الحوار المتمدن
3.05K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
فاطمة ناعوت : أيّها الوحيدون … اصنعوا زحامَكم
#الحوار_المتمدن
#فاطمة_ناعوت في مقالي الاثنين الماضي بنافذتي هذه، كتبتُ عن دفء العائلة الذي نتنعّمُ به في إجازات الأعياد. ويبدو أن مقالي ذاك قد جرح بعض الناس ممن تَمزّقَ عنهم ثوبُ الأسرة، فوخزتهم لسعاتُ برد الوحدة والهجر؛ بسبب رحيل الأحباء أو سفر الأبناء أو عقوقهم. وصلتني عشراتُ الرسائل تحكي هموم كاتبيها ممن غدت الأسرةُ بالنسبة لهم مجرد جدرانَ باردةٍ في بيتٍ صامت. لهذا أكتبُ لهم هذا المقال كنوع من الاعتذار، لا لكي يتعزّوا به، بل لنتأمل قدرتنا البشرية السحرية التي منحها لنا اللهُ في خلق الزحام من صحراء الوحدة والهجر.أقولُ لمَن جرحهم مقالي "العيد، العائلة، الجنّةُ التي على الأرض" إن اجتماع الناس حول مائدة الأسرة شحيحٌ بسبب دوامة الحياة المتسارعة. ولكن بوسعنا "خلق الزحام" على "أطلال الوحدة". ودعوني أحكي لكم ملخص حوار دار بيني وبين صحفية كندية في حفل توقيع بعض كتبي قبل أعوام في تورونتو الكندية. سألتني الصحفيةُ: “سيدتي، هل تُحبين الوحدةَ والسكون؟ أم تفضّلين الوجودَ بين الناس والصخب؟" فأجبتها: "أحبُّ الاستمتاعَ بالوحدة، وسط الحشود. والاستمتاعَ بالزحام في وحدتي.” وطلبتِ الصحفيةُ توضيحًا، فقلت لها: “في منزلي الصغير بالقاهرة، يعيش معي مليون إنسان يملأون يومي صخبًا وقلقًا وحبًّا ومعاركَ وضحكًا وعشقًا ومشاكساتٍ وحروبًا؟! أحيانًا لا أكادُ أجد مقعدًا شاغرًا في منزلي للجلوس، وفي أحايين أخرى لا أجد مكانًا للنوم على سريري، من فرط الزحام! فأضطرُ أن أنام في غرفة المكتب، جالسة على مقعدي ورأسي ساقط فوق أكوام الورق على سطح المكتب. يعيش في منزلي أبو حيّان التوحيدي وابن عربي وغاندي وأفلاطون وأرسطو وابن رشد وبورخيس وطه حسين وسارتر وبرنارد شو وأكتافيو باث وشمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي وسيزان وشوبان وشتراوس وموتسارت وفيفالدي وينّي وكالفيني وسيلفادور دالي وبيكاسو وهارولد بنتر ومكسيم جوركي وفرجينيا وولف وموليير وإيميلي ديكنسون وجبران والأخطل وجورج أوريل وفوكو وديكارت ونزار قباني وأحمد عبد المعطي حجازي وعبد الصبور وزكي نجيب محمود وعبد العزيز المقالح والسياب ونازك الملائكة والنفّري ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهم. حتى "ماركي دو ساد" خصصتُ له ركنًا معتمًا في بيتي يليق بجحوده. الشهر الماضي قضيتُ يومي أفضُّ معركة بين مارتن لوثر كينج وهتلر. ناصرتُ الأول وشبكت زهرةً في عروة قميصه، وركلتُ الثاني، فانزوى وبكي. وقبل أسبوعين أنصتُّ إلى جوديث شقيقة وليم شكسبير، وهي تقول له باكيةً: "أنا أكثرُ منك موهبةً، لولا أنك ولدٌ وأنا بنتٌ في مجتمع يظلم النساء. ظلمني نوعي فلم أشتهر، وأنصفك نوعك فاشتهرتَ." فابتسم ولم يُجب، ثم التفت معي إلى معركة ساخنة بين ابن تيمية وابن عربي، انتهت بأن مزّق كلٌّ منهما مخطوطاتِ الآخر. ولكم أن تتخيلوا حالَ بيتي بعد تلك المعارك بين العقول التي تسكن معي، والتي تُسفر دائمًا عن مزهريات مهشمة، ووسائد ملقية هنا وهناك، ومقاعد مقلوبة وأرائك تقفُ كالتوابيت في ساحة الوغى. بيتي يُعوزه الهدوء. وفجأةً يصدح فيولين تشايكوفسكي مع صوت فيروز تغني للعصافير واليمامات التي تزور شرفتي كل صباح تقول لي: "صباحك سكر يا فاطمة"، ثم تطيرُ بعدما تلتقطُ القمح من كفّي. تملأ عيني ألوانُ بيكار ومختار وحليم ووانلي. العام الماضي قضيتُ عدة نهارات أصلحُ إحدى طواحين "فان جوخ" الهوائية بعدما تدلَت ريشةٌ من طاحونة وكادت تسقط من اللوحة على الأرض. وبعدما أصلحتُها فرح جوخ وكافأني بثلاثة عيدان قمح من إحدى لوحاته لأخبز بها رغيفًا لعشائي مع زُراع البطاطس الفقراء. وبعد العشاء، استأذنتُ بيتهوفن في عزف "فور إليس" على ......
#أيّها
#الوحيدون
#اصنعوا
#زحامَكم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762508