أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
نظام قضائي تشطيري امام مجلس النواب يهدد وحدة النظام القضائي اليمني وينال من حقوق المواطن في مقاضاة الدولة
اعلن رفضي وبراءتي التامة
من المذبحة القانونية التي يجري تمريرها
من قبل مجلس النواب وحكومة الانقاذ
(6)
وعد وتميز..
وشعار "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل عليكم"

حرصتُ وبذلت ما في الوسع من جهد أن لا أكون حالة مكررة.. الكاذبون والتافهون كثيرون، وهم مكررون ويتكاثرون كالفطر في ظروف وبيئة داعية إلى تكاثرهم حد التزاحم والاكتظاظ... واجهة المسرح يستأثر به الكاذبون.. يستولون على المنابر ويستأثرون بالخطابة ويستولون على وسائل الإعلام التي تصنع نجوميتهم الكاذبة في إطار أجندات تغتال أحلام شعبهم..

وفي المقابل يتم وأد الصادقين قبل أن يبدؤون شق طريقهم الشاق والطويل والملغوم بالاحتمالات السيئة، والنحوس التي تلاحقهم أينما سلكوا.. إنهم متعبين ومنحوسين الطالع أكثر من غيرهم.. يصلون إلى القليل بمشقة بالغة.. يتم إثقالهم بكل ثقيل حتى تُقطع أنفاسهم في أول خطوة من مشوار الألف ميل.. تنعدم أمامهم الفرص المتساوية بغيرهم ممن لا يستحقونها.. وعند وقوعهم أو فشلهم لظروف أكبر منهم تتم المسارعة إلى إهالة التراب عليهم، لتغيب وجودهم حتى يستسلمون أو يرحلون إلى النهاية بحزن ثقيل، وميتم فينا يطول..

أنا حالم إلى أقصى مدى.. متمرد على هذا الواقع السيء الذي يريد أن يفرض شروطه الثقيلة على إرادتي وأحلامي الندية.. لا أرغب في إعادة إنتاج نفس المشهد المكرر والمٌستهلك، أو أكون بعض منه لا حول له ولا قوة.. لا يروقني استجرار الماضي وقولبة الحاضر بالماضي المهترئ والمتهالك.. أسأم التكرار ومحاكات ما صار مملا، أو متأكلا، أو ما "أكل عليه الدهر وشرب"..

منذ البداية تقتُ إلى التميّز والتفرد ، وقول الذي قال:"لا في وجه من قالوا نعم".. أردت أن أكون مستقل بحق وحقيقة، وعيا ووجودا.. عقلا ووجدانا، أو هذا على الأقل ما بحثت عنه، وتطلّعت إليه في واقع فاسد ومفسد.. ترشحت ووعدت إنني سأترشح للبرلمان لمرة واحدة لن أكررها، وقررتها لكسر احتكار طال.. وأكثر من هذا حرصت أن أكون صادقا في واقع كذوب..

***

حملتي الانتخابية والإعلامية أريدها أن تتميز.. أريد شيء مختلف عن الجميع.. التكرار يصيبني بالملل والسأم وفقدان الذات المتميزة.. نعم.. أريد التفرد والتميز في كل شيء، ولكن ما هو متاح وممكن محدود، ولا يوفر شروط ما أروم.. العين بصيرة واليد قصيرة، والمتاح محدود.. ولكن لا بأس.. لدي ما يفتقده الكثير ممن يتسابقون.. لدي ما ليس لدى الآخرين..

لدى الصدق والوفاء والانتماء للناس.. أتطلع إلى ما هو إنساني، وما ينسجم مع المستقيل الذي أنشده.. ولدي القدرة على أن أوظف القليل لتحقيق الكثير.. سأبذل جهدي وأستفيد من القليل وأوظفه إلى أقصى حدود الممكن.. هكذا حدثت نفسي وهكذا كان التحدّي.

أريد أن أصل بكثافة إلى عقول ووجدان الناس.. أريد أن أكسب حبهم إلى أقصى مدى ممكن.. أريد أن أشعرهم بحقيقة انتمائي لهم.. لن أتنكر لهم ما حييت.. أريد أن يشعروا أنني واحد منهم، وسأكون دوما منحازا لهم ولقضاياهم العادلة.. منحازا للفقراء والغلابه والمكدودين.. مناهضا للفساد والإفساد، ولانتهاكات الحقوق، ومدفعا عن الحريات، وقد كانت تلك القضايا من أهم وأبرز ما تضمنه برنامجي الانتخابي المعلن للناخبين..

ترشحت بنية خالصة، وبحب جارف للناس، أريد أن أكون صادقا معهم من البداية.. لا أخدعهم ولا أكذب عليهم، ولا أجازف في كيل الوعود، ولا أوزع لهم الوهم، كما يفعل الكثيرون..
في حملتي الانتخابية، كنت صادقا مع الناخبين، وحريصا أن أقول لهم: أنني لا أوعدكم بشيء، ولكني سأبذل قصار جهدي.. وأستدرك: لا أريد أن أكذب عليكم، ولكني أوعدكم ببذل ما في الوسع من جهد وقدرة..

وعدتهم أني سأخوض المنافسة للمقعد البرلماني مرة واحدة فقط، وأن لا أترشح لهذا المقعد مرة ثانية وأنا جديرا بوعد كهذا.. أريد أن أكسر احتكار تمثيل دام ثلاث دورات نيابية متلاحقة.. لا أريد أن أصل للبرلمان لتكوين ثروة، أو ملك عقار، أو امتلاك المال الوفير يخلعني عن الناس ويلهيني عن معاناتهم.. بل سأكون مديونا يقضي ديونه خلال فترة دورته الانتخابية تلك.. وقد كان هذا ما حدث بالفعل..

وعدتهم أن لا أعاود الترشيح لمجلس النواب مرة ثانية، وهو التزام اخلاقي ثقيل، أعرف تماما ضرورة الالتزام به.. إنه تحدي كبير أدرك معناه، وأهمية الوفاء به.. لا أظن أن هناك نائبا قدم هكذا وعدا، واستعد لخلع نفسه قبل الوصول وبعد الوصول، ولكن كانت للأيام أقدارها..

أما شعاري الانتخابي فكان ملخص ومكثف في عبارة “انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل عليكم” وهو على الأرجح عنوان مقالة كتبها صديقي الصحافي عبدالله عبدالإله في عان 2003، والذي عودني الالتقاط الجاذب، والقدرة على مخاطبة وجدان الناس وعقولهم، والغوص في أعماقهم ومعرفة ما يدور في خلدهم.. لقد أخترت هذا الشعار اللافت دون سواه..

“انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل عليكم” وعدا لم أستسهله، وكنت أعلم كلفته، ولن أتهاون في تحقيقه، ولن أتراجع عنه مهما كانت متاعبه وكلفته التي قد تصل إلى دفع الروح بسخاء وامتنان.. إنه شعار وجدته بعض مني ينبض فيني، وينسجم مع موقفي الإنساني والحقوقي والضوابط الأخلاقية التي أعتنقها، وأنحاز إل
يها وبما يتماشى مع المستقبل الذي أنشده..

تم توزيع الشعار مقرونا بصورتي التي تحمل المعاناة كلها.. شعار كثيف المعنى طغى على ما عداه .. لقد كان شعارا آسرا إلى حد بعيد.. أحسست أنني أتنفسه، وأنه يعبر عما يجيش في أعماقي، وما ينبض به قلبي، ويستحق الوفاء حد الموت..

***
يتبع
بعض من تفاصيل حياتي
(7)
شريمي ما علس
أخترت “الشريم” أو المنجل رمزي الانتخابي، وآثرته على ما عداه من رموز.. وجدت رمز “الشريم” معبرا عن أوسع طبقة اجتماعية في اليمن، وهي طبقة الفلاحين، ولمعرفتي أن الشريم حاضر جدا في وعي الأهالي، ومحفورا في ذاكرة المجتمع المحلي، بل وأيضا حاضر في تفاصيل الحياة اليومية لسكان قرانا، النساء قبل الرجال.. إنه شعار جاذب وسهل ومعروف جدا، ومناسب إلى حد بعيد ..

"الشريم" بعض من وجداني الذي تشكل معي في طفولتي المثقلة بالعمل والكفاح مع أمي وأبي.. لطالما يدي الصغيرة والرهيفة أمسكت قبضته.. إنها بعض منه، أو هو بعض منها، أو كلاهما جمعتهما حميمية لا تنسى..

صربت وحصدت مع أبي وأمي وأنا لازلت طفلا حدثا ؛ لنعيش مما حصدناه، قبل أن نرى الدقيق الأبيض، الذي بات يشبه السم، وقد صار اليوم هو من يقتاتنا لا نحن من نقتاته، وقد فتك بنا هو والسكر ..

يوم ذاك كان قبل أن نرى القمح إلا لماما يأتينا من خلف البحار البعيدة التي يُكرع إلى قاعها كثيرا منه؛ لاستقرار السوق المحكومة بقوانين الاقتصاد الرأسمالي، وعلى رأسها قانون العرض والطلب..

الرأسمالية وتبعية أنظمتنا المرتهنة له صحّرت أراضينا الخصبة، وزرعت جل ما بقى منها فتنا ودما وقاتا ونارا وارتهان أثقل ظهورنا بالمعاناة الأشد، وقد صارت أعمارنا تتقادم ربما لتدلف بعد أعوام قليلة باب الكهولة..

تنفّخت راحت يدي الصغيرة والرهيفة مع أبي وأمي لنقتات مما نزرع في طفولة كانت علينا قاسية، ولكنها ربما ليست أسوأ مما نعيشه اليوم من تبعية وارتهان وفقدان.. الشريم صديقي القديم الذي لا أنساه.. لا أتنكر له، ولا أدير له الظهر أو المجن.. لم يخذلن، بل وبادلني الوفاء، وطار بي إلى البرلمان..

لا زلت أتذكر تفاصيله.. كان مقبضه من الخشب المحلي، ونصلته الذي صنعها الحداد، وثبتها في مقبض الخشب الذي يناسب يدي.. الشريم الذي صار بعض من سيرتي، وجميل تبادلناه لا ينمحي ولا تزيله السنون الطوال..

في إطار الدعاية الانتخابية أحضر الأستاذ منير عبده ثابت، والأستاذ عبدالرحيم حسن سعيد “شولات” كثيرة من المناجل، قيل لي يومها أن قيمتها مائة ألف ريال، تم توزيعها للأهالي في المناطق التابعة لمركزهم الانتخابي، بل وتعداه إلى الجوار..

إن ينتشر توزيع “الشرمان” بين السكان كان مدعاة للأسئلة والاستغراب، وهذه الأسئلة والاستغراب والفضول كان هو في حد ذاته دعاية انتخابية لافتة وذكية، إن لم تكن دعاية كاملة، ومنتجة لوعي وموقف يتشكل بين الناخبين في إطار العملية الانتخابية التي كنا نعيشها..

شكرا للناخبين.. شكرا للمناجل، والجباه السمر، والأيادي التي لا زالت قابضة على مقابضها تتحدي رداءة الزمان.. شكرا لكل الذي ساندوني.. شكرا لأستاذي الشاعر حسن محمد علي على قصيدته “صباحك والشريم”، وللأخ الجميل الفنان ردمان القباطي الذي غناها وجعلها تصدح في الجبال والأودية في دائرتي الانتخابية..

"لا يشــــترى صوتي ولا يبتاع بــــمال … الـــــــمال مال الله والـــــــــمال الرجـــال
رمز الشريم عازم وحــــاشدكـــم تمــام … ما جاوب الحــــــازم مع زاكي كـــــرام
الصدق للصـــــــــادق ذخيرة للسنين … صدق الشريـــــــم والأرض ميراثه متين"

وشكر لشريمي الذي لم يعلس رغم مرور أكثر من سبعة عشر عام طوال..

***
يتبع..
بعض تفاصيل حياتي
في الاجتماع المشترك الذي تم قبل عشر أيام تقريبا بين مجلسي نواب وشورى صنعاء
فقط أنا
وعلي عبدالله السلال نجل أول رئيس للجمهورية
الوحيدان اللذان تم حذف حديثنا من قبل إعلام صنعاء
تم حذف كل ما قلناه في هذا الاجتماع المشترك
الحقيقة ترعب من يريد حجبها عن الناس
لأن ما قلناه يتعارض مع سياسة السلطة التي تدأب إلى تزييف وعي شعبها بأكاذيبها وتخاتلها ونفاقها..
ولكن يظل حبل الكذب قصير
وتظل الحقيقة أقوى منهم..
وستنتصر عليهم ذات يوم..
سينتصر القلم على مقص رقيب وسواطير الإعلام والف جلاد
كما انتصر من قبل على الف قمع والف حكم وسلطة..

كنت الوحيد الذي قطعت الرئاسة كلامي بعد دقيقة ونصف فقط
وحتى هذه الدقيفة والنصف تم منع بثها..
دقيقة ونصف فقط كانت أقوى من كل خطبهم الطويلة..
كم هم خائفين من صدقنا؟!!
بل من دقيقة ونصف لا تزيد
يا لجبنهم !!!
كم شجاعتهم تخون..
لا ارى الا كلمة انتصرت على الف بندق ومدفع..
للمرة الثانية اليوم اجتمع مجلس النواب والشورى..
الاهم ان الرئاسة منعت اي شخص من الحديث او ابدأ اي تعليق او تعقيب او ملاحظة على التقرير المقدم من لجنة الصياغة..
اليوم حتى الدقيقة والنصف تم منعها..
علق احدهم على الحضور الكبير : سيلهم هذا كله ما يشل حتى بعره..
(8)
برنامجي الانتخابي اللعنة التي ستلاحقهم
خلال حملتي الانتخابية كنت ممتنعا تماما عن اطلاق عنان الوعود إلا في حدود الممكن، أو تلك التي كانت تمثل بالنسبة لي التزام اخلاقي أو سياسي أو مبدئي أكثر من كونها وعود، أو تصب في إطار معنى السعي أو التشجيع أو الاهتمام أو العمل على تحقيقها.. وهو ما تضمنه جل برنامجي الانتخابي.

لقد كان برنامج لعضو برلماني حالم، كسرتُ فيه النحس، ومعه الرقم المشؤوم 13 عندما جعلته مكونا من ثلاثة عشر بندا.. رقم مشؤوم يبدو أنه قرر الاطاحة بالجميع ممن وقف ضده، ومنها تلك السلطات التي ظنت إنها ستستمر للأبد، وأن التاريخ جاء إليها راكعا، وآل إليها خاضعا، وصار طوع يديها، واعتقدت إنها قد أمنت التاريخ ومكره، ولكنه مكر بها وأصابها في مقتل، وسيمكر بكل من يأمنه شر مكر.. إنه البرنامح اللعنة الذي سيلاحق جميع من أعتقد أنه غلب الحق، واعترش موقعه، وله الشأن استتب..

برنامجي جاء متواضعا، وبصفحات ورقية عادية أكثر تواضعا، تعبر عن واقع الحال الذي أعيشه.. برنامج متواضع لوطن كبير، ولمستقبل كنّا ننشده، وليس محشورا في دائرة انتخابية مفردة، وحتى ما هو مفرد تحدثت عنه بخطاب المفرد، ولكنه في الإجمال حاضر بنحو أو بآخر في بنود أخرى كالحديث عن الفقراء والمعدمين، ومناهضة الفساد، وحماية الحريات وحقوق الإنسان..

هذا البرنامج رغم مرور أكثر من 17 عام، ورغم تبدل الأنظمة الحاكمة، وتبدل الحكومات، وتبدل الأشخاص، وتبدل التموضعات السياسية للقوى والأحزاب السياسية، كنت على الدوام أنتمي وأنحاز إليه بصدق لا يعرف المخاتلة.. تعاطيت معه ليس لكونه فقط برنامج انتخابي أو سياسي، بل اعتبرته قبل هذا منظومة قيميه، وضوابط أخلاقية، وإنسانية، في المقام الأول والأهم..

ولهذا بالتحديد وجدت نفسي اتعامل بمثالية الطوباوي الحالم في محيط شديد الصعوبة والتعقيد.. رفضت بعد فوزي بعضوية البرلمان اعطاء ثقتي وصوتي ليس فقط لأول حكومة مؤتمرية وموازنتها المعروضة على مجلس النواب، بعد انتخابات إبريل عام 2003، بل وكل حكومات المؤتمر التي تعاقبت، بالرغم أن حزب المؤتمر هو من دعمني بشكل رسمي في تلك الانتخابات باعتباري مرشح مستقل، دون الأحزاب الأخرى التي نافسني مرشحوها في تلك الانتخابات، ولي تفاصيل أكثر في هذا المقام، وفي أكثر من موضع لاحق ومكان.

كما لم أمنح صوتي وثقتي لمخرجات أي حكومة، وكل الحكومات كانت دوما ما تجور على الشعب، وتجرعه ما يثقل الكواهل، لم أمنح ثقتي لبرنامج أي حكومة لاحقة، ولا حكومة الوفاق، ولا لحكومة الشرعية، ولا حكومة الإنقاذ، ولا للمجلس السياسي الأعلى، ولا أي موازنة أو برنامج أو خطة إنفاق حكومة، طيلة سبعة عشر عاما مضت..

على الدوام ظللت أرفض جميع مخرجات السلطات التي تعاقبت تحت أي مسمى كان.. رفضت الفساد الذي جاء تحت تسمية حزمة الإصلاحات الاقتصادية.. رفضت سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام الذي أسموه فاشلا، وكانوا هم الفشل كله..

رفضت حكومة الوفاق الوطني التي اغتالت حلمنا ومشروعنا المدني.. رفضت مؤامرة مؤتمر الحوار الوطني والمشاركة فيه.. رفضت سياسات حكومة الإنقاذ الأرجوزة، وكل مخرجاتها، وقبلها السلطة الخفية التي كانت تتحكم بكل شيء، ولا تتحمل أي مسؤولية، والتي لازالت تعبث إلى اليوم دون أن تجد أدنى زجر أو محاسبة أو حتى سؤال..

رفضت كل التنازلات التي جاءت على حساب الوطن ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه والتي ذهبت إليها الأحزاب كلها.. رفضت وصاية المبادرة الخليجية، ورفضت إدخال اليمن تحت البند السابع.. رفضت وقاومت كل مخرجات تلك المرحلة وما بعدها.. رفضت الخيانات بكل مسمياتها..

رفضت الجرع كلها، و"إصلاح" الاقتصاد على حساب الطبقة الواسعة من الفقراء.. رفضت الحرب وحذرت منها قبل وقوعها.. رفضت الانتهاكات الحقوقية، وسلطة الغلبة والتسلط والاستبداد، وكل ما ألقته تلك السلطات على كواهل شعبنا من ثقيل ومميت..

لطالما تعاملت بحساسية عالية حيال قضايا الإنسان وحقوقه وحرياته، ووقفت بصرامة ضد الفساد والاستبداد والتسلط، وتعاطيت مع القضايا الوطنية بحرص شديد ومسؤولية عالية..

لطالما وجدت نفسي منحازا للفقراء والمعدمين والمسحوقين من أبناء هذا الشعب المنكوب بحكامه، وسلطات الأمر الواقع بكل مسمياتها، وكل ما حدث قبلها مما يثقل الكواهل ومنها الإجراءات الاقتصادية المتوحشة من قبل السلطات المتعاقبة، والمؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.. ولازلت أقاوم من يغتال أحلامنا ومستقبلنا ومستقبل أبناءنا، وكل من يجرعنا الفاقة والمجاعة والجوع، ويكيل لنا الموت الباذخ والمجاني..

هذا وذاك ما أظنه أو أزعمه.. ولي تفاصيل كثيرة سأتوقف أمامها مليا إن أعطوني القتلة فرصة أطول للحياة.

***

وللوقوف أمام تفاصيل برنامجي الانتخابي المتواضع في حملتي الانتخابية مطلع العام 2003 عند ترشحي لمجلس النواب في دائرتي الانتخابية، والذي تم إعداده تحت ضغط الوقت والسباق الانتخابي، أورد هنا نصه كما هو، دون حذف أو زيادة أو تعد
يل أو نقصان، مع صورة الوثيقة التي حوته.. وأزعم أنني لازلت أمينا على أهم ما جاء فيه حتى يومنا هذا..

نص برنامجي الانتخابي ابريل 2003
إلى الآباء والأمهات الذين نحمل معاناتهم..
إلى الشباب الذين نحمل همومهم و آمالهم..
إلى الأمهات والأخوات اللواتي يحلمن بالماء والضوء ومواجهة آلام المخاض وتربية الأطفال تربية سليمة..
إلى كل أبناء الجيل في دائرتنا, ممن يتطلعون إلى نور العلم والغد المشرق و الطموح المشروع في حياة أسعد.
إلى كل أولئك في القرى و الجبال و الوديان و في كل موقع..

اتقدم إليكم ببرنامجي الانتخابي كمرشح مستقل للدائرة (70)..
منطلقا من بين أوساطكم.. أحمل معاناتكم.. آلامكم و آمالكم, بروح الوفاء لسمرة الجبال والجباه و السواعد والأقدام المتعبة من معاناة رحلة الحياة، والبحث عن حياة أفضل في وطن سعيد.
إليكم جميعاً أتقدم ببرنامجي الانتخابي الذي آمل به نيل ثقتكم لعضوية مجلس النواب.. معاهدا إياكم بأني سأتحمل المسئولية بأمانة و وفاء و إخلاص.. خدمة للوطن والمواطن و بناء تجربة برلمانية زاخرة بالقدرات والكفاءات المخلصة، بروح الثورتين .. ووطن 22 مايو 1990م..
و برنامجي كالتالي:

أولاً: العمل على تفعيل و تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب, ومحاربة ظاهرة الفساد دون هوادة، واستنصال شأفتها, وردع كل من يمارس أو يحمي أو يشجع على استمرارها..

ثانياً: الحفاظ على وحدة الوطن وسيادته واستقلاله ومقدراته, والعمل الجاد من أجل بناء الدولة اليمنية الحديثة..

ثالثاً: توسيع وتعميق ممارسة الديمقراطية، والتعددية السياسية والحزبية، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، والدفاع عن الحريات العامة والخاصة, والدفاع عن مبادئ وحقوق الإنسان، وتطوير أجهزة القضاء، وتسهيل إجراءات التقاضي، وتطوير القوانين والتشريعات بما يحقق تلك الأهداف.

رابعاً: الوقوف ضد أي سياسات أو إجراءات قد يؤدي إقرارها إلى إلحاق الضرر بمصالح الوطن والمواطنين.

خامساً: تعزيز دور ومكانة السلطة المحلية ومساعدتها ودعمها من أجل تحقيق أهدافها وبرامجها الموجهة إلى خدمة المواطنين في نطاق الدائرة وارتباطها بهم.

سادساً: العمل مع السلطة المحلية في الدائرة و الجهات ذات العلاقة لمتابعة الخدمات الاجتماعية لأبناء الدائرة ومتابعة إنجاز المشاريع المتعثرة.

سابعاً: الانحياز للفقراء و المعدمين، والعمل بما يخدم تحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال المشاركة الفاعلة في مناقشة وإقرار الخطط والبرامج والاجراءات الاقتصادية والموازنات المالية السنوية للحكومة.

ثامناً: توسيع شبكة الضمان الاجتماعي بالدائرة، وزيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية، وزيادة عدد الحالات المستفيدة، وضمان إيصال المخصصات إلى مستحقيها بطرق ميسرة.. والإسهام في دعم و توسيع مشاريع و أنشطة التنمية الريفية وحماية البيئة, وبرامج الأمومة والطفولة والأسرة المنتجة.

تاسعاً: الاهتمام بأوضاح المرأة والدفاع عن حقوقها, وفي مقدمتها حقها في التعليم والعمل والتعبير والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. ودعم المنظمات الأهلية والرسمية العاملة في هذا المجال.

عاشراً: تشجيع الأنشطة الشبابية والطلابية، والعمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على توفير مستلزمات و إمكانات ممارسة هذه الأنشطة على مستوى الدائرة.

حادي عشر: تشجيع العمل الخيري التعاوني ودعمه, ومساندة منظمات المجتمع المدني, والعمل على انتشارها, والمشاركة بجدية للدفاع عنها، واستصدار القوانين والتشريعات الكفيلة بحمايتها و تطويرها.

ثاني عشر: نشر قيم التسامح و التكافل الاجتماعي ونبذ العنف والتطرف والتعصب والنزعات المناطقية..

ثالث عشر: الاهتمام بأوضاع المناطق المحرومة في الجمهورية، ومنها دائرتنا، واعطائها الأولوية في التنمية، وخصوصاً في مجال المياه و الكهرباء و الطرقات و التعليم.

أنتهى
***

يتبع
بعض من تفاصيل حياتي
(5)
لم نكذب ولم نحنث بعهد
احمد سيف حاشد
كنت أدرك معنى أن أكون صادقا مع نفسي ومع الناس في واقع يستسيغ الأكاذيب، ويروج فيه النفاق والأباطيل.. واقع لطالما ربح فيه الكاذبون، وخسر فيه الصادقون أقدامهم بعد أن أدركتها الخيبات الكبار.. الصدق كما يقول أفلاطون بالنسبة للجزء الأكبر من البشر هو أقل ربحية من خيانة الأمانة.. وأكثر الناس باتوا مأسورين أيضا بفن الخطابة، وأنا فاشل فيها، وفي الخطابة يقول الشاعر محمود درويش إن الصدق فيها زلة لسان..

كنت وأنا أصدق القول أعرف أن الصدق ربما يكون فيه اقتحام مجازف يجلب على صاحبه جم الفشل، ويعود مع صدقه مثقلا بالخيبة واليأس، ومعه كثيرا من الهم والغم والنكد.. لطالما احتملتُ أن صدقي قد يجلب لي في النتيجة خيبة صادمة، قادرة على ابتلاعي بعجل وسرعة.. ألم يقل عبد الرحمن الكواكبي: "الصدق لا يدخل قصور الملوك"، ومثل هذا أظنه ينطبق أيضا على البرلمان الذي أتحدث عنه..

كنت أدرك أن ثمن الصدق ربما يكون مميتا وقاطعا كالسيف، أو باهض الثمن وبالغ الكلفة حد الهزيمة.. أعلم أن الصدق في حضرة الوعود الكاذبة يصادم أمنيات الأكثرية، وأن أنصار الصدق غير المكلل بالوعود والأمنيات الكاذبة قليلون، وأنصار الصدق المُر أقل من هذا القليل وأندر.

ولكني في نفس الوقت، وبنفس القدر، كنت أدرك، إن الكذب وخيم، وبالغ في السوء وفيه كثيرا من الغدر واللؤم والنذالة.. إنه خبث خبيث، ومن الكبائر، وحبله قصير، ووعده في النتيجة للواثقين بصدقه صادم ومُهلك..

"فوكنر" احد أشهر الكتّاب في الأدب الأمريكي رهن تغيير العالم بالصدق وعدم الخوف، ورفع الصوت من أجل الصدق والحقيقة، وضد الظلم والكذب والطمع.. فيما الروائي واسيني الأعرج يرى كل شيء يحتمل فرصة ثانية, إلا الصدق والثقة, عندما تنهار لن تعود، ولو منحت ألف فرصة.. وأقل ما يمكن أن نقوله بصدد الوعود الكاذبة، ما قاله الشاعر دعبل الخزاعي:

“ولا خيرَ في وعدٍ إِذا كان كاذباً … ولا خيرَ في قول إِذا لم يكن فعلُ”

عندما كان غيري يكيل الوعود كيلا لناخبيه، كنت حذرا جدا من كيل الوعود، وأكثر حذرا من استسهال اطلاقها، لأنني أعرف مهمة عضو مجلس النواب، ومهام المجالس المحلية، وفقا لنصوص الدستور والقانون.. وزائد على هذا أدرك صعوبة تحقيق الوعود في بلاد مثل اليمن، وادرك أيضا أن العضو المستقل لن تسير أموره كما يشتهي ويرتجي إن أصر على استقلاليته، والأرجح أن تجري الأمور معه على نحو معاكس، أو كما قال الشاعر: “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”..

ولذلك كانت وعودي فيما يخص تحقيق المشاريع للأهالي مبنية على قاعدة وافتراض أسوأ الاحتمالات، أو على مقولة نابليون بونابرت “أفضل طريقة للالتزام بالوعد هي ألا تعد بشيء”.

كنت أعي ان الحذر في قطع الوعود للناس ليس تنصل أو تهرب من المسؤولية، بل هو من باب الإحساس المسؤول، والشعور العميق بالمسؤولية، وجسامتها، وادراك مدى أهمية أن يفي المرء بما وعد، وأن يكون المرء جديرا بوعده، ويكون بمستوى تحدي ذلك الوعد.. وتحضرني في هذا الصدد مقولة جان جاك روسو: “أبطا الناس في قطع الوعد، هم دوما الأكثر اخلاصا في الوفاء بالوعد”.

*

بين الأمس واليوم سبعة عشر سنة مضت تغيرت فيها الأحوال كثيرا، وعصفت بها العواصف وانقلب بعضها رأسا على عقب، ولم نتغير إلا إلى الأفضل.. لم ننقلب على عهد منحناه، ولم ننكث بوعد قطعناه، وظل صدقنا حاضرا معنا في كل الأحوال والتبدلات والعواصف..

كلفنا صدقنا الكثير من الخسران والفقدان، إلا أن اتّباع الحق كان أهم وأولى رغم الخسارة التي عددناها انتصارا غلبنا فيه ضعفنا.. لطالما أنعقد على الضمير رهاننا وأنتصر .. لطالما أنتصرنا على ذاتنا وإن شهدنا بعض صراع واحتدام..

كثيرا ما تم قطع قولنا أو مقاطعته، ولطالما مقص الرقيب أمتد واعتدى طوال تلك السنين على ما نقول؛ لأنه فقط نال من السلطة ما لا تحتمل..

الحقيقة ترعب من يريد حجبها عن الناس.. وحبل الكذب مهما تمادى وطال أثبتنا أنه قصير ووهن الحيل.. وسلطة لطالما ذهبت إلى تزييف وعي شعبها بأكاذيبها، أدركها صدقنا الذي أثبت كم هي هشة وخاوية.. الحقيقة تظل أقوى منهم حتى وإن داراها الكاذبون يوما أو سنة او بعض سنين..

مهما أدّعت السلطة إنها قوية إلا أنك تكتشف في لحظة ما كم هي هشة وخاوية.. دقيقة ونصف من الحقيقة الصادقة تكفي أن تفعل فيها، ما لم تفعله ألف قناة ومذياع، وألف خطبة طويلة..

سينتصر القلم في نهاية المطاف على مقصات الرقيب الذي لا يجيد القراءة والكتابة، وعلى سواطير إعلام السلطة القامعة، وأبواق عبيدها وعبيدهم.. سينتصر القلم على الف قمع والف حكم وسلطة.. ولطالما كلمة صدق انتصرت على الف بندق ومدفع..

*

يتبع
بعض من تفاصيل حياتي..
Forwarded from احمد سيف حاشد
(6)
أردتُ أن أكون مختلف !
احمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=719606878994241&id=100028348056925
حرصتُ وبذلت ما في الوسع من جهد أن لا أكون حالة مكررة.. الكاذبون والتافهون كثيرون، وهم مكررون ويتكاثرون كالفطر في ظروف وبيئة داعية إلى تكاثرهم حد التزاحم والاكتظاظ... واجهة المسرح يستأثر بها الكاذبون.. يستولون على المنابر، ويستأثرون بالخطابة، ويستولون على وسائل الإعلام التي تصنع نجوميتهم الكاذبة في إطار أجندات تغتال أحلام شعبهم..

وفي المقابل يتم وأد الصادقين قبل أن يبدأوا شق طريقهم الشاق والطويل والملغوم بالاحتمالات السيئة، والنحوس التي تلاحقهم أينما سلكوا.. إنهم متعبين ومنحوسين الطالع أكثر من غيرهم.. يصلون إلى القليل بمشقة بالغة.. يتم إثقالهم بكل ثقيل حتى تُقطع أنفاسهم في أول خطوة من مشوار الألف ميل.. تنعدم أمامهم الفرص المتساوية بغيرهم ممن لا يستحقونها.. وعند وقوعهم أو فشلهم لظروف أكبر منهم تتم المسارعة إلى إهالة التراب عليهم، لتغييب وجودهم عن الوجود.. يحاصرونهم ويحصرون الخيارات أمامهم، أمّا أن يستسلموا ويسلموا معهم كرامتهم وإنسانيتهم وحرياتهم، أو يرحلو بحزن ثقيل، تاركين في حلوقنا غصص لا تنتهي، وفي نفوسنا مياتم وحزن يطول، على درب لازال شاقا وطويلا..

أنا حالم إلى أقصى مدى.. متمرد على هذا الواقع السيء الذي يريد أن يفرض شروطه الثقيلة على إرادتي وأحلامي الندية.. لا أرغب في إعادة إنتاج نفس المشهد المكرر والمٌستهلك، أو أكون بعض منه لا حول لي ولا قوة..

لا يروقني استجرار الماضي والموت فيه، ولا قولبة الحاضر بالماضي المهترئ والمتهالك.. أسأم التكرار ومحاكات ما صار مملا، أو متأكلا، أو ما "أكل عليه الدهر وشرب"..

منذ البداية تقتُ إلى التميّز والتفرد ، وقول الذي قال:"لا في وجه من قالوا نعم".. أردت أن أكون مستقل بحق وحقيقة، وعيا ووجودا.. عقلا ووجدانا، أو هذا على الأقل ما بحثت عنه، وتطلّعت إليه في واقع فاسد ومفسد.. ترشحت ووعدت إنني سأترشح للبرلمان لمرة واحدة لن أكررها، وقررتها لكسر احتكار طال.. وأكثر من هذا حرصت أن أكون صادقا في واقع كذوب..

***

حملتي الانتخابية والإعلامية أريدها أن تتميز.. أريد شيء مختلف عن الجميع.. التكرار يصيبني بالملل والسأم وفقدان الذات.. نعم.. أريد التفرد والتميز في كل شيء، ولكن ما هو متاح وممكن محدود، ولا يوفر شروط ما أروم.. العين بصيرة واليد قصيرة، والمتاح محدود.. ولكن لا بأس.. لدي ما يفتقده الكثير ممن يتسابقون.. لدي ما ليس لدى الآخرين..

لدى الصدق والوفاء والانتماء للناس.. أتطلع إلى ما هو إنساني، وما ينسجم مع المستقيل الذي أنشده.. ولدي القدرة على أن أوظف القليل لتحقيق الكثير.. سأبذل جهدي وأستفيد من القليل وأوظفه إلى أقصى حدود الممكن.. هكذا حدثت نفسي وهكذا كان التحدّي.

أريد أن أصل بكثافة إلى عقول ووجدان الناس.. أريد أن أكسب حبهم إلى أقصى مدى ممكن.. أريد أن أشعرهم بحقيقة انتمائي لهم.. لن أتنكر لهم ما حييت.. أريد أن يشعروا أنني واحد منهم، وسأكون دوما منحازا لهم ولقضاياهم العادلة.. منحازا للفقراء والغلابا والمكدودين.. مناهضا للفساد والإفساد، ولانتهاكات الحقوق، ومدفعا عن الحريات، وقد كانت تلك القضايا من أهم وأبرز ما تضمنه برنامجي الانتخابي المعلن للناخبين..

ترشحت بنية خالصة، وبحب جارف للناس، أريد أن أكون صادقا معهم من البداية.. لا أخدعهم ولا أكذب عليهم، ولا أجازف في كيل الوعود، ولا أوزع لهم الوهم، كما يفعل الكثيرون..
في حملتي الانتخابية، كنت صادقا مع الناخبين، وحريصا أن أقول لهم: أنني لا أوعدكم بشيء، ولكني سأبذل قصار جهدي.. وأستدرك: لا أريد أن أكذب عليكم، ولكني أوعدكم ببذل ما في الوسع من جهد وقدرة..

وعدتهم أني سأخوض المنافسة للمقعد البرلماني مرة واحدة فقط، وأن لا أترشح لهذا المقعد مرة ثانية وأنا جديرا بوعد كهذا.. أريد أن أكسر احتكار تمثيل دام ثلاث دورات نيابية متلاحقة.. لا أريد أن أصل للبرلمان لتكوين ثروة، أو ملك عقار، أو امتلاك المال الوفير يخلعني عن الناس ويلهيني عن معاناتهم.. بل سأكون مديونا يقضي ديونه خلال فترة دورته الانتخابية تلك.. وقد كان هذا ما حدث بالفعل..

وعدتهم أن لا أعاود الترشيح لمجلس النواب مرة ثانية، وهو التزام اخلاقي ثقيل، أعرف تماما ضرورة الالتزام به.. إنه تحد كبير أدرك معناه، وأهمية الوفاء به.. لا أظن أن هناك نائبا قدم هكذا وعدا، واستعد لخلع نفسه قبل الوصول وبعد الوصول، ولكن كانت للأيام أقدارها..

شعاري الانتخابي كان ملخص ومكثف في عبارة “انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل عليكم” وهو على الأرجح عنوان مقالة كتبها صديقي الصحافي عبدالله عبدالإله في عام 2003، والذي عودني الالتقاط الجاذب، والقدرة على مخاطبة وجدان الناس وعقولهم، والغوص في أعماقهم ومعرفة ما يدور في خلدهم.. لقد أخترت هذا الشعار اللافت دون سواه..

“انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل عليكم” وعدا لم أستسهله، وكنت أعلم كلفته، ول
Forwarded from احمد سيف حاشد
ن أتهاون في تحقيقه، ولن أتراجع عنه مهما كانت متاعبه وكلفته التي قد تصل إلى دفع الروح بسخاء وامتنان.. إنه شعار وجدته بعض مني ينبض فيني، وينسجم مع موقفي الإنساني والحقوقي والضوابط الأخلاقية التي أعتنقها، وأنحاز إليها وبما يتماشى مع المستقبل الذي أنشده..

تم توزيع الشعار مقرونا بصورتي التي تحمل المعاناة كلها.. أما الشعار فوجدته كثيف المعنى طغى على ما عداه .. لقد كان شعارا آسرا إلى حد بعيد.. أحسست أنني أتنفسه، وأنه يعبر عما يجيش في أعماقي، وما ينبض به قلبي، ويستحق الوفاء حد الموت..

***
يتبع
بعض من تفاصيل حياتي
بين الأمس واليوم سبعة عشر سنة مضت تغيرت فيها الأحوال كثيرا، وعصفت بها العواصف وانقلب بعضها رأسا على عقب، ولم نتغير إلا إلى الأفضل.. لم ننقلب على عهد منحناه، ولم ننكث بوعد قطعناه، وظل صدقنا حاضرا معنا في كل الأحوال والتبدلات والعواصف..

كلفنا صدقنا الكثير من الخسران والفقدان، إلا أن اتّباع الحق كان أهم وأولى رغم الخسارة التي عددناها انتصارا غلبنا فيه ضعفنا.. لطالما أنعقد على الضمير رهاننا وأنتصر .. لطالما أنتصرنا على ذاتنا وإن شهدنا بعض صراع واحتدام..

كثيرا ما تم قطع قولنا أو مقاطعته، ولطالما مقص الرقيب أمتد واعتدى طوال تلك السنين على ما نقول؛ لأنه فقط نال من السلطة ما لا تحتمل..

الحقيقة ترعب من يريد حجبها عن الناس.. وحبل الكذب مهما تمادى وطال أثبتنا أنه قصير ووهن الحيل.. وسلطة لطالما ذهبت إلى تزييف وعي شعبها بأكاذيبها، أدركها صدقنا الذي أثبت كم هي هشة وخاوية.. الحقيقة تظل أقوى منهم حتى وإن داراها الكاذبون يوما أو سنة او بعض سنين..

مهما أدّعت السلطة إنها قوية إلا أنك تكتشف في لحظة ما كم هي هشة وخاوية.. دقيقة ونصف من الحقيقة الصادقة تكفي أن تفعل فيها، ما لم تفعله ألف قناة ومذياع، وألف خطبة طويلة..

سينتصر القلم في نهاية المطاف على مقصات الرقيب الذي لا يجيد القراءة والكتابة، وعلى سواطير إعلام السلطة القامعة، وأبواق عبيدها وعبيدهم.. سينتصر القلم على الف قمع والف حكم وسلطة.. ولطالما كلمة صدق انتصرت على الف بندق ومدفع..

***
يتبع 5
ما يحدث ضمن ما يحدث في اليمن سياسة إفقار ممنهجة تتضمن القضاء تماما على الطبقة الوسطى (قضاة ومحاميين ومعلمين وأساتذة جامعات وأطباء وصيادلة وكوادر، وأصحاب مهن حرة، وغيرهم ممن هم في حكمهم) وتجريفهم إلى جحيم الفقر والجوع والمجاعة، واستبدالهم بشريحة انتهازية، نفعية، وصولية، فاسدة، غير وطنية، تستسهل الخيانة والتبعية والارتهان والأنقياد العبودي الذليل..
هل بقي من يعي..؟!! هل من رشد أو حرص أو عقل؟! "أليس منكم رجل رشيد؟! تقنين الكوارث خطر على الوطن وعلى المستقبل !!

ملاحظة من أحد القضاة بشأن التعديلات التي يجري تمريرها في مجلس النواب.. أوردها هنا كما وردت نصا:

"فصل القول ان توقيت إجراء هذه التعديلات كارثي بكل المقاييس بغض النظر عن بواعث طرحها الان وحسن نوايا من اقترحها. فهي تمثل مسلك كارثي يؤكد فعلا التقسيم والتشطير لليمن وستخلق في حال إقرارها إشكالات قانونية وتناقضات لا حصر لها في الأحكام القضائية وما ينتج عنها من مراكز قانونية الخصوم.. يصعب مستقبلا معالجتها او احتوائها.."
التعديلات القانونية لقانوني المرافعات والإجراءات الجزائية المنظورة أمام "مجلس النواب" جاءت بالمخالفة للدستور حيث لم تقدم من "الحكومة" إلى "مجلس النواب" بل ولم تناقشها، ولم تقر تقديمها، ولم تبد "وزارة الشؤون القانونية" رأيا فيها، بل ربما لم تعلم بها "الحكومة" أصلا، وهي الجهة التي لها حق المبادرة التشريعية، وتقديم مشاريع التعديلات والقوانين.. أما تقديمها من قبل "زارة العدل" إلى مجلس النواب خلافا لما هو متبع وساري، بل ودون أن تسلك الطرق الدستورية، قابلة للطعن فيها من أصغر محامي".
وقد علمت أن بعض الجهات القضائية المعنية، قد شرعت في الإعداد للطعن فيها أمام "المحكمة الدستورية".
هذا فقط إذا افترضنا شرعية ما يحدث..
كارثة على أبواب القضاء
نحن أمام كارثة تشريعية وليس أمام تعديلات قانونية لو كانوا يعلمون..

من أخطر المواد المدرجة في تعديلات المرافعات مادة "أحمد حامد" التي غيرت رئيسين للمحكمة الإدارية هما القاضي الجنيد والقاضي مسفر الزراع..

هذه المادة من أخطر المواد المقدمة لمجلس النواب بل سابقة لم يشهدها قضاء في العالم..
إنها سابقة تشريع ربما لم نشهد مثلها من قبل النبي ولن نشهد مثلها من بعد.

النص في تعديله للمادة 487 لا يجيز تنفيذ الحكم على الدولة إلا إذا كان المطلوب تنفيذه باتا، وهو نص يميز الدولة كمطلوب تنفيذ ضده وبين المواطن الذي تنفذ ضده الدولة بحكم نهائي وليس بات..

الدولة في كل دساتير العالم وقوانينها شخصية اعتبارية ومركزها القانوني في العقود يفترض أن تتساوى مع الطرف الآخر كان شخص طبيعي أو شخص اعتباري من حيث الحقوق أو المركز القانوني في إجراءات التقاضي والتنفيذ..

وزائد على هذا هناك نص تعديل آخر يجعل من تنفيذ الحكم الصادر على الدولة يحتاج إلى سنوات وليس أشهر للتنفيذ..

وأكثر من هذا يحتاج التنفيذ أن يدرج المحكوم به ضمن موازنة الدولة، وإذا فات عليك العام انتظر العام الذي بعده وانتظر وعود وزارة المالية والموازنات العامة للحكومة وتقسيط تنفيذ الأحكام بما يجعل تنفيذ الأحكام ضد الدولة أشبه بالمستحيل إن لم يكن هو المستحيل ذاته.. ثم يقولون لك إن التعديلات قصد بها تسريع إجراءات التقاضي والحصول على الحق بيسر وسهولة..

بعد هذا يكون السؤال الأهم:
من سيتعاقد مع الدولة غير الفاسدين فيها القادرين أن يحملون الدولة على التنفيذ؟!
من هذا الذي سيقاول أو يبرم عقد مقاولة مع الدولة مثلا في حال سريان هذه التعديلات؟!

من المجنون الذي سيفكر بالاستثمار في اليمن على فرض إقرار هذا التعديل غير الفاسدين ولوبي الفساد مع السلطة التي يسمونها دولة؟!!

وأكثر من هذا من الذي من المواطنين سيتجرأ يقاضي الدولة بعد نفاذ هذا التعديل؟!
ستحتاج إلى سنوات، وربما إلى جيل أو جيلين لتقاضي الدولة، وتتكرم هذه الدولة على تنفيذ الحكم الصادر ضدها وبالشيء الفلاني أو بالتقسيط المريح..

إننا نعيش كارثة تشريعية بحق وحقيقة لو سُمح لهذا الجنون أن يمر..

لوبي الفساد في السلطة هو وحده المستفيد من هذا التعديل أما المواطن أو الأشخاص الاعتبارية فعليهم عند التعاقد أن ينص العقد على المقاضاة عند الاختلاف وفق القانون الفرنسي أو البريطاني في القضاء الدولي ليحموا حقوقهم في العقود أما المواطن فله الله فقط..

ألم نقل لكم "جهال حصلوا دولة يلعبوا بها.. وشعب عرطة يلعبوا فيه.."
استبعاد المنتدى القضائي ونقابة المحامين من مناقشة مشروع التعديلات القانونية المقدمة إلى مجلس النواب إنما هو بعض من المخاتلة التي تستهدف القضاء اليمني برمته..
ليس هناك تفسير آخر..
كان باقي لدينا القضاء التجاري والإداري بمستوى جيد، بل كان طفرة متقدمة في القضاء اليمني..
بالتعديلات المقدمة إلى "مجلس نواب صنعاء" نكون قد حفرنا له القبر، وسرنا في طريق القضاء على هذا القضاء النوعي والمتخصص، وأهلنا عليه التراب، ووأدناه بجهل أو بفساد أو بخبث اللئام..
التعديلات القانونية المقدمة إلى مجلس النواب تعمد إلى التأييس من تنفيذ الأحكام ضد الدولة..

في عهد صالح قاضينا الدولة وحصلنا على أحكام ضد الدولة أو خلصنا إلى بعض حق..
في عهد الإصلاح وحكومة الوفاق رفعنا دعاوى ومن ضمنها دعاوى الجرحى وحصلنا على بعض حق..

ومع ذلك تم بعدها خنق القدرة على المقاضاة بالرسوم القضائية الكبيرة التي جاءت على حساب الفقراء الذين لم يستطيعوا المقاضاة، وهم مثقلين بهمهم اليومي، واستفاد من تلك التعديلات من جاء بعدهم..

أما اليوم فيتم فوق هذا وذاك قطع الطريق بتأييس من يلجأ إلى القضاء في الحصول على تنفيذ حكم ربما لن يطوله بعد سنوات طوال من المتابعة والنزيف..