((صِبْغَةَ اللَّهِ ً ))
35.3K subscribers
19.2K photos
4K videos
3.17K files
13.8K links

نستقبل مشاركاتكم وملاحظاتكم وأسالتكم على البوت التالي ⬇️
@Sbqat23_bot
Download Telegram
السيرة النبوية 216
فتح مكة 6
الشيخ صالح الخليفة

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الدرس السادس عشر بعد المائتين في سيرته صلى الله عليه وسلم.

ممن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمهم عبد الله بن سعد بن أبي السرح العامري القرشي؛ وهذا كان قد أسلم، ثم -قال ابن عباس- فأزله الشيطان وعاد مشركا إلى مكة.. فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه مع مجموعة من المشركين في مكة.. (1)

الرجل ضاقت به الأرض، فذهب إلى عثمان بن عفان -وكان أخا له من الرضاعة-، وطلب من عثمان أن يؤمنه عند النبي صلى الله عليه وسلم..

لما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الناس للبيعة، تقدم عثمان وقال: يا رسول الله، بايع عبد الله بن سعد.. فصمت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبايعه.. ثم أعاد الطلب عثمان مرة أخرى؛ قال: يا رسول الله بايع عبد الله، فصمت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبايع، ثم طلبه عثمان مرة ثالثة، وقال: يا رسول الله بايع عبد الله..

فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم.. ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أما كان فيكم رجل رشيد قام إليه إذ رآني لم أبايعه فقتله! قالوا: يا رسول الله، وما يدرينا أنك تريد قتله؟ ألا أومأت إلينا بعينك! قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين. (2)

أيها الإخوة، هذه القصة تمر بنا.. لكن كم كان طول هذه اللحظات التي انتظر فيها عبد الله بن سعد أن يبايعه النبي صلى الله عليه وسلم!؟.. اللحظة بعام.. اللحظة بعمر كامل.. بين أن يقبله وبين أن يقتل فيموت كافرا خالدا مخلدا في النار..

تأمل وتصور موقف عبد الله بن سعد وهو واقف ينتظر أمر النبي صلى الله عليه وسلم: إما  الرضا والبيعة، وإما أن يرفضه ثم يقتله.. بل كان ينتظر أن يقوم أحد الصحابة فيقتله.. ما الذي منع هذا أيها الإخوة..

هذا الصمت الذي دام على عبد الله دام دهورا وهو ينتظر.. والنبي صلى الله عليه وسلم ينتظر أحد أصحابه.. لكن القدر جاء.. وسابق فضل الله على عبد الله أن يدخل الإسلام وأن يكون من خيار الصحابة..

نقل الذهبي رحمه الله قال: هو أبو يحيى القرشي العامري، منذ أن أسلم في مكة لم يتعد، وكان من خيار الناس وأجوادهم. (3)

بل، تأملوا أيها الإخوة، قاد جيوش المسلمين في أفريقية، وقتل القائد جرجير.. وغزا في ذات الصواري.. وكسروا الروم وقتلوهم مقتلة عظيمة.. وولاه عثمان إمرة مصر.. وكان من أهل العدل والتقى والجود والفضل.. ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية، ذهب إلى عسقلان إلى الرملة -فلسطين حاليا- وانزوى فيها، ولم يدخل مع هذا ولا مع هذا هروبا من الفتنة وحفظا لدينه.

وفي آخر خلافة علي رضي الله عنه، وكان عبد الله بن سعد بن أبي السرح، ينتظر فجر ذلك اليوم، وهو يقول لولده: يا هشام انظر أطلع الصبح، فإني أجد برده.. قال: نعم. فقال عبد الله: اللهم اجعل آخر عملي في الدنيا صلاة.. صلى الفجر، قرأ في الأولى الفاتحة والعاديات، وفي الثانية قرأ الفاتحة وسورة، سلم التسليمة الأولى أيها الإخوة، وقبل أن يسلم الثانية فاضت روحه ومضى إلى ربه رضي الله عنه وأرضاه.. (4)

هذا الذي كان ينتظر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تضرب عنقه لأنه ارتد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر أحدا من أصحابه ليقوم فيقتله.. ومع هذا كله أبى الله إلا أن تجري وتتنزل رحمته على هذا الصحابي رضي الله عنه وأرضاه.. وأسأل الله أن يشملنا برحمته، وأن يسبقنا بعفوه ورحمته إنه جواد كريم.

نقف على هذا. ونكمل إن شاء الله في الدرس القادم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

---------------
(1) صحيح النسائي، 4080.
(2) صحيح أبي داود، 4359.
(3) سير أعلام النبلاء، الذهبي، 3/ 34.
(4) سير أعلام النبلاء، الذهبي، 3/ 33-35.


#سلسلة_دروس_في_السيرة_النبوية
#الشيخ_صالح_الخليفة
#الحلقة_السادسة_عشرة_بعد_المائتين
#انتقاء_الإسلام_ديني
#تفريغ_منتدى_النجاح_والتميز