حيدر عباس جعيجع : -منزل الأقنان- دراسة نقدية
#الحوار_المتمدن
#حيدر_عباس_جعيجع المنهج النفسي في النقد الأدبي:قصيدة منزل الأقنان للشاعر بدر شاكر السياب أنموذجًا."وتملأُ رُحبةَ الباحةذوائبُ سدرةٍ غبراءَ تزحمها العصافيرُتعد خطى الزمانِ بسقسقات، والمناقيرُكأفواهٍ من الديدانِ تأكلُ جثّةَ الصمتِ"يقول غاستون باشلار في كتابه "جماليات المكان": البيت هو ركننا الأول... هو كوننا الأول.ومن هذا الكون الأول انطلق السيابُ لِيدخلَنا في أكوانِه اللامتناهية، يَتَنَقلُ بنا عبرَ معالمَ المكانِ بفنتازيا متخيَلةٍ رائعة يمتزجُ فيها الحلمُ بالحقيقةِ، ويتداخلُ الواقعُ في الخيال، فتتوحدُ ذاتُ الشاعرِ بالمكان فتؤنسِنُهُ وتبثُ الروحَ فيه، فالشجرةُ الغبراءُ المنسيةُ في باحةِ البيتِ قد نثرت ذوائبَها، وزقزقةُ العصافير تلتهمُ صمتَ المكان وتشعلُ الروحَ في جسدِهِ الميت؛ بعد أن غادروه أهلُه.. بعقلِهِ اللاواعي، يستحضرُ لنا المكان وبكل ما يعنيه له، فجيكور عند السياب هي أحلامُ الطفولةِ، هي الأمُ، هي عالَمُهُ الخاصُ، عِراقُه، ذاتُهُ المتأمِلَةُ، خَلاصُه، جَدَلُهُ اللامنتهي.."على العكازِ أسعى حينَ أسعى، عاثرَ الخطواتِ مُرتَجِفًاغريبٌ غير نارِ الليلِ ما واساه من أحدٍبلا مالٍ، بلا أملٍ، يقطِّعُ قلبَه أسفًا.."في القراءةِ الأولى للنص نجدُ أن الشاعرَ يصورُ لنا معاناتِه الجسديةَ بعد أن أضناه المرضُ وأنهكَهُ، وجَعَلَهُ خائرَ القوى، ساندًا خطواتِه المتعثرةَ على عكاز.ولكن يبدو لي أن هذه الخطواتِ ما هي إلا إيحاءٌ عن حياةٍ متعثرةٍ، قلقةٍ، غيرِ مستقرةٍ، عاشها ومر بها الشاعر، فزرعت هذا التردد والقلق في نفسه."غريبٌ غير نارِ الليلِ ما واساه من أحدٍ..." (غريب) بهذه المُفردة بدأ البيت، فهي تشكل بعدًا نفسيًا في وجدان المتلقي وإحساسِه، وتستحضرُ لنا غربةَ الشاعرِ لنعيشَها، فَلِلَّفظَّةِ قيمةٌ دلاليةٌ حسيةٌ، وكذلك قيمةٌ إيقاعية؛ لما يحملُهُ حرفُ المدِ (الياء) من يأسٍ وانكسارٍ وخضوع..وباسترسالٍ مُتقنٍ، ينقل لنا إحساسَه وما يعيشُهُ من مرارةٍ وضياع، عن طريقِ معادلٍ موضوعي، يحرِكُ به الجماداتِ ويؤنسنُ المكانَ الذي حولَهُ، فلا روحَ تؤنسُ غربةَ روحِه، ولا حضنَ يدفئُ برودةَ جسدِه.وربَّما هناك بعضٌ من التناص، وأيضًا التضاد في المعنى مع قول أبي فراس الحمداني:إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى وَأَذلَلتُ دَمعًا مِن خَلائِقِهِ الكِبرُتَكادُ تُضيءُ النارُ بَينَ جَوانِحي إِذا هِيَ أَذكَتها الصَبابَةُ وَالفِكرُ.لكن ليلهُ مُختلِفٌ عن ليلِ أبي فراس، فما ليلُ أبي فراس إلا كنايةٌ عن حبيبةٍ تطفِئُ ظلمةَ روحِه، وتُشعِلُهُ حُبّّا وصَبابَةً، أما ليلُهُ فبالعكسِ تمامًا، طويلٌ باردٌ مُمتَدُ السكونِ، لا صوتَ يقطعُه، ولا نجمَ يواسيه."بلا مالٍ بلا أمل يقطع قلبه أسفا.."ثم يعود النص للبوح لنا باغترابٍ مُوجِعٍ، يَغُصُ بشعورِ الانفصالِ عن الذاتِ وعن الآخرين، يعودُ للبوح بكل هذا الوجعِ الممتدِ عبرَ آلافِ الأميالِ وآلافٍ من السنين..وكذلك يتناص ويتداخل مع نصٍ لشاعرٍ عراقي سبقه بما يزيد عن ألف عام، قاسى مرارةَ الاغترابِ نفسَها، يتداخل مع نص المتنبي: بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُالمعنى والإحساسُ عند الشاعرين متداخلان، وَلِتكرارِ "اللاءات" دلالةٌ حسيةٌ على الرفض والضياع، تبينُ لنا ما عاناه الشاعرانِ من حالةٍ نفسيةٍ متأزمةٍ، فهي تعملُ على إشباعِ رغباتٍ وجدانيةٍ عميقةٍ، ممتدة مع امتدادِ حرفِ المد."أأمكثُ في ديارِ الثلجِ ثمَ أموتُ في ......
#-منزل
#الأقنان-
#دراسة
#نقدية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=743545
#الحوار_المتمدن
#حيدر_عباس_جعيجع المنهج النفسي في النقد الأدبي:قصيدة منزل الأقنان للشاعر بدر شاكر السياب أنموذجًا."وتملأُ رُحبةَ الباحةذوائبُ سدرةٍ غبراءَ تزحمها العصافيرُتعد خطى الزمانِ بسقسقات، والمناقيرُكأفواهٍ من الديدانِ تأكلُ جثّةَ الصمتِ"يقول غاستون باشلار في كتابه "جماليات المكان": البيت هو ركننا الأول... هو كوننا الأول.ومن هذا الكون الأول انطلق السيابُ لِيدخلَنا في أكوانِه اللامتناهية، يَتَنَقلُ بنا عبرَ معالمَ المكانِ بفنتازيا متخيَلةٍ رائعة يمتزجُ فيها الحلمُ بالحقيقةِ، ويتداخلُ الواقعُ في الخيال، فتتوحدُ ذاتُ الشاعرِ بالمكان فتؤنسِنُهُ وتبثُ الروحَ فيه، فالشجرةُ الغبراءُ المنسيةُ في باحةِ البيتِ قد نثرت ذوائبَها، وزقزقةُ العصافير تلتهمُ صمتَ المكان وتشعلُ الروحَ في جسدِهِ الميت؛ بعد أن غادروه أهلُه.. بعقلِهِ اللاواعي، يستحضرُ لنا المكان وبكل ما يعنيه له، فجيكور عند السياب هي أحلامُ الطفولةِ، هي الأمُ، هي عالَمُهُ الخاصُ، عِراقُه، ذاتُهُ المتأمِلَةُ، خَلاصُه، جَدَلُهُ اللامنتهي.."على العكازِ أسعى حينَ أسعى، عاثرَ الخطواتِ مُرتَجِفًاغريبٌ غير نارِ الليلِ ما واساه من أحدٍبلا مالٍ، بلا أملٍ، يقطِّعُ قلبَه أسفًا.."في القراءةِ الأولى للنص نجدُ أن الشاعرَ يصورُ لنا معاناتِه الجسديةَ بعد أن أضناه المرضُ وأنهكَهُ، وجَعَلَهُ خائرَ القوى، ساندًا خطواتِه المتعثرةَ على عكاز.ولكن يبدو لي أن هذه الخطواتِ ما هي إلا إيحاءٌ عن حياةٍ متعثرةٍ، قلقةٍ، غيرِ مستقرةٍ، عاشها ومر بها الشاعر، فزرعت هذا التردد والقلق في نفسه."غريبٌ غير نارِ الليلِ ما واساه من أحدٍ..." (غريب) بهذه المُفردة بدأ البيت، فهي تشكل بعدًا نفسيًا في وجدان المتلقي وإحساسِه، وتستحضرُ لنا غربةَ الشاعرِ لنعيشَها، فَلِلَّفظَّةِ قيمةٌ دلاليةٌ حسيةٌ، وكذلك قيمةٌ إيقاعية؛ لما يحملُهُ حرفُ المدِ (الياء) من يأسٍ وانكسارٍ وخضوع..وباسترسالٍ مُتقنٍ، ينقل لنا إحساسَه وما يعيشُهُ من مرارةٍ وضياع، عن طريقِ معادلٍ موضوعي، يحرِكُ به الجماداتِ ويؤنسنُ المكانَ الذي حولَهُ، فلا روحَ تؤنسُ غربةَ روحِه، ولا حضنَ يدفئُ برودةَ جسدِه.وربَّما هناك بعضٌ من التناص، وأيضًا التضاد في المعنى مع قول أبي فراس الحمداني:إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى وَأَذلَلتُ دَمعًا مِن خَلائِقِهِ الكِبرُتَكادُ تُضيءُ النارُ بَينَ جَوانِحي إِذا هِيَ أَذكَتها الصَبابَةُ وَالفِكرُ.لكن ليلهُ مُختلِفٌ عن ليلِ أبي فراس، فما ليلُ أبي فراس إلا كنايةٌ عن حبيبةٍ تطفِئُ ظلمةَ روحِه، وتُشعِلُهُ حُبّّا وصَبابَةً، أما ليلُهُ فبالعكسِ تمامًا، طويلٌ باردٌ مُمتَدُ السكونِ، لا صوتَ يقطعُه، ولا نجمَ يواسيه."بلا مالٍ بلا أمل يقطع قلبه أسفا.."ثم يعود النص للبوح لنا باغترابٍ مُوجِعٍ، يَغُصُ بشعورِ الانفصالِ عن الذاتِ وعن الآخرين، يعودُ للبوح بكل هذا الوجعِ الممتدِ عبرَ آلافِ الأميالِ وآلافٍ من السنين..وكذلك يتناص ويتداخل مع نصٍ لشاعرٍ عراقي سبقه بما يزيد عن ألف عام، قاسى مرارةَ الاغترابِ نفسَها، يتداخل مع نص المتنبي: بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُالمعنى والإحساسُ عند الشاعرين متداخلان، وَلِتكرارِ "اللاءات" دلالةٌ حسيةٌ على الرفض والضياع، تبينُ لنا ما عاناه الشاعرانِ من حالةٍ نفسيةٍ متأزمةٍ، فهي تعملُ على إشباعِ رغباتٍ وجدانيةٍ عميقةٍ، ممتدة مع امتدادِ حرفِ المد."أأمكثُ في ديارِ الثلجِ ثمَ أموتُ في ......
#-منزل
#الأقنان-
#دراسة
#نقدية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=743545
الحوار المتمدن
حيدر عباس جعيجع - -منزل الأقنان- دراسة نقدية