«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
2.17K subscribers
2.24K photos
468 videos
15 files
454 links
قال ﷺ : (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً)

*🍃🌹‏(( من جماليات وسائل التواصل أن يفتح الله لك فتكتب نورًا يُهتدى به.. أو فائدة يُنتفعُ بها.. أو مواساة طيّبة فيتناقلها الناس من بعدك.. تظلّ سلوى في أحزانهم.. وأُنساً في وحشتهم.. تموتُ أنت ويبقى ما كتبته يداك حيًّا
Download Telegram
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
‏صورة من Mirvt_Anwer
( الدرس السابع )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرۡقࣰا (١) وَٱلنَّـٰشِطَـٰتِ نَشۡطࣰا (٢) وَٱلسَّـٰبِحَـٰتِ سَبۡحࣰا (٣) فَٱلسَّـٰبِقَـٰتِ سَبۡقࣰا (٤) فَٱلۡمُدَبِّرَ ٰ⁠تِ أَمۡرࣰا (٥) یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ (٦) تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ وَاجِفَةٌ (٨) أَبۡصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةࣱ (٩)﴾ [النازعات ١-٩]

🔲 درسنا في هذا اليوم هو أول سورة النازعات.قال الله عز وجل: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ [النازعات ١-٥].البسملة آية من كتاب الله مستقلة، لا تتبع السورة التي قبلها ولا التي بعدها، ولهذا كان القول الراجح أن البسملة ليست من الفاتحة، بل هي مستقلة، ودليل ذلك حديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين أن الله قال: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي»(١)، وذكر تمام الحديث.

▫️كما أنها أيضًا ليست آية من السور الأخرى، وما نشاهده في المصحف من جَعْلِها آية في الفاتحة دون غيرها إنما هو على رأي بعض العلماء، ولكن الصواب ما ذكرت لكم؛ أنها آية مستقلة، ولهذا لو اقتصر الإنسان في سورة الفاتحة على قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة ٢] إلى آخر السورة لكانت صلاته صحيحة.إلا أنها لا توجد في أول سورة براءة، وسبب ذلك أنه لم ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين السورتين آية البسملة، فلذلك لم تكن موجودة.

🔸وأما تعليل بعض العلماء بأنها - أي سورة براءة- نزلت بالسيف، فإنه تعليل عليل لا يصح؛ لأن السيف إذا كان بحق فهو حق ولا يضر.

يقول الله عز وجل: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ كل هذه الأوصاف للملائكة على حسب أعمالهم التي أمرهم الله عز وجل بها، فقوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ يعني الملائكة الْمُوَكَّلَة بقَبْض أرواح الكفار، تنزعها ﴿غَرْقًا﴾ أي: نزعًا بشدة.﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ يعني: الملائكة الْمُوَكَّلة بقبض أرواح المؤمنين، تنشطها نشطًا، أي: تَسُلُّها برفق كالأُنْشُوطة، وأظنكم تعرفون الأنشوطة: الرَّبْط الذي يسمونه عندنا (التكة) أو ما أشبه ذلك من الكلمات، يعني يكون ربطًا، بحيث إذا سَلَلْتَ أحد الطرفين انفكت العقدة، هذا ينحل بسرعة وبسهولة.

🔸فهؤلاء الملائكة الْمُوَكَّلَة بقبض أرواح المؤمنين تنشطها نشطًا، أي: تَسُلُّها برفق، وسبب ذلك أن الملائكة الْمُوَكَّلَة بقبض أرواح الكفار إذا دَعَت الروح إلى الخروج تناديها بأقبح الأوصاف، تقول الملائكة لروح الكافر: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي إلى غضب الله، وما أشبه هذا من الكلام، فتنفر الروح، لا تريد أن تخرج إلى هذا، وتتفرق في الجسد -والعياذ بالله- حتى يقبضوها بشدة، ينزعونها نزعًا، يكاد يتمزق الجسد منها من شدة النزع.

🔹أما أرواح المؤمنين -جعلني الله وإياكم منهم- فإن الملائكة إذا نَزَلَتْ لقبضها تبشرها: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى رضوان الله، وما أشبه هذا من الكلام الذي يُهَوِّن عليها أن تفارق جسدها الذي أَلِفَتْه، فتخرج بسهولة.ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

▫️قالت عائشة: يا رسول الله، كُلُّنَا يكره الموت، فقال: «لَيْسَ الْأَمْرُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ » -يعني إذا جاءه أجله-«يُبَشَّرُ بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ فَيُحِبُّ لِقَاءَ اللهِ»(٢)؛ لأنه في تلك اللحظة يرى أنه سينتقل إلى دار أحسن من الدار التي فارقها، فيفرح كما يفرح أحدنا إذا قيل له: اخرج من بيت الطين إلى بيت المسلَّح القصر المشيد الطيِّب، فيفرح فيحب لقاء الله.والكافر -والعياذ بالله- بالعكس، إذا بُشِّرَ بالغضب والعذاب فإنه يكره أن يموت، يكره لقاء الله فيكره الله لقاءه.

إذن ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ هي من؟ الملائكة التي تنزع أرواح الكفار تنزعها بشدة، ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾: الملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين بسهولة ويسر.

﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ أيضًا هي الملائكة تسبق إلى أمر الله عز وجل، ولهذا كانت الملائكة أسبق إلى أمر الله وأَقْوَمَ بأمر الله من بني آدم، قال الله تعالى في وصف ملائكة النار: ﴿عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم ٦]، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس الثامن )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿يَقولونَ أَإِنّا لَمَردودونَ فِي الحافِرَةِ۝أَإِذا كُنّا عِظامًا نَخِرَةً۝قالوا تِلكَ إِذًا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٠-١٢]

🔲 نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على مما تيسر من تفسير سورة ( النازعات ) الآية هي قوله تعالى﴿یَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِی ٱلۡحَافِرَةِ﴾ [النازعات ١٠]
ولَمّا وصَفَها بِالِاضْطِرابِ والذُّلِّ، عَلَّلَهُ لِيَعْرِفَ مِنهُ أنَّ مَن يَقُولُ ضِدَّ قَوْلِهِمْ يَكُونُ لَهُ ضِدُّ وصْفِهِمْ مِنَ الثَّباتِ والسُّكُونِ والعِزِّ الظّاهِرِ فَقالَ: ﴿يَقُولُونَ﴾ أيْ في الدُّنْيا قَوْلًا يُجَدِّدُونَهُ كُلَّ وقْتٍ مِن غَيْرِ خَوْفٍ ولا اسْتِحْياءٍ اسْتِهْزاءً وإنْكارًا.﴿أإنّا لَمَرْدُودُونَ﴾ أيْ بَعْدِ المَوْتِ مِمَّنْ يَتَّصِفُ بِرَدِّنا كائِنًا مَن كانَ ﴿فِي الحافِرَةِ﴾ أيْ في الحَياةِ الَّتِي كُنّا فِيها قَبْلَ المَوْتِ هي حالَتُنا الأُولى، مِن قَوْلِهِمْ: رَجَعَ فُلانٌ في حافِرَتِهِ، أيْ طَرِيقَتِهِ الَّتِي جاءَ بِها فَحَفَرَها أيْ أثَّرَ فِيها بِمَشْيِهِ كَما تُؤَثِّرُ الأقْدامُ، والحَوافِرُ في الطُّرُقِ، أطْلَقَ عَلى المُفَعْوِلَةِ فاعِلَةً مُبالَغَةً وذَلِكَ حَقِيقَتُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِمَن كانَ في أمْرٍ فَخَرَجَ مِنهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ: رَجَعَ إلى حافِرَتِهِ، وقِيلَ: الحافِرَةُ الأرْضُ الَّتِي هي مَحَلُّ الحَوافِرِ.

وقوله ﴿أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا نَّخِرَةࣰ﴾ [النازعات ١١]
ولَمّا وصَفَ قُلُوبَهم بِهَذا الإنْكارِ الَّذِي يَنْبَغِي لِصاحِبِهِ أنْ يَذُوبَ مِنهُ خَجَلًا إذا فَرَّطَ [ مِنهُ - ] مَرَّةً واحِدَةً، وأشارَ إلى شِدَّةِ وقاحَتِهِمْ بِتَكْرِيرِهِ، أتْبَعَهُ التَّصْرِيحَ بِتَكْرِيرِهِمْ لَهُ عَلى وجْهٍ مُشِيرٍ إلى العِلَّةِ الحامِلَةِ لَهم عَلى قَوْلِهِ وهو قَوْلُهُمْ: ﴿أإذا كُنّا﴾ أيْ كَوْنًا صارَ جِبِلَّةً لَنا ﴿عِظامًا نَخِرَةً﴾ أيْ هي في غايَةِ الِانْتِخارِ حَتّى تَفَتَّتَتْ، فَكانَ الِانْتِخارُ وهو البِلى والتَّفَتُّتُ والتَّمَزُّقُ كَأنَّهُ طُبِعَ لَها طُبِعَتْ عَلَيْهِ، وهي أصْلَبُ البَدَنِ فَكَيْفَ بِما عَداها مِنَ الجِسْمِ، وعَلى قِراءَةِ ”ناخِرَةٍ“ المَعْنى أنَّها خَلا ما فِيها فَصارَ الهَواءُ يَنْخُرُ فِيها أيْ يُصَوِّتُ.

وقوله ﴿قَالُوا۟ تِلۡكَ إِذࣰا كَرَّةٌ خَاسِرَةࣱ﴾ [النازعات ١٢]
ولَمّا كانَ العامِلُ في ”إذا“ مُقَدَّرًا بِنَحْوِ أنْ يُقالَ: نُرَدُّ إذْ ذاكَ إلى حالَتِنا الأُولى ونَقُومُ كَما كُنّا؟ دَلَّ عَلى هَذا المَحْذُوفِ قَوْلُهُ تَعالى عَنْهُمْ: ﴿قالُوا﴾ أيْ مَرَّةً مِنَ المَرّاتِ: ﴿تِلْكَ﴾ أيِ الرِّدَّةِ إلى الحالَةِ الأُولى العَجِيبَةِ جِدًّا البَعِيدَةِ مِنَ العَقْلِ في زَعْمِهِمْ ﴿إذًا﴾ أيْ إذْ نُرَدُّ إلى حَياتِنا الأُولى لا شَيْءَ لَنا كَما وُلِدْنا لا شَيْءَ لَنا، ونَفْقِدُ كُلَّ ما سَعَيْنا في تَحْصِيلِهِ وجَمْعِهِ وتَأْثِيلِهِ ﴿كَرَّةٌ﴾ أيْ رَجْعَةً وإعادَةً وعَطْفَةً ﴿خاسِرَةٌ﴾ أيْ هي لِشِدَّةِ خَسارَتِنا فِيها بِما فَقَدْنا مِمّا حَصَّلْناهُ مِنَ [ الحالِ و- ] المَآلِ وصالِحِ الخِلالِ، عَرِيقَةً في الخَسارَةِ حَتّى كَأنَّها هي الخاسِرَةُ، ولَعَلَّهُ عَبَّرَ بِالماضِي لِأنَّهم ما سَمَحُوا بِهَذا القَوْلِ إلّا مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ، وأمّا أغْلَبُ قَوْلِهِمْ فَكانَ أنَّهم يَكُونُونَ عَلى تَقْدِيرِ البَعْثِ أسْعَدَ مِنَ المُؤْمِنِينَ عَلى قِياسِ ما هم عَلَيْهِ في الدُّنْيا ونَحْوِ هَذا مِنَ الكَذِبِ عَلى اللَّهِ.

(نظم الدرر للبقاعي — البقاعي (٨٨٥ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس التاسع )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿فَإِنَّمَا هِیَ زَجۡرَةࣱ وَ ٰ⁠حِدَةࣱ (١٣) فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ (١٤) هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ مُوسَىٰۤ (١٥) إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)﴾ [النازعات ١٣-١٦]

🔲 نبدأ في هذا اللقاء بما وقفنا عليه من تفسير سورة النازعات.قال الله تبارك وتعالى في بيان قيام الساعة: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾، زجرة من الله عز وجل يُزْجَرُون ويُصَاح بهم، فيقومون من قبورهم قيامَ رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس ٥٣].

▫️كل الخلق في هذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياء، ثم يُحْضَرُون إلى الله عز وجل ليجازيهم، ولهذا قال: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر ٥٠]، يعني: ما أَمْرُ الله إن أراد شيئًا أن يكون إلا واحدة فقط: ﴿كُنْ﴾، ولا يتأخَّر هذا عن قول الله لحظة، ﴿إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ والله عز وجل لا يُعْجِزُه شيء، فإذا كان الخلق كلهم يقومون من قبورهم لله عز وجل بكلمة واحدة فهذا أدلّ دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر ٤٤].

﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾، ثم قال تعالى مُبَيِّنًا ما جرى للأمم قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.وليُعْلَم أن قصص الله عز وجل علينا أخبار الأمم السابقة له فوائد كثيرة وعِبَر عظيمة كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف ١١١].
* فمن ذلك تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام عما أصابه من قومه من الأذى القولي والفعلي، فكأن الله يقول له: إن الرسل من قبلك قد أُوذُوا، ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام ٣٤].
🔹 ومن ذلك أن فيها تهديدًا للمكذِّبين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال، قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ [محمد ١٠].والعِبَر في القصص -قصص الأنبياء- كثيرة.

قال الله تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ [النازعات ١٥]، والخطاب في قوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكل مَن يَتَأَتَّى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه، ويكون على المعنى الأول: ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾ يا محمد، وعلى المعنى الثاني: ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾ أيها الإنسان.﴿حَدِيثُ مُوسَى﴾

▫️وهو ابن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين هم: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، وقد ذُكِرُوا –أعني: هؤلاء الخمسة- في القرآن في موضعين، أحدهما: في الأحزاب في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الأحزاب ٧]، والثاني: في قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى ١٣].

🔸وحديث موسى عليه الصلاة والسلام ذُكِرَ في القرآن أكثر من غيره؛ لأن موسى هو نبي اليهود، وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت قصص موسى أكثر ما قُصَّ علينا من نبأ الأنبياء وأشملها وأوسعها.وفي قوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.

﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات ١٦] ناداه الله عز وجل نداءً سمعه بصوت الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم ٥٢]، ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ [النازعات ١٦، ١٧]، فرعون كان ملك مصر، وكان يقول لقومه: إنه ربهم الأعلى، وأنه لا إله غيره، قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص ٣٨]، فادَّعى ما ليس له، وأنكر حق غيره، وهو الله عز
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
‏صورة من Mirvt_Anwer
( الدرس العاشر )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ (١٧) فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰۤ أَن تَزَكَّىٰ (١٨) وَأَهۡدِیَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ (١٩) فَأَرَىٰهُ ٱلۡـَٔایَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٢٠) ﴾ [النازعات ١٧-٢٠]

🔲 في كلامنا هذا، أو في مبدأ لقائنا هذا نتكلم عن بقية الآيات في سورة النازعات عند قوله تعالى مخاطبًا موسى صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾، فأَمَرَ الله نبيه موسى أن يذهب إلى فرعون، وهذا هو الرسالة، وبيَّن سبب ذلك، وهو طغيان هذا الرجل -أعني فرعون- وفي سورة طه قال: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه ٤٣]، ولا منافاة بين الآيتين؛ وذلك أن الله تعالى أرسل موسى أولًا، ثم طلب موسى صلى الله عليه وآله وسلم من ربه أن يشد أَزْرَه بأخيه هارون، فأرسل هارون مع موسى، فصار موسى وهارون كلاهما مُرْسَل إلى فرعون.

▫️وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ أي: زاد على حَدِّه؛ لأن الطغيان هو الزيادة، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة ١١]، ﴿طَغَى﴾ أي: زاد، ومنه الطاغوت؛ لأن فيه مجاوزة الحد.

🔹فهنا يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾، الاستفهام هنا للتشويق، تشويق فرعون أن يتزكى مما هو عليه من الشر والفساد، وأصل الزكاة النمو والزيادة، وتُطْلَق بمعنى الإسلام والتوحيد، ومنه قوله تعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [فصلت ٦، ٧]، ومنه قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس ٩، ١٠].

﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات ١٨، ١٩] أي: أدلك إلى ربك، أي: إلى دين الله عز وجل الْمُوصِل إلى الله.

🔸﴿فَتَخْشَى﴾ أي: فتخاف الله عز وجل على علمٍ منك؛ لأن الخشية هي الخوف المقرون بالعلم، فإن لم يكن علم فهو خوف مجرَّد، وهذا هو الفرق بين الخشية والخوف؛ الفرق بينهما أن الخشية عن علم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر ٢٨]، وأما الخوف فهو خوف مجرَّد، ذُعْرٌ يحصل للإنسان ولو بلا علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهَّمه، قد يرى في الليلة الظلماء شبحًا لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم، ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾.

﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ [النازعات ٢٠] أي: فذهب موسى عليه الصلاة والسلام وقال لفرعون ما أمره الله به، ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾، ولَمَّا كان البشر لا يؤمنون ولا يقبلون دعوى شخص أنه رسول إلا بآية، كما هو ظاهر أن الإنسان لا يقبل من أحد دعوى إلا ببينة، جعل الله سبحانه وتعالى مع كل رسول آية تدل على صدقه، وهنا قال: ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ يعني: أرى موسى فرعون الآية الكبرى، فما هي هذه الآية؟ الآية أن معه عصًا من خشب من فروع الشجر كما هو معروف، فكان إذا وضعها في الأرض صارت حية تسعى، ثم يحملها فتعود عصا، وهذا من آيات الله؛ أن شيئًا جمادًا إذا وُضِعَ على الأرض صار حية تسعى، وإذا حُمِلَ من الأرض عاد في الحال فورًا إلى حاله الأولى وهي أنه عصا من جملة العصيان.

▫️﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾، وإنما بعثه عليه الصلاة والسلام بهذه الآية، وبكونه يُدْخِل يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، أي: من غير عيب، أي: بيضاء بياضًا ليس بياض البرص، ولكنه بياض جعله الله آية، إنما بعثه الله بذلك -بالعصا واليد- لأنه كان في زمن موسى السحرُ منتشرًا شائعًا، فأرسله الله عز وجل بشيء يشبه السحر، لكنه ليس بسحر حقيقة، من أجل أن يغلب السحرة الذين تصدَّوْا لموسى عليه الصلاة والسلام.

🔹قال أهل العلم: وفي عهد عيسى صلى الله عليه وآله وسلم انتشر الطب انتشارًا عظيمًا، فجاء عيسى بأمر يُعْجِز الأطباء، وهو أنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا بَرَأَ، إذا جِيءَ إليه بشخص فيه عاهة، أي عاهة تكون، مَسَحَهُ بيده ثم برأ بإذن الله، يبرئ الأَكْمَه والأبرص، مع أن البرص لا دواء له، لكن هو يبرئ الأبرص بإذن الله عز وجل، ويبرئ الأكمه الذي خُلِقَ بلا عيون يبرئه، أشد من هذا وأعظم أنه يحيي الموتى بإذن الله، يؤتَى إليه بالميِّت فيتكلم معه ثم تعود إليه الحياة، وأشد من ذلك وأبلغ أنه يُخْرِج الموتى بإذن الله، يخرجهم من أي مكان؟ من قبورهم، يقف على القبر وينادي صاحبَ القبر فيخرج من القبر حيًّا، هذا شيء لا يمكن لأي طب أن يبلغه، ولهذا كانت آية عيسى في هذا الوقت مناسبة تمامًا لما كان عليه الناس.
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس الحادي عشر )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿ثُمَّ أَدبَرَ يَسعى۝فَحَشَرَ فَنادى۝فَقالَ أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى۝فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الآخِرَةِ وَالأولى۝إِنَّ في ذلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخشى﴾ [النازعات: ٢٢-٢٦]

🔲 نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على مما تيسر من تفسير سورة النازعات.الآية هي قوله تعالى :﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ [النازعات ٢٢]، ﴿أَدْبَرَ﴾ أي: تولى مُدْبِرًا يسعى حثيثًا.﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات ٢٣]، حشر الناس أي: جمعهم، ونادى فيهم بصوت مرتفع ليكون ذلك أبلغ في نهيهم عما يريد منهم موسى عليه الصلاة والسلام.﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات ٢٣، ٢٤] -والعياذ بالله- قال لقومه: أنا ربكم الأعلى، يعني لا أحد فوقي؛ لأن (الأعلى) هذه اسم تفضيل من العلوّ، فانظر كيف استكبر هذا الرجل، وادَّعَى لنفسه ما ليس له في قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، وكان يفتخر بالأنهار والْمُلك الواسع، يقول لقومه فيما قال لهم؛ لأنه قال لهم أقوالًا كثيرة: ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف ٥١، ٥٢].

🔘 فما الذي حصل؟أغرقه الله عز وجل بالماء الذي كان يفتخر به، وأورث الله ملك مصر بني إسرائيل الذين كان يستضعفهم.

قال الله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات ٢٥] أخذه الله تعالى أَخْذَ عزيز مقتدر، ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ يعني: أنه نكَّل به في الآخرة وفي الأولى، فكان عبرة في زمنه، وعبرة فيما بعد زمنه إلى يوم القيامة، كل مَن قَرَأَ كتاب الله وما صنع الله بفرعون فإنه يتَّخِذُ ذلك عبرة يعتبر به، وكيف أهلكه الله مع هذا الملك العظيم، وهذا الجبروت وهذا الطغيان، فصار أهون على الله تعالى من كل هين.

يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات ٢٦]، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي: فيما جرى من إرسال موسى إلى فرعون، ومحاورته إياه، واستهتار فرعون به، واستكباره عن الانقياد له عبرة، عبرة لمن؟ ﴿لِمَنْ يَخْشَى﴾ أي: يخشى الله عز وجل، فمن كان عنده خشية من الله وتدبَّرَ ما حصل لموسى مع فرعون، والنتيجة التي كانت لهذا ولهذا، فإنه يعتبر، يأخذ من ذلك عبرة، والعِبَر في قصة موسى كثيرة، ولو أن أحدًا منكم انتدب ليجمع القصة من الآيات في كل سورة ثم يستنتج ما حصل في هذه القصة من العِبَر لكان جيدًا، فهل منكم أحد يقوم بذلك؟
* طالب: ليكن بعد أيام إن شاء الله.
* الشيخ: نعم، لك خمسة عشر يومًا، على كل حال إن وجدنا أحدًا قبلك فهو أحق، وإلا فهو لك.

🔘 اللي يأتي الأول فهو السابق.
* طالب: يجمع العِبَر يا شيخ؟
* الشيخ: إي، يعني يأتي بالقصة كلها في كل الآيات؛ لأن السور في بعضها شيء ليس في البعض الآخر، فإذا جمعها وقال –مثلًا-: يؤخَذ من هذه القصة العظيمة العِبَر التالية، ثم يسردها، يعني: ما هو لازم الأحكام الشرعية الفقهية هذه ما أريدها منكم؛ لأن هذه يمكن تطول، لكن العبر؛ كيف أرسلهم الله عز وجل إلى فرعون؟ كيف قال لهما: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ [طه ٤٤] مع أنه مستكبر خبيث؟ وكيف كانت النتيجة؟ وكيف كان موسى عليه الصلاة والسلام خرج من مصر خائفًا على نفسه يترقب، كما خرج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة يترقب، وصارت النتيجة العاقبة للرسول عليه الصلاة والسلام ولموسى، لكن العاقبة للرسول بفعل الرسول وأصحابه، عذَّب الله أعداءهم بأيديهم، وعاقبة موسى بفعل الله عز وجل، يعني يجيب الإنسان عِبَرًا من هذا، ما أريد أحكامًا فقهية، لا، أريد عِبَرًا يعتبر بها الإنسان يُصْلِحُ بها نفسه وقلبه حتى يتبين الأمر. على كل حال ذِكْر كلام العلماء طيب؛ لأن كلام العلماء يستعان بها على فَهْم المعنى، ونقف على قوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعات ٢٧]، وأظن تكلَّمْنَا عليها، لكن لا مانع، على كل حال طيب، التكرار لا بأس به إذا كان فيه فائدة.وإلى هنا تنتهي هذه الكلمات التي أسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة له نافعة لنا جميعًا.

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس الثاني عشر )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (٢٨) وَأَغۡطَشَ لَیۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا (٢٩) وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ دَحَىٰهَاۤ (٣٠) أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَاۤءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا (٣١) وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا (٣٢) مَتَـٰعࣰا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ (٣٣) فَإِذَا جَاۤءَتِ ٱلطَّاۤمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٣٤) یَوۡمَ یَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ (٣٥) وَبُرِّزَتِ ٱلۡجَحِیمُ لِمَن یَرَىٰ (٣٦) فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (٣٧) وَءَاثَرَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا (٣٨) فَإِنَّ ٱلۡجَحِیمَ هِیَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٣٩) [النازعات ٢٧-٣٩]

🔲 نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها لقاءات مباركة- نبتدئ هذا اللقاء بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، وقد بدأنا من سورة النبأ إلى آخر القرآن، ونحن الآن على قوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات ٢٧، ٢٨]، إلى آخره.

🔹يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده، يقول: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾، وأراد بهذا الاستفهام تقرير إمكان البعث؛لأن المشركين كذَّبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبعث، وقالوا: ﴿مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس ٧٨]، فيقول الله عز وجل: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾؟الجواب معلوم لكل أحد أنه السماء، كما قال تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر ٥٧].

▫️﴿بَنَاهَا﴾ هذه الجملة لا تتعلق بالتي قبلها، ولهذا ينبغي للقارئ إذا قرأ أن يقف على قوله: ﴿أَمِ السَّمَاءُ﴾، ثم يستأنف فيقول: ﴿بَنَاهَا﴾، فالجملة استئنافية لبيان عظمة السماء.

🔹﴿بَنَاهَا﴾ أي: بناها الله عز وجل، وقد بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في سورة الذاريات أنه بناها بقوة، فقال: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات ٤٧] أي: بقوة، ﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات ٤٧].

﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [النازعات ٢٨] رفعه يعني: عن الأرض، ورفعه عز وجل بغير عَمَدٍ، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرعد ٢].

▫️﴿فَسَوَّاهَا﴾ أي: جعلها مستوية، وجعلها تامَّة كاملة، كما قال تعالى في خلق الإنسان: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ﴾ [الانفطار ٦، ٧]، أي: جعلك سَوِيًّا تامّ الخِلْقَة، فالسماء كذلك سَوَّاهَا الله عز وجل.

﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ [النازعات ٢٩] أغطشه، أي: أَظْلَمَه، فالليل مُظْلِم، قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء ١٢].

▫️﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾: بيَّنَه بالشمس التي تخرج كل يوم من مطلعها وتغيب في مغربها.

﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [النازعات ٣٠-٣٣]، ﴿الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أي: بعد خلق السماوات والأرض.

🔹﴿دَحَاهَا﴾ وبيّن هذا الدَّحْوَ بقوله: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾، وكانت الأرض مخلوقة قبل السماء، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت ٩-١٢]، فالأرض مخلوقة من قبل السماء، لكنّ دَحْوَهَا وإخراج الماء منها والمرعى كان بعد خلق السماوات.﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ أي: جعلها راسية في الأرض تُمْسِكُ الأرض لئلا تضطرب بالخلق.

🔸﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ أي: جعل الله تعالى ذلك متاعًا لنا نتمتع به فيما نأكل ونشرب، ولأنعامنا أي: مواشينا من الإبل والبقر والغنم وغيرها، ولما ذَكَّر الله عز وجل عباده بهذه النعم الدالة على كمال قدرته ذَكَّرَهم بمآلهم الحتمي الذي لا بد منه، فقال عز وجل: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾، وذلك قيام الساعة، وسَمَّاهَا طامَّة؛ لأنها داهية عظيمة تَطُمّ كل شيء سبقها، (كبرى) يعني: أكبر من كل طامة.
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس الثالث عشر )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_النازعات ❤️

◀️
﴿وَأَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوى۝فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوى۝يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها۝فيمَ أَنتَ مِن ذِكراها۝إِلى رَبِّكَ مُنتَهاها۝إِنَّما أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخشاها۝كَأَنَّهُم يَومَ يَرَونَها لَم يَلبَثوا إِلّا عَشِيَّةً أَو ضُحاها﴾ [النازعات: ٤٠-٤٦]

🔲 نبدأ فيه كما هو العادة بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، ونحن في سورة (النازعات) عند قوله تبارك وتعالى
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ [النازعات ٤٠] يعني: خاف القيام بين يديه؛ لأن الإنسان يوم القيامة سوف يُقَرِّرُه الله عز وجل بذنوبه، ويقول: عملت كذا، عملت كذا، عملت كذا، كما جاء في الحديث الصحيح، فإذا أَقَرَّ قال الله له: «قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ»(١)، هذا الذي خاف هذا المقام.

﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات ٤٠] أي: عن هواها، والنفس أمَّارة بالسوء، لا تأمر إلا بالشر، ولكن هناك نفس أخرى تقابلها، وهي النفس المطمئنة؛ لأن للإنسان ثلاث نفوس: مطمئنة، وأمَّارة، ولوَّامَة، وكلها في القرآن.

🔵 أما المطمئنة ففي قوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر ٢٧-٣٠].

🔴 وأما الأمَّارة بالسوء ففي قوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ [يوسف ٥٣].

🟡 وأما اللوامة ففي قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة ١، ٢].

⬅️ والإنسان يُحِسّ بنفسه بهذه الأنفس، يرى في نفسه أحيانًا نزعةَ خيرٍ، يحب الخير، يفعله، هذه هي النفس المطمئنة، يرى أحيانًا في نفسه نزعة شر يفعله، هذه نفس أَمَّارَة بالسوء، تأتي بعد ذلك النفس اللَّوَّامَة التي تلومه على ما فعل، فتجده يندم على ما فعل من المعصية، أو لَوَّامَة أخرى تلومه على ما فعل من الخير -والعياذ بالله- فإن من الناس مَن قد يلوم نفسه على فعل الخير، وعلى مصاحبة أهل الخير، ويقول: كيف أصاحب هؤلاء الذين صَدُّونِي عن حياتي، عن شهواتي، عن لهوي، وما أشبه ذلك.فاللَّوَّامَة نفس تلوم الأمارة بالسوء مرة، وتلوم المطمئنة مرة أخرى، فهي في الحقيقة نفس بين نَفْسَيْن؛ تلوم النفس الأمارة بالسوء إذا فعلت السوء، وتُنَدِّم الإنسان، قد تلوم النفس المطمئنة إذا فعلت الخير -نسأل الله العافية-.

يقول الله عز وجل: ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات ٤٠، ٤١]، الجنة هي دار النعيم التي أَعَدَّهَا الله عز وجل لأوليائه فيها ما لا عين رأت، ولا أُذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة ١٧]، هكذا جاء في القرآن، وجاء في الحديث القدسي: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»(٢)، هذه الجنة يُدْرِكُها الإنسان قبل أن يموت، كيف ذلك؟ إذا حضر الأجل ودعت الملائكة النفسَ للخروج قالت: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رضوان الله، وتبشر النفس بالجنة، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ﴾ [النحل ٣٢]، متى يقولونه؟ حين التوفي، ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل ٣٢].

⬅️ فيُبَشَّر بالجنة فتخرج روحه راضية مُتَيَسِّرة سهلة، ولهذا لما حَدَّثَ النبي عليه الصلاة والسلام فقال: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ»، قالت عائشة: يا رسول الله، كلنا يكره الموت، قال: «لَيْسَ الْأَمْرُ ذَلِكَ»، » كلنا يكره الموت بمقتضى الطبيعة، «وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِمَا يُبَشَّرُ بِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ»(٣)، أحب الموت وسَهُل عليه، وإن الكافر إذا بُشِّر-والعياذ بالله- بما يسوؤه عند الموت كره لقاء الله، وهربت نفسه، تَفَرَّقَت في جسده حتى ينتزعوها منه كما يُنْتَزَع السَّفُّود من الشعر المبلول، والشعر المبلول إذا جُرَّ عليه السفود، وهو معروف عند الغَزَّالين، يكاد يمزقه من شدة سحبه عليه، هكذا روح الكافر -والعياذ بالله- تتفرق في جسده؛ لأنها تُبَشَّر بالعذاب فتخاف، ولهذا يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يَسْوَدُّ وجهه، ولونه في الحياة أحمر، وحَدَّثَنِي مَن أثق به، وأقسم لي أكثر من مرة، وهو ممن يباشرون تغسيل الموتى، يقول: والله مَرَّت عَلَيَّ حالتان لا أنساهما أبدًا، يقول: غسَّلت اثنين لكن بينهما زمن، يقول: الوجه أسود