التفويض الجديد...
التفويض هو مذهب كلامي حصرت صدور أصحابه أن يؤمنوا بظواهر النصوص، ولم يريدوا أن يتحملوا تبعات التأويلات المتكلفة فقالوا: نتعامل مع النصوص كأنها لم تأتِ من الأساس مع تنزيه ربِّ العالمين عن ظاهرها، فانتهوا إلى نتيجة المحرِّفة المؤوِّلة المعطِّلة بأقل جهد، فبدلاً من أن يقول لك اليد القدرة، فتقول له السياق لا يحتمل وتستدل عليه فتُتعبه، يقول: أنا أفوض وأنزه الله عن ظاهر اليد، والقدرة أُثبتها من نص آخر، فالنتيجة هي هي ولكن بحيلة.
ولهذا لا تجد المفوض يُعمل تفويضه إلا مع النصوص التي لا تعجبه، فهو لا يفوض نصوص صفة العلم أو القدرة، بل يثبتها على وجه يليق بالله عز وجل.
ولا تجده يفوض أجنحة الملائكة ولا القلم ولا اللوح ولا الميزان ولا الحوض ولا ما في الجنة، فكلُّه يؤمن به على حقيقته، ويفهم القدر المشترك بينه وبين ما يعرف، دون تحديد كيفية بعينها.
هذا التفويض القديم، وأما التفويض الجديد: فهو مذهب عصري يفشو بين نخب من المثقفين وطلاب العلم وشريحة لا بأس بها من العوام، وهو تفويض مبني على استصغار المسائل العلمية المختلف فيها، وزعم أنها تعطِّل عما هو أهم، وأن الفائدة المرجوة هي الفائدة المسلكية فحسب، ويمكن أن تتحقق بأي عقيدة، عقيدة أهل السنة أو عقيدة أهل البدعة.
هو باختصار: لا اكتراثية عقدية، تشبه اللااكثراثية الدينية، ذلك المذهب الذي يقول صاحبه: لا يهمني إن كان الدين صحيحاً أم لا، المهم أن أعيش حياتي.
وهذا يقول: لا يهم أن تكون العقيدة الصحيحة في الله عقيدة الفرقة الفلانية أو الفرقة الفلانية، المهم الأخلاق أو المهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو المهم الوقوف ضد العدو المشترك.
هذا التفويض الجديد يستبطن اتهام علماء الفرق على مرِّ التاريخ بأنهم ضخموا خلافيات ضعيفة وسخيفة، وصار يكفر بعضهم بعضاً ويضلل بعضهم بعضاً بها.
ويستبطن التهوين من شأن عبادة (الإيمان بالغيب)، وقد سئل النبي ﷺ: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله» ثم ذكر أعمالاً كالحج والجهاد.
والإيمان بالله له مراتب، فالإيمان الإجمالي المشترك يختلف عن الإيمان التفصيلي الصحيح في أثره.
الإيمان بالغيب واجب دائماً، والأثر المترتب عليه سلوكياً قد يكون واجباً وقد يكون مستحباً، فالإيمان بالنزول واجب، والاستغفار بالأسحار مستحب بصلاة أو بغير صلاة.
الإيمان باستغفار الملائكة وبالميزان والحوض واجب، والتفاعل مع هذه الحقائق يتفاوت فيه أهل الإيمان تفاوتاً عظيماً.
وهذا التفويض الجديد يستبطن أن العقيدة الصحيحة أثرها على القلب والسلوك كأثر العقيدة الفاسدة، وأن خلافيات الأمة ما فصل فيها الوحي، وأن معرفة الله عز وجل الصحيحة ليست أسمى المطالب، وإنما المطلب الأسمى تحقيق مصالح دنيوية حاضرة أو خدمة كيان الأمة، وهذه كلها فوائد مطلوبة؛ ولكن الإيمان بالغيب نافع مطلقاً وليس مقصوداً لغيره، بل مقصود لذاته وفيه منافع تنعكس على غيره.
من الناس من يرى الدين وسيلة لإعمار الدنيا، لهذا فكرة إذهاب مجموعة من المكاسب الدنيوية لأجل الدين عنده فكرة همجية، وكثير ممن تأثر بهذا المذهب مال للتفويض الجديد، والواقع أن الدنيا طريق للآخرة.
وأن العقائد الباطلة تُذم وإن لم يكن أصحابها أصحاب مشروع سياسي مضاد أو نعقل لكلامهم أثراً سلبياً على السلوك (مع أن كل عقيدة باطلة تنقص الإيمان في القلب إن لم تنقضه، والقلب له أثره على غيره) فالسلف ذموا القدرية منكري العلم وكفروهم، وما عُقِل منهم ضرر على دنيا الناس.
وحين قام الحسن بن محمد بن الحنفية بصنع شيء كالتفويض الجديد، فقال بإرجاء أمر عثمان وعلي إلى الله لا يشهد عليهما بجنة ولا نار، ما صنع شيئاً وندم، لأن الناس كانوا فرقتين فصاروا ثلاثا، وما صنع شيئاً سوى أن سوَّى بين الحق والباطل وادَّعى الخفاء في محل ظهور ليجمع الناس، فباءت محاولته بالفشل.
كلام دعاة التفويض الجديد قد يلتقي مع كلام دعاة التفويض القديم وقد يتفارقان، والتفويض الجديد خطير، لأن كثيراً من الناس لا يعقل أثر الإيمان الصحيح بالصفات فيما خالف فيه المعطلة، وأن هذا باب يدخل في كل باب، حتى أنه ما انحرفت طائفة فيه إلا وأثَّر ذلك على بقية عقائدها وعلومها؛ ولكن الجهل اليوم فاشٍ وتعظيم القضايا الدنيوية، فهو السائد مع عقلية تزاحمية تفرض أنك إما أن تتكلم في الموضوع الفلاني أو الموضوع الفلاني، والحديث في شخصيات مع من تأثَّر بهذا المذهب غلط في ترتيب البحث، كمحاورة ملحد في تفاصيل تشريعية يبني على الاعتراض عليها على احتقاره للمصلحة الدينية.
وانظر موقف السلف من الواقفة لتدرك خطورة هذا التفويض الجديد، حتى إن الواقفة في زمن أحمد اتهموه بالخارجية لأنه يكفر المخالفين في الصفات، ولكل قوم وارث.
التفويض هو مذهب كلامي حصرت صدور أصحابه أن يؤمنوا بظواهر النصوص، ولم يريدوا أن يتحملوا تبعات التأويلات المتكلفة فقالوا: نتعامل مع النصوص كأنها لم تأتِ من الأساس مع تنزيه ربِّ العالمين عن ظاهرها، فانتهوا إلى نتيجة المحرِّفة المؤوِّلة المعطِّلة بأقل جهد، فبدلاً من أن يقول لك اليد القدرة، فتقول له السياق لا يحتمل وتستدل عليه فتُتعبه، يقول: أنا أفوض وأنزه الله عن ظاهر اليد، والقدرة أُثبتها من نص آخر، فالنتيجة هي هي ولكن بحيلة.
ولهذا لا تجد المفوض يُعمل تفويضه إلا مع النصوص التي لا تعجبه، فهو لا يفوض نصوص صفة العلم أو القدرة، بل يثبتها على وجه يليق بالله عز وجل.
ولا تجده يفوض أجنحة الملائكة ولا القلم ولا اللوح ولا الميزان ولا الحوض ولا ما في الجنة، فكلُّه يؤمن به على حقيقته، ويفهم القدر المشترك بينه وبين ما يعرف، دون تحديد كيفية بعينها.
هذا التفويض القديم، وأما التفويض الجديد: فهو مذهب عصري يفشو بين نخب من المثقفين وطلاب العلم وشريحة لا بأس بها من العوام، وهو تفويض مبني على استصغار المسائل العلمية المختلف فيها، وزعم أنها تعطِّل عما هو أهم، وأن الفائدة المرجوة هي الفائدة المسلكية فحسب، ويمكن أن تتحقق بأي عقيدة، عقيدة أهل السنة أو عقيدة أهل البدعة.
هو باختصار: لا اكتراثية عقدية، تشبه اللااكثراثية الدينية، ذلك المذهب الذي يقول صاحبه: لا يهمني إن كان الدين صحيحاً أم لا، المهم أن أعيش حياتي.
وهذا يقول: لا يهم أن تكون العقيدة الصحيحة في الله عقيدة الفرقة الفلانية أو الفرقة الفلانية، المهم الأخلاق أو المهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو المهم الوقوف ضد العدو المشترك.
هذا التفويض الجديد يستبطن اتهام علماء الفرق على مرِّ التاريخ بأنهم ضخموا خلافيات ضعيفة وسخيفة، وصار يكفر بعضهم بعضاً ويضلل بعضهم بعضاً بها.
ويستبطن التهوين من شأن عبادة (الإيمان بالغيب)، وقد سئل النبي ﷺ: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله» ثم ذكر أعمالاً كالحج والجهاد.
والإيمان بالله له مراتب، فالإيمان الإجمالي المشترك يختلف عن الإيمان التفصيلي الصحيح في أثره.
الإيمان بالغيب واجب دائماً، والأثر المترتب عليه سلوكياً قد يكون واجباً وقد يكون مستحباً، فالإيمان بالنزول واجب، والاستغفار بالأسحار مستحب بصلاة أو بغير صلاة.
الإيمان باستغفار الملائكة وبالميزان والحوض واجب، والتفاعل مع هذه الحقائق يتفاوت فيه أهل الإيمان تفاوتاً عظيماً.
وهذا التفويض الجديد يستبطن أن العقيدة الصحيحة أثرها على القلب والسلوك كأثر العقيدة الفاسدة، وأن خلافيات الأمة ما فصل فيها الوحي، وأن معرفة الله عز وجل الصحيحة ليست أسمى المطالب، وإنما المطلب الأسمى تحقيق مصالح دنيوية حاضرة أو خدمة كيان الأمة، وهذه كلها فوائد مطلوبة؛ ولكن الإيمان بالغيب نافع مطلقاً وليس مقصوداً لغيره، بل مقصود لذاته وفيه منافع تنعكس على غيره.
من الناس من يرى الدين وسيلة لإعمار الدنيا، لهذا فكرة إذهاب مجموعة من المكاسب الدنيوية لأجل الدين عنده فكرة همجية، وكثير ممن تأثر بهذا المذهب مال للتفويض الجديد، والواقع أن الدنيا طريق للآخرة.
وأن العقائد الباطلة تُذم وإن لم يكن أصحابها أصحاب مشروع سياسي مضاد أو نعقل لكلامهم أثراً سلبياً على السلوك (مع أن كل عقيدة باطلة تنقص الإيمان في القلب إن لم تنقضه، والقلب له أثره على غيره) فالسلف ذموا القدرية منكري العلم وكفروهم، وما عُقِل منهم ضرر على دنيا الناس.
وحين قام الحسن بن محمد بن الحنفية بصنع شيء كالتفويض الجديد، فقال بإرجاء أمر عثمان وعلي إلى الله لا يشهد عليهما بجنة ولا نار، ما صنع شيئاً وندم، لأن الناس كانوا فرقتين فصاروا ثلاثا، وما صنع شيئاً سوى أن سوَّى بين الحق والباطل وادَّعى الخفاء في محل ظهور ليجمع الناس، فباءت محاولته بالفشل.
كلام دعاة التفويض الجديد قد يلتقي مع كلام دعاة التفويض القديم وقد يتفارقان، والتفويض الجديد خطير، لأن كثيراً من الناس لا يعقل أثر الإيمان الصحيح بالصفات فيما خالف فيه المعطلة، وأن هذا باب يدخل في كل باب، حتى أنه ما انحرفت طائفة فيه إلا وأثَّر ذلك على بقية عقائدها وعلومها؛ ولكن الجهل اليوم فاشٍ وتعظيم القضايا الدنيوية، فهو السائد مع عقلية تزاحمية تفرض أنك إما أن تتكلم في الموضوع الفلاني أو الموضوع الفلاني، والحديث في شخصيات مع من تأثَّر بهذا المذهب غلط في ترتيب البحث، كمحاورة ملحد في تفاصيل تشريعية يبني على الاعتراض عليها على احتقاره للمصلحة الدينية.
وانظر موقف السلف من الواقفة لتدرك خطورة هذا التفويض الجديد، حتى إن الواقفة في زمن أحمد اتهموه بالخارجية لأنه يكفر المخالفين في الصفات، ولكل قوم وارث.
الكلام على حديث: (اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تُشيِّبني قبل المشيب)
رأيت عدداً من الفضلاء يذكر هذا الحديث تعليقاً على حوادث عدة، وينسبه للنبي الكريم ﷺ، ويريدون موطن الشاهد (ومن زوج تُشيِّبُني قبل المشيب).
وهذا دعاء جليل غير أنه لا يصح عن النبي ﷺ، وإنما نسبه السلف لنبي الله داود عليه الصلاة والسلام.
قال الطبراني في «الدعاء»: "١٣٣٩- حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله ﷺ: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء، ومن زوج تُشيِّبُني قبل المشيب، ومن ولد يكون عليَّ رِبًا، ومن مال يكون علي عذابًا، ومن خليل ماكر، عينه تراني وقلبه يرعاني، إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيئة أذاعها".
هذا الإسناد الذي قواه بعض المعاصرين وظاهره السلامة، غير أن الحسن بن حماد الحضرمي (سجادة) خالفه جمع، فرووه عن سعيد المقبري أنه قال: "كان من دعاء داود"، وهُم:
١- أبو سعيد الأشج كما في «حديثه» حيث قال: "٦٩- حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب، ومن ولد يكون علي ربا، ومن مال يكون علي عذابا ومن خليل ماكر عيناه ترياني وقلبه يرعاني إذا رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها".
٢- وهناد بن السري كما في كتاب «الزهد» له.
٣- وأبو بكر بن أبي شيبة كما في «مصنفه» وقد رواه مختصراً بذكر التعوذ من جار السوء فقط.
ولا شك أن رواية الجمع أولى، وذكر السلف لمثل هذا داخل في الإذن النبوي «وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ومن خير ما يُحدِّث به بنو إسرائيل الأدعية عن أنبيائهم، وقد ثبت أن عائشة قبلت رقية يهودية والرقية من باب الدعاء، وثبت أن عمر استحسن دعاءً سمعه من كعب الأحبار.
وهذا دعاء جليل يحتاجه الناس، خصوصاً في هذه الأيام مع المنظومات القانونية الجائرة وفشو أفكار النسوية.
رأيت عدداً من الفضلاء يذكر هذا الحديث تعليقاً على حوادث عدة، وينسبه للنبي الكريم ﷺ، ويريدون موطن الشاهد (ومن زوج تُشيِّبُني قبل المشيب).
وهذا دعاء جليل غير أنه لا يصح عن النبي ﷺ، وإنما نسبه السلف لنبي الله داود عليه الصلاة والسلام.
قال الطبراني في «الدعاء»: "١٣٣٩- حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله ﷺ: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء، ومن زوج تُشيِّبُني قبل المشيب، ومن ولد يكون عليَّ رِبًا، ومن مال يكون علي عذابًا، ومن خليل ماكر، عينه تراني وقلبه يرعاني، إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيئة أذاعها".
هذا الإسناد الذي قواه بعض المعاصرين وظاهره السلامة، غير أن الحسن بن حماد الحضرمي (سجادة) خالفه جمع، فرووه عن سعيد المقبري أنه قال: "كان من دعاء داود"، وهُم:
١- أبو سعيد الأشج كما في «حديثه» حيث قال: "٦٩- حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب، ومن ولد يكون علي ربا، ومن مال يكون علي عذابا ومن خليل ماكر عيناه ترياني وقلبه يرعاني إذا رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها".
٢- وهناد بن السري كما في كتاب «الزهد» له.
٣- وأبو بكر بن أبي شيبة كما في «مصنفه» وقد رواه مختصراً بذكر التعوذ من جار السوء فقط.
ولا شك أن رواية الجمع أولى، وذكر السلف لمثل هذا داخل في الإذن النبوي «وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ومن خير ما يُحدِّث به بنو إسرائيل الأدعية عن أنبيائهم، وقد ثبت أن عائشة قبلت رقية يهودية والرقية من باب الدعاء، وثبت أن عمر استحسن دعاءً سمعه من كعب الأحبار.
وهذا دعاء جليل يحتاجه الناس، خصوصاً في هذه الأيام مع المنظومات القانونية الجائرة وفشو أفكار النسوية.
قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
=
=
هذا كلام لامرأة عندها محفل تربوي، هي مثال لمن وقع في فخ دعوى (تعظيم العلماء) دون أي دراسة للعقيدة، مع الإلزامات اللوذعية التي يتكلم بها البعض.
تقول (الأشاعرة على مذهب السلف) ثم تقول: إنهم لا يكفرون، من كان على مذهب السلف ينبغي ألا يكون مبتدعاً حتى.
ثم تذكر من سلفيتهم أنهم ينزهون الله بتأويل اليد بالقدرة.
قال الترمذي في «جامعه»: "وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد هاهنا القوة".
فهذا قول الجهمية عند السلف، وعدَّه الدارمي من البدع المكفرة.
وقال الباقلاني -الذي ذكَرَته ولا تعرف مذهبه- في «التمهيد» صـ286 وهو يتكلم عن فضائح المعتزلة: "وزعموا جميعا أنه لا وجه لله تعالى مع قوله عز وجل {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وأنه لا يد له مع قوله عز وجل {بل يداه مبسوطتان} وقوله تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}".
وأما قول إن هذا الاعتقاد ليس كفراً وإن من يُكفِّر به هم سفهاء الأحلام:
قال الغزالي في «فيصل التفرقة» صـ27: "فالحنبلي يكفر الأشعري زاعماً أنه كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الفوق لله والاستواء لله، والأشعري يكفره زاعماً أنه مشبه".
وقال أبو إسماعيل الهروي في «ذم الكلام»: "1296- سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس سألوا أبا عبد الله الدينوري؛ فقال: لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي" يعني تكفير الأشعرية كما في الأثر السابق له في الكتاب.
وقد نقل ابن تيمية هذا الكلام مقراً له في «الاستقامة»، وابن تيمية نفسه يعتبر كلام القوم كفراً، ففي نصه المشهور الذي يستدل به من يعذر جهالهم يقول لهم: لو قلت بقولكم لكفرت.
فهو يعتبر القول كفراً.
وحتى ابن الجوزي -وهو ليس أشعرياً- لمَّا تأثر شيخه ابن عقيل ببعض مقالات القوم كفَّره غالب شيوخ الحنابلة، كما ذكره ابن قدامة في رده عليه.
وهذا البخاري صاحب الصحيح كفَّر الجهمية منكري العلو في «خلق أفعال العباد»، حتى إن المزي تلميذ ابن تيمية لمَّا قرأ كلامه غضب الأشعرية وقالوا نحن المقصودون، فهذا من سفهاء الأحلام أيضاً.
وذكر ابن البناء الحنبلي في «المختار» أن الإمام أحمد كفَّر ابن كلاب بقوله بإنكار الصوت والكلام النفسي (قول الأشاعرة)، فمن عدَّ هذا سفهاً فهو السفيه.
وأما الإلزام اللوذعي بتكفير عوام المسلمين فهذا استفادته الكاتبة من بعض دكاترة العقيدة، الذين إذا حصرت صدورهم بآثار السلف لم يجدوا لها محملاً سوى أن ينزلوها على العلماء المتأخرين، ولا يدرون أنهم بذلك يسبُّون القوم.
عامة الناس لا يدرون ما اعتقاد الأشاعرة ويخالفونه بفطرتهم، كما اعترف بذلك الغزالي والعز بن عبد السلام، والجهمية الذين تفرع عنهم الأشعرية كان السلف يعذرون الجاهل والعامي إن لم يكفِّرهم.
جاء في عقيدة الرازيين: "ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة. ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر".
يعني يفهم العلم وليس من العوام، كما نبه عليه ابن منيع وذكر البقالين والنساء والأطفال في مسألة الوقف التي هي أظهر من تكفير الجهمية، كما في «الحجة في بيان المحجة».
ومن اعتبر القول كفراً ثم عذر الجهال لا يقال عنه (غير مكفِّر)، ومن نسب تكفيره لنا فهو كاذب، وما أكثر الكذب.
وتكفير العوام هو ما قال الشيرازي في «شرح اللمع» -وهو إمام كبير عندهم- أن من لم يكن أشعرياً فهو كافر (وعامة الناس ليسوا كذلك).
ومما ضيَّع الآلاف وأدخلهم فيما دخلت به هذه المرأة أنهم تلقوا تعظيم الأسماء قبل تعلم العقيدة، فضعف الأمر في نفوسهم، وهذا مما جناه كثير من المنتسبين للسلفية على عقيدتهم التي منَّ الله بها عليهم، فما أحسنوا شكر النعمة.
هذا كلام لامرأة عندها محفل تربوي، هي مثال لمن وقع في فخ دعوى (تعظيم العلماء) دون أي دراسة للعقيدة، مع الإلزامات اللوذعية التي يتكلم بها البعض.
تقول (الأشاعرة على مذهب السلف) ثم تقول: إنهم لا يكفرون، من كان على مذهب السلف ينبغي ألا يكون مبتدعاً حتى.
ثم تذكر من سلفيتهم أنهم ينزهون الله بتأويل اليد بالقدرة.
قال الترمذي في «جامعه»: "وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد هاهنا القوة".
فهذا قول الجهمية عند السلف، وعدَّه الدارمي من البدع المكفرة.
وقال الباقلاني -الذي ذكَرَته ولا تعرف مذهبه- في «التمهيد» صـ286 وهو يتكلم عن فضائح المعتزلة: "وزعموا جميعا أنه لا وجه لله تعالى مع قوله عز وجل {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وأنه لا يد له مع قوله عز وجل {بل يداه مبسوطتان} وقوله تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}".
وأما قول إن هذا الاعتقاد ليس كفراً وإن من يُكفِّر به هم سفهاء الأحلام:
قال الغزالي في «فيصل التفرقة» صـ27: "فالحنبلي يكفر الأشعري زاعماً أنه كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الفوق لله والاستواء لله، والأشعري يكفره زاعماً أنه مشبه".
وقال أبو إسماعيل الهروي في «ذم الكلام»: "1296- سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس سألوا أبا عبد الله الدينوري؛ فقال: لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي" يعني تكفير الأشعرية كما في الأثر السابق له في الكتاب.
وقد نقل ابن تيمية هذا الكلام مقراً له في «الاستقامة»، وابن تيمية نفسه يعتبر كلام القوم كفراً، ففي نصه المشهور الذي يستدل به من يعذر جهالهم يقول لهم: لو قلت بقولكم لكفرت.
فهو يعتبر القول كفراً.
وحتى ابن الجوزي -وهو ليس أشعرياً- لمَّا تأثر شيخه ابن عقيل ببعض مقالات القوم كفَّره غالب شيوخ الحنابلة، كما ذكره ابن قدامة في رده عليه.
وهذا البخاري صاحب الصحيح كفَّر الجهمية منكري العلو في «خلق أفعال العباد»، حتى إن المزي تلميذ ابن تيمية لمَّا قرأ كلامه غضب الأشعرية وقالوا نحن المقصودون، فهذا من سفهاء الأحلام أيضاً.
وذكر ابن البناء الحنبلي في «المختار» أن الإمام أحمد كفَّر ابن كلاب بقوله بإنكار الصوت والكلام النفسي (قول الأشاعرة)، فمن عدَّ هذا سفهاً فهو السفيه.
وأما الإلزام اللوذعي بتكفير عوام المسلمين فهذا استفادته الكاتبة من بعض دكاترة العقيدة، الذين إذا حصرت صدورهم بآثار السلف لم يجدوا لها محملاً سوى أن ينزلوها على العلماء المتأخرين، ولا يدرون أنهم بذلك يسبُّون القوم.
عامة الناس لا يدرون ما اعتقاد الأشاعرة ويخالفونه بفطرتهم، كما اعترف بذلك الغزالي والعز بن عبد السلام، والجهمية الذين تفرع عنهم الأشعرية كان السلف يعذرون الجاهل والعامي إن لم يكفِّرهم.
جاء في عقيدة الرازيين: "ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة. ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر".
يعني يفهم العلم وليس من العوام، كما نبه عليه ابن منيع وذكر البقالين والنساء والأطفال في مسألة الوقف التي هي أظهر من تكفير الجهمية، كما في «الحجة في بيان المحجة».
ومن اعتبر القول كفراً ثم عذر الجهال لا يقال عنه (غير مكفِّر)، ومن نسب تكفيره لنا فهو كاذب، وما أكثر الكذب.
وتكفير العوام هو ما قال الشيرازي في «شرح اللمع» -وهو إمام كبير عندهم- أن من لم يكن أشعرياً فهو كافر (وعامة الناس ليسوا كذلك).
ومما ضيَّع الآلاف وأدخلهم فيما دخلت به هذه المرأة أنهم تلقوا تعظيم الأسماء قبل تعلم العقيدة، فضعف الأمر في نفوسهم، وهذا مما جناه كثير من المنتسبين للسلفية على عقيدتهم التي منَّ الله بها عليهم، فما أحسنوا شكر النعمة.
هذا النقل منتشر في الناس انتشار النار في الهشيم.
وهو مقصوص مبتور، فما الذي بُتر منه؟
النص في «الفتاوى الهندية» وعن الفتاوى الهندية نقله ابن الهمام في «فتح القدير» وابن نجيم في «البحر الرائق» وصاحب «مجمع الأنهر» وكلهم نقلوه مع تلك الفقرة المقصوصة.
ونُنوِّه أن المذكور في «الفتاوى الهندية» ليس قول كل الحنفية، وإنما جماعة من متأخريهم فقط.
قال ابن الهمام: "وفي الفتاوى: رجل له أربع نسوة وألف جارية، أراد أن يشتري جارية أخرى فلامه رجل آخر يخاف عليه الكفر. وقالوا: إذا ترك أن يتزوج كي لا يدخل الغم على زوجته التي كانت عنده كان مأجورا".
فقبل النص المنتشر في مواقع التواصل ينصون على أن من لام معدداً فإنه يُخشى عليه الكفر ولو كان عند المعدد ألف جارية!
وهذه على عادتهم في التوسع في التكفير، فهُم من أوسع المذاهب بهذا.
فإن قلت: كلامهم ليس بحجة هنا.
فنقول: وكلامهم الثاني ليس بحجة، ولماذا يؤخذ من كلامهم ما يوافق أهواء النساء أو أهل العصر، ويُترك كلامهم الآخر الملتصق به، هل هذا من الأمانة العلمية؟
والحق أن هذا سلوك متكرِّر أن يؤتى من كلام العلماء والمذاهب ما يوافق أهواء شريحة من الجمهور.
واليوم لا يُلام المعدد فحسب، بل يُذم التعدد مطلقاً ويحارَب المعدد ويُسخر منه ويُوصف بالشهوانية وانعدام الوفاء وغيرها من الأوصاف.
وصاحب «البحر الرائق» ما خشي الكفر على من لام المعدد في الزواج لحقوق الزوجية، ولكنه أبقى الخشية على من لام المتسرِّي (من يعدد الجواري)، لأنهن دون الزوجات في ذلك.
فلا يصلح أن تأخذ من التراث شيئاً يغذي نظرة عصرية متشبعة بثقافة وافدة، -حتى إن العزباء التي لا تدري نصيبها يأتي بتعدد أم لا، تذم التعدد- وتترك ما يخالف هذه الأهواء فتكتمه، هذه ليست من المصلحة، بل الاعتدال أن يُبيَّن الأمر بتمامه، حتى لا يذهب الناس إلى غلو أو جفاء.
وهو مقصوص مبتور، فما الذي بُتر منه؟
النص في «الفتاوى الهندية» وعن الفتاوى الهندية نقله ابن الهمام في «فتح القدير» وابن نجيم في «البحر الرائق» وصاحب «مجمع الأنهر» وكلهم نقلوه مع تلك الفقرة المقصوصة.
ونُنوِّه أن المذكور في «الفتاوى الهندية» ليس قول كل الحنفية، وإنما جماعة من متأخريهم فقط.
قال ابن الهمام: "وفي الفتاوى: رجل له أربع نسوة وألف جارية، أراد أن يشتري جارية أخرى فلامه رجل آخر يخاف عليه الكفر. وقالوا: إذا ترك أن يتزوج كي لا يدخل الغم على زوجته التي كانت عنده كان مأجورا".
فقبل النص المنتشر في مواقع التواصل ينصون على أن من لام معدداً فإنه يُخشى عليه الكفر ولو كان عند المعدد ألف جارية!
وهذه على عادتهم في التوسع في التكفير، فهُم من أوسع المذاهب بهذا.
فإن قلت: كلامهم ليس بحجة هنا.
فنقول: وكلامهم الثاني ليس بحجة، ولماذا يؤخذ من كلامهم ما يوافق أهواء النساء أو أهل العصر، ويُترك كلامهم الآخر الملتصق به، هل هذا من الأمانة العلمية؟
والحق أن هذا سلوك متكرِّر أن يؤتى من كلام العلماء والمذاهب ما يوافق أهواء شريحة من الجمهور.
واليوم لا يُلام المعدد فحسب، بل يُذم التعدد مطلقاً ويحارَب المعدد ويُسخر منه ويُوصف بالشهوانية وانعدام الوفاء وغيرها من الأوصاف.
وصاحب «البحر الرائق» ما خشي الكفر على من لام المعدد في الزواج لحقوق الزوجية، ولكنه أبقى الخشية على من لام المتسرِّي (من يعدد الجواري)، لأنهن دون الزوجات في ذلك.
فلا يصلح أن تأخذ من التراث شيئاً يغذي نظرة عصرية متشبعة بثقافة وافدة، -حتى إن العزباء التي لا تدري نصيبها يأتي بتعدد أم لا، تذم التعدد- وتترك ما يخالف هذه الأهواء فتكتمه، هذه ليست من المصلحة، بل الاعتدال أن يُبيَّن الأمر بتمامه، حتى لا يذهب الناس إلى غلو أو جفاء.
طبقات الصُّم…
من طرائف طرق التصنيف جمع طبقات الزمنى ممن أصيبوا ببعض الأمراض، كما جمع الصفدي طبقات العميان.
وفي ذلك مأخذ حسن، وهو بيان أن هؤلاء الناس مع ما ابتُلوا به ما أيسوا وما قنطوا، بل أقبلوا على الخير تعلُّماً وتعليماً.
وقد لاحظت عند مروري في الطبقات أن عدداً من الأعلام وُصف بـ(الصمم)، وهؤلاء إما ولدوا كذلك، فيكون الناس آنذاك عندهم طريقة للتواصل مع الصُّم البُكم، وإما سمعهم ضعيف فوُصفوا بالصمم تغليباً، وإما أن يكونوا لحقهم الصمم بعدما كبروا، ومع ذلك استمروا بالتعليم وما انعزلوا.
وهذا يدلك على قوة قلب ومثابرة، وهذا من أثر الإيمان، فإن المؤمن تُذلَّل له الصعاب في طلب الأجر، وإذا كان بعض أهل الدنيا يركب الصعاب العظيمة في طلب شيء من هذه الفانية، فطلاب الجنة أولى منهم بذلك.
١- عيسى بن مِيناء المديني، المعروف بقالون المقرئ (صاحب القراءة المعروف):
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: "وكان أصم، يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة".
ثم قال: "سمعت علي بن الحسن الهسنجاني قال: كان قالون عيسى بن ميناء أصم، شديد الصمم، فلو رفعت صوتك حتى لا غاية لم يسمع، وكان يقرأ عليه القرآن، فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ".
٢- هَوذة بن خليفة:
قال عنه أبو حاتم كما في «الجرح والتعديل»: "كتبنا عنه ببغداد، وكان أصم شديد الصمم، وقال: قال لي أحمد بن حنبل: إِلى من تختلف ببغداد؟ قلت: إلى هوذة بن خليفة، وعفان، فسكت كالراضي بذلك".
٣- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن العباس (والد المخلص صاحب المخلصيات):
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "وكان أصم أطروشا. وثقه ابن أبي الفوارس، وورخ موته في رمضان".
وهو من رواة الحديث مع ذلك.
٤- الحاكم أبو سعد بن دوست:
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "أحد أعيان الأئمة بخراسان في العربية. سمع الدواوين وحصلها، وصنف التصانيف المفيدة، وأقرأ الناس الأدب والنحو. وله ديوان شعر. وكان أصم لا يسمع شيئا".
وقد قال الباخرزي في «دمية القصر»: "ليس اليوم بخراسان أدب مسموع إلا وهو منسوب إليه متفق بالإجماع عليه وكان أصم أصلخ، يضع الكتاب في حجمه ويؤديه بلفظه، فيسمع ولا يسمع".
٥- أبو الخير الهروي الحافظ، مولى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري:
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "كان أصم، غير أنه تعلم ورزق فهم الحديث. وكان حسن السيرة. جميل الأمر، متقنا، متثبتا".
٦- أبو أحمد الكولي:
قال السمعاني في «الأنساب»: "منها أبو أحمد عبد الله بن الحسن بن على الكولى الأصم الشيرازي، كان ينزل باب كول، وكان أصم، قرأ الحديث بالجهد، وكان قليل الرواية".
قوله: "قرأ الحديث بالجهد" يدل على المثابرة مع ما عنده من صمم، فكم من نعمة نتنعَّم بها ولا نعرف قدرها حتى نرى من فقدها، وكم من مُنعَمٍ عليه بالسمع يقضي وقته في سماع ما لا يرضي الله.
٧- أبو المطرف الأطروش:
جاء في «طبقات النحويين واللغويين» للإشبيلي: "هو أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عثمان بن أبي إسماعيل الأسدي الأطروش، كان نحويًّا لغويًّا، فصيح اللسان، شاعرًا مجودًا، وأكثر أشعاره على مذاهب العرب، وله أراجيز فصيحة، وكان أصم أصلخ، فإذا أحب المرء إخباره كتب له في الهواء، أو رمز له بشفتيه، فيفهم ويكتفي بذلك منه".
من طرائف طرق التصنيف جمع طبقات الزمنى ممن أصيبوا ببعض الأمراض، كما جمع الصفدي طبقات العميان.
وفي ذلك مأخذ حسن، وهو بيان أن هؤلاء الناس مع ما ابتُلوا به ما أيسوا وما قنطوا، بل أقبلوا على الخير تعلُّماً وتعليماً.
وقد لاحظت عند مروري في الطبقات أن عدداً من الأعلام وُصف بـ(الصمم)، وهؤلاء إما ولدوا كذلك، فيكون الناس آنذاك عندهم طريقة للتواصل مع الصُّم البُكم، وإما سمعهم ضعيف فوُصفوا بالصمم تغليباً، وإما أن يكونوا لحقهم الصمم بعدما كبروا، ومع ذلك استمروا بالتعليم وما انعزلوا.
وهذا يدلك على قوة قلب ومثابرة، وهذا من أثر الإيمان، فإن المؤمن تُذلَّل له الصعاب في طلب الأجر، وإذا كان بعض أهل الدنيا يركب الصعاب العظيمة في طلب شيء من هذه الفانية، فطلاب الجنة أولى منهم بذلك.
١- عيسى بن مِيناء المديني، المعروف بقالون المقرئ (صاحب القراءة المعروف):
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: "وكان أصم، يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة".
ثم قال: "سمعت علي بن الحسن الهسنجاني قال: كان قالون عيسى بن ميناء أصم، شديد الصمم، فلو رفعت صوتك حتى لا غاية لم يسمع، وكان يقرأ عليه القرآن، فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ".
٢- هَوذة بن خليفة:
قال عنه أبو حاتم كما في «الجرح والتعديل»: "كتبنا عنه ببغداد، وكان أصم شديد الصمم، وقال: قال لي أحمد بن حنبل: إِلى من تختلف ببغداد؟ قلت: إلى هوذة بن خليفة، وعفان، فسكت كالراضي بذلك".
٣- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن العباس (والد المخلص صاحب المخلصيات):
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "وكان أصم أطروشا. وثقه ابن أبي الفوارس، وورخ موته في رمضان".
وهو من رواة الحديث مع ذلك.
٤- الحاكم أبو سعد بن دوست:
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "أحد أعيان الأئمة بخراسان في العربية. سمع الدواوين وحصلها، وصنف التصانيف المفيدة، وأقرأ الناس الأدب والنحو. وله ديوان شعر. وكان أصم لا يسمع شيئا".
وقد قال الباخرزي في «دمية القصر»: "ليس اليوم بخراسان أدب مسموع إلا وهو منسوب إليه متفق بالإجماع عليه وكان أصم أصلخ، يضع الكتاب في حجمه ويؤديه بلفظه، فيسمع ولا يسمع".
٥- أبو الخير الهروي الحافظ، مولى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري:
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "كان أصم، غير أنه تعلم ورزق فهم الحديث. وكان حسن السيرة. جميل الأمر، متقنا، متثبتا".
٦- أبو أحمد الكولي:
قال السمعاني في «الأنساب»: "منها أبو أحمد عبد الله بن الحسن بن على الكولى الأصم الشيرازي، كان ينزل باب كول، وكان أصم، قرأ الحديث بالجهد، وكان قليل الرواية".
قوله: "قرأ الحديث بالجهد" يدل على المثابرة مع ما عنده من صمم، فكم من نعمة نتنعَّم بها ولا نعرف قدرها حتى نرى من فقدها، وكم من مُنعَمٍ عليه بالسمع يقضي وقته في سماع ما لا يرضي الله.
٧- أبو المطرف الأطروش:
جاء في «طبقات النحويين واللغويين» للإشبيلي: "هو أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عثمان بن أبي إسماعيل الأسدي الأطروش، كان نحويًّا لغويًّا، فصيح اللسان، شاعرًا مجودًا، وأكثر أشعاره على مذاهب العرب، وله أراجيز فصيحة، وكان أصم أصلخ، فإذا أحب المرء إخباره كتب له في الهواء، أو رمز له بشفتيه، فيفهم ويكتفي بذلك منه".
المنصر دافيد وودز سعيد بالقمصان التي اختارها بعض الملاكمين في السعودية (عليها شعارات نصرانية).
وكثير من النصارى يعلقون بأن المسيح في السعودية.
يأخذون الأمر تحدياً عقدياً، ويخلطون الرياضة بالعقيدة، ويعتبرون مثل هذه الأمور انتصارات على المسلمين.
وعندنا يقال لنا: "لا تدخلوا الدين في كل شيء".
في هذا عبرة للمغترين، وأن القوم قادمون وفي قلوبهم تحديات عقائدية ومناكفة.
وكثير من النصارى يعلقون بأن المسيح في السعودية.
يأخذون الأمر تحدياً عقدياً، ويخلطون الرياضة بالعقيدة، ويعتبرون مثل هذه الأمور انتصارات على المسلمين.
وعندنا يقال لنا: "لا تدخلوا الدين في كل شيء".
في هذا عبرة للمغترين، وأن القوم قادمون وفي قلوبهم تحديات عقائدية ومناكفة.
العلاج الخفي المنسي
تُظهر دراسة أجراها مركز إنترماونتن الطبي، نُشرت في عدد يناير من المجلة الأمريكية للرعاية الحرجة دعما للزيارة المفتوحة.
وقال الدكتور صامويل براون "إن النتائج تظهر أن السماح للعائلة والأصدقاء بالتواجد بجانب سرير المريض يساعد على المستوى الطبي والإنساني".
وقد كتبوا أن ذلك يساعد المريض على التعافي، إذ أن الصحة النفسية تُعين الجسد على المقاومة.
وفي ذلك شيء من الحكمة في الحث على عيادة المرضى والدعاء لهم بخير.
ومن أصح ذلك حديث ثوبان في «صحيح مسلم»: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خُرْفة الجنة حتى يرجع، قيل: يا رسول الله ما خُرْفة الجنة؟، قال: جَنَاها".
وهذا الثواب العظيم ترتَّب على نفعٍ عظيم من تحقيق الأخوَّة الإيمانية ونفع المسلم.
وقد أشار ابن تيمية إلى هذا المعنى:
قال ابن القيم في «روضة المحبين»: "وحدَّثني شيخنا -يعني ابنَ تيمية- قال: ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيب: إن مُطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت وقَوِيت الطبيعةُ فدفعت المرضَ؟ فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأجدُ راحةً، فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا".
تُظهر دراسة أجراها مركز إنترماونتن الطبي، نُشرت في عدد يناير من المجلة الأمريكية للرعاية الحرجة دعما للزيارة المفتوحة.
وقال الدكتور صامويل براون "إن النتائج تظهر أن السماح للعائلة والأصدقاء بالتواجد بجانب سرير المريض يساعد على المستوى الطبي والإنساني".
وقد كتبوا أن ذلك يساعد المريض على التعافي، إذ أن الصحة النفسية تُعين الجسد على المقاومة.
وفي ذلك شيء من الحكمة في الحث على عيادة المرضى والدعاء لهم بخير.
ومن أصح ذلك حديث ثوبان في «صحيح مسلم»: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خُرْفة الجنة حتى يرجع، قيل: يا رسول الله ما خُرْفة الجنة؟، قال: جَنَاها".
وهذا الثواب العظيم ترتَّب على نفعٍ عظيم من تحقيق الأخوَّة الإيمانية ونفع المسلم.
وقد أشار ابن تيمية إلى هذا المعنى:
قال ابن القيم في «روضة المحبين»: "وحدَّثني شيخنا -يعني ابنَ تيمية- قال: ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيب: إن مُطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت وقَوِيت الطبيعةُ فدفعت المرضَ؟ فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأجدُ راحةً، فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا".
فأين حجة الله عز وجل؟
قال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» [2/71] وهو يحاكم بين المتكلمين كالجويني والرازي والفلاسفة كابن رشد في مسألة خلق العالم: "وينبغي أن يعلم أن الذي سلط هؤلاء الدهرية على الجهمية شيئان أحدهما ابتداعهم لدلائل ومسائل في أصول الدين تخالف الكتاب والسنة ويخالفون بها المعقولات الصحيحة التي يفسر بها خصومهم أو غيرهم والثاني مشاركتهم لهم في العقليات الفاسدة من المذاهب والأقيسة ومشاركتهم لهم في تحريف الكلم عن مواضعه فإنهم لما شاركوهم فيما شاركوهم فيه بعد تأويل نصوص الصفات بالتأويلات المخالفة لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها كان هذا حجة لهم في تأويل نصوص المعاد وغيرها كما احتج به هذا الفيلسوف وكما يذكره أبو عبد الله الرازي ومن قبله حتى إن الدهرية قالوا لهم القول في آيات المعاد كالقول في آيات الصفات فكان من حجتهم عليهم وضموا ذلك إلى ماقد يطلقونه من الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين فقالوا له أنت تقول الظواهر لا تفيد القطع أيضًا والآيات المتشابهة في القرآن الدالة على المشيئة والقدر ليست أقل ولا أضعف دلالة من الآيات الدالة على المعاد الجسماني ثم إنكم تجوزون تأويل تلك الآيات فلم لا تجوزون أيضًا تأويل الآيات الواردة ها هنا".
يرى ابن تيمية أن المتكلمين النافين لأفعال الله عز وجل الاختيارية تسلَّط عليهم الفلاسفة الدهرية القائلون بقدم العالم (وهؤلاء متفق على تكفيرهم)، (لأنهم يقولون لهم كيف خلق الله عالماً حادثاً وهو لا يفعل بالاختيار فالقديم لا يصدر منه إلا قديم).
وأنهم عجزوا عن إقامة الحجة على هؤلاء.
وقد قال ابن تيمية إنّ ضعف المتكلمين في الرد على الدهرية كان سبباً في ردة كثير عن أهل الإسلام كما في «بيان تلبيس الجهمية» [1/421]: "الثالث: طمع الفلاسفة الدهرية فيكم، وقولهم فيكم: أهل جدل وكلام، لا أهل علم وبرهان، حتى ارتد خلق كثير منكم، إليهم، بل ابن الراوندي الذي يقال: إنه من شيوخ الأشعري، صنف كتابه المسمى بـ «كتاب التاج في قدم العالم» موافقة للدهرية".
وقال في «التسعينية» [3/774]: "وقد قيل: إن الأشعري في آخر عمره أقرَّ بتكافؤ الأدلة، واعتبر ذلك بالرازي فإنه في هذه وهي مسألة حدوث الأجسام -يذكر أدلة الطائفتين، ويصرح في آخر كتبه وآخر عمره، وهو كتاب "المطالب العالية" بتكافؤ الأدلة وأن المسألة من محارات العقول. ولهذا كان الغالب على أتباعهم الشك والارتياب في الإسلام"
يعني أتباع الأشعري والرازي، وفي تتمة كلامه ذِكر لقصصٍ لهم في ذلك.
وهنا سؤال: إذا كان المتكلمون عاجزين عن إقامة الحجة على الدهرية أو على الأقل طريقتهم في ذلك ضعيفة، وأهل الحديث ما أقاموا الحجة على جمهرة المتكلمين، ولهذا لا يكفرون، فهُم في عامة علمائهم ومشاهيرهم عاجزون عن معرفة الحق ولذلك لم يكفروا -كما يعتقد البعض.
فأين حجة الله عز وجل التي قامت على الدهرية حتى كفروا؟ وقد قال الله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} والدهرية أكفر من الوثنيين.
وإذا كان في القرآن والسنة وكلام أهل الحديث ما يقيم الحجة على الدهرية (وهذا ما نعتقده)، فإن ذلك مقيم للحجة على أهل الكلام، لأن المتكلم المتحير بسبب ضعف أجوبته على كلام الدهرية والراغب بالرد عليهم، إن وجد فيما يوافق الفطرة وظواهر النصوص ما يقيم الحجة، فما الذي يجعله يتمسك بنتاج علم الكلام، الذي اضطره إلى معارضة ظواهر النصوص؟
وقال ابن تيمية في «بيان التلبيس» [2/73]: "وكلا الطائفتين مخالف للفطرة العقلية ومخالف لما نعلم نحن بالضرورة من دين الرسول ومخالف للأقيسة العقلية البرهانية والنصوص الإلهية القرآنية والإيمانية فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم فمن خالف ما علم بالضرورة من الدين فهو كافر قيل لهم فلهذا كان السلف والأئمة مطبقين على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول صلى الله عليه وسلم مشهورًا معلومًا بالاضطرار لعموم المسلمين حتى قبل العلم بالإيمان فيما بعد وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق".
ويعني بالطائفتين المتكلمين والفلاسفة.
والتحقيق يقتضي أن الحجة إذا قامت على طائفة مخالفة للقرآن والسنة والفطرة والبرهان، فينبغي أن تقوم على الطائفة الأخرى التي خالفت -في السياق نفسه- القرآن والسنة والفطرة والبرهان وكلام السلف، وكانت ألصق بالاشتغال بالنصوص من الفلاسفة.
قال تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون}.
فسره جماعة من السلف أن من بلغه القرآن فقد بلغه النبي ﷺ.
قال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» [2/71] وهو يحاكم بين المتكلمين كالجويني والرازي والفلاسفة كابن رشد في مسألة خلق العالم: "وينبغي أن يعلم أن الذي سلط هؤلاء الدهرية على الجهمية شيئان أحدهما ابتداعهم لدلائل ومسائل في أصول الدين تخالف الكتاب والسنة ويخالفون بها المعقولات الصحيحة التي يفسر بها خصومهم أو غيرهم والثاني مشاركتهم لهم في العقليات الفاسدة من المذاهب والأقيسة ومشاركتهم لهم في تحريف الكلم عن مواضعه فإنهم لما شاركوهم فيما شاركوهم فيه بعد تأويل نصوص الصفات بالتأويلات المخالفة لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها كان هذا حجة لهم في تأويل نصوص المعاد وغيرها كما احتج به هذا الفيلسوف وكما يذكره أبو عبد الله الرازي ومن قبله حتى إن الدهرية قالوا لهم القول في آيات المعاد كالقول في آيات الصفات فكان من حجتهم عليهم وضموا ذلك إلى ماقد يطلقونه من الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين فقالوا له أنت تقول الظواهر لا تفيد القطع أيضًا والآيات المتشابهة في القرآن الدالة على المشيئة والقدر ليست أقل ولا أضعف دلالة من الآيات الدالة على المعاد الجسماني ثم إنكم تجوزون تأويل تلك الآيات فلم لا تجوزون أيضًا تأويل الآيات الواردة ها هنا".
يرى ابن تيمية أن المتكلمين النافين لأفعال الله عز وجل الاختيارية تسلَّط عليهم الفلاسفة الدهرية القائلون بقدم العالم (وهؤلاء متفق على تكفيرهم)، (لأنهم يقولون لهم كيف خلق الله عالماً حادثاً وهو لا يفعل بالاختيار فالقديم لا يصدر منه إلا قديم).
وأنهم عجزوا عن إقامة الحجة على هؤلاء.
وقد قال ابن تيمية إنّ ضعف المتكلمين في الرد على الدهرية كان سبباً في ردة كثير عن أهل الإسلام كما في «بيان تلبيس الجهمية» [1/421]: "الثالث: طمع الفلاسفة الدهرية فيكم، وقولهم فيكم: أهل جدل وكلام، لا أهل علم وبرهان، حتى ارتد خلق كثير منكم، إليهم، بل ابن الراوندي الذي يقال: إنه من شيوخ الأشعري، صنف كتابه المسمى بـ «كتاب التاج في قدم العالم» موافقة للدهرية".
وقال في «التسعينية» [3/774]: "وقد قيل: إن الأشعري في آخر عمره أقرَّ بتكافؤ الأدلة، واعتبر ذلك بالرازي فإنه في هذه وهي مسألة حدوث الأجسام -يذكر أدلة الطائفتين، ويصرح في آخر كتبه وآخر عمره، وهو كتاب "المطالب العالية" بتكافؤ الأدلة وأن المسألة من محارات العقول. ولهذا كان الغالب على أتباعهم الشك والارتياب في الإسلام"
يعني أتباع الأشعري والرازي، وفي تتمة كلامه ذِكر لقصصٍ لهم في ذلك.
وهنا سؤال: إذا كان المتكلمون عاجزين عن إقامة الحجة على الدهرية أو على الأقل طريقتهم في ذلك ضعيفة، وأهل الحديث ما أقاموا الحجة على جمهرة المتكلمين، ولهذا لا يكفرون، فهُم في عامة علمائهم ومشاهيرهم عاجزون عن معرفة الحق ولذلك لم يكفروا -كما يعتقد البعض.
فأين حجة الله عز وجل التي قامت على الدهرية حتى كفروا؟ وقد قال الله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} والدهرية أكفر من الوثنيين.
وإذا كان في القرآن والسنة وكلام أهل الحديث ما يقيم الحجة على الدهرية (وهذا ما نعتقده)، فإن ذلك مقيم للحجة على أهل الكلام، لأن المتكلم المتحير بسبب ضعف أجوبته على كلام الدهرية والراغب بالرد عليهم، إن وجد فيما يوافق الفطرة وظواهر النصوص ما يقيم الحجة، فما الذي يجعله يتمسك بنتاج علم الكلام، الذي اضطره إلى معارضة ظواهر النصوص؟
وقال ابن تيمية في «بيان التلبيس» [2/73]: "وكلا الطائفتين مخالف للفطرة العقلية ومخالف لما نعلم نحن بالضرورة من دين الرسول ومخالف للأقيسة العقلية البرهانية والنصوص الإلهية القرآنية والإيمانية فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم فمن خالف ما علم بالضرورة من الدين فهو كافر قيل لهم فلهذا كان السلف والأئمة مطبقين على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول صلى الله عليه وسلم مشهورًا معلومًا بالاضطرار لعموم المسلمين حتى قبل العلم بالإيمان فيما بعد وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق".
ويعني بالطائفتين المتكلمين والفلاسفة.
والتحقيق يقتضي أن الحجة إذا قامت على طائفة مخالفة للقرآن والسنة والفطرة والبرهان، فينبغي أن تقوم على الطائفة الأخرى التي خالفت -في السياق نفسه- القرآن والسنة والفطرة والبرهان وكلام السلف، وكانت ألصق بالاشتغال بالنصوص من الفلاسفة.
قال تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون}.
فسره جماعة من السلف أن من بلغه القرآن فقد بلغه النبي ﷺ.
أرسل لي جماعة من الفضلاء هذا الخبر يطلبون تعليقي عليه.
وهذا التعليق ليس الأول من نوعه، فهنا علقت على نظيره:
https://t.me/alkulife/7788
وذلك قبل عدة أعوام، وأزيد هنا:
الغنم بالغرم، وُعُود النسوية للنساء تشبه وُعُود من يقول لك: كُلْ ما تشاء وبالكميات التي تريدها وكن سعيداً بذلك وستحظى بصحة جيدة وعمر مديد ولن يختلف حالك عمن حرص على صحته وأتعب نفسه بالرياضة وترك ما يشتهي وأكل الطعام الصحي.
هل هذا معقول؟
هكذا هو الجشع النسوي وذلك الخداع والأماني البراقة التي هي بمنزلة الطُّعم للسمكة حتى تتمكن المؤسسة الرأسمالية من اصطياد المرأة وتجييرها لصالحها، ثم بعد ذلك لتنسى الراحة، ويدلّك على ذلك كثرة الشكاية من الاكتئاب وكثرة العيادات النفسية وكثرة الحديث في مواقع كثيرة مخصصة لتعليم النساء كيف يمكنهن الفوز برجل!
وهكذا إدبار الناس عن الوحي والفطرة يجلب الشقاء، تماماً كغواية إبليس للأبوين في أمر الشجرة.
وهذا التعليق ليس الأول من نوعه، فهنا علقت على نظيره:
https://t.me/alkulife/7788
وذلك قبل عدة أعوام، وأزيد هنا:
الغنم بالغرم، وُعُود النسوية للنساء تشبه وُعُود من يقول لك: كُلْ ما تشاء وبالكميات التي تريدها وكن سعيداً بذلك وستحظى بصحة جيدة وعمر مديد ولن يختلف حالك عمن حرص على صحته وأتعب نفسه بالرياضة وترك ما يشتهي وأكل الطعام الصحي.
هل هذا معقول؟
هكذا هو الجشع النسوي وذلك الخداع والأماني البراقة التي هي بمنزلة الطُّعم للسمكة حتى تتمكن المؤسسة الرأسمالية من اصطياد المرأة وتجييرها لصالحها، ثم بعد ذلك لتنسى الراحة، ويدلّك على ذلك كثرة الشكاية من الاكتئاب وكثرة العيادات النفسية وكثرة الحديث في مواقع كثيرة مخصصة لتعليم النساء كيف يمكنهن الفوز برجل!
وهكذا إدبار الناس عن الوحي والفطرة يجلب الشقاء، تماماً كغواية إبليس للأبوين في أمر الشجرة.