دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الأول
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عامُ عزل سعدو باشا، تواطأت فيه الطبيعة مع شرور البشر. لكن ذلك لا يعني، بطبيعة الحال، أنّ عهد ولايته، الممتد عقداً كاملاً، كان مشهوداً بالخير. في البداية، على الأقل، قال بعضُ الناس ممن اعتادوا على كيل المديح بلا حساب: " سيكون عهداً سعيداً على اسم صاحبه ". لقد استطاع ضبط الأمن؛ وهذا كان من الأمور الملحّة في مدينةٍ، يغلب على سكانها مهنة التجارة. وإنما في بداية عهده، انتقل بنا الوالدُ إلى الشام الشريف، التي بحَسَب قوله آنذاك: " أسبغ الله عليها صفة القداسة، كمهبط لآدم عليه السلام، وفيها ختام رحلة أبنائه ". وكنا نحن من أولئك الأبناء، مقبلين على الحياة في هذا الفردوس وغير متعجلين على وقت حلول القيامة. طفولتي، وكان شطراً منها من نصيب الموطن الأول، سرعان ما انتهت حينَ مضى بي أبي إلى المدرسة الشامية الكبرى، أينَ بدأ في التدريس مذ وقت حلولنا في المدينة. منذئذٍ، تفتحت عيناي على المزيد من عظمة العمائر من حولي. وكان المسجد الكبير، يُعد كالجوهرة في عقد تلك العمائر. في وقت لاحق، نم إلى علمي معلومة مرعبة وسرّية: أنّ المسجد، المقام في العصر الأمويّ على أنقاض كاتدرائية يوحنا المعمدان، خُططت أساساته الأصلية على شكل الصليب، وذلك أسوة بكل الكنائس الكبرى في العالم النصرانيّ.قلنا، أنّ ذلك العام، المستهلة فيه روايتنا، كان عام الشر. رحل سعدو باشا عن المدينة، بعد مزيدٍ من التلكؤ والمماطلة. لعله كان في الأثناء يعوّل على أصدقائه في الحاشية السلطانية بالأستانة، وأنهم يمكن أن يغيّروا فرمانَ العزل. إلى الأخير، عليه كان أن يتحرك بما أنّ الوالي الجديد أضحى مع موكبه في مدينة حمص، ينتظر استلام مركز إمارته. لما غادرَ الوالي المعزول المدينة، وضع نائبه متسلماً عليها؛ وكأنه سيعود إليها لا محالة. كان الوقتُ ربيعاً، تجللت فيه البساتين المحيطة بالمدينة بفضة أزاهير الأشجار، لتبدو عن بعد كطرحة العروس. الشمس الساطعة بسخاء، جعلت صخورَ الجبل تلتمع أسنى من النجوم. بيد أن ذلك لم يبدل مزاجَ الناس، الذين كانوا على قلق بيّن عقبَ علمهم بأمر فرمان سلطان الكون: إنهم اعتادوا طوال الأعوام المنصرمة على وجود أسعد باشا على رأس الولاية، بكل محاسن عهده وسيئاته. كذلك يألف السجينُ سجّانه، وهيَ سنّة الله في خلقه.على حين فجأة، أظلمت السماءُ في رابعة النهار، بتكاثف السحب الرمادية، المدفوعة بعزم الريح. وما لبثت السماءُ أن فتحت فاها على سيل عرمرم من الأمطار. الزينة، المعدّة لاستقبال الوالي الجديد، كانت أولى ضحايا الفيضان. ثم طاف نهر بردى وفروعه، المتغلغلة في عروق المدينة، لتجرف مياهها المحلاتِ التجارية ومساكن الأهلين على حد سواء. بقي هطول الأمطار طوال أيام ثلاثة، وكان الناس من الغم والاضطراب أنهم سلوا أمرَ الوالي الجديد، الذي قيل أنه أخّرَ دخلوه للمدينة بسبب الفيضان. متسلم المدينة، ظهرَ في اليوم الثالث، غبَّ جلاء لعنة السماء، ليُشرفَ على أعمال الانقاذ وحصر الأضرار. عَهَدَ لغطاسين بمهمة انتشال أرزاق الخلق، ومن ثم بدأ مساعدوه في ضبطها ضمن سجلات كبيرة. تعالت أدعية الناس بالثناء على سرعة مبادرة المتسلم، بعدما عُرف في بعض الأماكن انتشارُ الأشخاص المنحرفين بهدف الاستيلاء على الأرزاق السائبة.قال لي يومئذٍ صديقي " برو "، معلّقاً على ما جرى: " اللص الأكبر، عادةً لا يتساهل مع اللصوص الصغار ". فهمتُ بالطبع مقصدَ الكلام، لكنني لم أوافقه الرأي. قلت له، أنّ المتسلّم لا بد وسيحسبُ حسابَ مجيء الوالي الجديد، فلا يمكنه أن يستقبله بيدين ملوثتين بالإثم. اكتفى صديقي بهز رأسه، بينما ظهرت على طرف فمه ابتسامة ساخرة. ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700671
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عامُ عزل سعدو باشا، تواطأت فيه الطبيعة مع شرور البشر. لكن ذلك لا يعني، بطبيعة الحال، أنّ عهد ولايته، الممتد عقداً كاملاً، كان مشهوداً بالخير. في البداية، على الأقل، قال بعضُ الناس ممن اعتادوا على كيل المديح بلا حساب: " سيكون عهداً سعيداً على اسم صاحبه ". لقد استطاع ضبط الأمن؛ وهذا كان من الأمور الملحّة في مدينةٍ، يغلب على سكانها مهنة التجارة. وإنما في بداية عهده، انتقل بنا الوالدُ إلى الشام الشريف، التي بحَسَب قوله آنذاك: " أسبغ الله عليها صفة القداسة، كمهبط لآدم عليه السلام، وفيها ختام رحلة أبنائه ". وكنا نحن من أولئك الأبناء، مقبلين على الحياة في هذا الفردوس وغير متعجلين على وقت حلول القيامة. طفولتي، وكان شطراً منها من نصيب الموطن الأول، سرعان ما انتهت حينَ مضى بي أبي إلى المدرسة الشامية الكبرى، أينَ بدأ في التدريس مذ وقت حلولنا في المدينة. منذئذٍ، تفتحت عيناي على المزيد من عظمة العمائر من حولي. وكان المسجد الكبير، يُعد كالجوهرة في عقد تلك العمائر. في وقت لاحق، نم إلى علمي معلومة مرعبة وسرّية: أنّ المسجد، المقام في العصر الأمويّ على أنقاض كاتدرائية يوحنا المعمدان، خُططت أساساته الأصلية على شكل الصليب، وذلك أسوة بكل الكنائس الكبرى في العالم النصرانيّ.قلنا، أنّ ذلك العام، المستهلة فيه روايتنا، كان عام الشر. رحل سعدو باشا عن المدينة، بعد مزيدٍ من التلكؤ والمماطلة. لعله كان في الأثناء يعوّل على أصدقائه في الحاشية السلطانية بالأستانة، وأنهم يمكن أن يغيّروا فرمانَ العزل. إلى الأخير، عليه كان أن يتحرك بما أنّ الوالي الجديد أضحى مع موكبه في مدينة حمص، ينتظر استلام مركز إمارته. لما غادرَ الوالي المعزول المدينة، وضع نائبه متسلماً عليها؛ وكأنه سيعود إليها لا محالة. كان الوقتُ ربيعاً، تجللت فيه البساتين المحيطة بالمدينة بفضة أزاهير الأشجار، لتبدو عن بعد كطرحة العروس. الشمس الساطعة بسخاء، جعلت صخورَ الجبل تلتمع أسنى من النجوم. بيد أن ذلك لم يبدل مزاجَ الناس، الذين كانوا على قلق بيّن عقبَ علمهم بأمر فرمان سلطان الكون: إنهم اعتادوا طوال الأعوام المنصرمة على وجود أسعد باشا على رأس الولاية، بكل محاسن عهده وسيئاته. كذلك يألف السجينُ سجّانه، وهيَ سنّة الله في خلقه.على حين فجأة، أظلمت السماءُ في رابعة النهار، بتكاثف السحب الرمادية، المدفوعة بعزم الريح. وما لبثت السماءُ أن فتحت فاها على سيل عرمرم من الأمطار. الزينة، المعدّة لاستقبال الوالي الجديد، كانت أولى ضحايا الفيضان. ثم طاف نهر بردى وفروعه، المتغلغلة في عروق المدينة، لتجرف مياهها المحلاتِ التجارية ومساكن الأهلين على حد سواء. بقي هطول الأمطار طوال أيام ثلاثة، وكان الناس من الغم والاضطراب أنهم سلوا أمرَ الوالي الجديد، الذي قيل أنه أخّرَ دخلوه للمدينة بسبب الفيضان. متسلم المدينة، ظهرَ في اليوم الثالث، غبَّ جلاء لعنة السماء، ليُشرفَ على أعمال الانقاذ وحصر الأضرار. عَهَدَ لغطاسين بمهمة انتشال أرزاق الخلق، ومن ثم بدأ مساعدوه في ضبطها ضمن سجلات كبيرة. تعالت أدعية الناس بالثناء على سرعة مبادرة المتسلم، بعدما عُرف في بعض الأماكن انتشارُ الأشخاص المنحرفين بهدف الاستيلاء على الأرزاق السائبة.قال لي يومئذٍ صديقي " برو "، معلّقاً على ما جرى: " اللص الأكبر، عادةً لا يتساهل مع اللصوص الصغار ". فهمتُ بالطبع مقصدَ الكلام، لكنني لم أوافقه الرأي. قلت له، أنّ المتسلّم لا بد وسيحسبُ حسابَ مجيء الوالي الجديد، فلا يمكنه أن يستقبله بيدين ملوثتين بالإثم. اكتفى صديقي بهز رأسه، بينما ظهرت على طرف فمه ابتسامة ساخرة. ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الأول
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700671
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الأول
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الموعد المفترض، المحدد لوصول مبعوث السلطان، كان مطابقاً لما ذكره المفتي. لكن ما لم يعلمه هذا الأخير، وكان مفاجأة كبيرة له ولا غرو، أنّ المبعوث لم يكن سوى شيخ الإسلام، المدعو " أبو المعالي ". حط الرجل أولاً في بيروت، ومن ثم عبَرَ جبل لبنان، المكسو بعدٌ بالثلج، وصولاً إلى دمشق. كون الوالي، كما علمنا، كان ما زال في حمص لتجميع الجيوش القادرة على قهر الانكشارية المتمردة، فإن موكب شيخ الإسلام بقيَ حائراً أينَ سينزل. لكنه أخيراً إتجه إلى القصر، الذي بناه الوالي السابق، والكائن في محيط المسجد الأمويّ. عقبَ نيل المفتي قسطاً من الراحة، إتجه إلى ذلك المسجد كي يؤم المصلين بما أنه يوم جمعة. في الأثناء، كان نمّ لعلم الأشراف والأعيان خبرُ مقدم شيخ الإسلام. وكان وفداً منهم، ضمّ الفقير صاحب هذا الكناش، قد غادر في اليوم نفسه إلى عدرا، في ظاهر البلد؛ ثمة، أينَ نصبَ الباشا أورديَهُ تمهيداً لدخول المدينة وتأديب المتمردين. حملناه على قبول الوساطة، وحمّلنا بدَوره عرضاً لقادة الإنكشارية بطرد المتسلّم السابق من القلعة بمقابل العفو عنهم. بمجرد رجوعنا إلى الشام، أخبرونا عن وصول شيخ الإسلام، وذلك تمهيداً لسير المحمل الشريف إلى الحجاز. لم نلحق صلاة الجمعة في المسجد الكبير، فاتجهنا رأساً إلى القصر بغيَة السلام على مبعوث السلطان. لم تكن المرة الأولى، أغشى فيها القصرَ، الذي بناه الوالي السابق وبقيَ يقيم فيه لما يقارب الخمسة عشرة عاماً؛ هيَ مدة ولايته، وكانت الأطول بين من حكموا الشام في العهد العثمانيّ. لقد كنتُ لعدة مرات، متتالية، ضمنَ وفدٍ من الأشراف، لتهنئة ذلك الوالي بحلول العيد. في كل مرةٍ، كان بصري ينتقل مذهولاً في أنحاء قاعة السلاملك، أينَ يُستقبل الضيوف. الواقع، أنّ القصرَ برمته يُعتبر تحفة فنية لا نظير لها في المشرق، وقد أشبه بقصور سلاطين آل عثمان في الأستانة ولو لم يكن بعظمتها. في مرحلة الإنشاء، قيل أن المساحة الشاسعة المعيّنة لإشادة القصر، تطلبت إزالة عشرات المنازل الكبيرة مع دفع تعويض زهيد لأصحابها. الوالي السابق، المعرَّف بالجشع شأن معظم أنداده، أجبرَ أيضاً أصحابَ الدور الفخمة في المدينة على تقديم قطع الرخام والمرمر لكسوة قصره. بل إنه اقتلع من المدرسة الأيوبية، الناصرية، أعمدة بكاملها كي ينصبها في الرواق. كان محظوظاً أيضاً بالمزيد، وذلك عندما تم حفر أساسات القصر لتنكشف عن آبدة قديمة؛ قيل أنها معبدٌ وثنيّ، يخص آلهة رومانية أو إغريقية.قبل الوصول إلى قاعة السلاملك، يتعيّن على الزائر أن يسيرَ في ممشى حديقة القصر، الحافلة بأنواع الشجر والأزهار. عريشتا مجنونة بلون بنفسجي، تحدقان بالقاعة من جانبيّ عمارتها، المذكّرة بقلعةٍ من القلاع. ولقد ذكّرتني، شخصياً، بواجهة قلعة حلب. لكن واجهات القصر جميعاً لم تكن من الحجر، حَسْب، بل وأختير لها طريقة العمارة الدمشقية، المعروفة بالمداميك الثلاثة، المتوازية؛ وهيَ من فوق لتحت باللون الأسود فالأبيض ثم الأبلق [ أي الأصفر أو الأشقر ـ ملاحظة المدقق ]. مدخل القصر الداخليّ، يستقبل الزائرَ بدرج مزدوج، ومن ثم الباب الرئيس ذي القوس الأشبه بالتاج ويعلوه إطارٌ رخاميّ ومرصّعٌ بالصدف في داخله لوحة بإطار هندسيّ مزخرف، تتضمن أبياتاً من قصيدة مكتوبة بماء الذهب، تُستهل بالبسملة وتختتم برقم السنة الهجرية لانتهاء أعمال البناء. المدخل خال من الأعمدة ذات التيجان، وهذه نلقاها فقط في الرواق المقابل للمبنى، والمفصول عنه بالباحة السماوية المرخّمة، الذاخرة بالأشجار، يتوسطها بحرة دائرية من ذات المادة الحجرية. لكن النظر لن يتأخر عن الغرق في ترف ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701021
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الموعد المفترض، المحدد لوصول مبعوث السلطان، كان مطابقاً لما ذكره المفتي. لكن ما لم يعلمه هذا الأخير، وكان مفاجأة كبيرة له ولا غرو، أنّ المبعوث لم يكن سوى شيخ الإسلام، المدعو " أبو المعالي ". حط الرجل أولاً في بيروت، ومن ثم عبَرَ جبل لبنان، المكسو بعدٌ بالثلج، وصولاً إلى دمشق. كون الوالي، كما علمنا، كان ما زال في حمص لتجميع الجيوش القادرة على قهر الانكشارية المتمردة، فإن موكب شيخ الإسلام بقيَ حائراً أينَ سينزل. لكنه أخيراً إتجه إلى القصر، الذي بناه الوالي السابق، والكائن في محيط المسجد الأمويّ. عقبَ نيل المفتي قسطاً من الراحة، إتجه إلى ذلك المسجد كي يؤم المصلين بما أنه يوم جمعة. في الأثناء، كان نمّ لعلم الأشراف والأعيان خبرُ مقدم شيخ الإسلام. وكان وفداً منهم، ضمّ الفقير صاحب هذا الكناش، قد غادر في اليوم نفسه إلى عدرا، في ظاهر البلد؛ ثمة، أينَ نصبَ الباشا أورديَهُ تمهيداً لدخول المدينة وتأديب المتمردين. حملناه على قبول الوساطة، وحمّلنا بدَوره عرضاً لقادة الإنكشارية بطرد المتسلّم السابق من القلعة بمقابل العفو عنهم. بمجرد رجوعنا إلى الشام، أخبرونا عن وصول شيخ الإسلام، وذلك تمهيداً لسير المحمل الشريف إلى الحجاز. لم نلحق صلاة الجمعة في المسجد الكبير، فاتجهنا رأساً إلى القصر بغيَة السلام على مبعوث السلطان. لم تكن المرة الأولى، أغشى فيها القصرَ، الذي بناه الوالي السابق وبقيَ يقيم فيه لما يقارب الخمسة عشرة عاماً؛ هيَ مدة ولايته، وكانت الأطول بين من حكموا الشام في العهد العثمانيّ. لقد كنتُ لعدة مرات، متتالية، ضمنَ وفدٍ من الأشراف، لتهنئة ذلك الوالي بحلول العيد. في كل مرةٍ، كان بصري ينتقل مذهولاً في أنحاء قاعة السلاملك، أينَ يُستقبل الضيوف. الواقع، أنّ القصرَ برمته يُعتبر تحفة فنية لا نظير لها في المشرق، وقد أشبه بقصور سلاطين آل عثمان في الأستانة ولو لم يكن بعظمتها. في مرحلة الإنشاء، قيل أن المساحة الشاسعة المعيّنة لإشادة القصر، تطلبت إزالة عشرات المنازل الكبيرة مع دفع تعويض زهيد لأصحابها. الوالي السابق، المعرَّف بالجشع شأن معظم أنداده، أجبرَ أيضاً أصحابَ الدور الفخمة في المدينة على تقديم قطع الرخام والمرمر لكسوة قصره. بل إنه اقتلع من المدرسة الأيوبية، الناصرية، أعمدة بكاملها كي ينصبها في الرواق. كان محظوظاً أيضاً بالمزيد، وذلك عندما تم حفر أساسات القصر لتنكشف عن آبدة قديمة؛ قيل أنها معبدٌ وثنيّ، يخص آلهة رومانية أو إغريقية.قبل الوصول إلى قاعة السلاملك، يتعيّن على الزائر أن يسيرَ في ممشى حديقة القصر، الحافلة بأنواع الشجر والأزهار. عريشتا مجنونة بلون بنفسجي، تحدقان بالقاعة من جانبيّ عمارتها، المذكّرة بقلعةٍ من القلاع. ولقد ذكّرتني، شخصياً، بواجهة قلعة حلب. لكن واجهات القصر جميعاً لم تكن من الحجر، حَسْب، بل وأختير لها طريقة العمارة الدمشقية، المعروفة بالمداميك الثلاثة، المتوازية؛ وهيَ من فوق لتحت باللون الأسود فالأبيض ثم الأبلق [ أي الأصفر أو الأشقر ـ ملاحظة المدقق ]. مدخل القصر الداخليّ، يستقبل الزائرَ بدرج مزدوج، ومن ثم الباب الرئيس ذي القوس الأشبه بالتاج ويعلوه إطارٌ رخاميّ ومرصّعٌ بالصدف في داخله لوحة بإطار هندسيّ مزخرف، تتضمن أبياتاً من قصيدة مكتوبة بماء الذهب، تُستهل بالبسملة وتختتم برقم السنة الهجرية لانتهاء أعمال البناء. المدخل خال من الأعمدة ذات التيجان، وهذه نلقاها فقط في الرواق المقابل للمبنى، والمفصول عنه بالباحة السماوية المرخّمة، الذاخرة بالأشجار، يتوسطها بحرة دائرية من ذات المادة الحجرية. لكن النظر لن يتأخر عن الغرق في ترف ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثاني
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701021
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام السابقة لانطلاق المحمل الشريف، إتسمت بالهدوء وباستمرار الطقس الربيعيّ الجميل في آنٍ معاً. وكان الباشا قبل دخوله إلى المدينة ( وذلك في موكب أقل هيبةٍ من موكبه الأول )، قد سرّحَ الجيوشَ المحتشدة لنصرته على الإنكشاريين. إذ عمد هؤلاء الأخيرين، المتحصنون في القلعة، إلى التخلّي عن المتسلّم السابق تنفيذاً للإتفاق المعقود بوساطة الأعيان وبضمانة حضرة شيخ الإسلام. المتسلّم، أخذ جماعته وإتجه معهم إلى ناحية جبل لبنان ولم يعُد يظهر لهم أثر. لكنهم في طريقهم، عمدوا إلى نهب وسلب بعض قرى برّ الشام كي يشفوا غليلهم. الباشا بدَوره، وكان كما علمنا يتحرّق للانتقام من خصمه، فإنه إكتفى بالتنفيس عن غضبه بعدد من المحكومين بالإعدام، الذين قطعت رؤوسهم في حضرته. كذلك أمرَ بكبس دار المتسلّم، لمصادرة كل ما تحتويه؛ وكان من الموجودات أرزاقُ الخلق، المنتشلة عقبَ طوفان نهر بردى. لكن لم يُدعَ أحد من المتضررين لأخذ شيء من تلك الأشياء المُصادَرة، ما فاقمَ من النقمة على الباشا بين العموم. يتعيّنُ القول، أنني دُعيت لمرافقة المحمل الشريف لأداء مناسك الحج. حضرةُ شيخ الإسلام، هوَ مَن طلبَ مني ذلك بعدما علم أنني لم أكمل آخر الفرائض برغم أن سنّي قاربت الثلاثين. أعربَ كذلك عن استعداده لتكفل مصاريف الحج لصديقنا برو، لولا أنّ هذا أبدى زهده بالأمر. برو، ألحّ عليّ في المقابل أن أتراجع عن مرافقتي للمحمل الشريف. تذكّرت عندئذٍ ما جرى على لسانه، بشأن مصير شيخ الإسلام، وأنه متواشجٌ مع نبوءةٍ محتملة عن مخاطر طريق الحج. فلما طلبتُ منه إجلاء العتمة عن الموضوع، فإنه أجابني بنبرته الساخرة: " ألن تمدّني، كوسيلة للاستخارة، بخصلةٍ من شَعرك؟! ". هكذا كان صديقي؛ من الصعب أن تُدرك ما لو كان جاداً أم هازلاً حتى في أحرج الأوقات. كذلك كان أمره، لما سألته غبَّ عودته من لقاء السلطانة، عما تم الحديث بينهما. كان قد آبَ يومئذٍ من ناحية الحرملك بخطىً متعثرة، كما لو أُسقيَ خمراً، شاردَ الفكر متبلبلاً. إكتفى إذاك بالقول، مومئاً إلى ناحية الأزهار المغروسة على نسق واحد على جانبيّ الممشى: " إنها تفوقُ فتنةَ ورود الربيع؛ بشرةٌ نقية وناصعة كالحرير، عينان لؤلؤتان، شعرٌ بلون الكستناء، وجيدُ غزال ". أدهشني أيضاً، احتفاظه بعدُ بصرّة الحرير، المحتوية خصلة من شَعر السلطانة، وذلك عندما أنهى كلامه بإخراجها وشمّها وتقبيلها. " النبي كيكي "، ربما شعرَ بالحب لأول مرة في حياته. لكنه شعورٌ ثقيل الوطأة، ولا غرو، قمينٌ بأن يسحق صاحبه سحقاً لو وصل خبره لأولي الأمر. لقد وقعتُ بنفسي في التجربة، ولو أن قصتي لم تلفّها عتمةُ الغموض والألغاز. كان ذلك قبل وفاة والدي ببضعة أعوام، وكنتُ أرافقه إلى المدرسة الشامية الكبرى. كنتُ عائداً في أحد الأيام من دروسي، تاركاً أبي يواصل نقاش أحد المسائل مع تلاميذه، لما رأيتني أتوه عن طريقي المعتاد. في آخر دربٍ ضيّق، تفطّنتُ إلى أنه يُفضي إلى الطريق الصحيح، كان ثمة منزل بصدر المكان، يتشكّل تحته قنطرة معتمة. قبيل وصولي إلى القنطرة ببضع خطوات، إذا بفتاة تظهرُ في مشربية تلك الحجرة، وما لبثت أن أنحنت قليلاً كي ينهمر شعرها إلى جانب وجهها. لم تكن، بالطبع، بفتنة السلطانة؛ وكان وصف صديقي لها صحيحاً لأنه مسندودٌ من روايات أخرى ـ لكنها كانت جميلة حقاً. في تلك الليلة، جفاني الوسنُ إلى ساعة متأخرة بسبب هيمنة صورة الفتاة. لما تكرر ظهور الفتاة في اليوم التالي وبنفس توقيت عودتي من المدرسة، لم أعدم الجرأة للإشارة لها بوضع الإصبع على عيني ومن ثم على فمي؛ أي أنني أريد مشاهدتها عن قرب والتحدث معها. بيد أنها مخا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701439
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام السابقة لانطلاق المحمل الشريف، إتسمت بالهدوء وباستمرار الطقس الربيعيّ الجميل في آنٍ معاً. وكان الباشا قبل دخوله إلى المدينة ( وذلك في موكب أقل هيبةٍ من موكبه الأول )، قد سرّحَ الجيوشَ المحتشدة لنصرته على الإنكشاريين. إذ عمد هؤلاء الأخيرين، المتحصنون في القلعة، إلى التخلّي عن المتسلّم السابق تنفيذاً للإتفاق المعقود بوساطة الأعيان وبضمانة حضرة شيخ الإسلام. المتسلّم، أخذ جماعته وإتجه معهم إلى ناحية جبل لبنان ولم يعُد يظهر لهم أثر. لكنهم في طريقهم، عمدوا إلى نهب وسلب بعض قرى برّ الشام كي يشفوا غليلهم. الباشا بدَوره، وكان كما علمنا يتحرّق للانتقام من خصمه، فإنه إكتفى بالتنفيس عن غضبه بعدد من المحكومين بالإعدام، الذين قطعت رؤوسهم في حضرته. كذلك أمرَ بكبس دار المتسلّم، لمصادرة كل ما تحتويه؛ وكان من الموجودات أرزاقُ الخلق، المنتشلة عقبَ طوفان نهر بردى. لكن لم يُدعَ أحد من المتضررين لأخذ شيء من تلك الأشياء المُصادَرة، ما فاقمَ من النقمة على الباشا بين العموم. يتعيّنُ القول، أنني دُعيت لمرافقة المحمل الشريف لأداء مناسك الحج. حضرةُ شيخ الإسلام، هوَ مَن طلبَ مني ذلك بعدما علم أنني لم أكمل آخر الفرائض برغم أن سنّي قاربت الثلاثين. أعربَ كذلك عن استعداده لتكفل مصاريف الحج لصديقنا برو، لولا أنّ هذا أبدى زهده بالأمر. برو، ألحّ عليّ في المقابل أن أتراجع عن مرافقتي للمحمل الشريف. تذكّرت عندئذٍ ما جرى على لسانه، بشأن مصير شيخ الإسلام، وأنه متواشجٌ مع نبوءةٍ محتملة عن مخاطر طريق الحج. فلما طلبتُ منه إجلاء العتمة عن الموضوع، فإنه أجابني بنبرته الساخرة: " ألن تمدّني، كوسيلة للاستخارة، بخصلةٍ من شَعرك؟! ". هكذا كان صديقي؛ من الصعب أن تُدرك ما لو كان جاداً أم هازلاً حتى في أحرج الأوقات. كذلك كان أمره، لما سألته غبَّ عودته من لقاء السلطانة، عما تم الحديث بينهما. كان قد آبَ يومئذٍ من ناحية الحرملك بخطىً متعثرة، كما لو أُسقيَ خمراً، شاردَ الفكر متبلبلاً. إكتفى إذاك بالقول، مومئاً إلى ناحية الأزهار المغروسة على نسق واحد على جانبيّ الممشى: " إنها تفوقُ فتنةَ ورود الربيع؛ بشرةٌ نقية وناصعة كالحرير، عينان لؤلؤتان، شعرٌ بلون الكستناء، وجيدُ غزال ". أدهشني أيضاً، احتفاظه بعدُ بصرّة الحرير، المحتوية خصلة من شَعر السلطانة، وذلك عندما أنهى كلامه بإخراجها وشمّها وتقبيلها. " النبي كيكي "، ربما شعرَ بالحب لأول مرة في حياته. لكنه شعورٌ ثقيل الوطأة، ولا غرو، قمينٌ بأن يسحق صاحبه سحقاً لو وصل خبره لأولي الأمر. لقد وقعتُ بنفسي في التجربة، ولو أن قصتي لم تلفّها عتمةُ الغموض والألغاز. كان ذلك قبل وفاة والدي ببضعة أعوام، وكنتُ أرافقه إلى المدرسة الشامية الكبرى. كنتُ عائداً في أحد الأيام من دروسي، تاركاً أبي يواصل نقاش أحد المسائل مع تلاميذه، لما رأيتني أتوه عن طريقي المعتاد. في آخر دربٍ ضيّق، تفطّنتُ إلى أنه يُفضي إلى الطريق الصحيح، كان ثمة منزل بصدر المكان، يتشكّل تحته قنطرة معتمة. قبيل وصولي إلى القنطرة ببضع خطوات، إذا بفتاة تظهرُ في مشربية تلك الحجرة، وما لبثت أن أنحنت قليلاً كي ينهمر شعرها إلى جانب وجهها. لم تكن، بالطبع، بفتنة السلطانة؛ وكان وصف صديقي لها صحيحاً لأنه مسندودٌ من روايات أخرى ـ لكنها كانت جميلة حقاً. في تلك الليلة، جفاني الوسنُ إلى ساعة متأخرة بسبب هيمنة صورة الفتاة. لما تكرر ظهور الفتاة في اليوم التالي وبنفس توقيت عودتي من المدرسة، لم أعدم الجرأة للإشارة لها بوضع الإصبع على عيني ومن ثم على فمي؛ أي أنني أريد مشاهدتها عن قرب والتحدث معها. بيد أنها مخا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثالث
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701439
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ]. كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ". الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة. هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701758
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ]. كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ". الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة. هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الرابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701758
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الخامس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لم يكن من المتوقّع وصولُ خبر هجوم الأعراب على المحمل الشريف بسرعة إلى حاضرة السلطنة، كون البريد من الحجاز يتأخر كثيراً. لكن الخبرَ وصلَ، بطريقةٍ ما، إلى دمشق الشام وذلك قبل أيام من عودتنا إليها ضمن موكب الوالي. وقعَ الخبرُ كالصاعقة على المدينة، بالأخص تفاصيل السلب والاستباحة، التي تم اللوك بها والزيادة عليها من لدُن أعوان سعدو باشا؛ وكان هؤلاء يعوّلون على إعادته لمنصبه، لاستعادة نفوذهم. تأججت على الأثر مشاعرُ السخط والغضب في نفوس الأهالي، فعبّروا عنها بالخروج إلى الدروب والأسواق لشتم مورلي باشا والترحّم على أيام سلفه. النقمة على الباشا، كانت أكبر بين قادة الانكشارية في قلعة المدينة، بسبب مصرع رفيقهم آمر قلعة تبوك ضمن الملابسات المعلومة. فما لبثت الاضطرابات أن بدأت في دمشق، بتحريضٍ من تلك الأطراف، الناقمة على الوالي. كون هذا الأخير ما زال في طريق الإياب، فإنّ المشاغبين إتجهوا إلى السرايا، أين يقيم المتسلّم الذي ينوب عن الباشا في إدارة البلد. لما علموا بهروب الرجل، استهدفوا هذه المرة حارات النصارى واليهود، بدَعوى أن ساكنيها فرحوا وشمتوا بما حصل للمحمل الشريف على يد أعراب الحجاز.الأمور كانت على هذه الحال، عندما دخلنا محروسة الشام ضمنَ موكب الوالي. هذا، خطط للوصول إلى المدينة في ساعة متأخرة من الليل، عقبَ سماعه بحال الفوضى والاضطراب فيها خلال الأيام الأخيرة. وكان قد علمَ أيضاً، أن المتسلّم عجز عن تأمين الأمن في البلد وتركها هارباً إلى جهةٍ مجهولة. عقبَ دخول الباشا إلى قصره، أسرع بارسال كتبٍ إلى قادة الوجاقات، لمحاولة استمالتهم إلى صفه بمواجهة الخصم المشترك؛ الانكشارية. هذا ما علمته من الطواشي، وكان قد حضر إليّ في مساء اليوم التالي صُحبة صديقنا برو. أتى حكيم كي يودّعني، كونه توقّعَ عودة مولاته إلى تخت السلطنة عن طريق البحر في يوم الغد أو بعده على أرجح تقدير. " لن ينتفع الباشا بشيءٍ من هذا التدبير، لأن مصيره سيتحدد هناك في الباب العالي "، علّقتُ على معلومة حكيم. أيّدني هوَ الرأيَ، وزادَ بأن السلطان ربما يأمر بقطع رأسه. ثم عرّجنا على معلومة أخرى، تتحدث عن احتمال تورّط الوالي السابق بأمر هجوم الأعراب على قافلة الحج علاوة على أصابعه فيما تشهده الشامُ من الاضطرابات والفوضى. في المقابل، بقيَ برو ملتزماً بالصمت وعلى عينيه غشاوة شفافة من الأسى. كان واضحاً حزنه، غبَّ سماعه عزم السلطانة العودة إلى مسقط رأسها؛ برغم أنّ ذلك أمرٌ بديهيّ ومتوقّع. ما أسرعَ أن حَوّل مجرى الحديث، بسؤاله الطواشيّ: " ألم تُعرب لك مولاتك عن رغبتها بلقائي، على الأقل من أجل الاستخارة في شأن سفرها بحراً إلى الأستانة؟ "" لا، لم تفعل ذلك. إنها لم تكد ترتاح مما كابدته في خلال رحلة الصحراء، المشئومة "، ردّ حكيم. قال برو، وكانت نظرته هذه المرة تأتلق ببارقة الأمل: " لعلها لا تسافر قريباً، لحين استعادتها نفسها ". عندئذٍ، تلاقت أعيننا أنا والطواشي بنظرةٍ باسمة. تركناه على ذلك الرجاء، وعُدنا للمداولة فيما تشهده البلد من أحداث. على حين فجأة، تذكّرتُ صديقي باسيل، وذلك على خلفيّة خبر الهجوم الأخير على حي النصارى. خادمي، سبقَ أن أعلمني بأن ذلك الحي ما فتأ محاصراً من قبل الزرب وبعض الجهلة المتزمتين. فاقترحتُ على برو الذهابَ لاحضار صديقنا، بالنظر لتأثيره المعلوم على العامّة. تحرّك على الأثر حكيم من مجلسه، وما عتمَ أن قال بأن وقت عودته إلى القصر قد أزفت. ودّعته بالعناق والتمنيات بالسفر الآمن، فيما ظل برو مطرقاً برأسه. قال صديقنا لهذا الأخير: " سأخبرُ مولاتنا، ولا ريب، ما لو شاءت ال ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702095
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1لم يكن من المتوقّع وصولُ خبر هجوم الأعراب على المحمل الشريف بسرعة إلى حاضرة السلطنة، كون البريد من الحجاز يتأخر كثيراً. لكن الخبرَ وصلَ، بطريقةٍ ما، إلى دمشق الشام وذلك قبل أيام من عودتنا إليها ضمن موكب الوالي. وقعَ الخبرُ كالصاعقة على المدينة، بالأخص تفاصيل السلب والاستباحة، التي تم اللوك بها والزيادة عليها من لدُن أعوان سعدو باشا؛ وكان هؤلاء يعوّلون على إعادته لمنصبه، لاستعادة نفوذهم. تأججت على الأثر مشاعرُ السخط والغضب في نفوس الأهالي، فعبّروا عنها بالخروج إلى الدروب والأسواق لشتم مورلي باشا والترحّم على أيام سلفه. النقمة على الباشا، كانت أكبر بين قادة الانكشارية في قلعة المدينة، بسبب مصرع رفيقهم آمر قلعة تبوك ضمن الملابسات المعلومة. فما لبثت الاضطرابات أن بدأت في دمشق، بتحريضٍ من تلك الأطراف، الناقمة على الوالي. كون هذا الأخير ما زال في طريق الإياب، فإنّ المشاغبين إتجهوا إلى السرايا، أين يقيم المتسلّم الذي ينوب عن الباشا في إدارة البلد. لما علموا بهروب الرجل، استهدفوا هذه المرة حارات النصارى واليهود، بدَعوى أن ساكنيها فرحوا وشمتوا بما حصل للمحمل الشريف على يد أعراب الحجاز.الأمور كانت على هذه الحال، عندما دخلنا محروسة الشام ضمنَ موكب الوالي. هذا، خطط للوصول إلى المدينة في ساعة متأخرة من الليل، عقبَ سماعه بحال الفوضى والاضطراب فيها خلال الأيام الأخيرة. وكان قد علمَ أيضاً، أن المتسلّم عجز عن تأمين الأمن في البلد وتركها هارباً إلى جهةٍ مجهولة. عقبَ دخول الباشا إلى قصره، أسرع بارسال كتبٍ إلى قادة الوجاقات، لمحاولة استمالتهم إلى صفه بمواجهة الخصم المشترك؛ الانكشارية. هذا ما علمته من الطواشي، وكان قد حضر إليّ في مساء اليوم التالي صُحبة صديقنا برو. أتى حكيم كي يودّعني، كونه توقّعَ عودة مولاته إلى تخت السلطنة عن طريق البحر في يوم الغد أو بعده على أرجح تقدير. " لن ينتفع الباشا بشيءٍ من هذا التدبير، لأن مصيره سيتحدد هناك في الباب العالي "، علّقتُ على معلومة حكيم. أيّدني هوَ الرأيَ، وزادَ بأن السلطان ربما يأمر بقطع رأسه. ثم عرّجنا على معلومة أخرى، تتحدث عن احتمال تورّط الوالي السابق بأمر هجوم الأعراب على قافلة الحج علاوة على أصابعه فيما تشهده الشامُ من الاضطرابات والفوضى. في المقابل، بقيَ برو ملتزماً بالصمت وعلى عينيه غشاوة شفافة من الأسى. كان واضحاً حزنه، غبَّ سماعه عزم السلطانة العودة إلى مسقط رأسها؛ برغم أنّ ذلك أمرٌ بديهيّ ومتوقّع. ما أسرعَ أن حَوّل مجرى الحديث، بسؤاله الطواشيّ: " ألم تُعرب لك مولاتك عن رغبتها بلقائي، على الأقل من أجل الاستخارة في شأن سفرها بحراً إلى الأستانة؟ "" لا، لم تفعل ذلك. إنها لم تكد ترتاح مما كابدته في خلال رحلة الصحراء، المشئومة "، ردّ حكيم. قال برو، وكانت نظرته هذه المرة تأتلق ببارقة الأمل: " لعلها لا تسافر قريباً، لحين استعادتها نفسها ". عندئذٍ، تلاقت أعيننا أنا والطواشي بنظرةٍ باسمة. تركناه على ذلك الرجاء، وعُدنا للمداولة فيما تشهده البلد من أحداث. على حين فجأة، تذكّرتُ صديقي باسيل، وذلك على خلفيّة خبر الهجوم الأخير على حي النصارى. خادمي، سبقَ أن أعلمني بأن ذلك الحي ما فتأ محاصراً من قبل الزرب وبعض الجهلة المتزمتين. فاقترحتُ على برو الذهابَ لاحضار صديقنا، بالنظر لتأثيره المعلوم على العامّة. تحرّك على الأثر حكيم من مجلسه، وما عتمَ أن قال بأن وقت عودته إلى القصر قد أزفت. ودّعته بالعناق والتمنيات بالسفر الآمن، فيما ظل برو مطرقاً برأسه. قال صديقنا لهذا الأخير: " سأخبرُ مولاتنا، ولا ريب، ما لو شاءت ال ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الخامس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702095
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الخامس
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج السادس
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 شمسُ الصيف اللاسعة، جعلت الأشجارَ تلوحُ سقيمةً ومتهدلة الأغصان. لكن الحرارة المرتفعة لم تمنع الخلقَ من التجمهر على طول الطرقات، المفضية إلى سرايا الدولة. كنا في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، الموافق للعاشر من ذي الحجة. موكبٌ كبير، يتألّف من مختلف الطرق الصوفية، كان يسير باتجاه قصر الوالي، بخرقه الملونة وطبوله ومزاميره، فيما الرايات تخفق فوق رؤوس أفراده العارية وأسمالهم الخَلِقة. في مقدمة الموكب، مشى عددٌ من حاملي مجامر الند والبخور، يطلقون نداءً يحيّ رب العالمين، فيُردد صداه بقية الموكب. النداءُ، المترافق مع طرق الطبول والدفوف وألحان المزامير، جعل الحماسة تدبّ في الخلق المتجمهرين، بالأخص حينَ عمد بعضُ الصوفيين إلى عرض قواهم الخارقة؛ من قبيل الدوس على الجمر المشتعل بالأقدام الحافية أو بغرز السيخ في الخصر ليخرج من الجنب. هذه المواكب المحتفلة، كانت تلاقي استهجانَ المتزمتين، لكنهم اعتادوا عليها منذ عهد أسعد باشا. خَلَفُهُ على رأس الولاية، مورلي باشا، لعله شجّع هذا العام احتفالَ العيد بطريقة صاخبة كي يُلهي الأهالي عن ذكر واقعة المحمل الشريف. لقد فكّرتُ بأسى يومئذٍ، أنني كنتُ الآنَ مع الحجّاج، أطوف حول الكعبة المشرّفة، لولا إعتراض قافلتنا من قبل الأعراب. إذاً مضى نحو شهر على عودتنا من منتصف الطريق إلى الحجاز، وكان شهراً حافلاً بالأقاويل على لسان الجميع، المترقبين خبراً مهماً من جانب الأستانة. أخيراً حضرَ الصدرُ الأعظم، المدعو شتجي باشا الدياربكرلي، يجر في أذياله جيشاً جراراً. كونه جعل حلب مكانَ تجمّعٍ للعساكر، القادمة من مختلف الولايات، فإنه وليَ على المدينة لفترة قصيرة. في الأثناء، قدم وفدٌ من ناحية شاه العجم، للتفاوض حول سبايا فارسيات كن قد وقعن بالأسر أثناء قيام الصدر الأعظم بحملة في أطراف البلاد العراقية. ثمانية فيلة، كانوا من بين الهدايا، التي أحضرها الأعاجمُ معهم وذلك على سبيل الصداقة وتسهيل الأمور. لاحقاً، عندما تحرّك شتجي باشا باتجاه الشام، جعل الفيلة في مقدمة موكبه. وما لبثت هذه الحيوانات الغريبة أن ظهرت في موكب العيد، وكان أهالي الشام يرونها للمرة الأولى. كانت فيلة مدربة، يأمرها الرجال الأعاجمُ المتولون شئونها بمد خراطيمها كي يصافحها الأطفالُ، الذين جاؤوا مع آبائهم للاحتفال بالعيد ومشاهدة الموكب.سألتُ باسيل، الذي جاء إلى منزلي كي يهنئني بالعيد: " هل حصلت تجاوزاتٌ من قبل العسكر، المرافق للوزير؟ ". كنت في هذا اليوم معفياً من الخدمة في الديوان، وبالأمس شاركتُ مع زملائي بتهنئة الوالي. كوني مسئولاً عن المراسلات، علمتُ قبل الجميع بخبر قدوم شتجي باشا إلى المدينة بهدف التحضير لحملة تأديب الأعراب. القوات، المجلوبة مع الوزير، كان غالبيتها يتألف من السباهية [ أي الفرسان ـ ملاحظة المدقق ]، وهؤلاء معروفون بالميل إلى الاعتداء على الحريم والسلب والنهب.قال لي باسيل، رداً على سؤالي: " لم يقترب عسكر الوزير من حينا، وربما سبقَ وشدّدَ عليهم بالتزام الانضباط وعدم التعرّض للناس حتى لو كانوا من النصارى واليهود والمتاولة ". لقد لاحظتُ بنفسي ذلك الانضباط، حينَ ذهبتُ صباحاً لمشاهدة موكب الاحتفال بالعيد. لكن صديقي النصرانيّ لم يجرؤ على الذهاب، كذلك لم أرَ أحداً من أبناء ملّته في مكان سير الموكب. مع أنني وغيري من المسلمين، نهرع أحياناً لمشاهدة مواكب النصارى في أعيادهم، وكان يُسمح بها لو وصل فرمان بذلك من جهة الباب العالي. هذا الأخير، كان سماحه مشروطاً بحُسن علاقته مع الدولة الأوروبية، المعتبرة حامية لطائفة معينة من النصارى. هكذا كنتَ ترى الم ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702424
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1 شمسُ الصيف اللاسعة، جعلت الأشجارَ تلوحُ سقيمةً ومتهدلة الأغصان. لكن الحرارة المرتفعة لم تمنع الخلقَ من التجمهر على طول الطرقات، المفضية إلى سرايا الدولة. كنا في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، الموافق للعاشر من ذي الحجة. موكبٌ كبير، يتألّف من مختلف الطرق الصوفية، كان يسير باتجاه قصر الوالي، بخرقه الملونة وطبوله ومزاميره، فيما الرايات تخفق فوق رؤوس أفراده العارية وأسمالهم الخَلِقة. في مقدمة الموكب، مشى عددٌ من حاملي مجامر الند والبخور، يطلقون نداءً يحيّ رب العالمين، فيُردد صداه بقية الموكب. النداءُ، المترافق مع طرق الطبول والدفوف وألحان المزامير، جعل الحماسة تدبّ في الخلق المتجمهرين، بالأخص حينَ عمد بعضُ الصوفيين إلى عرض قواهم الخارقة؛ من قبيل الدوس على الجمر المشتعل بالأقدام الحافية أو بغرز السيخ في الخصر ليخرج من الجنب. هذه المواكب المحتفلة، كانت تلاقي استهجانَ المتزمتين، لكنهم اعتادوا عليها منذ عهد أسعد باشا. خَلَفُهُ على رأس الولاية، مورلي باشا، لعله شجّع هذا العام احتفالَ العيد بطريقة صاخبة كي يُلهي الأهالي عن ذكر واقعة المحمل الشريف. لقد فكّرتُ بأسى يومئذٍ، أنني كنتُ الآنَ مع الحجّاج، أطوف حول الكعبة المشرّفة، لولا إعتراض قافلتنا من قبل الأعراب. إذاً مضى نحو شهر على عودتنا من منتصف الطريق إلى الحجاز، وكان شهراً حافلاً بالأقاويل على لسان الجميع، المترقبين خبراً مهماً من جانب الأستانة. أخيراً حضرَ الصدرُ الأعظم، المدعو شتجي باشا الدياربكرلي، يجر في أذياله جيشاً جراراً. كونه جعل حلب مكانَ تجمّعٍ للعساكر، القادمة من مختلف الولايات، فإنه وليَ على المدينة لفترة قصيرة. في الأثناء، قدم وفدٌ من ناحية شاه العجم، للتفاوض حول سبايا فارسيات كن قد وقعن بالأسر أثناء قيام الصدر الأعظم بحملة في أطراف البلاد العراقية. ثمانية فيلة، كانوا من بين الهدايا، التي أحضرها الأعاجمُ معهم وذلك على سبيل الصداقة وتسهيل الأمور. لاحقاً، عندما تحرّك شتجي باشا باتجاه الشام، جعل الفيلة في مقدمة موكبه. وما لبثت هذه الحيوانات الغريبة أن ظهرت في موكب العيد، وكان أهالي الشام يرونها للمرة الأولى. كانت فيلة مدربة، يأمرها الرجال الأعاجمُ المتولون شئونها بمد خراطيمها كي يصافحها الأطفالُ، الذين جاؤوا مع آبائهم للاحتفال بالعيد ومشاهدة الموكب.سألتُ باسيل، الذي جاء إلى منزلي كي يهنئني بالعيد: " هل حصلت تجاوزاتٌ من قبل العسكر، المرافق للوزير؟ ". كنت في هذا اليوم معفياً من الخدمة في الديوان، وبالأمس شاركتُ مع زملائي بتهنئة الوالي. كوني مسئولاً عن المراسلات، علمتُ قبل الجميع بخبر قدوم شتجي باشا إلى المدينة بهدف التحضير لحملة تأديب الأعراب. القوات، المجلوبة مع الوزير، كان غالبيتها يتألف من السباهية [ أي الفرسان ـ ملاحظة المدقق ]، وهؤلاء معروفون بالميل إلى الاعتداء على الحريم والسلب والنهب.قال لي باسيل، رداً على سؤالي: " لم يقترب عسكر الوزير من حينا، وربما سبقَ وشدّدَ عليهم بالتزام الانضباط وعدم التعرّض للناس حتى لو كانوا من النصارى واليهود والمتاولة ". لقد لاحظتُ بنفسي ذلك الانضباط، حينَ ذهبتُ صباحاً لمشاهدة موكب الاحتفال بالعيد. لكن صديقي النصرانيّ لم يجرؤ على الذهاب، كذلك لم أرَ أحداً من أبناء ملّته في مكان سير الموكب. مع أنني وغيري من المسلمين، نهرع أحياناً لمشاهدة مواكب النصارى في أعيادهم، وكان يُسمح بها لو وصل فرمان بذلك من جهة الباب العالي. هذا الأخير، كان سماحه مشروطاً بحُسن علاقته مع الدولة الأوروبية، المعتبرة حامية لطائفة معينة من النصارى. هكذا كنتَ ترى الم ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السادس
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702424
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج السادس
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج السابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الخالقُ، شاءَ أن أُختبرَ في الصيف بشهود مذبحة الأعراب على يد شتجي باشا، وكان هؤلاء قد قاموا في ربيع العام نفسه بمذبحة للحجّاج أثناء قطع طريق المحمل الشريف. ما لم يكن بالحسبان، أن أكون شاهداً على مذبحة جديدة؛ لكنّ مرتكبها، بقيَ مجهولاً وطليقاً. مبتدأ الأمر، كان في أواخر خريف ذلك العام المشئوم، لما تداول الخلقُ أقاويلَ عن جثة شابٍ وجدت طافية في فرع نهر بردى، المار بجانب أسوار القلعة. وكان واضحاً أنّ الشاب طُعن بأداة حادّة، خنجر أو مدية. كان من الممكن أن يكون ذلك خبراً عابراً، لولا أنّ مزيداً من جثث الشبان ستُكتشف في أوقات مختلفة من الخريف وبنفس الطريقة. جميعهم تقريباً كانوا من عائلات مُعتَبرة، تقيم في المدينة القديمة، ولم يكونوا متزوجين. كوني أعملُ في الديوان، حضرتُ أكثر من مرة مداولاتِ الباشا بشأن أولئك الضحايا. الاجراءُ العمليّ الوحيد، المتخذ من قبل السلطات، كان الأمر بعدم خروج أحد ليلاً دونَ سراج. أقتصرَ الأمرُ على المدينة القديمة، بافتراض أن القتلى تعرضوا أيضاً للسرقة. ولأن القاتلَ يسرحُ مطمئناً في عتمة المدينة، فإنني ولا غرو صرتُ أكثر حذراً عندما أتجه لزيارة صديقي برو في حي القيمرية. يتعيّن أيضاً القول، أنني لم أعُد أدعى لحضور مجلس الأشراف في منزل كبير ذلك الحي، وذلك بسبب حساسية وظيفتي. آخر مناسبة جمعتني بالأشراف، لما حضروا إلى القصر كي يهنئوا الوالي بعيد الأضحى المبارك. كذلك، شاهدتهم عن بُعد في أوان توديعهم لحملة شتجي باشا؛ وكنتُ، مثلما تعلمون، من جملة حاشيته. لقد سبقَ وتركتُ قائدَ الحملة في الحجاز، وكان يتهيأ للعودة إلى دمشق مسبوقاً ببشائر النصر. لكن تصرف عسكره لدى وصوله إلى المدينة، كان شائناً، ولم يختلف كثيراً عما فعله البدو بالحجاج رجالاً ونساءً. قيل في تفسير ذلك، أنّ السباهية كانوا يأملون بالحصول على الغنائم عقبَ الانتصار في المعركة. وإذا بالمهزومين كانوا قد احتاطوا للأمر، بان نقلوا الغالي والنفيس إلى أماكن بعيدة في أعماق الصحراء. برغم ما تعرض له أسرى الأعراب من تعذيب، لم يقرّوا سوى على بعض أموالهم وذهبهم، المسلوب أساساً من حجّاج المحمل الشريف. على أي حال، لم يبقَ العسكرُ سوى فترة قصيرة في دمشق، ثم رافقَ الوزيرَ حينَ عاد إلى الأناضول. مضيتُ ذاتَ مساء للقاء ربيب الأحاجي، وكان برفقتي صديقنا النصرانيّ. الخادم، بمجرد علمه بنيّتي الذهاب إلى المدينة القديمة، ذهبَ من تلقاء نفسه لإحضار كرّوسة [ أي عربة مشدودة بالخيل ـ ملاحظة المحقق ]. فوجئتُ بتصرفه، ولا غرو، لكنني ركبت مع ذلك. لما أراد باسيل أن ياخذ مكانه بالقرب مني، إذا بالحوذيّ يأمره بالنزول قائلاً: " لا يُمكنني حملَ شخصٍ نصرانيّ، لأنه مخالف للتعليمات ". استنكرتُ كلامَ الرجل، وذكّرته بأن أوامر المنع تخص امتطاء الخيل لا العربات. رد الحوذيّ ببساطة: " لا فرقَ، لأنّ الخيلَ هي التي تقود العربات! ". صاح به خادمي: " يا هذا، إن من تتكلم معه هوَ من أركان ديوان الوالي ". أمام إصرار الحوذيّ، نزلتُ من عربته وقمتُ بصرفه. عاد خادمي هذه المرة وهوَ يحملُ قنديلاً مُناراً، فسلّمني إياه، مُذكّراً بقانون آخر من لدُن الوالي.لعلني تكلمتُ من قبل عن وضع أهل الكتاب، والفرمانات القاضية بتمييز ملابسهم بألوان خاصة. لكنهم مُنعوا أيضاً من ركوب الخيل، وكان بمقدورهم فقط استخدام الحمير والبغال في التنقل. لكي يُحط من قدرهم أكثر، كان لزاماً عليهم أن يجعلوا بوابات منازلهم واطئة كي يحنوا رؤوسهم عند الدخول والخروج؛ وكذلك الأمر بشأن بوابات الكنائس والأديرة. لقد حصلَ موقفٌ ذات مرة، كان طريفاً ومحزناً في آنٍ معا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703553
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الخالقُ، شاءَ أن أُختبرَ في الصيف بشهود مذبحة الأعراب على يد شتجي باشا، وكان هؤلاء قد قاموا في ربيع العام نفسه بمذبحة للحجّاج أثناء قطع طريق المحمل الشريف. ما لم يكن بالحسبان، أن أكون شاهداً على مذبحة جديدة؛ لكنّ مرتكبها، بقيَ مجهولاً وطليقاً. مبتدأ الأمر، كان في أواخر خريف ذلك العام المشئوم، لما تداول الخلقُ أقاويلَ عن جثة شابٍ وجدت طافية في فرع نهر بردى، المار بجانب أسوار القلعة. وكان واضحاً أنّ الشاب طُعن بأداة حادّة، خنجر أو مدية. كان من الممكن أن يكون ذلك خبراً عابراً، لولا أنّ مزيداً من جثث الشبان ستُكتشف في أوقات مختلفة من الخريف وبنفس الطريقة. جميعهم تقريباً كانوا من عائلات مُعتَبرة، تقيم في المدينة القديمة، ولم يكونوا متزوجين. كوني أعملُ في الديوان، حضرتُ أكثر من مرة مداولاتِ الباشا بشأن أولئك الضحايا. الاجراءُ العمليّ الوحيد، المتخذ من قبل السلطات، كان الأمر بعدم خروج أحد ليلاً دونَ سراج. أقتصرَ الأمرُ على المدينة القديمة، بافتراض أن القتلى تعرضوا أيضاً للسرقة. ولأن القاتلَ يسرحُ مطمئناً في عتمة المدينة، فإنني ولا غرو صرتُ أكثر حذراً عندما أتجه لزيارة صديقي برو في حي القيمرية. يتعيّن أيضاً القول، أنني لم أعُد أدعى لحضور مجلس الأشراف في منزل كبير ذلك الحي، وذلك بسبب حساسية وظيفتي. آخر مناسبة جمعتني بالأشراف، لما حضروا إلى القصر كي يهنئوا الوالي بعيد الأضحى المبارك. كذلك، شاهدتهم عن بُعد في أوان توديعهم لحملة شتجي باشا؛ وكنتُ، مثلما تعلمون، من جملة حاشيته. لقد سبقَ وتركتُ قائدَ الحملة في الحجاز، وكان يتهيأ للعودة إلى دمشق مسبوقاً ببشائر النصر. لكن تصرف عسكره لدى وصوله إلى المدينة، كان شائناً، ولم يختلف كثيراً عما فعله البدو بالحجاج رجالاً ونساءً. قيل في تفسير ذلك، أنّ السباهية كانوا يأملون بالحصول على الغنائم عقبَ الانتصار في المعركة. وإذا بالمهزومين كانوا قد احتاطوا للأمر، بان نقلوا الغالي والنفيس إلى أماكن بعيدة في أعماق الصحراء. برغم ما تعرض له أسرى الأعراب من تعذيب، لم يقرّوا سوى على بعض أموالهم وذهبهم، المسلوب أساساً من حجّاج المحمل الشريف. على أي حال، لم يبقَ العسكرُ سوى فترة قصيرة في دمشق، ثم رافقَ الوزيرَ حينَ عاد إلى الأناضول. مضيتُ ذاتَ مساء للقاء ربيب الأحاجي، وكان برفقتي صديقنا النصرانيّ. الخادم، بمجرد علمه بنيّتي الذهاب إلى المدينة القديمة، ذهبَ من تلقاء نفسه لإحضار كرّوسة [ أي عربة مشدودة بالخيل ـ ملاحظة المحقق ]. فوجئتُ بتصرفه، ولا غرو، لكنني ركبت مع ذلك. لما أراد باسيل أن ياخذ مكانه بالقرب مني، إذا بالحوذيّ يأمره بالنزول قائلاً: " لا يُمكنني حملَ شخصٍ نصرانيّ، لأنه مخالف للتعليمات ". استنكرتُ كلامَ الرجل، وذكّرته بأن أوامر المنع تخص امتطاء الخيل لا العربات. رد الحوذيّ ببساطة: " لا فرقَ، لأنّ الخيلَ هي التي تقود العربات! ". صاح به خادمي: " يا هذا، إن من تتكلم معه هوَ من أركان ديوان الوالي ". أمام إصرار الحوذيّ، نزلتُ من عربته وقمتُ بصرفه. عاد خادمي هذه المرة وهوَ يحملُ قنديلاً مُناراً، فسلّمني إياه، مُذكّراً بقانون آخر من لدُن الوالي.لعلني تكلمتُ من قبل عن وضع أهل الكتاب، والفرمانات القاضية بتمييز ملابسهم بألوان خاصة. لكنهم مُنعوا أيضاً من ركوب الخيل، وكان بمقدورهم فقط استخدام الحمير والبغال في التنقل. لكي يُحط من قدرهم أكثر، كان لزاماً عليهم أن يجعلوا بوابات منازلهم واطئة كي يحنوا رؤوسهم عند الدخول والخروج؛ وكذلك الأمر بشأن بوابات الكنائس والأديرة. لقد حصلَ موقفٌ ذات مرة، كان طريفاً ومحزناً في آنٍ معا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#السابع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703553
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج السابع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثامن
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1غروب الشمس، كان من اللحظات السعيدة عند الولد حكيم. إنه يعني الخلود إلى الراحة، عقبَ نهارٍ من الكدّ في الحقول والزرائب؛ نهار، يستهله عادةً الأهلُ مع أولى لمسات الفجر على موجودات المكان. عندئذٍ، كان يمكنه أيضاً رؤية زوارق الصيد، العائدة مع غلالها عبرَ مياه النيل، التي كانت ما تفتأ مذهّبة بفعل أشعة الشمس. بدَورهم، يرجع الرعاةُ مع القطيع، ليتسلمه منهم المشرفون على الرائب وذلك بعدما يقومون بعدّ المواشي. إنه يقوم أحياناً بمهمّة الراعي لأغنام المنزل، وكانت تسرّه عمليةُ حشرها في الزريبة، لكي تقضي الليل مستلقية على مفارش التبن ذات الرائحة الحرّيفة. هكذا كان يُختتم النهار في هذه القرية، المتمددة على الشريط الأخضر للبساتين والنخيل، العاقدة صداقة أزلية مع كلّ من النهر والصحراء. آنذاك، كان حكيم في العاشرة من عُمره؛ صبياً صحيح البنية، لونه النحاسيّ مستمدّ من والدته النوبية. حتى ذلك الوقت، كان وحيد الأسرة، وذلك بسبب رحيل عدد من الأخوة بأمراض الطفولة. لكنه لما عاد إلى القرية شاباً، غبَّ انتزاعه منها قسراً، وجد أن والديه رزقا بولد كان في صحة جيدة بحيث ملأ فراغ حياتهما. انتزاعه من القرية، جدَّ عندما مرّ منها ذت يوم موكبٌ على جانب من الفخامة، يحملُ أعياناً من القاهرة ـ كما سيعلمُ لاحقاً. كانوا قد حضروا في مركب كبير، لقضاء الوقت في الصيد والنزهة. لسوء حظ الصبيّ، أنه كان في ذلك النهار وحيداً، يضربُ على غير هُدى عند ضفاف النهر، كما هيَ عادته حينَ يكون بلا عمل يشغل به وقته. انتبه لنظرة أحد أولئك الأعيان، ومن ثم إشارة إلى الخدم سددت نحوه، ما جعله يركن للفرار باتجاه المنزل. لكن الخدم لحقوا به سريعاً وأمسكوه، ليعيدوه إلى سيّدهم. ما جرى بعدئذٍ كان فظيعاً، وسيظل راسخاً في أعماق حكيم: ثمة عند ضفة النهر، كشفوا عن خصيتيه ثم لفوا حولهما وتداً رفيعاً. الألم الهائل، جعله يسقط مغشياً عليه. لما أفاقَ، كان المركبُ يمخر صفحة المياه، المنعكس عليها ذيولُ أشعة الشمس.الأعوام العشرة التالية، لم يكن فيها أحداثٌ على جانب من الأهمية. لكن حكيم حظيَ بالعيش في قصر معتبر بمركز الولاية، وأول ما فعلوه معه أنهم ألحقوه بالدراسة مع أولاد الباشا. لاحقاً، عندما انتقل سيّده إلى الأستانة كي يدخل في ديوان السلطان، كان حكيم ما زال في خدمة الحريم. بقيَ كذلك ثلاثة أعوام أخرى، لحين سقوط رأس الباشا بسيف الجلّاد. على الأثر، نُقل هذه المرة إلى خدمة حريم الباب العالي، وهنالك تعرّفَ على بيهان سلطانة. هذه، برغم أنها تصغر حكيم ببضعة أعوام، كانت قد أضحت زوجةً للمرة الثالثة. أقام مع خاصّتها في قصر اللؤلؤ، المتصل مع قصر السلطان من خلال الحدائق والممرات السرية. عليه كان أن يتعلم استخدام تلك الممرات، وذلك في مهماتٍ متعددة الأغراض، متوافقة مع سبب تصميمها. لكن أجواء القصور كانت كلها على ذات الخطورة، مفعمة بالدسائس والحيل والمخططات الدموية. إنه نجيَ مراراً من المهالك، نتيجة صلته القوية بشقيقة سلطان الكون، الأثيرة، التي أسبغت عليه حمايتها. مع مبتدأ قصتنا، وجد حكيمُ نفسه ضمن حاشية السلطانة بيهان عندما قررت أداء فريضة الحج. كمألوف عادتها عندما تفضي إلى الطواشي بمكونات نفسها، اعترفت له وقتئذٍ أنّ ضميرها مثقلٌ بالذنوب. ولم يكن في حاجةٍ لمعرفة طبيعة ذنوبها، لأنه تورط أيضاً بها نتيجة دسائس أفضت أحياناً لازهاق أرواح بريئة. أحد أزواج السلطانة، كان من أولئك الضحايا، وكانت قد محضته منذ البداية الكراهية والنفور حتى أنها أشهرت عليه خنجراً في ليلة الدخلة. بيد أنها، في المقابل، كانت تعدّ نفسها ضحيةً أيضاً. لقد عجّلوا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704671
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1غروب الشمس، كان من اللحظات السعيدة عند الولد حكيم. إنه يعني الخلود إلى الراحة، عقبَ نهارٍ من الكدّ في الحقول والزرائب؛ نهار، يستهله عادةً الأهلُ مع أولى لمسات الفجر على موجودات المكان. عندئذٍ، كان يمكنه أيضاً رؤية زوارق الصيد، العائدة مع غلالها عبرَ مياه النيل، التي كانت ما تفتأ مذهّبة بفعل أشعة الشمس. بدَورهم، يرجع الرعاةُ مع القطيع، ليتسلمه منهم المشرفون على الرائب وذلك بعدما يقومون بعدّ المواشي. إنه يقوم أحياناً بمهمّة الراعي لأغنام المنزل، وكانت تسرّه عمليةُ حشرها في الزريبة، لكي تقضي الليل مستلقية على مفارش التبن ذات الرائحة الحرّيفة. هكذا كان يُختتم النهار في هذه القرية، المتمددة على الشريط الأخضر للبساتين والنخيل، العاقدة صداقة أزلية مع كلّ من النهر والصحراء. آنذاك، كان حكيم في العاشرة من عُمره؛ صبياً صحيح البنية، لونه النحاسيّ مستمدّ من والدته النوبية. حتى ذلك الوقت، كان وحيد الأسرة، وذلك بسبب رحيل عدد من الأخوة بأمراض الطفولة. لكنه لما عاد إلى القرية شاباً، غبَّ انتزاعه منها قسراً، وجد أن والديه رزقا بولد كان في صحة جيدة بحيث ملأ فراغ حياتهما. انتزاعه من القرية، جدَّ عندما مرّ منها ذت يوم موكبٌ على جانب من الفخامة، يحملُ أعياناً من القاهرة ـ كما سيعلمُ لاحقاً. كانوا قد حضروا في مركب كبير، لقضاء الوقت في الصيد والنزهة. لسوء حظ الصبيّ، أنه كان في ذلك النهار وحيداً، يضربُ على غير هُدى عند ضفاف النهر، كما هيَ عادته حينَ يكون بلا عمل يشغل به وقته. انتبه لنظرة أحد أولئك الأعيان، ومن ثم إشارة إلى الخدم سددت نحوه، ما جعله يركن للفرار باتجاه المنزل. لكن الخدم لحقوا به سريعاً وأمسكوه، ليعيدوه إلى سيّدهم. ما جرى بعدئذٍ كان فظيعاً، وسيظل راسخاً في أعماق حكيم: ثمة عند ضفة النهر، كشفوا عن خصيتيه ثم لفوا حولهما وتداً رفيعاً. الألم الهائل، جعله يسقط مغشياً عليه. لما أفاقَ، كان المركبُ يمخر صفحة المياه، المنعكس عليها ذيولُ أشعة الشمس.الأعوام العشرة التالية، لم يكن فيها أحداثٌ على جانب من الأهمية. لكن حكيم حظيَ بالعيش في قصر معتبر بمركز الولاية، وأول ما فعلوه معه أنهم ألحقوه بالدراسة مع أولاد الباشا. لاحقاً، عندما انتقل سيّده إلى الأستانة كي يدخل في ديوان السلطان، كان حكيم ما زال في خدمة الحريم. بقيَ كذلك ثلاثة أعوام أخرى، لحين سقوط رأس الباشا بسيف الجلّاد. على الأثر، نُقل هذه المرة إلى خدمة حريم الباب العالي، وهنالك تعرّفَ على بيهان سلطانة. هذه، برغم أنها تصغر حكيم ببضعة أعوام، كانت قد أضحت زوجةً للمرة الثالثة. أقام مع خاصّتها في قصر اللؤلؤ، المتصل مع قصر السلطان من خلال الحدائق والممرات السرية. عليه كان أن يتعلم استخدام تلك الممرات، وذلك في مهماتٍ متعددة الأغراض، متوافقة مع سبب تصميمها. لكن أجواء القصور كانت كلها على ذات الخطورة، مفعمة بالدسائس والحيل والمخططات الدموية. إنه نجيَ مراراً من المهالك، نتيجة صلته القوية بشقيقة سلطان الكون، الأثيرة، التي أسبغت عليه حمايتها. مع مبتدأ قصتنا، وجد حكيمُ نفسه ضمن حاشية السلطانة بيهان عندما قررت أداء فريضة الحج. كمألوف عادتها عندما تفضي إلى الطواشي بمكونات نفسها، اعترفت له وقتئذٍ أنّ ضميرها مثقلٌ بالذنوب. ولم يكن في حاجةٍ لمعرفة طبيعة ذنوبها، لأنه تورط أيضاً بها نتيجة دسائس أفضت أحياناً لازهاق أرواح بريئة. أحد أزواج السلطانة، كان من أولئك الضحايا، وكانت قد محضته منذ البداية الكراهية والنفور حتى أنها أشهرت عليه خنجراً في ليلة الدخلة. بيد أنها، في المقابل، كانت تعدّ نفسها ضحيةً أيضاً. لقد عجّلوا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثامن
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704671
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثامن
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج التاسع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1أكان الطواشي الراحلُ قد أفرغَ خزانةَ أسراره بين يديّ ربيب الأحاجي، الذي أخذ على عاتقه مهمّة المحقق على غرار بطل القصص، المؤلّفة في بلاد الفرنجة؟ لعلني كنتُ نادماً، لأنني لم أشارك بالتحقيق في تلك الليلة الحاسمة؛ ما فوّتَ عليّ معرفة سرّ السلطانة، المتكنّم عليه ولا شك عاشقها العملاقُ. لكنني لم أصرّ عليه بشأن ذلك الموضوع، خشيةَ أن يعدّني مثل خادمي، المأثور عنه الفضول واللجاجة. هنالك أيضاً مسألة أخرى، ولو أنها هامشية، أثارت انتباهي عقبَ سماعي إعترافات الطواشي على لسان مَن حقق معه، ألا وهيَ مسألة تأثير الأدب على الإنسان بحيث يُمكن أن يحدد مسار حياته ومصيره. وأعني تلك القصص، آنفة الذكر، وكان حكيم قد قرأها فيما مضى واستلهم من خلالها شخصية القاتل، الساعي ليلاً للإيقاع بالضحايا البريئة؛ كونه هوَ بالذات اعتبر نفسه ضحيةً مذ أن كان طفلاً لا عهد له بمظالم العالم، الكائن خارج قريته. وبلغ بي الاهتمام بالموضوع، أنني ناقشته مع باسيل، وكان حضر إلى منزلي مساءً عقبَ مرور يومين على كشفنا شخصية القاتل. بالطبع، جاء كي يستعلم ما لو كان الطواشي قد إعترفَ قبل موته بجرائمه. أهملتُ عندئذٍ ذكر العديد من التفاصيل، المتعلقة بالسلطانة، وذلك بناءً على نصيحة سابقة من صديقنا العاشق. قال لي باسيل، غبَّ فراغي من السرد: " لا يُعقل أن يقتل المرءُ شباناً أبرياء، بزعم أنه كان بنفسه ضحيةً بريئة، إلا لو كان في عقله لوثة. ثم إنه تعرّضَ لعملية إخصاء، ولم يُحكم بالموت مثلما فعل هوَ مع أولئك الشبان ". في قرار أعماقي، كنتُ ألوم ذاتي لأنني أخفيتُ عنه الخيط الرئيسي للأحداث، المتصل مع السلطانة. لكنها كانت رغبة صديقنا برو، وأنا وافقته على مضض. علّقتُ على كلام باسيل، بالقول: " ونحنُ بدَورنا حكمنا عليه بالموت، جزاء جرائمه ". ثم انتقلت لذلك الموضوع، الذي كان يشغل بالي: " عدا عن باعث القتل، الموسوم ـ وأنتَ لم تجده منطقياً ـ ثمة دافعٌ آخر، ذكرته أنا في سياق سردي لإعترافاته. إنه وقع تحتَ تأثير قراءته لعدد من القصص، المكتوبة بلغة البنادقة، وموضوعاتها تتمحور حول قاتل يرتكبُ عدد من الجرائم، لأسباب مختلفة في كل قصّةٍ ".قاطعني الضيفُ قائلاً: " هذا أيضاً، مبررٌ لا يقل إعتباطاً. وإلا فإن المفترض بكل من يقرأ قصة من ذلك النوع، أنه سيغدو بالضرورة قاتلاً. وأزيدك علماً، بأنني سبقَ وأطلعتُ على كتبٍ تتعرّض بالحديث عن الآداب في الدول الأوروبية؛ أو ما تسمونها بدول الإفرنجة الكفّار "، تبسّمَ عندئذٍ، ثم تابع: " هكذا كتب، تصنّفُ هناك في خانة تُدعى النقد الأدبيّ، وهيَ تبحث في أأنواع الكتابة وأغراضها. لن أسهب في الموضوع، بل أكتفي بالتنويه إلى أنّ الفن القصصي، إجمالاً، يهتم بتهذيب النفس البشرية من خلال تقديم حبكة تعتمد على الواقع ولو كانت من خيال مؤلّفها. فالقصة المتكفّلة عرض جريمة قتل، وهيَ ما تهمنا هنا، تنتهي دائماً بكشف المجرم وتقديمه إلى العدالة أو جعله يقع في شرّ أعماله "" ولكن العدالة، المتمثلة بالجندرمة، نجدها في القصة تتخلى عن مهامها لشخص المحقق، الذي يتولى التقصّي وتعقّب القاتل لحين لحظة الإيقاع به؟ "" نعم، وهذا الشخص يُسمى بطل القصة في ذلك النوع الأدبيّ، وهوَ مَن يشد القارئ ضمن ملابساتٍ تتسم بالإثارة حتى تحل عقدة الحبكة بكشف المجرم. فأن يكون المحقق من عامة الناس، وليسَ تابعاً للهيئة الرسمية، يجعله أكثر قبولاً واستساغة عند القارئ "" نحن الثلاثة، قمنا بهكذا مهمّة بعدما عجز أولو الأمر عن القيام بواجبهم. أليسَ صحيحاً؟ "، قلتها في شيءٍ من التباهي المُظهَّر بالدعابة. أجابني باسيل ضاحكاً: ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=705352
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1أكان الطواشي الراحلُ قد أفرغَ خزانةَ أسراره بين يديّ ربيب الأحاجي، الذي أخذ على عاتقه مهمّة المحقق على غرار بطل القصص، المؤلّفة في بلاد الفرنجة؟ لعلني كنتُ نادماً، لأنني لم أشارك بالتحقيق في تلك الليلة الحاسمة؛ ما فوّتَ عليّ معرفة سرّ السلطانة، المتكنّم عليه ولا شك عاشقها العملاقُ. لكنني لم أصرّ عليه بشأن ذلك الموضوع، خشيةَ أن يعدّني مثل خادمي، المأثور عنه الفضول واللجاجة. هنالك أيضاً مسألة أخرى، ولو أنها هامشية، أثارت انتباهي عقبَ سماعي إعترافات الطواشي على لسان مَن حقق معه، ألا وهيَ مسألة تأثير الأدب على الإنسان بحيث يُمكن أن يحدد مسار حياته ومصيره. وأعني تلك القصص، آنفة الذكر، وكان حكيم قد قرأها فيما مضى واستلهم من خلالها شخصية القاتل، الساعي ليلاً للإيقاع بالضحايا البريئة؛ كونه هوَ بالذات اعتبر نفسه ضحيةً مذ أن كان طفلاً لا عهد له بمظالم العالم، الكائن خارج قريته. وبلغ بي الاهتمام بالموضوع، أنني ناقشته مع باسيل، وكان حضر إلى منزلي مساءً عقبَ مرور يومين على كشفنا شخصية القاتل. بالطبع، جاء كي يستعلم ما لو كان الطواشي قد إعترفَ قبل موته بجرائمه. أهملتُ عندئذٍ ذكر العديد من التفاصيل، المتعلقة بالسلطانة، وذلك بناءً على نصيحة سابقة من صديقنا العاشق. قال لي باسيل، غبَّ فراغي من السرد: " لا يُعقل أن يقتل المرءُ شباناً أبرياء، بزعم أنه كان بنفسه ضحيةً بريئة، إلا لو كان في عقله لوثة. ثم إنه تعرّضَ لعملية إخصاء، ولم يُحكم بالموت مثلما فعل هوَ مع أولئك الشبان ". في قرار أعماقي، كنتُ ألوم ذاتي لأنني أخفيتُ عنه الخيط الرئيسي للأحداث، المتصل مع السلطانة. لكنها كانت رغبة صديقنا برو، وأنا وافقته على مضض. علّقتُ على كلام باسيل، بالقول: " ونحنُ بدَورنا حكمنا عليه بالموت، جزاء جرائمه ". ثم انتقلت لذلك الموضوع، الذي كان يشغل بالي: " عدا عن باعث القتل، الموسوم ـ وأنتَ لم تجده منطقياً ـ ثمة دافعٌ آخر، ذكرته أنا في سياق سردي لإعترافاته. إنه وقع تحتَ تأثير قراءته لعدد من القصص، المكتوبة بلغة البنادقة، وموضوعاتها تتمحور حول قاتل يرتكبُ عدد من الجرائم، لأسباب مختلفة في كل قصّةٍ ".قاطعني الضيفُ قائلاً: " هذا أيضاً، مبررٌ لا يقل إعتباطاً. وإلا فإن المفترض بكل من يقرأ قصة من ذلك النوع، أنه سيغدو بالضرورة قاتلاً. وأزيدك علماً، بأنني سبقَ وأطلعتُ على كتبٍ تتعرّض بالحديث عن الآداب في الدول الأوروبية؛ أو ما تسمونها بدول الإفرنجة الكفّار "، تبسّمَ عندئذٍ، ثم تابع: " هكذا كتب، تصنّفُ هناك في خانة تُدعى النقد الأدبيّ، وهيَ تبحث في أأنواع الكتابة وأغراضها. لن أسهب في الموضوع، بل أكتفي بالتنويه إلى أنّ الفن القصصي، إجمالاً، يهتم بتهذيب النفس البشرية من خلال تقديم حبكة تعتمد على الواقع ولو كانت من خيال مؤلّفها. فالقصة المتكفّلة عرض جريمة قتل، وهيَ ما تهمنا هنا، تنتهي دائماً بكشف المجرم وتقديمه إلى العدالة أو جعله يقع في شرّ أعماله "" ولكن العدالة، المتمثلة بالجندرمة، نجدها في القصة تتخلى عن مهامها لشخص المحقق، الذي يتولى التقصّي وتعقّب القاتل لحين لحظة الإيقاع به؟ "" نعم، وهذا الشخص يُسمى بطل القصة في ذلك النوع الأدبيّ، وهوَ مَن يشد القارئ ضمن ملابساتٍ تتسم بالإثارة حتى تحل عقدة الحبكة بكشف المجرم. فأن يكون المحقق من عامة الناس، وليسَ تابعاً للهيئة الرسمية، يجعله أكثر قبولاً واستساغة عند القارئ "" نحن الثلاثة، قمنا بهكذا مهمّة بعدما عجز أولو الأمر عن القيام بواجبهم. أليسَ صحيحاً؟ "، قلتها في شيءٍ من التباهي المُظهَّر بالدعابة. أجابني باسيل ضاحكاً: ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#التاسع
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=705352
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج التاسع
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج العاشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم ما يحيطها من الجواري، علاوة على الوجود الدائم للطواشي، فإن بيهان سلطانة كانت تشعر بالوحدة والوحشة في هذه البيداء، الشبيهة بسرابٍ لا نهائيّ، مشئوم. أساساً، كانت فكرتها أن تسافر إلى الحجاز بحراً، كونها سمعت عما يكابده الحاج في خلال الطريق من مشاق وأخطار. لكن شقيقها، سلطان الكون، حَمَلها على تغيير رأيها، بالنظر إلى أن البحر لم يعُد مأموناً، وذلك عقبَ تنامي قوة الكفّار؛ بالأخص الأسطولين البرتغاليّ والإسبانيّ، عدا عن سفن القراصنة. سُمح لها، حَسْب، بركوب السفينة إلى بيروت على أن تنضمّ إلى المحمل الشريف في دمشق. عند وصولها إلى الولاية السورية، كانت تظنّ أنها سترى لأول مرة العربَ، الذين تعرّفت إلى أشكالهم ولباسهم من خلال منمنمات متقنة، زيّنت صفحاتِ الكتب، المهداة إليها من لدُن قنصل البندقية. حقّ لها أن تُدهشَ على أثر جولةٍ في سوق بيروت، لما لحظت أن السكانَ رجالاً ونساءً يتمتعون بالوسامة والأناقة كأندادهم الفرنجة. هذا تأكّدت منه أكثر في الشام الشريف، وكانت إلى ذلك مدينةً جديرةً بما أشتهرت به حينَ شُبّهت بالفردوس السماويّ: ما لم يكن يدورُ في خلدها قط، أنها ستضطر إلى المكوث في هذه المدينة، عقبَ عودتها من الحجاز، لكي تضحي قرينةً لواليها؛ لمن كان المُتسبّب بما حل بقافلة الحج من نهب وسلب وسبي واستباحة.علاماتُ المصير المفجع للقافلة، عليها كان أن ترتسم على سحنة الوالي، المتسنّم أيضاً وظيفةَ أمير الحج. ذلك ما عاينته بيهان سلطانة، غبَّ حضور قائد حامية مدينة تبوك كي يُنذر الباشا بوجود تحركات مريبة لقبيلة حرب، المعروفة بتاريخها في قطع طريق الحاج. بيد أنّ الباشا لم ينصت لنصيحة القائد، بضرورة مفاوضة زعيم القبيلة المارقة، والتي تنتهي عادةً بتقديم رشوةٍ مُجزية له. هذه المعلومة الأخيرة، لم تصل لسمع السلطانة سوى في قلعة تبوك، عندما أطلق الأعرابُ سراحها بعد أيام ثلاثة من الأسر. مع أنّ أمير القافلة دأبَ على أخذ مشورتها في خلال الرحلة، بالأخص عندما أخبرها بقراره سلك الطريق المُحاذي للبحر بهدف تجنّب الإحتكاك بقبائل المنطقة، الكائنة إلى الجنوب من تبوك. هكذا ابتعدوا عن المدينة بمسافة يوم، لما حط بهم الرحال في واحةٍ فسيحة، حافلة بالأشجار والنباتات والحيوانات البرية والطيور، المُدينة حيواتها لوجود عين ماء، تتفجّرُ بالمعين العذب والبارد. لقد مروا قبلاً، ولا شك، بواحاتٍ عدّة، لكن أياً منها ما كان بجمال وثراء هذا المكان، المذكّر المسافرين بالفردوس، الذي غادروه في مبتدأ الرحلة. هنالك في الواحة، تحت ظلال أيكة من النخيل، عادوا ونصبوا خيمة السلطانة، وكانت هيَ الأخرى مصممة بحيث تشعر مَن تحل فيها أنها في حجرة نومها بالقصر: لن يقّدر لها، هذه المرة، الرقادُ في سلامٍ ودِعَة وسط الطبيعة الخلّابة والوادعة. كانوا معتادين على النوم نهاراً والمسير ليلاً، للتخفيف من مشاق الرحلة تحت شمس الصحراء الحارقة. وإنما في مستهل ذلك الفجر الجميل، إختارَ الأعرابُ ساعةَ الهجوم على القافلة، المستغرق جلّ أفرادها في النوم. " المعسكر داهمه البدو، وعليكِ ألا تغادري الخيمة من أجل سلامتك "، خاطبها الطواشي غبَّ افاقتها من النوم على أصوات إطلاق النار وصرخات المهاجمين. ثم أعقبَ حكيم، بأن نصحها بالتمدد هيَ وجواريها الثلاث على الأرضية، المفروشة بالزرابي، بهدف الحماية من الطلقات. ولم تعُد مرة أخرى ترى خادمها المخلص، لحين خلاصها من الأسر. هنالك، في قلعة تبوك، قصّت عليه بالتفصيل واقعة الاستباحة والسبي، المعقّبة انهيار مقاومة المدافعين عن المعسكر. قبل ذلك، سمعت أولاً بأول عما يفعله الأعرابُ بن ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706121
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1برغم ما يحيطها من الجواري، علاوة على الوجود الدائم للطواشي، فإن بيهان سلطانة كانت تشعر بالوحدة والوحشة في هذه البيداء، الشبيهة بسرابٍ لا نهائيّ، مشئوم. أساساً، كانت فكرتها أن تسافر إلى الحجاز بحراً، كونها سمعت عما يكابده الحاج في خلال الطريق من مشاق وأخطار. لكن شقيقها، سلطان الكون، حَمَلها على تغيير رأيها، بالنظر إلى أن البحر لم يعُد مأموناً، وذلك عقبَ تنامي قوة الكفّار؛ بالأخص الأسطولين البرتغاليّ والإسبانيّ، عدا عن سفن القراصنة. سُمح لها، حَسْب، بركوب السفينة إلى بيروت على أن تنضمّ إلى المحمل الشريف في دمشق. عند وصولها إلى الولاية السورية، كانت تظنّ أنها سترى لأول مرة العربَ، الذين تعرّفت إلى أشكالهم ولباسهم من خلال منمنمات متقنة، زيّنت صفحاتِ الكتب، المهداة إليها من لدُن قنصل البندقية. حقّ لها أن تُدهشَ على أثر جولةٍ في سوق بيروت، لما لحظت أن السكانَ رجالاً ونساءً يتمتعون بالوسامة والأناقة كأندادهم الفرنجة. هذا تأكّدت منه أكثر في الشام الشريف، وكانت إلى ذلك مدينةً جديرةً بما أشتهرت به حينَ شُبّهت بالفردوس السماويّ: ما لم يكن يدورُ في خلدها قط، أنها ستضطر إلى المكوث في هذه المدينة، عقبَ عودتها من الحجاز، لكي تضحي قرينةً لواليها؛ لمن كان المُتسبّب بما حل بقافلة الحج من نهب وسلب وسبي واستباحة.علاماتُ المصير المفجع للقافلة، عليها كان أن ترتسم على سحنة الوالي، المتسنّم أيضاً وظيفةَ أمير الحج. ذلك ما عاينته بيهان سلطانة، غبَّ حضور قائد حامية مدينة تبوك كي يُنذر الباشا بوجود تحركات مريبة لقبيلة حرب، المعروفة بتاريخها في قطع طريق الحاج. بيد أنّ الباشا لم ينصت لنصيحة القائد، بضرورة مفاوضة زعيم القبيلة المارقة، والتي تنتهي عادةً بتقديم رشوةٍ مُجزية له. هذه المعلومة الأخيرة، لم تصل لسمع السلطانة سوى في قلعة تبوك، عندما أطلق الأعرابُ سراحها بعد أيام ثلاثة من الأسر. مع أنّ أمير القافلة دأبَ على أخذ مشورتها في خلال الرحلة، بالأخص عندما أخبرها بقراره سلك الطريق المُحاذي للبحر بهدف تجنّب الإحتكاك بقبائل المنطقة، الكائنة إلى الجنوب من تبوك. هكذا ابتعدوا عن المدينة بمسافة يوم، لما حط بهم الرحال في واحةٍ فسيحة، حافلة بالأشجار والنباتات والحيوانات البرية والطيور، المُدينة حيواتها لوجود عين ماء، تتفجّرُ بالمعين العذب والبارد. لقد مروا قبلاً، ولا شك، بواحاتٍ عدّة، لكن أياً منها ما كان بجمال وثراء هذا المكان، المذكّر المسافرين بالفردوس، الذي غادروه في مبتدأ الرحلة. هنالك في الواحة، تحت ظلال أيكة من النخيل، عادوا ونصبوا خيمة السلطانة، وكانت هيَ الأخرى مصممة بحيث تشعر مَن تحل فيها أنها في حجرة نومها بالقصر: لن يقّدر لها، هذه المرة، الرقادُ في سلامٍ ودِعَة وسط الطبيعة الخلّابة والوادعة. كانوا معتادين على النوم نهاراً والمسير ليلاً، للتخفيف من مشاق الرحلة تحت شمس الصحراء الحارقة. وإنما في مستهل ذلك الفجر الجميل، إختارَ الأعرابُ ساعةَ الهجوم على القافلة، المستغرق جلّ أفرادها في النوم. " المعسكر داهمه البدو، وعليكِ ألا تغادري الخيمة من أجل سلامتك "، خاطبها الطواشي غبَّ افاقتها من النوم على أصوات إطلاق النار وصرخات المهاجمين. ثم أعقبَ حكيم، بأن نصحها بالتمدد هيَ وجواريها الثلاث على الأرضية، المفروشة بالزرابي، بهدف الحماية من الطلقات. ولم تعُد مرة أخرى ترى خادمها المخلص، لحين خلاصها من الأسر. هنالك، في قلعة تبوك، قصّت عليه بالتفصيل واقعة الاستباحة والسبي، المعقّبة انهيار مقاومة المدافعين عن المعسكر. قبل ذلك، سمعت أولاً بأول عما يفعله الأعرابُ بن ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#العاشر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706121
الحوار المتمدن
دلور ميقري - مدخل إلى عصر الرعب: البرج العاشر