سامي الكيلاني : طائر النعاس-قصة قصيرة
#الحوار_المتمدن
#سامي_الكيلاني جالساً على مقعده في مطار شارل ديغول، محطة بين الشرق البعيد والغرب البعيد قبل عبور الأطلسي. غادره النعاس الذي كان قد تلبّسه منذ بداية الرحلة، فجأة انحسرت موجة النعاس، هكذا دون سابق إنذار، هكذا هي أمور الحياة، تمنى في الطائرة لو أن المسافة بين المقعدين في الدرجة السياحية مثلها مثل تلك التي تفصل بين مقاعد المحظوظين في الدرجة الأولى ليمد رجليه ويغفو قليلاً، كان في انتظار اللحظة التي يصل فيها قاعة الترانزيت ليقتنص طائر النعاس الذي كان يحوم فوق رأسه دون انقطاع، وها هو قد طار بعيداً عن جفنيه، صار بعيداً، بعيداً. جاءته موجة من التذمر "اللعنة على هذا النعاس، حتى أنت يا بروتوس، النعاس ككل الأشياء التي تعرف كيف تغيظنا، حتى التعب لم يستطع استدراج طائر النعاس، فما الذي يريده إذن حتى يحط؟". قرر أن يحتسي فنجان قهوة نكاية بطائر النعاس العنيد "إن كنت عنيداً فأنا أعند منك!". نهض دون تثاقل، أيضاً نكاية بطائر النعاس، واتجه إلى المقهى الصغير الوحيد المفتوح في هذا الصباح الباكر، علامات النعاس والتعب بادية على عاملة المقهى، يبدو أنها تنتظر انتهاء دوامها وتتمنى ألاّ يحضر أحد لشراء شيء من عندها، قامت متكاسلة، لم يقل لها شيئاً سوى " دبل إسبرسو"، حتى أنه لم ينهِ عبارته بِ "لو سمحت" كعادته. ناولته الفنجان وعاد إلى مقعده يحتسي رشفات من القهوة على مهل وكأنه يقول لطائر النعاس "حلّق أبعد ما شئت، لست بحاجتك، أستطيع أن أعيش بدونك ليوم آخر". مع رشفات القهوة عادت إليه تفاصيل الجزء الذي مضى من الرحلة.***كان الأمس يوماً طويلاً متعباً للجسد والأعصاب، لا لم يكن اسمه الأمس، إنه يوم مستمر، بعض الأيام طويلة، تعيش أكثر من 24 ساعة، قد يصل طولها إلى 40 ساعة. كان يوماً طويلاً كثيفاً في كل ما احتواه، ركض وركض وركض، كان عليه إنجاز أشياء كثيرة قبل التوجه إلى الجسر لعبوره ومنه إلى المطار. كان كل شيء معلقاً بخيط رفيع من اللايقين. طائر اليقين في كل ترتيبات السفر غادر حياته منذ زمن طويل دون رجعة، لم يعد ينتظره، فقط يتذكره حين يستمع لروايات أصدقائه الدوليين فيتحسر "كل الناس في هذا العالم يذهبون إلى رحلاتهم بعد أن يخططوا وقتهم مع قليل من الاحتياط تحسباً لأزمة السير على الطرق فحسب، إلاّ نحن علينا أن نحتاط من غير تيقّن لكل أنواع الحواجز على الطرق، ولمزاج كل جندي من جنود الاحتلال، جندي مراهق يقرر فجأة أنه سيلعب بأعصابك فيوقف السيارات على الحاجز الذي يغلق ويفتح بأمره، وكل مجندة على مدخل منطقة الجسر يمكنها ترك حافلتك واقفة لساعة، لساعتين دون سبب يمكنك إدراكه أو حتى توقعه".كان يوماً حافلاً، بدأ بالذهاب إلى مقر شركة السيارات في مدينة أخرى لاستلام السيارة الجديدة وتسليم القديمة، لم يرد أن يؤخر هذا الأمر إلى ما بعد عودته من هذه السفرة، فمن يدري ماذا يمكن أن يحدث، اللايقين سيف مسلط فوق الرقاب. وحين عاد إلى مدينته كانت السيارة التي كان من المفترض أن تحمله إلى الجسر قد غادرت. قال له صاحب مكتب السفر مواسياً ومعتذراً "حاولنا انتظارك، أخّرنا موعد السيارة نصف ساعة فتذمر الركاب الآخرون، اعذرني". شكره واستأجر سيارة خاصة. استمع طيلة الطريق إلى أحاديث السائق المتشعبة في كل شؤون الحياة، لم يصغِ جيداً لكنه لم يتذمر، كان يكتفي بكلمة أو بهز رأسه مجاملة للمتحدث. وفي الطريق من الجانب الآخر من الجسر إلى المطار كان عليه أن يستمع لأحاديث سائق آخر وهو يحلل الوضع السياسي بدءاً بمصيبة عودته مطروداً من الكويت ويشكو ضيق الحال ثم يعرّج للحديث عن شوقه للعودة إلى قريته التي هجّرت منها عائلته وهو طفل ويتمنى رؤيتها قبل أن يرحل ......
#طائر
#النعاس-قصة
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=728207
#الحوار_المتمدن
#سامي_الكيلاني جالساً على مقعده في مطار شارل ديغول، محطة بين الشرق البعيد والغرب البعيد قبل عبور الأطلسي. غادره النعاس الذي كان قد تلبّسه منذ بداية الرحلة، فجأة انحسرت موجة النعاس، هكذا دون سابق إنذار، هكذا هي أمور الحياة، تمنى في الطائرة لو أن المسافة بين المقعدين في الدرجة السياحية مثلها مثل تلك التي تفصل بين مقاعد المحظوظين في الدرجة الأولى ليمد رجليه ويغفو قليلاً، كان في انتظار اللحظة التي يصل فيها قاعة الترانزيت ليقتنص طائر النعاس الذي كان يحوم فوق رأسه دون انقطاع، وها هو قد طار بعيداً عن جفنيه، صار بعيداً، بعيداً. جاءته موجة من التذمر "اللعنة على هذا النعاس، حتى أنت يا بروتوس، النعاس ككل الأشياء التي تعرف كيف تغيظنا، حتى التعب لم يستطع استدراج طائر النعاس، فما الذي يريده إذن حتى يحط؟". قرر أن يحتسي فنجان قهوة نكاية بطائر النعاس العنيد "إن كنت عنيداً فأنا أعند منك!". نهض دون تثاقل، أيضاً نكاية بطائر النعاس، واتجه إلى المقهى الصغير الوحيد المفتوح في هذا الصباح الباكر، علامات النعاس والتعب بادية على عاملة المقهى، يبدو أنها تنتظر انتهاء دوامها وتتمنى ألاّ يحضر أحد لشراء شيء من عندها، قامت متكاسلة، لم يقل لها شيئاً سوى " دبل إسبرسو"، حتى أنه لم ينهِ عبارته بِ "لو سمحت" كعادته. ناولته الفنجان وعاد إلى مقعده يحتسي رشفات من القهوة على مهل وكأنه يقول لطائر النعاس "حلّق أبعد ما شئت، لست بحاجتك، أستطيع أن أعيش بدونك ليوم آخر". مع رشفات القهوة عادت إليه تفاصيل الجزء الذي مضى من الرحلة.***كان الأمس يوماً طويلاً متعباً للجسد والأعصاب، لا لم يكن اسمه الأمس، إنه يوم مستمر، بعض الأيام طويلة، تعيش أكثر من 24 ساعة، قد يصل طولها إلى 40 ساعة. كان يوماً طويلاً كثيفاً في كل ما احتواه، ركض وركض وركض، كان عليه إنجاز أشياء كثيرة قبل التوجه إلى الجسر لعبوره ومنه إلى المطار. كان كل شيء معلقاً بخيط رفيع من اللايقين. طائر اليقين في كل ترتيبات السفر غادر حياته منذ زمن طويل دون رجعة، لم يعد ينتظره، فقط يتذكره حين يستمع لروايات أصدقائه الدوليين فيتحسر "كل الناس في هذا العالم يذهبون إلى رحلاتهم بعد أن يخططوا وقتهم مع قليل من الاحتياط تحسباً لأزمة السير على الطرق فحسب، إلاّ نحن علينا أن نحتاط من غير تيقّن لكل أنواع الحواجز على الطرق، ولمزاج كل جندي من جنود الاحتلال، جندي مراهق يقرر فجأة أنه سيلعب بأعصابك فيوقف السيارات على الحاجز الذي يغلق ويفتح بأمره، وكل مجندة على مدخل منطقة الجسر يمكنها ترك حافلتك واقفة لساعة، لساعتين دون سبب يمكنك إدراكه أو حتى توقعه".كان يوماً حافلاً، بدأ بالذهاب إلى مقر شركة السيارات في مدينة أخرى لاستلام السيارة الجديدة وتسليم القديمة، لم يرد أن يؤخر هذا الأمر إلى ما بعد عودته من هذه السفرة، فمن يدري ماذا يمكن أن يحدث، اللايقين سيف مسلط فوق الرقاب. وحين عاد إلى مدينته كانت السيارة التي كان من المفترض أن تحمله إلى الجسر قد غادرت. قال له صاحب مكتب السفر مواسياً ومعتذراً "حاولنا انتظارك، أخّرنا موعد السيارة نصف ساعة فتذمر الركاب الآخرون، اعذرني". شكره واستأجر سيارة خاصة. استمع طيلة الطريق إلى أحاديث السائق المتشعبة في كل شؤون الحياة، لم يصغِ جيداً لكنه لم يتذمر، كان يكتفي بكلمة أو بهز رأسه مجاملة للمتحدث. وفي الطريق من الجانب الآخر من الجسر إلى المطار كان عليه أن يستمع لأحاديث سائق آخر وهو يحلل الوضع السياسي بدءاً بمصيبة عودته مطروداً من الكويت ويشكو ضيق الحال ثم يعرّج للحديث عن شوقه للعودة إلى قريته التي هجّرت منها عائلته وهو طفل ويتمنى رؤيتها قبل أن يرحل ......
#طائر
#النعاس-قصة
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=728207
الحوار المتمدن
سامي الكيلاني - طائر النعاس-قصة قصيرة