الحوار المتمدن
3.14K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
وسيم بنيان : جاثوم الزمكان
#الحوار_المتمدن
#وسيم_بنيان اطال تمعنه في الكتاب الجديد والذي ارهقه ذهنيا، اذ اكتظ بأفكار عميقة، اصابته اخيرا بالصداع فكف عن التصفح. زاح الكتاب جانبا واشعل لفافة تبغ ليزفر ضجره مع دخانها، بعدما وتره لهيب الصيف، و راحت بشرته تتقاطر عرقا. نظر إلى الجدران ماسحا طلائها بصريا، قبل ان يغرز حدقتيه في النافذة مستجد منها، بلمحات متوسلة، نفحة نسيم باردة. كانت الظهيرة تفور في الخارج، فذهبت محاولته ادراج القيظ. وحين عاد لفضائه الذي صهرته السموم لم يتنسم غير تعرقه، وزنخ القمامة المتراكمة في المطبخ، فاختلطت الروائح المتناقضة في دورق انفه. تفحص الاشياء المتناثرة حوله بنظرة مستفزة، فلاحت له راكدة بألوانها وموادها لم تتغير ملامحها، مذ فتح عينيه في مهده صارخا، لتوارد الأشكال الجديدة التي باغتت عيني طفولته مخترقة براءتها، وحتى هذه اللحظة. كان يسمع بأن للزمن حاكميته وسلطانه، يضرب الأشياء بسوط ايام وشهور وسنين لا ترحم، فتتآكل وتتورم وتتقيح قبحا. لكنه بعد كل تلك الاعوام التي تصرمت، يرى الأشياء على حالها، فازداد الشك في رأسه بالنسبة لسلطة الزمن. تناول المنشفة المعلقة وراء أريكته ومسح عرق جبهته ومجمل مسامات وجهه، وحالما مسح انفه استيقظ من ذهوله بوخزه نتانتها، لتغادر شمه اخر ذرة من عبق. أبعدها عن انفه كما الفطيسة وكشر أنيابه مستاء. تطلع في لونها الأصفر الغامق فتذكر تلك القماشة التي كان ملفوفا بها اذبان طفولته. تمثلها وكأنها هي عينها، ولعل الفرق الوحيد يكمن في الرائحة. لم يتسن له ان يجزم، فلعل رائحتها كانت عطنة لكنه نسي، أو ربما كانت قوته الشمية خاملة، ولم تكن قد وظفت مكنونها المتحفز الان، فلم يدرك قذارتها حينئذ؟ أعاد تعليقها بقرف، حيث استولت عليه تلك الفكرة اللعينة، وغاص في نفسه متفكرا. ربما يمتلك نسبة من التأكد بأن هذه الأشياء التي تحيطه ليست ذات الأشياء التي إحاطته من يوم ولادته فما بعد... سحقا قال لنفسه، وأشعل لفافة تبغ اخرى، سحب منها نفسا عميقا قبل ان يستفهم ذاكرته : هل الاشياء هي نفسها أم :(هي هي ولكنها غيرها؟) زفر بضعة انفاس ليستدرك بمزيد من الحذر: لكن جريان كل هذا الزمان لا يؤيد كونها هي بعينها. فالمفروض أنها استهلكت بعد هذه السنين الطويلة أو تآكلت وتغيرت على اقل تقدير، فكيف يراها على حالها لم تتطور ولم تتدن؟ ماذا يعني ذلك؟ هل جننت ؟ هل قطعت دون وعي الشعرة التي تفصل كما يقال بين العقل والجنون؟ لكن يبدو لي أن هذه الشعرة ليست الحد الفاصل بين ذلك وحسب، بل تشمل كل الأشياء. أو ليس هذا الحد نفسه قائما بين الحياة والموت؟ بين الوجود والعدم؟ بين الحق والباطل؟ بين المكان والزمان؟ اللعنة زفر واردف: بماذا اهذي الآن؟ وأي جحيم يحيط عوالمي؟ تلفت حول نفسه تحذوه رغبة للخلاص من هذه المتاهة، بينما تنبه لبلل جلد الاريكة بفعل التعرق. خلع الفانلة واكتفى بلباسه الداخلي، وقد اضحى كل جسده ينز عرقا غزيرا. عاد متسائلا: ربما تكون الأشياء هي التي تأثر على الزمن فتتعاقب فصوله وتتغير انوائه نتيجة إشعاعات وروائح وذبذبات الأشياء، وهذه الاخيرة تتغير بدورها لأنها استنفذت قوتها ورونقها في التأثير على الزمن...وهل هذا الشيء طبيعي؟ أم أن هنالك من أراد أن يقلب وجه الشعرة الفاصلة بين الأشياء والزمن؟ إذ لن تروقه هذه الحاكمية فغير موازين القوى ليكسر جبروت الزمن، بابتكاره استنساخ الأشياء لكي يضجره ويتحداه لاغير.فكل شيء قديم يبليه الدهر ينشئ من جديد شامخا بأنفه، وعليه تكون القماشة الصفراء، التي كان مقمطا بها، هي المنشفة الصفراء المنسوخة من تلك، لذا لم يشعر بأي فرق بينهما! تمدد فوق الأريكة ومازال رأسه معبئا بالأفكار، واندفع ......
#جاثوم
#الزمكان

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=685397