السيرة النبوية 215
فتح مكة 5
الشيخ صالح الخليفة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الدرس الخامس عشر بعد المائتين في سيرته صلى الله عليه وسلم.
من الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمهم حين فتح مكة، رجل يقال له مقيس بن صبابة، وقصة هذا الرجل أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر مظهرا الإسلام، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أطلب دية أخي، وكان أخوه قد قتل في خيبر.. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية، وأظهر الرجل الإسلام، ثم إنه عدا على الأنصاري الذي قتل أخاه، وكان قد قتله خطأ رضي الله عنه في خيبر.. عدا عليه فقتله.. ثم عاد هذا الخبيث إلى مكة مفتخرا أنه ضحك على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، وقد أخذ بثأره، وقال أبياتا في ذلك، يقول فيها إنه قد شفا عليله بقتل قاتل أخيه، وعاد إلى مكة وعلى دين أهل مكة كما كان من قبل، وأنه ما فعل ذلك إلا استخفافا وخداعا للمسلمين.
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دمه، وكان من الذين قال: وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة.. هذه نهاية كل ظالم خائن؛ فإنه قد غدر وكذب وقتل وأخذ مالا بغير حقه، فقتله أحد أقاربه، وجده في مكة فقتله.
ما بين هذا وهذا أيها الإخوة، ما بين ما فعله وبين مقتله قرابة السنتين.. ظن الأمر سيطول، وأنه قد فاز بما أراد، وأنه عاد منتصرا، ولكن الله تعالى قد قال: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} (1).. هذا الرجل ظلم فكان جزاؤه أن قتل في الحرم، وأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه.. فما فاز ولا اهتنى بما قد فعله، نسأل الله حسن العاقبة وحسن التدبير، وأن يثبتنا على دينه..
مما قاله هذا الرجل في قصيدته:
قال ابن إسحاق:
قدم مقيس بن صبابة من مكة مسلما فيما يظهر، فقال: يا رسول الله، جئتك مسلما، وجئتك أطلب دية أخي، قتل خطأ، -وأخوه اسمه هشام- فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام.. فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كثير -مكث مدة يسيرة-، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى مكة مرتدا وقال في أبيات له:
شفى النفس أن قد بات في القاع مسندا
تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله
تلم فتحميني وطاء المضاجع
حللت به وتري وأدركت ثؤرتي
وكنت إلى الأوثان أول راجع
ثأرت به فهرا وحملت عقله
سراة بني النجار أرباب فارع (2)
نعوذ بالله من الخذلان ومن الضلال بعد الهدى..
فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة كان ممن أهدر دمهم هذا مقيس بن صبابة فقتل على يد أحد بني عمه كما ذكرت سالفا.
نقف على هذا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
---------------
(1) سورة إبراهيم، الآية 42.
(2) السيرة النبوية، ابن هشام، 2/294.
#سلسلة_دروس_في_السيرة_النبوية
#الشيخ_صالح_الخليفة
#الحلقة_الخامسة_عشرة_بعد_المائتين
#انتقاء_الإسلام_ديني
#تفريغ_منتدى_النجاح_والتميز
فتح مكة 5
الشيخ صالح الخليفة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الدرس الخامس عشر بعد المائتين في سيرته صلى الله عليه وسلم.
من الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمهم حين فتح مكة، رجل يقال له مقيس بن صبابة، وقصة هذا الرجل أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر مظهرا الإسلام، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أطلب دية أخي، وكان أخوه قد قتل في خيبر.. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية، وأظهر الرجل الإسلام، ثم إنه عدا على الأنصاري الذي قتل أخاه، وكان قد قتله خطأ رضي الله عنه في خيبر.. عدا عليه فقتله.. ثم عاد هذا الخبيث إلى مكة مفتخرا أنه ضحك على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، وقد أخذ بثأره، وقال أبياتا في ذلك، يقول فيها إنه قد شفا عليله بقتل قاتل أخيه، وعاد إلى مكة وعلى دين أهل مكة كما كان من قبل، وأنه ما فعل ذلك إلا استخفافا وخداعا للمسلمين.
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دمه، وكان من الذين قال: وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة.. هذه نهاية كل ظالم خائن؛ فإنه قد غدر وكذب وقتل وأخذ مالا بغير حقه، فقتله أحد أقاربه، وجده في مكة فقتله.
ما بين هذا وهذا أيها الإخوة، ما بين ما فعله وبين مقتله قرابة السنتين.. ظن الأمر سيطول، وأنه قد فاز بما أراد، وأنه عاد منتصرا، ولكن الله تعالى قد قال: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} (1).. هذا الرجل ظلم فكان جزاؤه أن قتل في الحرم، وأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه.. فما فاز ولا اهتنى بما قد فعله، نسأل الله حسن العاقبة وحسن التدبير، وأن يثبتنا على دينه..
مما قاله هذا الرجل في قصيدته:
قال ابن إسحاق:
قدم مقيس بن صبابة من مكة مسلما فيما يظهر، فقال: يا رسول الله، جئتك مسلما، وجئتك أطلب دية أخي، قتل خطأ، -وأخوه اسمه هشام- فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام.. فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كثير -مكث مدة يسيرة-، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى مكة مرتدا وقال في أبيات له:
شفى النفس أن قد بات في القاع مسندا
تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله
تلم فتحميني وطاء المضاجع
حللت به وتري وأدركت ثؤرتي
وكنت إلى الأوثان أول راجع
ثأرت به فهرا وحملت عقله
سراة بني النجار أرباب فارع (2)
نعوذ بالله من الخذلان ومن الضلال بعد الهدى..
فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة كان ممن أهدر دمهم هذا مقيس بن صبابة فقتل على يد أحد بني عمه كما ذكرت سالفا.
نقف على هذا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
---------------
(1) سورة إبراهيم، الآية 42.
(2) السيرة النبوية، ابن هشام، 2/294.
#سلسلة_دروس_في_السيرة_النبوية
#الشيخ_صالح_الخليفة
#الحلقة_الخامسة_عشرة_بعد_المائتين
#انتقاء_الإسلام_ديني
#تفريغ_منتدى_النجاح_والتميز