الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جلال الاسدي : أم ياسين … قصة قصيرة
#الحوار_المتمدن
#جلال_الاسدي بيوت متعانقة في وضح النهار .. تخلت عن حيائها ، وهناك … كوخ ( أمينة ) ينزوي في حيرة وتردد .. وأمينة .. امرأة تخطت الثلاثين .. فيها شيء من عته .. مات عنها والداها ، ولم يتركا لها شيئاً سوى العوق والفقر وكوخ بالٍ يؤويها .. تخوض في ظلام دامس دهاليز الحياة وحيدة .. تخبز وتبيع ما تخبزه للناس .. !وكان ( صمد) .. هو من يجلب لها الحطب بعربته .. رجل كامل الفحولة .. اعتادت شهيته المفتوحة أن تستقبل أي صنف من النساء .. وكانت هي بقايا امرأة ، والشيطان بينهما ، فاستسلمت له دون وعي كامل منها .. يرويها ويرتوي ، وحبلت أمينة سفاحاً .. بلا زواج . وعندما علم الجيران دافعوا عن حقها ، وأجبروا صمد على الزواج منها حتى يكون ما تحمله في بطنها إبن حلال .. لكنها منذ أن شعرت بأول نبض لجنين في رحمها ، لم تعد تبالي لا بزوج ، ولا بأي شيء آخر سوى هذا المخلوق الذي بدأ يتكون ، وينسج حياته في أحشائها ، وينقر على جدار بطنها كأنه يستعجل الخروج الى عالم لا يعلم مقدار نصيبه فيه !واستسلم العذاب صاغراً لصبرها وتحملها ، وقوة إرادتها التي لا تلين بعد أن أثخنها بالجراح ، وأفرغ فيها آخر سهامه .. وجاء المولود ، وتورد وجه الحياة ، وذاقت أمينه طعم الأمومة وثملت بها ، وبدأت حياتها مع لحظة مجيئه ، وأسمته ( ياسين ) تبركاً باسم أبيها .. !ينهمر فيض من الدموع على خديها ، وترقص الفرحة في قلبها ، وهي تضم مولودها الى حضنها لأول مرة ، وتلقي عليه النظرة الأولى بعد طول انتظار ومعاناة ، ثم بدأ الجيران ينثرون بين يديها حلو الكلام ، وهم يباركون لها السلامة والمولود الجديد ، ورغم تهالكها وآلام النفاس إلا انها بدأت تشعر باحساس جديد لم تعرفه من قبل ، وهي ترى نفسها محاطة باهتمام ورعاية أهل الحي من كافة الفئات .. ويصير المولود الجديد حديث الناس ، ويتغير كل شيء في لحظة من اللحظات النادرة الى صورة وردية جديدة للحياة لم تألفها أمينة ، فترى نفسها ، وكأنها تسبح في حلم لطيف عذب ، فكل شيء بات من الآن جميلاً ومحتملاً وله معنى .. !لم تتركها جارتها أم بشير لوحدها ، وهي التي تعرف حالتها ، فأخذت تزورها كل يوم لتنظف الطفل وتغير له ، وتعلمها كيف تتصرف مع ابنها .. كيف تحمله ، وكيف تغير له ، وكيف تقمطه ، وكيف ترضعه ، وكيف تخرج الغازات من بطنه … … … لم يكن صمد مسروراً لا بالولد ولا بأمه ، والزواج بالنسبة له حاجة وانتفت .. وذات يوم .. يختفي من البيت والحي كله دون أن تراه عين .. يتردد السؤال عنه في المقهى ، وبين أصدقائه ومعارفه ، ولا يظفر أحد بجواب حاسم يفسر سر اختفاءه ، فلم يبقى إلا أنه هرب وترك المسكينة تعاني شظف العيش .. لكن شعوراً خفياً يوحد ابناء الحي أوقات الشدائد ، ويجعل منهم قوة متضامنة كأنهم أخوة ولدوا من أم واحدة ، فلم يتركوها وحيدة في صراعها المرير مع الحياة ، بل قاسموها فتات فقرهم .. ! وبعد أن طوى النسيان زوجها بات عقلها كله مشغول في تدبير ما يكفل لها ولابنها نثريات الحياة وديمومتها ، فعادت الى عملها ، وضاعفت من جهدها .ودارت بهم الأيام .. وبدء ياسين يناغي ويتقلب في فراشه ، وترّف على فمه ابتسامة عذراء يطلقها في الفراغ لا يخص بها أحداً .. تقول جارتهم أم بشير انه يخص بها الملائكة في السماء ، ثم أخذ يطيل النظر في عيني أمه المعلقتين في عينيه ، ويحتضنها بابتسامة إمتنان كبيرة ، ويطاردها بنظراته أينما تذهب .. تضمه الى صدرها في حنان ، وتلثم وجنتيه في لهفة ، ثم تعيده الى دفء فراشه !ترفع يديها وتشخص ببصرها الى السماء ، وتتمتم بلسان ثقيل .. كلمات مبعثرة غير مفهومة كأنها تنتزعها ا ......
#ياسين
#قصيرة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=763512