أرأيتَ ثمَّ رَأَيْتَ
266 subscribers
1.06K photos
9 videos
2 files
85 links
شيءٌ يحتاجُ إرجاعَ البَصَرِ، وإرجاعَ الفهمِ كرّة وكرّتينِ.. كما هو نتاجُ ذلكـ.
Download Telegram
وكأني بالزَّمنِ في مرحلةٍ مّا، يُدِينُني من العافيةِ نصيبًا..
ثم إذ به، ودون استئذانٍ، أو سابقِ إنذارٍ
يأتي ليسترجع دَيْنَهُ.
كُلّهُ! دُفعةً واحدةً..

ويسحَب النُّور من فُؤَادي ثُقبُهُ الأسودُ …
فأعودَ إلى الظَّلامِ السَّابق

كأن لم أكن تحتَ النُّورِ،
كأنْ لا قِبْل لي بالنُّورِ،

فيبدو كل شيء أحلك مما كان يومًا عليه، قاتما نقيّ السواد!

كأنما أعطاني شيئا، آمنتُ به،
ثم استعادهُ في رفة عينٍ،

فهان في عينيَّ كُل شيءٍ.

الحقيقة، بعد هذا المسير الطويل،
وبعد تراجُعِ الزّبدِ واستقرار ما ينفع.
مع تمام حركةِ موج الزمنِ المكر المفرِّ، ولعبة المنعِ والعطاء الخشنة،

والإقبال والإدبار:
حاملا ما أقبل به معه، ساحِبًا ما أقبل به معه.

الحقيقة، التي استقرّت، بعد كل هذا المسير،

التي تعلمتها من ربي في لحظة صفاءٍ وتدبر واستماعٍ.

هي أن ما استدنتُ بُرهةً ليس إلا قَبسًا أستنيرُ به زمنًا لأرى الطّريق،

لئلا أضلّ أو تطول بيَ الغفلةُ،

أما وقد خبرتُ اتجاهها فلا يضيرني انطفاءُ النُّور،

والحُبُّ والصدقُ والجمالُ والطيبُ وما يؤمنُ بهِ المؤمنون،
في فؤادي،
مُخبّـــأٌ مُدَّخرٌ،
لأنيرهُ من ذاتي
وهي تسعى إليكَ خالِقي..

ينبثقُ نورا من احتكاك خطوي بأرض هذه الطريقِ المباركة.

أصنعُهُ، لأدُلَّ البشر على حُبِّك أنتَ!

أصوغُهُ، لأكون منارة أحدٍ ما.

ويهونُ عليّ كل شيءٍ مادام خطوا في سبيلك، مادام سيرا في طريقٍ أنت وجهتها. ما دام يُعمق معرفتي بك، ما دمتُ في نهايته أقرب إليك شِبرًا.

كلُّ فقدٍ، كلُّ رحيلٍ، كلُّ هجرٍ.
يهونُ.

#حديث_الزمن
Forwarded from أرأيتَ ثمَّ رَأَيْتَ (منالـ الشعباني)
خوفُ الانتظارِ :
كان سيفًا يشطِرُ روحي شطرينِ،
كنت أفزَعُ، وتتلاطمُ الكلماتُ والأفكارُ بين لساني وعقلي، وأئنُّ أنينًا يهبطُ بأركانِ روحي إلى أسفل سافلينَ؛ فأتوسَّلُ الفقيرَ وأشتكي إليه غنايَ وأتذوقُ مرارة المذلة ..
أما الآن وإذا ما دقّت ساعة الانتظارِ، خشعت جوارحي لارتجافة القلبِ،
وما عُدتُ أشعر بحاجةٍ لأي وزنٍ زائدٍ يثقلُ انتظاري، فأزهدُ في الكلماتِ وأصمتُ، ومع أن الخوف نفسهُ يراودني، ووعيي باحتمالاتِ الجحيم قد بات واسعًاَ، وخيالي الذي اختبر الوجع صار أخبر بهِ من ذي قبلٍ .. مع هذا أنا لا أخرقُ السكوتَ، أنتظِرُ حيثُما يجِبُ عليّ الانتظارُ، وأخافُ الله في نفسي، بيقينِ من جرب البدايات والنهايات مرارًا ..

الصورة بعدسة Fluvio Roiter - التقطت في سواحل تونس

#حديث_الزمن
#من_وحي_صورة
#انتظار
#في_استنطاق_الخوف
لقد مررتُ من ضِفَّة شُعور أنني كنتُ دائمًا أُعطي “أكثرَ مِما ينبغي” إلى ضفّة شعور أنني “مهما حاولتُ فلن يكون بذلي وعطائي كافِيًا”..

ومن شعورِ أنني بالغتُ في تقديرِ القيمة إلى شعورِ أنني لن أتمكَّن يومًا من إدراكِ عظمة القيمة ...

كِلاَ الشُّعوريْنِ بغيضٌ،
لكنَّ الثاني حتما أجملُ.

#حديث_الزمن
عن جهدِ التجاربِ وآثارها؛

هناك مِن الأدواتِ البشريّةِ آلاتٌ عظيمة نُعمِلُها في مواقعِ بناءِ النفسِ،

نمرُّ بما يزلزلُ الأُسُسَ ويهدّدُ أمنها في أزمنةٍ نَحــنُ فيها أمامَ اضطرارِ هدْمٍ في سبيلِ الإنشاءِ من جديد..

فإذا تمّت لنا النُّقلةُ بتمامِ البناء،
وآن لنا من بعد مشقّةٍ زمانُ سكونِِ،

غفلْنَا عن الآلاتِ
وقد تمكَّنت منّا وحُفِرت أوامِرُ اشتِغالهَا سِلسِلةً عميقة في بواطننا:

فما كانَ مِنها 'شكا بنّاءً' في مراحل التّشييدِ تراهُ يستحيلُ شكا هدّاماً لا يُبقي ولا يذرُ
فلا يعودُ يستقرُّ بصاحبه الحالُ في مراسيّ اليقين التي كان يهنأُ بها!

وما كان منها 'وعيًا وفِطنة'ً بنواقصِ البناءِ السابقةِ يصبحُ نزعةً مَرَضيّة في البحثِ ليس فقط عن كلّ الثُّغورِ الممكنة حاضرا بل وعن كلّ إحتمالات الثغور المستقبليّة أيضًا..

وتتحوّلُ ماكينةُ 'إعادة صياغة المفاهيم' إلى وحشٍ صامتٍ يلتهِمُ أُسسَ البناءِ ذاتها، يترصّدُ وينقضُّ في سلسلة مفرغةٍ من التهشيمِ والتّدويرِ لا غاية لها سوى إعادة الصياغة نفسها!

تتضخَّمُ الماكينةُ ويشتدُّ عودها في كلّ دَورةٍ، كالعُضوِ الذي زادَ قدرُ نشاطه عن الحدّ الطبيعيّ ليختلّ بهِ تناسُقُ الجسدِ؛

فلا يستكينُ البناءُ ولا تستقرُّ على تضاريسهِ المُرتَجّةِ حمـــائِمُ سلامٍ..

فهل رأيتَ ما كانَ يومًا أداة قوّةٍ وعلامةً على سلامة النّفس وعافيتها، قد باتَ عُشًّا لشياطينِ الخوفِ والتردُّدِ والانهزامِ قبل خوض المعاركِ!

#حديث_الزمن
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ما تصنعه يصنعك. وما تفعلُ فيهِ بالمثلِ يفعلُ فيكَ. وما استغرقتُ أكتبُهُ على مر السنين أعمَرَ قلبي وعقلي بالكثيرِ الجميل، وأصلح لي من شأني قدرا لا يستهانُ به، وأنبتَ ثمارًا جنيتها وفتحَ في السماء ألف سبيلٍ.. أصبحت لي أوتادي التي تثبِّتُني وتضمنُ تماسُك بُنياني، وأصبحت لي ذاكرتِي الذَّكية التي تنسى ما يجب أن يُنسى وتحتبسُ الثمينَ من الدرس والتجربة. الزبدُ ذهبَ جُفاءً وبقي ما ينفعُ.

#حديث_الزمن
قيلت لي في أعوامي الخمس والعشرين أشياء كثيرة، سيئة وجيدة، لم أشعر يوما الحاجة لتصديقها كلها. ولم تخامرني يوما الرغبة في الرد عليها كلها.. أراه طموحا بعيدا وطاقة مهدورة: خص الله البشر بقدرات كثيرة جدا، ومن أهمها أنهم يتكلمون.

#حديث_الزمن
إيمانك الأقوى، وإيجابيتك التي تتحدى كل الاحتمالات بالفشل، وكل الفشل الذي وقع بالفعل، التي تخبرك أن الممكن ممكن وسيبقى ممكنا، وأن النور في آخر الطريق لا يطفئه شيء، وأن الخير باق، والانهزامية بلا جدوى.. هذا الإيمان الذي يعذبك حينما يبدو الاستسلامُ أسهلَ ومُسايرةُ التيار أيسرَ من معاكسته ويجعلك تكرر المحاولة وتعاند البشر وأعرافهم وطقوسهم ورؤاهم الضيقة المحدودة. أحيانا حمله يشق عليك، تشعر بأنك تتمزق فقط لأنك ماتزال تحافظ عليه. ينتابك ألف شك في نفسك ولا ترتاب فيهِ يومًا. هذا الإيمان الذي أتعبك ولكنه ما يزال ملحا نقيًّا عنيدا كأول يومٍ، باق هو هو حتى وأنت في أوج التعب.. هذا أقوى ما قد يصوغه فكرك وقلبك وعقلك جميعا وأمتن ما قد تنسجه روحك على الإطلاق. هذا الإيمان يُصاغُ ليكون سلاحك الأصدق.

#حديث_الزمن
#إيمان
يومَ كانَت لهم أجسادٌ ثابتةٌ قويةٌ كالأوتادِ، وكنا نرى بعينِ الإيمانِ فينا أننا لو انجرف من تحت أرجلنا التراب أو مادت بنا الأرضُ لُذنا بهم فثبتونا. ويوم كانت لهم قاماتٌ طويلةٌ وكنا نراها تقطفُ بيسرٍ أمنياتنا المودعة في السماءِ.. ويومَ كانوا أصواتا دافئةً تهدهدنا بالحضورِ وأكثر منها أثناء الغيابِ، ننصتُ إليهم بخشوعٍ وحسبُ، فتسكنُ كلُّ جلبةٍ في الأرضِ..

ويومَ صاروا أشباحًا فلا جسدَ يُجيرُ ولا قامةً تتطاولُ ولا صوتٌ يؤنسُ.. أشياء شفافة عائمةٌ تلوحُ حينًا فيلبسُ القلبَ شيءٌ أشبهُ بالفزعِ، ويوحى للعقلِ أمرٌ أقربُ للاستِخفافِ!

#شكوى
#حديث_الزمن
Forwarded from أرأيتَ ثمَّ رَأَيْتَ (منالـ الشعباني)
وكأني بالزَّمنِ في مرحلةٍ مّا، يُدِينُني من العافيةِ نصيبًا..
ثم إذ به، ودون استئذانٍ، أو سابقِ إنذارٍ
يأتي ليسترجع دَيْنَهُ.
كُلّهُ! دُفعةً واحدةً..

ويسحَب النُّور من فُؤَادي ثُقبُهُ الأسودُ …
فأعودَ إلى الظَّلامِ السَّابق

كأن لم أكن تحتَ النُّورِ،
كأنْ لا قِبْل لي بالنُّورِ،

فيبدو كل شيء أحلك مما كان يومًا عليه، قاتما نقيّ السواد!

كأنما أعطاني شيئا، آمنتُ به،
ثم استعادهُ في رفة عينٍ،

فهان في عينيَّ كُل شيءٍ.

الحقيقة، بعد هذا المسير الطويل،
وبعد تراجُعِ الزّبدِ واستقرار ما ينفع.
مع تمام حركةِ موج الزمنِ المكر المفرِّ، ولعبة المنعِ والعطاء الخشنة،

والإقبال والإدبار:
حاملا ما أقبل به معه، ساحِبًا ما أقبل به معه.

الحقيقة، التي استقرّت، بعد كل هذا المسير،

التي تعلمتها من ربي في لحظة صفاءٍ وتدبر واستماعٍ.

هي أن ما استدنتُ بُرهةً ليس إلا قَبسًا أستنيرُ به زمنًا لأرى الطّريق،

لئلا أضلّ أو تطول بيَ الغفلةُ،

أما وقد خبرتُ اتجاهها فلا يضيرني انطفاءُ النُّور،

والحُبُّ والصدقُ والجمالُ والطيبُ وما يؤمنُ بهِ المؤمنون،
في فؤادي،
مُخبّـــأٌ مُدَّخرٌ،
لأنيرهُ من ذاتي
وهي تسعى إليكَ خالِقي..

ينبثقُ نورا من احتكاك خطوي بأرض هذه الطريقِ المباركة.

أصنعُهُ، لأدُلَّ البشر على حُبِّك أنتَ!

أصوغُهُ، لأكون منارة أحدٍ ما.

ويهونُ عليّ كل شيءٍ مادام خطوا في سبيلك، مادام سيرا في طريقٍ أنت وجهتها. ما دام يُعمق معرفتي بك، ما دمتُ في نهايته أقرب إليك شِبرًا.

كلُّ فقدٍ، كلُّ رحيلٍ، كلُّ هجرٍ.
يهونُ.

#حديث_الزمن
فلما صيرت تجاربنا لونا من كل حال، وتقلبنا في اليُسر حينينِ وفي العسر حينًا.. صارا جُلوسًا بداخلنا، حبانِ متقابلان، حب للبكاء، إذا هو جاء وحب للضحك إذا هو جاء. وعلى كل حال فما عادَ ينزل فينا شعورٌ إلا وجد أهل البيتِ أكرمينَ.

ولما كان حبنا الضحكَ حبا مندفعًا متنعما ثرثارا يخاتلهُ الطيشُ ويحدوه زهو الطفولة فإن حبنا البكاءَ حبٌّ صامتٌ رصينٌ، غني بذاته عن التكلف، لطيف ومتفهم وطيّبٌ. يضمّ نفسهُ بنفسه، ويلبي الطلبَ إذا هي احتاجت، ويترفقُ بها ويرثي لها.

الأول حبُّ متنعمٍ ممتن
والثاني حبُّ مُنعمٍ متفضلِ.

الأول حبُّ استقبالٍ واستلامٍ
والثاني حبُّ عطاء وبذلٍ.

الأولُ حبّ قلبٍ فتي
والثاني حبُّ عقلٍ حكيمٍ.

#حديث_الزمن
علمني القلمُ الشجاعة.

وأن أقف
ويكون الحرفُ، وحدهُ، ساقيّ وعمودي واستقامَتِي.
علمني الوقوف سواء وقفتُ وحيدة أو وجدتُ واقفًا معي.
وأن أظهر، بالفكرة وحدهَا، أمام جمهور مجهول الأوصاف والسمات. غامضِ العددِ مغمُور الحَدِّ.
علمني الحرفُ أن الصوتَ واحد، والموت واحد، والله واحد.

#حديث_الزمن
#جدوى
من الحكمة أن يكونَ عند المرء إدراكٌ يقضٌ بموقعه من العالم.. فإذا كان وحيدًا في الزحامِ، غريبًا عن العالمين علمت نفسه ذلك وأسلمت بهِ دونَ توجعٍ مفرطٍ أوتبرُّمٍ ساذج. من الحكمة ألا يُوهم الإنسانُ نفسهُ.. وأن يتخلّى عن أوهامه متى ظهر له وجه الحقيقةِ دونما مواربة، وأن يحفظ معناهُ في صدرِهِ.. ويكونَ في أزمنة الغياب أنس نفسهِ. صدق المعري حين قال؛ أنا جاهل إلا بأمر واحدٍ، ما عالمي هذا بأهلِ تأنُّس..

#حديث_الزمن
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أن يكون لدي شيءٌ بعينهِ، واحدٌ، لست أتيقنه، أؤجل قطع شكه بيقينه إشفاقًا أو خوفا، عمدا أو عن غير عمدٍ.. هذا كفيل بأن يحبس عني الكتابة جميعًا لأشهرٍ!

#حديث_الزمن
#في_استنطاق_الداء
غادر الجميع، تركونا والمعنى، نحدق فيه آسفينَ ويحوِّمُ حولنا، نقيا، جميلا، صافيا، كما أول يومٍ، باق حولنا.

وعلى الرغم من هذا الارتفاع، لم تعد "سنصعد هذا الجبل" شيئا دقيقا، تركونا والجبل، يقول حالهم معنا اذا شئت فاصعد أو تشبث وضل معلقا أو فليبتلعك المهوى ولتهشمك المسافة، ذاك شأنك، أما نحن فما عُدنا نشاء!

ولكن، على الرغم من كل شيء "سنصعدُ هذا الجبل، لأن المعنى فينا شاهق كالجبل، سأصعدُ هذا الجبل!" وهناك، في القمة، لن يكون الجبلُ جبلا، سنكون نحنُ الجبل: حجارته وسماءه ونسيمهُ والنُّجومَ،
سنكونُ التحدي والتعب والمنالَ، وهناك على القمة سنفهم أن الأوتادَ نحنُ، وتثبتُ بأمثالنا أرض السافلين، وأن لنا في صعودنا أشباها سابِقينَ سبّاقينَ، وأنهم هم الجَبلُ أيضا.

في نقطة الوصولِ نكتشفُ أن المرتفع الذي يدير الرؤوسَ ليس إلا نحنُ، والتضاريس التي تصرفُ من لا صبر له على رفعة أمره لم تنحت على الجبل وإنما حُفرت عميقا في جيناتنا، في عقولنا وذرات التكوينِ فينا، وأن معادلات الوصول كلها تغيرت لتساويَنا.

#حديث_الزمن
Forwarded from أرأيتَ ثمَّ رَأَيْتَ (منالـ الشعباني)
عن جهدِ التجاربِ وآثارها؛

هناك مِن الأدواتِ البشريّةِ آلاتٌ عظيمة نُعمِلُها في مواقعِ بناءِ النفسِ،

نمرُّ بما يزلزلُ الأُسُسَ ويهدّدُ أمنها في أزمنةٍ نَحــنُ فيها أمامَ اضطرارِ هدْمٍ في سبيلِ الإنشاءِ من جديد..

فإذا تمّت لنا النُّقلةُ بتمامِ البناء،
وآن لنا من بعد مشقّةٍ زمانُ سكونِِ،

غفلْنَا عن الآلاتِ
وقد تمكَّنت منّا وحُفِرت أوامِرُ اشتِغالهَا سِلسِلةً عميقة في بواطننا:

فما كانَ مِنها 'شكا بنّاءً' في مراحل التّشييدِ تراهُ يستحيلُ شكا هدّاماً لا يُبقي ولا يذرُ
فلا يعودُ يستقرُّ بصاحبه الحالُ في مراسيّ اليقين التي كان يهنأُ بها!

وما كان منها 'وعيًا وفِطنة'ً بنواقصِ البناءِ السابقةِ يصبحُ نزعةً مَرَضيّة في البحثِ ليس فقط عن كلّ الثُّغورِ الممكنة حاضرا بل وعن كلّ إحتمالات الثغور المستقبليّة أيضًا..

وتتحوّلُ ماكينةُ 'إعادة صياغة المفاهيم' إلى وحشٍ صامتٍ يلتهِمُ أُسسَ البناءِ ذاتها، يترصّدُ وينقضُّ في سلسلة مفرغةٍ من التهشيمِ والتّدويرِ لا غاية لها سوى إعادة الصياغة نفسها!

تتضخَّمُ الماكينةُ ويشتدُّ عودها في كلّ دَورةٍ، كالعُضوِ الذي زادَ قدرُ نشاطه عن الحدّ الطبيعيّ ليختلّ بهِ تناسُقُ الجسدِ؛

فلا يستكينُ البناءُ ولا تستقرُّ على تضاريسهِ المُرتَجّةِ حمـــائِمُ سلامٍ..

فهل رأيتَ ما كانَ يومًا أداة قوّةٍ وعلامةً على سلامة النّفس وعافيتها، قد باتَ عُشًّا لشياطينِ الخوفِ والتردُّدِ والانهزامِ قبل خوض المعاركِ!

#حديث_الزمن
وإنني كلما أبحرتُ في مغامرِ الكون على شراع فكرةٍ، ذهلتُ عن نفسي، وعن اسمي وما أفعل ومن أجاورُ وأين أقفُ.

وكنتُ إلى زمن قريبٍ أخالها حال الجميع إذا ما حملتهم الأفكارُ على ظهرها.

#حديث_الزمن
أتدري معنى أن تختلي أخيرا بنفسك، وتنصرفَ عن الآخرين لتعود لذاتك، فترى في ذلك سبيلا إليك، ودعوة منك إليك، وتستبشر كما كنت تستبشر بعد كل حصادٍ، وتتسائل كما كنت تتسائل بعد كل تجربة وكل اغتراب مؤقت؛ والآن، وبعد كل ذلك وبعيدا عن كل ذلك، من أنا؟ ولا تجدَ بين أجوبتك القديمة جوابا يصدُقكَ كما اعتدتَ، وتنتبهَ إلى شيء واحدٍ حقيقيّ، إلى رغبة واحدة صادقة. رغبةٌ في بكاء.. وأن ذلك، كل ما أنت، بعد كل ذلك، بعيدا عن كل ذلك!
...
هناك أشياء نُريدُها حقيقية. وإن كان ثمنُ ذلك وآيتهُ فينا تعبًا مُقيمًا، يبشرنا بصدقِ ما كان منها حمدنا اللّٰه عليهِ.

#حديث_الزمن
هناك عاداتٌ لا واعية، وردود فعل لا أعلم أين اكتسبتها، ولا متى تسربت وانحبست بداخلي لتطفو على السطح دون سابق إنذارٍ متى آن لها الخروج. عادات كدروع المحاربين، تلفني في مواقف الخطرِ والفجأة الخاطفة وتلف قلبي فلا يمسهُ روعٌ ولا يلتاث بسوءٍ، توقضُ عقلي فيكتسب صفاءً طارئا عجيبا. وأعلم جيدا أنني لم أرثها عن أحد لأنني لم أرها في أحد من أهلي وخاصتي من قبلُ، على الأقل ليس بصيغتها التي تكونت عندي. لا أملك إلا أن أحمد الله عليها وأسأله أن يبارك فيها ويسلم بها سري كما سلم جهري. ويطهر بها ولها فؤادي ويرزقني إحسانا في الفعل والقول.

#حديث_الزمن