ندم.
بين الأمس اليوم على بشاعة كليهما لا زال هناك فارق لصالح أيام زمان.. قتلوا حسن وكثيرا من أمثاله، ولكنهم لم يقطعوا راتب أطفاله.. أما حرب اليوم فيقتلونك ويقطعون راتبك على أسرتك حتى قبل أن تموت .. قطعوا الرواتب لنكون محاطب حرب.. ابتزوا الناس وأذلوهم بقطع رواتبهم سنوات طوال.. أما الجبهة وأما التسول والإذلال واستباحة الكرامة..
أكثر من مليون ونصف المليون يمني يعيلون أكثر من سبعة مليون نسمة قطعت رواتبهم، وكثيرون غيرهم قطعت سبل الرزق الكريم عنهم وعاشوا معاناة أكبر من الموت وأكثر من الجحيم.. ويبقى الأكثر بشاعة وجحيما أن العالم توطأ مع هذا الجحيم، وتلك المأساة التي لن تنتهي، وستبقى ندباتها في القلب إلى يوم يبعثون..
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
بين الأمس اليوم على بشاعة كليهما لا زال هناك فارق لصالح أيام زمان.. قتلوا حسن وكثيرا من أمثاله، ولكنهم لم يقطعوا راتب أطفاله.. أما حرب اليوم فيقتلونك ويقطعون راتبك على أسرتك حتى قبل أن تموت .. قطعوا الرواتب لنكون محاطب حرب.. ابتزوا الناس وأذلوهم بقطع رواتبهم سنوات طوال.. أما الجبهة وأما التسول والإذلال واستباحة الكرامة..
أكثر من مليون ونصف المليون يمني يعيلون أكثر من سبعة مليون نسمة قطعت رواتبهم، وكثيرون غيرهم قطعت سبل الرزق الكريم عنهم وعاشوا معاناة أكبر من الموت وأكثر من الجحيم.. ويبقى الأكثر بشاعة وجحيما أن العالم توطأ مع هذا الجحيم، وتلك المأساة التي لن تنتهي، وستبقى ندباتها في القلب إلى يوم يبعثون..
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
نت أدرس الثانوية في مدرسة البروليتاريا، وهو يتحدث بالصوت والصورة عن انتهاكات فضيعه لحقوق الإنسان طالت نشطاء وسياسيين ومقاومين لأنظمة دكتاتورية في أمريكا اللاتينية والوسطى والمغرب العربي وغيره.. كنت وأنا أشاهد الفلم أشعر أن الموت بالنسبة للمعتقل المعذب صار أمنية بعيدة المنال.. ها أنا أشاهد تعذيب حي وبأم عيناي وإن كان دون مستواه.. أسمع صراخ التعذيب دون وسيط أو تصوير.. أما ما يحدث اليوم، فدونه حتى الجحيم..
• في نفس المكان واليوم تاريخ 18 يناير 1986 عرض أحد المحققين عليّ أن أشارك في التحقيق بعد أن عرف أنني أدرس في كلية الحقوق.. فرفضت عرضه، وحدثت نفسي: يا إلهي.. أيعقل هذا !! أنا الحالم بالعدالة في الأرض كلها أصير مجرما كبيرا وعاتيا.. أنا أريد أن أكون قاضيا أو محاميا، وهذا يريد أن يحولني إلى جلاد.. يجب أن أغادر هذا المكان البشع، وأن لا أعود إليه.. وجب على ضميري أن يستريح من الوجع وتأنيب الضمير.. صراع مرير مع ضميري، وآن الآن لضميري أن يستريح..
• ذهبت لمقابلة القيادة بمعاونة صديقي.. كانت القيادة تتمركز في مبنى البريد.. كان أحدهم يافعي يعمل مديرا لمؤسسة اقتصادية، والأخر قيادي عسكري.. طلبت الأذن بالمغادرة، وأردت تسليم سلاحي.. كان صديقي ينتظر الموافقة ليستلم سلاحي وذخيرتي، وبالفعل حدث هذا، وعدت إلى بيتي دون سلاح أو ذخيرة.. لم يفعلها أحد، ولم أسمع بمنتصر سلم سلاحه وعاد إلى بيته.
• نعم في هذا اليوم 18 يناير 1986عندما كان يتجه المزايدون والنفعيون والانتهازيون للانضمام للفريق المنتصر، كنت أنا أسلمّ سلاحي وذخيرتي وأغادر ساحته إلى البيت.. كان عليّ أن أبدأ دورة أخرى من معاناة ومأسي المجتمع، ولكن بضمير منتصر.. وسأستعرض فيما يلي بعضها..
***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• في نفس المكان واليوم تاريخ 18 يناير 1986 عرض أحد المحققين عليّ أن أشارك في التحقيق بعد أن عرف أنني أدرس في كلية الحقوق.. فرفضت عرضه، وحدثت نفسي: يا إلهي.. أيعقل هذا !! أنا الحالم بالعدالة في الأرض كلها أصير مجرما كبيرا وعاتيا.. أنا أريد أن أكون قاضيا أو محاميا، وهذا يريد أن يحولني إلى جلاد.. يجب أن أغادر هذا المكان البشع، وأن لا أعود إليه.. وجب على ضميري أن يستريح من الوجع وتأنيب الضمير.. صراع مرير مع ضميري، وآن الآن لضميري أن يستريح..
• ذهبت لمقابلة القيادة بمعاونة صديقي.. كانت القيادة تتمركز في مبنى البريد.. كان أحدهم يافعي يعمل مديرا لمؤسسة اقتصادية، والأخر قيادي عسكري.. طلبت الأذن بالمغادرة، وأردت تسليم سلاحي.. كان صديقي ينتظر الموافقة ليستلم سلاحي وذخيرتي، وبالفعل حدث هذا، وعدت إلى بيتي دون سلاح أو ذخيرة.. لم يفعلها أحد، ولم أسمع بمنتصر سلم سلاحه وعاد إلى بيته.
• نعم في هذا اليوم 18 يناير 1986عندما كان يتجه المزايدون والنفعيون والانتهازيون للانضمام للفريق المنتصر، كنت أنا أسلمّ سلاحي وذخيرتي وأغادر ساحته إلى البيت.. كان عليّ أن أبدأ دورة أخرى من معاناة ومأسي المجتمع، ولكن بضمير منتصر.. وسأستعرض فيما يلي بعضها..
***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
أصداء
محمد اللوزي:
الكتابة بدم القلب صراخ من أجل الحياة صياغة أخرى نستحقها كبشر على هذا الكوكب وأنت تكتب عالما يروق لمن يعرف معنى الانسان الذي كرمه الله. الكتابة هنا تجسيد حي لما نريد ولما نرفضه من هوان واعتقال للعقل، وديماغوجية قوم لايفقهون معنى الاخر كحضور نبيل. للكتابة التي تصيغ عالمها من عمق المعاناة نكهة أخرى، لايدركها القمعيون ويعجزون أمامها، تربكهم، تحط من قدرهم، تجعلهم تنابلة. لذلك يحاولون لجم الحرف من أن يقول الحقيقة ويضعون موانع عديدة تصل الى درجة القهرية.
انت تكتب لنقراء مافينا من تاريخ مرهق وتعب يلازمنا حد الوجع. تكتب لتكشف اسرارا وتداعيات مراحل لذلك تبقى مريبا ومخيفا لدى السجانون والعابثون بالحياة. تكتب لتنير الواقع الذي يريدونه ظلاما يسكن فينا لأنهم يعجزون من رؤية الحقيقية كماهي عارية. وقد قيل الانسان لايتحمل الحقيقة.
لذلك يغالط ويداري ويصل الى ارتكاب حماقة في حق الحرف. تكتب وستجد من يلومك او يخيفك او يخشاك او يتآمر على الكتابة.. يريدها تمويها وزيفا وخداعا وكذبا. ولن يجد شيئا من هذا لديك.
تستحضر الماضي لنبصر الحاضر ونتشوف المستقبل ونعمل من أجل مانريد حرية وجمال ونقد عميق للمزري الذي اتعبنا.. لابد للحقيقة أن تقال. وأنت الحقيقة وتعبهم. لذلك عليك ان تقاوم وترفض وتكتب مايمليه ضميرك. سلام عليك في الاولين والآخرين.
محمد اللوزي:
الكتابة بدم القلب صراخ من أجل الحياة صياغة أخرى نستحقها كبشر على هذا الكوكب وأنت تكتب عالما يروق لمن يعرف معنى الانسان الذي كرمه الله. الكتابة هنا تجسيد حي لما نريد ولما نرفضه من هوان واعتقال للعقل، وديماغوجية قوم لايفقهون معنى الاخر كحضور نبيل. للكتابة التي تصيغ عالمها من عمق المعاناة نكهة أخرى، لايدركها القمعيون ويعجزون أمامها، تربكهم، تحط من قدرهم، تجعلهم تنابلة. لذلك يحاولون لجم الحرف من أن يقول الحقيقة ويضعون موانع عديدة تصل الى درجة القهرية.
انت تكتب لنقراء مافينا من تاريخ مرهق وتعب يلازمنا حد الوجع. تكتب لتكشف اسرارا وتداعيات مراحل لذلك تبقى مريبا ومخيفا لدى السجانون والعابثون بالحياة. تكتب لتنير الواقع الذي يريدونه ظلاما يسكن فينا لأنهم يعجزون من رؤية الحقيقية كماهي عارية. وقد قيل الانسان لايتحمل الحقيقة.
لذلك يغالط ويداري ويصل الى ارتكاب حماقة في حق الحرف. تكتب وستجد من يلومك او يخيفك او يخشاك او يتآمر على الكتابة.. يريدها تمويها وزيفا وخداعا وكذبا. ولن يجد شيئا من هذا لديك.
تستحضر الماضي لنبصر الحاضر ونتشوف المستقبل ونعمل من أجل مانريد حرية وجمال ونقد عميق للمزري الذي اتعبنا.. لابد للحقيقة أن تقال. وأنت الحقيقة وتعبهم. لذلك عليك ان تقاوم وترفض وتكتب مايمليه ضميرك. سلام عليك في الاولين والآخرين.
طغيان لا يريدنا أن نكتب أو ننشر..
كثير مما كتبه غرامشي حجبه الحزب الذي ينتمي إليه..
كثير ممن كتبوا ليتم نشر ما كتبوه بعد وفاتهم لم يتم نشره إلى اليوم..
سعاد حسني أجلت كتابة مذكراتها وعندما شرعت في الحديث فقط عن مذكراتها تم تصفيتها من قبل المخابرات المصرية بالاشتراك مع المخابرات البريطانية..
وفي اليمن لنا أن نسأل: أين المذكرات الغير منشورة للبردوني وجار الله عمر؟!!
لست بصدد المقارنة هنا ولكن بصدد القول: كثير مما ينبغي أن يُنشر لم يُنشر، وربما لا يُنشر إلى الأبد.. وربما يُنشر موظفا لخدمة حزب أو جماعة، أو يُنشر على نحو يتم الاساءة إليه أكثر من طمره، وقد رأينا بعض من هذا بأم العين..
أنا أحاول أن اكتب وأنشر مذكراتي وتفاصيل حياتي المتواضعة واتناول ما أعرفه من حقائق وكشفها للناس..
ولكن هنا وهناك يقولون مش وقته..
ومتى وقته؟! هل بعد أن أموت؟!
إن راعيت حساسية كل طرف فيما تكتب لن تكتب أبدأ.. وما فائدة النشر وقد أهدرت الحاجة لما تكتب.. والاتعاظ مما تكتب!
دعوني أنشر مذكراتي وأنافح من أجل الحقيقة، فيما بقي لي من هامش حياة وحقوق..
ربما حتى هذا الهامش لن أجده في الغد، وربما أموت قبل أن يأتي هذا الغد أو قبل أن أصل إليه.
لماذا تخشون الحقيقة المرّة.؟!
يريدون أن يزورون التاريح أو ننتظر حتى يزورونه..
المجرمون فقط هم من يخشون انكشاف ماضيهم الإجرامي..
هل أنتم مجرمون؟!
إن كان هذا ليس وقته في تقديركم لحساسية الوضع..
هنا وهناك يقولون ذلك ويؤكدون عليه..
هنا يقولون أننا نخدم العدوان.. لأننا نكتب ونتناول ما لا يرغبوه..
وهناك يقولون نثير الإنقسام والفتن وهم لا زالوا يتقاتلوا إلى اليوم.. حدث يفترض أن يكون هذا الماضي قد صار تاريخا.. حدثا مروعا لا يريدون أن نكتبه أو ننشر عنه ولا يريدون الاتعاظ منه..
بعض المستبدون والطغاة يريدوا أن يحددوا متى نكتب ومتى علينا أن نمتنع!!
يريدون أن يكونون أوصياء حتى على تفاصيل حياتك وكتابتها ونشرها!!
هم يحددون لك ماذا تكتب وماذا لا تكتب!!
يحددون لك أولوياتك وأولويات ما تكتب؟!!
إن ماضيهم وحاضرهم هش.. يريدون أن لا تقربه
إنه حجر يريدون أن يفرضونه عليك..
بل هو أكثر من الوصاية..
هذا استبداد كامل الأركان.. بل هو الطغيان ذاته..
لا بأس أن أقول لكم الآن لا تقتلوا فيما بينكم يا جنوبيين.. عليكم أن لا تعيدوا ما فات من ماضي أليم .. كفاية اقتتال.. أريد أن أذكركم بماض لا أريد أن تكررونه.. حذاري أن تقتلوا مرة أخرى..
ولا بأس أن أقول لليمنيين جميعا .. يكفي حروب فيما بينكم.. الحروب مآسي وويلات كثار .. الحروب كارثة وطن..
أقول للجميع: ما أحوجكم للاتعاظ من ماضيكم وليس إهالة التراب عليه، أو قمع الحقيقة أيا كانت..
ولمن لم يفهم أقول: تفاصيل حياتي تخصني وحدي .. أنا فقط صاحب القرار..
لا زلت حرا.. وسأقاوم الاستبداد بأي صيغة وأي لباس كان..
ومن سقفه الموت لا يكترث..
الموت أكرم من الاستبداد..
سأتمرد على الجميع من أجل حريتي..
الحرية هي عشقي الأبدي.. دونها الموت أهون..
كثير مما كتبه غرامشي حجبه الحزب الذي ينتمي إليه..
كثير ممن كتبوا ليتم نشر ما كتبوه بعد وفاتهم لم يتم نشره إلى اليوم..
سعاد حسني أجلت كتابة مذكراتها وعندما شرعت في الحديث فقط عن مذكراتها تم تصفيتها من قبل المخابرات المصرية بالاشتراك مع المخابرات البريطانية..
وفي اليمن لنا أن نسأل: أين المذكرات الغير منشورة للبردوني وجار الله عمر؟!!
لست بصدد المقارنة هنا ولكن بصدد القول: كثير مما ينبغي أن يُنشر لم يُنشر، وربما لا يُنشر إلى الأبد.. وربما يُنشر موظفا لخدمة حزب أو جماعة، أو يُنشر على نحو يتم الاساءة إليه أكثر من طمره، وقد رأينا بعض من هذا بأم العين..
أنا أحاول أن اكتب وأنشر مذكراتي وتفاصيل حياتي المتواضعة واتناول ما أعرفه من حقائق وكشفها للناس..
ولكن هنا وهناك يقولون مش وقته..
ومتى وقته؟! هل بعد أن أموت؟!
إن راعيت حساسية كل طرف فيما تكتب لن تكتب أبدأ.. وما فائدة النشر وقد أهدرت الحاجة لما تكتب.. والاتعاظ مما تكتب!
دعوني أنشر مذكراتي وأنافح من أجل الحقيقة، فيما بقي لي من هامش حياة وحقوق..
ربما حتى هذا الهامش لن أجده في الغد، وربما أموت قبل أن يأتي هذا الغد أو قبل أن أصل إليه.
لماذا تخشون الحقيقة المرّة.؟!
يريدون أن يزورون التاريح أو ننتظر حتى يزورونه..
المجرمون فقط هم من يخشون انكشاف ماضيهم الإجرامي..
هل أنتم مجرمون؟!
إن كان هذا ليس وقته في تقديركم لحساسية الوضع..
هنا وهناك يقولون ذلك ويؤكدون عليه..
هنا يقولون أننا نخدم العدوان.. لأننا نكتب ونتناول ما لا يرغبوه..
وهناك يقولون نثير الإنقسام والفتن وهم لا زالوا يتقاتلوا إلى اليوم.. حدث يفترض أن يكون هذا الماضي قد صار تاريخا.. حدثا مروعا لا يريدون أن نكتبه أو ننشر عنه ولا يريدون الاتعاظ منه..
بعض المستبدون والطغاة يريدوا أن يحددوا متى نكتب ومتى علينا أن نمتنع!!
يريدون أن يكونون أوصياء حتى على تفاصيل حياتك وكتابتها ونشرها!!
هم يحددون لك ماذا تكتب وماذا لا تكتب!!
يحددون لك أولوياتك وأولويات ما تكتب؟!!
إن ماضيهم وحاضرهم هش.. يريدون أن لا تقربه
إنه حجر يريدون أن يفرضونه عليك..
بل هو أكثر من الوصاية..
هذا استبداد كامل الأركان.. بل هو الطغيان ذاته..
لا بأس أن أقول لكم الآن لا تقتلوا فيما بينكم يا جنوبيين.. عليكم أن لا تعيدوا ما فات من ماضي أليم .. كفاية اقتتال.. أريد أن أذكركم بماض لا أريد أن تكررونه.. حذاري أن تقتلوا مرة أخرى..
ولا بأس أن أقول لليمنيين جميعا .. يكفي حروب فيما بينكم.. الحروب مآسي وويلات كثار .. الحروب كارثة وطن..
أقول للجميع: ما أحوجكم للاتعاظ من ماضيكم وليس إهالة التراب عليه، أو قمع الحقيقة أيا كانت..
ولمن لم يفهم أقول: تفاصيل حياتي تخصني وحدي .. أنا فقط صاحب القرار..
لا زلت حرا.. وسأقاوم الاستبداد بأي صيغة وأي لباس كان..
ومن سقفه الموت لا يكترث..
الموت أكرم من الاستبداد..
سأتمرد على الجميع من أجل حريتي..
الحرية هي عشقي الأبدي.. دونها الموت أهون..
من أحداث يناير 1986
(8)
إعدامات وتصفيات خارج القانون
سلمت سلاحي وعدت إلى البيت.. تواصل بي حسن عبد الله الأعور، وطلب مني المجيء إلى منزله.. كنّا جميعا نسكن في حي الثورة “القلوعة”، وكنت أزوره إلى منزله في معظم الأحيان.. كانت تربطني به علاقات صداقة واحترام، وفضلا عن ذلك نحن من منطقة واحده في الشمال.
حسن عبد الله رجل مكافح اعتمد على نفسه في بناء نفسه.. تغلّب على عاهة فقدان النظر في أحدى عينيه.. مكافح وناجح بعين واحده.. وصل إلى رتبة رائد أو نقيب، وشغل وظيفة النائب السياسي للمليشيا الشعبية في عدن ـ معسكر20ـ حسن عبد الله رجل كادح ومعدم بناء نفسه من الصفر والعدم.. كان يتميز بتواضعه الجم، وأكثر ما يميزه أنه خدوم جدا لكل الناس الذين يقصدونه بما فيهم من يختلفون معه في الرأي أو الموقف.. لا يحمل حقدا أو غلا على من يختلف معه في الرأي السياسي، ولا يتردد هو أيضا في إعلان رأيه.. وموقفه ضد الاحتكام إلى السلاح..
كان يتعامل معي باحترام فائق، وكنت أكنّ له كثيرا من الود والتقدير والاحترام، ولم تستطع السياسة واختلاف رأينا عن بعض أن يفسد ما بيننا من ود..
حسن عبد الله كان لديه عدد كبير من الأبناء الصغار أكبرهم لم يتجاوز الـ15 سنة فيما زوجته مصابه بمرض في القلب، وتعيش على دواء دائم.. حالتها الصحية تزداد تدهورا..
كنت أشعر أنه في وضع صعب وأن نجاته من هذه الأحداث العاصفة ضئيلا جدا.. أشعر أن الانتقام الأعماء سيكون سيد الموقف، بعيد عن أي عدالة أو قانون أو محاكمة حتى وإن كانت صوريّة.. تصوروا حتى المحاكمة الصورية كانت مستحيلة وبعيدة المنال..
كان الموت باذخا، واسترخاص دماء وحياة الخصوم بخسة إلى حد لا يساوي أحيانا قيمة رصاصة.. عندما تبخس حياة الناس إلى هذه الدرجة اعلم إنك تعيش كارثة وطن ومأساة شعب تطول.. ما أرخص حياة الإنسان عند المنتقمين.. أحسست أن أبناؤه الكُثر وجميعهم قاصرين سيكونون أيضا ضحايا جنون هذه الحرب التي عصفت بالرفاق.. أشعر أن ثمة مأساة سيعشونها في قادم الأيام..
ذهبت إلى منزله.. حلّق بي الصغار كأنني سفينة نجاة، وأنا أنشج في داخلي وأغالب حزني الكثيف وغصص مكتومة تذبح حنجرتي من الداخل.. شاهدت الأم مرعوبة من قدر سيأتي.. تبكي بحرقة الفقدان والمستقبل المجهول.. مصاب فادح وجلل سيصيبها وعيالها، وهي تحمل جبل من الهم والأسئلة لزمن عبوس قادم.. كانت ترجو من الأيام الرفق بها من قادم ثقيل وأسود سواد هذه الأحداث الأشد من قاتمة وأكثر من قاتلة..
جو من الكآبة والحزن حاولت أن أغادره، وزوجته تبلغني أنه في منزل لقريب في مكان قريب.. وجعلت من احد أبناءها دليلي لأصل إليه..
ألتقيت به.. أحسست بمأساته وكم من المآسي ستترك هذه الحرب.. عرضت عليه أن يأتي إلى بيتنا، فربما هو أكثر أمانا، فيما المنزل الذي هو فيه ربما إن لم يكن بحكم الأكيد سيتعرض للتفتيش، وسيتم اعتقاله، ولا ندري ماذا بعد الاعتقال!! الاحتمالات المفجعة صارت هي الأكثر ورودا، وما عداها يتحول إلى احتمال ضئيل.. في أفضل الأحوال إن نجاء من الموت، سيجري ضربه وتعذيبه وإهانته واستباحة كل حقوقه في المعتقل، وقد شاهدت بعض مما حدث في "كريتر" قبل يوم..
عرضت عليه أن يختبئ عندي إلى أن نجد مخرجا وما جرى له جرى علينا.. غير أنه أخبرني أنه تواصل بعبد الحافظ قائد ـ وكان من الشخصيات التاريخية الهامة في الحركة الوطنية وفي موضع احترام وتقدير لدى القادة السياسيين في الحزب والدولة وهو من الرجال القلة الممتلئين ـ قال لي أنه عرض وضعه عليه فنصحه أن يسلِّم نفسه وهو سيتابع موضوعه.. هو أيضا فضَّل هذا الخيار على خيار استضافتي له في البيت.. ولكن كان للقتلة خيارهم، وكان القتل منفلت الزمام، ولم يكن القتلة يعبئون بالعقل ولا بالاتزان؛ فخاب تقدير حسن وتقدير حافظنا الطيب.
سلم حسن عبد الله نفسه للفريق المنتصر، وتم إرساله لسجن “صبر” في محافظة لحج، وبعد أسابيع أو شهور تم تصفيته مع كثير من المعتقلين بدون محاكمة.. كان قتلا خارج القانون.. عرفت أن الضوء الأخضر جاء من قائد أمني كبير، ترك مهمة القتل وتقديره لمن هم دونه.. تصفيات وانتقامات متوحشة خارج القانون ارتكبها الطرفين..
قلوب وعيون أطفال حسن وجميعهم قاصرين، وزوجته المريضة أعياهم الانتظار.. ظلوا ينتظرون عودته سنوات طوال.. ظل أفراد الأسرة يترقبون كل يوم أن يطرق حسن الباب، وحسن كان قد غادر قسرا إلى اللاعودة واللااياب.. عذاب يومي ثقيل ومؤلم ظلت أسرته تعيشه طيلة الليل والنهار لسنوات طوال.
لم تقتصر مثل هذه التصفيات على طرف دون آخر بل كلا الطرفين تسابقا وأثخنا بالقتل حد العبث والجنون.. خيرة كوادر الحزب والدولة وكثير من الأبرياء كانوا ضحايا هذه الحرب اللعينة والمملوءة بالقسوة والانتقام.. كانت هذه الحرب بداية لهزيمة كبيرة لاحقه للحزب والجنوب والوطن في 1994.
في أحدث 13 يناير ارتكبت مجازر ومذابح مروّعة بعضها يشبه جرائم “داعش” اليوم . إننا قوم لا ندرك ما بلغناه من جنون القتل والدمار إلا بعد فوات الأون وال
(8)
إعدامات وتصفيات خارج القانون
سلمت سلاحي وعدت إلى البيت.. تواصل بي حسن عبد الله الأعور، وطلب مني المجيء إلى منزله.. كنّا جميعا نسكن في حي الثورة “القلوعة”، وكنت أزوره إلى منزله في معظم الأحيان.. كانت تربطني به علاقات صداقة واحترام، وفضلا عن ذلك نحن من منطقة واحده في الشمال.
حسن عبد الله رجل مكافح اعتمد على نفسه في بناء نفسه.. تغلّب على عاهة فقدان النظر في أحدى عينيه.. مكافح وناجح بعين واحده.. وصل إلى رتبة رائد أو نقيب، وشغل وظيفة النائب السياسي للمليشيا الشعبية في عدن ـ معسكر20ـ حسن عبد الله رجل كادح ومعدم بناء نفسه من الصفر والعدم.. كان يتميز بتواضعه الجم، وأكثر ما يميزه أنه خدوم جدا لكل الناس الذين يقصدونه بما فيهم من يختلفون معه في الرأي أو الموقف.. لا يحمل حقدا أو غلا على من يختلف معه في الرأي السياسي، ولا يتردد هو أيضا في إعلان رأيه.. وموقفه ضد الاحتكام إلى السلاح..
كان يتعامل معي باحترام فائق، وكنت أكنّ له كثيرا من الود والتقدير والاحترام، ولم تستطع السياسة واختلاف رأينا عن بعض أن يفسد ما بيننا من ود..
حسن عبد الله كان لديه عدد كبير من الأبناء الصغار أكبرهم لم يتجاوز الـ15 سنة فيما زوجته مصابه بمرض في القلب، وتعيش على دواء دائم.. حالتها الصحية تزداد تدهورا..
كنت أشعر أنه في وضع صعب وأن نجاته من هذه الأحداث العاصفة ضئيلا جدا.. أشعر أن الانتقام الأعماء سيكون سيد الموقف، بعيد عن أي عدالة أو قانون أو محاكمة حتى وإن كانت صوريّة.. تصوروا حتى المحاكمة الصورية كانت مستحيلة وبعيدة المنال..
كان الموت باذخا، واسترخاص دماء وحياة الخصوم بخسة إلى حد لا يساوي أحيانا قيمة رصاصة.. عندما تبخس حياة الناس إلى هذه الدرجة اعلم إنك تعيش كارثة وطن ومأساة شعب تطول.. ما أرخص حياة الإنسان عند المنتقمين.. أحسست أن أبناؤه الكُثر وجميعهم قاصرين سيكونون أيضا ضحايا جنون هذه الحرب التي عصفت بالرفاق.. أشعر أن ثمة مأساة سيعشونها في قادم الأيام..
ذهبت إلى منزله.. حلّق بي الصغار كأنني سفينة نجاة، وأنا أنشج في داخلي وأغالب حزني الكثيف وغصص مكتومة تذبح حنجرتي من الداخل.. شاهدت الأم مرعوبة من قدر سيأتي.. تبكي بحرقة الفقدان والمستقبل المجهول.. مصاب فادح وجلل سيصيبها وعيالها، وهي تحمل جبل من الهم والأسئلة لزمن عبوس قادم.. كانت ترجو من الأيام الرفق بها من قادم ثقيل وأسود سواد هذه الأحداث الأشد من قاتمة وأكثر من قاتلة..
جو من الكآبة والحزن حاولت أن أغادره، وزوجته تبلغني أنه في منزل لقريب في مكان قريب.. وجعلت من احد أبناءها دليلي لأصل إليه..
ألتقيت به.. أحسست بمأساته وكم من المآسي ستترك هذه الحرب.. عرضت عليه أن يأتي إلى بيتنا، فربما هو أكثر أمانا، فيما المنزل الذي هو فيه ربما إن لم يكن بحكم الأكيد سيتعرض للتفتيش، وسيتم اعتقاله، ولا ندري ماذا بعد الاعتقال!! الاحتمالات المفجعة صارت هي الأكثر ورودا، وما عداها يتحول إلى احتمال ضئيل.. في أفضل الأحوال إن نجاء من الموت، سيجري ضربه وتعذيبه وإهانته واستباحة كل حقوقه في المعتقل، وقد شاهدت بعض مما حدث في "كريتر" قبل يوم..
عرضت عليه أن يختبئ عندي إلى أن نجد مخرجا وما جرى له جرى علينا.. غير أنه أخبرني أنه تواصل بعبد الحافظ قائد ـ وكان من الشخصيات التاريخية الهامة في الحركة الوطنية وفي موضع احترام وتقدير لدى القادة السياسيين في الحزب والدولة وهو من الرجال القلة الممتلئين ـ قال لي أنه عرض وضعه عليه فنصحه أن يسلِّم نفسه وهو سيتابع موضوعه.. هو أيضا فضَّل هذا الخيار على خيار استضافتي له في البيت.. ولكن كان للقتلة خيارهم، وكان القتل منفلت الزمام، ولم يكن القتلة يعبئون بالعقل ولا بالاتزان؛ فخاب تقدير حسن وتقدير حافظنا الطيب.
سلم حسن عبد الله نفسه للفريق المنتصر، وتم إرساله لسجن “صبر” في محافظة لحج، وبعد أسابيع أو شهور تم تصفيته مع كثير من المعتقلين بدون محاكمة.. كان قتلا خارج القانون.. عرفت أن الضوء الأخضر جاء من قائد أمني كبير، ترك مهمة القتل وتقديره لمن هم دونه.. تصفيات وانتقامات متوحشة خارج القانون ارتكبها الطرفين..
قلوب وعيون أطفال حسن وجميعهم قاصرين، وزوجته المريضة أعياهم الانتظار.. ظلوا ينتظرون عودته سنوات طوال.. ظل أفراد الأسرة يترقبون كل يوم أن يطرق حسن الباب، وحسن كان قد غادر قسرا إلى اللاعودة واللااياب.. عذاب يومي ثقيل ومؤلم ظلت أسرته تعيشه طيلة الليل والنهار لسنوات طوال.
لم تقتصر مثل هذه التصفيات على طرف دون آخر بل كلا الطرفين تسابقا وأثخنا بالقتل حد العبث والجنون.. خيرة كوادر الحزب والدولة وكثير من الأبرياء كانوا ضحايا هذه الحرب اللعينة والمملوءة بالقسوة والانتقام.. كانت هذه الحرب بداية لهزيمة كبيرة لاحقه للحزب والجنوب والوطن في 1994.
في أحدث 13 يناير ارتكبت مجازر ومذابح مروّعة بعضها يشبه جرائم “داعش” اليوم . إننا قوم لا ندرك ما بلغناه من جنون القتل والدمار إلا بعد فوات الأون وال
بعض من أحداث يناير
(9)
خاله “خدوج”
محمد قائد هاشم أو كما هو متداول في عدن محمد الحربي هو أبن عم أبي.. غادر والده القرية إلى عدن مبكرا، وعاش فيها حتى توفاه الله.. ولده محمد تنشّأ وكبر في عدن.. أنا لا أعرفه، ولم أزره غير مرة أو مرتين بمعية والدي الذي أراد أن يقول لي: لك هنا في عدن أهل وأقارب.. حدث هذا قبل شهور من أحداث يناير 1986 وجدناه لطيفا ومهذبا وخلوقا معنا، ومرحّبا بنا.. تطبّع بحياة المدينة وروحها.. ملامحه جاذبة تشعرك بالاطمئنان، وإن كان مقلّا في الكلام..
زرتُ زوجته الخالة "خدوج" تاريخ 20 يناير 1986 على الأرجح.. بديت عليها بطلّتي، وتطلّعت هي لمجيئ برجاء هده اليأس والمخاوف.. رأت فيني النجم سهيل، وظننتني قدرا من فرج، غير أن الليل كان موحشا وعبوسا ومكتظا بالكآبة التي تخبو تحتها ما هو أشد..
غريق يبحث عن قشة يرى فيها طوق نجاة، ولا نجاة مع ما كتبه المستحيل.. ليس من السهل أن تعرف هو في أي محبس، فما بالك بنجاة حباله ليست طوع يديك، ولا تملك من أمر زمامها شيئا..
إنه حال يشبه ما نعيشه اليوم، إن لم يكن اليوم أشد وطأة وأكثر وجعا من سابقه.. كان هناك حبس وإعدام خارج القانون، ولكن اليوم صار الحبس والإعدام والفساد مجتمعين.. كان يُحبس في الأسرة أحد أفرادها، أما اليوم فيتم حبس الأسرة كلها، وأسرة اقبال الحكيمي مثال غير بعيد.. كان فساد الأمس محدودا ويحتاج إلى عدسة تكبّره لتراه، أما فساد اليوم فبعرض السماء والأرض.. حدث ولا حرج..
الماضي سيء والحاضر في جله بات أسوأ .. لتعرف فقط أين محبوسك عليك أن تبحث عنه حتى تدوخ.. كل جهة تحبس، وقد بات لدينا منها ما لا يُعد.. كل فرد فيها مهما صغر وتضأل شأنه بمقدوره أن يحبسك.. أسهل ما يفعله هو تقييد حريتك والتنكيل بك بألف عذر، وإن انبريت تدافع عن سلامة حجتك سحقك بالمثل "تريد عذر أو حمار"..
يحبسك ثم تنقطع أخبارك إلى ما شاء الله.. رجاءك ينتحب، والخيبات أكثر، وأنت تبحث عن إبرة في كومة قش، والإفادة عمن تبحث، هي في قبضة أمن سلطة تستبد.. والأهم أن تجد نفسك اليوم في متاهة لا تنتهي.. لا تعرف تخاطب من!! وتتظلم لمن؟! وأين تشتكي؟! ومن بيده أمر اطلاق سراح من تبحث عنه!!
في يناير 1986أخذ المنتصرون زوج "خدوج" من بيته، وغيبوه في محبس مغلق ومكتوم، يشبه ذلك المحبس الذي وقفت على بابه يوم 18 يناير، والمحشورين فيه كومة لحم معتباه، لا يستطيع أحدهم أن يقف على قدميه، أو يبسط أنفاسه وهو قاعد.. عطاشا حد الموت، ومخنوقين حد الكفر البواح..
كان محمد يعاني مرض الربو.. مات اختناقا في محبسه كما قيل، أو هذا ما كشفه بعض رفقائه الذين حالفهم الحظ وكتب لهم النجاة من فك موت شره.. اختنق محمد في محبسه المكتظ باللحم والضيق.. فاضت روحه إلى بارئها بعد أن تحررت من قبضة الجلاد، وترك جثته لدى سجانيه دليل إدانة يدمغهم بالقسوة والإجرام والبشاعة..
أسرة محمد لا تدري إلى اليوم مكان مدفنه، بل ولم تتلق أي إخطار أو علم رسمي بما حدث.. ترك محمد أطفالا صغارا وزوجه ثكلى معذبة بالفقدان والانتظار الذي طال..
"خدوج" تحمل من الحب لزوجها ما لا تحمله حاملة الأحمال في الأرض، ولا تحمله سحابة غيث في السماء.. تزوجا عن قصة حب فيه كثير من العبور والتحِّدي.. كلاهما كان يعملان في مؤسسة عامة مدنية، وكان للحب فضاء ومدار.. حبا بعضهما وتزوجا إلى الأبد.. خالة "خدوج" لا أروع من قلبها، ولا أطيب منه..
"خدوج" مسكونة بطيبة وصبر أهل عدن.. ياااااه كم أهل عدن طيبين ومتسامحين.. كم هم لبعض عند الحاجة والشدة.. علاقاتهم سوية وغامرة بالبراءة.. متصالحين مع أنفسهم.. يحملون قلوب نقية كالكريستال.. وصفحاتهم أبيض من ندف الثلج..
أهل عدن صابرين على كل الشرور التي قذفتها الرياح في وجوههم، وصبّتها الأقدار على رؤوسهم.. كم جنى المتوحشون على عدن وأبناءها الطيبين من الأحزان والآلام والمآسي العراض.
في الحروب شرور وموت لا يشبع، وبعدها انتظار أحبه لا يعودون.. ما أشد وأقسى أن يأخذونك من بين أطفالك وأحضان زوجتك، ثم يغيبونك عن جميع من يحبونك، ويقطعوا عنهم كل أخبارك.. يغيبونك للأبد دون أن يقطعون رجاء عودتك إلى أطفالك وزوجتك.. كم يتعذب من ينتظر رجاء لا يأتي بما يرجوه، و أمل بعد صبر وانتظار طويل يستغرق العمر كله، ثم تكتشف إنك واهما، وأن الأمل الذي تعلقت به، أو راهنت عليه كان سراب في سراب..
كم تتعذب الزوجة عندما يقذف القدر بحبيبها للمجهول لمجرد رأي أو موقف يراه صاحبه إنه الصواب، ثم تظل تنتظره شهور وسنوات، وربما بقية العمر مصلوبة على جدار الانتظار.. إنه عذاب جحيمي طويل، ودرك أسفل من النار..
كثيرون هم الذين دفعوا ثمن أخطاء وخطايا غيرهم.. القادة الذين يرتكبون الحماقات المهلكة بحق الشعوب، وحتى بحق أنصارهم واتباعهم الذي سلّموا وجهلوا ما حدث ويحدث، وتحملوا تبعات وأوزار ما لم يفعلوه.. الضحايا يذهبون إلى الموت والضياع.. كثيرون هم الضحايا الذين تسوقهم قيادتهم في مقامرتها ومغامرتها إلى الهلاك والجحيم.. كثيرون هم ضحايا
(9)
خاله “خدوج”
محمد قائد هاشم أو كما هو متداول في عدن محمد الحربي هو أبن عم أبي.. غادر والده القرية إلى عدن مبكرا، وعاش فيها حتى توفاه الله.. ولده محمد تنشّأ وكبر في عدن.. أنا لا أعرفه، ولم أزره غير مرة أو مرتين بمعية والدي الذي أراد أن يقول لي: لك هنا في عدن أهل وأقارب.. حدث هذا قبل شهور من أحداث يناير 1986 وجدناه لطيفا ومهذبا وخلوقا معنا، ومرحّبا بنا.. تطبّع بحياة المدينة وروحها.. ملامحه جاذبة تشعرك بالاطمئنان، وإن كان مقلّا في الكلام..
زرتُ زوجته الخالة "خدوج" تاريخ 20 يناير 1986 على الأرجح.. بديت عليها بطلّتي، وتطلّعت هي لمجيئ برجاء هده اليأس والمخاوف.. رأت فيني النجم سهيل، وظننتني قدرا من فرج، غير أن الليل كان موحشا وعبوسا ومكتظا بالكآبة التي تخبو تحتها ما هو أشد..
غريق يبحث عن قشة يرى فيها طوق نجاة، ولا نجاة مع ما كتبه المستحيل.. ليس من السهل أن تعرف هو في أي محبس، فما بالك بنجاة حباله ليست طوع يديك، ولا تملك من أمر زمامها شيئا..
إنه حال يشبه ما نعيشه اليوم، إن لم يكن اليوم أشد وطأة وأكثر وجعا من سابقه.. كان هناك حبس وإعدام خارج القانون، ولكن اليوم صار الحبس والإعدام والفساد مجتمعين.. كان يُحبس في الأسرة أحد أفرادها، أما اليوم فيتم حبس الأسرة كلها، وأسرة اقبال الحكيمي مثال غير بعيد.. كان فساد الأمس محدودا ويحتاج إلى عدسة تكبّره لتراه، أما فساد اليوم فبعرض السماء والأرض.. حدث ولا حرج..
الماضي سيء والحاضر في جله بات أسوأ .. لتعرف فقط أين محبوسك عليك أن تبحث عنه حتى تدوخ.. كل جهة تحبس، وقد بات لدينا منها ما لا يُعد.. كل فرد فيها مهما صغر وتضأل شأنه بمقدوره أن يحبسك.. أسهل ما يفعله هو تقييد حريتك والتنكيل بك بألف عذر، وإن انبريت تدافع عن سلامة حجتك سحقك بالمثل "تريد عذر أو حمار"..
يحبسك ثم تنقطع أخبارك إلى ما شاء الله.. رجاءك ينتحب، والخيبات أكثر، وأنت تبحث عن إبرة في كومة قش، والإفادة عمن تبحث، هي في قبضة أمن سلطة تستبد.. والأهم أن تجد نفسك اليوم في متاهة لا تنتهي.. لا تعرف تخاطب من!! وتتظلم لمن؟! وأين تشتكي؟! ومن بيده أمر اطلاق سراح من تبحث عنه!!
في يناير 1986أخذ المنتصرون زوج "خدوج" من بيته، وغيبوه في محبس مغلق ومكتوم، يشبه ذلك المحبس الذي وقفت على بابه يوم 18 يناير، والمحشورين فيه كومة لحم معتباه، لا يستطيع أحدهم أن يقف على قدميه، أو يبسط أنفاسه وهو قاعد.. عطاشا حد الموت، ومخنوقين حد الكفر البواح..
كان محمد يعاني مرض الربو.. مات اختناقا في محبسه كما قيل، أو هذا ما كشفه بعض رفقائه الذين حالفهم الحظ وكتب لهم النجاة من فك موت شره.. اختنق محمد في محبسه المكتظ باللحم والضيق.. فاضت روحه إلى بارئها بعد أن تحررت من قبضة الجلاد، وترك جثته لدى سجانيه دليل إدانة يدمغهم بالقسوة والإجرام والبشاعة..
أسرة محمد لا تدري إلى اليوم مكان مدفنه، بل ولم تتلق أي إخطار أو علم رسمي بما حدث.. ترك محمد أطفالا صغارا وزوجه ثكلى معذبة بالفقدان والانتظار الذي طال..
"خدوج" تحمل من الحب لزوجها ما لا تحمله حاملة الأحمال في الأرض، ولا تحمله سحابة غيث في السماء.. تزوجا عن قصة حب فيه كثير من العبور والتحِّدي.. كلاهما كان يعملان في مؤسسة عامة مدنية، وكان للحب فضاء ومدار.. حبا بعضهما وتزوجا إلى الأبد.. خالة "خدوج" لا أروع من قلبها، ولا أطيب منه..
"خدوج" مسكونة بطيبة وصبر أهل عدن.. ياااااه كم أهل عدن طيبين ومتسامحين.. كم هم لبعض عند الحاجة والشدة.. علاقاتهم سوية وغامرة بالبراءة.. متصالحين مع أنفسهم.. يحملون قلوب نقية كالكريستال.. وصفحاتهم أبيض من ندف الثلج..
أهل عدن صابرين على كل الشرور التي قذفتها الرياح في وجوههم، وصبّتها الأقدار على رؤوسهم.. كم جنى المتوحشون على عدن وأبناءها الطيبين من الأحزان والآلام والمآسي العراض.
في الحروب شرور وموت لا يشبع، وبعدها انتظار أحبه لا يعودون.. ما أشد وأقسى أن يأخذونك من بين أطفالك وأحضان زوجتك، ثم يغيبونك عن جميع من يحبونك، ويقطعوا عنهم كل أخبارك.. يغيبونك للأبد دون أن يقطعون رجاء عودتك إلى أطفالك وزوجتك.. كم يتعذب من ينتظر رجاء لا يأتي بما يرجوه، و أمل بعد صبر وانتظار طويل يستغرق العمر كله، ثم تكتشف إنك واهما، وأن الأمل الذي تعلقت به، أو راهنت عليه كان سراب في سراب..
كم تتعذب الزوجة عندما يقذف القدر بحبيبها للمجهول لمجرد رأي أو موقف يراه صاحبه إنه الصواب، ثم تظل تنتظره شهور وسنوات، وربما بقية العمر مصلوبة على جدار الانتظار.. إنه عذاب جحيمي طويل، ودرك أسفل من النار..
كثيرون هم الذين دفعوا ثمن أخطاء وخطايا غيرهم.. القادة الذين يرتكبون الحماقات المهلكة بحق الشعوب، وحتى بحق أنصارهم واتباعهم الذي سلّموا وجهلوا ما حدث ويحدث، وتحملوا تبعات وأوزار ما لم يفعلوه.. الضحايا يذهبون إلى الموت والضياع.. كثيرون هم الضحايا الذين تسوقهم قيادتهم في مقامرتها ومغامرتها إلى الهلاك والجحيم.. كثيرون هم ضحايا
أصداء من الوتس:
استاذنا الفاضل نتمنى استمراركم في هذه التفاصيل حيث و بها من الفوائد العامة ... والشخصية الشيء الكثير مع إيضاحات وإيحاءات مريرة لواقع اليوم أضف إلى ما فيها من متعة السرد والأسلوب القصصي المميز بمفردات و بكلمات بلاغية جميلة مفهومة لجميع القُراء ....... ..
وحبذا أن تكون في مؤلف بكتاب للفائدة والمعرفة وربما للضرورة ...
مع مراجعة ما كُتب من سرد لبعض التفاصيل عن الحياة الشخصية في موسكو ، ليس ماذُكر من بعض العبارات ، ولكن لعدم ذكر الأراء العامة او الأخرى في ذلك ، كي لا يحتكر الكاتب توجه معين دون ذكر مقارنة للأراء الأخرى والإستخلاصات الحالية من ذلك ، بمعنى ذكر الرأي والرأي الآخر ، وانتم أساتذة في هذا المجال .... إنما هذا رأي شخصي متواضع للتذكير .
وهذا من باب القول بإعجاب و قناعة شخصية بهذه الكتابات .. .......... وليس إطراءً حيث وأغلب أبناء القبيطة لا يُحبون ولا يُجيدون الإطراء إلا المُنصف منه ، مع إهتزاز لبعض المواقف دون معرفة الخفايا لذلك .
وتحياتنا ،،،،،
استاذنا الفاضل نتمنى استمراركم في هذه التفاصيل حيث و بها من الفوائد العامة ... والشخصية الشيء الكثير مع إيضاحات وإيحاءات مريرة لواقع اليوم أضف إلى ما فيها من متعة السرد والأسلوب القصصي المميز بمفردات و بكلمات بلاغية جميلة مفهومة لجميع القُراء ....... ..
وحبذا أن تكون في مؤلف بكتاب للفائدة والمعرفة وربما للضرورة ...
مع مراجعة ما كُتب من سرد لبعض التفاصيل عن الحياة الشخصية في موسكو ، ليس ماذُكر من بعض العبارات ، ولكن لعدم ذكر الأراء العامة او الأخرى في ذلك ، كي لا يحتكر الكاتب توجه معين دون ذكر مقارنة للأراء الأخرى والإستخلاصات الحالية من ذلك ، بمعنى ذكر الرأي والرأي الآخر ، وانتم أساتذة في هذا المجال .... إنما هذا رأي شخصي متواضع للتذكير .
وهذا من باب القول بإعجاب و قناعة شخصية بهذه الكتابات .. .......... وليس إطراءً حيث وأغلب أبناء القبيطة لا يُحبون ولا يُجيدون الإطراء إلا المُنصف منه ، مع إهتزاز لبعض المواقف دون معرفة الخفايا لذلك .
وتحياتنا ،،،،،
أصداء من الوتس:
كنت موفقا في سرد أحداث ١٣ يناير
لأنني كنت معتقلا في كريتر قصر السلطان امن الدولة الذي كان يديره المرحوم جرهوم
كنت موفقا في سرد أحداث ١٣ يناير
لأنني كنت معتقلا في كريتر قصر السلطان امن الدولة الذي كان يديره المرحوم جرهوم
اصداء..
محمد اللوزي:
يا الله كم هو مخيف الحقد والكراهية والانتقام الذي لايشبع انتقاما ومايجر الى الى الوجع بتلاحق عجيب. ونزيف لايحتمل هل هذا وطن أم مقصلة؟ وهل هو نبع؟ أم بئرمعطلة؟
الاحداث تشي بأن الذي لايحتمل قدصار وأنه مايزال بيننا وفينا يفعل مايستطيع من القهروالعذاب وكفى بالراتب المقطوع أرهابا وقمعا.
حسن ياقاضي هم الخيرون الذين لايجدون لهم مكانا في زحمة الكراهية والانتقامات السياسية الملعونة. هو نبض الفقراء والطيبين في أزمنة التوحش والاغتيالات والسجون الأكثر حلكة من الليل. وحسن هو الغياب الذي لانريده ولانرجوه كما أطفاله الذين يبحلقون في الزمن القادم عله يجيء منه ولا يجدونه.
حسن المكلوم لكثرة التربص والحصار عليه وعلى كل من ينشد الحرية. لذلك كان غيابه فينا نحن يدمينا ويرهقنا ويجعلنا نشعر بمعنى الخوف في عالم لايتسع إلا لهم وللسياسي السيء جدا.
بهذا المعنى حسن يصل الى مشاعرنا ويفعل فيها الحزن ولكنه حزن آدمي نبيل يرجو التخلص من ندوب الزمن وزمهرير السياسة وانتقاماتها. بلا حدود احييك
محمد اللوزي:
يا الله كم هو مخيف الحقد والكراهية والانتقام الذي لايشبع انتقاما ومايجر الى الى الوجع بتلاحق عجيب. ونزيف لايحتمل هل هذا وطن أم مقصلة؟ وهل هو نبع؟ أم بئرمعطلة؟
الاحداث تشي بأن الذي لايحتمل قدصار وأنه مايزال بيننا وفينا يفعل مايستطيع من القهروالعذاب وكفى بالراتب المقطوع أرهابا وقمعا.
حسن ياقاضي هم الخيرون الذين لايجدون لهم مكانا في زحمة الكراهية والانتقامات السياسية الملعونة. هو نبض الفقراء والطيبين في أزمنة التوحش والاغتيالات والسجون الأكثر حلكة من الليل. وحسن هو الغياب الذي لانريده ولانرجوه كما أطفاله الذين يبحلقون في الزمن القادم عله يجيء منه ولا يجدونه.
حسن المكلوم لكثرة التربص والحصار عليه وعلى كل من ينشد الحرية. لذلك كان غيابه فينا نحن يدمينا ويرهقنا ويجعلنا نشعر بمعنى الخوف في عالم لايتسع إلا لهم وللسياسي السيء جدا.
بهذا المعنى حسن يصل الى مشاعرنا ويفعل فيها الحزن ولكنه حزن آدمي نبيل يرجو التخلص من ندوب الزمن وزمهرير السياسة وانتقاماتها. بلا حدود احييك
اصداء..
د احمد النهمي الشاعر:
صرنا نتابع هذه التفاصيل التي تسردها كجزء من حياتك الشخصية، ولكننا نقرأ في سطورها مآسي وطن وأحداث تاريخية مليئة بالصفحات المنسية، والتحولات الغائبة، أو بالأصح المغيبة...وجميل جدا ربط مآسي الأمس بمأسي اليوم والمقارنة بينهما.
- ما أروع الكتابة غير المسيسة، ولا الموجهة، التي تعيد قراءة الماضي بأمانة وصدق وموضوعية...نشعر بالوجع والحزن إزاء كثير من الأحداث والمواقف والشخصيات، كما هو حال هذا المقام عن حسن الأعور..
تحياتي لك أستاذ أحمد
وكان الله بعونك في استكمال الكتابة المليئة بالصدق والوجع.
د احمد النهمي الشاعر:
صرنا نتابع هذه التفاصيل التي تسردها كجزء من حياتك الشخصية، ولكننا نقرأ في سطورها مآسي وطن وأحداث تاريخية مليئة بالصفحات المنسية، والتحولات الغائبة، أو بالأصح المغيبة...وجميل جدا ربط مآسي الأمس بمأسي اليوم والمقارنة بينهما.
- ما أروع الكتابة غير المسيسة، ولا الموجهة، التي تعيد قراءة الماضي بأمانة وصدق وموضوعية...نشعر بالوجع والحزن إزاء كثير من الأحداث والمواقف والشخصيات، كما هو حال هذا المقام عن حسن الأعور..
تحياتي لك أستاذ أحمد
وكان الله بعونك في استكمال الكتابة المليئة بالصدق والوجع.
اصداء من الوتس:
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
بعض من أحداث يناير
تصفيات..
(10)
جاءت أحداث 13 يناير 1986 وأنا متفرغاً حينها للدراسة سنة أولى كلية الحقوق، ولكن سأذكر هنا الشطر المتعلق بلواء الوحدة، الذي كان يقيم معسكرة في محافظة أبين، ويبعد عن "زنجبار" عاصمة المحافظة " مسافة 2-3 كيلو متر تقريبا، وينتمي كثير من أفراده وضباطه إلى ما كان يُعرف بشمال الوطن الحبيب.. وأزعم أن تفرغي للدراسة في كلية الحقوق هو من أنجاني من موت أكيد، ليس لشيء، وإنما لأنني من الشمال في المقام الأول، وقد تم تحت عنوان "شمالي" تصفية جل الضباط والصف والجنود الشماليين..، ولم ينج منهم إلا القليل، أما أقل القليل وهم بعدد أصابع اليدين، فحامت حولهم حيرة وسؤال..
كان قائد اللواء وكذا رئيس عمليات اللواء لا يروقاني ولا أنا أروقهم.. كنت أشعر بالغربة بمجرد مقابلتهما.. روحي تنقبض كلما تقابلت مع أي منهما، أو حتى مررت بجوارهما.. كان أحيانا يخامرني إحساس ما غير مفهوم يثير انقباضي والشعور بغربتي، ثم كشفت الأيام أنني كنت محقا فيما أشعر وأحدس..
كما كنت غير منحاز سياسيا لهم، وعلاقتي وصداقتي الأكثر كانت بأحد الضباط المشهور باسم "العفريت" والذي كان نائبا سياسيا لأحدى الكتائب الرئيسية الثلاث في اللواء، وهو من ضمن الذين قدموا من الشمال في أحداث عبدالله عبد العالم، وينتمي سياسيا للحزب الديمقراطي الثوري، ثم إلى حزب الوحدة الشعبية بعد الدمج، فيما كان اجتماعيا ينحدر إلى إحدى الفئات المهمشة، وكان مثلي لا يروق لقائد اللواء، ورئيس العمليات، والعكس أيضا، وقد تمت تصفيته بالفعل في أحداث يناير..
كما كنت مرصودا لديهم بأنني مسؤول خلية حزبية في اللواء، اسمها "خلية الشهيد عبداللطيف الحالمي" تابعة لحزب الوحدة الشعبية "حوشي"، ورغم أن عملنا الحزبي كان ينصب في إطار العمل السياسي والحزبي في الشمال، ولكنه كان يكفي هذا لديهم أن أكون مشبوها بامتياز..
بعد أسبوعين من بداية أحداث 13 يناير ذهبت إلى مقر اللواء، وعرفت أن 85% تقريبا من أصدقائي وزملائي قد تم تصفينهم ضباط وصف ضباط وجنود.. بعضهم تم قتلهم في وادي حسان، وبعضهم في السجون والزنازن والمعتقلات، وبعض آخر تم تصفيتهم في معسكر اللواء نفسه، ممن ملص أو تخلص من الطابور..
لو بقيت في اللواء ما كنت لأنجو أو أفلت من أي مجزرة، حيث كنت منضبط، ودقيق في المواعيد، ولا أخرج من المعسكر إلا قليلا، ولا أزوغ ولا أتهرّب من أي عمل أو مهمة أو مبادرة، ولا أغيب، ولا آخذ إجازات مرضية، وبالتالي فأنني في متناول الاستهداف السهل، ونجاتي من أي مجزرة كانت مستحيلة..
ما عرفته خلال زيارتي عما حدث على صعيد اللواء، أنه صباح 13 يناير تم ابلاغ الضباط والصف والجنود بالجمع طوابير بحجة كاذبة هي الخروج لمبادرة بلباس مدني، فيما الحقيقة المُرّة كانت فخا كبيرا، وتنفيذا للمرحلة الأولى من المؤامرة في اللواء، حيث تم الفرز المناطقي الغير معلن في الطابور، ثم تم نقلهم للمعتقلات، ثم جرت في المرحلة الثانية التصفية الجسدية بمجازر بشعة ومروعة..
لقد استهدف هذا الفرز بحدود 85% من ضباط وصف وجنود اللواء المنتميين لمناطق الشمال والضالع ويافع وردفان وذلك على أساس مناطقي في المقام الأول.. كانت تلك هي المرحلة الأولى من تنفيذ المخطط على صعيد المعسكر.. هكذا تم الاستيلاء على اللواء.. فيما المدنيين في مناطق شتّى طلبوا منهم ضرورة الحضور في اجتماعات حزبية، ومنها تمت الاعتقالات، ولاحقا تمت التصفيات الجسدية.. الحقيقة أن من أطلق على 13 يناير اسم المؤامرة كان محقا إلى حد بعيد..
أسوأ قاعدة لـ "ميكافلي" تم تنفيذها هنا على نحو بشع.. إنها قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة".. دمامة المؤامرة، وقبح الغدر والخديعة .. وبشاعة في التنفيذ.. والأكثر سوءا وتخلفا ورعبا أن أول معايير واعتبارات الفرز، كانت مناطقية على نحو فج وصارخ..
لقد تم تصفية الكثير لمجرد انتماؤهم الجغرافي للشمال والضالع و ردفان ويافع.. بعض من تم تصفيتهم أعرفهم جيدا، وكان لا يهتم ولا يكترث بالسياسة، ولا تربطه رابط بها، ولكن حتى هذا لم يشفع لهم أو يخفف عنهم .. تمت تصفيتهم تنفيذا لمخطط دام، وانتقاما لهزيمة مدوية..
عند زيارتي للواء شعرت بالأسى والوحشة والحزن العميق .. شاهدت أثار الدماء على أرض الغرف والجدران .. بقايا شعر رؤوس آدمية هنا وهناك، وبعضها لا زال ملتصق بجدران الغرف وآثار الرصاص لا زال شاخصا وشاهدا على قبح الفعل وإجرام صاحبه..
ملابس عسكرية ومدنية عليها الدماء مرمية على الأرض.. رائحة الدم كانت لا تزال نفاثة.. الممرات تحكي إن الموت مر من هنا.. صال وجال وعبث.. الوحشة تسكن الأمكنة والزوايا .. والمجازر قابلتها مجازر من الطرف الآخر، أغلبها كان بدافع الانتقام، دون أن يخلوا هذا من طابعه المناطقي، واكتظت الأرض بالضحايا..
الملازم علوان من أبناء محافظة إب كان في نفس سريتي وأيضا جاري في السكن بعدن وهو من خريجي الكلية العسكرية الدفعة الحادية عشر .. أصيب بطلقة في خاصرته عند هروبه من مصير أكيد وموت محقق لا يفصله عنه غ
تصفيات..
(10)
جاءت أحداث 13 يناير 1986 وأنا متفرغاً حينها للدراسة سنة أولى كلية الحقوق، ولكن سأذكر هنا الشطر المتعلق بلواء الوحدة، الذي كان يقيم معسكرة في محافظة أبين، ويبعد عن "زنجبار" عاصمة المحافظة " مسافة 2-3 كيلو متر تقريبا، وينتمي كثير من أفراده وضباطه إلى ما كان يُعرف بشمال الوطن الحبيب.. وأزعم أن تفرغي للدراسة في كلية الحقوق هو من أنجاني من موت أكيد، ليس لشيء، وإنما لأنني من الشمال في المقام الأول، وقد تم تحت عنوان "شمالي" تصفية جل الضباط والصف والجنود الشماليين..، ولم ينج منهم إلا القليل، أما أقل القليل وهم بعدد أصابع اليدين، فحامت حولهم حيرة وسؤال..
كان قائد اللواء وكذا رئيس عمليات اللواء لا يروقاني ولا أنا أروقهم.. كنت أشعر بالغربة بمجرد مقابلتهما.. روحي تنقبض كلما تقابلت مع أي منهما، أو حتى مررت بجوارهما.. كان أحيانا يخامرني إحساس ما غير مفهوم يثير انقباضي والشعور بغربتي، ثم كشفت الأيام أنني كنت محقا فيما أشعر وأحدس..
كما كنت غير منحاز سياسيا لهم، وعلاقتي وصداقتي الأكثر كانت بأحد الضباط المشهور باسم "العفريت" والذي كان نائبا سياسيا لأحدى الكتائب الرئيسية الثلاث في اللواء، وهو من ضمن الذين قدموا من الشمال في أحداث عبدالله عبد العالم، وينتمي سياسيا للحزب الديمقراطي الثوري، ثم إلى حزب الوحدة الشعبية بعد الدمج، فيما كان اجتماعيا ينحدر إلى إحدى الفئات المهمشة، وكان مثلي لا يروق لقائد اللواء، ورئيس العمليات، والعكس أيضا، وقد تمت تصفيته بالفعل في أحداث يناير..
كما كنت مرصودا لديهم بأنني مسؤول خلية حزبية في اللواء، اسمها "خلية الشهيد عبداللطيف الحالمي" تابعة لحزب الوحدة الشعبية "حوشي"، ورغم أن عملنا الحزبي كان ينصب في إطار العمل السياسي والحزبي في الشمال، ولكنه كان يكفي هذا لديهم أن أكون مشبوها بامتياز..
بعد أسبوعين من بداية أحداث 13 يناير ذهبت إلى مقر اللواء، وعرفت أن 85% تقريبا من أصدقائي وزملائي قد تم تصفينهم ضباط وصف ضباط وجنود.. بعضهم تم قتلهم في وادي حسان، وبعضهم في السجون والزنازن والمعتقلات، وبعض آخر تم تصفيتهم في معسكر اللواء نفسه، ممن ملص أو تخلص من الطابور..
لو بقيت في اللواء ما كنت لأنجو أو أفلت من أي مجزرة، حيث كنت منضبط، ودقيق في المواعيد، ولا أخرج من المعسكر إلا قليلا، ولا أزوغ ولا أتهرّب من أي عمل أو مهمة أو مبادرة، ولا أغيب، ولا آخذ إجازات مرضية، وبالتالي فأنني في متناول الاستهداف السهل، ونجاتي من أي مجزرة كانت مستحيلة..
ما عرفته خلال زيارتي عما حدث على صعيد اللواء، أنه صباح 13 يناير تم ابلاغ الضباط والصف والجنود بالجمع طوابير بحجة كاذبة هي الخروج لمبادرة بلباس مدني، فيما الحقيقة المُرّة كانت فخا كبيرا، وتنفيذا للمرحلة الأولى من المؤامرة في اللواء، حيث تم الفرز المناطقي الغير معلن في الطابور، ثم تم نقلهم للمعتقلات، ثم جرت في المرحلة الثانية التصفية الجسدية بمجازر بشعة ومروعة..
لقد استهدف هذا الفرز بحدود 85% من ضباط وصف وجنود اللواء المنتميين لمناطق الشمال والضالع ويافع وردفان وذلك على أساس مناطقي في المقام الأول.. كانت تلك هي المرحلة الأولى من تنفيذ المخطط على صعيد المعسكر.. هكذا تم الاستيلاء على اللواء.. فيما المدنيين في مناطق شتّى طلبوا منهم ضرورة الحضور في اجتماعات حزبية، ومنها تمت الاعتقالات، ولاحقا تمت التصفيات الجسدية.. الحقيقة أن من أطلق على 13 يناير اسم المؤامرة كان محقا إلى حد بعيد..
أسوأ قاعدة لـ "ميكافلي" تم تنفيذها هنا على نحو بشع.. إنها قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة".. دمامة المؤامرة، وقبح الغدر والخديعة .. وبشاعة في التنفيذ.. والأكثر سوءا وتخلفا ورعبا أن أول معايير واعتبارات الفرز، كانت مناطقية على نحو فج وصارخ..
لقد تم تصفية الكثير لمجرد انتماؤهم الجغرافي للشمال والضالع و ردفان ويافع.. بعض من تم تصفيتهم أعرفهم جيدا، وكان لا يهتم ولا يكترث بالسياسة، ولا تربطه رابط بها، ولكن حتى هذا لم يشفع لهم أو يخفف عنهم .. تمت تصفيتهم تنفيذا لمخطط دام، وانتقاما لهزيمة مدوية..
عند زيارتي للواء شعرت بالأسى والوحشة والحزن العميق .. شاهدت أثار الدماء على أرض الغرف والجدران .. بقايا شعر رؤوس آدمية هنا وهناك، وبعضها لا زال ملتصق بجدران الغرف وآثار الرصاص لا زال شاخصا وشاهدا على قبح الفعل وإجرام صاحبه..
ملابس عسكرية ومدنية عليها الدماء مرمية على الأرض.. رائحة الدم كانت لا تزال نفاثة.. الممرات تحكي إن الموت مر من هنا.. صال وجال وعبث.. الوحشة تسكن الأمكنة والزوايا .. والمجازر قابلتها مجازر من الطرف الآخر، أغلبها كان بدافع الانتقام، دون أن يخلوا هذا من طابعه المناطقي، واكتظت الأرض بالضحايا..
الملازم علوان من أبناء محافظة إب كان في نفس سريتي وأيضا جاري في السكن بعدن وهو من خريجي الكلية العسكرية الدفعة الحادية عشر .. أصيب بطلقة في خاصرته عند هروبه من مصير أكيد وموت محقق لا يفصله عنه غ
ير ساعة زمن أو أقل من ساعة.. نجا بأعجوبة..
جاء في روايته إن لم تخنِّ الذاكرة:
((أخذونا من السجن مليان بابور بعد أن ربطوا أيدينا إلى الخلف وجميعنا من أبنا الشمال ويافع والضالع وردفان.. كنت أشعر أنهم يريدون تصفيتنا، وكنت أحك الحبل الذي يقيد كفاي إلى نتوء في البابور .. وكان الوقت ليلا والظلام دامس ..
في الطريق تأكدت أنه سيتم تصفيتنا في وادي حسان.. وبعد جهد جهيد استطعت أن أمزق وثاقي بذلك النتوء الذي ظللت أحك وثاقي به خلال مسافة الطريق.. كان بعض الزملاء بعد أن عرفوا وجهتهم وإن الموت صار قريب، بعضهم كان يبكي وبعضهم يترجى..
أحد الضباط اسمه نصر من أبناء ردفان، وكان كما عرفته يغلب عليه حسن النية، بعد أن أدرك أنه ذاهبين به إلى وادي حسان، وإن هناك الموت ينتظرهم هناك، طلب منهم التفاوض وهو يضطرب.. كان أشبه بغريق يحاول الإمساك بقشة.. ولكنهم سخروا منه ومن طلبه.. الضابط نصر واحد من الطيبين الذين لا يعيرون بالا للساسة والسياسة..
الكلام لا زال لعلوان: أنا الوحيد الذي استطعت تمزيق رباطي والقفز من فوق البابور، فتداركوني بإطلاق النار وأصبت برصاصة في خاصرتي، وثانية في يدي، وكان الظلام كثيف، واستمريت بالركض وأنا أنزف ولم يستطيعوا اللحاق بي وقد ساعدني الظلام على الهروب.. عصبت جرحي بقميصي، وأمضيت ساعات طويلة في الركض، وأنا أنزف في الصحراء، حتى وصلت إلى منطقة العلم بين عدن وأبين، وهناك أغمي عليّ حتى وجدتني قوات الاتجاه الآخر فتم إسعافي ونجاة حياتي..))
هناك روايات فاجعة كثيرة .. زميلي الملازم أول الحياني قائد فصيلة في سرية الاستطلاع في اللواء كان ضمن آخرين محشورين في محبس، بلغ عددهم فيه أكثر من ثلاثين ضابط وجندي وصف.. تم إطلاق النار الكثيف عليهم، وقد أصيب الحياني بالرصاص، ولكن لم يمت.. فجاء أحدهم ورمى بقنبلة إلى الغرفة لتقضي على من نجا من الرصاص ليقضي نحبه بقنبلة..
***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
جاء في روايته إن لم تخنِّ الذاكرة:
((أخذونا من السجن مليان بابور بعد أن ربطوا أيدينا إلى الخلف وجميعنا من أبنا الشمال ويافع والضالع وردفان.. كنت أشعر أنهم يريدون تصفيتنا، وكنت أحك الحبل الذي يقيد كفاي إلى نتوء في البابور .. وكان الوقت ليلا والظلام دامس ..
في الطريق تأكدت أنه سيتم تصفيتنا في وادي حسان.. وبعد جهد جهيد استطعت أن أمزق وثاقي بذلك النتوء الذي ظللت أحك وثاقي به خلال مسافة الطريق.. كان بعض الزملاء بعد أن عرفوا وجهتهم وإن الموت صار قريب، بعضهم كان يبكي وبعضهم يترجى..
أحد الضباط اسمه نصر من أبناء ردفان، وكان كما عرفته يغلب عليه حسن النية، بعد أن أدرك أنه ذاهبين به إلى وادي حسان، وإن هناك الموت ينتظرهم هناك، طلب منهم التفاوض وهو يضطرب.. كان أشبه بغريق يحاول الإمساك بقشة.. ولكنهم سخروا منه ومن طلبه.. الضابط نصر واحد من الطيبين الذين لا يعيرون بالا للساسة والسياسة..
الكلام لا زال لعلوان: أنا الوحيد الذي استطعت تمزيق رباطي والقفز من فوق البابور، فتداركوني بإطلاق النار وأصبت برصاصة في خاصرتي، وثانية في يدي، وكان الظلام كثيف، واستمريت بالركض وأنا أنزف ولم يستطيعوا اللحاق بي وقد ساعدني الظلام على الهروب.. عصبت جرحي بقميصي، وأمضيت ساعات طويلة في الركض، وأنا أنزف في الصحراء، حتى وصلت إلى منطقة العلم بين عدن وأبين، وهناك أغمي عليّ حتى وجدتني قوات الاتجاه الآخر فتم إسعافي ونجاة حياتي..))
هناك روايات فاجعة كثيرة .. زميلي الملازم أول الحياني قائد فصيلة في سرية الاستطلاع في اللواء كان ضمن آخرين محشورين في محبس، بلغ عددهم فيه أكثر من ثلاثين ضابط وجندي وصف.. تم إطلاق النار الكثيف عليهم، وقد أصيب الحياني بالرصاص، ولكن لم يمت.. فجاء أحدهم ورمى بقنبلة إلى الغرفة لتقضي على من نجا من الرصاص ليقضي نحبه بقنبلة..
***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
أصداء من الوتس:
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش
أصداء من الوتس:
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش
اصداء من الوتس:
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
اصداء من الوتس:
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
اصداء من الوتس:
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
من البديهيات انه لا يوجد موهوب في شتى المجالات.والا لكان اسطورة .وانتم قد تعددت مواهبكم. لكن الانسان كلما تطورت قدرته نظر الى ماضيه الفكري باستغراب . والسبب.يرجع الى ان المخزون الفكري والثقافي .يكبر وتصقله الاحداث .وتصبح عدساته مصغرة لعمله القديم.بسبب الإضافات الزمنية.الى سجله وتاثره بغيره دون ادراك واعي لما يكتسب..
والحقيقة انكم تحملون تراث فكري متعدد المشارب ولا تجدون موانع بنشره وهذا فيه جوهر الثقة بنفسكم التي ربما يلمسها غيركم .خاصة اننا نعاني من ثقافة الانغلاق والانكفاء على. على الذات. المقيد بنصوص يعتبر الخوض فيها بنظر البعض ضرب من الجنون .
امابخصوص. محاولاتكم الشعرية.فالحقيقة.انني شخصيا اقتنعت. بالقصائدالغزلية التي لم يحالفها الحظ بالنشر.ربما كانت قوية لانها نتاج لحب حقيقي.مع خالص تحياتي
أصداء من الوتس:
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش
أنت محق جدا بتدوين مذكراتك!! لست شخصا عادي..أنت تؤرخ .وللأسف تاريخ حافل بالدماء..بالالم بالخسارات المتلاحقة وخيبات الأمل، لست ادرى كيف ابقيت على رصانتك وهدوئك وقد مررت بكل هذا!
الفرق بين قرأتي لكتاب تاريخ،، وقراءة مذكراتك هو طريقة وأسلوبك في سرد الأحداث.. ! آنحني لهكذا سرد...رغم مافيه من آسى
و. ش