عبدالله عطية شناوة : غليان الإسفلت
#الحوار_المتمدن
#عبدالله_عطية_شناوة ظل ذلك اليوم محفورا بذاكرته، كان أحد أيام تموز القائضة، من عام عرف فيما بعد أنه عام 1958. ومثل كل العوائل التي تشارك عائلته ظروف الفاقة، ما كان في مقدور أسرته الأحتفال بعيد ميلاده الخامس الذي مر منذ أيام. كان منشغلا باللعب في باحة الدار الفقيرة، حيث لم تكن دور الحضانة في متناول أطفال الشرائح التي كانت عائلته تندرج في عدادها، لم يكن معه حينها في الدار سوى شقيقته الكبرى، التي كانت ترعاه وهي لم تغادر مرحلة الطفولة الى مرحلة الصبا إلا منذ عام أو عامين.لفت تحرك غير طبيعي في الزقاق إنتباه شقيقته، أعداد كبيرة من الجيران رجالا ونساء وأطفالا تتجه نحو الساحة الرئيسية بمنطقتهم، مصدرة أصوات لغط مبهمة. تملك شقيقته الفضول لمعرفة ما يجري. حاولت حثه على الأنضمام الى حركة الناس، وحين تلكأ منشغلا باللعب، حملته وركضت في ذات الأتجاه الذي تتدفق نحوه الجموع.في الساحة الرئيسية تشكلت حلقة كبيرة من الرجال والنساء. يتصاعد من وسطها عمود من الدخان، مصحوبا برائحة غريبة تثير الغثيان وكانت تصدر عن الجمهور أصوات همهمة مكتومة. لم يفهم كنه ما يجري وتشبث بشقيقته الكبرى. لكن فضولها صرفها عن الأنتباه الى أضطرابه فأنزلته الى الرصيف المغطى بالأسفلت، غير منتبهة الى أنه لم يكن ينتعل حذاءا، وصارت تقفز الى الأعلى لتتمكن من رؤية ما يجري وسط الحلقة.الأسفلت الذي كان يغلي تحت قدميه بفعل حرارة شمس تموز البغدادية، أحرق باطن قدمه فلم يتمكن من كتم صرخات الألم، أنتبهت شقيقته الى أنه كان حافيا. رفعتنه عن الأرض الحارقة، وقفلت عائدة بأتجاه الدار، وأنهالت أسئلته عليها:مالذي يجري؟. لماذا يجتمع الناس هناك؟. ماذا شاهدت وسط الحلقة؟أجابت يقول الناس أن ثورة أطاحت بالملك وان البلاد تحولت الى جمهورية. والحلقة التي كنا قربها كانت من أناس يتفرجون على عملية أحراق جثمان أبن رئيس الوزراء.هم بالأستفسار منها عن سبب أحراق جثمان أبن رئيس الحكومة غير أن تدفق ما في معدته وأمعائه على الأسفلت الحامي، منعنه من ذلك.بعد سنين تناهى الى علمه أن من أحرق تحت شمس تموز البغدادية كان شخصا آخر، شبيها بابن رئيس الوزراء. ......
#غليان
#الإسفلت
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724467
#الحوار_المتمدن
#عبدالله_عطية_شناوة ظل ذلك اليوم محفورا بذاكرته، كان أحد أيام تموز القائضة، من عام عرف فيما بعد أنه عام 1958. ومثل كل العوائل التي تشارك عائلته ظروف الفاقة، ما كان في مقدور أسرته الأحتفال بعيد ميلاده الخامس الذي مر منذ أيام. كان منشغلا باللعب في باحة الدار الفقيرة، حيث لم تكن دور الحضانة في متناول أطفال الشرائح التي كانت عائلته تندرج في عدادها، لم يكن معه حينها في الدار سوى شقيقته الكبرى، التي كانت ترعاه وهي لم تغادر مرحلة الطفولة الى مرحلة الصبا إلا منذ عام أو عامين.لفت تحرك غير طبيعي في الزقاق إنتباه شقيقته، أعداد كبيرة من الجيران رجالا ونساء وأطفالا تتجه نحو الساحة الرئيسية بمنطقتهم، مصدرة أصوات لغط مبهمة. تملك شقيقته الفضول لمعرفة ما يجري. حاولت حثه على الأنضمام الى حركة الناس، وحين تلكأ منشغلا باللعب، حملته وركضت في ذات الأتجاه الذي تتدفق نحوه الجموع.في الساحة الرئيسية تشكلت حلقة كبيرة من الرجال والنساء. يتصاعد من وسطها عمود من الدخان، مصحوبا برائحة غريبة تثير الغثيان وكانت تصدر عن الجمهور أصوات همهمة مكتومة. لم يفهم كنه ما يجري وتشبث بشقيقته الكبرى. لكن فضولها صرفها عن الأنتباه الى أضطرابه فأنزلته الى الرصيف المغطى بالأسفلت، غير منتبهة الى أنه لم يكن ينتعل حذاءا، وصارت تقفز الى الأعلى لتتمكن من رؤية ما يجري وسط الحلقة.الأسفلت الذي كان يغلي تحت قدميه بفعل حرارة شمس تموز البغدادية، أحرق باطن قدمه فلم يتمكن من كتم صرخات الألم، أنتبهت شقيقته الى أنه كان حافيا. رفعتنه عن الأرض الحارقة، وقفلت عائدة بأتجاه الدار، وأنهالت أسئلته عليها:مالذي يجري؟. لماذا يجتمع الناس هناك؟. ماذا شاهدت وسط الحلقة؟أجابت يقول الناس أن ثورة أطاحت بالملك وان البلاد تحولت الى جمهورية. والحلقة التي كنا قربها كانت من أناس يتفرجون على عملية أحراق جثمان أبن رئيس الوزراء.هم بالأستفسار منها عن سبب أحراق جثمان أبن رئيس الحكومة غير أن تدفق ما في معدته وأمعائه على الأسفلت الحامي، منعنه من ذلك.بعد سنين تناهى الى علمه أن من أحرق تحت شمس تموز البغدادية كان شخصا آخر، شبيها بابن رئيس الوزراء. ......
#غليان
#الإسفلت
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724467
الحوار المتمدن
عبدالله عطية شناوة - غليان الإسفلت
أحمد الخميسي : زهور الإسفلت قصة قصيرة
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي تدوي الصرخة منتصف كل ليلة ، تمزع الفضاء باهتياج وحشي غريب كأن مئة رجل ينزفون معا أوجاع آلاف السنين، تشق الفضاء، أهرول إلى نافذة الصالة. أخرج رأسي منها، أتلفت يمينا ويسارا لكن لا أرى أحدا غير كلاب تعوي تفر من الصوت وذيولها بين قوائمها إلى أسفل السيارات. ليلة بعد الأخرى تنداح الصيحة بعمق وألم وقوة حتى أقضت مضجعي وأغمتني فصرت أترقبها عند النافذة ربما أصل إلى شيء. لمحت الآن رجلا قادما من مدخل الشارع يمشي ببطء وكفاه مرفوعتان إلى السماء يضج بالصرخة الحارة، ثم اختفى ولم يظهر في اليومين اللاحقين. أطل الليلة من جديد لكنه بدا لي سريع الحركة وأقل حجما من ذاك الذي رأيته في المرة الأولى. تابعته ببصري. انعطف يمينا وتوارى، لكن صدى صرخته ظل معلقا في هواء شارعنا برهة. رقدت في حجرتي أحدق بالسقف وانثالت على أحزان قديمة غريبة من طفولتي، من شقاء والدي الصعيدي المغترب، وبؤسه، حتى أننا لم نكن نطالبه بشيء، وكنا نعيش على عطايا الأقارب وعطفهم وملابس أولادهم. صباح اليوم التالي أخذت أستفسر في الشوارع المحيطة عن ذلك الذي يصرخ كل ليلة. سمعت حكايات منها أنه فلاح اغتصبوا أرضه، وأنه شاب كان عنده كشك سجائر أزالوه لتوسعة الشارع، ثم فوجيء بمحل تجاري كبير مكان الكشك، وأكد لي آخر أن الحديث يدور عن محام كان معروفا، اعتقلوه ثلاثة أعوام وخرج بعدها ذاهلا إذا فتحت معه أي موضوع حملق فيك سائلا : " طيب.. وأين القانون الذي درسناه؟"، ثم قال أحد الجيران إن الذي يطوف الشوارع ليلا عامل بسيط كان ابنه متفوقا، وحين تقدم للالتحاق بالعمل في السلك الدبلوماسي رفضوه لأنه:" غير لائق اجتماعيا" فأصابت أبوه لوثة وجن . سمعت حكايات كثيرة مختلفة حتى أيقنت أن هناك عشرات ممن يجوبون الشوارع صارخين، أو أن هناك شخصا واحدا بعشرات الوجوه والحكايات. وقفت الليلة كعادتي عند النافذة أنفث دخان سيجارتي، أترقب صرخة الرجل وظهوره. تذكرت والدي في أيامه الأخيرة وهو عاجز عن التعرف الينا. لبثت واقفا حتى ارتج الهواء من الآهة العميقة، وظهر الرجل يتطوح بين ظلال الأشجار وأعمدة النور. هذه المرة كنت متأهبا بكامل ملابسي لأتعقبه ربما أستطيع أن أساعده. هبطت من شقتي بسرعة، ورأيته وأنا عند مدخل العمارة من ظهره. سرت خلفه من على مسافة. اخترق الشارع صارخا ثم انعطف إلى زقاق ضيق، وهناك تمهل وراح يتطلع إلى شرفات البيوت الناعسة ثم واصل سيره إلى ميدان تتوسطه صينية. توقف يلتقط أنفاسه كأنه ينزف عذابا، ثم دوت صيحته مستجيرا مسترحما، ومشى إلى أن بلغ بيتا مهدما يطوقه حائط منخفض. وثب من فوق الحائط إلى الناحية الأخرى. أسرعت ووثبت خلفه. رأيتني في خربة مهجورة تعلو فيها الأشواك وتتجول القطط وتتراكم القمامة في جنباتها. جلت بعيني يمينا وشمالا أفتش عن الرجل فلم أره. تعجبت، أين يمكن أن يختفى؟. تململت في وقفتي فارتطمت قدماي بجسم حديدي بارز عن الأرض. هبطت ببصري لأسفل فرأيت شبكة من قضبان صدئة مثل غطاء بالوعة. انحنيت وغرزت ركبتي في الأرض. رفعت الغطاء بيدي فبانت لي فتحة مستديرة تتسع لنزول شخص. أيعقل أنه يعيش في هذه الحفرة؟! قررت الهبوط إلى أسفل. بدأت أنزل وقدماي تتلمسان سلما ضيقا درجة بعد الأخرى. وما إن توقفت عند الدرجة الأخيرة حتى هب علي بقوة هواء مشبع برطوبة ثقيلة، وقبل أن تعتاد عيناي على العتمة هاجمتني حلقات من هاموش صغير، دفعتها بيدي وأنا أحدق في ما حولي. كنت في قبو مرتفع السقف يسبح في زرقة كابية، وعلى مد الشوف تمايلت غير بعيد خفقات شموع بمداخل ورش نجارة وحدادة، وظلال أكواخ، وأشباح رجال ونساء تروح وتجيء مع ضربات مطارق وآلات العمل. لبثت مبهو ......
#زهور
#الإسفلت
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=736543
#الحوار_المتمدن
#أحمد_الخميسي تدوي الصرخة منتصف كل ليلة ، تمزع الفضاء باهتياج وحشي غريب كأن مئة رجل ينزفون معا أوجاع آلاف السنين، تشق الفضاء، أهرول إلى نافذة الصالة. أخرج رأسي منها، أتلفت يمينا ويسارا لكن لا أرى أحدا غير كلاب تعوي تفر من الصوت وذيولها بين قوائمها إلى أسفل السيارات. ليلة بعد الأخرى تنداح الصيحة بعمق وألم وقوة حتى أقضت مضجعي وأغمتني فصرت أترقبها عند النافذة ربما أصل إلى شيء. لمحت الآن رجلا قادما من مدخل الشارع يمشي ببطء وكفاه مرفوعتان إلى السماء يضج بالصرخة الحارة، ثم اختفى ولم يظهر في اليومين اللاحقين. أطل الليلة من جديد لكنه بدا لي سريع الحركة وأقل حجما من ذاك الذي رأيته في المرة الأولى. تابعته ببصري. انعطف يمينا وتوارى، لكن صدى صرخته ظل معلقا في هواء شارعنا برهة. رقدت في حجرتي أحدق بالسقف وانثالت على أحزان قديمة غريبة من طفولتي، من شقاء والدي الصعيدي المغترب، وبؤسه، حتى أننا لم نكن نطالبه بشيء، وكنا نعيش على عطايا الأقارب وعطفهم وملابس أولادهم. صباح اليوم التالي أخذت أستفسر في الشوارع المحيطة عن ذلك الذي يصرخ كل ليلة. سمعت حكايات منها أنه فلاح اغتصبوا أرضه، وأنه شاب كان عنده كشك سجائر أزالوه لتوسعة الشارع، ثم فوجيء بمحل تجاري كبير مكان الكشك، وأكد لي آخر أن الحديث يدور عن محام كان معروفا، اعتقلوه ثلاثة أعوام وخرج بعدها ذاهلا إذا فتحت معه أي موضوع حملق فيك سائلا : " طيب.. وأين القانون الذي درسناه؟"، ثم قال أحد الجيران إن الذي يطوف الشوارع ليلا عامل بسيط كان ابنه متفوقا، وحين تقدم للالتحاق بالعمل في السلك الدبلوماسي رفضوه لأنه:" غير لائق اجتماعيا" فأصابت أبوه لوثة وجن . سمعت حكايات كثيرة مختلفة حتى أيقنت أن هناك عشرات ممن يجوبون الشوارع صارخين، أو أن هناك شخصا واحدا بعشرات الوجوه والحكايات. وقفت الليلة كعادتي عند النافذة أنفث دخان سيجارتي، أترقب صرخة الرجل وظهوره. تذكرت والدي في أيامه الأخيرة وهو عاجز عن التعرف الينا. لبثت واقفا حتى ارتج الهواء من الآهة العميقة، وظهر الرجل يتطوح بين ظلال الأشجار وأعمدة النور. هذه المرة كنت متأهبا بكامل ملابسي لأتعقبه ربما أستطيع أن أساعده. هبطت من شقتي بسرعة، ورأيته وأنا عند مدخل العمارة من ظهره. سرت خلفه من على مسافة. اخترق الشارع صارخا ثم انعطف إلى زقاق ضيق، وهناك تمهل وراح يتطلع إلى شرفات البيوت الناعسة ثم واصل سيره إلى ميدان تتوسطه صينية. توقف يلتقط أنفاسه كأنه ينزف عذابا، ثم دوت صيحته مستجيرا مسترحما، ومشى إلى أن بلغ بيتا مهدما يطوقه حائط منخفض. وثب من فوق الحائط إلى الناحية الأخرى. أسرعت ووثبت خلفه. رأيتني في خربة مهجورة تعلو فيها الأشواك وتتجول القطط وتتراكم القمامة في جنباتها. جلت بعيني يمينا وشمالا أفتش عن الرجل فلم أره. تعجبت، أين يمكن أن يختفى؟. تململت في وقفتي فارتطمت قدماي بجسم حديدي بارز عن الأرض. هبطت ببصري لأسفل فرأيت شبكة من قضبان صدئة مثل غطاء بالوعة. انحنيت وغرزت ركبتي في الأرض. رفعت الغطاء بيدي فبانت لي فتحة مستديرة تتسع لنزول شخص. أيعقل أنه يعيش في هذه الحفرة؟! قررت الهبوط إلى أسفل. بدأت أنزل وقدماي تتلمسان سلما ضيقا درجة بعد الأخرى. وما إن توقفت عند الدرجة الأخيرة حتى هب علي بقوة هواء مشبع برطوبة ثقيلة، وقبل أن تعتاد عيناي على العتمة هاجمتني حلقات من هاموش صغير، دفعتها بيدي وأنا أحدق في ما حولي. كنت في قبو مرتفع السقف يسبح في زرقة كابية، وعلى مد الشوف تمايلت غير بعيد خفقات شموع بمداخل ورش نجارة وحدادة، وظلال أكواخ، وأشباح رجال ونساء تروح وتجيء مع ضربات مطارق وآلات العمل. لبثت مبهو ......
#زهور
#الإسفلت
#قصيرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=736543
الحوار المتمدن
أحمد الخميسي - زهور الإسفلت قصة قصيرة