زكرياء مزواري : مجتمع الهمزة... نحو نموذج تفسيري جديد
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري في الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية تطفو على السّطح الكثير من الأفعال والسلوكات الخارجة عن نطاق "المألوف" و"المعتاد"، هذه الأفعال تحمل قصداً وغايةً محددة، ما دامت موجهة نحو الآخر، الأمر الذي يجعل منها موضوعاً سوسيولوجياً قابلاً للتفسير والتأويل. يعلمنا الدرس الفيبري أن "الفعل الاجتماعي" هو المجال الذي ينبغي أن تبحث فيه السوسيولوجيا، لأن الفاعل الاجتماعي الذي هو الفرد الواعي، لا يكسب فعله صفة "الاجتماعي" حتى يكون إرادياً ومتوجهاً نحو الآخر بقصدية معينة، وإلاّ صار مجرد سلوك شخصي، لا يرقى إلى مرتبة "الواقعة العلمية". عندما نلاحظ "الفعل الاجتماعي" عند الفرد المغربي أيّام الأعياد والمناسبات الدينية، ونضعه تحت المجهر الضوئي(الميكرو)، قصد توليد صور مكبّرة عمّا يجري على مستوى النّظام الاجتماعي ككل (الماكرو)، نرى تغيّراً واضحاً على مستوى التفاعل الاجتماعي؛ لننظر مثلاً إلى عيد الأضحى عندنا، وما يرافقه من نشاط اقتصادي ورواج تجاري، سنجد أن هناك نوعاً من "هجرة المقدس" ممّا هو "ديني" إلى ما هو "اقتصادي"، حيث ابتلع هذا الأخير الأول، وأفرغ نواته من الداخل، وجعله مجرد جسم بلا روح. هيمنة الاقتصادي على الديني بادٍ في فعل وتصرف الفرد المغربي، حيث يعتبر هذه المناسبات فُرصاً عُمرية موسمية ينبغي اهتبالها، ما دامت غير متاحة دائماً، أو بتعبير آخر، ففعله الاجتماعي محكوم بمنطق "الهمزة/الهوتة". هكذا، تنتشر في مثل هذه المناسبات، "ثقافة الهمزة"، بما هي ثقافة تحيل على الانتهازية واغتنام الفرص والمبادرة إليها بغرض تحقيق المصالح الشخصية. أمام هذا الجو المحكوم بثقافة "الهمزة/الهوتة" (أي الغنيمة)، يكثر الحديث عند الباعة والتّجار عمّا يسمى في اللسان الدارج ب: "الله يَجعلْ الغَفْلَة بِين البايعْ والشّاري"، ويوازيه حذر وتوجس شديدين من طرف الزبناء والمستهلكين، عملاً بقاعدة: "تْشًطّرْ مًزيانْ/ رَاهُمْ يَشَّمْتوكْ/ كُلْ وَاحدْ وَبَاشْ يْبيعَ/ رَاهُمْ غِي لْحَشّايَة". أما القيم الدينية السمحة فتتوارى إلى الخلف.دال "الهمزة" إن نحن أمعنا النّظر فيه، سنجد أنه من الغُبن أن نحصر مدلوله في هذه المناسبة الدينية فقط، أو أن نختزله في عملية البيع والشراء؛ ذلك أن الفرد المغربي هو "كائن همزاوي" بامتياز، يسعى دوماً إلى انتهاز (من هنا الانتهازية !!) الفرص متى تراءت له الغنيمة. خُذْ العلاقات الاجتماعية الحميمية عندنا، وانظر كيف صارت محكومة بمنطق "الهمزة/الهوتة"؛ ففي عصر السّرعة لم نعد نرى نموذج "الصداقة" المتأسس على قيم الفضيلة، بقدر ما بات مرتبطاً بالمصلحة، إذ بمجرد ما يرى فيك الطرف الآخر "الهمزة"/"الربح"/ "الغنيمة"، فهو رفيقك وظلك، وبمجرد ما تزول الحاجة المحركة تتبخر "الصداقة"، وتدخل في عداد كان وأخواتها أو الأفعال الناقصة. والأمر نفسه ينطبق على "الزواج"، الذي أضحى سلعة/ بضاعة يقيس فيها درجة "الهمزة/الهوتة". وقل الشيء عينه عن الحزب والجمعية والنقابة التي يجري الاقتتال على ترأسها، حيث يتوسّلها الفرد في بلوغ "الهمزة/ الغنيمة" التي يرسمها بين أعينه، وهكذا. ختاماً، هذه "البنية السطحية" التي تبرز أيّام الأعياد، مثلها كمثل الشّجرة التي تخفي الغابة، أو جبل الثّلج الذي يحجب الحقيقة أكثر ممّا يظهر؛ فثقافة "الهمزة" هي "بنية عميقة" مترسبة في اللاوعي الجمعي، ولها لحظات نماذجية تتجلّى فيها، ممّا يجعلنا أمام "نسق ثقافي" كامن في الفعل الاجتماعي المغربي. ......
#مجتمع
#الهمزة...
#نموذج
#تفسيري
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761681
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري في الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية تطفو على السّطح الكثير من الأفعال والسلوكات الخارجة عن نطاق "المألوف" و"المعتاد"، هذه الأفعال تحمل قصداً وغايةً محددة، ما دامت موجهة نحو الآخر، الأمر الذي يجعل منها موضوعاً سوسيولوجياً قابلاً للتفسير والتأويل. يعلمنا الدرس الفيبري أن "الفعل الاجتماعي" هو المجال الذي ينبغي أن تبحث فيه السوسيولوجيا، لأن الفاعل الاجتماعي الذي هو الفرد الواعي، لا يكسب فعله صفة "الاجتماعي" حتى يكون إرادياً ومتوجهاً نحو الآخر بقصدية معينة، وإلاّ صار مجرد سلوك شخصي، لا يرقى إلى مرتبة "الواقعة العلمية". عندما نلاحظ "الفعل الاجتماعي" عند الفرد المغربي أيّام الأعياد والمناسبات الدينية، ونضعه تحت المجهر الضوئي(الميكرو)، قصد توليد صور مكبّرة عمّا يجري على مستوى النّظام الاجتماعي ككل (الماكرو)، نرى تغيّراً واضحاً على مستوى التفاعل الاجتماعي؛ لننظر مثلاً إلى عيد الأضحى عندنا، وما يرافقه من نشاط اقتصادي ورواج تجاري، سنجد أن هناك نوعاً من "هجرة المقدس" ممّا هو "ديني" إلى ما هو "اقتصادي"، حيث ابتلع هذا الأخير الأول، وأفرغ نواته من الداخل، وجعله مجرد جسم بلا روح. هيمنة الاقتصادي على الديني بادٍ في فعل وتصرف الفرد المغربي، حيث يعتبر هذه المناسبات فُرصاً عُمرية موسمية ينبغي اهتبالها، ما دامت غير متاحة دائماً، أو بتعبير آخر، ففعله الاجتماعي محكوم بمنطق "الهمزة/الهوتة". هكذا، تنتشر في مثل هذه المناسبات، "ثقافة الهمزة"، بما هي ثقافة تحيل على الانتهازية واغتنام الفرص والمبادرة إليها بغرض تحقيق المصالح الشخصية. أمام هذا الجو المحكوم بثقافة "الهمزة/الهوتة" (أي الغنيمة)، يكثر الحديث عند الباعة والتّجار عمّا يسمى في اللسان الدارج ب: "الله يَجعلْ الغَفْلَة بِين البايعْ والشّاري"، ويوازيه حذر وتوجس شديدين من طرف الزبناء والمستهلكين، عملاً بقاعدة: "تْشًطّرْ مًزيانْ/ رَاهُمْ يَشَّمْتوكْ/ كُلْ وَاحدْ وَبَاشْ يْبيعَ/ رَاهُمْ غِي لْحَشّايَة". أما القيم الدينية السمحة فتتوارى إلى الخلف.دال "الهمزة" إن نحن أمعنا النّظر فيه، سنجد أنه من الغُبن أن نحصر مدلوله في هذه المناسبة الدينية فقط، أو أن نختزله في عملية البيع والشراء؛ ذلك أن الفرد المغربي هو "كائن همزاوي" بامتياز، يسعى دوماً إلى انتهاز (من هنا الانتهازية !!) الفرص متى تراءت له الغنيمة. خُذْ العلاقات الاجتماعية الحميمية عندنا، وانظر كيف صارت محكومة بمنطق "الهمزة/الهوتة"؛ ففي عصر السّرعة لم نعد نرى نموذج "الصداقة" المتأسس على قيم الفضيلة، بقدر ما بات مرتبطاً بالمصلحة، إذ بمجرد ما يرى فيك الطرف الآخر "الهمزة"/"الربح"/ "الغنيمة"، فهو رفيقك وظلك، وبمجرد ما تزول الحاجة المحركة تتبخر "الصداقة"، وتدخل في عداد كان وأخواتها أو الأفعال الناقصة. والأمر نفسه ينطبق على "الزواج"، الذي أضحى سلعة/ بضاعة يقيس فيها درجة "الهمزة/الهوتة". وقل الشيء عينه عن الحزب والجمعية والنقابة التي يجري الاقتتال على ترأسها، حيث يتوسّلها الفرد في بلوغ "الهمزة/ الغنيمة" التي يرسمها بين أعينه، وهكذا. ختاماً، هذه "البنية السطحية" التي تبرز أيّام الأعياد، مثلها كمثل الشّجرة التي تخفي الغابة، أو جبل الثّلج الذي يحجب الحقيقة أكثر ممّا يظهر؛ فثقافة "الهمزة" هي "بنية عميقة" مترسبة في اللاوعي الجمعي، ولها لحظات نماذجية تتجلّى فيها، ممّا يجعلنا أمام "نسق ثقافي" كامن في الفعل الاجتماعي المغربي. ......
#مجتمع
#الهمزة...
#نموذج
#تفسيري
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761681
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - مجتمع الهمزة... نحو نموذج تفسيري جديد