الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
جواد بولس : اسراطينيات..جولة الباطل زفرة
#الحوار_المتمدن
#جواد_بولس اسراطينيات .. جولة الباطل زفرةوكأنني مخلوق من كوكب آخر؛ دخلت مجمع المحاكم، أو كما يسمونه "قصر العدل" في لغة العبث . دفعت بجبهتي نحو عين مجسّ يقيس حرارة الجسم معلق في مدخل المبنى. اشهرت بطاقة المحامي، فأذن لي الحارس بالتقدم والدخول. بدا المكان مهجورًا. في فضائه عتمة ناعسة وبرودة تذكّر بأجواء مباني البانثيونات الاوروبية. لاحظت في احدى زواياه تجمعًا لعدد قليل من الاشخاص الذين كانوا يتحركون بثقل، بلباسهم الاسود والابيض، وكأنهم رهط من طيور البطريق الفزعة؛ وإلى جانبهم وقف رجل امام مقصف مغلق وهو لا يعرف ان القهوة في زمن الكورونا صارت في الأماكن العامة أمنية بعيدة. كانت معرفتي بالمكان سطحية، فتوجهت نحو مقعد ارتفعت فوقه يافطة كتب عليها في "خدمة الجمهور". كنت مكممًا، وكذلك كانت الموظفة التي استقبلتني، من وراء الزجاج، بفتور صباحي، أحسست به ولم أر علاماته على وجهها. سألتها بصوت مخنوق: لديّ جلسة استئناف على قرار لجنة الثلث ولا أعرف أين ستنعقد في الساعة التاسعة، أي بعد نصف ساعة. لم تصدقني في البداية، هكذا شعرت، فلقد وقفت أمامها "عاريًا " إذ لم أحمل حقيبة، كما يفعل المحامون، ولا ملفًا، كما يليق بالمحاكم، ولم أتسربل عباءة سوداء، او كما كنت أصفها لاصحابي "لباس الغربان". شعرت بترددها في مساعدتي، فسارعت وزوّدتها باسم موكلي وبرقم قضيته؛ فلاحظت كمّامتها تنشفط على مهل، حتى ظهر أمامي شكل فمها كقارب ورقي صغير، ثم ما لبث أن غاب الشكل داخل قبة زرقاء صغيرة ملأت نصف وجهها فكادت تغطي عينيها. "فرجت"، تمتمت دون أن تراني أو تسمعني. ألقت نظرة سريعة على ورقة كانت ملقاة أمامها وأجابتني بهدوء، فرضه، ربما، بياض شعري: إصعد الى الطابق الثالث وتوجه الى الغرفة رقم ثلاثين. شكرتها واستفسرت عن امكانية حصولي على عباءة سوداء، فلبسها الزامي حسب قواعد وأنظمة النقابة. نصحتني الفتاة بالتوجه الى الطابق السفلي، فهناك قد اجد واحدة عند الموظفة الرئيسية، ثم قالت: واذا لم تجد، فلا اظنني أن القضاة سيعترضون على ظهور شخص في مكانتك أمامهم بدون عباءة.. وقدّرت انها تقصد في عمرك. قررت ألا أنزل وأن أبقى كما جئت. لا أعرف ما دفعني مجددًا للمثول أمام "لجنة الثلث" ؛ فلقد فقدت ايماني بنجاعتها وبنزاهتها في فحص ملفات الاسرى الأمنيين الفلسطينيين، منذ سنوات طويلة. فهذه اللجان تملك صلاحيات قانونية واسعة لفحص ملفات جميع الأسرى المحكومين لدى المحاكم الاسرائيلية أو المحجوزين في سجون اسرائيل، وذلك بعد قضاء الاسير لثلثي مدة محكوميته. وتستطيع اللجنة الاقرار بالافراج عن أي أسير قبل انتهاء مدة محكوميته وذلك وفقًا لمعايير ومساطر قانونية استثنت، عمليًا، الغالبية الساحقة من الاسرى الفلسطينيين وذلك بالاعتماد على موقف جهاز المخابرات العامة الاسرائيلي، الشاباك، الذي يعتبر تقريره السرّي المقدم للجنة أحد اهم العناصر الحاسمة في اعتباراتها وقراراتها. في الماضي قاطع الأسرى الأمنيون الفلسطينيون هذه اللجان بشكل مبدئي ورفضوا المثول أمامها؛ وذلك، ببساطة، لأنها أقيمت في الأساس لفحص مدى عودة الاسير الى "طريق الصواب" وكانت وظيفة اللجنة، المكونة من قاض متقاعد وعامل اجتماعي وممثل عن الجمهور ، تتطلب سبرها لحقيقة اقرار الاسير بخطورة أفعاله التي أدين بسببها، وصدق تعبيره عن ندمه، واستعداده المعلن للعودة والانصهار في المجتمع كعنصر مستقيم وايجابي وفعال.لن ارهق القراء بتفاصيل هذه المسألة، لكنها ستبقى شاهدًا آخر على اختلال المفاهيم النضالية الفلسطينية الأصيلة، وعلى تغيير واضح في استراتيجيات الحركة الاسيرة الفلسطينية، وكيف عدّلت ......
#اسراطينيات..جولة
#الباطل
#زفرة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702661