أَبُو عُمَيْر - عِمْرَان الزُبَيْدي
13K subscribers
451 photos
175 videos
18 files
260 links
اثبتوا فالحق جلي
Download Telegram
مظنّة العبد أنّ الصلاح لا يكون إلا بدوام الحماس والشغف في أداء العبادات مهلكة تجره إلى الانتكاس والقنوط!.

عليك أن تدرك أنه لا يوجد إنسان على ظهر البسيطة مهما بلغ صلاحه يُقبل إلى الطاعات والذِكر والعبادات بنفس الوتيرة طوال حياته، هذا محال؛ بل هو معاكس لطبيعة النفس البشرية الملولة!.

فلو كان الأمر كذلك؛ ففي أي شيء تكون مجاهدة النفس؟!.

جهاد النفس لا يكون فقط في ترك الذنوب والمعاصي؛ بل حتى في المحافظة على الفرائض والأذكار والنوافل.

فكما أنك تشدّ نفسك دون الإقبال إلى المحرمات؛ فكذلك افعل معها وجرّها إلى الطاعات إذا ما تقاعست.

فلا تخف ولا تحزن إذا ما شعرت بالفتور والبرود وضعف الهمّة، ولكن إياك أن تستسلم لهذه الأحاسيس واعلم أنها وقتية زائلة مع الدعاء والتضرع إلى الله تبارك وتعالى.

يقول الله تبارك وتعالى وقوله الصدق: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)

والحمد لله رب العالمين.
القرآن الكريم لا يكتسب قدسيته من وجود ملياري مسلم يؤمنون به.

قدسية القرآن مستمدّة من كونه كلام الله تبارك وتعالى، كلامٌ تكلّم به سبحانه بصوته وأنزله إلى نبيّه ﷺ، فهو في ذاته مقدّس لأنه من آثار صفة الله تبارك وتعالى، صفة الكلام.

فلو لم يؤمن بهذا الكتاب ولا إنسان على وجه الأرض فسيبقى القرآن مقدّسَا!.

أدري بأنّ من ربط قدسية القرآن بعدد المؤمنين به يعرف هذا الكلام، وربما بعضهم لم يقصد ربط قدسية القرآن بعدد المؤمنين به، ولكن هذا أمر وجب التنبيه إليه لأنني رأيته كثيرًا في استنكار الفضلاء على فعل ذاك النـ (ج) س، خاصة في هذا الزمن الذي ظنّ فيه الإنسان أنّ كل ما يهتم به هو أو يتعلق به أو يخصه فهو مقدس لهذا الداعي، داعي مركزية الإنسان ومشاعر الإنسان وأفكار الإنسان.

واللهم العن كل من أساء لكتابك العزيز في الدنيا قبل الآخرة.
يا أخي صلّوا على النبي ﷺ برويّة في مقاطعكم، والله شيء مستفز!.

يعني والله هذا من سوء الأدب أن تذكر النبي ﷺ ثم تقول: صلعسلم!.

الصلاة والسلام على رسول الله عبادة فأدّوها كما ينبغي حتى لو تكرر الأمر ألف ألف مرة!.
فضفضة:

كفاكم افتراءً وفجورًا في الخصومة!.
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
#هل_كان_السلف_يفوضون_صفات_الله؟ (1).

الحمد لله وبعد ....

تكرر عليّ سؤال بعض الأخوة عن حقيقة كلام الجهمية الأشعرية -أخزاهم الله- في أنّ منهجهم المنحرف الكفري الضال في تفويض صفات ربّ البرية هو منهج السلف؛ فارتأيت أن أكتب سلسلة من المقالات لنناقش فيها هذه المسألة بشيء من التأصيل والتفصيل، ورغم أنني لا أحب طرح أي موضوع على شكل منشورات متفرقة، ولكن هذه المرة استثناء لطول الكلام فيه، وحتى لا يمل القارئ من طول المقال.

فأقول مستعينًا بساكن السماء جلّ في علاه:

بدايةً، لمن لا يعلم معنى تفويض الصفات فهو باختصار:

تفريغ الألفاظ من معانيها، وتفويض المراد من اللفظ إلى الله تعالى.

بمعنى:

يقول ربنا سبحانه وتعالى: "الرحمن على العرش استوى".

فيأتي الجهمية الأشعرية ويقولون: أنّ "استوى" صفة لله ولكن لا علم لنا بمعناها، فنثبت اللفظ فحسب بدون معنى، ونفوّض معناها إلى الله فهو وحده يعلم معنى هذه الكلمة أو ما أراده منها.

___

حسنًا أنا أدري بأنّ الكثيرين ينتظرون أن أسرد لهم آثار السلف -رضوان الله عليهم- التي تثبت بلا ريب أنهم لم يكونوا مفوّضة، وأنا سأفعل ذلك إن شاء الله، ولكن قبل ذلك علينا أن نعي حقيقة منهج التفويض، ونبيّن مدى حمق وتهافت وخطر هذا المنهج المنحرف، وندمره من أصوله بإذن الله، وسيكون ذلك عبر عدة محاور:

* المحور الأول: لوازم هذا المنهج الضال.

الاعتقاد بتفويض الصفات يلزم منه عدة أمور لا تنفك عنه بأي حال، وهذه اللوازم من القباحة والشناعة بمكان، ومنها:

1- نسبة العبث إلى الله تبارك وتعالى!.

هذا المنهج الكفري يقتضي أنّ الرب سبحانه وتعالى قد خاطب عباده بما لا يفهمون ثمّ كلّفهم بما لا يقدرون على تدبر ما لا يعقلون!.

فنحن هنا نتحدث عن عشرات إن لم تكن مئات الآيات والأحاديث التي فيها آخبار الصفات، وهنا علينا أن نركز على أمر مهم يا أخوة، المسألة لا تتعلق بتعطيل معنى كلمة دالة على صفة من صفات الله تعالى؛ بل الأمر يتعدى إلى تعطيل مدلول آيات بأكملها!.

مثال:

يقول الله سبحانه وتعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ... الآية.

أنا إذا سلكت منهج التفويض الضال وقرأت هذه الآية الكريمة فما الذي يمكنني أن أفهمه منها؟!.

الله تعالى يعلمنا في هذه الآية أنه قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثمّ حدث شيء بينه جل في علاه وبين أحد مخلوقاته، العرش، وسماه الاستواء، ولكنه -حسب كلام الجهمية المفوّضة- قد وضع هذه الكلمة ولا أحد يعرف معناها إلا هو، ومع ذلك أمرنا بتدبر هذه الآية!! فكيف سنتدبر أمرًا لا نفهم معناه؟! أساسًا ما الفائدة من أن يخبر الله تعالى بشيء قد حدث وهذا الشيء لا يمكن لأحد أن يعقل معناه؟!.

مثال آخر:

يقول الرب سبحانه وتعالى: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)

يخبر الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن عظمته وقدرته في سياق تقريع وذم المشركين الذين لم يقدروه حق قدره، فأراد الله أن يخبرنا عن شيء من مظاهر عظمته وقوته وجبروته جل في علاه.

وهنا لدينا مظهران من مظاهر عظمة الله وقوته: وضع الأرض في قبضته، وطيّ السماوات بيمينه.

فنحن أهل السنة والجماعة الذين نثبت معاني الصفات على ظاهرها نفهم هذين المظهرين ونستشعر عظمة الله من خلالهما؛ إذ أنّ الله يخبرنا بأنّ هذه الأرض وما فيها من جبال وسهول ومحيطات ونباتات ومخلوقات، وترى البشر يتناحرون عليها لبسط سلطتهم ونفوذهم فيها؛ هي كلها كحبة خردل في قبضة يده جل في علاه!!.

وهذه السماوات السبع الشاسعة الكبيرة بما فيها من كواكب ونجوم ومجرات وأجرام، والتي لا يمكن لعقولنا أن تدرك حجم سماءنا الدنيا فضلًا عن السماوات ألست التي فوقها؛ هذه كلهااااا يطويها الرب الجبار الملك بيده اليمنى كطيّ أحدنا لمجموعة من الأوراق!!.

حين تتدبر هذه المعاني ستشعر بالقشعريرة والرهبة وتدرك عظمة وقوة وجبروت من تعبد، الله سبحانه وتعالى.

أمّا الجهمي المفوّض الزنديق، فلاااا، هو يقول لك توقف! القبضة واليمين ليس لهما معنى نفهمه!!!.

وبناءّ على منهجه الضال هذا، أقرأ الآية وضع في بالك أنّ القبضة واليمين ليس لهما معنى؛ بالله عليك هل تستشعر شيء من عظمة الله؟ هل ستتمكن من فهم الآية أصلًا؟ يعني ماذا يريد الله حين يقول لي: "الأرض جميعًا قبضته يوم القيامة"؟ ما بها الأرض؟ ما الذي سيحدث لها؟ أين وجه إظهار القوة في الآية؟!.

والسماوات حين يطويها، قارن معي بين أن يقول لها سبحانه كن فتطوى، وبين أن يضعها كلها في يده اليمين ويطويهن بها! أيّ الأمرين فيه دلالة واضحة على قدر الله وقدرته وعظمته؟!.
وقس على ذلك كل آيات وأحاديث الصفات في القرآن والسنة، تخيّل أن تعاملها بالتفويض؛ بالله عليك أي عبث ينسبونه إلى الله تعالى؟ أي إساءة لرب البرية في أنه لا يقدر على مخاطبة عباده في وصف نفسه لهم بما لا يفهمونه؟! إجرام والله إجرام!.

نحن إذا قلنا لإنسان صف نفسك ولم يقدر على ذلك بوضوح؛ وصفناه بضعف الشخصية والعجز عن التعبير؛ فكيف بالله سبحانه وتعالى الذي بناء على منهجهم لم يصف نفسه لعباده بشيء مفهوم من الأصل! قاتلهم الله أنّى يؤفكون.

2- نسبة الجهل إلى رسول الله ﷺ!.

وفق هذا المنهج الكفري فإنّ النبي ﷺ كان جاهلًا -وحاشاه- بصفات ربه الذي اصطفاه ليكون نبيّه ورسوله للعالمين، فرسول الله ﷺ لا يعلم معاني هذه الصفات ولا يدرك مراد الله منها وهو الموحى إليه من ربه تبارك وتعالى؛ إذ أنه لو كان يعلم مراد الله منها لأعلمنا بذلك، كيف لا وهو الذي علّم صحابته رضوان الله عليهم كيف يتعاملون مع الخراءة؛ فكيف لا يعلمهم عن أسمى وأعظم المطالب والمقاصد، معرفة معبودهم جل في علاه؟!.

3- أنّ النبيّ ﷺ كتم الحق!.

فلو أعترض معارض لينزه النبي ﷺ عن الجهل وفقًا لمنهجه الضال؛ فعليه أن يقر بأنّ النبيّ ﷺ كان يعلم بمعاني الصفات ومراد الله تعالى منها، وهذا يعني أنه قد كتم تلك المعاني ومراد الله عن المسلمين!.

4- أنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على ضلال وأنّ النبي ﷺ قد أقرهم على ضلالهم!.

فالناظر في الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم سيرى بما لا يدع مجالًا للشك أنّ الصحابة رضوان الله عليهم قد كانوا يؤمنون بنصوص الصفات على ظاهر معناها -كما سيأتي في ما هو قادم من هذه السلسلة- ومع ذلك النبيّ ﷺ لم ينكر عليهم؛ بل أقرهم على ذلك وفعل أمورًا تؤيد فهمهم الباطل كما سيأتي فيما هو قادم.

وهذا اللازم القبيح قد أقر به إمام من أئمتهم، سلطاااااان العلماء العز بن عبد السلام! حيث قال:

"إِنَّ اعْتِقَادَ مَوْجُودٍ لَيْسَ بِمُتَحَرِّكٍ وَلَا سَاكِنٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعَالَمِ وَلَا مُتَّصِلٍ بِهِ، وَلَا دَاخِلٍ فِيهِ وَلَا خَارِجٍ عَنْهُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى أَدِلَّةٍ صَعْبَةِ الْمُدْرَكِ عَسِرَةِ الْفَهْمِ فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا فِي حَقِّ الْعَادِي.

وَلِذَلِكَ كَانَ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– لَا يُلْزِمُ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ كَانَ يُقِرُّهُمْ عَلَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا انْفِكَاكَ لَهُمْ عَنْهُ، وَمَا زَالَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْمُهْتَدُونَ يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْعَامَّةَ لَمْ يَقِفُوا عَلَى الْحَقِّ فِيهِ وَلَمْ يَهْتَدُوا إلَيْهِ، وَأَجْرُوا عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ … وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَامَحَهُمْ بِذَلِكَ وَعَفَا عَنْهُم لِعُسْرِ الِانْفِصَالِ مِنْهُ، لَمَا أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ … لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا عَفَا عَنْ الْمُجَسَّمَةِ لِغَلَبَةِ التَّجَسُّمِ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ جِهَةٍ “

[قواعد الأحكام في مصالح الأنام ج1 ص201]

فانظر يا رعاك الله إلى هذه الجرأة والوقاحة في حق رسول الله ﷺ، انظر كيف ينسب للنبي ﷺ إقراره لعوام الصحابة على التجسيم -وفق تعريفهم المنحرف لإثبات الصفات على ظاهرها- الذي هو عندهم كفر! انظر كيف ينسب إلى الله تبارك وتعالى أنه أودع في فطرة البشر الاعتقاد بشيء هو باطل! انظر كيف جعل من عموم المسلمين عبر القرون مجسمة ونسب إليهم الجهل بربهم وبالحق وملازمتهم للضلال!.

____

للحديث بقية، وأنا لم أبدأ بعد، فما هو قادم دسم ودامغ بإذن الله، وأنا أدري بأنّ هناك بعض الاعتراضات والشبهات على هذا الطرح قد يوردها الجهمية الأشعرية ونحوهم، كل هذا ضمن حساباتي، وستجدون ما يشفي صدوركم في قادم الأيام بإذن الله..

والحمد لله رب العالمين
...............
17 - ذو الحجة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
النفسية بحاجة إلى طفل صغير لم يتجاوز العام من عمره، وتحمله بين ذراعيك في حضنك، فيمسك أنفك بأنامله الصغيرة الناعمة، وهو يردد ببراءة لا تخلو من البلاهة "با با با".
حدثنا ‌عثمان بن أبي شيبة حدثنا ‌جرير عن ‌منصور عن ‌المنهال عن ‌سعيد بن جبير عن ‌ابن عباس رضي الله عنهما قال:

«كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إنّ أباكما -أي إبراهيم ﷺ- كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عينٍ لامّة».

- صحيح البخاري.

الشيطان هنا هو شيطان الإنس والجن.

والهامة هي الحشرات والحيوانات السامة.

أعيذوا أولادكم بهذا الدعاء النبوي المبارك، فقد كان ديدن الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم.
#هل_كان_السلف_يفوضون_صفات_الله؟ (2).

الحمد لله وبعد ....

* المحور الثاني: تفويض مزيّف!.

كما تقدّم في المقال الأول؛ فإن الجهمية الأشعرية مفوّضة الصفات يزعمون أنهم يقفون من صفات الله تبارك وتعالى موقف غير العالم بمعانيها ومراد الله منها ويكلون ذلك إلى الله، ولكنّ الناظر في كلامهم يرى عكس ذلك؛ إذ أنهم يقولون بوضوح أنّنا نفوّض معاني الصفات ولكننا واثقون من أنّ ظاهر معاني الصفات ليس هو مراد الله؛ بل وقد تجرأوا على الحكم على من يثبت الصفات على ظاهر معناها بأنه مجسّم كافر، وهذا قمّة في التناقض!.

فأنت يا أيها الجهمي الزنديق على أي أساس جزمت بأنّ ظاهر الصفات ليس مراد الله وأنت أصلًا تدّعي بأنك لا تعلم مراد الله منها؟! لماذا لم تعتبر أنّ من أثبت ظاهر النصوص هو مجتهد أراد الوصول إلى مراد الله؟! كيف تحكم عليه بالكفر على شيء أنت أصلا لا تعلم معناه ثمّ تجزم بأنّ المعنى الذي أثبته ليس هو مراد الله؟! أي حمق وتناقض هذا!

قد يقول قائل: "هو حكم على من أثبت صفات الله على ظاهرها مستندًا بذلك إلى أنّ هذا المُثبت قد تقوّل على الله ما لم يقل، وادّعى معرفة مراد الله في أمرٍ غيبيّ لم يطلعنا عليه، وهذا مناط الحكم عليه بالكفر".

قلت: هذا هراء! إذ أنّ هذا الجهمي المفوّض الخبيث لا يفعل ذلك مع أخيه الجهمي المتأوّل الذي يؤول الصفات ويثبت لها معانٍ أخرى غير ظاهرها!.

فالجهمي المتأوّل يقول لك مثلًا: "اليد معناها القوّة أو القدرة أو النعمة" ثمّ لا تجد الجهمي المفوّض يرى في ذلك بأسًا!.

اماذا؟ لأنّ تفويضه مزيّف يصادر به على المطلوب، فهو لم يقل بالتفويض لأنه نزيه وورع في منهجه؛ بل لأنّ لديه حكم مسبق وهو أنّ ظاهر الصفات يستحيل أن يكون هو مراد الله، ولذلك تجد الجهمية الأشعرية يكثر في كلامهم قول: "وللسادة الأشعرية مذهبان في باب أسماء الله وصفاته: التفويض والتأويل" .... ولو حاكمت هؤلاء وفق مذاهبهم بلوازمها لوصلت إلى نتيجة حتميّة تقتضي بأنّ يُكفّر بعضهم بعضًا، وهو الذي حصل أصلًا في نقاشاتهم القديمة، ولكنهم تحالفوا وطبّعوا مع مناهجهم الفاسدة لاحقًا!.

* المحور الثالث: المفوّض في حقيقة الأمر مشبّه ابتداءً!.

وهذه النقطة بالذات تضرب منهجهم المنحرف في مقتل!.

فأنت يا أيها الجهمي المفوض كيف علمت أنّ الصفات التي فوّضتها هي صفاتٌ لله أصلًا؟! كيف علمت أنّ يد الله -مثلًا- هي صفة له سبحانه وتعالى؟ لماذا لم تعتبر هذه الكلمات -اليد، الوجه، العين-- شيء نسبه الله سبحانه وتعالى لنفسه تعظيمًا وتشريفًا كما فعل الله تعالى ذلك مع ناقة صالح (ناقة الله) أو الكعبة (بيت الله الحرام)؟! ما هذا المنهج الأعوج الأعرج الذي سرت عليه حتى تقول بأنّ هذه الألفاظ هي صفاتٌ لله وأنت أصلًا لا تثبت لها معانٍ ابتداءً؟!.

أنا أجيبك يا أيها الجهمي الجاهل:

أنت يا أيها الجهمي أثبت نصوص الصفات على ظاهرها شعرت أو لم تشعر، ففهمت من ذلك أنها صفة لله سبحانه وتعالى، ولأنك مشبّه قمت بتشبيه صفات الله بصفات المخلوقين، فأشكل عليك هذا فلجأت إلى التفويض!.

وإلّا فمن المحال عقلًا أن يأتي إنسان فيه ذرة وعي وإدراك وعقل إلى كلمة يدّعي بأنه لا يعلم معناها ابتداءً ويقول أنها تدل على شيء معيّن!.

وأنت هذا ما تفعله بالضبط مع صفات الله سبحانه وتعالى، فعلت المحال عقلًا؛ إذ أنك أتيت إليها وقلت أنها كلمات دالة على أنها صفات لله رغم أنك لا تثبت لها معنىً من الأصل!.

سفسطة وهرطقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى!.
__

وللحديث بقية إن شاء الله ....
___
18 - ذو الحجة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
أول من لعن الجهمية على ثريدز.