Forwarded from مجالس السلف
[قطعة من رسالة الواسطي لإخوانه من أصحاب شيخ الإسلام| وهي منقولة بتمامها في العقود الدريّة لابن عبد الهادي]
«..وليكن لنا جميعًا من الليل والنهار ساعةٌ، نخلو فيها بربِّنا جلَّ اسمه، وتعالى قدسُه، نجمعُ بين يديه في تلك الساعة همومَنا، ونطرحُ أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهدُ فيما سوى الله ساعةً من نهار، فبذلك يعرفُ الإنسانُ حالَه مع ربِّه، فمن كان له مع ربِّه حالٌ، تحرَّكَت في تلك الساعة عزائمُه، وابتهجَتْ بالمحبَّة والتعظيم سرائرُه، وطارت إلى العُلى زفراتُه وكوامِنُه.
وتلك الساعة أنموذجٌ لحالة العبدِ في قبره، حين خُلُوِّه عن ماله وحِبِّه، فمن لم يُخْلِ قلبَه لله ساعةً من نهار، لِمَا احتوشَه من الهمومِ الدنيويّة وذوات الآصار؛ فلْيَعْلَم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علويّة، ولا نصيبٌ من المحبة ولا المحبوبية، فلْيَبْكِ على نفسه، ولا يرضى منها إلا بنصيبٍ من قرب ربِّه وأُنْسِه.فإذا خَلَصَت لله تلك الساعةُ أمكنَ إيقاعُ الصلواتِ الخمس على نمطها من الحضور والخشوع، والهيبة للربِّ العظيم في السجود والركوع.
فلا ينبغي لنا أن نبخل على أنفسِنا في اليوم والليلة من أربعٍ وعشرين ساعة بساعةٍ واحدةٍ لله الواحد القهَّار، نعبُدُه فيها حقَّ عبادته، ثم نجتهدُ على إيقاع الفرائض والتهجّد على ذلك النَّهْج في رعايته، وذلك طريقٌ لنا جميعًا ــ إن شاء الله تعالى ــ إلى النفوذ؛ فالفقيه إذا لم ينفُذْ في عِلْمه حصل، له الشطر الظاهر، وفاته الشطرُ الباطن؛ لاتصاف قلبه بالجمود، وبُعْدِه في العبادة والتلاوة عن لين القلوب والجلود، كما قال تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.
إلى أن قال -رحمه الله-:
وليكن شأنُ أحدنا اليوم: التعديل بين المصالح الدنيوية، والفضائل العلمية، والتوجُّهات القلبية، ولا يقنع أحدُنا بأحدِ هذه الثلاثة عن الآخَرَين، فيفوته المطلوب. ومتى اجتهد في التعديل فإنه إن شاء الله تعالى بقَدْر ما يحصِّل العبدُ جزءًا من أحدهم، حصَّل جزءًا من الآخر، ثم بالصبر على ذلك تجتمع الأجزاءُ المحصَّلة، فتصيرُ مرتبةً عاليةً عند النهاية إن شاء الله تعالى.
هذا وإن كنتم ــ أيّدكم الله تعالى ــ بذلك عالمين، لكنّ الذِّكْرى تنفعُ المؤمنين».
#عشر_ذي_الحجة
«..وليكن لنا جميعًا من الليل والنهار ساعةٌ، نخلو فيها بربِّنا جلَّ اسمه، وتعالى قدسُه، نجمعُ بين يديه في تلك الساعة همومَنا، ونطرحُ أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهدُ فيما سوى الله ساعةً من نهار، فبذلك يعرفُ الإنسانُ حالَه مع ربِّه، فمن كان له مع ربِّه حالٌ، تحرَّكَت في تلك الساعة عزائمُه، وابتهجَتْ بالمحبَّة والتعظيم سرائرُه، وطارت إلى العُلى زفراتُه وكوامِنُه.
وتلك الساعة أنموذجٌ لحالة العبدِ في قبره، حين خُلُوِّه عن ماله وحِبِّه، فمن لم يُخْلِ قلبَه لله ساعةً من نهار، لِمَا احتوشَه من الهمومِ الدنيويّة وذوات الآصار؛ فلْيَعْلَم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علويّة، ولا نصيبٌ من المحبة ولا المحبوبية، فلْيَبْكِ على نفسه، ولا يرضى منها إلا بنصيبٍ من قرب ربِّه وأُنْسِه.فإذا خَلَصَت لله تلك الساعةُ أمكنَ إيقاعُ الصلواتِ الخمس على نمطها من الحضور والخشوع، والهيبة للربِّ العظيم في السجود والركوع.
فلا ينبغي لنا أن نبخل على أنفسِنا في اليوم والليلة من أربعٍ وعشرين ساعة بساعةٍ واحدةٍ لله الواحد القهَّار، نعبُدُه فيها حقَّ عبادته، ثم نجتهدُ على إيقاع الفرائض والتهجّد على ذلك النَّهْج في رعايته، وذلك طريقٌ لنا جميعًا ــ إن شاء الله تعالى ــ إلى النفوذ؛ فالفقيه إذا لم ينفُذْ في عِلْمه حصل، له الشطر الظاهر، وفاته الشطرُ الباطن؛ لاتصاف قلبه بالجمود، وبُعْدِه في العبادة والتلاوة عن لين القلوب والجلود، كما قال تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.
إلى أن قال -رحمه الله-:
وليكن شأنُ أحدنا اليوم: التعديل بين المصالح الدنيوية، والفضائل العلمية، والتوجُّهات القلبية، ولا يقنع أحدُنا بأحدِ هذه الثلاثة عن الآخَرَين، فيفوته المطلوب. ومتى اجتهد في التعديل فإنه إن شاء الله تعالى بقَدْر ما يحصِّل العبدُ جزءًا من أحدهم، حصَّل جزءًا من الآخر، ثم بالصبر على ذلك تجتمع الأجزاءُ المحصَّلة، فتصيرُ مرتبةً عاليةً عند النهاية إن شاء الله تعالى.
هذا وإن كنتم ــ أيّدكم الله تعالى ــ بذلك عالمين، لكنّ الذِّكْرى تنفعُ المؤمنين».
#عشر_ذي_الحجة