أسامة الحمصانى : بيت أبوطربوش
#الحوار_المتمدن
#أسامة_الحمصانى أختصر عنوانى دائما فى حينا العتيق فأقول أنى أسكن مقابل بيت "أبوطربوش" فيعرف السائل الطريق إلى منزلى بسهولة ويسر، ولابد أنك تتعجب لتسمية البيت بهذا الاسم، ولكن فى الحقيقة متى رأيته زال عجبك ولا تجد غرابة فى هذه الصفة. يقع هذا البيت على ناصية شارعين متلاقين فى الحى فالقادم من أحد الشارعين يجده على رأس مثلث بواجهته العريضة وشرفاته المميزة الممتلئة بالشقوق، لونه الكالح كان من عشرات السنون لونا آخر لا نعرفه .. هذا البيت لأبى جعفر وأم جعفر .. هذا على ما أعتقد فنحن لم نجد قاطناً له غيرهما .. حتى أن لميزات شكل البيت أضيفت ميزة اخرى وهى وجهى أبو جعفر وأمه فى إحدى شرفاته طوال النهار وجزء من الليل.. ولاحظ أننا لم نر المدعو جعفر هذا ولو مرة واحدة. أما تسمية الناس للبيت بأبوطربوش فذلك لصورة محفورة لفارس قديم على حصانه يحمل سيفاً قصيراً ويعتمر طربوشاً طويلاً..ولم يعد يتميز هذا البيت على تميزه إلا بذاك الفارس وطربوشه.آنذاك كانت الشقوق واسعة تفصل بين جدرانه، ترهبنى وترعب كل من يراها ولا سيما أنها تتسع يوما بعد يوم دون أن تحظى بعناية أو ترميم.والغريب أنها لا تشغل أبى وأم جعفر على الإطلاق، ولا أهل الحى الذين ألفوا رؤيتها.وسواء كانا أبى وأم جعفر فى الشرفة أو داخل البيت فإنهما لا يكفان عن الصياح والشجار لأتفه الأسباب وأبسطتها. فالرجل أحيل إلى التقاعد ولا يغادر الدار إلا لماماً لقبض معاشه الشهرى.وحتى إذا ما تدلت السلة من الشرفة إلى أحد البائعين الجائلين أو غيره، نشب الخلاف مع البائع كأمر ضرورى وإذا دخلا من الشرفة تشاجرا سوياً لأن أحدهما لم يساوم البائع كما يجب.أيقنت مع طول جوارنا لأبى وأم جعفر أن كلاهما وبالاً لا يصلح إلا لرفقة الآخر.. ورغم الإزعاج الذى يسببانه كوننا الأقرب إليهم إلا أننا ألفنا ذلك لم نعد نأبه به سواء مع الباعة أو غيرهم.فى صباح إحدى الأيام .. نزلت إلى الشارع ألقى بتحية إلى جار وأتلقاها من آخر، وهناك معركة حامية الوطيس بين أبى وأم جعفر من ناحية وأحد الباعة وقد فاض به الكيل يرجوهما سحب حبل السلة دون شراء وإنهاء الأمر.قرب غروب الشمس عدت من عملى وإذا بالشارع قد أغلق تماماً، ونفير عربات المطافى والإسعاف يصم الآذان. أمسكت بكتف صبى أسأله عما جرى فكانت الإجابة المتوقعة .."بيت أبوطربوش وقع ...." وأعتصرنى الألم لما حدث لجارى الذى لم ينصت لأى تحذير، وتمنيت ألا يكون حدث لأبى وأم جعفر أى مكروه..وسرعان ما جاء ما قطع حيرتى بين أيدى رجال الإنقاذ .. لقد ماتا تحت الدار المتهاوية.اقتربت أُلقى نظرة أخيرة على جثتيهما فإذا بهما وقد عانق كل منهما صاحبه.. وكأنه يدفع عنه الموت. ......
#أبوطربوش
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762245
#الحوار_المتمدن
#أسامة_الحمصانى أختصر عنوانى دائما فى حينا العتيق فأقول أنى أسكن مقابل بيت "أبوطربوش" فيعرف السائل الطريق إلى منزلى بسهولة ويسر، ولابد أنك تتعجب لتسمية البيت بهذا الاسم، ولكن فى الحقيقة متى رأيته زال عجبك ولا تجد غرابة فى هذه الصفة. يقع هذا البيت على ناصية شارعين متلاقين فى الحى فالقادم من أحد الشارعين يجده على رأس مثلث بواجهته العريضة وشرفاته المميزة الممتلئة بالشقوق، لونه الكالح كان من عشرات السنون لونا آخر لا نعرفه .. هذا البيت لأبى جعفر وأم جعفر .. هذا على ما أعتقد فنحن لم نجد قاطناً له غيرهما .. حتى أن لميزات شكل البيت أضيفت ميزة اخرى وهى وجهى أبو جعفر وأمه فى إحدى شرفاته طوال النهار وجزء من الليل.. ولاحظ أننا لم نر المدعو جعفر هذا ولو مرة واحدة. أما تسمية الناس للبيت بأبوطربوش فذلك لصورة محفورة لفارس قديم على حصانه يحمل سيفاً قصيراً ويعتمر طربوشاً طويلاً..ولم يعد يتميز هذا البيت على تميزه إلا بذاك الفارس وطربوشه.آنذاك كانت الشقوق واسعة تفصل بين جدرانه، ترهبنى وترعب كل من يراها ولا سيما أنها تتسع يوما بعد يوم دون أن تحظى بعناية أو ترميم.والغريب أنها لا تشغل أبى وأم جعفر على الإطلاق، ولا أهل الحى الذين ألفوا رؤيتها.وسواء كانا أبى وأم جعفر فى الشرفة أو داخل البيت فإنهما لا يكفان عن الصياح والشجار لأتفه الأسباب وأبسطتها. فالرجل أحيل إلى التقاعد ولا يغادر الدار إلا لماماً لقبض معاشه الشهرى.وحتى إذا ما تدلت السلة من الشرفة إلى أحد البائعين الجائلين أو غيره، نشب الخلاف مع البائع كأمر ضرورى وإذا دخلا من الشرفة تشاجرا سوياً لأن أحدهما لم يساوم البائع كما يجب.أيقنت مع طول جوارنا لأبى وأم جعفر أن كلاهما وبالاً لا يصلح إلا لرفقة الآخر.. ورغم الإزعاج الذى يسببانه كوننا الأقرب إليهم إلا أننا ألفنا ذلك لم نعد نأبه به سواء مع الباعة أو غيرهم.فى صباح إحدى الأيام .. نزلت إلى الشارع ألقى بتحية إلى جار وأتلقاها من آخر، وهناك معركة حامية الوطيس بين أبى وأم جعفر من ناحية وأحد الباعة وقد فاض به الكيل يرجوهما سحب حبل السلة دون شراء وإنهاء الأمر.قرب غروب الشمس عدت من عملى وإذا بالشارع قد أغلق تماماً، ونفير عربات المطافى والإسعاف يصم الآذان. أمسكت بكتف صبى أسأله عما جرى فكانت الإجابة المتوقعة .."بيت أبوطربوش وقع ...." وأعتصرنى الألم لما حدث لجارى الذى لم ينصت لأى تحذير، وتمنيت ألا يكون حدث لأبى وأم جعفر أى مكروه..وسرعان ما جاء ما قطع حيرتى بين أيدى رجال الإنقاذ .. لقد ماتا تحت الدار المتهاوية.اقتربت أُلقى نظرة أخيرة على جثتيهما فإذا بهما وقد عانق كل منهما صاحبه.. وكأنه يدفع عنه الموت. ......
#أبوطربوش
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762245
الحوار المتمدن
أسامة الحمصانى - بيت أبوطربوش