#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٤)
5⃣
● بعد ذلك (واذكر ربك إذا نسيت) الأمر بالذكر هذا هل هو من ذكر الله باللسان؟ أم من الذُّكر بالقلب؟ طيب ما الفرق بين ذكر الله وبين الذُّكر؟
ذكر الله باللسان قد يكون معه القلب، قد يكون مع اللسان القلب، أو قد يحرك اللسان القلب، أو قد يتواطأ القلب مع اللسان. فهذا أمر محمود. لكن الذكر له لازم، الذي نسميه لازم المعنى، تعرفون لازم المعنى؟ يعني هناك معنى وهناك لازم المعنى. لازم المعنى: هو الشيء الذي يلزمك طالما أنك فعلت هذا أو قلت هذا. بمعنى أن الذُّكر بالقلب ليس معناه أن اللسان يتحرك بذكر الله وإنما معناه الامتثال لأمر الله. يعني مثلا (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله) هل ذكر الله هنا بمعنى أنهم ذكروا الله بلسانهم مع حضور قلوبهم؟ لا، ذكروا الله بمعنى امتثلوا أمره واجتنبوا نهيه فأقروا بالخطأ، وأقروا بالندم فاستغفروا. ولذلك أعقب الله قوله (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) إذن ذكر الله بالقلب هو لازم ذكر الله باللسان. فلا ينبغي للمؤمن أن يذكر الله بلسانه ولا يلتزم ولا يمتثل أمر الله ونهي الله في هذه المسألة.
وأيضا في قوله (واذكر ربك إذا نسيت) تعطينا علاجا للغافل الناسي. فالإنسان يغفل أحيانا بمعنى ينسى، فعلاج الغفلة الذي هو النسيان كثرة ذكر الله. فإذا ذكرت الله كثيرا فإنك تجنب نفسك أمر النسيان، ولذلك قال الله تعالى (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) كأن الذي لا يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو غافل لأن الله قال في نهاية الآية (ولا تكن من الغافلين)، فعلاج الغفلة وعلاج النسيان كثرة ذكر الله تبارك وتعالى. وفي قوله (واذكر ربك) لم يقل (واذكر الله)، (ربك) وإضافتها إلى كاف الخطاب مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم فيها كمال الملاطفة وكمال التودد، وكمال اللطف في التعبير، وفي العتاب للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يعلمه ها هنا أنك لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وإذا نسيت فاذكر ربك إذا نسيت.
(وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا) (وقل عسى) الجملة هذه إما أن تكون عطفا على (واذكر ربك إذا نسيت) يعني واذكر ربك إذا نسيت وأطلب منه وقل له عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا، وقد تكون عطفا على (فلا تمارِ فيهم إلا مراء ظاهرا) (وقل عسى أن يهدين ربي) وهذا هو المعنى الذي استنبطنا منه ألا تشغلوني بما لا يفيد، يعني النبي صلى الله عليه وسلم رب العباد يعلمه أن يقول لهم لا تشغلوني بما لا يفيد، أنتم طلبتم شيئا من قصة أهل الكهف فمهمتي الآن أن أبلغكم أمر الله ونهي الله هذه هي المهمة الأولى، أما كوني أخبركم بقصص السابقين. مع ما فيها من فوائد - كما قلت- يعني فيها دلالة على قدرة الله على البعث، وفيها دلالة على حفظ الله لهم، وفيها دلالة على صدق النبي صلى الله عليه و سلم في الوحي الذي يُنزل عليه من ربه إلى آخره، يعني فيها دلائل لكنها ليست مفيدة كفائدة تبليغ أمر الله.ونهي الله تبارك وتعالى، لأن هذا هو الأصل.
(عسى) تفيد التأدب رجاء من الله تبارك وتعالى، وهي فيها تأدب مع الله جل وعلا.
وأتوقف ها هنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم ما تبقى في هذه الآية لأن لا يزال فيها كلام كثير.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الفهم والتدبر، وأن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول، فيتبعون أحسنه، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يغفر الله لوالدينا، وأن يرحمهم، وأن يغفر الله ويرحم مشايخنا، وكل من له فضل علينا، وأن يشفي الله مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يفرج الله همومنا، وأن ينفس كربنا جميعا. اللهم آمين. وصلِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--------------------
https://t.me/tadaborsoratalkah
5⃣
● بعد ذلك (واذكر ربك إذا نسيت) الأمر بالذكر هذا هل هو من ذكر الله باللسان؟ أم من الذُّكر بالقلب؟ طيب ما الفرق بين ذكر الله وبين الذُّكر؟
ذكر الله باللسان قد يكون معه القلب، قد يكون مع اللسان القلب، أو قد يحرك اللسان القلب، أو قد يتواطأ القلب مع اللسان. فهذا أمر محمود. لكن الذكر له لازم، الذي نسميه لازم المعنى، تعرفون لازم المعنى؟ يعني هناك معنى وهناك لازم المعنى. لازم المعنى: هو الشيء الذي يلزمك طالما أنك فعلت هذا أو قلت هذا. بمعنى أن الذُّكر بالقلب ليس معناه أن اللسان يتحرك بذكر الله وإنما معناه الامتثال لأمر الله. يعني مثلا (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله) هل ذكر الله هنا بمعنى أنهم ذكروا الله بلسانهم مع حضور قلوبهم؟ لا، ذكروا الله بمعنى امتثلوا أمره واجتنبوا نهيه فأقروا بالخطأ، وأقروا بالندم فاستغفروا. ولذلك أعقب الله قوله (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) إذن ذكر الله بالقلب هو لازم ذكر الله باللسان. فلا ينبغي للمؤمن أن يذكر الله بلسانه ولا يلتزم ولا يمتثل أمر الله ونهي الله في هذه المسألة.
وأيضا في قوله (واذكر ربك إذا نسيت) تعطينا علاجا للغافل الناسي. فالإنسان يغفل أحيانا بمعنى ينسى، فعلاج الغفلة الذي هو النسيان كثرة ذكر الله. فإذا ذكرت الله كثيرا فإنك تجنب نفسك أمر النسيان، ولذلك قال الله تعالى (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) كأن الذي لا يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو غافل لأن الله قال في نهاية الآية (ولا تكن من الغافلين)، فعلاج الغفلة وعلاج النسيان كثرة ذكر الله تبارك وتعالى. وفي قوله (واذكر ربك) لم يقل (واذكر الله)، (ربك) وإضافتها إلى كاف الخطاب مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم فيها كمال الملاطفة وكمال التودد، وكمال اللطف في التعبير، وفي العتاب للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يعلمه ها هنا أنك لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وإذا نسيت فاذكر ربك إذا نسيت.
(وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا) (وقل عسى) الجملة هذه إما أن تكون عطفا على (واذكر ربك إذا نسيت) يعني واذكر ربك إذا نسيت وأطلب منه وقل له عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا، وقد تكون عطفا على (فلا تمارِ فيهم إلا مراء ظاهرا) (وقل عسى أن يهدين ربي) وهذا هو المعنى الذي استنبطنا منه ألا تشغلوني بما لا يفيد، يعني النبي صلى الله عليه وسلم رب العباد يعلمه أن يقول لهم لا تشغلوني بما لا يفيد، أنتم طلبتم شيئا من قصة أهل الكهف فمهمتي الآن أن أبلغكم أمر الله ونهي الله هذه هي المهمة الأولى، أما كوني أخبركم بقصص السابقين. مع ما فيها من فوائد - كما قلت- يعني فيها دلالة على قدرة الله على البعث، وفيها دلالة على حفظ الله لهم، وفيها دلالة على صدق النبي صلى الله عليه و سلم في الوحي الذي يُنزل عليه من ربه إلى آخره، يعني فيها دلائل لكنها ليست مفيدة كفائدة تبليغ أمر الله.ونهي الله تبارك وتعالى، لأن هذا هو الأصل.
(عسى) تفيد التأدب رجاء من الله تبارك وتعالى، وهي فيها تأدب مع الله جل وعلا.
وأتوقف ها هنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم ما تبقى في هذه الآية لأن لا يزال فيها كلام كثير.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الفهم والتدبر، وأن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول، فيتبعون أحسنه، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يغفر الله لوالدينا، وأن يرحمهم، وأن يغفر الله ويرحم مشايخنا، وكل من له فضل علينا، وأن يشفي الله مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يفرج الله همومنا، وأن ينفس كربنا جميعا. اللهم آمين. وصلِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--------------------
https://t.me/tadaborsoratalkah
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٥)
1⃣
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله جل وعلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) بعد أن بين الله لنبيه هذا الحكم ألا ينبغي أن نقول لأي شيء سيكون في المستقبل سأفعل إلا أن أقرنه بالمشيئة. لماذا؟ لأني لا أملك الزمن، ولا أعرف ماذا سيكون في المستقبل بالنسبة لي، يعني إذا قلت سأعطيكم غدا كذا هل أنا أضمن أن أكون من أهل الدنيا غدا؟ هل أنا أضمن أني أتمكن من أن أعطيكم؟ ولذلك علمنا الله سبحانه وتعالى أن نعلق على المشيئة، لكن بالنسبة للأمر المستقبلي - وأنا أؤكد على ذلك- لأن أحيانا نستخدم (إن شاء الله) في غير موضعها. يعني أحيانا أسألك عن اسمك فتقول لي إسمي مثلا محمد إن شاء الله، هذا ما يجوز أن تقول: "محمد إن شاء الله" أنت تُخبر عن اسمك، عن شيء واقع، إنما إذا سألتك عن حدث في المستقبل فعلق على المشيئة.
(واذكر ربك إذا نسيت) يريد الله تبارك وتعالى أن يجعل القلوب متعلقة به دائما، وأن يجعلك متعلقا بالله جل وعلا (واذكر ربك) فيها أسلوب تودد وتلطف للنبي صلى الله عليه وسلم (واذكر ربك إذا نسيت) ثم أمره أن يدعو الله تبارك وتعالى راجيا من الله أن يهديه لأقرب من هذا رشدا (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) (عسى) هنا البعض يحدث عنده لبس ويظن أن (عسى) هنا إخبار من الله جل وعلا مثل -مثلا- (عسى ربكم أن يرحمكم) مثل، لكن هذه أمر من الله لنبيه يعلمه الرجاء، فهي ها هنا للرجاء لأن الله يعلم النبي ويعلم الأمة أن يلجؤوا إلى الله طالبين أن يهديهم ربهم.
■ (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) كلمة (رشدا) وردت في القرآن الكريم كثيرا، فورد في بعض المواضع قراءتان:
(رَشدا) و (رُشدا)
والبعض يرى أن (رَشدا) و(رُشدا) لغتان في الكلمة، لكن عندما نتدبر ورودها في القرآن الكريم ندرك أن (رَشدا) لها معنى يختلف عن (رُشدا) الرُشد -بالضم- معناه الصلاح في أمور الدنيا غالبا، ولذلك قال الله في شأن تسليم اليتيم ماله (فإن آنستم منهم رُشدا) فالرُشد هنا إن آنستم منهم صلاحا للتعامل في الدنيا والحياة، ولم يشترط الله جل وعلا لتسليم اليتيم ماله أن يكون صالحا دينيا.
وأيضا كلمة (رَشدا) تدل على الدين، الصلاح في أمور الدين، وصلاح الدين صلاح للدنيا طبعا ولذلك هنا في قوله (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) هنا لم ترد القراءة الأخرى، يعني وردت قراءة واحدة (رَشدا) فقط.
أما في قوله تعالى (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رُشدا) و(رَشدا) ورد فيها قراءتان لأنه طلب منه أن يعلمه أمور الدنيا وأمور الدين، أو الصلاح للدين والصلاح للدنيا.
1⃣
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله جل وعلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) بعد أن بين الله لنبيه هذا الحكم ألا ينبغي أن نقول لأي شيء سيكون في المستقبل سأفعل إلا أن أقرنه بالمشيئة. لماذا؟ لأني لا أملك الزمن، ولا أعرف ماذا سيكون في المستقبل بالنسبة لي، يعني إذا قلت سأعطيكم غدا كذا هل أنا أضمن أن أكون من أهل الدنيا غدا؟ هل أنا أضمن أني أتمكن من أن أعطيكم؟ ولذلك علمنا الله سبحانه وتعالى أن نعلق على المشيئة، لكن بالنسبة للأمر المستقبلي - وأنا أؤكد على ذلك- لأن أحيانا نستخدم (إن شاء الله) في غير موضعها. يعني أحيانا أسألك عن اسمك فتقول لي إسمي مثلا محمد إن شاء الله، هذا ما يجوز أن تقول: "محمد إن شاء الله" أنت تُخبر عن اسمك، عن شيء واقع، إنما إذا سألتك عن حدث في المستقبل فعلق على المشيئة.
(واذكر ربك إذا نسيت) يريد الله تبارك وتعالى أن يجعل القلوب متعلقة به دائما، وأن يجعلك متعلقا بالله جل وعلا (واذكر ربك) فيها أسلوب تودد وتلطف للنبي صلى الله عليه وسلم (واذكر ربك إذا نسيت) ثم أمره أن يدعو الله تبارك وتعالى راجيا من الله أن يهديه لأقرب من هذا رشدا (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) (عسى) هنا البعض يحدث عنده لبس ويظن أن (عسى) هنا إخبار من الله جل وعلا مثل -مثلا- (عسى ربكم أن يرحمكم) مثل، لكن هذه أمر من الله لنبيه يعلمه الرجاء، فهي ها هنا للرجاء لأن الله يعلم النبي ويعلم الأمة أن يلجؤوا إلى الله طالبين أن يهديهم ربهم.
■ (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) كلمة (رشدا) وردت في القرآن الكريم كثيرا، فورد في بعض المواضع قراءتان:
(رَشدا) و (رُشدا)
والبعض يرى أن (رَشدا) و(رُشدا) لغتان في الكلمة، لكن عندما نتدبر ورودها في القرآن الكريم ندرك أن (رَشدا) لها معنى يختلف عن (رُشدا) الرُشد -بالضم- معناه الصلاح في أمور الدنيا غالبا، ولذلك قال الله في شأن تسليم اليتيم ماله (فإن آنستم منهم رُشدا) فالرُشد هنا إن آنستم منهم صلاحا للتعامل في الدنيا والحياة، ولم يشترط الله جل وعلا لتسليم اليتيم ماله أن يكون صالحا دينيا.
وأيضا كلمة (رَشدا) تدل على الدين، الصلاح في أمور الدين، وصلاح الدين صلاح للدنيا طبعا ولذلك هنا في قوله (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) هنا لم ترد القراءة الأخرى، يعني وردت قراءة واحدة (رَشدا) فقط.
أما في قوله تعالى (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رُشدا) و(رَشدا) ورد فيها قراءتان لأنه طلب منه أن يعلمه أمور الدنيا وأمور الدين، أو الصلاح للدين والصلاح للدنيا.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٥)
2⃣
بعد ذلك يستأنف الله القصة مرة أخرى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين) هي القصة كانت قد انقطعت؟ نعم. من قوله تعالى (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) إلى قوله (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) هذا اعتراض بين القصة، ورب العزة استأنف إتمام القصة مرة أخرى: (ولبثوا) طيب (ولبثوا) الواو العاطفة هذه تُعطف على ماذا؟ تُعطف على (سيقولون ثلاثة ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا).
الله تبارك وتعالى يخبر هاهنا بالمدة التي مكثها ولبثها هؤلاء القوم في هذا المكان.
هل هناك فرق بين الفعل (لبث) والفعل (مكث) أو (مكث)؟ نعم.
(المكث) يدل على طول أمد.
و(اللبث) يدل على زمن ينتهي.
ولذلك نجد أن رب العزة عندما استعمل (لابثين فيها أحقابا) لأهل جهنم -وقانا الله وإياكم شرها- (لابثين فيها أحقابا) قيّد قوله (لابثين) بقوله (أحقابا) حتى لا يفهم الناس أن هؤلاء الكافرين سيكونون لابثين في النار فترة زمنية فقط، فأتى بكلمة (أحقابا) طيب الحُقب أو الحُقُب تقريبا مقدر بين ثمانين إلى مئة وعشرين سنة، يعني من 80 إلى 120 فهل قوله (أحقابا) يعني لابثين فيها مدة حقب فقط؟ يعني من 80 إلى 120؟
نقول لا، إنما الله جمع الأحقاب، يعني ليس حقبا واحدة، يعني في قصة موسى أيضا وفي سورة الكهف ستقابلنا (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا) أو (أمضي حقبا) يعني مدة من الزمن من 80 إلى 120.
رب العباد هنا في قوله (لابثين فيها أحقابا) جمع كلمة (أحقاب) ليقول إنها حِقب متجددة وهذا من العذاب المعنوي، ومن الإيلام المعنوي. لماذا؟ لأن الحقب إذا انتهى من ثمانين إلى مئة وعشرين يكون لديهم الأمل في الخروج والإنقاذ من النار. تعرفون لو أن سجينا مثلا محبوس -مثلا- وقلنا له أنت ستخرج بعد عشر سنوات هو جلس يعد الأيام والليالي وعندما اقتربت العشر سنوات من الانتهاء قلنا له لا، لقد جدد لك عشر سنوات أخرى، وكلما انتهت نقول له لقد جدد لك، لقد جدد، هذا هو معنى أحقابا، يعني جمع الله الأحقاب ليقل إياكم أن تفهموا أنه حقب واحد، لا، إنما هي أحقاب تتجدد لزيادة إيلامهم المعنوي، عندما يكون لديهم الأمل أنهم سيخرجون من النار فإذا بهم يدركون أن هناك فترة زمنية أخرى وهكذا. ونعلم أن الإيلام المعنوي أشد على النفس من الإلام الحسي. نعم هي حُقُب متكررة وهذا هو السر في جمعها.
الله يقول (ولبثوا في كهفهم) يعني مدة من الزمن، ما المدة يا رب؟ قال (ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا).
(ثلاثمائة سنين) أولا كلمة (سنين) هنا هل هي تمييز للعدد ثلاثمائة؟ يعني عندنا تمييز في اللغة يسمى تمييز العدد:
اشتريت مئة فدان، الفدان تمييز للعدد مئة
يحضر معنا مئة طالب، طالب تمييز للمئة.
لكن نلاحظ أن تمييز المئة والألف يكون مفردا، يعني لا أقول ثلاثمائة طلاب، لا، إنما يكون مفردا. فهنا استعمل رب العزة التمييز هنا جمعا لحكمة أرادها نحاول أن نفهمها من خلال سياق القرآن.
أولا: يستعمل تمييز المئة في اللغة جمعا وإن كان نادرا، إلا أنه استعمال فصيح، يعني هو استعمال فصيح لكنه نادر، فهذا من حيث اللغة.
لكن من حيث دلالة المعنى كلمة سنة تدل على المشقة، وتدل على المعاناة، بخلاف كلمة عام، يعني كلمة عام دائما تدل على الرخاء ولذلك (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) لماذا عند الخمسين قال (عاما) وعند الألف قال (ألف سنة)؟
لأن طبعا المدة التي لبثها فيهم وجد تعنتا منهم، ووجد تعبا شديدا وكان الرجل يأخذ ابنه لأن نوحا مكث فيهم 950 سنة، أي عاصر أجيالا متعاقبة، فكان الرجل يأخذ ولده ويذهب إليه ويقول له يا فلان لولده، يا ولدي هذا الرجل لا تطعه ولا تسمع له، يعني كان كل واحد يوصي أولاده، وبالطبع 950 سنة يعني كثيرة فقال الله (ألف سنة إلا خمسن عاما) الخمسين عام التي قضاها التي كانت قبل البعثة، يعني كانت بالنسبة له لا تعب فيها ولا تعنت فيها، ولا مشقة فيها. (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) يعني كلمة (عام) تستعمل في القرآن الكريم في الخير، إنما السنين والسنة تستعمل دائما في المشقة وفي التعنت، وفي الأيام العصيبة، ولذلك أيضا في قصة يوسف (فلبث في السجن بضع سنين).
فالله جمع كلمة (سنين) هنا ليبين أن هذا الجمع يدل على أنها سنين لم تكن سهلة بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا في الكهف لكن عناية الله بهم ورحمة الله التي نشرها عليهم لأنه قال (ينشر لكم ربكم من رحمته) نعم، (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) عقوبة. إذن (ثلاثمائة سنين)
2⃣
بعد ذلك يستأنف الله القصة مرة أخرى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين) هي القصة كانت قد انقطعت؟ نعم. من قوله تعالى (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) إلى قوله (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) هذا اعتراض بين القصة، ورب العزة استأنف إتمام القصة مرة أخرى: (ولبثوا) طيب (ولبثوا) الواو العاطفة هذه تُعطف على ماذا؟ تُعطف على (سيقولون ثلاثة ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا).
الله تبارك وتعالى يخبر هاهنا بالمدة التي مكثها ولبثها هؤلاء القوم في هذا المكان.
هل هناك فرق بين الفعل (لبث) والفعل (مكث) أو (مكث)؟ نعم.
(المكث) يدل على طول أمد.
و(اللبث) يدل على زمن ينتهي.
ولذلك نجد أن رب العزة عندما استعمل (لابثين فيها أحقابا) لأهل جهنم -وقانا الله وإياكم شرها- (لابثين فيها أحقابا) قيّد قوله (لابثين) بقوله (أحقابا) حتى لا يفهم الناس أن هؤلاء الكافرين سيكونون لابثين في النار فترة زمنية فقط، فأتى بكلمة (أحقابا) طيب الحُقب أو الحُقُب تقريبا مقدر بين ثمانين إلى مئة وعشرين سنة، يعني من 80 إلى 120 فهل قوله (أحقابا) يعني لابثين فيها مدة حقب فقط؟ يعني من 80 إلى 120؟
نقول لا، إنما الله جمع الأحقاب، يعني ليس حقبا واحدة، يعني في قصة موسى أيضا وفي سورة الكهف ستقابلنا (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا) أو (أمضي حقبا) يعني مدة من الزمن من 80 إلى 120.
رب العباد هنا في قوله (لابثين فيها أحقابا) جمع كلمة (أحقاب) ليقول إنها حِقب متجددة وهذا من العذاب المعنوي، ومن الإيلام المعنوي. لماذا؟ لأن الحقب إذا انتهى من ثمانين إلى مئة وعشرين يكون لديهم الأمل في الخروج والإنقاذ من النار. تعرفون لو أن سجينا مثلا محبوس -مثلا- وقلنا له أنت ستخرج بعد عشر سنوات هو جلس يعد الأيام والليالي وعندما اقتربت العشر سنوات من الانتهاء قلنا له لا، لقد جدد لك عشر سنوات أخرى، وكلما انتهت نقول له لقد جدد لك، لقد جدد، هذا هو معنى أحقابا، يعني جمع الله الأحقاب ليقل إياكم أن تفهموا أنه حقب واحد، لا، إنما هي أحقاب تتجدد لزيادة إيلامهم المعنوي، عندما يكون لديهم الأمل أنهم سيخرجون من النار فإذا بهم يدركون أن هناك فترة زمنية أخرى وهكذا. ونعلم أن الإيلام المعنوي أشد على النفس من الإلام الحسي. نعم هي حُقُب متكررة وهذا هو السر في جمعها.
الله يقول (ولبثوا في كهفهم) يعني مدة من الزمن، ما المدة يا رب؟ قال (ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا).
(ثلاثمائة سنين) أولا كلمة (سنين) هنا هل هي تمييز للعدد ثلاثمائة؟ يعني عندنا تمييز في اللغة يسمى تمييز العدد:
اشتريت مئة فدان، الفدان تمييز للعدد مئة
يحضر معنا مئة طالب، طالب تمييز للمئة.
لكن نلاحظ أن تمييز المئة والألف يكون مفردا، يعني لا أقول ثلاثمائة طلاب، لا، إنما يكون مفردا. فهنا استعمل رب العزة التمييز هنا جمعا لحكمة أرادها نحاول أن نفهمها من خلال سياق القرآن.
أولا: يستعمل تمييز المئة في اللغة جمعا وإن كان نادرا، إلا أنه استعمال فصيح، يعني هو استعمال فصيح لكنه نادر، فهذا من حيث اللغة.
لكن من حيث دلالة المعنى كلمة سنة تدل على المشقة، وتدل على المعاناة، بخلاف كلمة عام، يعني كلمة عام دائما تدل على الرخاء ولذلك (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) لماذا عند الخمسين قال (عاما) وعند الألف قال (ألف سنة)؟
لأن طبعا المدة التي لبثها فيهم وجد تعنتا منهم، ووجد تعبا شديدا وكان الرجل يأخذ ابنه لأن نوحا مكث فيهم 950 سنة، أي عاصر أجيالا متعاقبة، فكان الرجل يأخذ ولده ويذهب إليه ويقول له يا فلان لولده، يا ولدي هذا الرجل لا تطعه ولا تسمع له، يعني كان كل واحد يوصي أولاده، وبالطبع 950 سنة يعني كثيرة فقال الله (ألف سنة إلا خمسن عاما) الخمسين عام التي قضاها التي كانت قبل البعثة، يعني كانت بالنسبة له لا تعب فيها ولا تعنت فيها، ولا مشقة فيها. (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) يعني كلمة (عام) تستعمل في القرآن الكريم في الخير، إنما السنين والسنة تستعمل دائما في المشقة وفي التعنت، وفي الأيام العصيبة، ولذلك أيضا في قصة يوسف (فلبث في السجن بضع سنين).
فالله جمع كلمة (سنين) هنا ليبين أن هذا الجمع يدل على أنها سنين لم تكن سهلة بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا في الكهف لكن عناية الله بهم ورحمة الله التي نشرها عليهم لأنه قال (ينشر لكم ربكم من رحمته) نعم، (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) عقوبة. إذن (ثلاثمائة سنين)
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٥)
3⃣
لكن هنا قراءتان:
● قراءة بإثبات التنوين هكذا (ثلاثمائةٍ سنين) فتكون سنين -كما قلت- تمييزا ويكون المقصود من هذه القراءة أن المعدود هو سنين، يعني لو قال ثلاثمائة وسكت ما عرفنا نوع المعدود، فكلمة سنين بينت المعدود على قراءة التنوين.
● طيب وقراءة حذف التنوين وهي القراءة الأخرى (ثلاثمائةِ سنين) يكون هنا من إضافة العدد إلى معدوده، ويكون له دلالة في المعنى. وأنا قلت إن الأمر هاهنا يتعلق بقضية السنين التي قضوها لكن على كل حال قراءة عدم التنوين تعطينا دلالة أن (ثلاثمائةِ) مضافة إلى سنين.
فالله تبارك وتعالى أتى بالقراءتين ليؤكد أمرا مهما جدا وهو: أن المدة التي لبثها هؤلاء في الكهف تحديدا (ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا) فإياكم أن تسمعوا من يقول غير ذلك لأنكم ستجدون أهل الكتاب يقولون كلاما آخر، فالله تبارك وتعالى يؤكد على أنها ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا).
طب هو لماذا قال (وازداد تسعا)؟ يعني لماذا لم يقل ثلاثمائة سنين وتسعا حتى تكون ثلاثمائة سنة؟
طبعا هم كانوا ثلاثمائة سنة بالتقويم الشمسي الذي هو التقويم الميلادي وكان وقتها المعمول به، والمعروف أن التقويم الميلادي فقط هو المعروف الذي يعرفونه بالشمس، وفي هذا إشارة إلى أن هناك تقويما قمريا سيتبعه المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو التقويم القمري، أو التقويم الهجري. لماذا التقويم القمري لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم؟ لأننا لا نعرف بداية الشهر إلا بالقمر، يعني هلال القمر هو الذي يخبرنا بذلك، أليس كذلك؟ وشريعتنا كلها تعتمد على القمر وظهور القمر فكان هذا إشارة إلى أنك يا محمد ستتبع التقويم الهجري أو التقويم القمري.
وعندما نعمل عملية حسابية نجد أن التقويم الميلادي بالنسبة للتقويم الهجري السنة هناك فرق تقريبا 11 يوم، ما بين 11 أو 12 بناءا على ما يكون من ميلاد القمر، فيكون عندنا كل مئة سنة بالنسبة للتقويم الميلادي والتقويم الهجري سيكون عندنا فرق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي في المئة سنة ثلاث سنوات لأن كل ثلاث وثلاثون سنة نجد سنة فارقة، فالمئة سنة هناك فرق بين التقويمين ثلاث سنوات، طيب الثلاث مئة سنة يبقى ٣×٣ = ٩ إذا سيزدادون تسعا بالنسبة للتقويم القمري الذي سيكون فيه شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان التقويم باتباع القمر لمعرفة بداية الشهور إلى آخره هذا رحمة من الله تبارك وتعالى. لماذا رحمة من الله؟ لو كان التقويم الذي نتبعه هو التقويم الميلادي لكان -مثلا- موسم الحج سيكون ثابتا في شهر معين في كل سنة. وسيكون رمضان أو الصيام ثابت في شهر معين يعني إذا كانت البيئة أو الدولة التي تصومه في الصيف ستظل تصومه في الصيف طول حياتها، والدولة الأخرى التي تصومه في الشتاء سيظل كذلك، لكن شاء الله تبارك وتعالى أن تكون دورة، دورة يعني الشهر يأتي أو الحج يأتي في أيام الحر والصيف، ويأتي في أيام البرد، ويأتي في..وهكذا، وتلك من رحمة الله تبارك وتعالى.
إذن (ولبثوا في كهفهم - ثلاثمائةٍ سنين و ثلاثمائةِ سنين- وازدادوا تسعا).
قال الله بعد ذلك (قل الله أعلم بما لبثوا)
ما موقع هذه الجملة؟ وما مناسبتها؟
(قل الله أعلم بما لبثوا) معنى الجملة مرتبط بقوله (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين) فإذا كان قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله عن مدة لبثهم في الكهف يكون قوله (قل الله أعلم بما لبثوا) قطعا للمماراة في مدة لبثهم المختلف فيها بين أهل الكتاب، يعني لو قلنا إن قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله بالمدة التي لبثوها، تكون جملة (قل الله أعلم بما لبثوا) قطعا لأي ممارة. وأنتم تتذكرون أني فرقت بين المماراة والجدال. الجدال يكون بداية ثم يصل إلى البطلان، فيكون باطلا، ويكون مذموما. يعني الجدال من بدايته لا يكون باطلا، لكنه قد يصل إلى الباطل وقد يصل إلى الحق والصواب، لكن غالبا الجدال يوصل للباطل لماذا؟ لأن الأسلوب في الجدال أسلوب شديد في الكلام وأسلوب فيه عنف قليلا في الكلام لكنه قد ينتهي بالحق وقد ينتهي بالصواب، يعني المرأة التي جادلت النبي صلى الله عليه وسلم في (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) انتهى الجدال إلى الحق والصواب، أم انتهى إلى الباطل؟انتهى الى الحق والصواب. إذن يعني الجدال بدايته لا تكون باطلة إنما يكون باطلا بالنهايات. لماذا؟
3⃣
لكن هنا قراءتان:
● قراءة بإثبات التنوين هكذا (ثلاثمائةٍ سنين) فتكون سنين -كما قلت- تمييزا ويكون المقصود من هذه القراءة أن المعدود هو سنين، يعني لو قال ثلاثمائة وسكت ما عرفنا نوع المعدود، فكلمة سنين بينت المعدود على قراءة التنوين.
● طيب وقراءة حذف التنوين وهي القراءة الأخرى (ثلاثمائةِ سنين) يكون هنا من إضافة العدد إلى معدوده، ويكون له دلالة في المعنى. وأنا قلت إن الأمر هاهنا يتعلق بقضية السنين التي قضوها لكن على كل حال قراءة عدم التنوين تعطينا دلالة أن (ثلاثمائةِ) مضافة إلى سنين.
فالله تبارك وتعالى أتى بالقراءتين ليؤكد أمرا مهما جدا وهو: أن المدة التي لبثها هؤلاء في الكهف تحديدا (ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا) فإياكم أن تسمعوا من يقول غير ذلك لأنكم ستجدون أهل الكتاب يقولون كلاما آخر، فالله تبارك وتعالى يؤكد على أنها ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا).
طب هو لماذا قال (وازداد تسعا)؟ يعني لماذا لم يقل ثلاثمائة سنين وتسعا حتى تكون ثلاثمائة سنة؟
طبعا هم كانوا ثلاثمائة سنة بالتقويم الشمسي الذي هو التقويم الميلادي وكان وقتها المعمول به، والمعروف أن التقويم الميلادي فقط هو المعروف الذي يعرفونه بالشمس، وفي هذا إشارة إلى أن هناك تقويما قمريا سيتبعه المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو التقويم القمري، أو التقويم الهجري. لماذا التقويم القمري لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم؟ لأننا لا نعرف بداية الشهر إلا بالقمر، يعني هلال القمر هو الذي يخبرنا بذلك، أليس كذلك؟ وشريعتنا كلها تعتمد على القمر وظهور القمر فكان هذا إشارة إلى أنك يا محمد ستتبع التقويم الهجري أو التقويم القمري.
وعندما نعمل عملية حسابية نجد أن التقويم الميلادي بالنسبة للتقويم الهجري السنة هناك فرق تقريبا 11 يوم، ما بين 11 أو 12 بناءا على ما يكون من ميلاد القمر، فيكون عندنا كل مئة سنة بالنسبة للتقويم الميلادي والتقويم الهجري سيكون عندنا فرق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي في المئة سنة ثلاث سنوات لأن كل ثلاث وثلاثون سنة نجد سنة فارقة، فالمئة سنة هناك فرق بين التقويمين ثلاث سنوات، طيب الثلاث مئة سنة يبقى ٣×٣ = ٩ إذا سيزدادون تسعا بالنسبة للتقويم القمري الذي سيكون فيه شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان التقويم باتباع القمر لمعرفة بداية الشهور إلى آخره هذا رحمة من الله تبارك وتعالى. لماذا رحمة من الله؟ لو كان التقويم الذي نتبعه هو التقويم الميلادي لكان -مثلا- موسم الحج سيكون ثابتا في شهر معين في كل سنة. وسيكون رمضان أو الصيام ثابت في شهر معين يعني إذا كانت البيئة أو الدولة التي تصومه في الصيف ستظل تصومه في الصيف طول حياتها، والدولة الأخرى التي تصومه في الشتاء سيظل كذلك، لكن شاء الله تبارك وتعالى أن تكون دورة، دورة يعني الشهر يأتي أو الحج يأتي في أيام الحر والصيف، ويأتي في أيام البرد، ويأتي في..وهكذا، وتلك من رحمة الله تبارك وتعالى.
إذن (ولبثوا في كهفهم - ثلاثمائةٍ سنين و ثلاثمائةِ سنين- وازدادوا تسعا).
قال الله بعد ذلك (قل الله أعلم بما لبثوا)
ما موقع هذه الجملة؟ وما مناسبتها؟
(قل الله أعلم بما لبثوا) معنى الجملة مرتبط بقوله (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين) فإذا كان قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله عن مدة لبثهم في الكهف يكون قوله (قل الله أعلم بما لبثوا) قطعا للمماراة في مدة لبثهم المختلف فيها بين أهل الكتاب، يعني لو قلنا إن قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله بالمدة التي لبثوها، تكون جملة (قل الله أعلم بما لبثوا) قطعا لأي ممارة. وأنتم تتذكرون أني فرقت بين المماراة والجدال. الجدال يكون بداية ثم يصل إلى البطلان، فيكون باطلا، ويكون مذموما. يعني الجدال من بدايته لا يكون باطلا، لكنه قد يصل إلى الباطل وقد يصل إلى الحق والصواب، لكن غالبا الجدال يوصل للباطل لماذا؟ لأن الأسلوب في الجدال أسلوب شديد في الكلام وأسلوب فيه عنف قليلا في الكلام لكنه قد ينتهي بالحق وقد ينتهي بالصواب، يعني المرأة التي جادلت النبي صلى الله عليه وسلم في (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) انتهى الجدال إلى الحق والصواب، أم انتهى إلى الباطل؟انتهى الى الحق والصواب. إذن يعني الجدال بدايته لا تكون باطلة إنما يكون باطلا بالنهايات. لماذا؟
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٥)
4⃣
الأسلوب الشديد في الجدال واختيار الألفاظ الشديدة ورفع الصوت في الجدال يدل على أن المتحدث يريد أن يصل إلى رأيه وإلى قوله ويثبت أنه صواب، يثبت أن رأيه هو الصواب، فإذا كان كذلك فيكون الأمر فيه انتصار للنفس وفيه بطلان سيصل إليه. تمام كده؟ لكن ربما يكون المجادل يريد الوصول الى الحق والصواب لكن صوته، أو طبيعته هكذا يرفع صوته، ويتخير كلمات شديدة وعنيفة، المهم في النهايات، وصل إلى الانتصار لنفسه يبقى الجدال بالباطل، وصلنا إلى الحق والصواب والتسليم لصاحب الحق يبقى الجدال ليس بباطل، جدال محمود.
المماراة أني أماريك في أمر في الأصل أعلم أن كلامك صحيح من البداية لكن أنا أماري و أجادل معك مع أني أعرف بداية، يعني المماراة باطلة من البداية. ولذلك الله تبارك وتعالى، قال للنبي صلى الله عليه وسلم (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) إذا كانوا يمارونك مراء ظاهرا واضحا لا بد أن ترد لكن احذر أن تجاريهم في المراء. تمام كده.
الله يقول (قل الله أعلم بما لبثوا)
● طيب هذا على القول الأول أن قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله تبارك وتعالى، ويكون المعنى: الله أعلم منكم بمدة لبثهم.
● طيب وإن كان (ولبثوا ) حكاية عن قول أهل الكتاب في مدة لبثهم، يعني اهل الكتاب تكلموا في مدة اللبث والله تبارك وتعالى صحح القول، وبين القول، والله نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يماري فيهم وأن يتكلم معهم فقال له: لقد بينت لك الأمر ثم عليك أن تفوض الأمر إلى الله في علم ذلك (قل الله أعلم بما لبثوا) يعني إذا حاولوا مماراتك في الأمر ففوض الأمر إلى الله وامنع المراء لأن المراء سيوصل إلى باطل، وسيوصل إلى أذى وإلى ضرر، فالأولى أن نمنع المماراة. ولذلك لو أننا وجدنا أحدا جاء يمارينا في أمر فإني أغلق المماراة معه لأنه يريد المماراة فقط، يعني هو يعرف الحق لكنه يتكلم بباطل، فالأولى أن لا أجاريه، أنا سأعرف أنه يماريني عندما أكون على يقين أنه يعرف الحقيقة ويأتي ليماريني فيها. لأن المماري يكون عارف حقيقة الأمر لكنه يماريك فيها، يعني مثلا عايز أجيب لكم يعني مثال من الواقع واحد مثلا يقول: أنا رأيتك بالأمس وأنت داخل بيت فلان فماذا كنت تريد؟ أنا أعرف تماما أنه يعرف أني لم أدخل بيت فلان بالأمس، إذن هو جاء للمماراة، جاء لإثبات أمر في نفسه ناشئ عن مرض في قلبه، فأنا لا اجعله يعني يأخذ هذه الفرصة، هذا هو الافضل يعني، فيكون قوله (قل الله أعلم بما لبثوا) تفويض إلى الله في العلم بذلك كما قال سابقا (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) فهذا أيضا تفويض إلى الله، فإذا أرادوا أن يماروك في مدة لبثهم، فلا تمار فيهم وفوض الأمر إلى الله جل وعلا. والله تبارك وتعالى بيّن بعد ذلك أن رب العزة له غيب السماوات والأرض، من الذي يعلم غيب السماوات والأرض ويعلمه أنى يكون وكيف يكون، ومتى يكون، إنه الله تبارك وتعالى. فالله جل وعلا يعلم السر وأخفى، والله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، يعني هذه الجملة أظن لم ترد أبدا إلا في آية خطبة المرأة المتوفى عنها زوجها تعريضا أثناء العدة، الخطبة بالتعريض يعني لا يخطبها ولا يتكلم لكنه مثلا يهتم في مصلحتها، يهتم في مصلحة أولادها دون أن يذكر شيئا (ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) في هذا الموقف قد يحدث الإنسان نفسه أليس كذلك؟ وقد تحدث المرأة نفسها فالله قال (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) أظن ما فيه في القرآن (يعلم ما في أنفسكم) أبدا إلا هذا الموضع، كله (يعلم ما في قلوبكم) إنما هنا يعلم ما تحدثكم به أنفسكم لأن العلم بما في القلب، القلب يكون فيه الشيء المستقر لأن القلب وعاء إنما النفس هي التي تتحدث بالأماني، وتتحدث بأماني في المستقبل، فالله جل وعلا أراد أن يبين احذروا (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) أيضا اعلموا حين تأتي في أسلوب يكون معنى ذلك أن المخاطب يعرف ذلك جيدا، وأنه لا يمكن له أن يُكذِّب هذا الذي بعدها، يعني اعلموا المخاطبون يعرفون أن الله يعلم ما في أنفسهم، ويعرفون أن أنفسهم تحدثهم، إذن الله جل وعلا له غيب السماوات والأرض، له وحده جل وعلا بتقديم الجار والمجرور هنا الذي هو له لإفادة الحصر والقصر، أنه وحده هو الذي يملك غيب السماوات والأرض الله جل وعلا.
الله جل وعلا لم يجمع الأرض في القرآن الكريم أبدا وإنما جمعها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مانع الزكاة.
السماوات جمعت و أفردت فما الفرق؟
4⃣
الأسلوب الشديد في الجدال واختيار الألفاظ الشديدة ورفع الصوت في الجدال يدل على أن المتحدث يريد أن يصل إلى رأيه وإلى قوله ويثبت أنه صواب، يثبت أن رأيه هو الصواب، فإذا كان كذلك فيكون الأمر فيه انتصار للنفس وفيه بطلان سيصل إليه. تمام كده؟ لكن ربما يكون المجادل يريد الوصول الى الحق والصواب لكن صوته، أو طبيعته هكذا يرفع صوته، ويتخير كلمات شديدة وعنيفة، المهم في النهايات، وصل إلى الانتصار لنفسه يبقى الجدال بالباطل، وصلنا إلى الحق والصواب والتسليم لصاحب الحق يبقى الجدال ليس بباطل، جدال محمود.
المماراة أني أماريك في أمر في الأصل أعلم أن كلامك صحيح من البداية لكن أنا أماري و أجادل معك مع أني أعرف بداية، يعني المماراة باطلة من البداية. ولذلك الله تبارك وتعالى، قال للنبي صلى الله عليه وسلم (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) إذا كانوا يمارونك مراء ظاهرا واضحا لا بد أن ترد لكن احذر أن تجاريهم في المراء. تمام كده.
الله يقول (قل الله أعلم بما لبثوا)
● طيب هذا على القول الأول أن قوله (ولبثوا في كهفهم) إخبار من الله تبارك وتعالى، ويكون المعنى: الله أعلم منكم بمدة لبثهم.
● طيب وإن كان (ولبثوا ) حكاية عن قول أهل الكتاب في مدة لبثهم، يعني اهل الكتاب تكلموا في مدة اللبث والله تبارك وتعالى صحح القول، وبين القول، والله نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يماري فيهم وأن يتكلم معهم فقال له: لقد بينت لك الأمر ثم عليك أن تفوض الأمر إلى الله في علم ذلك (قل الله أعلم بما لبثوا) يعني إذا حاولوا مماراتك في الأمر ففوض الأمر إلى الله وامنع المراء لأن المراء سيوصل إلى باطل، وسيوصل إلى أذى وإلى ضرر، فالأولى أن نمنع المماراة. ولذلك لو أننا وجدنا أحدا جاء يمارينا في أمر فإني أغلق المماراة معه لأنه يريد المماراة فقط، يعني هو يعرف الحق لكنه يتكلم بباطل، فالأولى أن لا أجاريه، أنا سأعرف أنه يماريني عندما أكون على يقين أنه يعرف الحقيقة ويأتي ليماريني فيها. لأن المماري يكون عارف حقيقة الأمر لكنه يماريك فيها، يعني مثلا عايز أجيب لكم يعني مثال من الواقع واحد مثلا يقول: أنا رأيتك بالأمس وأنت داخل بيت فلان فماذا كنت تريد؟ أنا أعرف تماما أنه يعرف أني لم أدخل بيت فلان بالأمس، إذن هو جاء للمماراة، جاء لإثبات أمر في نفسه ناشئ عن مرض في قلبه، فأنا لا اجعله يعني يأخذ هذه الفرصة، هذا هو الافضل يعني، فيكون قوله (قل الله أعلم بما لبثوا) تفويض إلى الله في العلم بذلك كما قال سابقا (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) فهذا أيضا تفويض إلى الله، فإذا أرادوا أن يماروك في مدة لبثهم، فلا تمار فيهم وفوض الأمر إلى الله جل وعلا. والله تبارك وتعالى بيّن بعد ذلك أن رب العزة له غيب السماوات والأرض، من الذي يعلم غيب السماوات والأرض ويعلمه أنى يكون وكيف يكون، ومتى يكون، إنه الله تبارك وتعالى. فالله جل وعلا يعلم السر وأخفى، والله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، يعني هذه الجملة أظن لم ترد أبدا إلا في آية خطبة المرأة المتوفى عنها زوجها تعريضا أثناء العدة، الخطبة بالتعريض يعني لا يخطبها ولا يتكلم لكنه مثلا يهتم في مصلحتها، يهتم في مصلحة أولادها دون أن يذكر شيئا (ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) في هذا الموقف قد يحدث الإنسان نفسه أليس كذلك؟ وقد تحدث المرأة نفسها فالله قال (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) أظن ما فيه في القرآن (يعلم ما في أنفسكم) أبدا إلا هذا الموضع، كله (يعلم ما في قلوبكم) إنما هنا يعلم ما تحدثكم به أنفسكم لأن العلم بما في القلب، القلب يكون فيه الشيء المستقر لأن القلب وعاء إنما النفس هي التي تتحدث بالأماني، وتتحدث بأماني في المستقبل، فالله جل وعلا أراد أن يبين احذروا (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) أيضا اعلموا حين تأتي في أسلوب يكون معنى ذلك أن المخاطب يعرف ذلك جيدا، وأنه لا يمكن له أن يُكذِّب هذا الذي بعدها، يعني اعلموا المخاطبون يعرفون أن الله يعلم ما في أنفسهم، ويعرفون أن أنفسهم تحدثهم، إذن الله جل وعلا له غيب السماوات والأرض، له وحده جل وعلا بتقديم الجار والمجرور هنا الذي هو له لإفادة الحصر والقصر، أنه وحده هو الذي يملك غيب السماوات والأرض الله جل وعلا.
الله جل وعلا لم يجمع الأرض في القرآن الكريم أبدا وإنما جمعها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مانع الزكاة.
السماوات جمعت و أفردت فما الفرق؟
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٥)
5⃣
أولا: السماء إذا أفردت يعني السماء (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) يكون المراد مطلق العلو وليس السماوات السبع بطبقاتها وبمن فيها إنما العلو الذي فوقنا يعني الغرفة التي أجلس فيها الآن سقفها بالنسبة لي هو سمائي لأنه مطلق علو فوق رأسك.
أما إذا أراد الله أن يذكر السماوات بطبقاتها وبعددها وبمن فيها فإنه يجمعها (السماوات) لماذا؟ لأن الجمع يحتاج إلى متعدد، يعني الجمع مطلوب فيه التعدد، يعني مثلا أعطيك قلما واحدا وأقول لك معك كم قلم؟ اجمعهم؟ ما ينفع، لابد تكون أقلام متعددة حتى أستطيع جمعها.
طيب الأرض لماذا لم تُجمع مع أنها سبع؟ كما قال الله تعالى حتى في الآية التي كان لا بد أن تجمع فيها لم يجمعها الله تبارك وتعالى وإنما أتى بمعنى يفيد الجمع (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) (مثلهن) هذه يعني أن الأرض سبع طبقات أيضا وسبع أراضين كما ذكر النبي في حديث منع الزكاة. طيب لماذا لم يجمعها الله تبارك وتعالى؟ عندنا. يعني آه مذهبان أو قولان في المسألة وهي:
●أن طبقات الأرض تختلف عن طبقات السماء، لا يوجد فاصل بين أرض و أرض، يعني الأرض التي نحن عليها تحتها مباشرة أرض وتحتها، ولا يوجد فيها سكان إلا الجن فمن أجل ذلك كانت أرضا واحدة ولم تجمع، هذا قول.
●القول الثاني: أن الأرض مفهوم الناس فيها اليابس من الأرض، اليابس فقط، طب لما ننظر إلى الأرض نجد نسبة اليابس إلى الماء كم؟ يعني الماء تقريبا أكثر من 70%، يعني الثلث و الثلثان، فالناس عندما تذكر كلمة الأرض ينصرف ذهنهم إلى اليابس منها فلم يجمعها الله حتى لا يتوهم الناس أن الله يريد الأرض اليابس فقط، فأفردها لتقابل السماء التي هي في أعلى، يعني كل سُفل يقابل علوا وهي السماء، فبالطبع لا يوجد في الأرض مكان لا يقابل السماء. أليس كذلك؟
فقوله الأرض وعطفها على السماوات يشمل اليابس و يشمل الأنهار، و يشمل الجبال، و يشمل الأودية، و يشمل كل مكان في الأرض. ولعل هذا -والله أعلم- هو المناسب لسياق القرآن وهذا الكلام ذكره العلماء في الكتب.
إذا (له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع) (أبصر به وأسمع) هذا الأسلوب أسلوب تعجب كأنه يقول ما أشد بصره، وما أشد سمعه. وبالطبع الله تبارك وتعالى أسند لنفسه وذكر أن له بصرا، وأن له سمعا، فنحن نثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لذاته، لكن دون تكييف، أو تشبيه أو تمثيل، يعني لا نقول البصر هذا كيفيته ايه؟ أو هل هو مثل بصر الناس؟ أو سمع الناس؟ لا. لا. حاشا لله.
لكن له سمع نعم، له بصر نعم، لكن (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
في قضية تقديم البصر هناعلى السمع لأن الأمر الغيبي الذي يعلمه الله تبارك وتعالى الله يقرب المعنى لنا حتى نفهم، فغيب السماوات والأرض. أغلبه يُدرك بالبصر والقليل منه يُدرك بالسمع فكان هنا في أسلوب التعجب (أبصر به) أي أن الله جل وعلا بصير بكونه وبصير بغيب السماوات والأرض. وكذلك ما أشد سمعه.
السمع و البصر في القرآن الكريم:
قد يذكر حاسة وقد يذكر آلة.
السمع والبصر قد يذكره الله حاسة أي حاسة السمع التي نسمع بها وحاسة البصر، وقد يذكر آلة. إذا ذكر الله آلة السمع وآلة البصر يقدم آلة البصر على آلة السمع، يعني (ولقد إذ رأينا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها)
في الطب الحديث أثبت أن البصر مرتبط بجهاز عصبي أسفل الرأس خلف الرأس، خلف الرأس من الخلف ولذلك لو ضربت أحدا ضربة قوية على رأسه من الخلف قد يفقد فيها البصر مع أنك لم تضربه على بصره، لأنك ضربت جهاز الآلة الذي يشغل هذه الآلة. لكن إذا ذكر الله الحاسة، حاسة السمع وحاسة البصر يقدم السمع على البصر، لماذا يقدم السمع على البصر؟
لأن حاسة السمع هي الحاسة الوحيدة التي لا تنام مع الإنسان ولا تعطل، يعني وأنا نائم ممكن البصر معطل، حاسة السمع لا تتعطل ولذلك أنت تنادي على النائم، كمان هناك فرق أن الطفل يولد يسمع يعني حاسة السمع بالنسبة للطفل أول ما يولد يسمع لكنه لا يرى، البصر لا يأتيه إلا بعد أسبوع من الولادة، يعني لو طفل مولود وأشرت بيدك على بصره لا يشعر بك، بعد أسبوع يبدأ يشعر بك، لكنه يسمع من البداية.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--------------------
https://t.me/tadaborsoratalkah
5⃣
أولا: السماء إذا أفردت يعني السماء (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) يكون المراد مطلق العلو وليس السماوات السبع بطبقاتها وبمن فيها إنما العلو الذي فوقنا يعني الغرفة التي أجلس فيها الآن سقفها بالنسبة لي هو سمائي لأنه مطلق علو فوق رأسك.
أما إذا أراد الله أن يذكر السماوات بطبقاتها وبعددها وبمن فيها فإنه يجمعها (السماوات) لماذا؟ لأن الجمع يحتاج إلى متعدد، يعني الجمع مطلوب فيه التعدد، يعني مثلا أعطيك قلما واحدا وأقول لك معك كم قلم؟ اجمعهم؟ ما ينفع، لابد تكون أقلام متعددة حتى أستطيع جمعها.
طيب الأرض لماذا لم تُجمع مع أنها سبع؟ كما قال الله تعالى حتى في الآية التي كان لا بد أن تجمع فيها لم يجمعها الله تبارك وتعالى وإنما أتى بمعنى يفيد الجمع (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) (مثلهن) هذه يعني أن الأرض سبع طبقات أيضا وسبع أراضين كما ذكر النبي في حديث منع الزكاة. طيب لماذا لم يجمعها الله تبارك وتعالى؟ عندنا. يعني آه مذهبان أو قولان في المسألة وهي:
●أن طبقات الأرض تختلف عن طبقات السماء، لا يوجد فاصل بين أرض و أرض، يعني الأرض التي نحن عليها تحتها مباشرة أرض وتحتها، ولا يوجد فيها سكان إلا الجن فمن أجل ذلك كانت أرضا واحدة ولم تجمع، هذا قول.
●القول الثاني: أن الأرض مفهوم الناس فيها اليابس من الأرض، اليابس فقط، طب لما ننظر إلى الأرض نجد نسبة اليابس إلى الماء كم؟ يعني الماء تقريبا أكثر من 70%، يعني الثلث و الثلثان، فالناس عندما تذكر كلمة الأرض ينصرف ذهنهم إلى اليابس منها فلم يجمعها الله حتى لا يتوهم الناس أن الله يريد الأرض اليابس فقط، فأفردها لتقابل السماء التي هي في أعلى، يعني كل سُفل يقابل علوا وهي السماء، فبالطبع لا يوجد في الأرض مكان لا يقابل السماء. أليس كذلك؟
فقوله الأرض وعطفها على السماوات يشمل اليابس و يشمل الأنهار، و يشمل الجبال، و يشمل الأودية، و يشمل كل مكان في الأرض. ولعل هذا -والله أعلم- هو المناسب لسياق القرآن وهذا الكلام ذكره العلماء في الكتب.
إذا (له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع) (أبصر به وأسمع) هذا الأسلوب أسلوب تعجب كأنه يقول ما أشد بصره، وما أشد سمعه. وبالطبع الله تبارك وتعالى أسند لنفسه وذكر أن له بصرا، وأن له سمعا، فنحن نثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لذاته، لكن دون تكييف، أو تشبيه أو تمثيل، يعني لا نقول البصر هذا كيفيته ايه؟ أو هل هو مثل بصر الناس؟ أو سمع الناس؟ لا. لا. حاشا لله.
لكن له سمع نعم، له بصر نعم، لكن (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
في قضية تقديم البصر هناعلى السمع لأن الأمر الغيبي الذي يعلمه الله تبارك وتعالى الله يقرب المعنى لنا حتى نفهم، فغيب السماوات والأرض. أغلبه يُدرك بالبصر والقليل منه يُدرك بالسمع فكان هنا في أسلوب التعجب (أبصر به) أي أن الله جل وعلا بصير بكونه وبصير بغيب السماوات والأرض. وكذلك ما أشد سمعه.
السمع و البصر في القرآن الكريم:
قد يذكر حاسة وقد يذكر آلة.
السمع والبصر قد يذكره الله حاسة أي حاسة السمع التي نسمع بها وحاسة البصر، وقد يذكر آلة. إذا ذكر الله آلة السمع وآلة البصر يقدم آلة البصر على آلة السمع، يعني (ولقد إذ رأينا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها)
في الطب الحديث أثبت أن البصر مرتبط بجهاز عصبي أسفل الرأس خلف الرأس، خلف الرأس من الخلف ولذلك لو ضربت أحدا ضربة قوية على رأسه من الخلف قد يفقد فيها البصر مع أنك لم تضربه على بصره، لأنك ضربت جهاز الآلة الذي يشغل هذه الآلة. لكن إذا ذكر الله الحاسة، حاسة السمع وحاسة البصر يقدم السمع على البصر، لماذا يقدم السمع على البصر؟
لأن حاسة السمع هي الحاسة الوحيدة التي لا تنام مع الإنسان ولا تعطل، يعني وأنا نائم ممكن البصر معطل، حاسة السمع لا تتعطل ولذلك أنت تنادي على النائم، كمان هناك فرق أن الطفل يولد يسمع يعني حاسة السمع بالنسبة للطفل أول ما يولد يسمع لكنه لا يرى، البصر لا يأتيه إلا بعد أسبوع من الولادة، يعني لو طفل مولود وأشرت بيدك على بصره لا يشعر بك، بعد أسبوع يبدأ يشعر بك، لكنه يسمع من البداية.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--------------------
https://t.me/tadaborsoratalkah
تدبر سورة الكهف (١٦)
فضيلة الشيخ أ.د / محمود شمس حفظه الله
#تدبر_سورة_الكهف (١٦)
⇐ من قوله تعالى: ﴿قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُوا۟ۖ لَهُۥ غَیۡبُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا یُشۡرِكُ فِی حُكۡمِهِۦۤ أَحَدࣰا﴾ [الكهف ٢٦]
⇐ من قوله تعالى: ﴿قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُوا۟ۖ لَهُۥ غَیۡبُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا یُشۡرِكُ فِی حُكۡمِهِۦۤ أَحَدࣰا﴾ [الكهف ٢٦]
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
1️⃣
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين، وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصة. وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورت الكهف توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تبارك وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا)
(ما لهم من دونه من ولي) الضمير في قوله (ما لهم) هنا يعود على من؟
قولان للمفسرين:
▪️ قول أنه يعود على أصحاب الكهف ويكون المعنى: لم يكن لأصحاب الكهف ولي يتولى حفظهم سوى الله تبارك وتعالى.
▪️ وهناك من يقول إن الضمير يعود على المشركين المعاصرين للبعثة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة اليهود التي تتعلق بقصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين والمعنى يكون: ما لهؤلاء المختلفين في مدة لبث أصحاب الكهف من ولي، فليس لأحد من العباد من دون الله من ولي سواء أفهموا ذلك أم لم يفهموا لأن المشرك والكافر لم يفهم ذلك، لم يفهم أنه ليس له من دون الله من ولي.
فالله تبارك وتعالى يقول بأن كون الآلهة يتخذونها أولياء لهم وهي التي لا تنفع ولا تضر فالله تبارك وتعالى يأتي بهذا النفي تنصيصا على ولاية الآلهة أن هؤلاء العباد وإن لم يُقروا بأنه ليس لهم من دون الله من ولي فإن هذه هي الحقيقة.
وقلت مرارا إن (من) عندما تدخل على إسم ما النافية يعني هنا ما لهم من دونه ولي، أصلها هكذا، من عندما دخلت جعلت النفي منصبا على ولو أدنى ولي ومن بداية ما يقال له ولي، فليس للعبد من ولي سوى الله تبارك وتعالى، لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أعلم بما لبثوا وهم أهل الكهف فكيف يكون هؤلاء يعلمون كم مدة لبثهم!! والله هو الذي ولي الجميع وهو الذي حفظ أصحاب الكهف في الكهف.
وقوله (ولا يشرك في حكمه أحد) هذه الجملة جاءت نفيا لزعم اليهود ولزعم الكفار والمشركين أن الله جل وعلا أشرك بحكمه، أصنامهم، أو أن الله تبارك وتعالى يُشرك أصنامهم في حكمه، وهذا جهل منهم لأنهم حاولوا ذلك مع النبي صلى الله وسلم، وحاولو كما نعلم أن يقولو له خفف من حديثك عن الأصنام وعن آلهتنا ولا تقرأ الآيات التي تعيب آلهتنا، ولا تقرأ أمامنا الآيات التي ترفع شأن المؤمنين. فكانت الخطوة الأولى أن نفى الله تبارك وتعالى أن يكون -حاشاه- أن يكون قد أشرك في حكمه أحدا.
ولذلك (ولا يشرك في حكمه أحدا) (ولا يشرك) فيها قراءتان:
▪️ قراءة بياء الغيب وبالرفع فتكون لا نافية فيكون هذا إخبار من الله تبارك وتعالى (ولا يشرك الله في حكمه أحدا) واضح.
▪️ وقراءة أخرى بتاء الخطاب في يشرك وجزم الفعل، فتكون لا ناهية (ولا تشرك في حكمه أحدا) والخطاب هنا يكون المراد به بداية النبي صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده.
إذا يخبر الله أنه لا يشرك في حكمه أحد ويخاطب النبي والأمة، ولا تشرك في حكمه أحدا، يعني الله نفى أن يكون قد أشرك في حكمه أحدا وينهى الله النبي والمؤمنين كذلك.
ثم قال بعد ذلك (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) هذا هو الشق الثاني بالنسبة لطلبهم لأنهم قالوا إن الله أشرك آلهتهم في الحكم، وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ألا تقرأ الآيات التي تعيب آلهتنا ولا تقرأ الآيات التي تمدح المؤمنين، ولذلك سيعطف أيضا على قوله (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) الآية التي بعدها (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) وهم الضعفاء من المؤمنين بلال وصهيب، وخباب ابن الأرت، وغيرهم.
1️⃣
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين، وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصة. وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورت الكهف توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تبارك وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا)
(ما لهم من دونه من ولي) الضمير في قوله (ما لهم) هنا يعود على من؟
قولان للمفسرين:
▪️ قول أنه يعود على أصحاب الكهف ويكون المعنى: لم يكن لأصحاب الكهف ولي يتولى حفظهم سوى الله تبارك وتعالى.
▪️ وهناك من يقول إن الضمير يعود على المشركين المعاصرين للبعثة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة اليهود التي تتعلق بقصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين والمعنى يكون: ما لهؤلاء المختلفين في مدة لبث أصحاب الكهف من ولي، فليس لأحد من العباد من دون الله من ولي سواء أفهموا ذلك أم لم يفهموا لأن المشرك والكافر لم يفهم ذلك، لم يفهم أنه ليس له من دون الله من ولي.
فالله تبارك وتعالى يقول بأن كون الآلهة يتخذونها أولياء لهم وهي التي لا تنفع ولا تضر فالله تبارك وتعالى يأتي بهذا النفي تنصيصا على ولاية الآلهة أن هؤلاء العباد وإن لم يُقروا بأنه ليس لهم من دون الله من ولي فإن هذه هي الحقيقة.
وقلت مرارا إن (من) عندما تدخل على إسم ما النافية يعني هنا ما لهم من دونه ولي، أصلها هكذا، من عندما دخلت جعلت النفي منصبا على ولو أدنى ولي ومن بداية ما يقال له ولي، فليس للعبد من ولي سوى الله تبارك وتعالى، لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أعلم بما لبثوا وهم أهل الكهف فكيف يكون هؤلاء يعلمون كم مدة لبثهم!! والله هو الذي ولي الجميع وهو الذي حفظ أصحاب الكهف في الكهف.
وقوله (ولا يشرك في حكمه أحد) هذه الجملة جاءت نفيا لزعم اليهود ولزعم الكفار والمشركين أن الله جل وعلا أشرك بحكمه، أصنامهم، أو أن الله تبارك وتعالى يُشرك أصنامهم في حكمه، وهذا جهل منهم لأنهم حاولوا ذلك مع النبي صلى الله وسلم، وحاولو كما نعلم أن يقولو له خفف من حديثك عن الأصنام وعن آلهتنا ولا تقرأ الآيات التي تعيب آلهتنا، ولا تقرأ أمامنا الآيات التي ترفع شأن المؤمنين. فكانت الخطوة الأولى أن نفى الله تبارك وتعالى أن يكون -حاشاه- أن يكون قد أشرك في حكمه أحدا.
ولذلك (ولا يشرك في حكمه أحدا) (ولا يشرك) فيها قراءتان:
▪️ قراءة بياء الغيب وبالرفع فتكون لا نافية فيكون هذا إخبار من الله تبارك وتعالى (ولا يشرك الله في حكمه أحدا) واضح.
▪️ وقراءة أخرى بتاء الخطاب في يشرك وجزم الفعل، فتكون لا ناهية (ولا تشرك في حكمه أحدا) والخطاب هنا يكون المراد به بداية النبي صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده.
إذا يخبر الله أنه لا يشرك في حكمه أحد ويخاطب النبي والأمة، ولا تشرك في حكمه أحدا، يعني الله نفى أن يكون قد أشرك في حكمه أحدا وينهى الله النبي والمؤمنين كذلك.
ثم قال بعد ذلك (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) هذا هو الشق الثاني بالنسبة لطلبهم لأنهم قالوا إن الله أشرك آلهتهم في الحكم، وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ألا تقرأ الآيات التي تعيب آلهتنا ولا تقرأ الآيات التي تمدح المؤمنين، ولذلك سيعطف أيضا على قوله (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) الآية التي بعدها (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) وهم الضعفاء من المؤمنين بلال وصهيب، وخباب ابن الأرت، وغيرهم.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
2⃣
(واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) هنا يرد الله على المشركين أنكم لا تطالبون النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ولا تخاطبوه في هذا الشأن لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيتلو يعني يقرأ، ونعلم أن معنى (اتل) اتباع أنه سيقرأ متبعا الذي أوحي إليه من ربه ولن يزيد عما أوحي إليه من ربه ولن ينقص عما أوحي إليه من ربه. لأن هؤلاء كان من طبعهم أنهم إذا طلبوا طلبا وأجابهم رب العباد بعد أن يطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم وأجابهم إلى طلبهم هذا، كانوا يطالبون بطلبات أخرى طمعا في أنه ينفذ لهم. فبالضبط هؤلاء طبيعتهم هكذا فهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص عليهم قصة أصحاب الكهف فأنزل الله هذه الآيات، وطلبوا منه أن يذكر لهم قصة ذي القرنين فأنزلها الله في سورة الكهف، وطلبوا منه أن يذكر لهم شيئا عن الروح فقال الله (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)، ثم بعد ذلك يطلبون منه ألا يقرأ بعض الآيات وأن يقرأ الآيات التي توافق هواهم، وعرضوا عليه أنك إن فعلت ذلك سنؤمن كما تريد، وسنؤمن بالله تبارك وتعالى، وسنؤمن بك وبما جئت به، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن يؤمنوا لأن هؤلاء كان النبي صلى الله عليه وسلم بنسبته البشرية يرى أن الله سيعز الإسلام بهؤلاء الكبار ، ولذلك رب العباد قال للنبي صلى الله عليه وسلم (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك). النفس بطبيعتها، النفس البشرية للإنسان لأن الله سوى هذه النفس وألهمها فجورها وتقواها وقدم الفجور على التقوى إشارة إلى أنك لن تستطيع أن تحقق التقوى إلا إذا جاهدت نفسك في الفجور، يعني لا بد أن تجاهدها في الفجور فتصل إلى التقوى. تمام. ولذلك الفجور ما هو إلا الرغبة في اللذة السريعة العاجلة، يعني النفس بطبيعتها هكذا تحب اللذة السريعة العاجلة ولا تفكر في الأمام، فأنت لن تستطيع أن تجاهد نفسك من الفجور إلا إذا حرمت نفسك من بعض ما تحب، لابد أن تضحي، لابد أن تعودها على التضحية، ولذلك رب العباد -وقلتها مرارا قبل ذلك- وهو يمدح المتقين في سورة الذاريات قال (إن المتقين في جنات وعيون* آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين* كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) هذا أسلوب مدح يمدحهم أنهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. طيب أما كان ينبغي أن يمدحهم بأنهم كانوا كثيرا من الليل ما يقومون فيتعبدون؟
أليس كذلك؟ لم مدحهم بقلة الهجوع؟ لأنهم جاهدوا أنفسهم في أقوى رغبة نفسية فنجحوا، الهجوع هنا النوم (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) يعني ما ينامون فكانوا يقومون فيتعبدون، فعندما أراد الله أن يمدحهم ما مدحهم بكثرة قيام ليل أو عبادة إلا أنه مدحهم بأنهم عالجوا أنفسهم، عالجوا أنفسهم ومنعوا عنها شيئا تحبه فاستطاعوا بذلك أن يملكوها. وصلت الفكرة. فالنفس بطبيعتها هكذا يعني إن لم يحاول الإنسان أن يكبح جماح نفسه يعني لو أن كل واحد فينا تخيل في اليوم نفسه ترغب في كم شيء وشيء، حتى ولو أكلة، حتى ولو كوب عصير مثلا، فالإنسان ينظر في حب نفسه لشيء ما فيحرمها منه فيستطيع أن يسيطر عليها بعد ذلك. إذن (واتل) يعني إقرأ وتدبر (واتبع ما أوحي) أي الذي أوحي إليك من ربك فقط ولا تلتفت إلى هؤلاء في طلباتهم. ولذلك رب العباد يُفصّل لنا هذه القضية في آيات أخرى في سورة الإسراء ولا بد أن نذهب إليها لنفهم المراد من هذه الآيات.
2⃣
(واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) هنا يرد الله على المشركين أنكم لا تطالبون النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ولا تخاطبوه في هذا الشأن لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيتلو يعني يقرأ، ونعلم أن معنى (اتل) اتباع أنه سيقرأ متبعا الذي أوحي إليه من ربه ولن يزيد عما أوحي إليه من ربه ولن ينقص عما أوحي إليه من ربه. لأن هؤلاء كان من طبعهم أنهم إذا طلبوا طلبا وأجابهم رب العباد بعد أن يطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم وأجابهم إلى طلبهم هذا، كانوا يطالبون بطلبات أخرى طمعا في أنه ينفذ لهم. فبالضبط هؤلاء طبيعتهم هكذا فهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص عليهم قصة أصحاب الكهف فأنزل الله هذه الآيات، وطلبوا منه أن يذكر لهم قصة ذي القرنين فأنزلها الله في سورة الكهف، وطلبوا منه أن يذكر لهم شيئا عن الروح فقال الله (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)، ثم بعد ذلك يطلبون منه ألا يقرأ بعض الآيات وأن يقرأ الآيات التي توافق هواهم، وعرضوا عليه أنك إن فعلت ذلك سنؤمن كما تريد، وسنؤمن بالله تبارك وتعالى، وسنؤمن بك وبما جئت به، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن يؤمنوا لأن هؤلاء كان النبي صلى الله عليه وسلم بنسبته البشرية يرى أن الله سيعز الإسلام بهؤلاء الكبار ، ولذلك رب العباد قال للنبي صلى الله عليه وسلم (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك). النفس بطبيعتها، النفس البشرية للإنسان لأن الله سوى هذه النفس وألهمها فجورها وتقواها وقدم الفجور على التقوى إشارة إلى أنك لن تستطيع أن تحقق التقوى إلا إذا جاهدت نفسك في الفجور، يعني لا بد أن تجاهدها في الفجور فتصل إلى التقوى. تمام. ولذلك الفجور ما هو إلا الرغبة في اللذة السريعة العاجلة، يعني النفس بطبيعتها هكذا تحب اللذة السريعة العاجلة ولا تفكر في الأمام، فأنت لن تستطيع أن تجاهد نفسك من الفجور إلا إذا حرمت نفسك من بعض ما تحب، لابد أن تضحي، لابد أن تعودها على التضحية، ولذلك رب العباد -وقلتها مرارا قبل ذلك- وهو يمدح المتقين في سورة الذاريات قال (إن المتقين في جنات وعيون* آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين* كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) هذا أسلوب مدح يمدحهم أنهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. طيب أما كان ينبغي أن يمدحهم بأنهم كانوا كثيرا من الليل ما يقومون فيتعبدون؟
أليس كذلك؟ لم مدحهم بقلة الهجوع؟ لأنهم جاهدوا أنفسهم في أقوى رغبة نفسية فنجحوا، الهجوع هنا النوم (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) يعني ما ينامون فكانوا يقومون فيتعبدون، فعندما أراد الله أن يمدحهم ما مدحهم بكثرة قيام ليل أو عبادة إلا أنه مدحهم بأنهم عالجوا أنفسهم، عالجوا أنفسهم ومنعوا عنها شيئا تحبه فاستطاعوا بذلك أن يملكوها. وصلت الفكرة. فالنفس بطبيعتها هكذا يعني إن لم يحاول الإنسان أن يكبح جماح نفسه يعني لو أن كل واحد فينا تخيل في اليوم نفسه ترغب في كم شيء وشيء، حتى ولو أكلة، حتى ولو كوب عصير مثلا، فالإنسان ينظر في حب نفسه لشيء ما فيحرمها منه فيستطيع أن يسيطر عليها بعد ذلك. إذن (واتل) يعني إقرأ وتدبر (واتبع ما أوحي) أي الذي أوحي إليك من ربك فقط ولا تلتفت إلى هؤلاء في طلباتهم. ولذلك رب العباد يُفصّل لنا هذه القضية في آيات أخرى في سورة الإسراء ولا بد أن نذهب إليها لنفهم المراد من هذه الآيات.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
3⃣
في قول الله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) هذا بيان حال الكافرين يوم القيامة، ولما بيّن حالهم بيّن أقوالهم الباطلة وأفانينهم الباطلة، كانوا يتفننون، فقال الله (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) رأيتم الإغراء وما يريدون أن يدخلوه على النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم عصمه الله من كل ذلك. (وإن كادوا ليفتنونك) الفعل كاد يدل على قرب وقوع الحدث، كاد من أخوات أوشك، أو أوشك من أخوات كاد، لأن أوشك أسرع من كاد في وقوع الحدث، يعني عندما أقول أوشكت السيارة أن تقف يعني اقتربت جدا. يعني أوشك تدل على القرب أكثر من كاد، يعني التعبير بـ أوشك يدل على سرعة الوقوع أكثر من كاد. فمعنى (وإن كادوا ليفتنونك) أولا: (وإن) هاهنا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الحال والشأن، أي وإن الحال والشأن أنهم كادوا ليفتنونك، واللام في (ليفتنونك) تسمى اللام الفارقة، اللام الفارقة تدخل على خبر إن المخففة من الثقيلة لتفرق بينها وبين إن النافية، لأن فيه إن نافية وفيه إن مخففة من الثقيلة، طالما وجدنا اللام فتكون إن مخففة من الثقيلة، (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) يفتنونه عنه وإلا يفتنونه به؟ هو أصل الفتنة تكون بالشيء لكنهم يريدون أن يصرفوه عن الذي أوحاه الله إليه ولذلك جاء حرف التجاوز (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) طيب يفهم (عن الذي أوحينا إليك) أنه عن بعض الذي أوحينا إليك لأنهم ما كانوا يريدونه أن يترك ما أوحاه الله إليه بالكلية إنما بعض ما أوحاه الله إليه، يعني الآيات التي تعيب أصنامهم لا تقرأها، الآيات التي تمدح من هم أقل شأنا منا لا تقرأها، نريد أن يكون لنا مكانة، هذه كانت طلباتهم. (وإن كادوا لا يفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) لتفتري علينا غير الذي أوحيناه إليك، وحاشا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفتري على الله غير الذي أوحاه الله إليه.
إذا كيف نفهم لام التعليل هذه (لتفتري)؟ الافتراء اختلاق، كلام لم يحدث، واختلاق واقعة لم تحدث، هذا الافتراء، يعني عندما أقول مثلا أنا ألقيت محاضرة في هذه الأكاديمية اليوم مثلا قبل العصر هل هذا حدث؟ هذا لم يحدث، فهذا افتراء، فمعنى (لتفتري علينا غيره) معناها أنهم يريدونك أن تقرأ قرآنا على هواهم. نعم، هو كذب، نوع من أنواع الكذب لكن الافتراء اشد من الكذب. يعني أقبح وأشنع أنواع الكذب الإفك، يليه الإفتراء، الكذب هو إخبار بغير الحقيقة والواقع. الإفك إخبار بقلب الحقيقة والواقع، يعني الإفك فيه حقيقة لكن المتحدث يقلبها، يقلب الحقيقة، وأنا مثلت له مرارا يعني الافتراء يختلق أمرا لم يحدث شيء لم يحصل، فالافتراء من السهل جدا أن يُكذِّبه الإنسان، أو أن ينفيه الإنسان. طيب (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) هل قوله (لتفتري علينا غيره) لو كان الأسلوب بدون كاد التي تدل على أن هذا لم يحدث ولن يحدث هل معنى (لتفتري علينا غيره) هل هذا الافتراء ورد في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا.. لأن هناك قاعدة لابد أن نفهمها بهدوء.
3⃣
في قول الله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) هذا بيان حال الكافرين يوم القيامة، ولما بيّن حالهم بيّن أقوالهم الباطلة وأفانينهم الباطلة، كانوا يتفننون، فقال الله (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) رأيتم الإغراء وما يريدون أن يدخلوه على النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم عصمه الله من كل ذلك. (وإن كادوا ليفتنونك) الفعل كاد يدل على قرب وقوع الحدث، كاد من أخوات أوشك، أو أوشك من أخوات كاد، لأن أوشك أسرع من كاد في وقوع الحدث، يعني عندما أقول أوشكت السيارة أن تقف يعني اقتربت جدا. يعني أوشك تدل على القرب أكثر من كاد، يعني التعبير بـ أوشك يدل على سرعة الوقوع أكثر من كاد. فمعنى (وإن كادوا ليفتنونك) أولا: (وإن) هاهنا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الحال والشأن، أي وإن الحال والشأن أنهم كادوا ليفتنونك، واللام في (ليفتنونك) تسمى اللام الفارقة، اللام الفارقة تدخل على خبر إن المخففة من الثقيلة لتفرق بينها وبين إن النافية، لأن فيه إن نافية وفيه إن مخففة من الثقيلة، طالما وجدنا اللام فتكون إن مخففة من الثقيلة، (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) يفتنونه عنه وإلا يفتنونه به؟ هو أصل الفتنة تكون بالشيء لكنهم يريدون أن يصرفوه عن الذي أوحاه الله إليه ولذلك جاء حرف التجاوز (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) طيب يفهم (عن الذي أوحينا إليك) أنه عن بعض الذي أوحينا إليك لأنهم ما كانوا يريدونه أن يترك ما أوحاه الله إليه بالكلية إنما بعض ما أوحاه الله إليه، يعني الآيات التي تعيب أصنامهم لا تقرأها، الآيات التي تمدح من هم أقل شأنا منا لا تقرأها، نريد أن يكون لنا مكانة، هذه كانت طلباتهم. (وإن كادوا لا يفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) لتفتري علينا غير الذي أوحيناه إليك، وحاشا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفتري على الله غير الذي أوحاه الله إليه.
إذا كيف نفهم لام التعليل هذه (لتفتري)؟ الافتراء اختلاق، كلام لم يحدث، واختلاق واقعة لم تحدث، هذا الافتراء، يعني عندما أقول مثلا أنا ألقيت محاضرة في هذه الأكاديمية اليوم مثلا قبل العصر هل هذا حدث؟ هذا لم يحدث، فهذا افتراء، فمعنى (لتفتري علينا غيره) معناها أنهم يريدونك أن تقرأ قرآنا على هواهم. نعم، هو كذب، نوع من أنواع الكذب لكن الافتراء اشد من الكذب. يعني أقبح وأشنع أنواع الكذب الإفك، يليه الإفتراء، الكذب هو إخبار بغير الحقيقة والواقع. الإفك إخبار بقلب الحقيقة والواقع، يعني الإفك فيه حقيقة لكن المتحدث يقلبها، يقلب الحقيقة، وأنا مثلت له مرارا يعني الافتراء يختلق أمرا لم يحدث شيء لم يحصل، فالافتراء من السهل جدا أن يُكذِّبه الإنسان، أو أن ينفيه الإنسان. طيب (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) هل قوله (لتفتري علينا غيره) لو كان الأسلوب بدون كاد التي تدل على أن هذا لم يحدث ولن يحدث هل معنى (لتفتري علينا غيره) هل هذا الافتراء ورد في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا.. لأن هناك قاعدة لابد أن نفهمها بهدوء.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
4⃣
الفعل الذي دخل عليه لام التعليل لا يفيد إلا أمرا واحدا وهو أن الحدث المذكور أو الفعل المذكور أُسند الى الفاعل فقط لكن هل الفاعل أحدث المفعول؟ لا، ليس بالضرورة أن يكون قد أحدث المفعول، يعني مثلا ضربت ابني ليذاكر درسه، لام التعليل هنا دخلت على الفعل يذاكر تمام، والفاعل ضمير مستتر يعود على ابنه وتقديره هو، فلام التعليل تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط. لكن هل هو ذاكر الدرس؟ يعني ممكن اضربه، أنا ضربته ليذاكر درسه لكن الأسلوب هكذا لم يفد أنه ذاكر الدرس لأن لام التعليل لا تدل على أن الفاعل أحدث الفعل وأوقعه على المفعول. واضح، وإلا أقول مرة أخرى.
مثلا حضّرت؟ الغداء لإبني ليأكل الطعام أو ليأكل طعامه، أو ليأكل اللحم مثلا. اللام لا تفيد أنه أكل اللحم، ولا تفيد أنه أكل الطعام، لام التعليل تعلل الفعل. واسناد الفعل للفاعل لكن لا تُسند إيقاع الفعل على المفعول.
أقول مرة أخرى: لام التعليل عندما تدخل على الفعل تفيد إسناد الفعل للفاعل، ليأكل هو بس فقط أكل الخبز؟ ليس بالضرورة، أكل اللحم اللي هو المفعول الذي كان ينبغي أن يأكله، يعني لام التعليل لا تفيد إيقاع الفعل على المفعول إنما تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط هذا المعنى في قوله تعالى (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا).
(وإذا لاتخذوك خليلا) الواو العاطفة هنا ماذا تفيد لأن إذا التي هي حرف جواب وجزاء هي التي يُخبر بها هنا، يعني هم يتمنون أن يفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وبالتالي يكافئونك بأن يتخذوك خليلا، يعني (إذا لاتخذوك خليلا) لو فعلت ذلك ستكون خليلهم، لو أنك فُتنت وافتريت غير الآيات التي طلبوها منك لاتخذوك خليلا فلماذا أتى القرآن بالواو العاطفة هنا؟ وسأذكر لكم الآية التي بعدها (ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) لماذا لم يقل وإذا لأذقناك هنا؟ يعني الواو جاءت مع إذا الأولى. الواو أفادت في وجودها دلالة وهي: أن القرآن يذكر لنا حالة من أحوالهم في ذكر أباطيلهم، حالة من أحوال هؤلاء الكافرين في ذكر أباطيلهم وليس المقصود أن الجواب هنا بإذن يحدث أو لا يحدث، إنما يريد الله أن يذكر لنا حالة أخرى من أحوال عقولهم وقلوبهم المريضة. فهمتم ولا أمثلها لكم بكلام خارجي، وأسأل الله أن يغفر لي ولكم.
عندما تقولون فلان الفلاني أخذ ابني وضحك عليه، وطمعه في كذا وكذا. وإذا وعده بالزواج من ابنته، يعني أنت تندد أنه أيضا فوق هذا كله الذي أفسده عليك أنه عشمه بالزواج من ابنته. فهمتم كيف أن القرآن يذكر لنا ذكر حالة من أحوالهم، - صعب أنا عارف - يعني الواو أتت تنديدا عليهم بكونهم يفكرون، فقط يفكرون في أنهم يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا لاتخذوك خليلا، أو إذا لاتخذناك خليلا، إذا الثانية (إذا لأذقناك ضعف الحياة) هل جملة (لأذقناك ضعف الحياة) ذكر حال آخر من أحوالهم؟ أم أن هذا من الله تبارك وتعالى؟ أخذنا بالنا من الفرق؟ يعني هناك قال (وإذا لاتخذوك خليلا) إنما في الآية الثانية قال (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) ولذلك يكون التقدير: فلو صرفوك عن بعض ما أوحينا إليك لاتخذوك خليلا، يعني يكون المعنى هذا. أنا قلتها أكثر من مرة الآن، يعني (وإذا لاتخذوك خليلا) ليس المراد (إذا) الجواب والجزاء أن يحدث لك أن يتخذوك خليلا، لأ. المراد التنديد عليهم في أنهم يعرضون هذا العرض. تعرفون عندما تنددون على أحد وتقولون ويقول كذا وكذا ايضا يعني كأنه لم يكتفِ بالكلام الأول.
(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (ولولا أن ثبتناك)
قبل أن أبين هذا المعنى هذه الآية ونأخذ ما فيها أقول: احذرو .الإغراءات التي يغري بها شياطين الإنس أولادكم. لأن الله تبارك وتعالى عندما يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم هكذا فإنه يلفت نظرنا إلى هذه القضية، أنت نفسك وأنتِ نفسك، إحذري الإغراءات التي تعرض عليك، واحذروا الإغراءات التي تعرض على الأولاد، واجمعوا هذه الآية مع قول النبي صلى الله عليه وسلم معلما إيانا (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ولذلك عندما تنظرون في أمور حصلت قريبا إغراء، وإغراء وصل إلى أحد ممن كان على خير وإذا به يتحول من إلى.
4⃣
الفعل الذي دخل عليه لام التعليل لا يفيد إلا أمرا واحدا وهو أن الحدث المذكور أو الفعل المذكور أُسند الى الفاعل فقط لكن هل الفاعل أحدث المفعول؟ لا، ليس بالضرورة أن يكون قد أحدث المفعول، يعني مثلا ضربت ابني ليذاكر درسه، لام التعليل هنا دخلت على الفعل يذاكر تمام، والفاعل ضمير مستتر يعود على ابنه وتقديره هو، فلام التعليل تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط. لكن هل هو ذاكر الدرس؟ يعني ممكن اضربه، أنا ضربته ليذاكر درسه لكن الأسلوب هكذا لم يفد أنه ذاكر الدرس لأن لام التعليل لا تدل على أن الفاعل أحدث الفعل وأوقعه على المفعول. واضح، وإلا أقول مرة أخرى.
مثلا حضّرت؟ الغداء لإبني ليأكل الطعام أو ليأكل طعامه، أو ليأكل اللحم مثلا. اللام لا تفيد أنه أكل اللحم، ولا تفيد أنه أكل الطعام، لام التعليل تعلل الفعل. واسناد الفعل للفاعل لكن لا تُسند إيقاع الفعل على المفعول.
أقول مرة أخرى: لام التعليل عندما تدخل على الفعل تفيد إسناد الفعل للفاعل، ليأكل هو بس فقط أكل الخبز؟ ليس بالضرورة، أكل اللحم اللي هو المفعول الذي كان ينبغي أن يأكله، يعني لام التعليل لا تفيد إيقاع الفعل على المفعول إنما تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط هذا المعنى في قوله تعالى (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا).
(وإذا لاتخذوك خليلا) الواو العاطفة هنا ماذا تفيد لأن إذا التي هي حرف جواب وجزاء هي التي يُخبر بها هنا، يعني هم يتمنون أن يفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وبالتالي يكافئونك بأن يتخذوك خليلا، يعني (إذا لاتخذوك خليلا) لو فعلت ذلك ستكون خليلهم، لو أنك فُتنت وافتريت غير الآيات التي طلبوها منك لاتخذوك خليلا فلماذا أتى القرآن بالواو العاطفة هنا؟ وسأذكر لكم الآية التي بعدها (ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) لماذا لم يقل وإذا لأذقناك هنا؟ يعني الواو جاءت مع إذا الأولى. الواو أفادت في وجودها دلالة وهي: أن القرآن يذكر لنا حالة من أحوالهم في ذكر أباطيلهم، حالة من أحوال هؤلاء الكافرين في ذكر أباطيلهم وليس المقصود أن الجواب هنا بإذن يحدث أو لا يحدث، إنما يريد الله أن يذكر لنا حالة أخرى من أحوال عقولهم وقلوبهم المريضة. فهمتم ولا أمثلها لكم بكلام خارجي، وأسأل الله أن يغفر لي ولكم.
عندما تقولون فلان الفلاني أخذ ابني وضحك عليه، وطمعه في كذا وكذا. وإذا وعده بالزواج من ابنته، يعني أنت تندد أنه أيضا فوق هذا كله الذي أفسده عليك أنه عشمه بالزواج من ابنته. فهمتم كيف أن القرآن يذكر لنا ذكر حالة من أحوالهم، - صعب أنا عارف - يعني الواو أتت تنديدا عليهم بكونهم يفكرون، فقط يفكرون في أنهم يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا لاتخذوك خليلا، أو إذا لاتخذناك خليلا، إذا الثانية (إذا لأذقناك ضعف الحياة) هل جملة (لأذقناك ضعف الحياة) ذكر حال آخر من أحوالهم؟ أم أن هذا من الله تبارك وتعالى؟ أخذنا بالنا من الفرق؟ يعني هناك قال (وإذا لاتخذوك خليلا) إنما في الآية الثانية قال (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) ولذلك يكون التقدير: فلو صرفوك عن بعض ما أوحينا إليك لاتخذوك خليلا، يعني يكون المعنى هذا. أنا قلتها أكثر من مرة الآن، يعني (وإذا لاتخذوك خليلا) ليس المراد (إذا) الجواب والجزاء أن يحدث لك أن يتخذوك خليلا، لأ. المراد التنديد عليهم في أنهم يعرضون هذا العرض. تعرفون عندما تنددون على أحد وتقولون ويقول كذا وكذا ايضا يعني كأنه لم يكتفِ بالكلام الأول.
(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (ولولا أن ثبتناك)
قبل أن أبين هذا المعنى هذه الآية ونأخذ ما فيها أقول: احذرو .الإغراءات التي يغري بها شياطين الإنس أولادكم. لأن الله تبارك وتعالى عندما يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم هكذا فإنه يلفت نظرنا إلى هذه القضية، أنت نفسك وأنتِ نفسك، إحذري الإغراءات التي تعرض عليك، واحذروا الإغراءات التي تعرض على الأولاد، واجمعوا هذه الآية مع قول النبي صلى الله عليه وسلم معلما إيانا (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ولذلك عندما تنظرون في أمور حصلت قريبا إغراء، وإغراء وصل إلى أحد ممن كان على خير وإذا به يتحول من إلى.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
5⃣
إذا (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) قلت سابقا إن لولا حرف امتناع لوجود، حرف امتناع الجواب لوجود الشرط الذي هو فعل الشرط. (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا هو الممتنع، وامتُنع لماذا؟ لتثبيت الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. إذا ما بعد (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا كله داخل في الممتنع حتى توكيد الفعل بـ (قد) أيضا داخل في الممتنع.
طيب التثبيت لأن الله خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هنا خطابا ذاتيا يعني خاطبه في ذاته (ولولا أن ثبتناك) (لقد كدت تركن) فهل التثبيت هنا؟ مقصود به التثبيت في الذات؟ يعني أن نثبت ذاتك؟ لا، المقصود تثبيت الفهم والرأي، الفكر والرأي، ولذلك حتى قوله تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) الركون إلى الشيء الاستناد عليه والميل إليه، يعني وأنا ركنت إلى جدار بيتك، ركنت إلى الجدر يعني وضعت يدي أو جسمي على الجدار خوفا من أن أقع مثلا، فيه دوخة أو في شيء ما، تمام، (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ليس استنادا ذاتيا مع أن المخاطب هو الذات، إنما لا تركنوا إليهم بفهمكم وبفكركم وبرأيكم، انتبهوا لأفكاركم.
أقول مرة أخرى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم) أيضا استعمل (كاد) مرة أخرى (شيئا قليلا) طبعا لقد كل (كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا في الممتنع، يعني التثبيت هو الثابت الحاصل، إنما من أول (لقد كدت تركن) الركون هذا كله غير حاصل، بل ممتنع بالكلية، وأيضا تجد هناك في الأسلوب ما يؤكد ذلك:
● أولا (لولا) التي دلت على امتناع الجواب. هذا أول شيء.
● وفعل المقاربة (كدت) ومعناه أن الركون لم يقع.
● أيضا عندما أراد الحق جل وعلا أن يؤكد تركن هل قال لقد كدت تركن إليهم ركونا قليلا؟ وإلا (لقد كدت تركن إليهم شيئا) والشيء معناها تحقير يعني مع أنه منفي من الأصل، إنما الشيء هنا تحقير بخلاف ما لو قال لقد كدت تركن إليهم ركونا، فربما يفهم منه أنه كان يركن إليهم لكنه ركونا غير مؤكد. وبين التقليل في هذا الأسلوب في قوله (شيئا قليلا) يعني تحقير وتقليل في قوله (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا).
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات)
(إذا لأذقناك) هنا كما قلت ما أتى بالواو لأن الجواب هنا ليس ذكرا لحالة هؤلاء الكافرين، لا هذا من الله، لو أنك حصل كذا، وطبعا هذا أيضا داخل في الإمتناع.
(ضعف الحياة وضعف الممات) ما المراد بضعف الحياة؟ وما المراد بضعف الممات؟
معلوم أن الحياة الدنيا تدور بين فرح وحزن. يعني الدنيا بالنسبة لأي أحد فينا ما هي إلا حزن وفرح أليس كذلك؟ ولذلك يوم أن قلت في أسلوب القصر في قوله تعالى (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) قلت ليس المراد ها هنا أن الله يريد أن يدلل بهذا الأسلوب الذي هو القصر على أن الدنيا عبارة عن لهو ولعب، لا.. لأن الدنيا ليست لهوا ولعبا، هو أراد فقط أن يبين قيمة الدنيا أو وقت الدنيا أمام وقت الآخرة (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) هي الحياة الباقية.
إذا (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا)
وأتوقف هاهنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من الذين يقرؤون القرآن. فيفهمونه، فيتدبرونه فيطبقونه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يرزقني وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر. وحسن التطبيق. وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
5⃣
إذا (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) قلت سابقا إن لولا حرف امتناع لوجود، حرف امتناع الجواب لوجود الشرط الذي هو فعل الشرط. (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا هو الممتنع، وامتُنع لماذا؟ لتثبيت الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. إذا ما بعد (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا كله داخل في الممتنع حتى توكيد الفعل بـ (قد) أيضا داخل في الممتنع.
طيب التثبيت لأن الله خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هنا خطابا ذاتيا يعني خاطبه في ذاته (ولولا أن ثبتناك) (لقد كدت تركن) فهل التثبيت هنا؟ مقصود به التثبيت في الذات؟ يعني أن نثبت ذاتك؟ لا، المقصود تثبيت الفهم والرأي، الفكر والرأي، ولذلك حتى قوله تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) الركون إلى الشيء الاستناد عليه والميل إليه، يعني وأنا ركنت إلى جدار بيتك، ركنت إلى الجدر يعني وضعت يدي أو جسمي على الجدار خوفا من أن أقع مثلا، فيه دوخة أو في شيء ما، تمام، (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ليس استنادا ذاتيا مع أن المخاطب هو الذات، إنما لا تركنوا إليهم بفهمكم وبفكركم وبرأيكم، انتبهوا لأفكاركم.
أقول مرة أخرى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم) أيضا استعمل (كاد) مرة أخرى (شيئا قليلا) طبعا لقد كل (كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا في الممتنع، يعني التثبيت هو الثابت الحاصل، إنما من أول (لقد كدت تركن) الركون هذا كله غير حاصل، بل ممتنع بالكلية، وأيضا تجد هناك في الأسلوب ما يؤكد ذلك:
● أولا (لولا) التي دلت على امتناع الجواب. هذا أول شيء.
● وفعل المقاربة (كدت) ومعناه أن الركون لم يقع.
● أيضا عندما أراد الحق جل وعلا أن يؤكد تركن هل قال لقد كدت تركن إليهم ركونا قليلا؟ وإلا (لقد كدت تركن إليهم شيئا) والشيء معناها تحقير يعني مع أنه منفي من الأصل، إنما الشيء هنا تحقير بخلاف ما لو قال لقد كدت تركن إليهم ركونا، فربما يفهم منه أنه كان يركن إليهم لكنه ركونا غير مؤكد. وبين التقليل في هذا الأسلوب في قوله (شيئا قليلا) يعني تحقير وتقليل في قوله (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا).
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات)
(إذا لأذقناك) هنا كما قلت ما أتى بالواو لأن الجواب هنا ليس ذكرا لحالة هؤلاء الكافرين، لا هذا من الله، لو أنك حصل كذا، وطبعا هذا أيضا داخل في الإمتناع.
(ضعف الحياة وضعف الممات) ما المراد بضعف الحياة؟ وما المراد بضعف الممات؟
معلوم أن الحياة الدنيا تدور بين فرح وحزن. يعني الدنيا بالنسبة لأي أحد فينا ما هي إلا حزن وفرح أليس كذلك؟ ولذلك يوم أن قلت في أسلوب القصر في قوله تعالى (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) قلت ليس المراد ها هنا أن الله يريد أن يدلل بهذا الأسلوب الذي هو القصر على أن الدنيا عبارة عن لهو ولعب، لا.. لأن الدنيا ليست لهوا ولعبا، هو أراد فقط أن يبين قيمة الدنيا أو وقت الدنيا أمام وقت الآخرة (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) هي الحياة الباقية.
إذا (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا)
وأتوقف هاهنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من الذين يقرؤون القرآن. فيفهمونه، فيتدبرونه فيطبقونه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يرزقني وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر. وحسن التطبيق. وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
1⃣
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى. أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف. بينت في اللقاء السابق المعنى المراد من قوله تعالى (واتل أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) والمعنى العام استمر يا محمد في قراءة وتلاوة واتباع ما أوحي إليك من ربك فقط ولا تسمع لهؤلاء الذين يريدونك أن تغير الآيات التي ليست على هواهم فالله كما ذكر لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا يعني ملجأ لو سمعت كلامهم.
ثم يأمره الله تبارك وتعالى بقوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
هذه الآية مرتبطة بالآية الأولى وهي آية (واتل ما أوحي إليك) لأنها كانت ردا على طلبهم، على طلب المشركين الذين ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن كنت تريدنا أن نجلس في مجلسك ونسمع لك ونؤمن بك فاطرد هؤلاء، هؤلاء ضعاف وهؤلاء فقراء فنخشى أن يرانا أحد من العرب فيلوموننا كيف نجلس معهم في مجلس واحد، وهؤلاء بالنسبة لنا يعتبرون مستواهم أقل من مستوانا كثيرا.
الله تبارك وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقوله (ولا تطرد للذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فأمره ألا تطرد هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل لكن ربما أملا في أن يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعدون من كبار قريش. فالله تبارك وتعالى نهى النبي أن يطرد هؤلاء أولا، ثم أمره على الجانب الآخر أن يصبر نفسه معهم، يعني رقم واحد نهاه أن يطردهم، والأمر الآخر أمره أن يصبر نفسه معهم، وتأملوا إلى دقة التعبير القرآني عندما يقول الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) هذا نهي أن تطردهم لأن هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشي، ما معنى يدعون ربهم بالغداة والعشي؟ معناها أنهم يؤمنون به، وفي هذا تعريض بالمشركين فالله تبارك وتعالى ينهاه أن يطردهم وهؤلاء هم عند الله أصحاب مكانة عظيمة، وتأملوا أنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي للغداة الذي هو وقت الصباح، والعشي الذي هو من وقت الزوال الذي هو آخر النهار ولذلك نأخذ منها هنا دلالة وجوب ذكر الله والاستغفار في هذا الوقت، وهو وقت الغداء في الصباح وهي أذكار الصباح، ووقت العشاء وهي أذكار العشي، فهؤلاء مدحهم الله تبارك وتعالى بذلك، وطالما أن رب العزة مدحهم بذلك إذا هو يحب ذلك جل وعلا، فيحب من عباده أن يدعونه بالغداة والعشي ثم وصفهم بوصف يتمنى الكثير منا أن يحقق هذا الوصف وهو الإخلاص في عبادتهم لربهم، فيبين الله أنهم لم يريدوا بتلك العبادة، أو بهذا الدعاء الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي إلا أن يريدوا وجهه فما يريدون بعبادتهم إلا وجه الله تبارك وتعالى، وهذا وصف لحالهم في الإخلاص أنهم يعبدون الله بإخلاص ثم بيّن الله قاعدة مهمة ها هنا (ما عليك من حسابهم من شيء) يعني عندما يحاسبهم سيحاسبهم الله تبارك وتعالى وهو الذي سيحاسبهم، وأنت غير مسؤول، وأنت لن تُسأل عن حسابهم في شيء، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء. بمعنى أنهم لن يحاسبوا نيابة عنك ولن يتحملوا أوزارك، فلا تزر وازرة وزر أخرى وأنت لن تتحمل أوزارهم فلماذا تطردهم؟ لا تطرد هؤلاء لكن الأهم هو الدرس الذي نتعلمه ها هنا. مكانة الإنسان عند ربه تقاس بأي مقياس؟ هل تقاس بقبيلته؟ هل تقاس بعشيرته؟ هل تقاس بكثرة أمواله؟ هل تقاس بجاهه أو بسلطانه؟ لا، إنما تقاس بتقواه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قوله (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) بعض من أهل البلاغة يرون أن الجملة الثانية وهي (وما من حسابك عليهم من شيء) تسمى عندهم التتميم، يعني ذكر الله المقابل ليتم معنى الجملة الأولى وهي (ما عليك من حسابهم من شيء) كما نقول لا أنت تتحمل حسابهم ولا هم يتحملون حسابك.
1⃣
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى. أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف. بينت في اللقاء السابق المعنى المراد من قوله تعالى (واتل أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) والمعنى العام استمر يا محمد في قراءة وتلاوة واتباع ما أوحي إليك من ربك فقط ولا تسمع لهؤلاء الذين يريدونك أن تغير الآيات التي ليست على هواهم فالله كما ذكر لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا يعني ملجأ لو سمعت كلامهم.
ثم يأمره الله تبارك وتعالى بقوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
هذه الآية مرتبطة بالآية الأولى وهي آية (واتل ما أوحي إليك) لأنها كانت ردا على طلبهم، على طلب المشركين الذين ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن كنت تريدنا أن نجلس في مجلسك ونسمع لك ونؤمن بك فاطرد هؤلاء، هؤلاء ضعاف وهؤلاء فقراء فنخشى أن يرانا أحد من العرب فيلوموننا كيف نجلس معهم في مجلس واحد، وهؤلاء بالنسبة لنا يعتبرون مستواهم أقل من مستوانا كثيرا.
الله تبارك وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقوله (ولا تطرد للذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فأمره ألا تطرد هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل لكن ربما أملا في أن يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعدون من كبار قريش. فالله تبارك وتعالى نهى النبي أن يطرد هؤلاء أولا، ثم أمره على الجانب الآخر أن يصبر نفسه معهم، يعني رقم واحد نهاه أن يطردهم، والأمر الآخر أمره أن يصبر نفسه معهم، وتأملوا إلى دقة التعبير القرآني عندما يقول الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) هذا نهي أن تطردهم لأن هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشي، ما معنى يدعون ربهم بالغداة والعشي؟ معناها أنهم يؤمنون به، وفي هذا تعريض بالمشركين فالله تبارك وتعالى ينهاه أن يطردهم وهؤلاء هم عند الله أصحاب مكانة عظيمة، وتأملوا أنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي للغداة الذي هو وقت الصباح، والعشي الذي هو من وقت الزوال الذي هو آخر النهار ولذلك نأخذ منها هنا دلالة وجوب ذكر الله والاستغفار في هذا الوقت، وهو وقت الغداء في الصباح وهي أذكار الصباح، ووقت العشاء وهي أذكار العشي، فهؤلاء مدحهم الله تبارك وتعالى بذلك، وطالما أن رب العزة مدحهم بذلك إذا هو يحب ذلك جل وعلا، فيحب من عباده أن يدعونه بالغداة والعشي ثم وصفهم بوصف يتمنى الكثير منا أن يحقق هذا الوصف وهو الإخلاص في عبادتهم لربهم، فيبين الله أنهم لم يريدوا بتلك العبادة، أو بهذا الدعاء الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي إلا أن يريدوا وجهه فما يريدون بعبادتهم إلا وجه الله تبارك وتعالى، وهذا وصف لحالهم في الإخلاص أنهم يعبدون الله بإخلاص ثم بيّن الله قاعدة مهمة ها هنا (ما عليك من حسابهم من شيء) يعني عندما يحاسبهم سيحاسبهم الله تبارك وتعالى وهو الذي سيحاسبهم، وأنت غير مسؤول، وأنت لن تُسأل عن حسابهم في شيء، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء. بمعنى أنهم لن يحاسبوا نيابة عنك ولن يتحملوا أوزارك، فلا تزر وازرة وزر أخرى وأنت لن تتحمل أوزارهم فلماذا تطردهم؟ لا تطرد هؤلاء لكن الأهم هو الدرس الذي نتعلمه ها هنا. مكانة الإنسان عند ربه تقاس بأي مقياس؟ هل تقاس بقبيلته؟ هل تقاس بعشيرته؟ هل تقاس بكثرة أمواله؟ هل تقاس بجاهه أو بسلطانه؟ لا، إنما تقاس بتقواه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قوله (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) بعض من أهل البلاغة يرون أن الجملة الثانية وهي (وما من حسابك عليهم من شيء) تسمى عندهم التتميم، يعني ذكر الله المقابل ليتم معنى الجملة الأولى وهي (ما عليك من حسابهم من شيء) كما نقول لا أنت تتحمل حسابهم ولا هم يتحملون حسابك.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
2⃣
لكن عندما ننظر إلى ذكر الجملة الثانية هذه (وما من حسابك عليهم من شيء) نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع مقام هؤلاء الذين يرونهم المشركون أنهم ضعفاء، رفع مقامهم إلى أعلى عليين لدرجة أن الله تبارك وتعالى كما يخاطب النبي بأنك لن تتحمل شيئا من حسابهم يخاطبه بأنهم أيضا لن يتحملوا شيئا من حسابك، فهذا فيه جبر للخاطر، جبر الله خاطر هؤلاء الضعفاء عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) يعني فإذا طردتهم (فتكون من الظالمين) فنقول: الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (فتكون من الظالمين) نعم، ولذلك أعاد كلمة فتطردهم مرة ثانية، مع أن (فتطردهم) مفهومة من قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) بمعنى إنك إن طردتهم تكون من الظالمين. لماذا؟ لأنك ستطردهم إرضاء لهؤلاء المشركين وإذا فعلت أمرا إرضاء للعباد دون إرضاء رب العباد فتكون من الظالمين، ولذلك، جملة (فتكون من الظالمين) نعتبرها ثابتة في المعنى وإلا منفية في المعنى؟ هي منفية تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطردهم، فطالما لم يطردهم انتفى كونه من الظالمين. إذا جملة (فتكون من الظالمين) منفية في المعنى ووقوعا لأن طردهم لم يحدث وهذا هو الأهم الذي ينبغي أن نفهمه. إذا نأخذ من هذه الآية أن مكانة الإنسان عند الله بتقواه (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره) فهي مكانة عظيمة بإخلاصه لله جل وعلا طاعة امتثالا للأمر، واجتنابا للنهي.
بعد ذلك الفاء في قوله (فتكون من الظالمين) عاطفة على (فتطردهم) بدليل أن الفعل (تكون) منصوب يعني فتطردهم فتكون من الظالمين لأن فاء التفريع لا عمل لها في اللفظ الذي تدخل عليه، إنما دورها في المعنى فقط أنها فرعت كذا على كذا، فهي تفيد هاهنا العطف.
ثم يبين الله تبارك وتعالى أنه كذلك فتن بعضهم ببعض (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) الفتنة هي: الاختبار والابتلاء، وأصل كلمة فتنة من إدخال الذهب النار ليذهب ما علق به. تعرفون الذهب إذا ذهبتم لبيعه أول ما يفعله المشتري منكم أنه يدخل هذا الذهب النار، النار هي التي تخرج ما علق بالذهب من أمور. إما أتربة، إما عجين، إما وإما، المهم حتى يجعله ذهبا خالصا فكذلك الفتنة استعملت في هذا المعنى أنها تكون اختبارا وتمحيصا. ولذلك هل الفتنة مذمومة في ذاتها؟ لا، الفتنة ليست مذمومة في ذاتها. إنما يذم ما تؤول إليه.
يعني أحد الناس فُتن فلم ينجح في الفتنة ولم ينجح في الاختبار، عدم نجاحه جعلها مذمومة بسببه، إنما الفتنة في الأصل ليست مسمومة لأنها تمحص، ولأنها تبين الصدق من الكذب. ولذلك ذكر الله في هذه الآية بعضين (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) بعض مستعلي مستكبر يطالب بطرد الضعاف والبعض الآخر ضعاف في نظر هؤلاء. ففتن هؤلاء بهؤلاء ليقولوا (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) هم يقولونها استهزاء واحتقارا، يعني هل هؤلاء هم الذين منّ الله عليهم من بيننا؟
فيرد الله عليهم (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة.
2⃣
لكن عندما ننظر إلى ذكر الجملة الثانية هذه (وما من حسابك عليهم من شيء) نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع مقام هؤلاء الذين يرونهم المشركون أنهم ضعفاء، رفع مقامهم إلى أعلى عليين لدرجة أن الله تبارك وتعالى كما يخاطب النبي بأنك لن تتحمل شيئا من حسابهم يخاطبه بأنهم أيضا لن يتحملوا شيئا من حسابك، فهذا فيه جبر للخاطر، جبر الله خاطر هؤلاء الضعفاء عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) يعني فإذا طردتهم (فتكون من الظالمين) فنقول: الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (فتكون من الظالمين) نعم، ولذلك أعاد كلمة فتطردهم مرة ثانية، مع أن (فتطردهم) مفهومة من قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) بمعنى إنك إن طردتهم تكون من الظالمين. لماذا؟ لأنك ستطردهم إرضاء لهؤلاء المشركين وإذا فعلت أمرا إرضاء للعباد دون إرضاء رب العباد فتكون من الظالمين، ولذلك، جملة (فتكون من الظالمين) نعتبرها ثابتة في المعنى وإلا منفية في المعنى؟ هي منفية تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطردهم، فطالما لم يطردهم انتفى كونه من الظالمين. إذا جملة (فتكون من الظالمين) منفية في المعنى ووقوعا لأن طردهم لم يحدث وهذا هو الأهم الذي ينبغي أن نفهمه. إذا نأخذ من هذه الآية أن مكانة الإنسان عند الله بتقواه (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره) فهي مكانة عظيمة بإخلاصه لله جل وعلا طاعة امتثالا للأمر، واجتنابا للنهي.
بعد ذلك الفاء في قوله (فتكون من الظالمين) عاطفة على (فتطردهم) بدليل أن الفعل (تكون) منصوب يعني فتطردهم فتكون من الظالمين لأن فاء التفريع لا عمل لها في اللفظ الذي تدخل عليه، إنما دورها في المعنى فقط أنها فرعت كذا على كذا، فهي تفيد هاهنا العطف.
ثم يبين الله تبارك وتعالى أنه كذلك فتن بعضهم ببعض (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) الفتنة هي: الاختبار والابتلاء، وأصل كلمة فتنة من إدخال الذهب النار ليذهب ما علق به. تعرفون الذهب إذا ذهبتم لبيعه أول ما يفعله المشتري منكم أنه يدخل هذا الذهب النار، النار هي التي تخرج ما علق بالذهب من أمور. إما أتربة، إما عجين، إما وإما، المهم حتى يجعله ذهبا خالصا فكذلك الفتنة استعملت في هذا المعنى أنها تكون اختبارا وتمحيصا. ولذلك هل الفتنة مذمومة في ذاتها؟ لا، الفتنة ليست مذمومة في ذاتها. إنما يذم ما تؤول إليه.
يعني أحد الناس فُتن فلم ينجح في الفتنة ولم ينجح في الاختبار، عدم نجاحه جعلها مذمومة بسببه، إنما الفتنة في الأصل ليست مسمومة لأنها تمحص، ولأنها تبين الصدق من الكذب. ولذلك ذكر الله في هذه الآية بعضين (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) بعض مستعلي مستكبر يطالب بطرد الضعاف والبعض الآخر ضعاف في نظر هؤلاء. ففتن هؤلاء بهؤلاء ليقولوا (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) هم يقولونها استهزاء واحتقارا، يعني هل هؤلاء هم الذين منّ الله عليهم من بيننا؟
فيرد الله عليهم (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
3⃣
يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم.
الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم.
إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت. إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره.
طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا. صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
3⃣
يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم.
الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم.
إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت. إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره.
طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا. صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
4⃣
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته.
المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
4⃣
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته.
المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
5⃣
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع. لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره.
إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
5⃣
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع. لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره.
إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٨)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وها نحن مع تدبر سورة الكهف وتوقفنا عند قول الله تبارك وتعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
بعدها (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في الآية السابقة يبين الله تبارك وتعالى أن مكانة الإنسان عند الله تبارك وتعالى. ليست بهيئته، وليست بمكانته في الدنيا، وليست بغناه أو بفقره، إنما كما ذكر الله في كتابه الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالله تبارك وتعالى رفع شأن المؤمنين الضعفاء في الآية السابقة عندما أمر الله رسوله أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وهذه قاعدة لا بد أن نعلمها مقياس الإنسان ليس بماله ولا بعلمه، ولا بمؤهلاته، ولا بعمله، ولا بسلطانه، إنما مكانته بقربه من الله تبارك وتعالى. فالله جلت قدرته بيّن الحرص على هذا الأمر، وهناك حكمة أخرى: أن الله تبارك وتعالى لم يشأ أن يقيم هذا الدين بهؤلاء الكبار من قريش، يعني ما أراد الله لهذا الدين أن يقوم بهم، لماذا؟ لشهرتهم في القوة وشهرتهم في السيطرة فربما يظنون أنهم هو الذين أقاموا هذا الدين، وهم الذين صنعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما أراد الله جل وعلا أن يصنع محمدا بإيمان المؤمنين حتى لو كانوا من الضعفاء. وتلك حكمة من الله تبارك وتعالى فبعد أن قال له ونهاه أن يطيع من أغفل قلبه وأذكركم أن قوله من أغفل قلبه ليس معناها من صده عن ذكر الله إنما من وجد قلبه غافلا، فأغفله الله. وهذه أيضا قاعدة نحن نعلمها وتكلمنا فيها كثيرا.
ثم بين أن هذا الذي أغفل قلبه اتبع هواه وكان أمره فرطا أي: مجاوزا للحد في كل شيء.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم. أن يقول لهؤلاء (الحق من ربكم) يعني أنا جئتكم بالكتاب الحق، وبالدين الحق من ربكم، ولذلك كلمة (الحق) خبر لمبتدئ محذوف: قل هو الحق من ربكم، يعني أن هذا القرآن هو الحق من ربكم. وهذه قاعدة أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول له قل لهؤلاء الذين أغفلناهم عن ذكرنا، قل لهم أن هذا الذي جئتكم به هو الحق الذي لا مريت فيه ولا شك فيه.
ثم قال الله بعد ذلك، بعد أن أكد أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هذه الجملة تخيير؟ يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر.
عندنا في اللغة الأمر قد لا يكون منه مطلوبا، يعني قد لا يكون منه مطلوب من المخاطب ففي هذه الحالة ينصرف إلى. التهكم بالمخاطب. يعني عندما ترى ولدك مهملا في مذاكرته، ومهملا في مسؤولياته فأنت تقول له العب ما شئت، هل معنى ذلك أنك تقول له العب كما تريد؟ هل أنت تريد أن تقول له افعل ما تريد؟ وإنما السياق يقتضي أنك تتهكم به. وهذا التهكم الذي يحكمه السياق كما قال الله تعالى (اعملوا ما شئتم) هل (اعملوا ما شئتم) معناها أن كل واحد يعمل ما يشاء، من أراد أن يطيع فليطيع، ومن أراد أن يعصي فليعصي؟ بالتأكيد لا، إنما (اعملوا ما شئتم) هذه الجملة تهديد ووعيد وتهكم بهم. ولذلك قال الله بعدها (إنه بما تعملون بصير) وحتى تعرفون أن السياق هو الذي يحدد معناها، يعني جملة (اعملوا ما شئتم) هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنى غير المعنى الموجود في قوله (اعملوا ما شئتم) التي في كتاب الله التي في سورة فصلت، متى قالها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة طلحة بن مسعود أظن، الذي كان قبل هجرة النبي بأيام أرسل رسالة لأهل مكة يخبرهم بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرر أن يأتيكم في يوم كذا الساعة كذا وأعطاهم امرأة كانت ذاهبة من المدينة إلى مكة، والمرأة وضعت الرسالة في طرحتها، فالله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وقال له إن المرأة في الطريق الفلاني إلى مكة ومعها الرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل خلفها صحابيين اثنين فأتوا بها وأتوا بالرسالة التي معها، وأحضر النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة وأجلسه أمامه وقال له اقرأ هذه الرسالة، فبالطبع يعني حاطب أُسقط في يده، فقال يعني يا رسول الله. أنا ليس لي عائلة ولا قرابة في مكة فخفت أن أكون ضعيفا بين أهل مكة أما إخواني من الصحابة فكل منهم له قبيلته، وله عشيرته وأنا لا قبيلة لي ولا عشيرة، فأردت أن أفعل هذا حتى تكون لي مكانة عند قريش. فهم عمر رضي الله عنه، وقال دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم (اتركه يا عمر فلعل الله اطّلع على أهل بدر وقال لهم اعملوا ما شئتم) لأن حاطب كان قد حضر غزوة بدر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلتمس له بعض المحامد التي تجعله يسامحه على هذا الفعل.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وها نحن مع تدبر سورة الكهف وتوقفنا عند قول الله تبارك وتعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
بعدها (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في الآية السابقة يبين الله تبارك وتعالى أن مكانة الإنسان عند الله تبارك وتعالى. ليست بهيئته، وليست بمكانته في الدنيا، وليست بغناه أو بفقره، إنما كما ذكر الله في كتابه الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالله تبارك وتعالى رفع شأن المؤمنين الضعفاء في الآية السابقة عندما أمر الله رسوله أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وهذه قاعدة لا بد أن نعلمها مقياس الإنسان ليس بماله ولا بعلمه، ولا بمؤهلاته، ولا بعمله، ولا بسلطانه، إنما مكانته بقربه من الله تبارك وتعالى. فالله جلت قدرته بيّن الحرص على هذا الأمر، وهناك حكمة أخرى: أن الله تبارك وتعالى لم يشأ أن يقيم هذا الدين بهؤلاء الكبار من قريش، يعني ما أراد الله لهذا الدين أن يقوم بهم، لماذا؟ لشهرتهم في القوة وشهرتهم في السيطرة فربما يظنون أنهم هو الذين أقاموا هذا الدين، وهم الذين صنعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما أراد الله جل وعلا أن يصنع محمدا بإيمان المؤمنين حتى لو كانوا من الضعفاء. وتلك حكمة من الله تبارك وتعالى فبعد أن قال له ونهاه أن يطيع من أغفل قلبه وأذكركم أن قوله من أغفل قلبه ليس معناها من صده عن ذكر الله إنما من وجد قلبه غافلا، فأغفله الله. وهذه أيضا قاعدة نحن نعلمها وتكلمنا فيها كثيرا.
ثم بين أن هذا الذي أغفل قلبه اتبع هواه وكان أمره فرطا أي: مجاوزا للحد في كل شيء.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم. أن يقول لهؤلاء (الحق من ربكم) يعني أنا جئتكم بالكتاب الحق، وبالدين الحق من ربكم، ولذلك كلمة (الحق) خبر لمبتدئ محذوف: قل هو الحق من ربكم، يعني أن هذا القرآن هو الحق من ربكم. وهذه قاعدة أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول له قل لهؤلاء الذين أغفلناهم عن ذكرنا، قل لهم أن هذا الذي جئتكم به هو الحق الذي لا مريت فيه ولا شك فيه.
ثم قال الله بعد ذلك، بعد أن أكد أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هذه الجملة تخيير؟ يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر.
عندنا في اللغة الأمر قد لا يكون منه مطلوبا، يعني قد لا يكون منه مطلوب من المخاطب ففي هذه الحالة ينصرف إلى. التهكم بالمخاطب. يعني عندما ترى ولدك مهملا في مذاكرته، ومهملا في مسؤولياته فأنت تقول له العب ما شئت، هل معنى ذلك أنك تقول له العب كما تريد؟ هل أنت تريد أن تقول له افعل ما تريد؟ وإنما السياق يقتضي أنك تتهكم به. وهذا التهكم الذي يحكمه السياق كما قال الله تعالى (اعملوا ما شئتم) هل (اعملوا ما شئتم) معناها أن كل واحد يعمل ما يشاء، من أراد أن يطيع فليطيع، ومن أراد أن يعصي فليعصي؟ بالتأكيد لا، إنما (اعملوا ما شئتم) هذه الجملة تهديد ووعيد وتهكم بهم. ولذلك قال الله بعدها (إنه بما تعملون بصير) وحتى تعرفون أن السياق هو الذي يحدد معناها، يعني جملة (اعملوا ما شئتم) هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنى غير المعنى الموجود في قوله (اعملوا ما شئتم) التي في كتاب الله التي في سورة فصلت، متى قالها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة طلحة بن مسعود أظن، الذي كان قبل هجرة النبي بأيام أرسل رسالة لأهل مكة يخبرهم بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرر أن يأتيكم في يوم كذا الساعة كذا وأعطاهم امرأة كانت ذاهبة من المدينة إلى مكة، والمرأة وضعت الرسالة في طرحتها، فالله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وقال له إن المرأة في الطريق الفلاني إلى مكة ومعها الرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل خلفها صحابيين اثنين فأتوا بها وأتوا بالرسالة التي معها، وأحضر النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة وأجلسه أمامه وقال له اقرأ هذه الرسالة، فبالطبع يعني حاطب أُسقط في يده، فقال يعني يا رسول الله. أنا ليس لي عائلة ولا قرابة في مكة فخفت أن أكون ضعيفا بين أهل مكة أما إخواني من الصحابة فكل منهم له قبيلته، وله عشيرته وأنا لا قبيلة لي ولا عشيرة، فأردت أن أفعل هذا حتى تكون لي مكانة عند قريش. فهم عمر رضي الله عنه، وقال دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم (اتركه يا عمر فلعل الله اطّلع على أهل بدر وقال لهم اعملوا ما شئتم) لأن حاطب كان قد حضر غزوة بدر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلتمس له بعض المحامد التي تجعله يسامحه على هذا الفعل.
تدبر سورة الكهف (١٩)
فضيلة الشيخ أ.د / محمود شمس حفظه الله
#تدبر_سورة_الكهف (١٩)
⇐من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف ٣٠]
⇐من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف ٣٠]
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٩)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين. وبعد :فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم، الذين هم أهل الله وخاصته. وها نحن نلتقي وتدبر سورة الكهف.
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقلت إن الأمر إذا ورد ينبغي أن يكون له مطلوبا بعد أن يصدر الأمر، يعني عندما آمر أي إنسان بأي أمر افعل كذا، فأنا أطلب منه هذا الفعل، فإذا كان الأمر ليس مطلوبا منه أي فعل فإنه يكون على غير ما وضع له، فلا بد أن ننظر فيه لأنه إما تهكم وإما تهديد ووعيد كما قلت في اللقاء السابق.
عندما أقول لابني الكسول العب كما تشاء، ألا تقولون لأولادكم أحيانا هذا: العب كما تشاء، هل أنت تطالبه بأن يلعب أم أنك توبخه وتبكته وتحاول أن تلفت نظره إلى أنه مهمل وكسول؟ فالأمر عندما لا يكون له مطلوبا لابد أن نفهمه على سبيل التهديد، على سبيل الوعيد لأن الله تبارك وتعالى لو كان قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بإعطاء الحرية للجميع أن الذي شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء يكفر فليكفر فلماذا يعذب الله من كفر؟ ما كان ينبغي أن يعذبه، إنما رب العباد يريد أن يبين أن هذا الأمر هو تهكم بأصحاب العقول التي لا تفهم ولا تعي ولذلك ذكر بعدها (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها)، والظالمون هم في الأصل يطلقون على المشركين (إن الشرك لظلم عظيم) وفي نفس الوقت يطلق على كل ظالم لنفسه، فأول ظلم للنفس أن يترك الإنسان ما أمره الله به ولا يؤمن به ويتبع هواه في تلك الدنيا، فهذا ظالم لأنه ظلم نفسه بأن يعرضها لهذا العذاب الأليم. إذن (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا تهديد ووعيد لهؤلاء.
(إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) السرادق: يكون مغلق من ثلاثة جوانب في مفهومنا نحن، لكن رب العباد قصد سرادقا يكون مغلقا من كل الاتجاهات.
هذا السرادق يسمى في دول الخليج - ما أدري هنا عندنا هنا في السعودية- أظن اسمه بيت الشَّعر أو بيت الشِّعر، ما أدري - يعني حاجة زي كده يعني- فيكون مغلقا من كل النواحي، لأن السرادق لو كان فيه ناحية مفتوحة فهو سيعطيهم الأمل في الخروج، الله تبارك وتعالى يريد أن يبين أنه لا أمل في خروجكم من هذا السرادق، لأن النار تحيط بكم في هذا السرادق.
ثم يبين الله تبارك وتعالى بعد ذلك (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) يبين الله في هذه الجملة العذاب المعنوي والعذاب الحسي لأنه يقول: وإن يستغيثوا من شدة النار ولهيب النار، هم يستغيثون بماء كي يبرد عليهم هذه النار، فالله تبارك وتعالى يقول (يغاثوا بماء) قوله (يغاثوا بماء) تفتح باب الأمل أمامهم أنهم سيغاثون بماء يُبرد نارهم لكن الله تبارك وتعالى أتى بوصف لهذا الماء جعله عذابا فوق العذاب، يعني بعد أن أعطاهم الأمل في أن هناك ماء سيُعطى لهم، والماء معروف أنه يُبرد الحرارة فإذا بالماء (كالمهل يشوي الوجوه) وهذا يسمى تأكيد الشيء بما يشبه ضده، يعني تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهناك تأكيد للذم بما يشبه المدح، وتأكيد للمدح بما يشبه الذم، تأكيد المدح بما يشبه الذم: عندما أمدح إنسانا أو شيئا ثم آتي بأداة استثناء تُوهم أني سأذمه فإذا بي أزيد في مدحه، يعني بعد أن توهم المُستمع أني سأذمه فإذا بي أمدحه هذا يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم.
عندما أقول فلان كريم إلا أنه، وصفته بالكرم وأتيت بأداة استثناء أداة الاستثناء تُوهم أني سأذمه بعد (إلا) فإذا بي أمدحه إلا أنه يكرم عدوه، يعني "يكرم عدوه" زادته مدحا، لكن هنا وإن يستغيثوا يغاثوا ويغاثوا بماء فإلى هنا كأن ها هنا مدحا لهم بأن الله سيغيثهم بماء والماء هو المطلوب لأنه كما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) فالله تبارك وتعالى يتهكم بهم ها هنا ويؤكد الذم بما يشبه المدح، كما قال الله تعالى أيضا في سورة النبأ (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) هنا الكلام يوهم أن الله تبارك وتعالى سيزيدهم شيئا ينفعهم لأن أصل استعمال الذوق أو التذوق إنما هو في الشيء الطيب فإذا استعمله الله في الشيء الخبيث فهو تهكم، لكن إلى (إلا) لم يكن هناك ما يشير إلى هذا التهكم، يعني (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) ما بعدها (إلا عذابا) إذاً (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين. وبعد :فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم، الذين هم أهل الله وخاصته. وها نحن نلتقي وتدبر سورة الكهف.
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقلت إن الأمر إذا ورد ينبغي أن يكون له مطلوبا بعد أن يصدر الأمر، يعني عندما آمر أي إنسان بأي أمر افعل كذا، فأنا أطلب منه هذا الفعل، فإذا كان الأمر ليس مطلوبا منه أي فعل فإنه يكون على غير ما وضع له، فلا بد أن ننظر فيه لأنه إما تهكم وإما تهديد ووعيد كما قلت في اللقاء السابق.
عندما أقول لابني الكسول العب كما تشاء، ألا تقولون لأولادكم أحيانا هذا: العب كما تشاء، هل أنت تطالبه بأن يلعب أم أنك توبخه وتبكته وتحاول أن تلفت نظره إلى أنه مهمل وكسول؟ فالأمر عندما لا يكون له مطلوبا لابد أن نفهمه على سبيل التهديد، على سبيل الوعيد لأن الله تبارك وتعالى لو كان قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بإعطاء الحرية للجميع أن الذي شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء يكفر فليكفر فلماذا يعذب الله من كفر؟ ما كان ينبغي أن يعذبه، إنما رب العباد يريد أن يبين أن هذا الأمر هو تهكم بأصحاب العقول التي لا تفهم ولا تعي ولذلك ذكر بعدها (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها)، والظالمون هم في الأصل يطلقون على المشركين (إن الشرك لظلم عظيم) وفي نفس الوقت يطلق على كل ظالم لنفسه، فأول ظلم للنفس أن يترك الإنسان ما أمره الله به ولا يؤمن به ويتبع هواه في تلك الدنيا، فهذا ظالم لأنه ظلم نفسه بأن يعرضها لهذا العذاب الأليم. إذن (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا تهديد ووعيد لهؤلاء.
(إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) السرادق: يكون مغلق من ثلاثة جوانب في مفهومنا نحن، لكن رب العباد قصد سرادقا يكون مغلقا من كل الاتجاهات.
هذا السرادق يسمى في دول الخليج - ما أدري هنا عندنا هنا في السعودية- أظن اسمه بيت الشَّعر أو بيت الشِّعر، ما أدري - يعني حاجة زي كده يعني- فيكون مغلقا من كل النواحي، لأن السرادق لو كان فيه ناحية مفتوحة فهو سيعطيهم الأمل في الخروج، الله تبارك وتعالى يريد أن يبين أنه لا أمل في خروجكم من هذا السرادق، لأن النار تحيط بكم في هذا السرادق.
ثم يبين الله تبارك وتعالى بعد ذلك (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) يبين الله في هذه الجملة العذاب المعنوي والعذاب الحسي لأنه يقول: وإن يستغيثوا من شدة النار ولهيب النار، هم يستغيثون بماء كي يبرد عليهم هذه النار، فالله تبارك وتعالى يقول (يغاثوا بماء) قوله (يغاثوا بماء) تفتح باب الأمل أمامهم أنهم سيغاثون بماء يُبرد نارهم لكن الله تبارك وتعالى أتى بوصف لهذا الماء جعله عذابا فوق العذاب، يعني بعد أن أعطاهم الأمل في أن هناك ماء سيُعطى لهم، والماء معروف أنه يُبرد الحرارة فإذا بالماء (كالمهل يشوي الوجوه) وهذا يسمى تأكيد الشيء بما يشبه ضده، يعني تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهناك تأكيد للذم بما يشبه المدح، وتأكيد للمدح بما يشبه الذم، تأكيد المدح بما يشبه الذم: عندما أمدح إنسانا أو شيئا ثم آتي بأداة استثناء تُوهم أني سأذمه فإذا بي أزيد في مدحه، يعني بعد أن توهم المُستمع أني سأذمه فإذا بي أمدحه هذا يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم.
عندما أقول فلان كريم إلا أنه، وصفته بالكرم وأتيت بأداة استثناء أداة الاستثناء تُوهم أني سأذمه بعد (إلا) فإذا بي أمدحه إلا أنه يكرم عدوه، يعني "يكرم عدوه" زادته مدحا، لكن هنا وإن يستغيثوا يغاثوا ويغاثوا بماء فإلى هنا كأن ها هنا مدحا لهم بأن الله سيغيثهم بماء والماء هو المطلوب لأنه كما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) فالله تبارك وتعالى يتهكم بهم ها هنا ويؤكد الذم بما يشبه المدح، كما قال الله تعالى أيضا في سورة النبأ (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) هنا الكلام يوهم أن الله تبارك وتعالى سيزيدهم شيئا ينفعهم لأن أصل استعمال الذوق أو التذوق إنما هو في الشيء الطيب فإذا استعمله الله في الشيء الخبيث فهو تهكم، لكن إلى (إلا) لم يكن هناك ما يشير إلى هذا التهكم، يعني (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) ما بعدها (إلا عذابا) إذاً (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه)