فاطمة ناعوت : أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا
#الحوار_المتمدن
#فاطمة_ناعوت "حضرة صاحب المعالي/ وزير المعارف العمومية، أتشرفُ بإخبار معاليكم أنني أسفِت لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف؛ لأن هذا الأستاذ لا يُستطاع- فيما أعلم- أن يُعوّض الآن على الأقل، لا من جهة الدروس التي يلقيها على الطلبة في الأدب العربي ومحاضراته العامة للجمهور، ولا من جهة البيئة التي خلقها حوله وبث فيها روح البحث الأدبي وهدى إلى طرائقه. ثم أسِفت لأن الدكتور طه حسين أستاذٌ في كلية الآداب تنفيذًا لعقد تم بين الجامعة القديمة ووزير المعارف، وعلى الأخص لأن نقله على هذه الصورة بدون رضا الجامعة ولا استشارتها- كما جرت عليه التقاليد المطردة منذ نشأة الجامعة فيما أعرف- كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريين لإجراء الأبحاث العلمية، وهذا بلا شك يفوت على أجل غرض قصدتُ إليه من خدمة الجامعة. من أجل ذلك قصدت يوم الجمعة الماضي إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، واستعنته على هذا الحادث الجامعي الخطير، واقترحتُ على دولته- تلافيًا للضرر من ناحية، واحترامًا لقرار الوزير من ناحية أخرى- أن يرجع الدكتور طه حسين إلى الجامعة أستاذًا لا عميدًا، خصوصًا أنه هو نفسه ألحَّ عليَّ في أن يتخلى عن العِمادة منذ شهر فلم أقبل، فتقبّل دولة الرئيس هذا الاقتراح بَقبول حسن، وأكد لي أنه سيشتغل بهذه المسألة منذ الغد، فاشتغل بها، إلى أن علمت الآن أن اقتراحي غير مقبول، وأن قرار النقل نافذ بجملته وعلى إطلاقه. ومن حيث إنني لا أستطيع أن أقرَّ الوزارة على هذا التصرف الذي أخشى أن يكون سُنّة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها، أتشرفُ بأن أقدّم بهذا إلى معاليكم استقالتي من وظيفتي، أرجو قبولها، كما أرجو أن تتقبلوا شكري على ما أبديتم من حسن المجاملة الشخصية مدة اشتراكنا في العمل، وأن تتقبلوا فائق احترامي. أحمد لطفي السيد/ هليوبوليس 9مارس1932 الكلماتُ السابقة هي نصُّ استقالة "أحمد لطفي باشا السيد" من منصبه كمدير لجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)؛ احتجاجًا على قرار وزير المعارف "حلمي عيسى باشا" باستبعاد الدكتور "طه حسين" من عمادة كلية الآداب، وتعيينه موظفًا في ديوان وزارة المعارف، كمفتش للغة العربية! نشرت جريدة الأهرام نصَّ تلك الاستقالة، وتوالت مؤتمرات الطلاب بالجامعة واحتجاجاتهم على قرار النقل رفضًا لفقدان أستاذهم الاستثنائي العظيم، عميد الأدب العربي "طه حسين". ولم يكتفوا بفصله من منصب يتشرّف برجل مثله، بل خضع للمحاكمة بتهمة "ازدراء الإسلام" بعدما لاحقه بالقضايا محتسبون نصّبوا أنفسهم وكلاء لله على الأرض، حاشاه! (مثل الذين يلاحقوننا بالقضايا اليوم). أما التهمة فكانت دراسة نقدية حول الشعر الجاهلي، ظهرت بعد ذلك في كتاب "في الأدب الجاهلي". لكن القاضي المستنير "محمد نور" حكم ببراءته وحفظ القضية. قبل بضعة أيام، يوم 28 أكتوبر، كانت ذكرى رحيل الهرم الأدبي التنويري المصري العظيم "طه حسين". سألوه يومًا: “ما العبادةُ وما العلم وما الإيمان؟" فقال: "كلُّ عملٍ صالح عبادة. والعلمُ يكلِّف طُلابَه أهوالاً ثِقالا. ومحبةُ المعرفة لا تفترقُ عن الايمان." سُئل: "وما السعادةُ؟" فقال: "السعادةُ هي ذلك الإحساسُ الذي يراودنا حين تشغلنا ظروفُ الحياة عن أن نكون أشقياء." سألوه: "وما الحبُّ؟" فقال: "الحبُّ لا يسأم ولا يملُّ ولا يعرف الفتور، عليك أن تُلحَّ في حبك حتى تظفرَ بمن تحبُّ أو تفنى دونه." سألوه: "ومتى يحينُ الرحيلُ؟" فأجاب: "تتنازل عن مُتعِك الواحدة تلوَ الأخرى حتى لا يبقى منها شيء. عندئذ تعلمُ أن وقتَ الرحيل قد حان." سألوه: "وهل ترحلُ وأنت راضٍ عن نفسك يا أستاذنا؟" فه ......
#أبصرتْ
#العمياءُ
#فجأةً
#كتابًا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=736551
#الحوار_المتمدن
#فاطمة_ناعوت "حضرة صاحب المعالي/ وزير المعارف العمومية، أتشرفُ بإخبار معاليكم أنني أسفِت لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف؛ لأن هذا الأستاذ لا يُستطاع- فيما أعلم- أن يُعوّض الآن على الأقل، لا من جهة الدروس التي يلقيها على الطلبة في الأدب العربي ومحاضراته العامة للجمهور، ولا من جهة البيئة التي خلقها حوله وبث فيها روح البحث الأدبي وهدى إلى طرائقه. ثم أسِفت لأن الدكتور طه حسين أستاذٌ في كلية الآداب تنفيذًا لعقد تم بين الجامعة القديمة ووزير المعارف، وعلى الأخص لأن نقله على هذه الصورة بدون رضا الجامعة ولا استشارتها- كما جرت عليه التقاليد المطردة منذ نشأة الجامعة فيما أعرف- كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريين لإجراء الأبحاث العلمية، وهذا بلا شك يفوت على أجل غرض قصدتُ إليه من خدمة الجامعة. من أجل ذلك قصدت يوم الجمعة الماضي إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، واستعنته على هذا الحادث الجامعي الخطير، واقترحتُ على دولته- تلافيًا للضرر من ناحية، واحترامًا لقرار الوزير من ناحية أخرى- أن يرجع الدكتور طه حسين إلى الجامعة أستاذًا لا عميدًا، خصوصًا أنه هو نفسه ألحَّ عليَّ في أن يتخلى عن العِمادة منذ شهر فلم أقبل، فتقبّل دولة الرئيس هذا الاقتراح بَقبول حسن، وأكد لي أنه سيشتغل بهذه المسألة منذ الغد، فاشتغل بها، إلى أن علمت الآن أن اقتراحي غير مقبول، وأن قرار النقل نافذ بجملته وعلى إطلاقه. ومن حيث إنني لا أستطيع أن أقرَّ الوزارة على هذا التصرف الذي أخشى أن يكون سُنّة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها، أتشرفُ بأن أقدّم بهذا إلى معاليكم استقالتي من وظيفتي، أرجو قبولها، كما أرجو أن تتقبلوا شكري على ما أبديتم من حسن المجاملة الشخصية مدة اشتراكنا في العمل، وأن تتقبلوا فائق احترامي. أحمد لطفي السيد/ هليوبوليس 9مارس1932 الكلماتُ السابقة هي نصُّ استقالة "أحمد لطفي باشا السيد" من منصبه كمدير لجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)؛ احتجاجًا على قرار وزير المعارف "حلمي عيسى باشا" باستبعاد الدكتور "طه حسين" من عمادة كلية الآداب، وتعيينه موظفًا في ديوان وزارة المعارف، كمفتش للغة العربية! نشرت جريدة الأهرام نصَّ تلك الاستقالة، وتوالت مؤتمرات الطلاب بالجامعة واحتجاجاتهم على قرار النقل رفضًا لفقدان أستاذهم الاستثنائي العظيم، عميد الأدب العربي "طه حسين". ولم يكتفوا بفصله من منصب يتشرّف برجل مثله، بل خضع للمحاكمة بتهمة "ازدراء الإسلام" بعدما لاحقه بالقضايا محتسبون نصّبوا أنفسهم وكلاء لله على الأرض، حاشاه! (مثل الذين يلاحقوننا بالقضايا اليوم). أما التهمة فكانت دراسة نقدية حول الشعر الجاهلي، ظهرت بعد ذلك في كتاب "في الأدب الجاهلي". لكن القاضي المستنير "محمد نور" حكم ببراءته وحفظ القضية. قبل بضعة أيام، يوم 28 أكتوبر، كانت ذكرى رحيل الهرم الأدبي التنويري المصري العظيم "طه حسين". سألوه يومًا: “ما العبادةُ وما العلم وما الإيمان؟" فقال: "كلُّ عملٍ صالح عبادة. والعلمُ يكلِّف طُلابَه أهوالاً ثِقالا. ومحبةُ المعرفة لا تفترقُ عن الايمان." سُئل: "وما السعادةُ؟" فقال: "السعادةُ هي ذلك الإحساسُ الذي يراودنا حين تشغلنا ظروفُ الحياة عن أن نكون أشقياء." سألوه: "وما الحبُّ؟" فقال: "الحبُّ لا يسأم ولا يملُّ ولا يعرف الفتور، عليك أن تُلحَّ في حبك حتى تظفرَ بمن تحبُّ أو تفنى دونه." سألوه: "ومتى يحينُ الرحيلُ؟" فأجاب: "تتنازل عن مُتعِك الواحدة تلوَ الأخرى حتى لا يبقى منها شيء. عندئذ تعلمُ أن وقتَ الرحيل قد حان." سألوه: "وهل ترحلُ وأنت راضٍ عن نفسك يا أستاذنا؟" فه ......
#أبصرتْ
#العمياءُ
#فجأةً
#كتابًا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=736551
الحوار المتمدن
فاطمة ناعوت - أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!