المسألة دائما مسألة تواضع. والتّواضع إحساس دائم بضآلة لا يغيّر منها كسب أو خسارة.
هي ضآلة أصليّة يمتلئ القلب بها أمام وساعة كلّ شيء.
كلّ شيء واسع إلى حدّ مذهل، ومعقّد إلى استحالة الإحاطة. وما إن تقع العين على خارجها حتّى يسحرها عن نفسها.

#أرأيت

هل يقيس الناس اليوم أهمية الطوفان وكيف أحيا قضية فلسطين؟ هل يعرفون أكثر من أي وقت مضى أنها كانت تتجه للموت نهائيا قبل السابع من أكتوبر؟ هل تأكدوا بأن الطوفان كان انتفاضة خلاقة على اليأس؟ وأن المقاومة قد أحيت قضية كان الجميع، شرقا وغربا، يتآمرون على وأدها عميقا تحت تراب النسيان؟ هل نتأكد اليوم بأن الطوفان قد أحيانا مثلما أحيا المقاومة وفلسطين؟ هل بتنا نعلم بما يكفي من اليقين عمق ما سينشأ عن الطوفان في العقود القادمة؟ هل نقدّر فعلا كيف أيقظنا الطوفان من أوهام هندست وعينا منذ أزيد من قرن على الأقل؟

اعتقادي أننا لم نلمس بعد هذه التحولات بما يكفي، ذلك لو أننا لمسناها بحق لما استطعنا العودة إلى حياتنا ما قبل الطوفان أبدا. هناك عذر واحد ممكن لذلك، وهو أننا لا نركّز بما يكفي على ما يحصل، بسبب أنه عظيم وفوق طاقة استيعابنا، ولكن هذا في نفس الوقت نوع من الخذلان أقسى من كل ما سبقه. إننا بذلك نخذل الأفق العظيم الذي انفتح أمامنا بفضل الطوفان: التحرر من كل هندسة الوهم والهزيمة التي زرعت فينا طيلة قرون، وكسرِ كيانٍ جعل وجوده من كل مكاسبنا وقتية وهشة وبلا قيمة حقيقية.

يقول لك الطوفان أنا طوفانك أنت، وليست فلسطين أو غزة له إلا ذريعة ومنطلقا. لا قيمة لما يحدث إن لم تشعر به كطوفان.

| عدنان منصر
#أرأيت

وفي مُدُنِ القِبابِ

يُعرَّفُ الحُبُّ على أنَّهُ وُقوفُ زوجيْنِ اثنينِ تحت قُبَّةِ المشيئة الإلـٰهيَّة ذاتها.. لينصَهرا في مركزِها، فيضمَّهُما ظِلُّ اللّٰه.
حتى لا تعودُ المشيئةُ لِتفرِّقَ بينَهُما، فتعاملهما كجسدٍ واحدٍ، وكينونة كاملةٍ.

بل يُصبح حُبهما، بفعلِ انتماءه لهندسة الفطرةِ، جُزءا لا يتجزء من سنن تسييرِ الكونِ: فتارة قُوةُ جذبٍ، تعملُ في صالح كل قوة تجمعُ ما بينهما، وتؤيِّدُ انصهارهما. وأُخرى قُوةَ دفعٍ تعملُ على نفيِ كل قوة معاكسة لهما، تباعدُ ما بينهما.

#أرأيت #سنن #في_الحب_و_الهندسة

What you don't change,
you are choosing " -Unknown

ما لستَ تُغيّرُهُ
تُخيِّرُهُ!

#مترجم

عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان." رواه مسلم.

وتغييرُ القلبِ هو فعلهُ في مواجهة المنكر:
برفضهِ -والرفضُ والقبولُ كلاهما من أفعالِ القلوبِ في الأشياءِ- مع البحثِ واستبطان معرفةِ ما يجعل المنكر منكرا، والباطل باطلا، ولماذا؟ وأن يجعلَ هذه المعرفةَ حاضرةً في العقلِ والوجدانِ. فهو (القلب) آخر سدٍّ مانعٍ دون الخضوع، ودون القبول، ودون التخير! فإن لم يكُن القلبُ فاعلا فعلهُ وضليعا في أمرِهِ خسِرَ المرءُ نفسهُ ومعركتهُ، وانساقَ للظلام انسياقًا ولم يعد يُحسبُ للنّور.

فالتخير بهذا المعنى غيابُ فعلِ القلبِ في التغييرِ مع غيابِ التغييرِ جُملة!

#أرأيت

ومن آيات غيبِهِ ومحكماتِ خلقِهِ أنه يصهرُ تناظم الأشياء في فوضاها وتناسبها في اضطرابها وسكونها في ضوضائها داخل أسماعِ وأعين الناظرين، ويجمعُ عناصرها فرقا وأقدارًا في معنى جليل ودليلٍ فوقيٍّ وغاية واحدة. بما يسخرها للانفتاح للفهمِ والقراءة والاستغلاقِ عن المُحاكاة.

#سنن #أرأيت
#فتوح_رمضان

افتُتن الانسانُ بالهندسة أولاً؛
ألهمهُ رسمُها واجتذبه تناسقها واستوقفه تركيبها قبل أن يعرف عنها شيئا، فحمّلها الراغب في استهلاكها وامتلاكها أقدسَ ما يتصوّرُ وأودعها أعلى ما يتمثّل معنى، وصارت الأشكالُ غير الأشكال وحدها، أصناما وراياتٍ وأعلاما ورموزا شفّرَ فيها هويته لتتحدث عنهُ هو وحدهُ.

ودرسَها الراغب في حقيقتها وبذل لها من المعنى معنى وأوجد لها قيمًا رياضيّة وأفردها بأسماءٍ ومفاتيح لأغلاقها، ففتح اللّه له في المعرفة بها عالما لا سقف لهُ ولا قاع، أينما اتجه فيه وجد له اتساعا وسبلاً، وصارت الأشكال والتراكيب لغةً عجبا لها مزاجها الخاص لا تنطق إلا عن نفسها، فتُخبر نفسُها عن اللّٰه.

#في_البلاغة_الرياضية #أرأيت

الأرض، من حيثُ أنها أرضٌ؛ ترابٌ يُسقى فينبتُ وجاذبيةٌ تسحبُ ومتسعٌ تسعى عليهِ قدمٌ وأشياء أخرى لمآرب أخرى. لا تباين فيها ولا اختلاف. اللهم إلا بما تجودُ بهِ من الخيرات وتعطيهِ. وذلك في الدنيا ذو شأنٍ ليس بهيّنٍ، ولكنه لا يبلغ حد القداسة. والأرض به وحده لا تكون أقدسَ في مواضع معينة دون غيرها، ففي كل أرضٍ خيرٌ. والأرضُ لا بد تخرجُ خيرَها لِمن أحبَّها.

ولكن الأرضَ من حيثُ هي انتماءٌ، أهلٌ تحبهم ويحبونك وذاكرةٌ تسردك وتترجم ذاتك. من حيثُ هي حُبٌّ؛ هي المُقدّسةُ، فلما كانت مكة بقعا من بقاع الأرض المقدسة، فلحبّ محمدٍ ﷺ لها. { قدْ نرَى تَقَلُّبَ وجْهِكَ في السَّمَاءِ، فٙلٙنُوٙلِّيٙنّٙك قِبْلـةً ترْضَاهَا }. اكراما من اللّٰه لقلبِهِ. ولما كانت القدسُ بقعا من بقاع اللّٰه المقدسة فلحبِّ أهلها. ولفداءِ أهلها. ولا أرى أرضا ارتوت بدماءِ من أوتْ وأسكنت على مر تاريخ الانسانيّة كأرضِ فلسطين.

1 محرم 1446 هـ
#أرأيت

هناك لغزٌ كامنٌ في انجذابِك لِبئرٍ رميتَ بها حجرًا تترصَّدُ بكُليةِ حواسِّكَ صوتَ ارتطامه بصفحةِ الماءِ. أو ربما لتضاريسِ فضاءٍ أطلقتَ على جُدرانه نداءً تحبسُ أنفاسك حتى تسمعَ رجعَ صداهُ.
هذه المواقفُ التي لطالما كان مسرحها المحيط والطبيعة والتي تجعلُنا للحظاتٍ نلتمِسُ سِحرًا كامنا في الوجود، كثيرة لا يدركها الحصرُ : لكنني أؤمنُ أنَّ ذاتَ الدهشة مُركزَةً ومضاعفة بمرات تحدُثُ، حينما يُفاجِأنا الآخرون برجعِ صدًى يتناغمُ تماما مع ما شاركناهم إياه، كخاطِرٍ أطلقناهُ على حينِ غرةٍ فاحتبسَ وارتدَّ.

#لحون
#أرأيت

لكل علاقةٍ تُطرح على الناس بين اثنَيْنِ، بسيطةً أو مُركبةً كانت، تزامُنيّةً أو وضعيَّةً كانت، ظِلالٌ نفسيّةٌ بوجدانِ الناس. ما يبدو أنه يطغى فيهم بعد ذلك ليس تحليلهم للعلاقة وتفكيكهم لعناصرها وفهمهم لها، ولكن الظّلالَ المُسقطة.

#أرأيت

لم تطلب منكَ الحياةُ شيئا ثقيلاً في الحقيقة.. ولا تطالبك سُنونك بالكثيرِ مقابل ما تعيشهُ.. كل ما في الأمرِ أنَّ الكونَ يحبُّ من يكونُ فيهِ إليهِ مُنتبِهًا، من وهو في جلِّ سعيِهِ، برا وبحرا، شمالا وجنوبا كأنما هو جالسٌ ثابتٌ لا يتحرك في نقطةِ مركزِهِ، يحيطُ بكل شيءٍ التفاتا كما قد سبق وأحاطهُ كل شيءٍ وُجودًا. عقدٌ مقدسٌ بينك وبينَ العالم، مضمونهُ تماما كالذي يريدُ المدرس من تلاميذهِ في قاعة الدرس..
لم تطلب منك الحياةُ في كل دروبها ومسالكها غيرَ الانتباهِ. لا شيء غير الانتِباه صدقا. أن تُعمل فيها سمعك فلا يذهبَ سمعك سُدى وتعمل فيها نظرك فلا يذهب نظرُك سُدًى وتُعمل فيها عقلك فلا يعيَى عقلُك بك ولا تشقى أنتَ بهِ.

ألا ترى معي إقرأ المُنزلة بوضوحٍ هنا. أن تقرأ باسم ربك في ملكوتِ ربك. "إقرأ" هذه ليست عملا ينفَّذُ يوما ثم ينقضي، هذه حالٌ مُتّصلةٌ لا منقطعة، حالُ من علم أن الكونَ كتابُ الله المنظورُ وأنهُ كتابٌ عظيم مفتوح أمامهُ ومن أجلهِ. وأنهُ مُكلف بالقراءة، بل ومولودٌ للقراءة. كل ذرة خلقها الله تساعده على ذلك وتحثهُ ومع ذلك هو لها يُسرِفُ ويُهدِرُ. ثم هو لا يقرأ إلا شيئا يسيرًا.

#إقرأ
#آية #سنن #أرأيت

لمَ يشقُّ المرءُ فينا طريقهُ في الدُّنيا لا يلتفتُ إلا لحرمانه؟ ولا يبصِرُ الأشياء إلا من منظارِ حرمانهِ؟ وكأنَّ الالتفاتَ والنظرَ لا يكونُ إلا في ذلك الباب؟ أو كأنَّ اللّٰه لم يجعلْ ما هو أحقُّ بإبصارنا؟

#أرأيت

لأن مشيئة اللّٰهِ النافذةَ فيكَ، نفذت فاخترقت بك الحجب لا إليكَ ولا إلى شيءٍ إلا إليهِ، لأن ما شاءهُ الرب لك من بصرٍ وما دبرهُ فيك من هندسة نظرٍ شاءت إلهها لها مشهدا ومنظورا. وما كتب فيك من قصدٍ اختار ربه مقصودًا. وما شاءَ وضعه في عينيك من دوائرٍ وضعتهُ مركزها ومحل نواتها.

وما دبر من تناظرٍ وتماثل وتشابهٍ يهوى أن يجعل خالقه محوره ويصوغ منه مثالهُ ومُثُلَهُ. ولأنّ حلقاتِ عقلك ووصلاته وكهرباءه كلها تجري في إدراك جلاله وتحري ذكره وأثره وذاته العظيمة.
لأن المدبَّرَ جميعَهُ، جميعُهُ يتدبرُ. وتتخذ عندهُ الأشياءُ تراتيبها المقدرة، وتتم معهُ بلاغَ مقاصدها. لهذا وحسب، فإن العاديَّ المُتعوَّدَ عندكَ خوارقُ عندهم.

#أرأيت
#جدوى