أصل له في التواريخ وكتب مناقب الشافعي وإنما هي اختراعات، بل عامة أخبار نفيسة من هذا الجنس حتى أن أبا نعيم لم يذكرها في حلية الأولياء ولا ابن الجوزي في صفة الصفوة ولا قوام السنة في سير السلف الصالحين ولا السلمي في النسوة المتعبدات ولا ابن يونس في تاريخ مصر، وذهب الذهبي إلى أن تعظيم قبرها من دسائس العبيديين.
هل تبطل الصلاة بسجدة سورة {ص}؟
أرسل لي بعض الأخوة كلاماً لبعض مشيخة الحنابلة المعاصرين يتكلم عن أن المأموم إذا سجد إمامه في {ص} لا يسجد (والمقصود قوله تعالى: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب}).
وأنه إذا فعل تبطل صلاته.
وهذا يقال أنه (معتمد المذهب) عند المتأخرين من الحنابلة، وهذا مثال جيد لنقد الوثوق الشديد الذي نراه عند البعض بموضوع (معتمد المذهب).
فإبطال الصلاة بسجدة {ص} ليس رواية عن أحمد البتة، وليس الأمر كذلك فحسب، وإنما ثبت عنه أنه سجد في {ص} خلف الإمام في التراويح.
قال أبو داود: "رأيت أحمد يسجد في {ص} خلف إمامه في التراويح وفي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} عند {يسَجُدُونَ} وفي {اقرأ} وختم به ليلة سبع وعشرين، فلما فرغ من قراءة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} رفع الإمام يديه في الصلاة ورفع الناس وأحمد معنا فقام ساعة يدعو ثم ركع، وكان ذلك عن رأي أبي عبد اللَّه، فيما أخبرت أنه أمره بذلك، وشهدته يأمره بذلك ويخاوضه فيه". "مسائل أبي داود" (450)
وهذه الرواية لا تُذكر في عموم كتب المتأخرين التي بحثت المسألة، وهذا يدلك على ضرورة الرجوع للمصادر المتقدمة وعدم الاعتماد على المتأخرين فقط.
وعن أحمد روايتان في سجدة {ص}، والقول بأنها سجدة رواه عنه ابن هانيء وابنه عبد الله وصالح والأثرم والفضل بن زياد (هي رواية الأكثر)، وأما رواية أنها ليست سجدة فنسبها أبو يعلى لحرب والمروذي، ولاختيار الخرقي لها غلبت المشهور عن الإمام في الزمن القديم!
وقال الترمذي في جامعه: "فرأى بعض أهل العلم أن يسجد فيها، وهو قول سفيان، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعضهم: إنها توبة نبي، ولم يروا السجود فيها".
وقال ابن المنذر في الأوسط: "2818 - حدثنا إسماعيل، ثنا أبو بكر، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبي معن، عن أبي العالية، قال: «كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ص، وبعضهم لا يسجد، فأي ذلك شئت، فافعل» وفعل ذلك طاوس، وهو قول سعيد بن جبير، والحسن البصري، ومسروق، وأبي عبد الرحمن السلمي، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لا يسجد في ص وممن كان لا يسجد فيها: عبد الله بن مسعود، وعلقمة، وأصحاب عبد الله، وكان الشافعي لا يرى السجود فيها. وبالقول الأول أقول".
فلاحظ أن كلا من الترمذي وابن المنذر نسبا لأحمد القول بسجدة {ص}.
وحتى على القول بأنها ليست سجدة فإن القول ببطلان الصلاة بها شديد، ولا توجد فيها رواية عن أحمد، وقد كان الإمام لا يرى القنوت في الفجر وفي النصف الأول من رمضان، وإذا قنت الإمام يقنت معه.
وهذا أبو يعلى مع قوله بأنها سجدة شكر وليست سجدة تلاوة، قال بأنه لا يعرف رواية عن أحد بإبطال الصلاة بها.
قال أبو يعلى في التعليق الكبير (1/301) : "واحتج: بأنه لو كان للشكر، لبطلت الصلاة به.
والجواب: أنا لا نعرف الرواية في ذلك، ولو قلنا: إنها تبطل كسائر سجود الشكر، لم يمتنع، وإن قلنا: لا تبطل، فوجهه: أن سبب العلم بهذه النعمة هو القرآن وإذ سبب، وجعل العلم بالسبب من جهة التلاوة لم تبطل الصلاة، وتخالف سائر سجود الشكر".
واختار هذا ابن مفلح في المبدع فقال: "فعلى هذا يسجد خارج الصلاة، فإن سجد فيها عالما بطلت، ذكره الجماعة، وقيل: لا تبطل؛ وهو أظهر؛ لأن سببها من الصلاة".
وعليه لا ينبغي الهجوم على الحكم ببطلان صلوات الناس بقول فيه كل هذا التردد، وليس فيه رواية محققة عن الإمام، والطرف الآخر معه أدلة، حتى أن البخاري يختار السجود في {ص} ويروي فيه حديثاً، وكذا تلميذه الترمذي، وهذا مثال على عيوب المذهبية بصورتها المتأخرة.
أرسل لي بعض الأخوة كلاماً لبعض مشيخة الحنابلة المعاصرين يتكلم عن أن المأموم إذا سجد إمامه في {ص} لا يسجد (والمقصود قوله تعالى: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب}).
وأنه إذا فعل تبطل صلاته.
وهذا يقال أنه (معتمد المذهب) عند المتأخرين من الحنابلة، وهذا مثال جيد لنقد الوثوق الشديد الذي نراه عند البعض بموضوع (معتمد المذهب).
فإبطال الصلاة بسجدة {ص} ليس رواية عن أحمد البتة، وليس الأمر كذلك فحسب، وإنما ثبت عنه أنه سجد في {ص} خلف الإمام في التراويح.
قال أبو داود: "رأيت أحمد يسجد في {ص} خلف إمامه في التراويح وفي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} عند {يسَجُدُونَ} وفي {اقرأ} وختم به ليلة سبع وعشرين، فلما فرغ من قراءة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} رفع الإمام يديه في الصلاة ورفع الناس وأحمد معنا فقام ساعة يدعو ثم ركع، وكان ذلك عن رأي أبي عبد اللَّه، فيما أخبرت أنه أمره بذلك، وشهدته يأمره بذلك ويخاوضه فيه". "مسائل أبي داود" (450)
وهذه الرواية لا تُذكر في عموم كتب المتأخرين التي بحثت المسألة، وهذا يدلك على ضرورة الرجوع للمصادر المتقدمة وعدم الاعتماد على المتأخرين فقط.
وعن أحمد روايتان في سجدة {ص}، والقول بأنها سجدة رواه عنه ابن هانيء وابنه عبد الله وصالح والأثرم والفضل بن زياد (هي رواية الأكثر)، وأما رواية أنها ليست سجدة فنسبها أبو يعلى لحرب والمروذي، ولاختيار الخرقي لها غلبت المشهور عن الإمام في الزمن القديم!
وقال الترمذي في جامعه: "فرأى بعض أهل العلم أن يسجد فيها، وهو قول سفيان، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعضهم: إنها توبة نبي، ولم يروا السجود فيها".
وقال ابن المنذر في الأوسط: "2818 - حدثنا إسماعيل، ثنا أبو بكر، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبي معن، عن أبي العالية، قال: «كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ص، وبعضهم لا يسجد، فأي ذلك شئت، فافعل» وفعل ذلك طاوس، وهو قول سعيد بن جبير، والحسن البصري، ومسروق، وأبي عبد الرحمن السلمي، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان: وهو أن لا يسجد في ص وممن كان لا يسجد فيها: عبد الله بن مسعود، وعلقمة، وأصحاب عبد الله، وكان الشافعي لا يرى السجود فيها. وبالقول الأول أقول".
فلاحظ أن كلا من الترمذي وابن المنذر نسبا لأحمد القول بسجدة {ص}.
وحتى على القول بأنها ليست سجدة فإن القول ببطلان الصلاة بها شديد، ولا توجد فيها رواية عن أحمد، وقد كان الإمام لا يرى القنوت في الفجر وفي النصف الأول من رمضان، وإذا قنت الإمام يقنت معه.
وهذا أبو يعلى مع قوله بأنها سجدة شكر وليست سجدة تلاوة، قال بأنه لا يعرف رواية عن أحد بإبطال الصلاة بها.
قال أبو يعلى في التعليق الكبير (1/301) : "واحتج: بأنه لو كان للشكر، لبطلت الصلاة به.
والجواب: أنا لا نعرف الرواية في ذلك، ولو قلنا: إنها تبطل كسائر سجود الشكر، لم يمتنع، وإن قلنا: لا تبطل، فوجهه: أن سبب العلم بهذه النعمة هو القرآن وإذ سبب، وجعل العلم بالسبب من جهة التلاوة لم تبطل الصلاة، وتخالف سائر سجود الشكر".
واختار هذا ابن مفلح في المبدع فقال: "فعلى هذا يسجد خارج الصلاة، فإن سجد فيها عالما بطلت، ذكره الجماعة، وقيل: لا تبطل؛ وهو أظهر؛ لأن سببها من الصلاة".
وعليه لا ينبغي الهجوم على الحكم ببطلان صلوات الناس بقول فيه كل هذا التردد، وليس فيه رواية محققة عن الإمام، والطرف الآخر معه أدلة، حتى أن البخاري يختار السجود في {ص} ويروي فيه حديثاً، وكذا تلميذه الترمذي، وهذا مثال على عيوب المذهبية بصورتها المتأخرة.
موقف أدونيس ومَن استضافه يُلخِّص لي المشهد الليبرالي العربي.
هو يشبه تماما صنيع ذاك الذي يضرب ابنته لأنها اختارت ارتداء الحجاب.
موقفه لا يمكن تخريجه شرعيًّا ولا يمكن تخريجه ليبراليًّا لأنه يمارس سلطة أبوية لنصرة إفرازات فكر لا يعترف بالمنظومات الأبوية (الدين، سلطة الأب على أبنائه، سلطة الزوج على زوجته).
أدونيس لمن لا يعرفه شاعر نصيري ملحد سب الله كثيرًا في شعره وحاول أحيانًا أن يتصالح مع المجتمع المتدين، أيَّد الثورة الإيرانية ووقف ضد الثورة السورية (أسماها ثورة الجوامع).
سب السعودية كثيرًا ووصفها بالرجعية.
الذين استضافوه دمحوا له إلحادَه وسبَّه لدولتهم من باب المناكفة للسلطة الدينية.
وهو دمح لهم رجعيتهم وعدم وجود الحرية التي ينادي بها (الحرية المطلقة) نكاية بالدين وأهله.
أما حرية مشروعية الاعتراض على الدين وعدم مشروعية الاعتراض على الدولة فذلك مشهد عبثي غايةً كمشهد الذي يضرب ابنته لتمارس حريتها في ترك الحجاب!
هو يشبه تماما صنيع ذاك الذي يضرب ابنته لأنها اختارت ارتداء الحجاب.
موقفه لا يمكن تخريجه شرعيًّا ولا يمكن تخريجه ليبراليًّا لأنه يمارس سلطة أبوية لنصرة إفرازات فكر لا يعترف بالمنظومات الأبوية (الدين، سلطة الأب على أبنائه، سلطة الزوج على زوجته).
أدونيس لمن لا يعرفه شاعر نصيري ملحد سب الله كثيرًا في شعره وحاول أحيانًا أن يتصالح مع المجتمع المتدين، أيَّد الثورة الإيرانية ووقف ضد الثورة السورية (أسماها ثورة الجوامع).
سب السعودية كثيرًا ووصفها بالرجعية.
الذين استضافوه دمحوا له إلحادَه وسبَّه لدولتهم من باب المناكفة للسلطة الدينية.
وهو دمح لهم رجعيتهم وعدم وجود الحرية التي ينادي بها (الحرية المطلقة) نكاية بالدين وأهله.
أما حرية مشروعية الاعتراض على الدين وعدم مشروعية الاعتراض على الدولة فذلك مشهد عبثي غايةً كمشهد الذي يضرب ابنته لتمارس حريتها في ترك الحجاب!
مظاهر الرحمة والمغفرة تحيط بك على طول الخط في الفقه.
حين تقرأ القرآن تقول (بسم الله الرحمن الرحيم) وأول سورة تتلوها الفاتحة فأولها {الحمد لله رب العالمين} فتحمد الله، ثم تقرأ {الرحمن الرحيم} فكأنك تحمد الله على الشريعة التي كلها رحمة.
وقد تأملت في الأبواب الفقهية فما وجدت باباً يخلو من التنبيه على رحمة الله عز وجل ومغفرته.
ففي الطهارة وردت أخبار في فضل الوضوء وأنه يكفر الذنوب وأنها تتساقط مع الماء، وورد ما ورد في فضل ركعتي الوضوء وأنهما سبب للمغفرة.
وفي الصلاة ورد الفضل في المشي إلى المسجد وما فيه من حط الخطايا، وورد خبر في أن ذنوب العبد توضع على عاتقيه فإذا ركع أو سجد تساقطت، وورد الخبر في فضل من وافق تأمينه تأمين الإمام وأنه يغفر له، وغيرها في باب الصلاة مثل الوارد في أن من الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما.
وأما في الجنائز فقد ورد الخبر في فضل من صلى عليه أربعون وأنه يغفر له ومن صلى عليه ثلاثة صفوف، والخبر في فضل من مات له ولد وأن ذلك يكون سبباً في مغفرة ذنبه والشفاعة له.
وأما في الزكاة فقد ورد في القرآن {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ومن هنا سميت زكاة والتزكية والطهر من معانيها مغفرة الذنوب.
وأما في الصيام فقد ورد أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، وورد الخبر في فضل عرفة وعاشوراء، وورد الخبر في فضل قيام رمضان وليلة القدر، بل ورد الفضل العام بفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النيران.
وأما في الحج فقد ورد في فضل الحج أن الحاج يرجع كيوم ولدته أمه، وورد أن من العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.
وأما في باب الجهاد فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضل الشهادة والشهيد وما يكفر من ذنوبه، وورد الخبر في أن الله يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر وكلاهما يدخل الجنة أحدهما قتل في سبيل الله والآخر هو الكافر الذي قتله ثم هذا الكافر أسلم واستشهد، والعفو عن الكافر الذي أسلم من قبل أن نقدر عليه ولو قتل منا من قتل من أعظم مظاهر العفو والرحمة، وقصة وحشي معروفة.
وأما في باب النكاح فقد ورد في القرآن {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون (55) هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون} وهذا معناه أن الأزواج يكونون في نفس المنزلة في الجنة ولا يخلو المقام من أن يكون أحدهما أتقى من الآخر فيرفع له صاحبه لتقر عينه به، وهذا بمعنى مغفرة الذنوب وكذلك إلحاق الذرية بالآباء، وما ورد من انقطاع الأعمال إلا ولد صالح يستغفر له (وأدخل في هذا الباب كل ما له علاقة بصلة الأرحام ومن ذلك أمر المواريث)، وورد الخبر أن من عال أربع بنات كن له ستراً من النار (استدل به الشافعي على استحباب النكاح فالبنات لا يأتين إلا بنكاح).
وحتى في أمر المهر جاء التذكير بالعفو (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح).
وأما في باب البيوع فقد ورد الخبر في فضل إنظار المعسر وأن من تجاوز عنه تجاوز الله عنه، وأن من أقال مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة (يعني غفر الله) وورد الخبر «رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى» وهذا معناه وقوع المغفرة بذلك، وفي باب قضاء الدين ورد «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، وقد يكون باب الحوالة من أبواب تفريج الكرب وكذلك الكفالة والضمان.
وأما في باب القصاص و الديات فالعفو مظنة عفو الله عز وجل.
وأما الحدود فهي كفارات لأهل الإيمان، وباب الاستتابة واضح فيه ذكر التوبة وتوسيع بابها (وإن احتسب القضاة والشهود في ذلك رجي لهم).
هذا غير الوارد في أن الأمراض والمصائب من كفارات، هذا غير الاستغفار وفضائل الأذكار، وكل هذا باب والتوبة باب آخر تماماً.
فمن أفلس من كل هذه الفضائل فلا يلومن إلا نفسه، وما وضع رب العالمين كل هذه الكفارات إلا وأراد الغفور الرحيم أن يغفر لعباده، حتى أنه بعد كل هذا يتقرب ملائكته له بالاستغفار للمؤمنين، فبعد هذا كيف يقول إنسان (أنه لا يشاهد الرحمة)، ونحن في شهر الخير عسى الله عز وجل أن تدركنا مغفرة نسعد بها سعادة لا بؤس بعدها، وقد قيل (السلامة لا يعدلها شيء) والمغفور له سالم.
والفقيه الصالح حاله محل غبطة إذ يحث الناس على كل هذا على بصيرة.
حين تقرأ القرآن تقول (بسم الله الرحمن الرحيم) وأول سورة تتلوها الفاتحة فأولها {الحمد لله رب العالمين} فتحمد الله، ثم تقرأ {الرحمن الرحيم} فكأنك تحمد الله على الشريعة التي كلها رحمة.
وقد تأملت في الأبواب الفقهية فما وجدت باباً يخلو من التنبيه على رحمة الله عز وجل ومغفرته.
ففي الطهارة وردت أخبار في فضل الوضوء وأنه يكفر الذنوب وأنها تتساقط مع الماء، وورد ما ورد في فضل ركعتي الوضوء وأنهما سبب للمغفرة.
وفي الصلاة ورد الفضل في المشي إلى المسجد وما فيه من حط الخطايا، وورد خبر في أن ذنوب العبد توضع على عاتقيه فإذا ركع أو سجد تساقطت، وورد الخبر في فضل من وافق تأمينه تأمين الإمام وأنه يغفر له، وغيرها في باب الصلاة مثل الوارد في أن من الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما.
وأما في الجنائز فقد ورد الخبر في فضل من صلى عليه أربعون وأنه يغفر له ومن صلى عليه ثلاثة صفوف، والخبر في فضل من مات له ولد وأن ذلك يكون سبباً في مغفرة ذنبه والشفاعة له.
وأما في الزكاة فقد ورد في القرآن {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ومن هنا سميت زكاة والتزكية والطهر من معانيها مغفرة الذنوب.
وأما في الصيام فقد ورد أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، وورد الخبر في فضل عرفة وعاشوراء، وورد الخبر في فضل قيام رمضان وليلة القدر، بل ورد الفضل العام بفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النيران.
وأما في الحج فقد ورد في فضل الحج أن الحاج يرجع كيوم ولدته أمه، وورد أن من العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.
وأما في باب الجهاد فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضل الشهادة والشهيد وما يكفر من ذنوبه، وورد الخبر في أن الله يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر وكلاهما يدخل الجنة أحدهما قتل في سبيل الله والآخر هو الكافر الذي قتله ثم هذا الكافر أسلم واستشهد، والعفو عن الكافر الذي أسلم من قبل أن نقدر عليه ولو قتل منا من قتل من أعظم مظاهر العفو والرحمة، وقصة وحشي معروفة.
وأما في باب النكاح فقد ورد في القرآن {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون (55) هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون} وهذا معناه أن الأزواج يكونون في نفس المنزلة في الجنة ولا يخلو المقام من أن يكون أحدهما أتقى من الآخر فيرفع له صاحبه لتقر عينه به، وهذا بمعنى مغفرة الذنوب وكذلك إلحاق الذرية بالآباء، وما ورد من انقطاع الأعمال إلا ولد صالح يستغفر له (وأدخل في هذا الباب كل ما له علاقة بصلة الأرحام ومن ذلك أمر المواريث)، وورد الخبر أن من عال أربع بنات كن له ستراً من النار (استدل به الشافعي على استحباب النكاح فالبنات لا يأتين إلا بنكاح).
وحتى في أمر المهر جاء التذكير بالعفو (إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح).
وأما في باب البيوع فقد ورد الخبر في فضل إنظار المعسر وأن من تجاوز عنه تجاوز الله عنه، وأن من أقال مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة (يعني غفر الله) وورد الخبر «رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى» وهذا معناه وقوع المغفرة بذلك، وفي باب قضاء الدين ورد «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، وقد يكون باب الحوالة من أبواب تفريج الكرب وكذلك الكفالة والضمان.
وأما في باب القصاص و الديات فالعفو مظنة عفو الله عز وجل.
وأما الحدود فهي كفارات لأهل الإيمان، وباب الاستتابة واضح فيه ذكر التوبة وتوسيع بابها (وإن احتسب القضاة والشهود في ذلك رجي لهم).
هذا غير الوارد في أن الأمراض والمصائب من كفارات، هذا غير الاستغفار وفضائل الأذكار، وكل هذا باب والتوبة باب آخر تماماً.
فمن أفلس من كل هذه الفضائل فلا يلومن إلا نفسه، وما وضع رب العالمين كل هذه الكفارات إلا وأراد الغفور الرحيم أن يغفر لعباده، حتى أنه بعد كل هذا يتقرب ملائكته له بالاستغفار للمؤمنين، فبعد هذا كيف يقول إنسان (أنه لا يشاهد الرحمة)، ونحن في شهر الخير عسى الله عز وجل أن تدركنا مغفرة نسعد بها سعادة لا بؤس بعدها، وقد قيل (السلامة لا يعدلها شيء) والمغفور له سالم.
والفقيه الصالح حاله محل غبطة إذ يحث الناس على كل هذا على بصيرة.
اللعان والعذر بالجهل ( حين يعبث بكلام الفقهاء لإلحاق أولاد الزنا ) 👇
عندما هجا ابن حجر عقيدة الغزالي والعز بن عبد السلام من حيث لا يشعر.
قال ابن حجر في لسان الميزان (6/68) : "[264] "معمر" بن عمرو العطار أحد شيوخ المعتزلة قال ابن حزم كان يقول النفس جوهر ليست جسما ولا عرضا ولا لها طول ولا عرض ولا عمق بجوف ولا هي في مكان وهي الفاعلة المدبرة".
قال الرازي في أسرار التنزيل وأنوار التأويل ص133: "ويحتمل أيضاً أن يقال: ليس بتمحيز ولا حال في المتحيز بل هو مدبر لهذا البدن على ما يقوله الفلاسفة".
أقول: هذه عقيدة الفلاسفة في المثل الأفلاطونية وتأثر بها أهل الكلام، وهو اعتقاد وجود موجودات لا علاقة لها بالزمان والمكان، وهذا من أشد الباطل، بل ما كان كذلك فهو معدوم.
ومع زعمهم أن رب العالمين لا داخل العالم ولا خارجه وأن ذلك منتهى التنزيه، هم يثبتون هذا الوصف للروح وللنفس، ثم لا يعتقدون أنهم مشبهة شبهوا الله بالروح والنفس في مذهبهم!
هذا الاعتقاد الذي نقله ابن حزم عن معمر العطار، وذكره ابن حجر في لسان الميزان معللاً جرح الرجل، هو اعتقاد الغزالي والعز بن عبد السلام والسيوطي.
فالغزالي في كتابه الفصول في الأسئلة وأجوبتها ص276 قال بهذا القول، وقال أن الحشوية والكرامية ينكرونه (والواقع عامة العقلاء ينكرونه).
ويقول السيوطي في رسالته القول الأشبه في حديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) عن العز بن عبد السلام: "لما كان الروح في الجسد لا يعلم له أينية علمنا أنه منزه عن الكيفية والأينية فلا يوصف بأين ولا كيف بل الروح موجودة في كل جسد ما خلا منها شيء من الجسد وكذلك الحق سبحانه موجود في كل مكان ، ما خلا منه مكان وتنزه عن المكان والزمان". (النقولات مستفادة من رسالة الدكتور محمد النورستاني عن مواقف التفتازاني في العقيدة).
هكذا يقول لك الروح في كل مكان وليست في مكان، ولا يرى نفسه جامعاً بين النقيضين، ثم تجده يعترض على بعض الأحاديث النبوية مثل حديث النزول فيقول: كيف ينزل الله؟ (ثم يورد بعض الشبهات التي يحسبها عقلية)، ثم تجده يقبل كلام شيوخه هذا مع تضمنه لرفع النقيضين أو جمعهما بشكل واضح، فالاعتراض فقط يأتي على النصوص وإنما نتاج التأثر بالفلاسفة فالقوم يقبلونه فكيف، يقوم عذر من هذا حاله والله المستعان!
وأمر المثل الأفلاطونية نقده ابن تيمية كثيراً، ولك أن تتخيل أن فكرة فلسفية غريبة تتسلل إلى كتب شروح الحديث والتفسير.
ولك أن تتصور أن نسب المعتزلي بأمر ثم إذا صدر نفسه أو أشد منه من أشعري يتغاضى عنه، ولا زال هذا السلوك دارجاً حتى في عدد من الكتابات المنتسبة للسلفية.
قال ابن حجر في لسان الميزان (6/68) : "[264] "معمر" بن عمرو العطار أحد شيوخ المعتزلة قال ابن حزم كان يقول النفس جوهر ليست جسما ولا عرضا ولا لها طول ولا عرض ولا عمق بجوف ولا هي في مكان وهي الفاعلة المدبرة".
قال الرازي في أسرار التنزيل وأنوار التأويل ص133: "ويحتمل أيضاً أن يقال: ليس بتمحيز ولا حال في المتحيز بل هو مدبر لهذا البدن على ما يقوله الفلاسفة".
أقول: هذه عقيدة الفلاسفة في المثل الأفلاطونية وتأثر بها أهل الكلام، وهو اعتقاد وجود موجودات لا علاقة لها بالزمان والمكان، وهذا من أشد الباطل، بل ما كان كذلك فهو معدوم.
ومع زعمهم أن رب العالمين لا داخل العالم ولا خارجه وأن ذلك منتهى التنزيه، هم يثبتون هذا الوصف للروح وللنفس، ثم لا يعتقدون أنهم مشبهة شبهوا الله بالروح والنفس في مذهبهم!
هذا الاعتقاد الذي نقله ابن حزم عن معمر العطار، وذكره ابن حجر في لسان الميزان معللاً جرح الرجل، هو اعتقاد الغزالي والعز بن عبد السلام والسيوطي.
فالغزالي في كتابه الفصول في الأسئلة وأجوبتها ص276 قال بهذا القول، وقال أن الحشوية والكرامية ينكرونه (والواقع عامة العقلاء ينكرونه).
ويقول السيوطي في رسالته القول الأشبه في حديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) عن العز بن عبد السلام: "لما كان الروح في الجسد لا يعلم له أينية علمنا أنه منزه عن الكيفية والأينية فلا يوصف بأين ولا كيف بل الروح موجودة في كل جسد ما خلا منها شيء من الجسد وكذلك الحق سبحانه موجود في كل مكان ، ما خلا منه مكان وتنزه عن المكان والزمان". (النقولات مستفادة من رسالة الدكتور محمد النورستاني عن مواقف التفتازاني في العقيدة).
هكذا يقول لك الروح في كل مكان وليست في مكان، ولا يرى نفسه جامعاً بين النقيضين، ثم تجده يعترض على بعض الأحاديث النبوية مثل حديث النزول فيقول: كيف ينزل الله؟ (ثم يورد بعض الشبهات التي يحسبها عقلية)، ثم تجده يقبل كلام شيوخه هذا مع تضمنه لرفع النقيضين أو جمعهما بشكل واضح، فالاعتراض فقط يأتي على النصوص وإنما نتاج التأثر بالفلاسفة فالقوم يقبلونه فكيف، يقوم عذر من هذا حاله والله المستعان!
وأمر المثل الأفلاطونية نقده ابن تيمية كثيراً، ولك أن تتخيل أن فكرة فلسفية غريبة تتسلل إلى كتب شروح الحديث والتفسير.
ولك أن تتصور أن نسب المعتزلي بأمر ثم إذا صدر نفسه أو أشد منه من أشعري يتغاضى عنه، ولا زال هذا السلوك دارجاً حتى في عدد من الكتابات المنتسبة للسلفية.
مثل هذه المشاركة تنتشر وتجد استحسانًا معاكسة لما ورد في المسلسل.
والحق أن مثل هذه القصص لا تختلف عن الكذب الذي في المسلسل سوى أنها منمقة.
فهذه القصة لا وجود لها في عامة الكتب المتقدمة والمتأخرة، وهذه الأبيات تنسب في كتب متأخري الشيعة لعلي بن أبي طالب.
ورأيت كتابًا منسوبًا لابن الصباغ المالكي المتوفى في القرن الثامن فيه نسبة هذه الأبيات لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأما ذكر المريسي فلم أجده حتى في كتب المتأخرين، وهذا السمت لا يشبه كلام أهل ذلك الزمان.
والحق أن مثل هذه القصص لا تختلف عن الكذب الذي في المسلسل سوى أنها منمقة.
فهذه القصة لا وجود لها في عامة الكتب المتقدمة والمتأخرة، وهذه الأبيات تنسب في كتب متأخري الشيعة لعلي بن أبي طالب.
ورأيت كتابًا منسوبًا لابن الصباغ المالكي المتوفى في القرن الثامن فيه نسبة هذه الأبيات لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأما ذكر المريسي فلم أجده حتى في كتب المتأخرين، وهذا السمت لا يشبه كلام أهل ذلك الزمان.