قصص الأنبياء و السيرة النبوية و أحداث نهاية البداية و الخلفاء الراشدين بقلم إيمان شلبي بالعامية🌴
30K subscribers
125 photos
13 files
1.03K links
prophets_stories
Download Telegram
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الثانية
#إسلام_عمر_بن_الخطاب

قلنا المرة إللي فاتت إن هيحصل حدث هيخلي للمسلمين قوة أكثر من الأول وهيكتسب أبو بكر رضي الله عنه صاحبه المُقرّب الثاني بعد رسول الله ﷺ💁

تعالوا بقى نشوف قصة الصاحب ده👌

كنا اتكلمنا المرة إللي فاتت عن مكة ووجود الكعبة بيت الله الحرام فيها، وقلنا إن الكعبة كان حولها الأصنام وإن الناس بتجتمع عند الكعبة سواء للعبادة أو للقاء بعضهم بعض،
كان من أفعال المشركين في الجاهلية إنهم بيذبحوا الذبائح للتقرب إلى الآلهة بتاعتهم،
ففي مرة كان في شاب في بداية العشرينات من عمره نائم عند الآلهة، فجاء رجل بعِجل عشان يذبحه عند واحد من الآلهة قريب من الشاب النائم،
فبعد ما ذبح العجل؛ سمع الشاب النائم واحد بيصرخ صراخ عالي شديد جدا لم يسمع مثله أبدا يقول:
"يا جَلِيحْ، أمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"
《صحيح البخاري》

فالناس قاموا من مكانهم، لكن الشاب قال:
"لا أبْرَحُ حتَّى أعْلَمَ ما ورَاءَ هذا"《صحيح البخاري》
يعني أنا مش هقوم من مكاني غير لما أعرف إيه الحكاية بالضبط👌
فسمع المنادي ينادي مرة تانية ويقول:
"يا جَلِيحْ، أمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"
《صحيح البخاري》
فبعدها بوقت بسيط وقف محمد بن عبد الله ﷺ وأخبر الناس إنه نبي أُرسل من عند الله ليدعوا الناس لعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام،
وكان الحدث ده هو بداية بذرة الإسلام في قلب الشاب ده إللي كان اسمه:
عمر بن الخطاب بن نُفيْل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش.

وعمر بن الخطاب ده يبقى ابن عم زيد بن عمرو بن نفيل الموحد إللي اتكلمنا عنه المرة إللي فاتت، وهو كمان يبقى ابن أخت أبو جهل إللي حاول يقتل رسول الله ﷺ أكثر من مرة وكان بيؤذيه على طول ده.

كان عمر بن الخطاب اتعلم القراءة والكتابة ودي حاجة مكنش حد يعرفها كتير،
يعني كان أعداد قليلة إللي كانوا بيعرفوا القراءة والكتابة ومنهم عمر،
أبوه الخطّاب كان رجل ذكي معروف بشدته وغلظته وكان شجاع وجريء، فتأثر عمر بطباع والده،
وكان عمر رجل ذات جسم ضخم ولحية كثيفة طويلة أبيض البشرة مع حمرة خفيفة، أصلع الرأس،
وكان بيلعب رياضة فأجاد المصارعة وركوب الخيل والفروسية،
وكان عمر زيه زي الشباب في عصره بيحب اللهو وبيشرب الخمر، وورث من أبيه ميله لكثرة الزوجات،
فتزوج في حياته سبع نساء 😅
أول واحدة تزوجها هي زينب بنت مظعون وهي أخت الصحابي عثمان بن مظعون، ولدت له حفصة وعبد الرحمن وعبد الله،
وزينب أسلمت في مكة رضي الله عنها.

لما ظهر الإسلام وبدأ المشركون يعذبوا المؤمنين كان هو من أشد الناس تعذيبا للمسلمين👌

في يوم من الأيام بعد الجهر بدعوة الإسلام كان عمر بن الخطاب جالس وكان معاه ابنه عبد الله بن عمر، فمرّ عليهم رجل جميل من المسلمين فقال عمر:
أظن إن الرجل ده كان كاهن في الجاهلية🤔

◇يعني الرجل إللي مر على عمر ده قبل ما يُسلم كان شغال في الكهانة، يعني بيستعين بالجن عشان يقولوا له بعض أمور الغيب إللي كانوا بيسمعوها من الملائكة وهم بيتكلموا عن أقدار الله إللي أمر بيها،
والكاهن غير الساحر،
الساحر بيقول ويكتب طلاسم وكلام غير مفهوم.

فيقول عبد الله بن عمر وهو بيحكي عن الموقف ده:
وكان عمر لما يقول على حاجة: أظن كذا، إلا وكان ظنه في محله👌
لأنه كان مُلهم، وعنده فِراسة،
فقال عمر نادوا على الرجل ده، هاتوه.
فلما جاء الرجل قال: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ اسْتُقْبِلَ به رَجُلٌ مُسْلِم😳
يعني أول مرة يُستقبل رجل مسلم الاستقبال ده،
هو قال كده لأنه كان متعود على المعاملة السيئة من المشركين بسبب إسلامه، فالمرة دي عمر نفسه بيستقبله استقبال كويس وبيكلمه كمان.
فقال له عمر إنه قال عليه إنه كان كاهن في الجاهلية،
فالرجل قال له فعلا أنا كنت كاهن 😮

فقال له عمر: إيه أعجب حاجة سمعتها من الجنية بتاعتك🤔
يعني هو كان بيتعامل مع الجن، فبيسأله عن أكتر حاجة عجيبة سمعها من الجنية إللي بيتعامل معاها،
فقال له الرجل:
في يوم كنت في السوق فلقيتها جاية عليّ مفزوعة وقالت له:
شوفت إللي حصل للجن!
بعد ماكانوا بيقعدوا عند أبواب السماء يسمعوا الغيب اتمنعوا من السماع، وأي واحد بيحاول يسمع؛ يترمى بالشُّهب😱

وده إللي ربنا قال عنه في القرآن على لسان الجن:
"وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُۥ شِهَابًا رَّصَدًا"《سورة الجن آية(9)》

فالجن قعدوا يدوّروا على السبب إللي خلاهم يتمنعوا من خبر السماء،
لحد ما لقوا رجل《وهو رسول الله ﷺ》بيقول لا إله إلا الله😮
فقال له عمر :صدقت👌
وبدأ عمر يحكي له القصة إللي حصلت له لما كان نايم عند الكعبة وسمع الصارخ إللي صرخ وقال:
"يا جَلِيحْ، أمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الثالثة
#هجرة_أبي_بكر_وعمر

قلنا المرة إللي فاتت إن حصلت في مكة حادثة زلزلت المجتمع المكي كله سواء الكفار أو المسلمين لدرجة إن في مسلمين ارتدوا بعد إسلامهم،
الحادثة دي هي حادثة الإسراء والمعراج👌

الموضوع باختصار هو إن بعد موت أبي طالب عم النبي ﷺ وحاميه من أذى قريش وكمان موت زوجته خديجة رضي الله عنها وبعد حادثة الطائف إللي تعرض فيها رسول الله ﷺ لأذى شديد من أهل الطائف؛
أراد الله عز وجل أن يخفف عن نبيه ﷺ آلامه وحزنه فأسرى به ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى،
ومن المسجد الأقصى عُرج به إلى فوق السماء السابعة في رحلة طويلة جميلة مليئة بالعجائب، وفيها كلمه الله عز وجل وفرض عليه الصلوات الخمس،
والقصة أنا شارحاها بالتفصيل في السيرة النبوية من الحلقة ثلاثين حتى الحلقة ثمانية وثلاثين للي عايز يعرفها👍

رجع رسول الله ﷺ بعد الرحلة دي إلى مكة وأخبر أهل مكة إنه أُسرِيَ به في الليل من مكة إلى المسجد الأقصى،
وطبعا محدش صدق الموضوع؛ لأن المسافة بين مكة وبيت المقدس كبيرة جدا بيروحوها وبيرجعوا في شهر على الإبل،
فإزاي واحد يروح ويرجع في نفس الليلة؟!!!🤷
فالموضوع كان فتنة وبلاء كبير، فكانت النتيجة إن المشركين ازادادوا كفرا على كفرهم، وناس من المسلمين ارتدوا عن الإسلام😶

لكن أبو بكر رضي الله عنه كان له موقف مختلف👌
ذهب كفار قريش لأبي بكر وأخبروه بالموضوع، عشان عايزينه يكذّب رسول الله ﷺ،
فقال لهم:
لئن قال ذلك لقد صدق👌
يعني لو فعلا قال إنه أُسرِي به إلى بيت المقدس ورجع قبل الصباح فهو فعلا صادق،
فقالوا: أوَ تصدقه أنَّه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يُصبح؟😳
فقال أبو بكر رضي الله عنه:
نعم، إني لأصدقه ما هو أبعد من ذلك، أُصدقه في خبر السماء في غدوة أو رَوحة.《السلسلة الصحيحة》
يعني أنا بصدقه في حاجة هي أبعد من المسافة دي، أصدقه في خبر السماء يأتيه في لحظة، فإزاي مش هصدقه في حاجة بسيطة زي كده!!
بعد الموقف ده لُقّب أبو بكر بلقب《الصديق》👌
فبقى اسمه أبو بكر الصدّيق.

☆وكلمة الصدّيق معناها دائم الصِّدق الذي يُؤيِّد قوله بالعمل،
يعني إللي بيقوله بيعمله،
وهو المؤمن كمال ‏الإيمان بما أنزل الله على الأنبياء وبما جاء به الرسول ﷺ علماً، وتصديقاً، وقياما،
فالوصف بالصدّيق أكمل من الوصف بالصادق، فكل صدّيق صادق، وليس كل صادق صدّيق.
ومنزلة الصدّيقيّة هي أعلى ما يمكن أن يصل ‏إليه المؤمن من الصحابة أو ‏غيرهم، فهي أعلى مرتبة بعد مرتبة النبوة،
قال تعالى:
"وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّنَ 《وَٱلصِّدِّيقِينَ》وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقًا"
《سورة النساء آية(69)》

فأبو بكر رضي الله عنه وصل إلى مرتبة هي أعلى مرتبة بعد مرتبة النبوة بسبب إيمانه وتصديقه والتسليم التام لكل ما جاء به الرسول ﷺ بدون أي مناقشة أو استفسار👌
وكان عمر رضي الله عنه يقول عن أبي بكر:
"لوْ وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ وإيمانُ الناسِ لرجحَ إيمانُ أبي بكرٍ"
《إسناده صحيح》

بعد حادثة الإسراء والمعراج بفترة؛ أكرم الله أبا بكر بأن زوّج ابنته الصغيرة عائشة لرسول الله ﷺ،
وكان عمرها ست سنوات، والزواج هنا كان مجرد عقد زواج فقط، أما الزواج الفعلي فحصل وهي ابنة تسع سنين،
وبقول إن دي كرامة لأبي بكر من الله؛ لأن رسول الله ﷺ رأى رؤيا مرتين إنه يتزوج عائشة رضي الله عنها ابنة الصديق، ورؤيا الأنبياء حق ووحي من الله يجب التنفيذ،
وعشان بس الناس إللي بتقعد تهري وتتكلم بجهل وبدون أي علم؛
رسول الله ﷺ لم يتزوج طفلة لم تبلغ🙄
رسول الله ﷺ عقد على عائشة وهي بنت ست سنين ولم يدخل بها إلا بعد بلوغها مبلغ النساء وهي عندها تسع سنين،
ومفيش أحد ينظر لبنته إللي عندها تسع سنين ويقول إزاي رسول الله ﷺ تزوج بنت صغيرة كده وهو عمره فوق الخمسين سنة😳

طبعا مفيش مقارنة بين أجساد عيالنا في زماننا دلوقتي وأجساد البنات والأولاد في عهد رسول الله ﷺ،
السيدة عائشة كانت طويلة، وكمان كانت عايشة في مكة وهي بلد حار والبلاد الحارة يكون فيها البلوغ أسرع،
فلما نقول إن السيدة عائشة كان عمرها تسع سنين وهي طويلة يعني هي في جسم بنت عندها ستة عشرة سنة من بناتنا دلوقتي💁
فهي كانت تصلح للزواج ساعتها ورسول الله ﷺ أكرم الخلق وأفضلهم مش هيتزوج امرأة لا تصلح للزواج🤷

ده غير إن رسول الله ﷺ لم تظهر عليه علامات كبر السن،
يعني كان شكله شاب لحد ما مات، ومع إنه مات وهو عنده ثلاث وستين سنة لكن مكنش عنده شعر أبيض غير ست شعرات بيض في لحيته👌
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الرابعة
#فضائل_ومكانة_أبي_بكر_وعمر_الجزء_الأول

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن هجرة أبي بكر وعمر إلى المدينة، وقلنا إن دي مرحلة جديدة هتظهر فيها ابتلاءات واختبارات جديدة؛
لأن دي فترة استقرار بعكس الأوضاع في مكة إللي كانت كلها أذى واستضعاف،

أول ابتلاء يتعرض له الصديق هو إصابته بالحمى👌
قالت السيدة عائشة عن المدينة أنها أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ، فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا.《صحيح البخاري》
يعني كانت أرض مليئة بالأوبئة والأمراض، حتى إن وادي اسمه بُطحانَ في جَنوبِ المدينةِ قُريبَ المسجدِ النَّبويِّ الشَّريفِ؛ كان يَجْري طُولَ العامِ «نَجْلًا»، يعني يجري بالمياهِ المُتغيِّرةِ المُتعفِّنة الَّتي تَتركَّدُ فيه كثيرًا،
زي ترعة كده فيها مياه راكدة فيجتمع فيها العفن والحشرات، فتكون النتيجة كثرةُ الحُمِّيَّاتِ وانتشار الوَباءُ👌
وده طبعا بعكس مكة وأجواءها النقية ومياهها الصافية،
فأُصيب الصديق رضي الله عنه بالحمى وأصيب معه بلال رضي الله عنه،
فحنّوا لمكة ولأيام العافية،
وكان بلال يدعوا على شَيبةَ بنَ رَبيعةَ وعُتبةَ بنَ ربيعةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، رُؤوسِ المشركينَ وزُعمائِهم في مكَّةَ؛ لأنهم كانوا سبب في إخراجهم من دار العافية إلى دار الوباء،
فلما شاف رسول الله ﷺ حالهم؛ دعا وقال:
"اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ"
《صحيح البخاري》

يعني دعا إنهم يحبوا المدينة زي حبهم لمكة بل أشد من حبهم لمكة، ودعا بالبركة في المكاييل إلي بيكيلوا بيها الأشياء، حاجة زي الكيلو كده،
ودعا إن الحمى تخرج من المدينة وتنتقل إلى مكان اسمه الجُحْفَة،
وهي مكان بين مكة والمدينة وكان أهلها مشركين،
فلما تصيبهم الحمى هينشغلوا بنفسهم ولن يعاونوا أهل مكة على أذى المسلمين👌
فاستجاب الله لدعوة رسوله ﷺ وأصبحت المدينة أحب البلاد إلى الصحابة وشُفيَ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما👌

بعد ما استقر رسول الله ﷺ في المدينة؛ آخى بين المهاجرين والأنصار،
يعني أصبح لكلّ مهاجري أخًا له من الأنصار،
فآخى رسول الله ﷺ بين أبي بكر الصديق وبين الصحابي خَارِجة بن زيد وإللي هيتزوج أبو بكر ابنته حبيبة بعدين.

وآخى رسول الله ﷺ بين عمر بن الخطاب وبين عِتبانُ بنُ مالكٍ على الراجح،
وترتّب على المؤاخاة دي حقوق خاصة، مثل المواساة والتعاون على أعباء الحياة بين الاثنين وكذلك توارثهما دون ذوي الرحم،
يعني المهاجري يرث الأنصاري إذا مات والعكس، كأنه أخوه من النسب بالضبط👌
والمؤاخاة دي كانت بسبب إللي حصل مع المهاجرين من فقدهم لأموالهم وهجرهم لأوطانهم وأهليهم وإصابتهم بالحمى،
والتوارث في المؤاخاة كان لفترة زمنية، يعني لحد ما يعتاد المهاجرون الحياة في المدينة، ويقدروا يعوضوا بعض ما فقدوه من أموالهم،
وبعدين تم إلغاء نظام التوارث بنزول قوله تعالى:
"وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ"
《الأحزاب آية(6)》

وكان في تعاون بين الأنصار والمهاجرين حتى في طلب العلم من رسول الله ﷺ،
فعمر مثلا كان هو وأخوه من الأنصار عِتبانُ بنُ مالكٍ بيسكنوا في عَوَالِي المَدِينَةِ، ودي قُرى كانت موجودة خارج المدينة،
فبسبب ظُروف عَملِهما مكنوش يقدروا يروحوا لرسول الله ﷺ يوميا ويأخذوا منه العِلمِ، فكانا يتناوبان في الذهاب إلى رسول الله ﷺ،
يعني كان عمر يروح يوم ويتعلم إللي نزل من الوحي من رسول الله ﷺ وأخوه عِتبانُ بنُ مالكٍ كان يذهب لعمله، فكان عمر لما يرجع يعلم عِتبانُ بنُ مالكٍ إللي اتعلمه،
واليوم التالي كان عمر يروح عمله وعِتبانُ بنُ مالكٍ يروح يتعلم من رسول الله ﷺ ولما يرجع كان يعلم عمر رضي الله عنه ما تعلمه من رسول الله ﷺ وهكذا،
وده كان من حرصهم رضي الله عنهم على تعلم الدين من رسول الله ﷺ👌

أما أبو بكر الصديق فكان ملازما لرسول الله ﷺ لا يفارقه لا في السّلم ولا في الحرب،
فمثلا في غزوة بدر كان رسول الله ﷺ واقف يصلي ويدعو للمسلمين بالنصر، وأبو بكر واقف خلفه ﷺ،
فاشتد رسول الله ﷺ في الدعاء حتى سقط الرداء من على كتفه،
فأرجع أبو بكر الرداء على كتف رسول الله ﷺ وحضنه عشان يهوّن عليه وقال له:
"يا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ؛ فإنَّه سَيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ"
《صحيح مسلم》
يعني متقلقش ربنا هينفذ لك وعده اللي وعدك بيه فخفف عن نفسك،
وده مِن علم وإيمان أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُجِيبُ دَعوةَ نَبيِّه ﷺ👌
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الخامسة
#فضائل_ومكانة_أبي_بكر_وعمر_الجزء_الثاني

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن معظم الرؤى إللي جاءت في فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما،
وقلنا بعدها إن رسول الله ﷺ قال عن أبي بكر رضي الله عنه إنه أرحم الناس بالأمة،
أما عمر فقد قال عنه رسول الله ﷺ:
"أشدُّهم في دينِ اللَّهِ عُمرُ"《الصحيح المسند》
والشدة هنا معناها القوة، والمقصود بالقوة هو الثبات عند المواقف الصعبة إللي محتاجة قرار فاصل، وكذلك الحزم في المواقف والمسارعة في أخذ القرار الحاسم،
فيكون معنى أشدهم في دين الله عمر هو:
أن عمر رضي الله عنه لما كان يرى الحق في شيء؛ كان بيتمسك بيه وبيدافع عنه بكل قوته ويثبت عليه ولا يرضى بالذل ولا المهانة👌

ومش معنى كلامنا ده إن الصحابة رضي الله عنهم مكنوش أشداء في دين الله😅
لأ👌
الصحابة كلهم رضي الله عنهم كانوا بيجمعوا في أخلاقهم كل الصفات الحميدة، لكن رسول الله ﷺ كان يعطي ميزة لكل واحد من الصحابة،
زي مثلا لما قال عن أبي عبيدة بن الجراح أنه أمين الأمة، وقال عن الزبير بن العوام أنه حواري رسول الله ﷺ،
فأحيانا الواحد منهم يمتاز على غيره بصفة معينة يكون متفوق فيها💁

فعمر رضي الله عنه كانت ميزته الشدة والقوة في دين الله، فهو كان قويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سواء من ناحية القوة النفسية أو القوة البدنية،
والقوة النفسية تكون في التمسك بالدين والعبادة والتقوى، و القوة البدنية هي قوة الجسد من حيث الطول وبناء الجسد وقدرة التحمل وغيره،
ورسول الله ﷺ كان قال:
"الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"
《رواه مسلم》
فالحديث ينطبق على عمر رضي الله عنه من ناحية القوة النفسية والقوة الجسدية👌

وهو كان رضي الله عنه يستخدم الشدة والقوة دي في نصرة دين الله عز وجل ونصرة الضعفاء👌
ويوضح ده قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما قال:
"مَا زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ"
《صحيح البخاري》

ومن مواقفه تظهر قوته ونصرته💁

¤عندنا مثلا موقفه في غزوة أُحد وبعدها،
يعني بعد ما حصلت الهزيمة و فرّ المسلمون من أرض المعركة وتعرض رسول الله ﷺ لإصابة شديدة ووقع في حفرة ومكنش قادر يتحرك؛ كان عمر من أقرب الثابتين حول رسول الله ﷺ ومعه أبو بكر،
وبعد انتهاء المعركة أمر رسول الله ﷺ الصحابة إنهم ينسحبوا من أرض المعركة ويصعدوا جبل أحد قبل ما يتعرضوا كلهم للهلاك،
فلما كان الصحابة بيصعدوا الجبل شافهم خالد بن الوليد وأبو سفيان،
فجمعوا المشركين عشان يمنعوا الصحابة من إنهم يصعدوا الجبل؛ لأنهم لو صعدوا الجبل خلاص مش هيقدروا يوصلوا لهم🤷‍♂️
وهم كانوا عايزين يتأكدوا إن رسول الله ﷺ خلاص قُتل زي ما كان واحد من المشركين قال،
فقال رسول الله ﷺ:
إنهم لا ينبغي لهم أن يعلونا، يعني مينفعش يطلعوا ورانا، لازم نمنعهم👌
فكلّف رسول الله ﷺ مجموعة من أصحابه إنهم يدفعوا المشركين ويمنعوهم من طلوع الجبل وراء المسلمين وكان على رأس المجموعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
فقاتل المشركين قتالا شديدا لحد ما استطاع هو والصحابة إللي كانوا معاه إنهم يمنعوا المشركين من صعود الجبل واستطاع رسول الله ﷺ وإللي كانوا معاه إنهم يختفوا في الجبل👌

أبو سفيان كان عايز يتأكد إن رسول الله ﷺ فعلا قُتل زي ما قيل في أرض المعركة، فوقف عند الجبل وقال للمسلمين:
أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟
يعني هل محمد ﷺ لسه عايش؟
فرسول الله ﷺ أشار للصحابة بإنهم ميردوش على أبي سفيان عشان ميتعرفش مكانه ﷺ فسكت الصحابة،
وأعاد أبو سفيان السؤال ثلاث مرات ومحدش من الصحابة بيرد،
وبعدها قال: أَفِي القَوْمِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؟
سأل ثلاث مرات ورسول الله ﷺ ينهى الصحابة إنهم يردوا عليه،
فسأل أبو سفيان ثلاث مرات كذلك: أَفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ؟
ومحدش من الصحابة بيرد،
فهنا فرح أبو سفيان وقال لأصحابه:
"أَمَّا هَؤُلَاءِ فقَدْ قُتِلُوا"《صحيح البخاري》
يعني خلاص كده الثلاثة دول ماتوا وارتحنا منهم.
وأبو سفيان كان عارف مكانة هؤلاء الثلاثة وأهمية وجودهم، فلو الثلاثة مش موجودين يبقى كده انتهى أمر أمة الإسلام👌

فعمر بن الخطاب رضي الله عنه مقدرش يمسك نفسه😬
يعني قوته النفسية مش مخلياه يترك أبا سفيان يمشي مستريح من أرض المعركة،
هو كان حاسس بغيظ وشماتة من أبي سفيان فمقدرش يسكت، فقام رد عليه وقال له:
"كَذَبْتَ واللَّهِ يا عَدُوَّ اللَّهِ؛ إنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وقدْ بَقِيَ لكَ ما يَسُوؤُكَ"《صحيح البخاري》
يعني ربنا أبقى على حياة إللي يضايقك ويحرق دمك😅

وفعل عمر مكنش مخالف لأمر رسول الله ﷺ بعدم الرد على أبي سفيان، بدليل إن رسول الله ﷺ سكت ولم يعلق على فعل عمر رضي الله عنه،
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_السادسة
#فضائل_ومكانة_أبي_بكر_وعمر_الجزء_الثالث

قلنا المرة إللي فاتت إن عمر رضي الله عنه قال عن أبي بكر:
"لوْ وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ وإيمانُ الناسِ لرجحَ إيمانُ أبي بكرٍ"
《إسناده صحيح》
وحقيقة إيمان أبي بكر تظهر من مواقفه، وأول موقف معانا النهاردة بيحكيه عمر نفسه👌
يقول عمر إن في مرة دعا رسول الله ﷺ المسلمين للإنفاق في سبيل الله، وده كان في غزوة تبوك، فقال عمر في نفسه:
"اليومَ أسبقُ أبا بَكرٍ إن سبقتُهُ يومًا"
《صحيح الترمذي》
يعني لو في يوم هقدر أسبق فيه أبا بكر فهو اليوم، وده لأن عمر رضي الله عنه تزامن إنه يكون عنده مال فائض يقدر يتصدق بيه،
وكان أبو بكر وعمر دائما يسارعون في الخيرات،
فذهب عمر إلى رسول الله ﷺ وأعطاه نصف ماله، فقال له رسول الله ﷺ: "ما أبقيتَ لأَهْلِكَ؟
قال عمر: مثلَهُ"《صحيح الترمذي》
يعني عمر تصدق بنص ماله وأبقى عنده النصف عشان يصرفها على أهله،
فأتى أبو بكر بماله كله وأعطاه لرسول الله ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ:
"ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ؟ قالَ أبو بكر: أبقَيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ"
《صحيح الترمذي》
يعني تركتهم إلى اللهِ يَحفَظُهم، وإلى رسولِه يَرْعاهم،
أو المعنى: أبقَيتُ لهم أن يَرْضى اللهُ ورسولُه عَنْهم،
فالصدّيق رضي الله عنه وصل لدرجة عالية جدا في التوكل واليقين بالله،
وهو ده الفرق بينه وبين باقي المسلمين، يعني أبو بكر كان عنده قوة يقين وتوكل على الله ملهاش حدود،
هو عارف ومتأكد وواثق في قول رسول الله ﷺ:
" ثَلاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيهِنَّ و ذكر منها: مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِن صَدَقَةٍ"
《صحيح الترمذي》
يعني المال لا ينقص أبدا إذا تصدق به المسلم،
فأبو بكر عارف إن أمواله إللي دفعها دي موجودة عند ربنا ومش هتنقص👌
فعمر لما شاف فعل أبي بكر قال في نفسه:
"لا أسابقُكَ إلى شيءٍ أبدًا"《صحيح الترمذي》
يعني أنا عمري ما هعرف أسبقه أبدا، ده أنا لم أَقدِرْ أن أُسابِقه وأنا أملِكُ المال وأقدِرُ على الصدقة، فكيف لي أن أُسابقه لما يكون عندي أقلُّ مِنه؟!

ويشهد رسول الله ﷺ لإيمان أبي بكر رضي الله عنه من خلال موقف عجيب حصل😅
"قال رسول الله ﷺ وهو بيحكي عن قصة غريبة حصلت في الأقوام السابقة بيقول:
"بيْنَما رَجُلٌ رَاكِبٌ علَى بَقَرَةٍ، التَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهذا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ....."《صحيح البخاري》
يعني رسول الله ﷺ بيحكي عن رجل كان راكب على بقرة زي ما بيركب على الحصان أو الحمار عشان يوصله لمكان،
فالبقرة التفتت إلى الرجل الراكب عليها وكلمته بكلام البشر وقالت له انت إزاي تركب عليّ وأنا متخلقتش لكده، أنا ربنا خلقني لحرث الأرض.

فتعجب الصحابة من بقرة تتكلم كلام البشر وقالوا:
"سُبْحانَ اللهِ، أبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟"😮
《صحيح مسلم》
فقال رسول الله ﷺ:
"آمَنْتُ به أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ"
يعني انتم مستغربين من كده! أنا آمنت إن ده حصل بدون استغراب وكذلك آمن به أبو بكر وعمر👌
وساعتها أبو بكر وعمر مكنوش حاضرين ولا سمعوا الكلام ده، فرسول الله ﷺ بيقول لو كانوا موجودين وسمعوا القصة مش هيستغربوا وهيصدقوها مباشرة وإن كان ده مِن الأشياءِ الغريبةِ الخارقةِ للعادةِ المُخالِفةِ للنظام الكَوني،
فهم مؤمنين بعَظيمِ سُلطانِ اللهِ وكَمالِ قُدرتِه إيمانا تاما وعندهم يقين إن اللي خلَقَ هذا النظامَ الكوني قادرٌ على فعل أشياء تخرق هذا النظام💁

أكمل رسول الله ﷺ وقال:
"وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقالَ له الذِّئْبُ: مَن لَهَا يَومَ السَّبُعِ، يَومَ لا رَاعِيَ لَهَا غيرِي؟....."《صحيح البخاري》
يعني موقف تاني حصل وبيحكيه رسول الله ﷺ وبيقول إن كان في ذئب أخذ شاة وهرب بيها عشان يأكلها، فراح راعي الغنم وراء الذئب وأنقذ الشاة منه،
فتكلم الذئب وقال له: انت النهاردة أنقذتها مني، لكن مين بقى إللي هينقذها لما يأخذها الأسد؟!
هتعرف انت تنقذها من الأسد؟!
مش هتعرف، وأنا هاكل إللي هيتبقى من الأسد🤷
فتعجب الصحابة من كلام الذئب 😅
فقالَ رسول الله ﷺ: "آمَنْتُ به أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ."👌
وهم برده مكنوش موجودين👌

وطبعا نتيجة للإيمان الكامل لأبي بكر؛ كان يومه مليان بالطاعات،
فهو مكنش بس مسارع في الصدقة زي ما شفنا، ده جمع أنواع الطاعات في يوم واحد💁
يعني في مرة سأل رسول الله ﷺ الصحابة وقال لهم:
"مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟
فقالَ أبو بَكْرٍ: أنا،
قالَ رسول الله ﷺ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟
¤يعني مين إللي صلّى اليوم على ميت ومشي وراء جنازته لحد ما اندفن؟
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_السابعة
#فضائل_ومكانة_أبي_بكر_وعمر_الجزء_الرابع

قلنا المرة إللي فاتت إن أبا بكر تعرض لابتلاء هو من أشد الابتلاءات على النفس،
والابتلاء ده هو إنه اتُّهِم في عرضه رضي الله عنه في ابنته عائشة رضي الله عنها في الحادثة المعروفة بحادثة الإفك😶
إيه إللي حصل🤔
في قصة طويلة شرحناها في السيرة ملخصها إن المنافقين اتهموا السيدة عائشة بنت أبي بكر بأنها فعلت فاحشة الزنا مع واحد من الصحابة،
وانتشر الأمر بين الناس حتى تكلم في الموضوع بعض المؤمنين وقالوا إنها فعلت الفاحشة والعياذ بالله،
وطبعا انتم عارفين إن أشد حاجة على الإنسان إنه يُتهم في عرضه وخصوصا لو كان في مجتمع زي مجتمع الجاهلية إللي كان منتشر فيه فكرة وأد البنات خوفا من العار، وإللي كان عندهم غيرة شديدة على نسائهم، والصحابة كانوا نشأوا قبل الإسلام في المجتمع ده،
فقضية الشرف عندهم قضية عظيمة جدا👌
فتخيلوا موقف أبي بكر رضي الله عنه لما يُتهم في عرضه وهو العفيف إللي كان عنده خبرة بالأنساب ومع ذلك لم يتكلم في عرض أحد لا في جاهلية ولا في إسلام👌

لأ ومش بس كده، ده كان من الناس إللي اتكلمت في عرضه رضي الله عنه واحد من أقاربه اسمه مِسطَح كان فقير وكان أبو بكر بينفق عليه، يعني كان بيعطيه زي مرتب ثابت كده،
فالمفروض والطبيعي إن مِسطَح يكون هو أول المدافعين عن عرض أبي بكر من باب القرابة أو من باب رد الإحسان، أو على الأقل خالص يسكت وميتكلمش🤷
لكن إنه يتكلم في عرض أبي بكر ويتهم ابنته أنها فعلت جريمة الزنا وهي متزوجة، ومتزوجة من مين؛ من رسول الله ﷺ وهو عارف كمان عفة أبي بكر وعفة ابنته وطهارتها؟!! 😳
حقيقي موقف صعب جدا لأبي بكر رضي الله عنه😓

☆هنا هنلاحظ إن ربنا ابتلى أبا بكر في صميم الحاجة إللي هو معملهاش،
يعني زي كده لما يكون واحد عفيف اللسان وعمره ما شتم أحد ومعروف بحُسن الخلق، فربنا يبتليه باللي يشتمه ويؤذيه،
فهنا الواحد ممكن يتساءل ليه يحصل معايا كده وأنا عمري ما أذيت أحد، أو ممكن إيمانه بالله يهتز؛ إزاي ربنا يبتليه بحاجة زي كده وهو لم يؤذِ أحدا أبدا؟!!
هو مش المفروض يعني إن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان؟!!
لكن أبو بكر رضي الله عنه لم يفكر أبدا بالطريقة ولا عمره تساءل عن السبب،
هو كان مؤمن كمال الإيمان بحكمة ربنا وعارف إن مفيش حاجة بتحصل في الكون إلا بعلمه وتقديره سبحانه، وإن ده بلاء من ضمن ابتلاءات الدنيا بغض النظر عن هو عمل إيه أو معملش إيه👌

تعتقدوا بقى إيه رد الفعل الطبيعي المتوقع مع مِسطح من رجل طُعن في شرف ابنته، ويشعر بالظلم الشديد؟!!
رد فعل أبي بكر كان أقل رد فعل طبيعي ممكن الواحد يعمله،
حلف الصديق ألا ينفع مسطح بنافعة أبداً، يعني مش هينفق عليه ولا يعطيه أي شيء ينتفع به تاني أبدا👌
وهو هنا مش بيمنع حق لمسطح رضي الله عنه، لأ، ده بيمنعه فضل كان يتفضل به عليه، يعني هو أصلا مش مُلزم بيه،
ودي حاجة طبيعية في النفس البشرية،
يعني أنا أُحسن إليك وانت في النهاية تتكلم في عرضي؟!!

بعد شهر من المعاناة والابتلاء الشديد نزل القرآن يبرئ السيدة عائشة رضي الله عنها من التهمة إللي اتهُمَت بها زورا،
أما الناس إللي اتكلمت في عرض السيدة عائشة؛ فأُقيم عليهم حد القذف ثمانين جلدة، وكان منهم مسطح رضي الله عنه،
وبالنسبة لأبي بكر فنزلت آية خاصة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه فيها خطاب رقيق من رب العالمين للصديق يوضح أن المعاملة قبل ما تكون مع البشر فهي معاملة مع الله عز وجل👌
قال الله عز وجل:
"وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُو"
《سورة النور آية(22)》
وَلا يَأْتَلِ يعني ولا يحلف أهل الفضل في الدين والسَّعَة في المال على ترك صلة أقربائهم الفقراء والمحتاجين والمهاجرين ومنعهم النفقة بسبب ذنب فعلوه ولْيتجاوزوا عن إساءتهم ولا يعاقبوهم.

متخيلين إن ربنا شهد لأبي بكر الصديق بأنه من أصحاب الفضل، والفضل هنا على إطلاقه، يعني هو صاحب كل أنواع الفضل👌

طيب ليه بقى نعفو ونصفح يارب؟!
"أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ"《سورة النور آية(22)》
يعني مش انتم بتحبوا إني أغفر لكم وأتجاوز عنكم رغم ذنوبكم وإساءتكم؟
فتجاوزوا واعفوا انتم كمان عن إللي يسيء لكم👌

وهنا يظهر استسلام أبي بكر لكلام الله عز وجل وعدم انتقامه لنفسه،
فهو لما سمع الآية قال: بلى والله! إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا!
وأعاد النفقة مرة أخرى على قريبه مِسطح بن أبي مسطح، وعزم على ألا يعود إلى قطعها أبداً،
وده رد فعله رضي الله عنه في طاعة تركها غير مفروضة عليه مش في ذنب عمله👌
فمنستغربش لما نسمع قول رسول الله ﷺ له:
"أنتَ عتيقُ اللَّهِ منَ النَّارِ"《صحيح الترمذي》
يعني أنتَ من الناس إللي ربنا لن يُدخِلَهُمُ النَّارَ، وحرَّمَهم عليها👌
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الثامنة
#ثبات_أبي_بكر_أمام_فتنة_موت_رسول_الله_ومابعدها

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن أعظم ابتلاء وفتنة مرت على الصحابة وهي موت رسول الله ﷺ،
وقلنا إن من المتوقع إن أكثر واحد من الصحابة هيتأثر بموت رسول الله ﷺ هو أبو بكر رضي الله عنه باعتبار إن رسول الله ﷺ كان كل شيء في حياته رضي الله عنه،
لكن إللي حصل إن رد فعله كان مختلف عن كل التوقعات👌

جاء أبو بكر ودخل المسجد ومنه دخل إلى بيت عائشة رضي الله عنها حيث مات رسول الله ﷺ في بيتها، فتوجه إلى رسول الله ﷺ على فراشه وكانوا قد غطوا وجهه بثوب،
فكشف أبو بكر الثوب عن وجهه ﷺ، فلما عرف إن رسول الله ﷺ مات فعلا بكى أبو بكر رضي الله عنه على فراق رسول الله ﷺ، وطبيعي إن الواحد يبكي في مواقف الفراق ويتألم، لكن بدون نحيب ولا صراخ👌
وقَبَّلَهُ بين عينيه رضي الله عنه وقَالَ:
"بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا"《صحيح البخاري》
وقال:
"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ"

☆يقصد بالمَوْتَتَيْنِ إن ربنا لن يميته مرتين، يعني خلاص مادام ظاهره إنه مات فهو مات، لن يُبعث ويموت مرة أخرى،
فهو أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره، زي قصة الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية وتساءل كيف يُحيِي الله هذه القرية فأماته الله مائة عام ثم بعثه.

خرج أبو بكر رضي الله عنه من عند رسول الله ﷺ وهو ثابت متمالك لنفسه ودخل إلي المسجد وكان الوضع كما هو،
عمر واقف ماسك سيفه بيهدد ويقسم بالله أن رسول الله ﷺ لم يمت والناس حوله ساكتين،
فهنا قال له أبو بكر:
"أيُّها الحَالِفُ علَى رِسْلِكَ"《صحيح البخاري》
يعني على مهلك، شوف انت بتقول إيه، وبعدين قال له:
"اجْلِسْ يا عُمَرُ "
عشان يعني أبو بكر يعرف يتكلم، لكن عمر مش سامع أصلا ولا في وعيه ورفض إنه يقعد واستمر في الكلام،
فالناس بدأوا يلتفوا حول أبي بكر وزير رسول الله ﷺ الأول وأحب الناس له،
فتشهد أبو بكر رضي الله عنه وحمد الله وأثنى عليه وهنا سكت عمر وبدأ يسمع لأبي بكر، قال أبو بكر:
"أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ"《صحيح البخاري》

☆كلام أبي بكر كان فيه فهم عميق وحكمة بالغة، فهو بيضع الأمور في حجمها الطبيعي،
أيوة المصيبة عظيمة لكن مينفعش أبداً إن المسلمين يخرجوا عن شعورهم وعن حكمتهم وعن إيمانهم بسببها،
بيوضح لهم الحقيقة إللي غابت عنهم وهي إن رسول الله ﷺ بشر،
وكل البشر يموتون، واحنا مكناش بنعبد رسول الله ﷺ
ولكننا جميعاً عبدنا معه رب العالمين سبحانه وتعالى،
والله حي لا يموت،
فلا داعي لاختلاط الأمور، ولا داعي للفتنة، ولا داعي للاضطراب، وإللي حصل ده أمر متوقع،
وربنا هو إللي هيجزينا على صبرنا أو يعاقبنا على جزعنا👌

وبعدين قرأ عليهم أبو بكر آية تذكرهم وتبصرهم بالحقيقة إللي غفلوا هنا ونسيوها وإللي بتؤكد كلامه، قال:
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ"《آل عمران آية(144)》

يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
"واللَّهِ لَكَأنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ هذِه الآيَةَ حتَّى تَلَاهَا أبو بَكْرٍ،
فَتَلَقَّاهَا منه النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، فَما أسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إلَّا يَتْلُوهَا"《صحيح البخاري》
يعني الناس من صدمتهم بموت رسول الله ﷺ كانوا ناسيين إن ربنا أنزل الآية دي لحد ما قرأها عليهم أبو بكر،
مع إنها نزلت بعد غزوة أحد، يعني قبل الموقف ده بحوالي ثماني سنوات، لكن من هول المصيبة نسيوا الآية،
فأول ما تذكروها كل واحد فيهم بدأ يقولها ويرددها وهو بيبكي وكأنهم بيهونوا على أنفسهم بعد ما تيقنوا إن خلاص رسول الله ﷺ مات،
أما عمر فاندهش من كلام أبي بكر ورجله سابت من بعضها ومبقاش قادر يقف فانهار وسقط على الأرض وعرف كده إن رسول الله ﷺ مات فعلا،
أبو بكر رضي الله عنه ربنا ثبته أمام الابتلاء العظيم ده وكمان ثبّت بيه أمة كادت أن تضل وأوشكت أن تُفتن،
فعلى الرغم من إن هو أكتر واحد كان وقع صدمة موت رسول الله ﷺ عليه أشد؛ إلا إن شدة الصدمة وهولها لم تمنعه من الثبات وتثبيت الناس معه👌
ولو لم يكن له من المواقف في الإسلام إلا هذا الموقف لكان كافياً👌
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_التاسعة
#اجتماع_الأنصار_في_سقيفة_بني_ساعدة

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن الفتن والابتلاءات إللي هتواجه الصحابة بعد موت رسول الله ﷺ وأولهم أبو بكر رضي الله عنه،
دلوقتي وضع المدينة بعد موت رسول الله ﷺ كان عبارة عن حالة حزن شديد وقلق واضطراب،
زي كده لما يكون في سفينة ماشية في بحر عاصف والأمواج تقذفها من هنا لهنا وفجأة يموت قبطان السفينة،
في الموقف الرهيب ده الناس إللي على السفينة هتنجوا إزاي؟!
الحل الوحيد والسريع للنجاة إننا نشوف قبطان أو قائد تاني عشان يقدر يقود السفينة وبالتالي السفينة متغرقش👌

فكذلك ده كان الوضع بالنسبة للمدينة، لازم يتم اختيار قائد بسرعة عشان يقدر يجمع كلمة المسلمين ويقدر ياخد قرارات يواجهوا بيها الفتن المختلفة وخصوصا إن رسول الله ﷺ كان قال:
"إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليؤمِّروا أحدَهُم"
《صحيح أبي داود》
يعني لو خرج مجموعة مع بعض مسافرين سواء كانوا ثلاثة أشخاص أو أكثر فلازم يكون للمجموعة دي قائد هو إللي ياخد القرارات بعد ما يشاور أصحابه،
زي اختيار وَقْت الذَّهاب والبَيات وغيرها من أحوالِ السَّفَرِ،
فتخيلوا إن ده في أمر سفر فما بالكم بحاجة أعظم وهي اختيار قائد للأمة!
فرسول الله ﷺ في الحديث بيشجع المسلمين على تقليل الخلاف بينهم وتوحيد كلمتهم بقدر الإمكان👌
وده أمر عام في كل حياة المسلمين؛ لأنهم إذا اجتمعوا على رجل كانت البركة والقوة، وإذا تفرقوا كان الفشل والضعف.

خلونا نفتكر كده المدينة بتتكون من إيه،
بتتكون من مهاجرين وأنصار، المهاجرين هم إللي هاجروا للمدينة هربا من الاضطهاد إللي تعرضوا له في مكة،
والأنصار من قبائل الأوس والخزرج هم أهل البلد إللي نصروا رسول الله ﷺ والمهاجرين معه وآوُوهم،
كبار الصحابة من المهاجرين زي أبي بكر وعمر كانوا حول رسول الله ﷺ مشغولين بيه وبقضية الغُسل والتكفين ثم الدفن،
يعني هنغسله إزاي، وهنكفّنه في إيه، وندفنه فين،
هل في البقيع ولّا مع شهداء أُحد ولّا في مكة بلده ولّا في مكان خاص به؟!

وهم مشغولين كده جاء رجل لبيت رسول الله ﷺ ونادى من وراء الجدار وقال:
اخرُجْ إليَّ يا ابنَ الخطَّابِ.
فقال له عمر: إليك عنِّي فإنَّا مشاغيلُ.
يعني روح دلوقتي احنا مش فاضيين،
لكن الرجل أصرّ على عمر إنه يخرج له، فلما خرج عمر قال له الرجل:
"إنَّه قد حدَث أمرٌ لا بدَّ منك فيه،
إنَّ الأنصارَ قد اجتمَعوا في سَقيفةِ بني ساعدةَ فأدرِكوهم قبْلَ أنْ يُحدِثوا أمرًا فيكونَ بينَكم وبينهم فيه حربٌ"
《صحيح ابن حِبّان》
يعني بيقول له إن في حاجة حصلت ولازم تعرفها عشان تعرف تتصرف،
الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة وشكلهم ناويين على
حاجة، فالحقوهم قبل ما ياخدوا قرار وتحصل حرب بسبب القرار ده.

☆سَقِيفة بني ساعدة هي الدار إللي الأنصار كانوا متعودين يجتمعوا فيها عشان يَعقدوا فيها اجتماعاتهم المهمة،
زي ما بنسميها في عصرنا كده قاعة اجتماعات، وزيها دار الندوة إللي قريش كانوا بيجتمعوا فيها في مكة.

فنادى عمر رضي الله عنه على أبي بكر وقال له:
انطلِقْ بنا إلى إخوانِنا هؤلاء مِن الأنصارِ.
يعني تعال نروح للأنصار ونشوف اجتمعوا ليه وناويين على إيه، فأسرع أبو بكر وعمر لسقيفة بني ساعدة،
وهمّ ماشيين قابلوا رجلين صالحين من الأنصار القُدامى من إللي شهدوا بيعة العقبة الثانية وحضروا كل معارك رسول الله ﷺ،
وهما: عُوَيم بن ساعدة ومَعِن بن عَدِي رضي الله عنهما،
فلما شافوا إن أبا بكر وعمر رايحين للسقيفة نصحوهم بإنهم ميقربوش منها وإنهم كمهاجرين يصرّفوا أمورهم بينهم وبين نفسهم وميتدخلوش في اجتماع الأنصار،
واضح طبعا من كلامهم إنهم كانوا خايفين تحصل فتنة بين المهاجرين والأنصار فكانوا عايزينهم يمشوا وميتقابلوش مع الأنصار،
لكن أبو بكر وعمر أصروا على الذهاب إلى السقيفة،
في الطريق قابل أبو بكر وعمر أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، وهو من أعظم المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين فأخذاه معهما إلى سقيفة بني ساعدة👌

هنسيب أبو بكر وعمر وأبو عبيدة يكملوا طريقهم للسقيفة ونروح نشوف الأنصار اجتمعوا ليه بالسرعة دي وإيه الهدف من اجتماعهم💁

الأنصار رضي الله عنهم كانوا عارفين خطورة وضع المدينة الحالي بعد موت رسول الله ﷺ وإن لازم بسرعة يختاروا منهم قائد أو خليفة لرسول الله ﷺ يقدر يقود أمة الإسلام في الظروف دي،
فعلى الرغم من كل الأحزان والهموم والآلام إللي هم فيها إلا إن الحياة لازم تمشي،
وهو ده إللي رسول الله ﷺ علمه لهم خلال السنين إللي فاتت دي كلها،
علمهم معنى الصبر الجميل، الصبر الذي لا شكوى فيه، الصبر عند الصدمة الأولى، وده من خلال مواقف حصلت في حياته ﷺ، زي لما مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال لها:
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_العاشرة
#بين_المهاجرين_والأنصار_في_السقيفة

وقفنا المرة إللي فاتت عند وصول أبي بكر وعمر وأبو عبيدة لسقيفة بني ساعدة بعد ما اجتمع الأنصار في الرأي على اختيار سعد بن عبادة خليفة للمسلمين ولكن لسه محصلتش البيعة،
بعد ما دخل الثلاثة وجلسوا، مفيش وقت بسيط إلا وقام خطيب الأنصار وبدأ يتكلم،
اسم الخطيب إللي تكلم ده غير معروف، لم يذكره المؤرخون، وممكن يكون الخطيب ده هو ثابت بن قيس رضي الله عنه؛ لأن هو إللي كان يُطلق عليه خطيب الأنصار، فالله أعلم🤷‍♂️

فقام الخطيب وتكلم، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
" أَمَّا بَعْدُ ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ..."《صحيح البخاري》
يعني بيقول إن الأنصار هم كتيبة الإسلام وأنصار الله بينما المهاجرون رهط، يعني عدد قليل.
وفي رواية: رهط منا، يعني عدد قليل بالنسبة لنا،
وكأنه توقع إن المهاجرين هيكونوا عايزين الخلافة، فسبّق بالكلام عشان يُبطل أي حجة للمهاجرين بأنهم أعداد قليلة بالنسبة للأنصار،
وطبعا الأنصاري يقصد المهاجرين قبل فتح مكة الذين هاجروا إلى المدينة وإللي عايشين حاليا في المدينة،
وإلا فلو اعتبرنا أعداد القرشيين في مكة مع إللي أسلموا بعد الفتح فهيكونوا أضعاف أضعاف الأنصار💁‍♂️

المهم هو قال الكلام ده كتلميح إلى أن الخلافة يجب أن تكون في العدد الأكبر الذي نصر الإسلام في كل المشاهد والمواقع بنسبة دائماً ما تكون أكبر من المهاجرين.

☆فالكلام ده كده فيه بوادر أزمة ومشكلة😬

كلامه في البداية كان مجرد تلميح، لكنه بعدها قالها صريحة كده:
"وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْر"《صحيح البخاري》
يعني بيقول إنهم بعد ما خلاص استقروا على رجل يكون هو الخليفة جاءت مجموعة قليلة من المهاجرين《 إللي هم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة 》عايزين يستثنونا من الخلافة في بلادنا،
يعني الخلافة حق الأنصار وانتم جايين عشان تاخدوها مننا، وبعدين سكت الخطيب.

☆الموقف ده كده ممكن ياخدنا لدعوى القَبلية والجاهلية والفُرقة وده يقول احنا المهاجرين والتاني يقول احنا الأنصار وتحصل أزمة بين الطرفين زي ما حصل قبل كده وكان رسول الله ﷺ نهى عنها،
فلازم هنا الحكمة الشديدة والحرص البالغ في معالجة الموقف والموضوع لسه في الأول👌

عمر كان قاعد بيسمع كلام الخطيب، فكان بيجهز في نفسه كلام عشان يرد بيه على خطيب الأنصار،
فلما سكت الخطيب؛ لسه عمر هيقوم عشان يتكلم راح أبو بكر موقفه وقال له:
عَلَى رِسْلِكَ🤚
يعني استنى استنى متقومش، أنا إللي هتكلم👌
لأن أبو بكر رضي الله عنه عارف عمر وشدته، فخاف أحسن يقول كلام شديد يعقّد الموقف😅
فعمر رضي الله عنه بيقول:
"فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، واللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي، إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ"《صحيح البخاري》
يعني عمر بيقول إنه محبش يزعل أبا بكر فسمع كلامه وقعد وخلّاه هو إللي يتكلم،
وكل الكلام إللي كان في نَفْس عمر وكان عايز يقوله؛ أبو بكر رضي الله عنه قاله كله وأحسن منه كمان،
وقال الكلام بهدوء ووقار ومن غير أي شدة، وكان رضي الله عنه إذا تكلم الصحابة رضي الله عنهم بينصتوا له👌

أبو بكر رضي الله عنه قال إيه بقى 🤔

نقدر نقول إن أبا بكر رضي الله عنه قسّم كلامه إلى ثلاثة أقسام أو ثلاث مراحل في غاية الحكمة:
◇أولا: ذَكَر فضل الأنصار.
قال عمر:
"فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُ الله مِنْ شَأْنِهِمْ إِلَّا ذَكَرَهُ"《السلسلة الصحيحية》
يعني ذكر كل المديح الذي جاء في الأنصار سواء في القرآن أو في السنة، زي مثلا قول رسول الله ﷺ:
"الأنْصارُ لا يُحِبُّهُمْ إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُمْ إلَّا مُنافِقٌ، فمَن أحَبَّهُمْ أحَبَّهُ اللَّهُ، ومَن أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ اللَّهُ"《صحيح البخاري》
وقوله:
"لولا الهجرة لكنتُ امرأً من الأنصار"
وذكّرهم بقول رسول الله ﷺ:
"لو سلك الناس وادياً وسلك الأنصار وادياً لسلكتُ وادي الأنصار"
《صحيح البخاري》

وغيرها وغيرها من فضائلهم رضي الله عنهم، فبعد ما ذَكَر فضائلهم كلها قال:
"وما ذكرتُ فيكم من خيرٍ فأنتم أهله، وإنا والله يا معشر الأنصار ما ننكر فضلكم ولا بلاءكم في الإسلام ولا حقكم الواجب علينا"

يعني كل الحاجات إللي أنا قلتها انتم فعلا تستحقوها ودي حقيقة مش محتاجة مجاملة،
واحنا لا ننكر فضلكم ولا تضحياتكم إللي انتم قدمتوها لخدمة الإسلام ولا نُنكر حقكم الواجب علينا👌
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الحادية_عشرة
#الأئمة_من_قريش

وقفنا المرة إللي فاتت عند اقتراح الحُباب رضي الله عنه بأن يكون هناك خليفة من المهاجرين وخليفة من الأنصار،
فبعد ما قال الاقتراح ده؛ ارتفعت الأصوات والموقف بقى متأزم أكثر،
فهنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال:
"يا معشر الأنصار! إنكم أول من نَصَر وآزَر فلا تكونوا أول من بَدّل وغيَّر"《تاريخ الطبري》
هو قال الكلمة دي وساد الصمت في المكان، فالكلمة زلزلت قلوب الأنصار وهزت مشاعرهم،
الأنصار الذين آوَوا ونصروا، وإللي كانوا قالوا قبل كده:
يا رسول الله! اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل،
وإللي ربنا قال فيهم:
"يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"
《سورة الحشر آية(9)》
الأنصار إللي رضيوا إن ميكنش لهم أي جزاء على بذلهم في الدنيا ورضوا بالجنة،
الأنصار إللي قالوا:
"بايَعَنا علَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ، في مَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا وأَثَرَةً عَلَيْنا، وأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ، إلَّا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه بُرْهانٌ"《صحيح البخاري》

كلمات أبو عبيدة خلتهم يفتكروا البيعة الخالدة، والهجرة، والنُّصرَة،
وتذكروا الجهاد والشهادة، وتذكروا إخوانهم إللي قدموا أرواحهم وسبقوهم وما بدلوا وما غيروا،
تذكروا سعد بن معاذ، وأسعد بن زرارة، وسعد بن الربيع،
تذكروا أنصاراً عاشوا أنصاراً وماتوا أنصاراً،
وتذكروا رسول الله ﷺ الحبيب الذي لم يفارقوه إلا من وقت بسيط ولسه نائم على سريره لم يُدفن،
فهنا بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي إللي كان حضر بيعة العقبة الثانية، وهو أبو النعمان بن بشير أول مولود يُولد للأنصار في المدينة بعد الهجرة؛ قام فقال:
"يا معشر الأنصار!
إنا والله لئِن كنا أولِي فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين؛ ما أردنا به إلا رضاء ربنا، وطاعة نبينا، والكَدْح لأنفسنا،
فما ينبغي أن نستطيل بذلك، ولا نبتغي به من الدنيا عرضًا، فإن الله وليّ النعمة، ووليّ المنة علينا بذلك،
ألا إن محمدًا ﷺ من قريش، وقومُه أحقُّ به وأوْلَى، ولا يراني الله أُنازعهم في هذا الأمر أبدًا، فاتقوا الله، ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم"
《تاريخ الطبري》

يعني بيقول للأنصار إنهم وإن كانوا أصحاب الفضل في جهاد المشركين بكثرة عددهم زي ما خطيب الأنصار قال من شوية،
لكن بيفكرهم إنهم معملوش كده إلا لأنهم كانوا عايزين رضا الله وطاعة رسوله، وإنهم بيعمَلوا لأنفسهم عشان ربنا ينجيهم في الآخرة ويدخلهم الجنة،
فعلى الأساس ده بيقول لهم إن مينفعش بقى إننا نستغل الفضل ده عشان ناخد به مصلحة في الدنيا؛ لأن الموضوع كله فضل من الله وهو إللي هدانا لهذا فله الفضل والمنة،
ومحمد ﷺ من قريش وقومه أحق بخلافته وأوْلى،
وبعدين وضع من نفسه قدوة وقال لهم إنه معندوش استعداد إن ربنا يراه وهو يُنازع قوم رسول الله ﷺ في الخلافة،
وذكّرهم بالله وقال لهم إنهم لا يخالفوهم ويسمعوا كلامهم.

وكده نلاحظ تغير خط الحوار في السقيفة، وبالتالي بدأت نفوس الجميع تهدأ،
وهنا قام سيد الأوس أُسَيْد بن حُضَيْر ودعا الأنصار إنهم يتركوا الأمر ويبايعوا المهاجرين وقال إنه خايف إن يحصل خلاف في المستقبل بين الأوس والخزرج إذا أحد الفريقين تولّى الخلافة، عشان كده هو بيُؤيّد المهاجرين👌
فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه إن النفوس بدأت تطيب باختيار الخليفة من المهاجرين أراد إنه يضيف حجة تقوّي من هذا الاختيار،
فقال الصديق رضي الله عنه:
"إن الله سمّانا الصادقين وسمّاكم المفلحين...."
أبو بكر رضي الله عنه بيُشير إلى قول الله عز وجل في سورة الحشر:
" لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ 《الصَّادِقُونَ》"
فده كده وصف المهاجرين، أما وصف الأنصار فجاء في الآية إللي بعدها، قال الله تعالى:
" وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ《الْمُفْلِحُونَ》"

فكلامه رضي الله عنه بيدل على ذكاءه وسعة اطلاعه على القرآن،
وبعدين أبو بكر رضي الله عنه قال للأنصار:
وقد أمركم الله أن تكونوا معنا حيثما كُنا، فقال في سورة التوبة:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"