الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جميلة شحادة : هدية ليست بالبريد المستعجل
#الحوار_المتمدن
#جميلة_شحادة أذكر ذلك اليوم جيدًا، كان يوم أربعاء من أيام أيار الحارة، وكانت الساعة قد تجاوزت الخامسة مساءً بعشر دقائق. كنت أجلس وراء مكتبي في غرفتي أصارع حلّ المعادلات الرياضية استعدادًا للامتحان في اليوم التالي، وكنت حينها في الصف الثامن. وكأن قلقي من امتحان الرياضيات لم يكن كافيًا، ليدخل والدي عليّ بهيبته ووقاره، حاملًا بيده مظروفًا بلون ورديّ. رفعتُ بصري عن الدفتر الذي أمامي، نظرتُ إليه، رأيت المظروف الوردي بيده، ولمحتُ ابتسامة مرتسمة على شفتيْه. أيقنتُ أن المظروف لي، لكنّي أجهل مرسلُه. ربما مرّت بضع ثوانٍ، وربما دقيقة، لا أعرف كم من الوقت مرَّ قبل أن أتنبّه لحديث والدي إليّ. لقد تزاحمتِ الأسئلة في رأسي عمّن يكون مُرسل الرسالة التي حملها إليَّ والدي العزيز بنفسه هذه المرة، هل هو ابن الجيران؟ لا! هذا مستحيل؛ فالحي الذي أسكنه لا يعرف فيه الجار جاره. هو حي بَعدَت فيه البيوت عن بعضها في آواخر سنوات السبعين من القرن العشرين، حتى وصلت بين البت والآخر مسافة نصف كيلومتر مربع، وربما أكثر، وربمّا أقل. على أي حال، ليس هذا هو السبب، أو على الأقل ليس السبب الوحيد؛ فكم من مرة سمعت أمي تقول: "مصر على المشتاق ليست بعيدة "، ردًا على قريبات أبي عندما كنَّ يتحججن لها ببعد حيّنا عن حيِّهن الذي يسكنوه في الناصرة، وأن هذا البعد هو سبب قلة زيارتهن لها. وعدت أخمن مَن هو مرسل الرسالة؟ هل هو أحد أبناء صفي؟ لا أظن. هل هو من إحدى صديقاتي في النادي؟ لا أظن، فلو كان كذلك لأخبرتني المرسِلة بنيتها الإرسال قبل أن تصلني الرسالة، وكان هذا الأمر متبعًا بيننا. قطع والدي عليّ ظنوني وتخميناتي وتفكيري، عندما سمعته يسألني وابتسامته الجميلة ما زالت تعلو شفتيه، ويمد لي بذات الوقت، يده لأتسلم المظروف: "مِنْ وين بتعرفيها؟ هاي من هيليسنكي يابا. تفاجأتُ بما سمعت. تناولت المظروف، فتحته، قرأت الرسالة التي فيه، وكانت قصيرة جدًا، وقد كُتبت باللغة الإنجليزية: - مرحبًا جميلة! أنا ريكي، ويسرّني مراسلتكِ. تذكّرتُ حينها، أن معلمة اللغة الإنجليزية قد أحضرت لنا مجلة قبل شهرٍ تقريبًا، فيها إعلان لطلب مراسلات أفراد من جيلنا من خارج البلاد باللغة الإنجليزية، شرط أن يكون لنا ذات الهوايات. وكان هدف المعلمة، كما أخبرتنا، هو تقوية ملَكة اللغة الإنجليزية عندنا. بالأمس، فتحتُ صندوق بريدي بعد غياب شهرٍ عنه، فلا حاجة لي بفتحه في يومنا هذا وفي ظل وجود وسائل التواصل الكثيرة والمختلفة، بالرغم من أنني ما زلت محتفظة به، وأدفع رسومه سنويًا، وأرفض أن أستغني عنه. تمامًا كرفضي الاستغناء عن الهاتف الأرضي، رغم عدم استعماله. "عصفورٌ من الشمس" كان ينتظرني في صندوق بريدي عندما فتحته بالأمس. وعصفورٌ من الشمس، هو إصدار للأستاذ محمد بدارنة يحوي بين طياته مختارات إبداعية، قيّمة لعددٍ من المبدعين. فرحتُ بهذه الهدية المميزة، وفرحت بإعادتها لي الى زمنٍ جميل، زمن المراسلات والرسائل، زمن الأغلفة الملونة، وزمن هواية جمع الطوابع، وزمن تكبد عناء الوصول الى مكتب البريد في ساحة عين العذراء في الناصرة لإرسال الرسائل. لقد أعادتني الى الحدث الذي ذكرته في البداية وهو غيض من فيض. لقد أعادتني الى زمن الشوق وانتظار وصول الرسائل، والى شوق أمي "الغريبة" الى وصول رسائل من أفراد عائلتها، التي كانت تتسلمها عادة بيدها، بعد أن تكون قد ملّت هذه الرسائل من كثرة التجوال بين الأيادي وتنقّلها من يدٍ الى يدٍ الى يدٍ حتى تصل الى يدها المحطة الأخيرة. كانت هذه الرسائل عبارة عن بطاقة تتسلمها أمي بكثير من اللهفة، وقد ظهر فيها رسم أحد إخوتها مع ......
#هدية
#ليست
#بالبريد
#المستعجل

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751752