#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
3⃣
في قول الله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) هذا بيان حال الكافرين يوم القيامة، ولما بيّن حالهم بيّن أقوالهم الباطلة وأفانينهم الباطلة، كانوا يتفننون، فقال الله (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) رأيتم الإغراء وما يريدون أن يدخلوه على النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم عصمه الله من كل ذلك. (وإن كادوا ليفتنونك) الفعل كاد يدل على قرب وقوع الحدث، كاد من أخوات أوشك، أو أوشك من أخوات كاد، لأن أوشك أسرع من كاد في وقوع الحدث، يعني عندما أقول أوشكت السيارة أن تقف يعني اقتربت جدا. يعني أوشك تدل على القرب أكثر من كاد، يعني التعبير بـ أوشك يدل على سرعة الوقوع أكثر من كاد. فمعنى (وإن كادوا ليفتنونك) أولا: (وإن) هاهنا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الحال والشأن، أي وإن الحال والشأن أنهم كادوا ليفتنونك، واللام في (ليفتنونك) تسمى اللام الفارقة، اللام الفارقة تدخل على خبر إن المخففة من الثقيلة لتفرق بينها وبين إن النافية، لأن فيه إن نافية وفيه إن مخففة من الثقيلة، طالما وجدنا اللام فتكون إن مخففة من الثقيلة، (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) يفتنونه عنه وإلا يفتنونه به؟ هو أصل الفتنة تكون بالشيء لكنهم يريدون أن يصرفوه عن الذي أوحاه الله إليه ولذلك جاء حرف التجاوز (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) طيب يفهم (عن الذي أوحينا إليك) أنه عن بعض الذي أوحينا إليك لأنهم ما كانوا يريدونه أن يترك ما أوحاه الله إليه بالكلية إنما بعض ما أوحاه الله إليه، يعني الآيات التي تعيب أصنامهم لا تقرأها، الآيات التي تمدح من هم أقل شأنا منا لا تقرأها، نريد أن يكون لنا مكانة، هذه كانت طلباتهم. (وإن كادوا لا يفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) لتفتري علينا غير الذي أوحيناه إليك، وحاشا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفتري على الله غير الذي أوحاه الله إليه.
إذا كيف نفهم لام التعليل هذه (لتفتري)؟ الافتراء اختلاق، كلام لم يحدث، واختلاق واقعة لم تحدث، هذا الافتراء، يعني عندما أقول مثلا أنا ألقيت محاضرة في هذه الأكاديمية اليوم مثلا قبل العصر هل هذا حدث؟ هذا لم يحدث، فهذا افتراء، فمعنى (لتفتري علينا غيره) معناها أنهم يريدونك أن تقرأ قرآنا على هواهم. نعم، هو كذب، نوع من أنواع الكذب لكن الافتراء اشد من الكذب. يعني أقبح وأشنع أنواع الكذب الإفك، يليه الإفتراء، الكذب هو إخبار بغير الحقيقة والواقع. الإفك إخبار بقلب الحقيقة والواقع، يعني الإفك فيه حقيقة لكن المتحدث يقلبها، يقلب الحقيقة، وأنا مثلت له مرارا يعني الافتراء يختلق أمرا لم يحدث شيء لم يحصل، فالافتراء من السهل جدا أن يُكذِّبه الإنسان، أو أن ينفيه الإنسان. طيب (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) هل قوله (لتفتري علينا غيره) لو كان الأسلوب بدون كاد التي تدل على أن هذا لم يحدث ولن يحدث هل معنى (لتفتري علينا غيره) هل هذا الافتراء ورد في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا.. لأن هناك قاعدة لابد أن نفهمها بهدوء.
3⃣
في قول الله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) هذا بيان حال الكافرين يوم القيامة، ولما بيّن حالهم بيّن أقوالهم الباطلة وأفانينهم الباطلة، كانوا يتفننون، فقال الله (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) رأيتم الإغراء وما يريدون أن يدخلوه على النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم عصمه الله من كل ذلك. (وإن كادوا ليفتنونك) الفعل كاد يدل على قرب وقوع الحدث، كاد من أخوات أوشك، أو أوشك من أخوات كاد، لأن أوشك أسرع من كاد في وقوع الحدث، يعني عندما أقول أوشكت السيارة أن تقف يعني اقتربت جدا. يعني أوشك تدل على القرب أكثر من كاد، يعني التعبير بـ أوشك يدل على سرعة الوقوع أكثر من كاد. فمعنى (وإن كادوا ليفتنونك) أولا: (وإن) هاهنا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الحال والشأن، أي وإن الحال والشأن أنهم كادوا ليفتنونك، واللام في (ليفتنونك) تسمى اللام الفارقة، اللام الفارقة تدخل على خبر إن المخففة من الثقيلة لتفرق بينها وبين إن النافية، لأن فيه إن نافية وفيه إن مخففة من الثقيلة، طالما وجدنا اللام فتكون إن مخففة من الثقيلة، (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) يفتنونه عنه وإلا يفتنونه به؟ هو أصل الفتنة تكون بالشيء لكنهم يريدون أن يصرفوه عن الذي أوحاه الله إليه ولذلك جاء حرف التجاوز (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) طيب يفهم (عن الذي أوحينا إليك) أنه عن بعض الذي أوحينا إليك لأنهم ما كانوا يريدونه أن يترك ما أوحاه الله إليه بالكلية إنما بعض ما أوحاه الله إليه، يعني الآيات التي تعيب أصنامهم لا تقرأها، الآيات التي تمدح من هم أقل شأنا منا لا تقرأها، نريد أن يكون لنا مكانة، هذه كانت طلباتهم. (وإن كادوا لا يفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) لتفتري علينا غير الذي أوحيناه إليك، وحاشا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفتري على الله غير الذي أوحاه الله إليه.
إذا كيف نفهم لام التعليل هذه (لتفتري)؟ الافتراء اختلاق، كلام لم يحدث، واختلاق واقعة لم تحدث، هذا الافتراء، يعني عندما أقول مثلا أنا ألقيت محاضرة في هذه الأكاديمية اليوم مثلا قبل العصر هل هذا حدث؟ هذا لم يحدث، فهذا افتراء، فمعنى (لتفتري علينا غيره) معناها أنهم يريدونك أن تقرأ قرآنا على هواهم. نعم، هو كذب، نوع من أنواع الكذب لكن الافتراء اشد من الكذب. يعني أقبح وأشنع أنواع الكذب الإفك، يليه الإفتراء، الكذب هو إخبار بغير الحقيقة والواقع. الإفك إخبار بقلب الحقيقة والواقع، يعني الإفك فيه حقيقة لكن المتحدث يقلبها، يقلب الحقيقة، وأنا مثلت له مرارا يعني الافتراء يختلق أمرا لم يحدث شيء لم يحصل، فالافتراء من السهل جدا أن يُكذِّبه الإنسان، أو أن ينفيه الإنسان. طيب (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) هل قوله (لتفتري علينا غيره) لو كان الأسلوب بدون كاد التي تدل على أن هذا لم يحدث ولن يحدث هل معنى (لتفتري علينا غيره) هل هذا الافتراء ورد في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا.. لأن هناك قاعدة لابد أن نفهمها بهدوء.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
4⃣
الفعل الذي دخل عليه لام التعليل لا يفيد إلا أمرا واحدا وهو أن الحدث المذكور أو الفعل المذكور أُسند الى الفاعل فقط لكن هل الفاعل أحدث المفعول؟ لا، ليس بالضرورة أن يكون قد أحدث المفعول، يعني مثلا ضربت ابني ليذاكر درسه، لام التعليل هنا دخلت على الفعل يذاكر تمام، والفاعل ضمير مستتر يعود على ابنه وتقديره هو، فلام التعليل تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط. لكن هل هو ذاكر الدرس؟ يعني ممكن اضربه، أنا ضربته ليذاكر درسه لكن الأسلوب هكذا لم يفد أنه ذاكر الدرس لأن لام التعليل لا تدل على أن الفاعل أحدث الفعل وأوقعه على المفعول. واضح، وإلا أقول مرة أخرى.
مثلا حضّرت؟ الغداء لإبني ليأكل الطعام أو ليأكل طعامه، أو ليأكل اللحم مثلا. اللام لا تفيد أنه أكل اللحم، ولا تفيد أنه أكل الطعام، لام التعليل تعلل الفعل. واسناد الفعل للفاعل لكن لا تُسند إيقاع الفعل على المفعول.
أقول مرة أخرى: لام التعليل عندما تدخل على الفعل تفيد إسناد الفعل للفاعل، ليأكل هو بس فقط أكل الخبز؟ ليس بالضرورة، أكل اللحم اللي هو المفعول الذي كان ينبغي أن يأكله، يعني لام التعليل لا تفيد إيقاع الفعل على المفعول إنما تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط هذا المعنى في قوله تعالى (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا).
(وإذا لاتخذوك خليلا) الواو العاطفة هنا ماذا تفيد لأن إذا التي هي حرف جواب وجزاء هي التي يُخبر بها هنا، يعني هم يتمنون أن يفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وبالتالي يكافئونك بأن يتخذوك خليلا، يعني (إذا لاتخذوك خليلا) لو فعلت ذلك ستكون خليلهم، لو أنك فُتنت وافتريت غير الآيات التي طلبوها منك لاتخذوك خليلا فلماذا أتى القرآن بالواو العاطفة هنا؟ وسأذكر لكم الآية التي بعدها (ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) لماذا لم يقل وإذا لأذقناك هنا؟ يعني الواو جاءت مع إذا الأولى. الواو أفادت في وجودها دلالة وهي: أن القرآن يذكر لنا حالة من أحوالهم في ذكر أباطيلهم، حالة من أحوال هؤلاء الكافرين في ذكر أباطيلهم وليس المقصود أن الجواب هنا بإذن يحدث أو لا يحدث، إنما يريد الله أن يذكر لنا حالة أخرى من أحوال عقولهم وقلوبهم المريضة. فهمتم ولا أمثلها لكم بكلام خارجي، وأسأل الله أن يغفر لي ولكم.
عندما تقولون فلان الفلاني أخذ ابني وضحك عليه، وطمعه في كذا وكذا. وإذا وعده بالزواج من ابنته، يعني أنت تندد أنه أيضا فوق هذا كله الذي أفسده عليك أنه عشمه بالزواج من ابنته. فهمتم كيف أن القرآن يذكر لنا ذكر حالة من أحوالهم، - صعب أنا عارف - يعني الواو أتت تنديدا عليهم بكونهم يفكرون، فقط يفكرون في أنهم يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا لاتخذوك خليلا، أو إذا لاتخذناك خليلا، إذا الثانية (إذا لأذقناك ضعف الحياة) هل جملة (لأذقناك ضعف الحياة) ذكر حال آخر من أحوالهم؟ أم أن هذا من الله تبارك وتعالى؟ أخذنا بالنا من الفرق؟ يعني هناك قال (وإذا لاتخذوك خليلا) إنما في الآية الثانية قال (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) ولذلك يكون التقدير: فلو صرفوك عن بعض ما أوحينا إليك لاتخذوك خليلا، يعني يكون المعنى هذا. أنا قلتها أكثر من مرة الآن، يعني (وإذا لاتخذوك خليلا) ليس المراد (إذا) الجواب والجزاء أن يحدث لك أن يتخذوك خليلا، لأ. المراد التنديد عليهم في أنهم يعرضون هذا العرض. تعرفون عندما تنددون على أحد وتقولون ويقول كذا وكذا ايضا يعني كأنه لم يكتفِ بالكلام الأول.
(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (ولولا أن ثبتناك)
قبل أن أبين هذا المعنى هذه الآية ونأخذ ما فيها أقول: احذرو .الإغراءات التي يغري بها شياطين الإنس أولادكم. لأن الله تبارك وتعالى عندما يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم هكذا فإنه يلفت نظرنا إلى هذه القضية، أنت نفسك وأنتِ نفسك، إحذري الإغراءات التي تعرض عليك، واحذروا الإغراءات التي تعرض على الأولاد، واجمعوا هذه الآية مع قول النبي صلى الله عليه وسلم معلما إيانا (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ولذلك عندما تنظرون في أمور حصلت قريبا إغراء، وإغراء وصل إلى أحد ممن كان على خير وإذا به يتحول من إلى.
4⃣
الفعل الذي دخل عليه لام التعليل لا يفيد إلا أمرا واحدا وهو أن الحدث المذكور أو الفعل المذكور أُسند الى الفاعل فقط لكن هل الفاعل أحدث المفعول؟ لا، ليس بالضرورة أن يكون قد أحدث المفعول، يعني مثلا ضربت ابني ليذاكر درسه، لام التعليل هنا دخلت على الفعل يذاكر تمام، والفاعل ضمير مستتر يعود على ابنه وتقديره هو، فلام التعليل تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط. لكن هل هو ذاكر الدرس؟ يعني ممكن اضربه، أنا ضربته ليذاكر درسه لكن الأسلوب هكذا لم يفد أنه ذاكر الدرس لأن لام التعليل لا تدل على أن الفاعل أحدث الفعل وأوقعه على المفعول. واضح، وإلا أقول مرة أخرى.
مثلا حضّرت؟ الغداء لإبني ليأكل الطعام أو ليأكل طعامه، أو ليأكل اللحم مثلا. اللام لا تفيد أنه أكل اللحم، ولا تفيد أنه أكل الطعام، لام التعليل تعلل الفعل. واسناد الفعل للفاعل لكن لا تُسند إيقاع الفعل على المفعول.
أقول مرة أخرى: لام التعليل عندما تدخل على الفعل تفيد إسناد الفعل للفاعل، ليأكل هو بس فقط أكل الخبز؟ ليس بالضرورة، أكل اللحم اللي هو المفعول الذي كان ينبغي أن يأكله، يعني لام التعليل لا تفيد إيقاع الفعل على المفعول إنما تفيد إسناد الفعل للفاعل فقط هذا المعنى في قوله تعالى (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا).
(وإذا لاتخذوك خليلا) الواو العاطفة هنا ماذا تفيد لأن إذا التي هي حرف جواب وجزاء هي التي يُخبر بها هنا، يعني هم يتمنون أن يفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وبالتالي يكافئونك بأن يتخذوك خليلا، يعني (إذا لاتخذوك خليلا) لو فعلت ذلك ستكون خليلهم، لو أنك فُتنت وافتريت غير الآيات التي طلبوها منك لاتخذوك خليلا فلماذا أتى القرآن بالواو العاطفة هنا؟ وسأذكر لكم الآية التي بعدها (ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) لماذا لم يقل وإذا لأذقناك هنا؟ يعني الواو جاءت مع إذا الأولى. الواو أفادت في وجودها دلالة وهي: أن القرآن يذكر لنا حالة من أحوالهم في ذكر أباطيلهم، حالة من أحوال هؤلاء الكافرين في ذكر أباطيلهم وليس المقصود أن الجواب هنا بإذن يحدث أو لا يحدث، إنما يريد الله أن يذكر لنا حالة أخرى من أحوال عقولهم وقلوبهم المريضة. فهمتم ولا أمثلها لكم بكلام خارجي، وأسأل الله أن يغفر لي ولكم.
عندما تقولون فلان الفلاني أخذ ابني وضحك عليه، وطمعه في كذا وكذا. وإذا وعده بالزواج من ابنته، يعني أنت تندد أنه أيضا فوق هذا كله الذي أفسده عليك أنه عشمه بالزواج من ابنته. فهمتم كيف أن القرآن يذكر لنا ذكر حالة من أحوالهم، - صعب أنا عارف - يعني الواو أتت تنديدا عليهم بكونهم يفكرون، فقط يفكرون في أنهم يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا لاتخذوك خليلا، أو إذا لاتخذناك خليلا، إذا الثانية (إذا لأذقناك ضعف الحياة) هل جملة (لأذقناك ضعف الحياة) ذكر حال آخر من أحوالهم؟ أم أن هذا من الله تبارك وتعالى؟ أخذنا بالنا من الفرق؟ يعني هناك قال (وإذا لاتخذوك خليلا) إنما في الآية الثانية قال (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) ولذلك يكون التقدير: فلو صرفوك عن بعض ما أوحينا إليك لاتخذوك خليلا، يعني يكون المعنى هذا. أنا قلتها أكثر من مرة الآن، يعني (وإذا لاتخذوك خليلا) ليس المراد (إذا) الجواب والجزاء أن يحدث لك أن يتخذوك خليلا، لأ. المراد التنديد عليهم في أنهم يعرضون هذا العرض. تعرفون عندما تنددون على أحد وتقولون ويقول كذا وكذا ايضا يعني كأنه لم يكتفِ بالكلام الأول.
(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (ولولا أن ثبتناك)
قبل أن أبين هذا المعنى هذه الآية ونأخذ ما فيها أقول: احذرو .الإغراءات التي يغري بها شياطين الإنس أولادكم. لأن الله تبارك وتعالى عندما يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم هكذا فإنه يلفت نظرنا إلى هذه القضية، أنت نفسك وأنتِ نفسك، إحذري الإغراءات التي تعرض عليك، واحذروا الإغراءات التي تعرض على الأولاد، واجمعوا هذه الآية مع قول النبي صلى الله عليه وسلم معلما إيانا (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ولذلك عندما تنظرون في أمور حصلت قريبا إغراء، وإغراء وصل إلى أحد ممن كان على خير وإذا به يتحول من إلى.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٦)
5⃣
إذا (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) قلت سابقا إن لولا حرف امتناع لوجود، حرف امتناع الجواب لوجود الشرط الذي هو فعل الشرط. (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا هو الممتنع، وامتُنع لماذا؟ لتثبيت الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. إذا ما بعد (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا كله داخل في الممتنع حتى توكيد الفعل بـ (قد) أيضا داخل في الممتنع.
طيب التثبيت لأن الله خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هنا خطابا ذاتيا يعني خاطبه في ذاته (ولولا أن ثبتناك) (لقد كدت تركن) فهل التثبيت هنا؟ مقصود به التثبيت في الذات؟ يعني أن نثبت ذاتك؟ لا، المقصود تثبيت الفهم والرأي، الفكر والرأي، ولذلك حتى قوله تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) الركون إلى الشيء الاستناد عليه والميل إليه، يعني وأنا ركنت إلى جدار بيتك، ركنت إلى الجدر يعني وضعت يدي أو جسمي على الجدار خوفا من أن أقع مثلا، فيه دوخة أو في شيء ما، تمام، (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ليس استنادا ذاتيا مع أن المخاطب هو الذات، إنما لا تركنوا إليهم بفهمكم وبفكركم وبرأيكم، انتبهوا لأفكاركم.
أقول مرة أخرى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم) أيضا استعمل (كاد) مرة أخرى (شيئا قليلا) طبعا لقد كل (كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا في الممتنع، يعني التثبيت هو الثابت الحاصل، إنما من أول (لقد كدت تركن) الركون هذا كله غير حاصل، بل ممتنع بالكلية، وأيضا تجد هناك في الأسلوب ما يؤكد ذلك:
● أولا (لولا) التي دلت على امتناع الجواب. هذا أول شيء.
● وفعل المقاربة (كدت) ومعناه أن الركون لم يقع.
● أيضا عندما أراد الحق جل وعلا أن يؤكد تركن هل قال لقد كدت تركن إليهم ركونا قليلا؟ وإلا (لقد كدت تركن إليهم شيئا) والشيء معناها تحقير يعني مع أنه منفي من الأصل، إنما الشيء هنا تحقير بخلاف ما لو قال لقد كدت تركن إليهم ركونا، فربما يفهم منه أنه كان يركن إليهم لكنه ركونا غير مؤكد. وبين التقليل في هذا الأسلوب في قوله (شيئا قليلا) يعني تحقير وتقليل في قوله (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا).
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات)
(إذا لأذقناك) هنا كما قلت ما أتى بالواو لأن الجواب هنا ليس ذكرا لحالة هؤلاء الكافرين، لا هذا من الله، لو أنك حصل كذا، وطبعا هذا أيضا داخل في الإمتناع.
(ضعف الحياة وضعف الممات) ما المراد بضعف الحياة؟ وما المراد بضعف الممات؟
معلوم أن الحياة الدنيا تدور بين فرح وحزن. يعني الدنيا بالنسبة لأي أحد فينا ما هي إلا حزن وفرح أليس كذلك؟ ولذلك يوم أن قلت في أسلوب القصر في قوله تعالى (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) قلت ليس المراد ها هنا أن الله يريد أن يدلل بهذا الأسلوب الذي هو القصر على أن الدنيا عبارة عن لهو ولعب، لا.. لأن الدنيا ليست لهوا ولعبا، هو أراد فقط أن يبين قيمة الدنيا أو وقت الدنيا أمام وقت الآخرة (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) هي الحياة الباقية.
إذا (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا)
وأتوقف هاهنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من الذين يقرؤون القرآن. فيفهمونه، فيتدبرونه فيطبقونه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يرزقني وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر. وحسن التطبيق. وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
5⃣
إذا (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) قلت سابقا إن لولا حرف امتناع لوجود، حرف امتناع الجواب لوجود الشرط الذي هو فعل الشرط. (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا هو الممتنع، وامتُنع لماذا؟ لتثبيت الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. إذا ما بعد (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا كله داخل في الممتنع حتى توكيد الفعل بـ (قد) أيضا داخل في الممتنع.
طيب التثبيت لأن الله خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هنا خطابا ذاتيا يعني خاطبه في ذاته (ولولا أن ثبتناك) (لقد كدت تركن) فهل التثبيت هنا؟ مقصود به التثبيت في الذات؟ يعني أن نثبت ذاتك؟ لا، المقصود تثبيت الفهم والرأي، الفكر والرأي، ولذلك حتى قوله تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) الركون إلى الشيء الاستناد عليه والميل إليه، يعني وأنا ركنت إلى جدار بيتك، ركنت إلى الجدر يعني وضعت يدي أو جسمي على الجدار خوفا من أن أقع مثلا، فيه دوخة أو في شيء ما، تمام، (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ليس استنادا ذاتيا مع أن المخاطب هو الذات، إنما لا تركنوا إليهم بفهمكم وبفكركم وبرأيكم، انتبهوا لأفكاركم.
أقول مرة أخرى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم) أيضا استعمل (كاد) مرة أخرى (شيئا قليلا) طبعا لقد كل (كدت تركن إليهم شيئا قليلا) هذا في الممتنع، يعني التثبيت هو الثابت الحاصل، إنما من أول (لقد كدت تركن) الركون هذا كله غير حاصل، بل ممتنع بالكلية، وأيضا تجد هناك في الأسلوب ما يؤكد ذلك:
● أولا (لولا) التي دلت على امتناع الجواب. هذا أول شيء.
● وفعل المقاربة (كدت) ومعناه أن الركون لم يقع.
● أيضا عندما أراد الحق جل وعلا أن يؤكد تركن هل قال لقد كدت تركن إليهم ركونا قليلا؟ وإلا (لقد كدت تركن إليهم شيئا) والشيء معناها تحقير يعني مع أنه منفي من الأصل، إنما الشيء هنا تحقير بخلاف ما لو قال لقد كدت تركن إليهم ركونا، فربما يفهم منه أنه كان يركن إليهم لكنه ركونا غير مؤكد. وبين التقليل في هذا الأسلوب في قوله (شيئا قليلا) يعني تحقير وتقليل في قوله (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا).
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات)
(إذا لأذقناك) هنا كما قلت ما أتى بالواو لأن الجواب هنا ليس ذكرا لحالة هؤلاء الكافرين، لا هذا من الله، لو أنك حصل كذا، وطبعا هذا أيضا داخل في الإمتناع.
(ضعف الحياة وضعف الممات) ما المراد بضعف الحياة؟ وما المراد بضعف الممات؟
معلوم أن الحياة الدنيا تدور بين فرح وحزن. يعني الدنيا بالنسبة لأي أحد فينا ما هي إلا حزن وفرح أليس كذلك؟ ولذلك يوم أن قلت في أسلوب القصر في قوله تعالى (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) قلت ليس المراد ها هنا أن الله يريد أن يدلل بهذا الأسلوب الذي هو القصر على أن الدنيا عبارة عن لهو ولعب، لا.. لأن الدنيا ليست لهوا ولعبا، هو أراد فقط أن يبين قيمة الدنيا أو وقت الدنيا أمام وقت الآخرة (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) هي الحياة الباقية.
إذا (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا)
وأتوقف هاهنا الليلة وبإذن الله نكمل في لقائنا القادم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل، وأن يجعلني وإياكم من الذين يقرؤون القرآن. فيفهمونه، فيتدبرونه فيطبقونه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يرزقني وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر. وحسن التطبيق. وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
1⃣
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى. أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف. بينت في اللقاء السابق المعنى المراد من قوله تعالى (واتل أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) والمعنى العام استمر يا محمد في قراءة وتلاوة واتباع ما أوحي إليك من ربك فقط ولا تسمع لهؤلاء الذين يريدونك أن تغير الآيات التي ليست على هواهم فالله كما ذكر لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا يعني ملجأ لو سمعت كلامهم.
ثم يأمره الله تبارك وتعالى بقوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
هذه الآية مرتبطة بالآية الأولى وهي آية (واتل ما أوحي إليك) لأنها كانت ردا على طلبهم، على طلب المشركين الذين ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن كنت تريدنا أن نجلس في مجلسك ونسمع لك ونؤمن بك فاطرد هؤلاء، هؤلاء ضعاف وهؤلاء فقراء فنخشى أن يرانا أحد من العرب فيلوموننا كيف نجلس معهم في مجلس واحد، وهؤلاء بالنسبة لنا يعتبرون مستواهم أقل من مستوانا كثيرا.
الله تبارك وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقوله (ولا تطرد للذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فأمره ألا تطرد هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل لكن ربما أملا في أن يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعدون من كبار قريش. فالله تبارك وتعالى نهى النبي أن يطرد هؤلاء أولا، ثم أمره على الجانب الآخر أن يصبر نفسه معهم، يعني رقم واحد نهاه أن يطردهم، والأمر الآخر أمره أن يصبر نفسه معهم، وتأملوا إلى دقة التعبير القرآني عندما يقول الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) هذا نهي أن تطردهم لأن هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشي، ما معنى يدعون ربهم بالغداة والعشي؟ معناها أنهم يؤمنون به، وفي هذا تعريض بالمشركين فالله تبارك وتعالى ينهاه أن يطردهم وهؤلاء هم عند الله أصحاب مكانة عظيمة، وتأملوا أنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي للغداة الذي هو وقت الصباح، والعشي الذي هو من وقت الزوال الذي هو آخر النهار ولذلك نأخذ منها هنا دلالة وجوب ذكر الله والاستغفار في هذا الوقت، وهو وقت الغداء في الصباح وهي أذكار الصباح، ووقت العشاء وهي أذكار العشي، فهؤلاء مدحهم الله تبارك وتعالى بذلك، وطالما أن رب العزة مدحهم بذلك إذا هو يحب ذلك جل وعلا، فيحب من عباده أن يدعونه بالغداة والعشي ثم وصفهم بوصف يتمنى الكثير منا أن يحقق هذا الوصف وهو الإخلاص في عبادتهم لربهم، فيبين الله أنهم لم يريدوا بتلك العبادة، أو بهذا الدعاء الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي إلا أن يريدوا وجهه فما يريدون بعبادتهم إلا وجه الله تبارك وتعالى، وهذا وصف لحالهم في الإخلاص أنهم يعبدون الله بإخلاص ثم بيّن الله قاعدة مهمة ها هنا (ما عليك من حسابهم من شيء) يعني عندما يحاسبهم سيحاسبهم الله تبارك وتعالى وهو الذي سيحاسبهم، وأنت غير مسؤول، وأنت لن تُسأل عن حسابهم في شيء، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء. بمعنى أنهم لن يحاسبوا نيابة عنك ولن يتحملوا أوزارك، فلا تزر وازرة وزر أخرى وأنت لن تتحمل أوزارهم فلماذا تطردهم؟ لا تطرد هؤلاء لكن الأهم هو الدرس الذي نتعلمه ها هنا. مكانة الإنسان عند ربه تقاس بأي مقياس؟ هل تقاس بقبيلته؟ هل تقاس بعشيرته؟ هل تقاس بكثرة أمواله؟ هل تقاس بجاهه أو بسلطانه؟ لا، إنما تقاس بتقواه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قوله (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) بعض من أهل البلاغة يرون أن الجملة الثانية وهي (وما من حسابك عليهم من شيء) تسمى عندهم التتميم، يعني ذكر الله المقابل ليتم معنى الجملة الأولى وهي (ما عليك من حسابهم من شيء) كما نقول لا أنت تتحمل حسابهم ولا هم يتحملون حسابك.
1⃣
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى. أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف. بينت في اللقاء السابق المعنى المراد من قوله تعالى (واتل أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) والمعنى العام استمر يا محمد في قراءة وتلاوة واتباع ما أوحي إليك من ربك فقط ولا تسمع لهؤلاء الذين يريدونك أن تغير الآيات التي ليست على هواهم فالله كما ذكر لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا يعني ملجأ لو سمعت كلامهم.
ثم يأمره الله تبارك وتعالى بقوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
هذه الآية مرتبطة بالآية الأولى وهي آية (واتل ما أوحي إليك) لأنها كانت ردا على طلبهم، على طلب المشركين الذين ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن كنت تريدنا أن نجلس في مجلسك ونسمع لك ونؤمن بك فاطرد هؤلاء، هؤلاء ضعاف وهؤلاء فقراء فنخشى أن يرانا أحد من العرب فيلوموننا كيف نجلس معهم في مجلس واحد، وهؤلاء بالنسبة لنا يعتبرون مستواهم أقل من مستوانا كثيرا.
الله تبارك وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقوله (ولا تطرد للذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فأمره ألا تطرد هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل لكن ربما أملا في أن يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعدون من كبار قريش. فالله تبارك وتعالى نهى النبي أن يطرد هؤلاء أولا، ثم أمره على الجانب الآخر أن يصبر نفسه معهم، يعني رقم واحد نهاه أن يطردهم، والأمر الآخر أمره أن يصبر نفسه معهم، وتأملوا إلى دقة التعبير القرآني عندما يقول الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) هذا نهي أن تطردهم لأن هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشي، ما معنى يدعون ربهم بالغداة والعشي؟ معناها أنهم يؤمنون به، وفي هذا تعريض بالمشركين فالله تبارك وتعالى ينهاه أن يطردهم وهؤلاء هم عند الله أصحاب مكانة عظيمة، وتأملوا أنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي للغداة الذي هو وقت الصباح، والعشي الذي هو من وقت الزوال الذي هو آخر النهار ولذلك نأخذ منها هنا دلالة وجوب ذكر الله والاستغفار في هذا الوقت، وهو وقت الغداء في الصباح وهي أذكار الصباح، ووقت العشاء وهي أذكار العشي، فهؤلاء مدحهم الله تبارك وتعالى بذلك، وطالما أن رب العزة مدحهم بذلك إذا هو يحب ذلك جل وعلا، فيحب من عباده أن يدعونه بالغداة والعشي ثم وصفهم بوصف يتمنى الكثير منا أن يحقق هذا الوصف وهو الإخلاص في عبادتهم لربهم، فيبين الله أنهم لم يريدوا بتلك العبادة، أو بهذا الدعاء الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي إلا أن يريدوا وجهه فما يريدون بعبادتهم إلا وجه الله تبارك وتعالى، وهذا وصف لحالهم في الإخلاص أنهم يعبدون الله بإخلاص ثم بيّن الله قاعدة مهمة ها هنا (ما عليك من حسابهم من شيء) يعني عندما يحاسبهم سيحاسبهم الله تبارك وتعالى وهو الذي سيحاسبهم، وأنت غير مسؤول، وأنت لن تُسأل عن حسابهم في شيء، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء. بمعنى أنهم لن يحاسبوا نيابة عنك ولن يتحملوا أوزارك، فلا تزر وازرة وزر أخرى وأنت لن تتحمل أوزارهم فلماذا تطردهم؟ لا تطرد هؤلاء لكن الأهم هو الدرس الذي نتعلمه ها هنا. مكانة الإنسان عند ربه تقاس بأي مقياس؟ هل تقاس بقبيلته؟ هل تقاس بعشيرته؟ هل تقاس بكثرة أمواله؟ هل تقاس بجاهه أو بسلطانه؟ لا، إنما تقاس بتقواه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قوله (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) بعض من أهل البلاغة يرون أن الجملة الثانية وهي (وما من حسابك عليهم من شيء) تسمى عندهم التتميم، يعني ذكر الله المقابل ليتم معنى الجملة الأولى وهي (ما عليك من حسابهم من شيء) كما نقول لا أنت تتحمل حسابهم ولا هم يتحملون حسابك.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
2⃣
لكن عندما ننظر إلى ذكر الجملة الثانية هذه (وما من حسابك عليهم من شيء) نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع مقام هؤلاء الذين يرونهم المشركون أنهم ضعفاء، رفع مقامهم إلى أعلى عليين لدرجة أن الله تبارك وتعالى كما يخاطب النبي بأنك لن تتحمل شيئا من حسابهم يخاطبه بأنهم أيضا لن يتحملوا شيئا من حسابك، فهذا فيه جبر للخاطر، جبر الله خاطر هؤلاء الضعفاء عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) يعني فإذا طردتهم (فتكون من الظالمين) فنقول: الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (فتكون من الظالمين) نعم، ولذلك أعاد كلمة فتطردهم مرة ثانية، مع أن (فتطردهم) مفهومة من قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) بمعنى إنك إن طردتهم تكون من الظالمين. لماذا؟ لأنك ستطردهم إرضاء لهؤلاء المشركين وإذا فعلت أمرا إرضاء للعباد دون إرضاء رب العباد فتكون من الظالمين، ولذلك، جملة (فتكون من الظالمين) نعتبرها ثابتة في المعنى وإلا منفية في المعنى؟ هي منفية تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطردهم، فطالما لم يطردهم انتفى كونه من الظالمين. إذا جملة (فتكون من الظالمين) منفية في المعنى ووقوعا لأن طردهم لم يحدث وهذا هو الأهم الذي ينبغي أن نفهمه. إذا نأخذ من هذه الآية أن مكانة الإنسان عند الله بتقواه (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره) فهي مكانة عظيمة بإخلاصه لله جل وعلا طاعة امتثالا للأمر، واجتنابا للنهي.
بعد ذلك الفاء في قوله (فتكون من الظالمين) عاطفة على (فتطردهم) بدليل أن الفعل (تكون) منصوب يعني فتطردهم فتكون من الظالمين لأن فاء التفريع لا عمل لها في اللفظ الذي تدخل عليه، إنما دورها في المعنى فقط أنها فرعت كذا على كذا، فهي تفيد هاهنا العطف.
ثم يبين الله تبارك وتعالى أنه كذلك فتن بعضهم ببعض (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) الفتنة هي: الاختبار والابتلاء، وأصل كلمة فتنة من إدخال الذهب النار ليذهب ما علق به. تعرفون الذهب إذا ذهبتم لبيعه أول ما يفعله المشتري منكم أنه يدخل هذا الذهب النار، النار هي التي تخرج ما علق بالذهب من أمور. إما أتربة، إما عجين، إما وإما، المهم حتى يجعله ذهبا خالصا فكذلك الفتنة استعملت في هذا المعنى أنها تكون اختبارا وتمحيصا. ولذلك هل الفتنة مذمومة في ذاتها؟ لا، الفتنة ليست مذمومة في ذاتها. إنما يذم ما تؤول إليه.
يعني أحد الناس فُتن فلم ينجح في الفتنة ولم ينجح في الاختبار، عدم نجاحه جعلها مذمومة بسببه، إنما الفتنة في الأصل ليست مسمومة لأنها تمحص، ولأنها تبين الصدق من الكذب. ولذلك ذكر الله في هذه الآية بعضين (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) بعض مستعلي مستكبر يطالب بطرد الضعاف والبعض الآخر ضعاف في نظر هؤلاء. ففتن هؤلاء بهؤلاء ليقولوا (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) هم يقولونها استهزاء واحتقارا، يعني هل هؤلاء هم الذين منّ الله عليهم من بيننا؟
فيرد الله عليهم (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة.
2⃣
لكن عندما ننظر إلى ذكر الجملة الثانية هذه (وما من حسابك عليهم من شيء) نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع مقام هؤلاء الذين يرونهم المشركون أنهم ضعفاء، رفع مقامهم إلى أعلى عليين لدرجة أن الله تبارك وتعالى كما يخاطب النبي بأنك لن تتحمل شيئا من حسابهم يخاطبه بأنهم أيضا لن يتحملوا شيئا من حسابك، فهذا فيه جبر للخاطر، جبر الله خاطر هؤلاء الضعفاء عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) يعني فإذا طردتهم (فتكون من الظالمين) فنقول: الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (فتكون من الظالمين) نعم، ولذلك أعاد كلمة فتطردهم مرة ثانية، مع أن (فتطردهم) مفهومة من قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) بمعنى إنك إن طردتهم تكون من الظالمين. لماذا؟ لأنك ستطردهم إرضاء لهؤلاء المشركين وإذا فعلت أمرا إرضاء للعباد دون إرضاء رب العباد فتكون من الظالمين، ولذلك، جملة (فتكون من الظالمين) نعتبرها ثابتة في المعنى وإلا منفية في المعنى؟ هي منفية تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطردهم، فطالما لم يطردهم انتفى كونه من الظالمين. إذا جملة (فتكون من الظالمين) منفية في المعنى ووقوعا لأن طردهم لم يحدث وهذا هو الأهم الذي ينبغي أن نفهمه. إذا نأخذ من هذه الآية أن مكانة الإنسان عند الله بتقواه (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره) فهي مكانة عظيمة بإخلاصه لله جل وعلا طاعة امتثالا للأمر، واجتنابا للنهي.
بعد ذلك الفاء في قوله (فتكون من الظالمين) عاطفة على (فتطردهم) بدليل أن الفعل (تكون) منصوب يعني فتطردهم فتكون من الظالمين لأن فاء التفريع لا عمل لها في اللفظ الذي تدخل عليه، إنما دورها في المعنى فقط أنها فرعت كذا على كذا، فهي تفيد هاهنا العطف.
ثم يبين الله تبارك وتعالى أنه كذلك فتن بعضهم ببعض (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) الفتنة هي: الاختبار والابتلاء، وأصل كلمة فتنة من إدخال الذهب النار ليذهب ما علق به. تعرفون الذهب إذا ذهبتم لبيعه أول ما يفعله المشتري منكم أنه يدخل هذا الذهب النار، النار هي التي تخرج ما علق بالذهب من أمور. إما أتربة، إما عجين، إما وإما، المهم حتى يجعله ذهبا خالصا فكذلك الفتنة استعملت في هذا المعنى أنها تكون اختبارا وتمحيصا. ولذلك هل الفتنة مذمومة في ذاتها؟ لا، الفتنة ليست مذمومة في ذاتها. إنما يذم ما تؤول إليه.
يعني أحد الناس فُتن فلم ينجح في الفتنة ولم ينجح في الاختبار، عدم نجاحه جعلها مذمومة بسببه، إنما الفتنة في الأصل ليست مسمومة لأنها تمحص، ولأنها تبين الصدق من الكذب. ولذلك ذكر الله في هذه الآية بعضين (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) بعض مستعلي مستكبر يطالب بطرد الضعاف والبعض الآخر ضعاف في نظر هؤلاء. ففتن هؤلاء بهؤلاء ليقولوا (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) هم يقولونها استهزاء واحتقارا، يعني هل هؤلاء هم الذين منّ الله عليهم من بيننا؟
فيرد الله عليهم (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
3⃣
يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم.
الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم.
إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت. إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره.
طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا. صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
3⃣
يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم.
الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم.
إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت. إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره.
طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا. صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
4⃣
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته.
المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
4⃣
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته.
المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٧)
5⃣
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع. لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره.
إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
5⃣
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع. لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره.
إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تدبر سورة الكهف (١٨)
فضيلة الشيخ أ.د / محمود شمس حفظه الله
⇐من قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا﴾ [الكهف ٢٨]
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٨)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وها نحن مع تدبر سورة الكهف وتوقفنا عند قول الله تبارك وتعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
بعدها (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في الآية السابقة يبين الله تبارك وتعالى أن مكانة الإنسان عند الله تبارك وتعالى. ليست بهيئته، وليست بمكانته في الدنيا، وليست بغناه أو بفقره، إنما كما ذكر الله في كتابه الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالله تبارك وتعالى رفع شأن المؤمنين الضعفاء في الآية السابقة عندما أمر الله رسوله أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وهذه قاعدة لا بد أن نعلمها مقياس الإنسان ليس بماله ولا بعلمه، ولا بمؤهلاته، ولا بعمله، ولا بسلطانه، إنما مكانته بقربه من الله تبارك وتعالى. فالله جلت قدرته بيّن الحرص على هذا الأمر، وهناك حكمة أخرى: أن الله تبارك وتعالى لم يشأ أن يقيم هذا الدين بهؤلاء الكبار من قريش، يعني ما أراد الله لهذا الدين أن يقوم بهم، لماذا؟ لشهرتهم في القوة وشهرتهم في السيطرة فربما يظنون أنهم هو الذين أقاموا هذا الدين، وهم الذين صنعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما أراد الله جل وعلا أن يصنع محمدا بإيمان المؤمنين حتى لو كانوا من الضعفاء. وتلك حكمة من الله تبارك وتعالى فبعد أن قال له ونهاه أن يطيع من أغفل قلبه وأذكركم أن قوله من أغفل قلبه ليس معناها من صده عن ذكر الله إنما من وجد قلبه غافلا، فأغفله الله. وهذه أيضا قاعدة نحن نعلمها وتكلمنا فيها كثيرا.
ثم بين أن هذا الذي أغفل قلبه اتبع هواه وكان أمره فرطا أي: مجاوزا للحد في كل شيء.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم. أن يقول لهؤلاء (الحق من ربكم) يعني أنا جئتكم بالكتاب الحق، وبالدين الحق من ربكم، ولذلك كلمة (الحق) خبر لمبتدئ محذوف: قل هو الحق من ربكم، يعني أن هذا القرآن هو الحق من ربكم. وهذه قاعدة أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول له قل لهؤلاء الذين أغفلناهم عن ذكرنا، قل لهم أن هذا الذي جئتكم به هو الحق الذي لا مريت فيه ولا شك فيه.
ثم قال الله بعد ذلك، بعد أن أكد أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هذه الجملة تخيير؟ يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر.
عندنا في اللغة الأمر قد لا يكون منه مطلوبا، يعني قد لا يكون منه مطلوب من المخاطب ففي هذه الحالة ينصرف إلى. التهكم بالمخاطب. يعني عندما ترى ولدك مهملا في مذاكرته، ومهملا في مسؤولياته فأنت تقول له العب ما شئت، هل معنى ذلك أنك تقول له العب كما تريد؟ هل أنت تريد أن تقول له افعل ما تريد؟ وإنما السياق يقتضي أنك تتهكم به. وهذا التهكم الذي يحكمه السياق كما قال الله تعالى (اعملوا ما شئتم) هل (اعملوا ما شئتم) معناها أن كل واحد يعمل ما يشاء، من أراد أن يطيع فليطيع، ومن أراد أن يعصي فليعصي؟ بالتأكيد لا، إنما (اعملوا ما شئتم) هذه الجملة تهديد ووعيد وتهكم بهم. ولذلك قال الله بعدها (إنه بما تعملون بصير) وحتى تعرفون أن السياق هو الذي يحدد معناها، يعني جملة (اعملوا ما شئتم) هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنى غير المعنى الموجود في قوله (اعملوا ما شئتم) التي في كتاب الله التي في سورة فصلت، متى قالها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة طلحة بن مسعود أظن، الذي كان قبل هجرة النبي بأيام أرسل رسالة لأهل مكة يخبرهم بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرر أن يأتيكم في يوم كذا الساعة كذا وأعطاهم امرأة كانت ذاهبة من المدينة إلى مكة، والمرأة وضعت الرسالة في طرحتها، فالله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وقال له إن المرأة في الطريق الفلاني إلى مكة ومعها الرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل خلفها صحابيين اثنين فأتوا بها وأتوا بالرسالة التي معها، وأحضر النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة وأجلسه أمامه وقال له اقرأ هذه الرسالة، فبالطبع يعني حاطب أُسقط في يده، فقال يعني يا رسول الله. أنا ليس لي عائلة ولا قرابة في مكة فخفت أن أكون ضعيفا بين أهل مكة أما إخواني من الصحابة فكل منهم له قبيلته، وله عشيرته وأنا لا قبيلة لي ولا عشيرة، فأردت أن أفعل هذا حتى تكون لي مكانة عند قريش. فهم عمر رضي الله عنه، وقال دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم (اتركه يا عمر فلعل الله اطّلع على أهل بدر وقال لهم اعملوا ما شئتم) لأن حاطب كان قد حضر غزوة بدر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلتمس له بعض المحامد التي تجعله يسامحه على هذا الفعل.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وها نحن مع تدبر سورة الكهف وتوقفنا عند قول الله تبارك وتعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
بعدها (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في الآية السابقة يبين الله تبارك وتعالى أن مكانة الإنسان عند الله تبارك وتعالى. ليست بهيئته، وليست بمكانته في الدنيا، وليست بغناه أو بفقره، إنما كما ذكر الله في كتابه الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالله تبارك وتعالى رفع شأن المؤمنين الضعفاء في الآية السابقة عندما أمر الله رسوله أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وهذه قاعدة لا بد أن نعلمها مقياس الإنسان ليس بماله ولا بعلمه، ولا بمؤهلاته، ولا بعمله، ولا بسلطانه، إنما مكانته بقربه من الله تبارك وتعالى. فالله جلت قدرته بيّن الحرص على هذا الأمر، وهناك حكمة أخرى: أن الله تبارك وتعالى لم يشأ أن يقيم هذا الدين بهؤلاء الكبار من قريش، يعني ما أراد الله لهذا الدين أن يقوم بهم، لماذا؟ لشهرتهم في القوة وشهرتهم في السيطرة فربما يظنون أنهم هو الذين أقاموا هذا الدين، وهم الذين صنعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما أراد الله جل وعلا أن يصنع محمدا بإيمان المؤمنين حتى لو كانوا من الضعفاء. وتلك حكمة من الله تبارك وتعالى فبعد أن قال له ونهاه أن يطيع من أغفل قلبه وأذكركم أن قوله من أغفل قلبه ليس معناها من صده عن ذكر الله إنما من وجد قلبه غافلا، فأغفله الله. وهذه أيضا قاعدة نحن نعلمها وتكلمنا فيها كثيرا.
ثم بين أن هذا الذي أغفل قلبه اتبع هواه وكان أمره فرطا أي: مجاوزا للحد في كل شيء.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم. أن يقول لهؤلاء (الحق من ربكم) يعني أنا جئتكم بالكتاب الحق، وبالدين الحق من ربكم، ولذلك كلمة (الحق) خبر لمبتدئ محذوف: قل هو الحق من ربكم، يعني أن هذا القرآن هو الحق من ربكم. وهذه قاعدة أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول له قل لهؤلاء الذين أغفلناهم عن ذكرنا، قل لهم أن هذا الذي جئتكم به هو الحق الذي لا مريت فيه ولا شك فيه.
ثم قال الله بعد ذلك، بعد أن أكد أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هذه الجملة تخيير؟ يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر.
عندنا في اللغة الأمر قد لا يكون منه مطلوبا، يعني قد لا يكون منه مطلوب من المخاطب ففي هذه الحالة ينصرف إلى. التهكم بالمخاطب. يعني عندما ترى ولدك مهملا في مذاكرته، ومهملا في مسؤولياته فأنت تقول له العب ما شئت، هل معنى ذلك أنك تقول له العب كما تريد؟ هل أنت تريد أن تقول له افعل ما تريد؟ وإنما السياق يقتضي أنك تتهكم به. وهذا التهكم الذي يحكمه السياق كما قال الله تعالى (اعملوا ما شئتم) هل (اعملوا ما شئتم) معناها أن كل واحد يعمل ما يشاء، من أراد أن يطيع فليطيع، ومن أراد أن يعصي فليعصي؟ بالتأكيد لا، إنما (اعملوا ما شئتم) هذه الجملة تهديد ووعيد وتهكم بهم. ولذلك قال الله بعدها (إنه بما تعملون بصير) وحتى تعرفون أن السياق هو الذي يحدد معناها، يعني جملة (اعملوا ما شئتم) هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنى غير المعنى الموجود في قوله (اعملوا ما شئتم) التي في كتاب الله التي في سورة فصلت، متى قالها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة طلحة بن مسعود أظن، الذي كان قبل هجرة النبي بأيام أرسل رسالة لأهل مكة يخبرهم بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرر أن يأتيكم في يوم كذا الساعة كذا وأعطاهم امرأة كانت ذاهبة من المدينة إلى مكة، والمرأة وضعت الرسالة في طرحتها، فالله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وقال له إن المرأة في الطريق الفلاني إلى مكة ومعها الرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل خلفها صحابيين اثنين فأتوا بها وأتوا بالرسالة التي معها، وأحضر النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة وأجلسه أمامه وقال له اقرأ هذه الرسالة، فبالطبع يعني حاطب أُسقط في يده، فقال يعني يا رسول الله. أنا ليس لي عائلة ولا قرابة في مكة فخفت أن أكون ضعيفا بين أهل مكة أما إخواني من الصحابة فكل منهم له قبيلته، وله عشيرته وأنا لا قبيلة لي ولا عشيرة، فأردت أن أفعل هذا حتى تكون لي مكانة عند قريش. فهم عمر رضي الله عنه، وقال دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم (اتركه يا عمر فلعل الله اطّلع على أهل بدر وقال لهم اعملوا ما شئتم) لأن حاطب كان قد حضر غزوة بدر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلتمس له بعض المحامد التي تجعله يسامحه على هذا الفعل.
لأن الفعل الذي فعله وإن كان خطيرا، لأنه يخبر بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها يعني رغبة نفس، ورغبة النفس هذه النبي صلى الله عليه وسلم تلمس عملا صالحا له. وأراد أن يجعل هذا العمل الصالح شفيعا له، وهذا أيضا يعطينا درسا يعني عندما يعني يقع إنسان ما في خطأ ما لا نلغي كل حسناته في مقابل سيئة واحدة. يعني نحن نلغي كل الحسنات في سبيل سيئة واحدة. وهذا أمر يعني لا ينبغي أن يكون من المؤمن للمؤمن، فقول النبي صلى الله عليه وسلم هو الشاهد في المسألة، (اعملوا ما شئتم) معناها يختلف عن (اعملوا ما شئتم) التي وردت في سورة فصلت، التي وردت في سورة فصلت هذه تهديد ووعيد.
إنما (اعملوا ما شئتم) كأنه إكرام وتقدير لأهل بدر الذين شهدوا بدرا من الصحابة رضوان الله عليه، يعني ما أريد أن أقوله: أن الجملة نحكم على معناها بالسياق، يعني سياقها هو الذي يجعلنا نحكم، فقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (فليؤمن) اللام لام الأمر (ومن شاء فليكفر) اللام لام الأمر، لو اعتبرنا أنها للتخيير، يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر. إذا فالذي يكفر أطاع الأمر ونفذ الأمر، والذي يؤمن أطاع الأمر ونفذ الأمر، إنما هو أمر ليس له مطلوب من المخاطب، إنما هو على سبيل التهديد والوعيد، ولذلك كثير من الناس يستشهدون بها على أن كل واحد حر في إختيار دينه، لا هناك آيات أخرى يعني (لا إكراه في الدين) تكفي، (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) تكفي، لكن الأمر هنا في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا ينبغي أن نضعها في هذا الإطار إنما هي تهديد ووعيد لكل من اختار الكفر. فتكون تهديدا له لاختياره السيئ، وأما من اختار الإيمان فإنه قد الطريق الصحيح. لكن علينا أن نبين لهؤلاء، ونبين لهؤلاء، وبعد البيان نقول لهم إن الله قال كذا للتهديد، وللوعيد فأنتم تخيروا طريقكم، ولذلك من أراد أن يستشهد بقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا يستشهد بهذه الجملة فقط ويقف وإنما ينبغي أن يُكمّل ما بعدها لأن ما بعدها بيان لمن اختار طريق الكفر، وبيان لمن اختار طريق الإيمان. والله تبارك وتعالى على الرغم أنه قدم (فمن شاء فليؤمن) على الكفر على (فليكفر) إلا أنه في بيان الجزاء ذكر جزاء الكافرين أولا فقال (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) فهنا. يكون الكلام على سبيل اللف والنشر غير المرتب لأنه ذكر الإيمان أولا، ثم ذكر الكفر، ثم ذكر عاقبة الكفر أولا لتحذير الإنسان من اختيار هذا الطريق، يعني تقديم عاقبة الكفر يدل على خطورة هذا الاختيار. وبعد أن يعرف عقوبته ويتخير فهو حر في طريقه.
هذه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إذا ليس الأمر هنا على التخيير. و أختم ها هنا. برضه لأني انشغلت الآن، ومعذرة الليلة، ونكمل إن شاء الله في لقائنا القادم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنما (اعملوا ما شئتم) كأنه إكرام وتقدير لأهل بدر الذين شهدوا بدرا من الصحابة رضوان الله عليه، يعني ما أريد أن أقوله: أن الجملة نحكم على معناها بالسياق، يعني سياقها هو الذي يجعلنا نحكم، فقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (فليؤمن) اللام لام الأمر (ومن شاء فليكفر) اللام لام الأمر، لو اعتبرنا أنها للتخيير، يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر. إذا فالذي يكفر أطاع الأمر ونفذ الأمر، والذي يؤمن أطاع الأمر ونفذ الأمر، إنما هو أمر ليس له مطلوب من المخاطب، إنما هو على سبيل التهديد والوعيد، ولذلك كثير من الناس يستشهدون بها على أن كل واحد حر في إختيار دينه، لا هناك آيات أخرى يعني (لا إكراه في الدين) تكفي، (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) تكفي، لكن الأمر هنا في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا ينبغي أن نضعها في هذا الإطار إنما هي تهديد ووعيد لكل من اختار الكفر. فتكون تهديدا له لاختياره السيئ، وأما من اختار الإيمان فإنه قد الطريق الصحيح. لكن علينا أن نبين لهؤلاء، ونبين لهؤلاء، وبعد البيان نقول لهم إن الله قال كذا للتهديد، وللوعيد فأنتم تخيروا طريقكم، ولذلك من أراد أن يستشهد بقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا يستشهد بهذه الجملة فقط ويقف وإنما ينبغي أن يُكمّل ما بعدها لأن ما بعدها بيان لمن اختار طريق الكفر، وبيان لمن اختار طريق الإيمان. والله تبارك وتعالى على الرغم أنه قدم (فمن شاء فليؤمن) على الكفر على (فليكفر) إلا أنه في بيان الجزاء ذكر جزاء الكافرين أولا فقال (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) فهنا. يكون الكلام على سبيل اللف والنشر غير المرتب لأنه ذكر الإيمان أولا، ثم ذكر الكفر، ثم ذكر عاقبة الكفر أولا لتحذير الإنسان من اختيار هذا الطريق، يعني تقديم عاقبة الكفر يدل على خطورة هذا الاختيار. وبعد أن يعرف عقوبته ويتخير فهو حر في طريقه.
هذه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إذا ليس الأمر هنا على التخيير. و أختم ها هنا. برضه لأني انشغلت الآن، ومعذرة الليلة، ونكمل إن شاء الله في لقائنا القادم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تدبر سورة الكهف (١٩)
فضيلة الشيخ أ.د / محمود شمس حفظه الله
#تدبر_سورة_الكهف (١٩)
⇐من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف ٣٠]
⇐من قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف ٣٠]
#تدبر_سورة_الكهف | المحاضرة (١٩)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين. وبعد :فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم، الذين هم أهل الله وخاصته. وها نحن نلتقي وتدبر سورة الكهف.
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقلت إن الأمر إذا ورد ينبغي أن يكون له مطلوبا بعد أن يصدر الأمر، يعني عندما آمر أي إنسان بأي أمر افعل كذا، فأنا أطلب منه هذا الفعل، فإذا كان الأمر ليس مطلوبا منه أي فعل فإنه يكون على غير ما وضع له، فلا بد أن ننظر فيه لأنه إما تهكم وإما تهديد ووعيد كما قلت في اللقاء السابق.
عندما أقول لابني الكسول العب كما تشاء، ألا تقولون لأولادكم أحيانا هذا: العب كما تشاء، هل أنت تطالبه بأن يلعب أم أنك توبخه وتبكته وتحاول أن تلفت نظره إلى أنه مهمل وكسول؟ فالأمر عندما لا يكون له مطلوبا لابد أن نفهمه على سبيل التهديد، على سبيل الوعيد لأن الله تبارك وتعالى لو كان قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بإعطاء الحرية للجميع أن الذي شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء يكفر فليكفر فلماذا يعذب الله من كفر؟ ما كان ينبغي أن يعذبه، إنما رب العباد يريد أن يبين أن هذا الأمر هو تهكم بأصحاب العقول التي لا تفهم ولا تعي ولذلك ذكر بعدها (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها)، والظالمون هم في الأصل يطلقون على المشركين (إن الشرك لظلم عظيم) وفي نفس الوقت يطلق على كل ظالم لنفسه، فأول ظلم للنفس أن يترك الإنسان ما أمره الله به ولا يؤمن به ويتبع هواه في تلك الدنيا، فهذا ظالم لأنه ظلم نفسه بأن يعرضها لهذا العذاب الأليم. إذن (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا تهديد ووعيد لهؤلاء.
(إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) السرادق: يكون مغلق من ثلاثة جوانب في مفهومنا نحن، لكن رب العباد قصد سرادقا يكون مغلقا من كل الاتجاهات.
هذا السرادق يسمى في دول الخليج - ما أدري هنا عندنا هنا في السعودية- أظن اسمه بيت الشَّعر أو بيت الشِّعر، ما أدري - يعني حاجة زي كده يعني- فيكون مغلقا من كل النواحي، لأن السرادق لو كان فيه ناحية مفتوحة فهو سيعطيهم الأمل في الخروج، الله تبارك وتعالى يريد أن يبين أنه لا أمل في خروجكم من هذا السرادق، لأن النار تحيط بكم في هذا السرادق.
ثم يبين الله تبارك وتعالى بعد ذلك (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) يبين الله في هذه الجملة العذاب المعنوي والعذاب الحسي لأنه يقول: وإن يستغيثوا من شدة النار ولهيب النار، هم يستغيثون بماء كي يبرد عليهم هذه النار، فالله تبارك وتعالى يقول (يغاثوا بماء) قوله (يغاثوا بماء) تفتح باب الأمل أمامهم أنهم سيغاثون بماء يُبرد نارهم لكن الله تبارك وتعالى أتى بوصف لهذا الماء جعله عذابا فوق العذاب، يعني بعد أن أعطاهم الأمل في أن هناك ماء سيُعطى لهم، والماء معروف أنه يُبرد الحرارة فإذا بالماء (كالمهل يشوي الوجوه) وهذا يسمى تأكيد الشيء بما يشبه ضده، يعني تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهناك تأكيد للذم بما يشبه المدح، وتأكيد للمدح بما يشبه الذم، تأكيد المدح بما يشبه الذم: عندما أمدح إنسانا أو شيئا ثم آتي بأداة استثناء تُوهم أني سأذمه فإذا بي أزيد في مدحه، يعني بعد أن توهم المُستمع أني سأذمه فإذا بي أمدحه هذا يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم.
عندما أقول فلان كريم إلا أنه، وصفته بالكرم وأتيت بأداة استثناء أداة الاستثناء تُوهم أني سأذمه بعد (إلا) فإذا بي أمدحه إلا أنه يكرم عدوه، يعني "يكرم عدوه" زادته مدحا، لكن هنا وإن يستغيثوا يغاثوا ويغاثوا بماء فإلى هنا كأن ها هنا مدحا لهم بأن الله سيغيثهم بماء والماء هو المطلوب لأنه كما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) فالله تبارك وتعالى يتهكم بهم ها هنا ويؤكد الذم بما يشبه المدح، كما قال الله تعالى أيضا في سورة النبأ (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) هنا الكلام يوهم أن الله تبارك وتعالى سيزيدهم شيئا ينفعهم لأن أصل استعمال الذوق أو التذوق إنما هو في الشيء الطيب فإذا استعمله الله في الشيء الخبيث فهو تهكم، لكن إلى (إلا) لم يكن هناك ما يشير إلى هذا التهكم، يعني (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) ما بعدها (إلا عذابا) إذاً (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين. وبعد :فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم، الذين هم أهل الله وخاصته. وها نحن نلتقي وتدبر سورة الكهف.
توقفت في اللقاء السابق عند قول الله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقلت إن الأمر إذا ورد ينبغي أن يكون له مطلوبا بعد أن يصدر الأمر، يعني عندما آمر أي إنسان بأي أمر افعل كذا، فأنا أطلب منه هذا الفعل، فإذا كان الأمر ليس مطلوبا منه أي فعل فإنه يكون على غير ما وضع له، فلا بد أن ننظر فيه لأنه إما تهكم وإما تهديد ووعيد كما قلت في اللقاء السابق.
عندما أقول لابني الكسول العب كما تشاء، ألا تقولون لأولادكم أحيانا هذا: العب كما تشاء، هل أنت تطالبه بأن يلعب أم أنك توبخه وتبكته وتحاول أن تلفت نظره إلى أنه مهمل وكسول؟ فالأمر عندما لا يكون له مطلوبا لابد أن نفهمه على سبيل التهديد، على سبيل الوعيد لأن الله تبارك وتعالى لو كان قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بإعطاء الحرية للجميع أن الذي شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء يكفر فليكفر فلماذا يعذب الله من كفر؟ ما كان ينبغي أن يعذبه، إنما رب العباد يريد أن يبين أن هذا الأمر هو تهكم بأصحاب العقول التي لا تفهم ولا تعي ولذلك ذكر بعدها (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها)، والظالمون هم في الأصل يطلقون على المشركين (إن الشرك لظلم عظيم) وفي نفس الوقت يطلق على كل ظالم لنفسه، فأول ظلم للنفس أن يترك الإنسان ما أمره الله به ولا يؤمن به ويتبع هواه في تلك الدنيا، فهذا ظالم لأنه ظلم نفسه بأن يعرضها لهذا العذاب الأليم. إذن (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا تهديد ووعيد لهؤلاء.
(إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) السرادق: يكون مغلق من ثلاثة جوانب في مفهومنا نحن، لكن رب العباد قصد سرادقا يكون مغلقا من كل الاتجاهات.
هذا السرادق يسمى في دول الخليج - ما أدري هنا عندنا هنا في السعودية- أظن اسمه بيت الشَّعر أو بيت الشِّعر، ما أدري - يعني حاجة زي كده يعني- فيكون مغلقا من كل النواحي، لأن السرادق لو كان فيه ناحية مفتوحة فهو سيعطيهم الأمل في الخروج، الله تبارك وتعالى يريد أن يبين أنه لا أمل في خروجكم من هذا السرادق، لأن النار تحيط بكم في هذا السرادق.
ثم يبين الله تبارك وتعالى بعد ذلك (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) يبين الله في هذه الجملة العذاب المعنوي والعذاب الحسي لأنه يقول: وإن يستغيثوا من شدة النار ولهيب النار، هم يستغيثون بماء كي يبرد عليهم هذه النار، فالله تبارك وتعالى يقول (يغاثوا بماء) قوله (يغاثوا بماء) تفتح باب الأمل أمامهم أنهم سيغاثون بماء يُبرد نارهم لكن الله تبارك وتعالى أتى بوصف لهذا الماء جعله عذابا فوق العذاب، يعني بعد أن أعطاهم الأمل في أن هناك ماء سيُعطى لهم، والماء معروف أنه يُبرد الحرارة فإذا بالماء (كالمهل يشوي الوجوه) وهذا يسمى تأكيد الشيء بما يشبه ضده، يعني تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهناك تأكيد للذم بما يشبه المدح، وتأكيد للمدح بما يشبه الذم، تأكيد المدح بما يشبه الذم: عندما أمدح إنسانا أو شيئا ثم آتي بأداة استثناء تُوهم أني سأذمه فإذا بي أزيد في مدحه، يعني بعد أن توهم المُستمع أني سأذمه فإذا بي أمدحه هذا يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم.
عندما أقول فلان كريم إلا أنه، وصفته بالكرم وأتيت بأداة استثناء أداة الاستثناء تُوهم أني سأذمه بعد (إلا) فإذا بي أمدحه إلا أنه يكرم عدوه، يعني "يكرم عدوه" زادته مدحا، لكن هنا وإن يستغيثوا يغاثوا ويغاثوا بماء فإلى هنا كأن ها هنا مدحا لهم بأن الله سيغيثهم بماء والماء هو المطلوب لأنه كما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) فالله تبارك وتعالى يتهكم بهم ها هنا ويؤكد الذم بما يشبه المدح، كما قال الله تعالى أيضا في سورة النبأ (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) هنا الكلام يوهم أن الله تبارك وتعالى سيزيدهم شيئا ينفعهم لأن أصل استعمال الذوق أو التذوق إنما هو في الشيء الطيب فإذا استعمله الله في الشيء الخبيث فهو تهكم، لكن إلى (إلا) لم يكن هناك ما يشير إلى هذا التهكم، يعني (فذوقوا فلن نزيدكم إلا) ما بعدها (إلا عذابا) إذاً (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه)
(المُهل) تقريب لمفهوم المهل هو: الزيت المغلي، أو كالزيت المغلي لأن كل العذاب الذي يسقيه الله لأهل جهنم إنما هو من عائد أجسادهم، يعني السائل الذي يخرج من أجسادهم الذي يسمى بالغسلين والذي يسمى بالصديد والذي يسمى ها هنا بالمُهل، وأيضا في سورة الدخان (كالمهل يغلي في البطون)، (بماء كالمهل يشوي الوجوه) يصور الله هذا المُهل بأنه ما يشوي المعدة، ولا يشوي الأمعاء، لا.. هو يشوي الوجوه، بمجرد أن يرفعوه على أفواههم لكي يشربوه من شدة حرارته يشوي وجوههم دون أن يلمس الوجوه، يعني الوجوه لا تشرب، هل الوجه يشرب؟ لكن الإنسان وهو يشرب شيئا حارا عندما يضعه على فِيه يشعر بحرارته في وجهه، فهذا المهل يشوي الوجوه. إذاً الله تبارك وتعالى يصور لنا هذا الأمر حتى يقول انتبهوا وعد الله حق، ووعيده حق.
(بئس الشراب وساءت مرتفقا) (بئس) هو أسلوب ذم يعني بئس الشراب الذي يقدم لهم وجهنم ساءت مرتفقا، المرتفق هو: التقاء؟ العضد - عضد الإنسان الجزء الممتد من الكتف إلى المرفق- فهو التقاء العضد مع المرفق. الإنسان عندما يكون في حالة إرهاق وتعب يتكئ على هذا الملتقى الذي يسمى الكوع في العُرف، لكنه ليس بالكوع هو اسمه المِرفق. أين كوع الإنسان؟ تعرفون الكوع والبوع؟ كوع الإنسان العظمة التي بعد الكف مباشرة بعد كف اليد، بعد كف اليد مباشرة في عظمة في ناحية اليمين وفي ناحية اليسار من اليد اليسار هذه كوعه. إذاً الله تبارك وتعالى يقول هذا ساءت مرتفقا، وسيتحدث عن الجنة ونعيم الجنة وسيقول (وحسُنت مرتفقا) يعني المقابل مع عذاب أهل النار.
يبدأ الله تبارك وتعالى بعد ذلك بيان نعيم أهل الجنة، وهنا في هذه السورة ذكر الله تبارك وتعالى عذاب أهل النار، وهو الوعيد أولا مع أنه في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ذكر الإيمان أولا، لماذا ذكر الإيمان أولا في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)؟ للدلالة على أن الإيمان مرغوب فيه، فالله تبارك وتعالى يقدمه في قوله (فمن شاء فليؤمن) ترغيبا في الإيمان، لكن عند بيان نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين قدم عذاب الكافرين أولا لأن الغرض من ذكره ذلك كله إنما هو دعوتهم إلى توحيد الله تبارك وتعالى، فإن لم يؤمنوا بعد أن يعرفوا أن هناك عذابا ينتظرهم فإنهم بذلك سيستحقون هذا العذاب لا محالة.
إذاً (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) جملة (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) هذه الجملة استئناف بياني، استئناف بياني بحسب المؤمنين الذين يستمعون ذلك لأنهم، بعد أن يعرفوا عذاب هؤلاء وما أعده الله لهؤلاء يتساءلون وينشأ سؤال: يا ترى ماذا أعد الله للمؤمنين الصالحين؟ فقال الله تبارك وتعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أكدّ هذه الآية بمؤكدين:
المؤكد الأول: (إن) الأولى التي في أول الآية تحقيقا لهذا الوعد من الله تبارك وتعالى، وعند إتيان الخبر قال (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) وتأكيد الخبر، لأن جملة (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) خبر، لـ (إن) الأولى يعني (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الخبر لم يكتمل ولذلك لا يجوز لنا أن نقف عليها إلا اضطرارا أو اختبار وإنما يجب أن نقرأ الآية كاملة، فقوله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) هذه الجملة خبر.
طيب لماذا كرر الله (إن)؟ هل هو لتأكيد هذا الخبر فقط؟ أم أن هناك قاعدة في اللغة أنه يجوز إعادة (إن) إذا طال الكلام وطال الحديث؟ يعني في قول الله تعالى (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفر رحيم) أتى بـ (إن) في الخبر لأن الكلام قد طال. وفي قوله (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) أيضا تكررت (إن) لطول الكلام بعد (إن) الأولى. تمام. لكن هناك فرق كبير بين الآية التي معنا وتكرار (إن فيها) وتكرار (إن) التي يقول عنها النحويون أن (إن) تُكرر إذا طال الكلام عن المبتدأ الأول، أو عن (إن) الأولى، ما الفرق؟ ولماذا تكررت (إن) ها هنا؟
نجد أن جملة (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) نجد لها استقلالا بمضمونها فهي تفيد حكما يعُمّ كل ما يقع خبرا عن المبتدأ السابق.
أوضح أكثر، (إن) التي تتكرر لأن الكلام قد طال لا يمكن لها أن تستقل بالجملة التي بعدها وإنما لا بد أن تربط بالأولى، يعني نأخذ (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها) من بعد ماذا؟ من بعد توبتهم وإصلاحهم، يعني إذا لا بد أن أصل الجملة هذه بالجملة التي قبلها. يعني إذا تكررت (إن) في غير هذا الموضع فإنه لا بد أن تُربط بما قبلها، لابد، (إن) ها هنا تكررت ولها استقلال بمضمونها (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
(بئس الشراب وساءت مرتفقا) (بئس) هو أسلوب ذم يعني بئس الشراب الذي يقدم لهم وجهنم ساءت مرتفقا، المرتفق هو: التقاء؟ العضد - عضد الإنسان الجزء الممتد من الكتف إلى المرفق- فهو التقاء العضد مع المرفق. الإنسان عندما يكون في حالة إرهاق وتعب يتكئ على هذا الملتقى الذي يسمى الكوع في العُرف، لكنه ليس بالكوع هو اسمه المِرفق. أين كوع الإنسان؟ تعرفون الكوع والبوع؟ كوع الإنسان العظمة التي بعد الكف مباشرة بعد كف اليد، بعد كف اليد مباشرة في عظمة في ناحية اليمين وفي ناحية اليسار من اليد اليسار هذه كوعه. إذاً الله تبارك وتعالى يقول هذا ساءت مرتفقا، وسيتحدث عن الجنة ونعيم الجنة وسيقول (وحسُنت مرتفقا) يعني المقابل مع عذاب أهل النار.
يبدأ الله تبارك وتعالى بعد ذلك بيان نعيم أهل الجنة، وهنا في هذه السورة ذكر الله تبارك وتعالى عذاب أهل النار، وهو الوعيد أولا مع أنه في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ذكر الإيمان أولا، لماذا ذكر الإيمان أولا في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)؟ للدلالة على أن الإيمان مرغوب فيه، فالله تبارك وتعالى يقدمه في قوله (فمن شاء فليؤمن) ترغيبا في الإيمان، لكن عند بيان نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين قدم عذاب الكافرين أولا لأن الغرض من ذكره ذلك كله إنما هو دعوتهم إلى توحيد الله تبارك وتعالى، فإن لم يؤمنوا بعد أن يعرفوا أن هناك عذابا ينتظرهم فإنهم بذلك سيستحقون هذا العذاب لا محالة.
إذاً (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) جملة (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) هذه الجملة استئناف بياني، استئناف بياني بحسب المؤمنين الذين يستمعون ذلك لأنهم، بعد أن يعرفوا عذاب هؤلاء وما أعده الله لهؤلاء يتساءلون وينشأ سؤال: يا ترى ماذا أعد الله للمؤمنين الصالحين؟ فقال الله تبارك وتعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أكدّ هذه الآية بمؤكدين:
المؤكد الأول: (إن) الأولى التي في أول الآية تحقيقا لهذا الوعد من الله تبارك وتعالى، وعند إتيان الخبر قال (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) وتأكيد الخبر، لأن جملة (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) خبر، لـ (إن) الأولى يعني (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الخبر لم يكتمل ولذلك لا يجوز لنا أن نقف عليها إلا اضطرارا أو اختبار وإنما يجب أن نقرأ الآية كاملة، فقوله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) هذه الجملة خبر.
طيب لماذا كرر الله (إن)؟ هل هو لتأكيد هذا الخبر فقط؟ أم أن هناك قاعدة في اللغة أنه يجوز إعادة (إن) إذا طال الكلام وطال الحديث؟ يعني في قول الله تعالى (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفر رحيم) أتى بـ (إن) في الخبر لأن الكلام قد طال. وفي قوله (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) أيضا تكررت (إن) لطول الكلام بعد (إن) الأولى. تمام. لكن هناك فرق كبير بين الآية التي معنا وتكرار (إن فيها) وتكرار (إن) التي يقول عنها النحويون أن (إن) تُكرر إذا طال الكلام عن المبتدأ الأول، أو عن (إن) الأولى، ما الفرق؟ ولماذا تكررت (إن) ها هنا؟
نجد أن جملة (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) نجد لها استقلالا بمضمونها فهي تفيد حكما يعُمّ كل ما يقع خبرا عن المبتدأ السابق.
أوضح أكثر، (إن) التي تتكرر لأن الكلام قد طال لا يمكن لها أن تستقل بالجملة التي بعدها وإنما لا بد أن تربط بالأولى، يعني نأخذ (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها) من بعد ماذا؟ من بعد توبتهم وإصلاحهم، يعني إذا لا بد أن أصل الجملة هذه بالجملة التي قبلها. يعني إذا تكررت (إن) في غير هذا الموضع فإنه لا بد أن تُربط بما قبلها، لابد، (إن) ها هنا تكررت ولها استقلال بمضمونها (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
ولو تأملنا سويا لأدركنا الآتي: أن قوله تبارك وتعالى (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) كأنه إجمال لكل النعيم الذي ذكره الله في القرآن الكريم لأن (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وجزاؤهم تكرر في مواضع كثيرة، يعني مرة (لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير) ومرة (أولئك هم خير البرية) ومرة (يهديهم ربهم بإيمانهم) ومرة (سيجعل لهم الرحمن ودا)، يعني قوله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) يشمل كل نعيم ذكره الله بعد ذلك في القرآن الكريم. ما أدري استطعت أن أوصّل المعلومة وإلا لا. يعني (إن) ها هنا ليست لمجرد أن الكلام طال وتكررت وفقط، لا. (إن) ها هنا لها دلالة أخرى، دلالتها أن الجملة التي بعدها جملة مستقلة تامة تعطي معنى لا يمكن أن تعطيه جملة أخرى، وهذا المعنى شامل لكل نعيم ذكره الله تبارك وتعالى.
لماذا ذكر الله هذا النعيم الإجمالي هنا أولاً وجعله شاملا لكل أنواع النعيم في القرآن الكريم؟ لأن قوله تبارك وتعالى (إن الذين آمنوا) قلت لكم سابقا أن التعبير بالاسم الموصول في القرآن الكريم يجعل الجملة التي بعده التي تسمى صلة الموصول متمكنة تمكنا تاما من الاسم الموصول يعني (إن الذين آمنوا) أي آمنوا إيمانا تاما كاملا فالإيمان بالنسبة لهم أصل ويتبعون أمر الله ويجتنبون نهيه، لكن هنا دلالة خاصة أخرى وهي ماذا؟ أنهم ها هنا آمنوا بمعنى آمنوا ونبذوا الشرك نبذا كاملا لأن الآية التي قبلها الله عندما بيّن بأسلوب التهديد والوعيد (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالذين آمنوا ماذا فعلوا هنا؟ أخذوا الإيمان، ومعنى أنهم آمنوا أي أنهم نبذوا الكفر بكل أصوله وبكل طرائقه، فهم تخيروا عن حب ورغبة - ما أخذنا بالنا- يعني (إن الذين آمنوا) ها هنا تخيروا الإيمان، ومعنى تخيروا الإيمان أنهم نبذوا الكفر وينبذون الكفر، وعندما نبذوا الكفر فهم آمنوا إيمانا تاما كاملا. وانتبهوا نبذ الكفر لا يعني بالضرورة نبذ الكافر لأن الله علمنا أننا لا نكره الذات إنما نكره صفة من الصفات، يعني أنت ليس بالضرورة أن تحب صفات كل إنسان وهذه حقيقة لكن لا ينبغي أنك لا تحبه لذاته إنما أنت لا تحب صفة فيه. واضح. وأتينا بأدلة من القرآن، أذكركم (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو) لمن؟ (عدو للكافرين) لم يقل فإن الله عدو له إنما عدو لمن كانت فيه صفة الكفر، لأنه لو قال فإن الله عدو له لكان في ذلك إغلاقا لباب الرحمة، وإغلاقا لباب الإيمان، لأن من كان عدوا لله في هذا الوقت أصبح مؤمنا مخلصا وبذل في الإسلام جهودا كبيرة، ولذلك الله يقول (فإن الله عدو للكافرين) فنأخذ منها أننا لا نحب صفات في بعض الناس إنما شخص أو ذات لا، أنا لا أحب صفات في فلان، أو لا أحب صفات في فلانة، وكل إنسان منا فيه من الصفات ما يحبها الآخر، وفيه من الصفات ما يكرهها الآخر أليس كذلك؟
ومعنى (وعملوا الصالحات) - كما قلت سابقا - أين مفعول (وعملوا)؟ هل الصالحات؟ لا، الصالحات صفة للمفعول المحذوف، والمفعول المحذوف هو الأعمال الصالحات، لكن عندما كانت أعمالهم توصف بالصلاح الكامل حذفنا الموصوف وأبقينا الصفة محل الموصوف. واضح (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات).
قوله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا)
أولا: أحسنُ العمل الذي لن يضيعه الله تبارك وتعالى، ذكر الله أحسن العمل في القرآن الكريم أربع مرات، يعني في أربع مواضع: ذكر الله أحسن العمل:
● في سورة الملك (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
● وفي هود (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
● وفي سورة الكهف في أولها (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا)
● وهنا قال (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) طيب طالما لا نضيع أجر من أحسن عملا ينبغي أن نبحث عن أحسن العمل، وكيف نصل إلى أحسن العمل؟ واضح. يعني كيف أصل إلى أن أكون ممن لا يضيع الله أجر من أحسن عملهم؟ بالطبع أحسن العمل لا يكون إلا بالإخلاص رقم واحد، إخلاص العمل لله تبارك وتعالى، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في هديه، يعني لا نبتدع شيئا من عندنا، لكن هذا لستُ هو الذي أقصد، أنا أقصد من خلال ذكر المواضع في القرآن نريد أن نستنبط كيف أصل أنا لأحسن العمل الذي هو الإخلاص والاتباع؟ الإتباع معروف، طب والإخلاص؟
رقم واحد: قدم الله الموت على الحياة في موضع الملك فالذي يعينني على أن أصل إلى أحسن العمل لأدخل في (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أن أضع الموت أمامي دائما لأن الله قال (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم) وتلاحظون دائما في المواضع الثلاثة في غير هذا الموضع، لأن الموضع هذا موضع الأجر - أجر الإنسان على أحسن العمل في الآخرة - المواضع الثلاثة الأخرى كلها مرتبطة بالابتلاء، بالاختبار، إذاً هذه الأمور لها دور في الوصول إلى أحسن العمل. أخذنا أول خطوة من سورة الملك أني أتذكر الموت دائما أمامي فإذا أصبحت لا أنتظر المساء، وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح.
لماذا ذكر الله هذا النعيم الإجمالي هنا أولاً وجعله شاملا لكل أنواع النعيم في القرآن الكريم؟ لأن قوله تبارك وتعالى (إن الذين آمنوا) قلت لكم سابقا أن التعبير بالاسم الموصول في القرآن الكريم يجعل الجملة التي بعده التي تسمى صلة الموصول متمكنة تمكنا تاما من الاسم الموصول يعني (إن الذين آمنوا) أي آمنوا إيمانا تاما كاملا فالإيمان بالنسبة لهم أصل ويتبعون أمر الله ويجتنبون نهيه، لكن هنا دلالة خاصة أخرى وهي ماذا؟ أنهم ها هنا آمنوا بمعنى آمنوا ونبذوا الشرك نبذا كاملا لأن الآية التي قبلها الله عندما بيّن بأسلوب التهديد والوعيد (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالذين آمنوا ماذا فعلوا هنا؟ أخذوا الإيمان، ومعنى أنهم آمنوا أي أنهم نبذوا الكفر بكل أصوله وبكل طرائقه، فهم تخيروا عن حب ورغبة - ما أخذنا بالنا- يعني (إن الذين آمنوا) ها هنا تخيروا الإيمان، ومعنى تخيروا الإيمان أنهم نبذوا الكفر وينبذون الكفر، وعندما نبذوا الكفر فهم آمنوا إيمانا تاما كاملا. وانتبهوا نبذ الكفر لا يعني بالضرورة نبذ الكافر لأن الله علمنا أننا لا نكره الذات إنما نكره صفة من الصفات، يعني أنت ليس بالضرورة أن تحب صفات كل إنسان وهذه حقيقة لكن لا ينبغي أنك لا تحبه لذاته إنما أنت لا تحب صفة فيه. واضح. وأتينا بأدلة من القرآن، أذكركم (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو) لمن؟ (عدو للكافرين) لم يقل فإن الله عدو له إنما عدو لمن كانت فيه صفة الكفر، لأنه لو قال فإن الله عدو له لكان في ذلك إغلاقا لباب الرحمة، وإغلاقا لباب الإيمان، لأن من كان عدوا لله في هذا الوقت أصبح مؤمنا مخلصا وبذل في الإسلام جهودا كبيرة، ولذلك الله يقول (فإن الله عدو للكافرين) فنأخذ منها أننا لا نحب صفات في بعض الناس إنما شخص أو ذات لا، أنا لا أحب صفات في فلان، أو لا أحب صفات في فلانة، وكل إنسان منا فيه من الصفات ما يحبها الآخر، وفيه من الصفات ما يكرهها الآخر أليس كذلك؟
ومعنى (وعملوا الصالحات) - كما قلت سابقا - أين مفعول (وعملوا)؟ هل الصالحات؟ لا، الصالحات صفة للمفعول المحذوف، والمفعول المحذوف هو الأعمال الصالحات، لكن عندما كانت أعمالهم توصف بالصلاح الكامل حذفنا الموصوف وأبقينا الصفة محل الموصوف. واضح (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات).
قوله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا)
أولا: أحسنُ العمل الذي لن يضيعه الله تبارك وتعالى، ذكر الله أحسن العمل في القرآن الكريم أربع مرات، يعني في أربع مواضع: ذكر الله أحسن العمل:
● في سورة الملك (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
● وفي هود (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
● وفي سورة الكهف في أولها (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا)
● وهنا قال (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) طيب طالما لا نضيع أجر من أحسن عملا ينبغي أن نبحث عن أحسن العمل، وكيف نصل إلى أحسن العمل؟ واضح. يعني كيف أصل إلى أن أكون ممن لا يضيع الله أجر من أحسن عملهم؟ بالطبع أحسن العمل لا يكون إلا بالإخلاص رقم واحد، إخلاص العمل لله تبارك وتعالى، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في هديه، يعني لا نبتدع شيئا من عندنا، لكن هذا لستُ هو الذي أقصد، أنا أقصد من خلال ذكر المواضع في القرآن نريد أن نستنبط كيف أصل أنا لأحسن العمل الذي هو الإخلاص والاتباع؟ الإتباع معروف، طب والإخلاص؟
رقم واحد: قدم الله الموت على الحياة في موضع الملك فالذي يعينني على أن أصل إلى أحسن العمل لأدخل في (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أن أضع الموت أمامي دائما لأن الله قال (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم) وتلاحظون دائما في المواضع الثلاثة في غير هذا الموضع، لأن الموضع هذا موضع الأجر - أجر الإنسان على أحسن العمل في الآخرة - المواضع الثلاثة الأخرى كلها مرتبطة بالابتلاء، بالاختبار، إذاً هذه الأمور لها دور في الوصول إلى أحسن العمل. أخذنا أول خطوة من سورة الملك أني أتذكر الموت دائما أمامي فإذا أصبحت لا أنتظر المساء، وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح.
(خلق الموت والحياة ليبلوكم) دائما أقول هناك فرق بين تدبرنا لكتاب الله وبين التفسير، التفسير هذا بيان أقوال، وأصحاب الأقوال، وترجيح الأقوال، نحن في التدبر نأخذ الدرس الذي أراد الله أن يوصله لنا، الدرس الذي ربنا أراد أن يوصله لنا لكي نطبقه عمليا، فالتطبيق العملي في قوله: (الذي خلق الموت والحياة) لن تنجح في الاختبار إلا إذا جعلت الموت أمامك قبل الحياة لأن الذي يلهي الإنسان ويشغله عن طاعة الله هي الحياة، أليس كذلك؟ فأنت إذا أردت أن تنجح في الاختبار وأردت أن تلتقي بربك وأنت تطيعه وتعبده فرغ قلبك وذهنك تماما وبؤرة شعورك من الحياة، كيف ذلك؟ ضع الموت أمامك. يعني لو أنك قيل لك: الليلة بعد صلاة العشاء سيأتيك ملك الموت ويقبض روحك كيف ستكون صلاتك إذا عرفت أنك بمجرد أن تسلم من الصلاة سيقبض الملك روحك فكيف ذلك؟ هذا الدرس المستفاد من هذه الآية.
الأمر الآخر (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) فكر في خلق السماوات والأرض وخلق الله للماء الذي هو فيه حياتك (وكان عرشه على الماء) قبل أن يخلق الخلق. إذن تتفكر وتتدبر وتتأمل أن هناك حكمة من خلقك في الأرض لأن الله هو الذي خلق السماوات والأرض وخلقك لعبادته، فكيف بك تتخلف عن المهمة التي خُلقت من أجلها؟! أنت فكر في ذلك حتى تنجح في الاختبار، لأن الله تبارك وتعالى ذكر بعدها (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) كأن النجاح في الابتلاء هنا في التفكير في أعظم المخلوقات، والتفكير في البعث بعد الموت، وأنك تخطط أن تكون ممن لا نضيع أجر من أحسن عملا، يعني إذا هذه الآية فيها رسالتان: التفكر في أعظم المخلوقات. يا أخي أنت لو فكرت في نفسك فقط كما قال الله (وفي أنفسكم) فكر في نفسك وفكر في (في أي صورة، ما شاء ركبك) ولو شاء الله أن يركبك في صورة أخرى لركبك، فكر في ذلك. فهؤلاء الذين تخيروا الكفر إنما هم لم يتفكروا في أعظم المخلوقات فلم يؤمنوا بالبعث لأن الله الذي خلق أعظم المخلوقات، هذه وهو الذي خلق الإنسان من نطفة أليس بقادر على أن يعيد خلقهم؟ بلى قادر لكنهم لم يتفكروا، ولذلك قال الله (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) خلق السماوات والأرض لم تُخلق للعب وللهو (ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون) الذين لم يؤمنوا وتخيروا الكفر، لم يعلموا أن الله تبارك وتعالى خلق أعظم المخلوقات هذه، وكما قال (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون).
خلي بالكم الموضع الأخير في أول سورة الكهف (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) فكل ما على الأرض زينة، زينة للأرض (لنبلوهم) اختبار، الذي يعينك على أحسن العمل أن تتفهم حقيقة الزينة وما يوجد في الأرض، انتبه لهذه الزينة.
إذن الله تبارك وتعالى أولا: قال (لنبلوهم) و(ليبلوكم) في كل مواضع أحسن عملا كأن أحسن العمل هذا يحتاج إلى جهد، وإلى بذل جهد وتنظيم وقت حتى نصل إلى (لا نضيع أجر من أحسن عملا) رقم واحد: التفكر في خلق الله وتذكير النفس بالبعث.
رقم إثنين: الموت نضعه أمامنا رقم ثلاثة، نفهم حقيقة زينة الدنيا، وما في الأرض من زينة. الله تبارك وتعالى هو الذي قال ذلك. امم، ما استطعت ان اوضح؟ يعني لا بد من الربط بين (أحسن عملا) ووجدناها أن أحسن عملا هذه كلها جاءت مع (ليبلوكم) كأنك لن تصل إلى أحسن العمل إلا بالنجاح والتفوق، طب يا رب كيف أصل إلى أحسن العمل؟ ضع الموت أمامك هذا رقم واحد. رقم إثنين: تفكّر في خلق الله لأعظم المخلوقات وتذكر البعث.
رقم ثلاثة: افهم حقيقة الدنيا وزينة الحياة الدنيا وما جعله الله من زينة على الأرض، لن تنجح في الاختبار إلا إذا أخذت بكل هذه الأسباب، إذا فعلت ذلك وصلت لـ (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
يتبقى لنا في الآية - لتذكروني لو أني نُسيت - السر في استعمال (لا نضيع)، يعني لماذا (لا نضيع)؟ حقيقة نحن أيضا سنجمع كل (لا نضيع)، وسأكمل لكم أحسن العمل ورحمة الله بعباده المؤمنين، لكن حقيقة يعني خلاص الوقت ما عدت قادر أتكلم حتى.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر ويرحم كل متوفى، وأن يغفر لنا جميعا، وأن يرحمنا جميعا، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأمر الآخر (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) فكر في خلق السماوات والأرض وخلق الله للماء الذي هو فيه حياتك (وكان عرشه على الماء) قبل أن يخلق الخلق. إذن تتفكر وتتدبر وتتأمل أن هناك حكمة من خلقك في الأرض لأن الله هو الذي خلق السماوات والأرض وخلقك لعبادته، فكيف بك تتخلف عن المهمة التي خُلقت من أجلها؟! أنت فكر في ذلك حتى تنجح في الاختبار، لأن الله تبارك وتعالى ذكر بعدها (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) كأن النجاح في الابتلاء هنا في التفكير في أعظم المخلوقات، والتفكير في البعث بعد الموت، وأنك تخطط أن تكون ممن لا نضيع أجر من أحسن عملا، يعني إذا هذه الآية فيها رسالتان: التفكر في أعظم المخلوقات. يا أخي أنت لو فكرت في نفسك فقط كما قال الله (وفي أنفسكم) فكر في نفسك وفكر في (في أي صورة، ما شاء ركبك) ولو شاء الله أن يركبك في صورة أخرى لركبك، فكر في ذلك. فهؤلاء الذين تخيروا الكفر إنما هم لم يتفكروا في أعظم المخلوقات فلم يؤمنوا بالبعث لأن الله الذي خلق أعظم المخلوقات، هذه وهو الذي خلق الإنسان من نطفة أليس بقادر على أن يعيد خلقهم؟ بلى قادر لكنهم لم يتفكروا، ولذلك قال الله (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) خلق السماوات والأرض لم تُخلق للعب وللهو (ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون) الذين لم يؤمنوا وتخيروا الكفر، لم يعلموا أن الله تبارك وتعالى خلق أعظم المخلوقات هذه، وكما قال (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون).
خلي بالكم الموضع الأخير في أول سورة الكهف (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) فكل ما على الأرض زينة، زينة للأرض (لنبلوهم) اختبار، الذي يعينك على أحسن العمل أن تتفهم حقيقة الزينة وما يوجد في الأرض، انتبه لهذه الزينة.
إذن الله تبارك وتعالى أولا: قال (لنبلوهم) و(ليبلوكم) في كل مواضع أحسن عملا كأن أحسن العمل هذا يحتاج إلى جهد، وإلى بذل جهد وتنظيم وقت حتى نصل إلى (لا نضيع أجر من أحسن عملا) رقم واحد: التفكر في خلق الله وتذكير النفس بالبعث.
رقم إثنين: الموت نضعه أمامنا رقم ثلاثة، نفهم حقيقة زينة الدنيا، وما في الأرض من زينة. الله تبارك وتعالى هو الذي قال ذلك. امم، ما استطعت ان اوضح؟ يعني لا بد من الربط بين (أحسن عملا) ووجدناها أن أحسن عملا هذه كلها جاءت مع (ليبلوكم) كأنك لن تصل إلى أحسن العمل إلا بالنجاح والتفوق، طب يا رب كيف أصل إلى أحسن العمل؟ ضع الموت أمامك هذا رقم واحد. رقم إثنين: تفكّر في خلق الله لأعظم المخلوقات وتذكر البعث.
رقم ثلاثة: افهم حقيقة الدنيا وزينة الحياة الدنيا وما جعله الله من زينة على الأرض، لن تنجح في الاختبار إلا إذا أخذت بكل هذه الأسباب، إذا فعلت ذلك وصلت لـ (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
يتبقى لنا في الآية - لتذكروني لو أني نُسيت - السر في استعمال (لا نضيع)، يعني لماذا (لا نضيع)؟ حقيقة نحن أيضا سنجمع كل (لا نضيع)، وسأكمل لكم أحسن العمل ورحمة الله بعباده المؤمنين، لكن حقيقة يعني خلاص الوقت ما عدت قادر أتكلم حتى.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر ويرحم كل متوفى، وأن يغفر لنا جميعا، وأن يرحمنا جميعا، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.