شريف حتاتة : عالم بلا جدران
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة الحجرة التي أجلس فيها لا تحتلها سوى مانـدة ، تمتد قرب الجدران تاركة مساحة فارغة في المنتصف. على المقاعد المرصوصة حولها ، يجلس عدد من الرجال والنساء أغلبهم في منتصف العمـر والبـاقـون مـن الشباب. أسمع كلمات بمختلف اللغات. أجلـس صامتا، متأملا، سارحا في الـزمن والمسافات، في إحساس بالدهشة يتملكني أحيانا عندما أنتقل بين البلاد ، كأنني أحيا في حلم ، كل ما يحدث فيه من صنع الخيال، سافيق منه بعد لحظات.أتساءل كيف أصبحت في هذا المكان، بين هؤلاءالأغراب. أتذكر أننى أشعر بالغربة في كل مكان، فى الوطن وخارج الأوطان. أنا كالطائر أعبـر الوديـان والجبال، والبحار، والغابات ومساحات الصحراء ، باحثاعن موطن فيه ثبات، فيه عدالة، وحرية وسلام، فيـها منطق يراعي إنسانية الإنسان.عشت مختلف الوظائف والمهن، والأعمال لكـننى أبـيت أن يستقر بي الحال. كان في داخلي قـوة تدفعني دائمـا نـحـو الانتقال، نحو الجديد ، ربما يحقق ما يجب أن تكون عليه الحياة. لم أجده حتى الآن، أصبحت حياتي هي السعي والبحث الـدائـم عما يعتبره الكثيرون "المحال".أنا الآن في مدينة "مارسيليا" ، أحضـر إجتماعـاً للجنـة التنسيق الدولية الخاصة بالمنتدى الإجتماعي للبحـر الأبيض المتوسط. وهذا المنتدى هو أحد المنتديات الإجتماعية الإقليمية المنبثقة من المنتدى الاجتماعي العالمي الذي تأسس في "بورتواليجري" بالبرازيل في أواخر يناير سنة 2001، شـأنـه شـان المنتدى الاجتماعي الأسيوي، والإفريقي، والأوربي وغيرها من المنتديات الاجتماعية التي تكونت في مختلف أنحـاء العـالم. تهدف هذه المنتديات إلى إيجاد "فضـاءات" علـى المسـتوى العالمي أو الإقليمي، أو القومي أو المحلى ، تستطيع أن تلتقـى فيها الحركات، والتنظيمات، والجمعيـات المناهضـة لعولمـة الشركات الرأسمالية الكبرى، للنظام العـالمي الـذي تتزعمـه الولايات المتحدة بالتعاون مع الاتحـاد الأوربـي واليابـان، وبالاستناد إلى الأنظمة المحلية في العالم بما فيهـا الأنظمـة العربية.على يميني تجلس "عايدة توما سليمان"، امرأة من عرب فلسطين تنشط في مجال حقوق المرأة، تعيش في إسرائيل فـي ظل النظام الذي يرأسه حزب "الليكود" و"شارون". على يساري امرأة إيطالية اسمها "فرانشيسكا سباميناتو" مناضلة تواجـه "المافيات" في جزيرة "صقلية". من بين الموجودين فـي هـذا الاجتماع "جان لوك سيبيير" عضو في منظمة فرنسية اسـمـها "آتاك" عدد أعضائها أكثر من أربعين ألفا ولها فروع في بـلاد أخرى، رجل أعمال محدود الحال يقوم بنشاط اجتماعي واسـع في مدينة "ليون"، و"لويس بلانكو" عضو مجلس إدارة النقابات العمالية المستقلة في مدينة "برشلونة" الإسبانية. ". ومونيكا ساباتا" من المدينة نفسها تعمل في منظمة تكـافـح مـن أجـل حقوق المهاجرين، "ونور الدين حراج" من النشطاء في المغرب وموظف في السياحة.أشعر بالراحة في مثل هذه الاجتماعـات. فيـهـا فرصـة لمعايشة الجديد، لتبادل الخبرات، وفيها التضامن الإنساني الذي يجمع بين رجال ونساء من مختلـف الـبلـدان، ومـن شـتى المجالات، يتعاونون في النضال ضد الحرب ومن أجل السـلام، وضد الظلم الاجتماعي من أجل فرص متعادلـة للنـاس فـي الحياة، وضد الاستبداد من أجل ديمقراطية حقيقية ، يقرر فيهـا الناس ما يريدونه لحياتهم.عقلى يسرح بعيداً يقفز إلى الوراء سنوات، فمنذ أكثر من أربع وخمسين سنة هبطت في هذه المدينة لأول مـرة. حـدث ذلك في أواخر شهر أكتوبر سنة 1950. جئت إليها مختبئا في قاع سفينة فرنسية للشحن ، كانت تحمل البضائع وبعض الركاب صعدوا إليها في الهند الصينية (فيتنام الآن). حملنـى النـائـب الوفدي لمدينة بورسعي ......
#عالم
#جدران
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766594
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة الحجرة التي أجلس فيها لا تحتلها سوى مانـدة ، تمتد قرب الجدران تاركة مساحة فارغة في المنتصف. على المقاعد المرصوصة حولها ، يجلس عدد من الرجال والنساء أغلبهم في منتصف العمـر والبـاقـون مـن الشباب. أسمع كلمات بمختلف اللغات. أجلـس صامتا، متأملا، سارحا في الـزمن والمسافات، في إحساس بالدهشة يتملكني أحيانا عندما أنتقل بين البلاد ، كأنني أحيا في حلم ، كل ما يحدث فيه من صنع الخيال، سافيق منه بعد لحظات.أتساءل كيف أصبحت في هذا المكان، بين هؤلاءالأغراب. أتذكر أننى أشعر بالغربة في كل مكان، فى الوطن وخارج الأوطان. أنا كالطائر أعبـر الوديـان والجبال، والبحار، والغابات ومساحات الصحراء ، باحثاعن موطن فيه ثبات، فيه عدالة، وحرية وسلام، فيـها منطق يراعي إنسانية الإنسان.عشت مختلف الوظائف والمهن، والأعمال لكـننى أبـيت أن يستقر بي الحال. كان في داخلي قـوة تدفعني دائمـا نـحـو الانتقال، نحو الجديد ، ربما يحقق ما يجب أن تكون عليه الحياة. لم أجده حتى الآن، أصبحت حياتي هي السعي والبحث الـدائـم عما يعتبره الكثيرون "المحال".أنا الآن في مدينة "مارسيليا" ، أحضـر إجتماعـاً للجنـة التنسيق الدولية الخاصة بالمنتدى الإجتماعي للبحـر الأبيض المتوسط. وهذا المنتدى هو أحد المنتديات الإجتماعية الإقليمية المنبثقة من المنتدى الاجتماعي العالمي الذي تأسس في "بورتواليجري" بالبرازيل في أواخر يناير سنة 2001، شـأنـه شـان المنتدى الاجتماعي الأسيوي، والإفريقي، والأوربي وغيرها من المنتديات الاجتماعية التي تكونت في مختلف أنحـاء العـالم. تهدف هذه المنتديات إلى إيجاد "فضـاءات" علـى المسـتوى العالمي أو الإقليمي، أو القومي أو المحلى ، تستطيع أن تلتقـى فيها الحركات، والتنظيمات، والجمعيـات المناهضـة لعولمـة الشركات الرأسمالية الكبرى، للنظام العـالمي الـذي تتزعمـه الولايات المتحدة بالتعاون مع الاتحـاد الأوربـي واليابـان، وبالاستناد إلى الأنظمة المحلية في العالم بما فيهـا الأنظمـة العربية.على يميني تجلس "عايدة توما سليمان"، امرأة من عرب فلسطين تنشط في مجال حقوق المرأة، تعيش في إسرائيل فـي ظل النظام الذي يرأسه حزب "الليكود" و"شارون". على يساري امرأة إيطالية اسمها "فرانشيسكا سباميناتو" مناضلة تواجـه "المافيات" في جزيرة "صقلية". من بين الموجودين فـي هـذا الاجتماع "جان لوك سيبيير" عضو في منظمة فرنسية اسـمـها "آتاك" عدد أعضائها أكثر من أربعين ألفا ولها فروع في بـلاد أخرى، رجل أعمال محدود الحال يقوم بنشاط اجتماعي واسـع في مدينة "ليون"، و"لويس بلانكو" عضو مجلس إدارة النقابات العمالية المستقلة في مدينة "برشلونة" الإسبانية. ". ومونيكا ساباتا" من المدينة نفسها تعمل في منظمة تكـافـح مـن أجـل حقوق المهاجرين، "ونور الدين حراج" من النشطاء في المغرب وموظف في السياحة.أشعر بالراحة في مثل هذه الاجتماعـات. فيـهـا فرصـة لمعايشة الجديد، لتبادل الخبرات، وفيها التضامن الإنساني الذي يجمع بين رجال ونساء من مختلـف الـبلـدان، ومـن شـتى المجالات، يتعاونون في النضال ضد الحرب ومن أجل السـلام، وضد الظلم الاجتماعي من أجل فرص متعادلـة للنـاس فـي الحياة، وضد الاستبداد من أجل ديمقراطية حقيقية ، يقرر فيهـا الناس ما يريدونه لحياتهم.عقلى يسرح بعيداً يقفز إلى الوراء سنوات، فمنذ أكثر من أربع وخمسين سنة هبطت في هذه المدينة لأول مـرة. حـدث ذلك في أواخر شهر أكتوبر سنة 1950. جئت إليها مختبئا في قاع سفينة فرنسية للشحن ، كانت تحمل البضائع وبعض الركاب صعدوا إليها في الهند الصينية (فيتنام الآن). حملنـى النـائـب الوفدي لمدينة بورسعي ......
#عالم
#جدران
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766594
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - عالم بلا جدران
شريف حتاتة : لن نفترق
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة ------------------------------صباح اليوم السادس من شهر نوفمبر سنة 1963 صعدت السلالم الضيقة المظلمة خلف الشرطي الذي فتح لي باب الحجز في قسم شرطة قصر النيل. فى هذه الغرفة المدفونة تحت الأرض، المليئة بالهواء الفاسد، المزدحمة بأجساد عشرات من المجرمين العتاة، والقوادين، وتجار المخدرات والشحاذين، والنشالين، والسكاري. في هذه الغرفة التي لم يكن فيها سوى وعاء من الماء للشرب، ووعاء آخر للتبول، والإخراج امتلأ بفضلات الرجال ، قضيت ثلاثة أيام بلياليها تمهيداً للإفراج عنى.كان هذا بمثابة التوديع الذي رتبته لي السلطات ، بعد أربعة عشر عاماً خلف قضبان السجن.سرت على قدمي حاملاً کيس ملابسی-;-، مجتازاً الشوراع المشمسة لحي جاردن سيتى بللت خضرتها نقاط الندى اللامعة، عاجزاً عن إستيعاب حقيقة أنني أسير طليقاً في مدينتي القاهرة تحت السماء الزرقاء المفتوحة، وسط أفواج من الأطفال بتجهون إلى مدارسهم في الصباح، كأنني خلال سنين السجن فقدت قدرتي على الاحساس. بعد الإفراج عنى بشهور ، أنعمت علىّ السلطات بوظيفة في وزارة الصحة في أدنى الدرجات لأجد نفسي جالساً في غرفة إلى جوار مراحيض الوزارة . كانت تشبه الزنزانة التي خرجت منها.على نافذتها قضبان، وفي أنفي رائحة المراحيض لم تغادرها كأن حياتي لم تتغير، كأنه لم يفرج عنى.في الغرفة خمسة مكاتب، وخمسة أشخاص ... مثل السجن تماماً. أربعة وأنا خامسهم . خلف كل مكتب يجلس شخص يقلب في الأوراق، إن كانت أمامه أوراق، أو يحملق في الفراغ مـتـفـادياً النظر إلى غيره . مكتبي أنا أصغر المكاتب، وأكثرها قدماً، تشقق فيه الخشب العاري ، فتنغرس في أصابعي الشظايا. الوجوه الجالسة في الغرفة، أو الداخلة إليها فيها خضوع شاحبة ، ماعدا وجهها هي . لا أعرف كيف جاءت إلى هذا المكان. يطل من خلف مكتبها هالة من الَشعر الأبيض اللامع، وعينان سودوان واسعتان تشعان بالبريق، بطفولة متأججة وسط الملامح. كانت تنتمي إلى عالم آخر غير هذا العالم الساكن الكئيب. كذلك أنا. جلت إليه من عالم الزنازين، والأحلام الواسعة. همسوا إلىّ بأنها تزوجت مرتين، وطلقت مرتين، ولديها طفلة ، وأنها إمرأة تكتب عن المحرمات. وهمسوا إليها بأنني متمرد، ومتآمر، وخطير. نظرت إليها، فنظرت إلى. تحدثت إليها، وتحدثت إلىّ. خرجنا من باب الغرفة، وسرنا إلى جوار النيل. صعدنا فوق جبل المقطم أعلى المدينة بعيداً عن الهمسات، والفساد، والمراحيض. سافرنا إلى البحر، وسبحنا فيه . تعانقنا تحت الشمس. داوت جروحي الغائرة في اللحم. جعلتني أنطق بعد أن تعلمت الصمت . جعلتني أكتب ما لم أكتبه، وأدرك ما لم أكن أدركه. طفلتها الصغيرة اسمها " مُني " ، فأصبحت لها أنا الأب. تزوجنا. انجبنا ولدا اسمه " عاطف " . أنجبنا أخاً للأخت.سبعة وثلاثون سنة من الزواج، سبعة وثلاثون سنة من الحوار، والحب، من العمل والجهد، سبعة وثلاثون سنة من المعارك خضناها جنباً إلى جنب. لم تعرف هي الراحة في أي وقت. لا تطيق الظلم، ولا تسكت عنه. من أجل الصدق تفقد عملها، وتدخل السجن، وتواجه الحملات ضد سمعتها. من أجل الكتابة تفنى حياتها. تجلس الساعات الطويلة يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر لتخرج من بين أصابعها الطويلة المتوترة روايات، وقصصاً، ودراسات، ومقالات وبحوثاً وأحياناً مسرحيات أو شعراً. خمسة وثلاثون كتاباً هى حصيلتها. وما لم ينشر بعد وتراكم في دواليبها ربما يفوق ما نشرته حتى اليوم. متأججة، متدفقة بالأحاسيس والفكر. كالنبع الذي لا ينضب، ولا يمكن إيقافه.ومع كل هذا هي أم، وأي أم، صديقة وأي صديق. معاً صنعنا أسرتنا. أبنة كاتبة لها قلمها، وابن مخر ......
#نفترق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766931
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة ------------------------------صباح اليوم السادس من شهر نوفمبر سنة 1963 صعدت السلالم الضيقة المظلمة خلف الشرطي الذي فتح لي باب الحجز في قسم شرطة قصر النيل. فى هذه الغرفة المدفونة تحت الأرض، المليئة بالهواء الفاسد، المزدحمة بأجساد عشرات من المجرمين العتاة، والقوادين، وتجار المخدرات والشحاذين، والنشالين، والسكاري. في هذه الغرفة التي لم يكن فيها سوى وعاء من الماء للشرب، ووعاء آخر للتبول، والإخراج امتلأ بفضلات الرجال ، قضيت ثلاثة أيام بلياليها تمهيداً للإفراج عنى.كان هذا بمثابة التوديع الذي رتبته لي السلطات ، بعد أربعة عشر عاماً خلف قضبان السجن.سرت على قدمي حاملاً کيس ملابسی-;-، مجتازاً الشوراع المشمسة لحي جاردن سيتى بللت خضرتها نقاط الندى اللامعة، عاجزاً عن إستيعاب حقيقة أنني أسير طليقاً في مدينتي القاهرة تحت السماء الزرقاء المفتوحة، وسط أفواج من الأطفال بتجهون إلى مدارسهم في الصباح، كأنني خلال سنين السجن فقدت قدرتي على الاحساس. بعد الإفراج عنى بشهور ، أنعمت علىّ السلطات بوظيفة في وزارة الصحة في أدنى الدرجات لأجد نفسي جالساً في غرفة إلى جوار مراحيض الوزارة . كانت تشبه الزنزانة التي خرجت منها.على نافذتها قضبان، وفي أنفي رائحة المراحيض لم تغادرها كأن حياتي لم تتغير، كأنه لم يفرج عنى.في الغرفة خمسة مكاتب، وخمسة أشخاص ... مثل السجن تماماً. أربعة وأنا خامسهم . خلف كل مكتب يجلس شخص يقلب في الأوراق، إن كانت أمامه أوراق، أو يحملق في الفراغ مـتـفـادياً النظر إلى غيره . مكتبي أنا أصغر المكاتب، وأكثرها قدماً، تشقق فيه الخشب العاري ، فتنغرس في أصابعي الشظايا. الوجوه الجالسة في الغرفة، أو الداخلة إليها فيها خضوع شاحبة ، ماعدا وجهها هي . لا أعرف كيف جاءت إلى هذا المكان. يطل من خلف مكتبها هالة من الَشعر الأبيض اللامع، وعينان سودوان واسعتان تشعان بالبريق، بطفولة متأججة وسط الملامح. كانت تنتمي إلى عالم آخر غير هذا العالم الساكن الكئيب. كذلك أنا. جلت إليه من عالم الزنازين، والأحلام الواسعة. همسوا إلىّ بأنها تزوجت مرتين، وطلقت مرتين، ولديها طفلة ، وأنها إمرأة تكتب عن المحرمات. وهمسوا إليها بأنني متمرد، ومتآمر، وخطير. نظرت إليها، فنظرت إلى. تحدثت إليها، وتحدثت إلىّ. خرجنا من باب الغرفة، وسرنا إلى جوار النيل. صعدنا فوق جبل المقطم أعلى المدينة بعيداً عن الهمسات، والفساد، والمراحيض. سافرنا إلى البحر، وسبحنا فيه . تعانقنا تحت الشمس. داوت جروحي الغائرة في اللحم. جعلتني أنطق بعد أن تعلمت الصمت . جعلتني أكتب ما لم أكتبه، وأدرك ما لم أكن أدركه. طفلتها الصغيرة اسمها " مُني " ، فأصبحت لها أنا الأب. تزوجنا. انجبنا ولدا اسمه " عاطف " . أنجبنا أخاً للأخت.سبعة وثلاثون سنة من الزواج، سبعة وثلاثون سنة من الحوار، والحب، من العمل والجهد، سبعة وثلاثون سنة من المعارك خضناها جنباً إلى جنب. لم تعرف هي الراحة في أي وقت. لا تطيق الظلم، ولا تسكت عنه. من أجل الصدق تفقد عملها، وتدخل السجن، وتواجه الحملات ضد سمعتها. من أجل الكتابة تفنى حياتها. تجلس الساعات الطويلة يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر لتخرج من بين أصابعها الطويلة المتوترة روايات، وقصصاً، ودراسات، ومقالات وبحوثاً وأحياناً مسرحيات أو شعراً. خمسة وثلاثون كتاباً هى حصيلتها. وما لم ينشر بعد وتراكم في دواليبها ربما يفوق ما نشرته حتى اليوم. متأججة، متدفقة بالأحاسيس والفكر. كالنبع الذي لا ينضب، ولا يمكن إيقافه.ومع كل هذا هي أم، وأي أم، صديقة وأي صديق. معاً صنعنا أسرتنا. أبنة كاتبة لها قلمها، وابن مخر ......
#نفترق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766931
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - لن نفترق
شريف حتاتة : - ماكياج -
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة " مـكـيـاج " -------------------------------أجلس في صالة بيتي تغيرت ملامحها بعد أن نقلنا المكتب و"الكنبة"، والمنضدة المغطاة بلوحة من الرخام الأسود الجميل إلى المطبخ، فأصبحت شبه خالية، بعـد أن أسدلنا ستارة زرقاء كثيفة على نافذة الشرفة، وبعد أن تبدلت الأماكن التي كانت توضع فيها صور الأسرة على رفوف المكتبة الكبيـرة الداكنـة ذات الحشـوات العربية، فأصبحت صورة والدتي تنتصب إلـى جـوار صورة "نوال" بينما كانت في السابق معلقة على الجدار فوق سريري، وبعد أن رفعت الكليمات الحمراء التـي ابتعناها أثناء رحلة إلى "العريش"، فصار البلاط الأبيض عاريا يلمع في ضوء الكشافات، وامتدت فوقه الأسلاك والكابلات الكهربائية تشبه الثعابين لتغـذي أجهـزة تسجيل الصوت و"المونيتور"، وكاميرات "الـديجيتال" الحديثة.أجلس على أحد المقعدين المتبقيين في الصـالة، أمـامـي على المقعد الثاني يجلس المذيع طويل القامة، أنيق، تطل عيناه السوداوان الهادئتين من وجهه الأبيض الخالي من التجاعيد ، فأشعر أنه جاء من عالم غير العالم الذي أنا فيه. لكنىي حتـى أتسلل إلى عالمه تركت نفسي لأصابع "الماكيير" الشاب، ذي الشعر الطويل، والصوت الأنثوي قليلا. تركتها تمر على وجهي كالفراشات أكاد لا أحس بها، تقص شعرة هنا وشعرة هنـاك وتلمس جبهتي بفرشاة عليها "الكومباكت" الأرجواني اللـون. خضعت له بعد أن وعدني بألا يخفي التجاعيد، ألا يغير ملامحي حتى أصبح شاباً، وأبدو وسيما، رغم أنه في لحظة كـان فـي داخلي صوت همس إليّ "وما الضرر في أن تبدو وسيما؟"، قبل أن يهمس في اللحظة التي تليها : "أتريد أن تخفي مرور السنين " ؟.حتى أتسلل إلى عالم صـديقي المذيع ، ارتـديت قميصاً قرمزي اللون، وبنطالا أسودا أنيقا نادرا ما أرتديه. حرصت أن يكون ما تبقى من شعري ممشطا بعناية، وأن يكون ذقني ناعماً لا تظهر فيه الشعيرات الشائبة القصيرة، ثم تركته يصفني أثناء الحوار الذي دار بيننا بالكاتب الروائي الذي لم ينل ما يستحقه من تقدير، أن يسألني عن أبي، وأمي، و"نوال"، وعن زوجتـي السابقة، وعلاقاتي بهم، عن تجارب عشـتـها فـي السـجن، والأحاسيس التي مررت بها وأنا فيه، وهـل ينتـابنـي شـعور بالندم بعد الطريق الذي سلكته في حياتي وجعلني أخسر الكثير مما يسعى إليه الآخرون. تركته يقول أننـي منـاضـل خضـت المعارك وواجهت التحديات التي يخشى أن يواجههـا أنـاس كثيرون . جلست أمامه مستغرقا فى الحوار ، راضيا بالدور الذى أقوم به ، وعن الكاميرا المسلطة على لحظات النجومية والشهرة والتقدير لم أتعود على الحصول عليه . وتساءلت إن كنت فعلاً الشخص الذي يتحدث عنه، والشخصية التي ستظهر بعد أيـام أو أسابيع على الشاشة التليفزيونية لتتسلل إلـى المقـاهي والبيوت، إلى الجالسين أمامها يتفرجون عليّ في أماكن كثيرة. أم أنني في هذه اللحظات أتقمص دورا تعلمت أن أتقن تمثيله ؟؟. قبل اليوم المحدد للتسجيل اقترح معد البرنامج أن نقضـي بعض الوقت في بلدتي ليقوم بتصويري فيها. لم أكن سـافرت إليها منذ شهور فوافقت. هكذا في ذلك الصباح وجدت نفسـي هابطا على المدك الترابي الذي يقود بين الحقول إلـى عزبـة "الكوادي". عند شجرة للجميز يعود عمرها إلى أكثر من قرن ، كان ينتظرنا عدد من الفلاحين تعرفت عليهم منذ سنين، منذ أن كانوا أطفالا يجمعون القطن من الحقول في موسـم الصـيف، وأصبحوا الآن في العقد السادس أو السابع من العمر.بعد تبادل التحيات توجهنا معهم إلى غيط أكبـرهم سـناً، فلاح يدعى "سويكر أبو جبل". جلسنا على أجولة من الخـيش خلف "عريشة" وقفت تحتها جاموستان تمضغان في كوم مـن البرسيم ......
#ماكياج
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767413
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة " مـكـيـاج " -------------------------------أجلس في صالة بيتي تغيرت ملامحها بعد أن نقلنا المكتب و"الكنبة"، والمنضدة المغطاة بلوحة من الرخام الأسود الجميل إلى المطبخ، فأصبحت شبه خالية، بعـد أن أسدلنا ستارة زرقاء كثيفة على نافذة الشرفة، وبعد أن تبدلت الأماكن التي كانت توضع فيها صور الأسرة على رفوف المكتبة الكبيـرة الداكنـة ذات الحشـوات العربية، فأصبحت صورة والدتي تنتصب إلـى جـوار صورة "نوال" بينما كانت في السابق معلقة على الجدار فوق سريري، وبعد أن رفعت الكليمات الحمراء التـي ابتعناها أثناء رحلة إلى "العريش"، فصار البلاط الأبيض عاريا يلمع في ضوء الكشافات، وامتدت فوقه الأسلاك والكابلات الكهربائية تشبه الثعابين لتغـذي أجهـزة تسجيل الصوت و"المونيتور"، وكاميرات "الـديجيتال" الحديثة.أجلس على أحد المقعدين المتبقيين في الصـالة، أمـامـي على المقعد الثاني يجلس المذيع طويل القامة، أنيق، تطل عيناه السوداوان الهادئتين من وجهه الأبيض الخالي من التجاعيد ، فأشعر أنه جاء من عالم غير العالم الذي أنا فيه. لكنىي حتـى أتسلل إلى عالمه تركت نفسي لأصابع "الماكيير" الشاب، ذي الشعر الطويل، والصوت الأنثوي قليلا. تركتها تمر على وجهي كالفراشات أكاد لا أحس بها، تقص شعرة هنا وشعرة هنـاك وتلمس جبهتي بفرشاة عليها "الكومباكت" الأرجواني اللـون. خضعت له بعد أن وعدني بألا يخفي التجاعيد، ألا يغير ملامحي حتى أصبح شاباً، وأبدو وسيما، رغم أنه في لحظة كـان فـي داخلي صوت همس إليّ "وما الضرر في أن تبدو وسيما؟"، قبل أن يهمس في اللحظة التي تليها : "أتريد أن تخفي مرور السنين " ؟.حتى أتسلل إلى عالم صـديقي المذيع ، ارتـديت قميصاً قرمزي اللون، وبنطالا أسودا أنيقا نادرا ما أرتديه. حرصت أن يكون ما تبقى من شعري ممشطا بعناية، وأن يكون ذقني ناعماً لا تظهر فيه الشعيرات الشائبة القصيرة، ثم تركته يصفني أثناء الحوار الذي دار بيننا بالكاتب الروائي الذي لم ينل ما يستحقه من تقدير، أن يسألني عن أبي، وأمي، و"نوال"، وعن زوجتـي السابقة، وعلاقاتي بهم، عن تجارب عشـتـها فـي السـجن، والأحاسيس التي مررت بها وأنا فيه، وهـل ينتـابنـي شـعور بالندم بعد الطريق الذي سلكته في حياتي وجعلني أخسر الكثير مما يسعى إليه الآخرون. تركته يقول أننـي منـاضـل خضـت المعارك وواجهت التحديات التي يخشى أن يواجههـا أنـاس كثيرون . جلست أمامه مستغرقا فى الحوار ، راضيا بالدور الذى أقوم به ، وعن الكاميرا المسلطة على لحظات النجومية والشهرة والتقدير لم أتعود على الحصول عليه . وتساءلت إن كنت فعلاً الشخص الذي يتحدث عنه، والشخصية التي ستظهر بعد أيـام أو أسابيع على الشاشة التليفزيونية لتتسلل إلـى المقـاهي والبيوت، إلى الجالسين أمامها يتفرجون عليّ في أماكن كثيرة. أم أنني في هذه اللحظات أتقمص دورا تعلمت أن أتقن تمثيله ؟؟. قبل اليوم المحدد للتسجيل اقترح معد البرنامج أن نقضـي بعض الوقت في بلدتي ليقوم بتصويري فيها. لم أكن سـافرت إليها منذ شهور فوافقت. هكذا في ذلك الصباح وجدت نفسـي هابطا على المدك الترابي الذي يقود بين الحقول إلـى عزبـة "الكوادي". عند شجرة للجميز يعود عمرها إلى أكثر من قرن ، كان ينتظرنا عدد من الفلاحين تعرفت عليهم منذ سنين، منذ أن كانوا أطفالا يجمعون القطن من الحقول في موسـم الصـيف، وأصبحوا الآن في العقد السادس أو السابع من العمر.بعد تبادل التحيات توجهنا معهم إلى غيط أكبـرهم سـناً، فلاح يدعى "سويكر أبو جبل". جلسنا على أجولة من الخـيش خلف "عريشة" وقفت تحتها جاموستان تمضغان في كوم مـن البرسيم ......
#ماكياج
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767413
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - - ماكياج -
شريف حتاتة : على مقعد الحلاّق
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة على مقعد الحلّاق ----------------جرت العادة أن يأتي إلينا الحلاّق مرة في الشهر. رجل اسمه عم حسين ، يملك محلاً في الزمالك. أيامها كانت الزمالك عزبة لها عمدة. يسير فيها الجاموس والمواشي بين الغيطان. وكان أجر الحلاقة نصف فرنك ، أي قرشان صاغ. ويقوم الحلّاق بقص شَعر جميع ذكور الأسرة في يوم واحد ، وفقا لتسلسل الأعمار. منذ الصغر وأنا أكره قص الَشعر. لذلك أميل دائما إلى تأجيله. أظل أتهرب منه إلى أن أصبح كمنْ عاش في كهف، ثم بعد سنين طويلة قرر أن يخرج إلى سطح الأرض. ولان أفراد أسرتي يتميزون بطيبة القلب ، فهم يصرون على عدم إزعاجي. يقولون لي أن شكلي يتحسن كلما طال شَعر رأسي، إن طول الَشعر يجعلني أشبه المفكر أو الفنان المبدع المتسم بالعمق. عندئذ أشعر بالزهو لأنه يوجد في بلادنا منْ يقرن بيني وبين الفكر، وأقرر مثل شمشون أن امتنع عن قص الَشعر ، مادام أنه مصدر إعجاب أقرب الناس إلىّ. لكن أحيانا عندما أنظر في المرأة ، يصيبني الشك في سلامة هذا الرأي. والشك عندي إحـدى نقاط الضعف، أحسـد الكثيرين في مصر لأنهم معصومون منه . يبدو لي أنني أصبحت أشبه بإنسان الغابة، أو بالأسد العجوز . عندئذ يتملكني القلق ، وأندفع هابطا على السلم لأذهب إلى حلاّق الشعر الذي تعودت على الذهاب إليه. انه رجل أبيض شَعره مثلى ، يقف في المحل الملحق بحجرة خلع الملابس في نادي الجزيرة الرياضي. لديه حسنات تمی-;-زه، منها أنه قادر على التصرف فيما تبقى من شَعرى بحرص، و أنه لا يصر على التحدث معى عن شئون الدنيا، بينما أريد أن اركن إلى الصمت، ومنها أن أجر الحلاقة عنده ثلاث جنيهات ونصف الجنيه ، وأضيف عليها مساهمة صغيرة مِنى في حل مشاكل حياته. وهذه الميزة الأخيرة مهمة عندى ، لان هذا السعر يتناسب تماما مع قلة الشَعر الموجود في رأسي والذي لا يتطلب سوى ضربتين بالمقص، ولا يستغرق أكثر من خمس دقائق لإنهاء إجراءاته. فمازلت أتمسك ببعض القواعد الصارمة فيما يتعلق بالصرف ، غرستها فيّ أمي في وقت مبكر من العمر .لكن منذ أسبوع ذهبت إلى صالون حلق الشَعر ، ففوجئت بأن المسئولين عن إدارة النادي قرروا أنه في حـاجـة إلى تجـديد مـحـارة الجدران، ودهانها، وإدخال بعض التعديلات في تجهيزاته.لم أرد أن أعـود إلى البيت دون إنهاء المهمة التي رغبت في إتمامها ، خصوصا أنني اسكن بعيدا عن النادي في حدائق شبرا، فقررت أن أغامر، أن ابحث عن صالون آخر في الزمالك أستطيع أن ألجأ إليه. قدت سيارتي ببطء في شارع ٢-;-٦-;- يوليو إلى أن اهتديت إليه. كانت الواجهة مدهونة بطلاء أصفر فاقع اللون، وعلى الرصيف أمامها كان يجلس رجلان يستنشقان هواء الصباح ، وإلى جوارهما شماعة علقت عليها المناشف حتى تجف. هبطت من السيارة، واجتزت الشارع على قدميّ. عندما أصبحت على مقربة منهما لاحظت أن بينهما تشابها كبيرا، شعرهما الاكرت طويل، وهو مربوط خلف العنق بفيونكا سوداء ، وأن لكل منهما لحية مدببة تتدلى من الذقن. عندما ألقيت عليهما التحية قام أصغرهما وفتح الباب ليدخلني في المحل ، ثم وقف ينتظرني حتى خلعت النظارة، ووضعتها على الرف.جلست على المقعد الوثير من الجلد ، ذكرني بمقاعـد البزنس كلاس ، أمـر عليها في طريقي إلى الاكونومي كلاس عندما اركب الطائرة. اخرج الرجل بعض الأدوات من الدرج، وضغط على مفتاح الراديو فانبثق منه صوت يتلو القرآن الكريم. فيبدو أنه عندما لمح بياض شَعرى ، قرر أن يسمعني ما يتناسب مع احتمالات رحيلي العاجل عن الحياة. أحاط عنقى برباط عريض من الشاش ، فأصبحت كمنْ أجريت له عملية في ......
#مقعد
#الحلاّق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767920
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة على مقعد الحلّاق ----------------جرت العادة أن يأتي إلينا الحلاّق مرة في الشهر. رجل اسمه عم حسين ، يملك محلاً في الزمالك. أيامها كانت الزمالك عزبة لها عمدة. يسير فيها الجاموس والمواشي بين الغيطان. وكان أجر الحلاقة نصف فرنك ، أي قرشان صاغ. ويقوم الحلّاق بقص شَعر جميع ذكور الأسرة في يوم واحد ، وفقا لتسلسل الأعمار. منذ الصغر وأنا أكره قص الَشعر. لذلك أميل دائما إلى تأجيله. أظل أتهرب منه إلى أن أصبح كمنْ عاش في كهف، ثم بعد سنين طويلة قرر أن يخرج إلى سطح الأرض. ولان أفراد أسرتي يتميزون بطيبة القلب ، فهم يصرون على عدم إزعاجي. يقولون لي أن شكلي يتحسن كلما طال شَعر رأسي، إن طول الَشعر يجعلني أشبه المفكر أو الفنان المبدع المتسم بالعمق. عندئذ أشعر بالزهو لأنه يوجد في بلادنا منْ يقرن بيني وبين الفكر، وأقرر مثل شمشون أن امتنع عن قص الَشعر ، مادام أنه مصدر إعجاب أقرب الناس إلىّ. لكن أحيانا عندما أنظر في المرأة ، يصيبني الشك في سلامة هذا الرأي. والشك عندي إحـدى نقاط الضعف، أحسـد الكثيرين في مصر لأنهم معصومون منه . يبدو لي أنني أصبحت أشبه بإنسان الغابة، أو بالأسد العجوز . عندئذ يتملكني القلق ، وأندفع هابطا على السلم لأذهب إلى حلاّق الشعر الذي تعودت على الذهاب إليه. انه رجل أبيض شَعره مثلى ، يقف في المحل الملحق بحجرة خلع الملابس في نادي الجزيرة الرياضي. لديه حسنات تمی-;-زه، منها أنه قادر على التصرف فيما تبقى من شَعرى بحرص، و أنه لا يصر على التحدث معى عن شئون الدنيا، بينما أريد أن اركن إلى الصمت، ومنها أن أجر الحلاقة عنده ثلاث جنيهات ونصف الجنيه ، وأضيف عليها مساهمة صغيرة مِنى في حل مشاكل حياته. وهذه الميزة الأخيرة مهمة عندى ، لان هذا السعر يتناسب تماما مع قلة الشَعر الموجود في رأسي والذي لا يتطلب سوى ضربتين بالمقص، ولا يستغرق أكثر من خمس دقائق لإنهاء إجراءاته. فمازلت أتمسك ببعض القواعد الصارمة فيما يتعلق بالصرف ، غرستها فيّ أمي في وقت مبكر من العمر .لكن منذ أسبوع ذهبت إلى صالون حلق الشَعر ، ففوجئت بأن المسئولين عن إدارة النادي قرروا أنه في حـاجـة إلى تجـديد مـحـارة الجدران، ودهانها، وإدخال بعض التعديلات في تجهيزاته.لم أرد أن أعـود إلى البيت دون إنهاء المهمة التي رغبت في إتمامها ، خصوصا أنني اسكن بعيدا عن النادي في حدائق شبرا، فقررت أن أغامر، أن ابحث عن صالون آخر في الزمالك أستطيع أن ألجأ إليه. قدت سيارتي ببطء في شارع ٢-;-٦-;- يوليو إلى أن اهتديت إليه. كانت الواجهة مدهونة بطلاء أصفر فاقع اللون، وعلى الرصيف أمامها كان يجلس رجلان يستنشقان هواء الصباح ، وإلى جوارهما شماعة علقت عليها المناشف حتى تجف. هبطت من السيارة، واجتزت الشارع على قدميّ. عندما أصبحت على مقربة منهما لاحظت أن بينهما تشابها كبيرا، شعرهما الاكرت طويل، وهو مربوط خلف العنق بفيونكا سوداء ، وأن لكل منهما لحية مدببة تتدلى من الذقن. عندما ألقيت عليهما التحية قام أصغرهما وفتح الباب ليدخلني في المحل ، ثم وقف ينتظرني حتى خلعت النظارة، ووضعتها على الرف.جلست على المقعد الوثير من الجلد ، ذكرني بمقاعـد البزنس كلاس ، أمـر عليها في طريقي إلى الاكونومي كلاس عندما اركب الطائرة. اخرج الرجل بعض الأدوات من الدرج، وضغط على مفتاح الراديو فانبثق منه صوت يتلو القرآن الكريم. فيبدو أنه عندما لمح بياض شَعرى ، قرر أن يسمعني ما يتناسب مع احتمالات رحيلي العاجل عن الحياة. أحاط عنقى برباط عريض من الشاش ، فأصبحت كمنْ أجريت له عملية في ......
#مقعد
#الحلاّق
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767920
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - على مقعد الحلاّق
شريف حتاتة : قرصنة فى ثوب جديد
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة قرصنة .. في ثوب جديد ------------------------------------يقول الدارسون لتاريخ الرأسمالية أن عمليات القرصنة والنهب التجاري الواسعة النطاق ، هي التي سمحت بتراكم رأس المال تمهيداً لاستثماره في الثورة الصناعية. وأن بريطانيا العظمي كانت في صدارة الدول التي اعتمدت بكثافة على هذه العمليات لبناء صناعتها ، وإقامة إمبراطوريتها في مختلف القارات .اقترنت الغزوات التجارية بأسماء مثل " الملكة اليزابيث " التي أطلقت أساطيلها في البحار لتنهب مراكب أسبانيا وغيرها من البلاد ، أو" الأميرال نيلسون " الذي كـان قرصاناً في الأصل ، أو اللوردات " دیزرائیلی "، و" سالزبوري "،و" بالفـور"، " كـرومـر"، والسير " ونـسـتـون تشرشل "، أو بالجنرالات الذي فتحوا الطريق في كل مكان لتجارة الإمبراطورية ومصالح رأس مالها .من هذه السلالة المتخصصة في أمور النهب الاستعماري ، نشأ المؤسس الأصلي لمحلات " ساينزبوری "، التـاجـر الـيـهـودي ذو المهارة في أعمال التجارة على حد قول المعجبين به ، والذي أصبح فيما بعد عضوا في مجلس اللوردات اعترافاً بخدماته. ثم مضت الأيام وجاء عهد الشركات المتعددة الجنسية ، فتحولت الشركة الأسرية إلى شركة متعددة الجنسية تمتلك فيها أسرة " ساينزيوري " نسبة كبيرة من أسهمها. وأنا لا يقلقني أن يكون الرجل إنجليزياً ، أو من اللوردات لورد ، أو أن تكون ديانته اليهودية ، أو أي شيء من هذا القبيل ، لأننى ضد كل أنواع التفرقة على أساس الدين ، أو القومية ، أو الجنس ، أو الطبقة ، أو العرق . لكن ما يعنيني هو علاقته وعلاقة شركته بمصالحنا كشعب. أرى أن المدافعين عنه، وعن الشركة المسماة باسمه بحـجـة تشجيع الاستثمار الأجنبي ، هم الذين يمهدون لها الطريق ليشاركوا في المكاسب الباهظة التي يمكن تحققها.مسألة الاستثمار..........................لا يستطيع أحد في كامل قواه العقلية أن يرفض فكرة تشجيع الاستثمار المحلى أو الأجنبي الخاص كضرورة لتنشيط التنمية ، وزيادة الإنتاج. ففي العصر الذي نعيشه ، وفي ظل الأوضاع العالمية ، والمحلية السائدة أصبحت هذه المسألة مهمة. لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو ، ما نوع الاستثمار الذي يجب أن نشجعه ؟. من المعروف أن المسـتـثـمـر يـهـدف دائماً إلى الربح ، ولا مناص من قبول هذا الواقع ، ولكن هناك أنواعاً من الاستثمار تجني الأرباح لأصحابها . لكنها في الوقت نفسه تفيد الاقتصاد الوطني لأنها توفر لنا قيمة مضافة ، أو أنواعاً من المعرفة نحتاج إليها بشكل ملح. وهناك أنواع من الاستثمار لا تضيف شيئاً إلينا ، وإنما تسحب من اقتصادنا ، تفقرنا لصالح الشركات المتعددة الجنسية ، وأقلية ضئيلة من المصريين يقومون بدور الوكلاء لها ، ويدافعون عن بقائها ومصالحها . و" ساینزبوری " مثل صاروخ للاستثمار الذي جاء فقط لينهبنا. فهذه الشركات متخصصة في تجارة التجزئة المتعلقة بالمواد والسلع الغذائية والمنزلية ، كما أنها أخذت تتغلغل في بعض مجالات تجارة الجملة . والتجارة بطبيعتها لا تؤدى إلى قيمة مضافة إلا نادراً. والتجارة في السلع الغذائية أو المواد المنزلية لا تحتاج إلى معرفة ، أو تكنولوجيا خارقة نحن عاجزون عنها .وذلك إذا كان التاجر من أبناء الوطن ، ولا يحاول احتكار السوق بهدف المضاربة ، أو تهريب أمواله ، أو الهروب من التزاماته ، فمعنى هذا أن هناك فائدة لبقاء أمواله داخل البلاد ، ويمكن أن تساهم ايجابيا ، بشكل أو بآخر في الاقتصادالوطني .أما " ساينزبوری " فهو كالّشفاط الذي يشفط المكاسب ، ويضخها كلها إلى الخارج. شّفاط معف ......
#قرصنة
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=768192
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة قرصنة .. في ثوب جديد ------------------------------------يقول الدارسون لتاريخ الرأسمالية أن عمليات القرصنة والنهب التجاري الواسعة النطاق ، هي التي سمحت بتراكم رأس المال تمهيداً لاستثماره في الثورة الصناعية. وأن بريطانيا العظمي كانت في صدارة الدول التي اعتمدت بكثافة على هذه العمليات لبناء صناعتها ، وإقامة إمبراطوريتها في مختلف القارات .اقترنت الغزوات التجارية بأسماء مثل " الملكة اليزابيث " التي أطلقت أساطيلها في البحار لتنهب مراكب أسبانيا وغيرها من البلاد ، أو" الأميرال نيلسون " الذي كـان قرصاناً في الأصل ، أو اللوردات " دیزرائیلی "، و" سالزبوري "،و" بالفـور"، " كـرومـر"، والسير " ونـسـتـون تشرشل "، أو بالجنرالات الذي فتحوا الطريق في كل مكان لتجارة الإمبراطورية ومصالح رأس مالها .من هذه السلالة المتخصصة في أمور النهب الاستعماري ، نشأ المؤسس الأصلي لمحلات " ساينزبوری "، التـاجـر الـيـهـودي ذو المهارة في أعمال التجارة على حد قول المعجبين به ، والذي أصبح فيما بعد عضوا في مجلس اللوردات اعترافاً بخدماته. ثم مضت الأيام وجاء عهد الشركات المتعددة الجنسية ، فتحولت الشركة الأسرية إلى شركة متعددة الجنسية تمتلك فيها أسرة " ساينزيوري " نسبة كبيرة من أسهمها. وأنا لا يقلقني أن يكون الرجل إنجليزياً ، أو من اللوردات لورد ، أو أن تكون ديانته اليهودية ، أو أي شيء من هذا القبيل ، لأننى ضد كل أنواع التفرقة على أساس الدين ، أو القومية ، أو الجنس ، أو الطبقة ، أو العرق . لكن ما يعنيني هو علاقته وعلاقة شركته بمصالحنا كشعب. أرى أن المدافعين عنه، وعن الشركة المسماة باسمه بحـجـة تشجيع الاستثمار الأجنبي ، هم الذين يمهدون لها الطريق ليشاركوا في المكاسب الباهظة التي يمكن تحققها.مسألة الاستثمار..........................لا يستطيع أحد في كامل قواه العقلية أن يرفض فكرة تشجيع الاستثمار المحلى أو الأجنبي الخاص كضرورة لتنشيط التنمية ، وزيادة الإنتاج. ففي العصر الذي نعيشه ، وفي ظل الأوضاع العالمية ، والمحلية السائدة أصبحت هذه المسألة مهمة. لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو ، ما نوع الاستثمار الذي يجب أن نشجعه ؟. من المعروف أن المسـتـثـمـر يـهـدف دائماً إلى الربح ، ولا مناص من قبول هذا الواقع ، ولكن هناك أنواعاً من الاستثمار تجني الأرباح لأصحابها . لكنها في الوقت نفسه تفيد الاقتصاد الوطني لأنها توفر لنا قيمة مضافة ، أو أنواعاً من المعرفة نحتاج إليها بشكل ملح. وهناك أنواع من الاستثمار لا تضيف شيئاً إلينا ، وإنما تسحب من اقتصادنا ، تفقرنا لصالح الشركات المتعددة الجنسية ، وأقلية ضئيلة من المصريين يقومون بدور الوكلاء لها ، ويدافعون عن بقائها ومصالحها . و" ساینزبوری " مثل صاروخ للاستثمار الذي جاء فقط لينهبنا. فهذه الشركات متخصصة في تجارة التجزئة المتعلقة بالمواد والسلع الغذائية والمنزلية ، كما أنها أخذت تتغلغل في بعض مجالات تجارة الجملة . والتجارة بطبيعتها لا تؤدى إلى قيمة مضافة إلا نادراً. والتجارة في السلع الغذائية أو المواد المنزلية لا تحتاج إلى معرفة ، أو تكنولوجيا خارقة نحن عاجزون عنها .وذلك إذا كان التاجر من أبناء الوطن ، ولا يحاول احتكار السوق بهدف المضاربة ، أو تهريب أمواله ، أو الهروب من التزاماته ، فمعنى هذا أن هناك فائدة لبقاء أمواله داخل البلاد ، ويمكن أن تساهم ايجابيا ، بشكل أو بآخر في الاقتصادالوطني .أما " ساينزبوری " فهو كالّشفاط الذي يشفط المكاسب ، ويضخها كلها إلى الخارج. شّفاط معف ......
#قرصنة
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=768192
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - قرصنة فى ثوب جديد
شريف حتاتة : اللورد - كرومر - يعود الى مصر
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة اللورد " كرومر " يعود إلى مصر ----------------------------------------------منذ أن عدت من أمريكا بعد غياب دام أربع سنوات ، أصبحت أقيم جزءاً من الوقت في شقتنا في شارع مراد بالجيزة ، والجزء الآخر في شقة ابني " عاطف " بحدائق شبرا. ومنطقة حدائق شبرا ليس فيها حدائق. ربما في يوم من الأيام كانت توجد فيها حدائق، أو على الأقل مساحات خضراء تطير فوقها العصافير، والفراشات. لكنها اختفت لتحل محلها ورش تفكيك السيارات، والشاحنات التي يملكها تجار الخردة، أو بيوت وعمارات هي كتل من الطوب والأسمنت داكنة اللون ، تحمل فوق أسطحها عواميد الاريال وأطباق الدش ومخلفات من كل نوع وصنف. لكن الشقة التي يملكها إبنى تطل على النيل من كل الجهات، على مستشفى معهد ناصر ، تحيطه مساحة واسعة من الخضرة زرعت فيها أشجار النخيل، والبلوط . كما أن النيل في هذا المكان يتسع مـجـراه، ويلتف حول جزيرة الوراق ، مازالت تكسوها حقول الفول، والبرسيم، والقمح لتحولها إلى زمردة خضراء تلمع في شمس الصباح. الشارع الذي توجد فيه عمارته عريض، ومسدود عند آخره، لذلك هوخال من ضجيج المرور ومن الزحام الذي نعاني منهما في شارع مراد. لكن في أحد الأيام فوجئت بعشرات السيارات، والدراجات البخارية، وبعدد من شاحنات البضائع وقد زحفت إليه، بطوابير من الناس، رجال، ونساء، وأطفال يدخلون إلى الدور الأرضي لإحـدى العـمـارات، ويخـرجـون مـنه حاملين أكياسا كبيرة من البلاستيك بيضاء، وبرتقالية اللون، وبعشرات من شباب يرتدون زيا مـوحـدا عـبـارة عن بنطلون أسود، وسترة برتقالية اللون ، و كانوا يقومون بكنس الرصيف المبلط حديثا ، أو حمل كراتين البضاعة، ليدخلوا بها من باب كبير مفتوح إلى مكان واسع مزدحم بالمشترين ، وقفوا أمام البضاعة المرصوصة على الرفوف.هكذا اكتشفت أنه أثناء غيابي في الجيزة ، افتتح سوبر ماركت جديد ، وأن الشركة التي أقامته مملوكة لرجل إنجليزي اسمه " اللورد ساينزبيري" ، وهو ملياردير يملك سلسلة هائلة من السوبر ماركتات الضخمة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة . قرأت عنه منذ شهور في جريدة " الجارديان " البريطانية ، وأنا عائد في الطائرة من رحلة إلى لندن ، فعرفت أنه خلال سنة 1999 أصيبت هذه الشركة بخسائر كـبـيـرة ، فـقـرر القـائـمـون عليـهـا نقل جزء من استثماراتهم إلى بلاد الجنوب، ومن بينها مصر التي سيفتتحون فيها خمسة فروع جديدة موزعة على عدد من أحياء القاهرة، ومنها حدائق شبرا، فى محافظة القاهرة ، وفى عدد آخر في باقي المحافظات. هكذا طرأ على سكان هذا الحي تطور جديد في نمط حياتهم ، يرتبط بسعى الشركات العابرة للقارات لغزو كل الأسواق وضمها إليها. وكما هو الحال دائما بالنسبة للمشروعات الرأسمالية الكبيرة ، قامت شركة ساينزبيري بدراسة الخصائص الاقتصادية التسويقية لحي حدائق شبرا ، حتى تضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح . فـأدركت أن سكانه ليـسـوا مـثل سكان الزمالك، أو المعادي، أو المهندسين، أو حتى الهرم، ان أغلبهم من محدودي الدخل نسبيا مما يؤثر على عاداتهم في الاستهلاك. عندما قمت بزيارة السوبر ماركت الجـديد لأتعرف على ما يباع فيـه ، وجدت أن السلع المعروضة ليست من النوع الأجنبي المرتفع الثمن . هذا ماعدا عدد محدود للغاية منها مصنعة محليا، وإن كان وصفها بأنها مصنعة محليا تعوزه الدقة ، حتى تناسب أسعارها سكان حدائق شبرا . فالملاحظ أن عددا متزايدا من السلع التي تباع في السوق المصرية ، هي منتجات لفروع الشركات الأجنبية التي تستثمر أموالها في مصر، أو لشركات أسماؤها مصرية لكن كل أموالها أجنبية، أو منتجات مصرية مصنعة بتصريح ت ......
#اللورد
#كرومر
#يعود
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=769292
#الحوار_المتمدن
#شريف_حتاتة اللورد " كرومر " يعود إلى مصر ----------------------------------------------منذ أن عدت من أمريكا بعد غياب دام أربع سنوات ، أصبحت أقيم جزءاً من الوقت في شقتنا في شارع مراد بالجيزة ، والجزء الآخر في شقة ابني " عاطف " بحدائق شبرا. ومنطقة حدائق شبرا ليس فيها حدائق. ربما في يوم من الأيام كانت توجد فيها حدائق، أو على الأقل مساحات خضراء تطير فوقها العصافير، والفراشات. لكنها اختفت لتحل محلها ورش تفكيك السيارات، والشاحنات التي يملكها تجار الخردة، أو بيوت وعمارات هي كتل من الطوب والأسمنت داكنة اللون ، تحمل فوق أسطحها عواميد الاريال وأطباق الدش ومخلفات من كل نوع وصنف. لكن الشقة التي يملكها إبنى تطل على النيل من كل الجهات، على مستشفى معهد ناصر ، تحيطه مساحة واسعة من الخضرة زرعت فيها أشجار النخيل، والبلوط . كما أن النيل في هذا المكان يتسع مـجـراه، ويلتف حول جزيرة الوراق ، مازالت تكسوها حقول الفول، والبرسيم، والقمح لتحولها إلى زمردة خضراء تلمع في شمس الصباح. الشارع الذي توجد فيه عمارته عريض، ومسدود عند آخره، لذلك هوخال من ضجيج المرور ومن الزحام الذي نعاني منهما في شارع مراد. لكن في أحد الأيام فوجئت بعشرات السيارات، والدراجات البخارية، وبعدد من شاحنات البضائع وقد زحفت إليه، بطوابير من الناس، رجال، ونساء، وأطفال يدخلون إلى الدور الأرضي لإحـدى العـمـارات، ويخـرجـون مـنه حاملين أكياسا كبيرة من البلاستيك بيضاء، وبرتقالية اللون، وبعشرات من شباب يرتدون زيا مـوحـدا عـبـارة عن بنطلون أسود، وسترة برتقالية اللون ، و كانوا يقومون بكنس الرصيف المبلط حديثا ، أو حمل كراتين البضاعة، ليدخلوا بها من باب كبير مفتوح إلى مكان واسع مزدحم بالمشترين ، وقفوا أمام البضاعة المرصوصة على الرفوف.هكذا اكتشفت أنه أثناء غيابي في الجيزة ، افتتح سوبر ماركت جديد ، وأن الشركة التي أقامته مملوكة لرجل إنجليزي اسمه " اللورد ساينزبيري" ، وهو ملياردير يملك سلسلة هائلة من السوبر ماركتات الضخمة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة . قرأت عنه منذ شهور في جريدة " الجارديان " البريطانية ، وأنا عائد في الطائرة من رحلة إلى لندن ، فعرفت أنه خلال سنة 1999 أصيبت هذه الشركة بخسائر كـبـيـرة ، فـقـرر القـائـمـون عليـهـا نقل جزء من استثماراتهم إلى بلاد الجنوب، ومن بينها مصر التي سيفتتحون فيها خمسة فروع جديدة موزعة على عدد من أحياء القاهرة، ومنها حدائق شبرا، فى محافظة القاهرة ، وفى عدد آخر في باقي المحافظات. هكذا طرأ على سكان هذا الحي تطور جديد في نمط حياتهم ، يرتبط بسعى الشركات العابرة للقارات لغزو كل الأسواق وضمها إليها. وكما هو الحال دائما بالنسبة للمشروعات الرأسمالية الكبيرة ، قامت شركة ساينزبيري بدراسة الخصائص الاقتصادية التسويقية لحي حدائق شبرا ، حتى تضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح . فـأدركت أن سكانه ليـسـوا مـثل سكان الزمالك، أو المعادي، أو المهندسين، أو حتى الهرم، ان أغلبهم من محدودي الدخل نسبيا مما يؤثر على عاداتهم في الاستهلاك. عندما قمت بزيارة السوبر ماركت الجـديد لأتعرف على ما يباع فيـه ، وجدت أن السلع المعروضة ليست من النوع الأجنبي المرتفع الثمن . هذا ماعدا عدد محدود للغاية منها مصنعة محليا، وإن كان وصفها بأنها مصنعة محليا تعوزه الدقة ، حتى تناسب أسعارها سكان حدائق شبرا . فالملاحظ أن عددا متزايدا من السلع التي تباع في السوق المصرية ، هي منتجات لفروع الشركات الأجنبية التي تستثمر أموالها في مصر، أو لشركات أسماؤها مصرية لكن كل أموالها أجنبية، أو منتجات مصرية مصنعة بتصريح ت ......
#اللورد
#كرومر
#يعود
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=769292
الحوار المتمدن
شريف حتاتة - اللورد - كرومر - يعود الى مصر