الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 10
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالمعجزاتعندما عُيِّن يوهان هاينريش مولّر (Jahann Heinrich Müller) أستاذا للفلسفة الطّبيعيّة والرّياضيات في جامعة آلتدورف، عنوَن درسَه الإفتتاحي "المعجزات" (De Miraculis)؛ وعرَّف فيه المعجزة كما يلي:"[...] هي عمليّة مّا غير عاديّة [...] تُحدِث أثَراً يستحيل تفسير عِلَّته (ratio) بأيّ حال من الأحوال بواسطة القوانين العاديّة للطّبيعة، وهذا الأثر يكون حتّى مخالفا لها على الإطلاق ويستلزِم جرّاء ذلك أن تكون هذه القوانين بالضّرورة مُعطَّلة بعض الوقت لتحلّ محلّها قوانين أخرى"(1).ويواصل مولّر درسه باحثا عن تحديد ما إذا كانت المعجزات ممكِنة من خلال هذا التّعريف الذي أوردناه أعلاه، ويهتمّ خاصّة بالكيفيّة التي يمكن بها لقوانين الحَرَكة أن تتعطّل. ثمّ يخرج في نهاية الأمر بنتيجة مفادها أنّ مثل هذا التّعطيل "ليس مستحيلا أبداً"، وذلك بما أنّ قوانين الطّبيعة هي نفسها وضعها الرّب وفرضها بصفة حرّة، وأنّها هي نفسها ضروريّة لِنُورِ قدرةِ الرّب المطلَقة، ناهيك عن الحديث عن حرّية الرّب وحكمته. وهو يؤكِّد أنّه "لا يمكن لأحد أن تُخالجه شكوك بخصوص امكانيّة حدوث المعجزات"(2). أَيُّ شخص! باستثناء سبينوزا، حيث يصفه بأنّه "أشهَر مُصلِحٍ ومروِّجٍ للأسطورة التي مفادها أنّ الرّب ليس مفصولا عن الكون"، وأنّه صاحب "فرضيّة فظيعة" في موضوع المعجزات"(3).هناك العديد من الأقوال الموجودة في "رسالة سبينوزا في اللّاهوت والسّياسة" كانت قد صَدمَت المشاعر الدّينيّة في عصره، ولكن ليس هناك ما هو أشدّ منها وقعاً من حيث تداعياته العميقة في عيون معاصريه، وأيضا في خُبثِة وأذاه (من وجهة نظر دينيّة)، أكثر من دراسته للمعجزات التي يتناولها في الفصل السّادس من كتابه. وكما لاحظ المؤرِّخ جوناثان إسرائيل: "لا يوجد أيّ عنصر آخر في فلسفة سبينوزا كان قد أثار مثل ذلك الإستياء والسّخط في عصره أكثر من إنكاره الرّاديكالي للمعجزات والماورائي"(4). فبما أنّه لم تحدث أيّة معجزة على الإطلاق، كما يدّعي سبينوزا، تُفهم على أنّها تدخّلات إلهيّة في مجرى الطّبيعة والتّاريخ البشري، فهذا من شأنه أن يُقوِّض أسُس مقولة العناية الإلهيّة نفسها، وأمّا القصص التي تروي الأحداث المُعجِزة في الكتب المقدّسة فهي ليست سوى حكايات خرافيّة. فعندما يصرِّح توماس هوبز، بعد أن قرأ الرّسالة، بأنّ كاتِب هذا العمل "كان قد ذهب أبعد منه بأشواط كبيرة لأنّه [أي هوبز] لم يتجرّأ على الكتابة بكلّ هذه الجرأة"، فإنّ ما أذهل أكثر هذا الأنكليزي الذي عادة ما يكون هادئا لا يتزعزع له بال، هو بالتّأكيد التّفسير الذي كان سبينوزا قد قدّمه عن المعجزات.****لقد كان الفلاسفة ذوو المنحى التّقدّمي في القرن السّابع عشر منخرطين في علْم الطّبيعة الجديد. فتفسيرات الظّواهر الطّبيعيّة في ميدان الفيزياء كانت بالنّسبة لمفكّرين أمثال غاليلي، ديكارت، هويغنس، بويلي، نيوتن وغيرهم، يُفتَرَض فيها أن تُصاغ فقط من حيث تحرّك المادّة. لقد تركوا وراء ظهورهم القدرات "الخفيّة" التي كان يعتمدها المنهج السكولاستي الأرسطي في العصر الوسيط والذي كان يفسِّر الظّواهر بالّلجوء إلى أشكال أو صفات غير مادّية تسكُن أجساما أو تحرّكها، وهي، كـ"أرواح صغيرة" (كما يقول ديكارت، وهو ناقد قاسٍ للنّظام السكولاستي)، كان من المفروض أنّها تحرِّك هذه الأجسام مثلها مثل الرّوح البشريّة التي يُفتَرض فيها أنّها تحرّك الجسم البشري وتسيِّره. من منظور الفلسفة الجديدة [الفلسفة الآليّة]، كلّ شيء يجب تفسيره في إطار الآليّات [قوانين السّببيّة]: إذ ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=747120
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 11
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالمعجزات(تابع 1)في إحدى كتاباته الأولى، "أفكار ميتافيزيقيّة"، نُشِرت ضمن كتابه "مبادئ فلسفة ديكارت" عام 1663 وتحت اسمِه، يُقدِّم سبينوزا نُبْذة عن تصوّره الأكثر نضجا عن المعجزات، وذلك بالرّغم من أنّه كان حذِرا في عدم عرض أطروحاته بصورة صريحة فوق اللّزوم:"هناك قُوّتَان في الرّب، إحداهما عاديّة، والأخرى خارقة للعادة. والقوّة العاديّة هي تلك التي يحافظ بها الرّب على العالَم في نظام محدَّد؛ أمّا الخارقة للعادة، فهي تلك التي يستخدمها عندما يأتي عمَلاً خارجَ نظام الطّبيعة، كإتيانه على سبيل المثال جميع المعجزات على غرار ما فعَله مع أَتانِ بِلْعام عندما فتح فاها وأنطقها: "ماذا صنَعْتُ بكَ حتّى ضربتَني ثلاث مرّات؟" (سفر العدد: 22، 28)، وظهور الملائكة ومعجزات أخرى مشابهة.مع أنّه يجوز لنا أن نشكّ بحقٍّ في هذه القدرة الأخيرة، لأنّ المعجزة تكون أعظم لو كان الرّب يحكم العالَم وفق نظام واحد محدَّد وثابِت، ممّا لو كان يُلْغي، بسبب رعونة البشر، تلك القوانين التي وضعها بنفسه في الطّبيعة الطّابعة بكلّ امتياز وبحرّيته فقط لا غير (وهذا ما لا يمكن أن يُنكِره أحد سوى مَن عَمِيَت بصيرته تماما). لكنّنا نترك للّاهوتيّين البتّ في هذه المسألة(1).فالمعجزات إذاً، وفي أحسن الحالات، مشكوكٌ فيها ولا تشكّل إلاّ حجّة ضعيفة على قدرة الرّب، ولكنّ سبينوزا لا يقول لنا ما إذا كانت مُمكِنة أم لا.بعد مضيّ بضع سنوات، وفي رسالته حول اللّاهوت والسّياسة، نرى سبينوزا يخلع عنه الحيطة والحذر ويؤكِّد حينها بكلّ جرأة أنّ المعجزات في معناها التّقليدي ما هي إلاّ مجرّد "هُراء"، والإعتقاد في حدوثها هو محض "هوس وجنون" ليس إلاّ. فهي ليست فقط عديمة الفائدة بل بالأحرى مخالفة للتّقوى الدّينيّة الصّحيحة، وهي كذلك لا تتوافق مع طبيعة الرّب الحقيقيّة والتّصوّر الميتافيزيقي السّليم للكون. إنّ قصص المعجزات ما هي إلاّ أدوات سهلة ومريحة استعملها رجال الدّين منذ أمَد طويل للتّلاعب بسذاجة العامّة وحماقتهم. فلمزيدِ إحكام سلطتهم، يرفع الوعّاظ الكتب المقدّسة، ببحارها التي تنفلِق، وأحمِرتها التي تتكلّم، وموتاها الذين يعودون إلى الحياة من جديد، وذلك لكي يتمكّنوا من مراقبة الحياة الرّوحيّة للبشر ليس فحسب، بل أيضا المجتمع المدني برمّته. إنّ هجوم سبينوزا على الاعتقاد في المعجزات يمثّل إذاً عنصرا هامّا من عناصر مشروعه اللّاهوتي السّياسي العام.يقول سبينوزا إنّ المعجزة تقع، بالنّسبة لـ"العامّي"، عندما "تتوقّف الطّبيعة عن العمَل [...] أو عندما يتعطّل مجراها لوهلة من الزّمن". وهذا الحدث لا يقع عن طريق عِلَل طبيعيّة، ولكن بفضل تدخُّل خارق للطّبيعة. فهو يمثّل فِعْلَ ربّ مفارِق، "مُشرِّع وحاكِم"، يتمتّع بصفات بسيكولوجيّة وأخلاقيّة للقدرة، والحكْمة، والعدل، والرّحمة. وحسب هذا التصوّر المشوَّش والخيالي، فإنّ مثل هذه الآلهة، وبعدما خلقت العالم من عدم، تقوم بتعلِّق أفعالها من فينة إلى أخرى لتحقيق غاية إلهيّة:"وعلى ذلك فهم يتخيَّلون قُدرتَيْن مُتميِّزَتَيْن كلاًّ من الأخرى من حيث العدد: قُدرة الله وقدرة الأشياء الطبيعية. وإن كانت هذه الأخيرة مع ذلك تخضع على نحوٍ مّا لتحكُّم الله أو مخلوقة بوساطته (كما يفضل أكثر الناس الاعتقاد الآن). أما المقصود بهذه القدرة أو تلك، والمقصود بالله فلا يعرفون شيئًا سوى أنهم يتخيَّلون قُدرة الله كقُدرة الملك المُعظَّم، وقُدرة الطبيعة كقوَّةٍ غاشمة. يُسمِّي العامَّة إذن حوادث الطبيعة الخارقة للعادة مُعجزات أو أعمال الله، ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=747548
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 12
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالمعجزات(تابع 2)إنّ موقف سبينوزا من المعجزات هو موقف أكثر راديكاليّة بكثير من الموقف الذي سيتخّذه، بعد نصف قرن، الفيلسوف الرِّيبِيّ الشّهير دفيد هيوم. فقد كان الفيلسوف الكبير في عصر الأنوار السكوتلندي، الذي كان عموما ميّالا إلى الشّك في الإدّعاءات الكبرى المتعلّقة بالمعارف الميتافيزيقيّة، يحتجّ بأنّه من الصّعب جدّا، بل من المُحال المُمتَنع، تبرير الاعتقاد في المعجزات. فالمعجِزة، حسب تعريفها، هي خرق لقوانين الطّبيعة، فهي إذاً شيء مّا يتعارَض مع "تجرِبة راسِخة ولا تتغيّر"(1). ولهذا يجب على الدّليل الذي ينبني عليه الاعتقاد في المعجزة أن يُحكَم عليه كأيّ دليل آخر، أي حسب احتماليّة حدوثه. وأمام وجود أغلبيّة ساحقة من الأمثلة المضادّة، فإنّ درجة عدم الاحتماليّة تكون مرتفعة جدّا، مُوفِّرةً بذلك "دليلا مباشرا وتامّاً" ضدّ الحدث المقصود، بمعنى ضدّ وجود أيّ معجزة مهما كانت ("يجب إذاً أن تكون هناك تجربة مُتواتِرة مقابل كلّ حدث مُعجِز، وإلاّ فإنّ الحدث لا يستحقّ أن يُسمّى معجزة"). وبالتّالي لا يجب إعطاء أيّ مصداقيّة لقصص المعجزات: إنّ الأسباب التي تدفعنا إلى الاعتقاد في وقوع معجزة مّا ليست كافية مُطلقاً لكي تكون حقيقة حدوثها بالفعل أكثر مصداقيّة من الاعتقاد بأنّه وقع خطأ غير مقصود في الرّواية التي نُقِلت أو أنّ الشّهود قاموا عمْداً بتحريفها:"فالنّتيجة الواضحة إذاً (وهذه قاعدة عامّة تستحقّ انتباهنا) هي: أنّ أيّ شهادة لا تكفي لإثبات معجزة إلاّ إذا كانت الشّهادة من النّوع الذي يكون كذبها أكثرَ إعجازاً من الواقعة التي تُحاوِل إثباتَها"(2).غير أنّ هيوم لا يقدِّم إلاّ برهَنة إبستيمولوجيّة لما يجعل شخصاَ مّا يمتلك أو لا يمتلك أسبابا للإعتقاد. وبالقابل، يبني سبينوزا، من جهته، استدلالا ميتافيزيقيّا عن الواقع أكثر صلابة. إذ لم تكن فكرته تتمثّل فقط في أنّ المعجزات غير محتمَلة للغاية وأنّ الرّوايات بخصوصها تفتقر إلى المصداقيّة، بل كان يرى أنّها مستحيلة على الإطلاق:"إذ لا يحدُث شيء في الطبيعة مُناقِض لقوانينها العامَّة، أو حتى لا يتَّفق مع هذه القوانين أو لا يصدر عنها بوصفه نتيجة لها. إنَّ كلَّ ما يحدُث يحدُث [...] وفقًا لقوانين وقواعد تتضمَّن ضرورةً وحقيقة أزليَّتيْن. وهذه القوانين والقواعد، وإن لم نكن نعرفها كلها، فإنّ الطّبيعة تسير وفقها دائما، وبالتالي فهي لا تحيد أبدا عن مجراها الثّابت واللّامتغيِّر"(4).ففي حين يعتقد هيوم أنّ المعجزة ضعيفة الاحتمال إلى الحدّ الذي يُجرِّدها من أيّ مصداقيّة؛ نرى سبينوزا يعبِّر صراحة أنّ "المُعجزة، كيفما فهمها المرء، سواء على أنّها تُناقِض الطبيعة أو تتجاوزها، هي مجرّد حماقة ما فوقها حماقة"(5).لم يكن سبينوزا المفكِّر الوحيد، في القرن السّابع عشر، الذي أنْكر امكانيّة حدوث المعجزات. فقبل عاميْن على صدور الرّسالة في اللّاهوت والسّياسة، كان كورباخ، صاحب الحظّ التّعيس، قد نشر "مُعجَمه" في اللّغة النييرلنديّة (Een Bloemhof). وكما رأينا سابقا، كان كورباخ قد استغلّ هذه النُّزهة في تاريخ اللّغة واستعمالها حتّى يعبِّر عن العديد من القضايا اللّاهوتيّة والسّياسيّة التّدميريّة. من بين الألفاظ التي يشرحها الكتاب، نجد لفظ "معجِزة" (Mirakel): "عمل عجائبيّ، فعل خارِق. يُلِحّ رجال اللّاهوت على أنّ العمل العجائبي والخارق يجب أن يكون شيئا مخالفاً أو مُتجاوزاً للطّبيعة، وهذا أمر خاطئ، لأنّ لا شيء يحدث من شأنه أن يكون مخالفاً الطّبيعة أو متجاوزاً لها"(6). غير أنّ كورباغ كان، في تل ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=748163
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 13
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالمعجزات(نهاية الفصل الخامس)اعترف ابن ميمون وهوبز بالدّور السّماوي المهمّ الذي أولته الكتب المقدّسة للمعجزات، وبالأخصّ من حيث أنّ مهمّتها تتمثّل في إقرار رسالة نبوّية أو في المساعدة على تحقيق مخطط إلهيّ(1). إلاّ أنّ مثل هذا التصوّر للنّشاط السّماوي يُحتِّم مع ذلك تمييزاً بين المجرى العادي للطّبيعة وتعليق سيرها هذا بأمرٍ إلهيّ، وهذا ما يدحضه سبينوزا بكلّ ما أوتيَ من قوّة. فالمشيئة الإلهيّة، في نظره، تتجلّى مباشرة في السّير العادي الرّوتيني للطّبيعة، وليس في بعض الاستثناءات التي يُزْعَم أنّها خارقة للطّبيعة.من المتعارَف عليه أنّ فلسفة القرون الوسطى وبداية الفلسفة الحديثة كانتا تلجآن إلى وجود العالَم وشكله للبَرهَنة على وجود الرّب. الرّب كعلّة أولى لِكوْنٍ حادِثٍ، الرّب كمُصمِّمٍ ذَكيٍّ لنظام كونيّ مرتَّب بحكمة ومهارة: وهذه الخلاصات كانت تنبَثِق منطقيّا من مقدِّمات تجريبيّة طبيعيّة جدّا ويمكن الحصول عليها بسهولة. وذهب بعض المفكِّرين إلى حدّ اعتبار أنّ النّظام العادي للطّبيعة يمكن استخدامه كدليل لإدراك صفات الرّب وفهمها. لقد كان ديكارت، على سبيل المثال، يعتَقِد أنّ قوانين الطّبيعة كانت قد انبثَقت عن خالِقها وبالتّالي فهي تكون شاهدةً على كماله، وبساطته، وعطفِه. كما أنّنا نجد اعتقادا آخر، وهو مشترك أيضا لدى الجميع ولكنّه أكثر صلابة، مفاده أنّ الأشياء الخارقة للعادة (وليست العاديّة) تقدّم أفضل دليل ساطِع على قوّة الرّب، وأنّ ما هو مفارق للطّبيعة (وليس ما هو طبيعيّ) يكشِف بصورة مباشرة أكثر العناية الإلهيّة. فالطّبيعة يمكنها أن تواصل مجراها، غير أنّ الرّب يُظهِر يده الإلهيّة عندما يتدخّل فيها. وسبينوزا يعتبر أنّ هذه هي بالخصوص وجهة نظر "العاميّ" كما يصف ذلك في الرّسالة:"فالعامّة يَظنُّون أنَّ قُدرة الله وعنايته تظهران بأوضح صُورة مُمكنة إذا حدث في الطبيعة، على ما يبدو، شيء خارق للعادة، مُناقِض لِما اعتاد العامة أن يتصوّروه، وخاصةً إذا كان هذا الحادث بالنسبة لهم فرصةَ كسْبٍ أو مغنم، وهم يعتقدون أن أوضح بُرهان على وجود الله هو الخروج الظّاهر على نظام الطبيعة؛ لذلك يبدو في نظرِهم مَن يُفسِّر الأشياء والمُعجزات بالعِلَل الطبيعية، أو من يبذُل جهده من أجل معرفتها بوضوح، يبدو كأنّه قد ألغى الله، أو على الأقلِّ قد أسقَطَ العناية الإلهية. وبعبارة أخرى، يظنُّ العامَّة أنّ الله لا يفعل في الطّبيعة ما دامت تسير على نظامها المُعتاد، وبالعكس تبطُل فاعلية الطّبيعة وعِلَلها الطّبيعيّة عندما يفعل الله"(2).كلّ الذين يعتقدون مثل ذلك "يتصوّرون [...] وجود قُدرَتيْن مُنفصِلتيْن إحداهما عن الأخرى، قدرة الرّب وقدرة الأشياء الطّبيعيّة". كلّ هذا ينبني مع ذلك على تصوّر خاطئ، بل حتّى ضيِّق الأفق، لإله متجسِّم منكبٍّ على صُنعِ الأديان الطّائفيّة: "ولكن ماذا يقصدون بكلٍّ من هاتيْن القدرتيْن، الرّب والطّبيعة؟ وهذا ما لا يعرفه العامّة ولا يعرفون ما المقصود بذلك؛ فقدرة الرّب بالنّسبة لهم هي شيء مّا يشبه سُلطَةَ المَلِك"(3).كما رأينا آنفا، إنّ قدرة الرّب في نظر سبينوزا هي قدرة الطّبيعة الطّابعة. ويترتّب على ذلك إذن أنّ عناية الرّب لا يمكنها أن تتجلّى أو يتمّ تقويتها من خلال ممارسة أعمال فوق طبيعيّة خارقة للعادة، بواسطة المعجزات. فإذا كان المقصود بـ"العناية الإلهيّة" هو مشروع يُنجِزه فاعِلٌ مُتعالٍ، ذكيٌّ وله غاية، حينئذ فلا يوجد ولا يمكن أن يوجَد شيء مثل هذا في كَوْن سبينوزا.سبينوزا لا يرفض على الاطلاق فكرة (أو ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=748600
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 14
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(قسم 1)عند وفاته في 21 فبراير 1677، كان سبينوزا يعيش في منزل على ضفّة قناة بافيليونسغرافت في لاهاي. كان يسكن في غرفة في الطّابق الأوّل من عمارة يملكها الرسّام Hendrick van der Spyck. ولكي يستطيع تسديد بعض ديون سبينوزا ويستعيد بعض مصاريفه، قرّر سبايك بيع بعضٍ من ثياب الفيلسوف، وأثاثه وأمتعته الشّخصيّة في المزاد العلَني. ففي مارس من نفس السّنة قام كاتب العَدل في إطار التّحضير للبيع جردا مفصّلا لما كان يملكه سبينوزا. من بين ممتلكاته نجد مكتبة ضخمة نسبيّا تحتوي على كتب تتحدّث في الفلسفيّة، والعلوم، والرّياضيّات، والدّين، والسّياسة والأدب (بما في ذلك الشّعر). كان سبينوزا قارئا انتخابيّا وبلُغات متعدّدة، وكان يمتلك تفاسير للتّوراة باللّغة العبريّة، كما كانت عنده كتب في التّاريخ والدراما الكلاسيكيّة باللّاتينيّة، وكتب في الطبّ والسّياسة باللّغة النييرلنديّة وكتب كوميديا بالإسبانيّة. نجد عنده مثلا كتاب Observationes Medicae لصاحبه Nicolas Tulp، الذي خلّد الرّسام رامبرانت في إحدى لوحاته درس التّشريح الذي ورد فيه بمساعدة مؤلِّفه، وكتاب أشعار لفرنسيسكو غوميس دي كويفيدو، وهو كاتب من العصر الذّهبي الإسباني، وأيضا الأعمال الكاملة لمكيافيل. كما نجد عنده نسخة من الهاكّاده العبريّة، وكتابا لتعلّم الإغريقيّة القديمة وقاموسا للّغة الإيطاليّة.وكان بحوزة سبينوزا أيضا خمس نسخ من البيْبل ومن بينها طبعتيْن باللّاتينيّة تعود إحداهما إلى سنة 1541، ونسختيْن من البيْبل العبري (التّوراة)، Biblia Sacra Hebraica, Buxtorf 1618، وكذلك طبعة منشورة في البندقيّة عام 1639. بالإضافة إلى ذلك، وعلى غرار أعضاء مَجمَع تلمود توراة (Talmud Torah) في آمستردام، كان سبينوزا غالبا ما يقرأ البيْبل باللّغة الإسبانيّة، والنّسخة المُترجَمة التي وجدوها في مكتبته كانت قد طُبِعت في آمستردام عام 1646. لقد كان اليهود السفرديم الهولنديّين في القرن السّابع عشر يستعملون اللّغة البرتغاليّة في تعاطيهم مع قضايا الطّائفة الدّاخليّة، وكذلك في المسائل التّجاريّة؛ أمّا عندما يكونون في منازلهم أو في الشّارع فقد كان كلّ واحد يتكلّم لغة وطن آبائهم الذي قدموا منه. فحتّى أفراد الطّائفة الذين لم يَفدوا من شبه الجزيرة الإيبيريّة، مثل الرّابي مورتيرا وهو يهودي أشكينازي من أصيليّ البندقيّة، كانوا مجبورين على تعلّم اللّغة البرتغاليّة إذا أرادوا الإندماج في هذا العالَم الكوسموبوليتي بالتّأكيد ولكن تَنسُجه روابط وثيقة. وبالمقابل، ما إن يتعلّق الأمر بالتّعامل مع الأدب المقدّس أو اعمال أدبيّة راقية، سواء كانت تخصّ دراسة التّوراة أو قراءة دراما أدبيّة، فإنّ "عبرانيّي الأمّة البرتغاليّة" في آمستردام (الذين كان أكثرهم لم يحصل، في أفضل الحالات، إلاّ على نزرٍ ضئيلٍ من اللّغة العبريّة) كانوا يلجأون عامّة إلى نصوص باللّغة الإسبانيّة.سواء كان معاصرو سبينوزا قد قرأوا البيْبل بالإسبانيّة، بالعبريّة، باللّاتينيّة أو بالنييرلنديّة، فإنّهم، على غرار الأجيال التي سبقتهم، كانوا كلّهم يتقاسمون فكرة مسبقة لا جدال فيها حول أصل الكتاب المقدّس بامتياز. فالكلفانيّون، واللّوثريّون، ويهود آمستردام، وكذلك الكاثوليك الذين استمرّوا في إقامة طقوسهم في منازل خاصّة (حتّى يتجنّبوا الملاحقة والإضطهاد)، كلّهم كانوا يعتقدون اعتقادا لا يتزعزع بأنّ البيْبل كان من أصلٍ إلهيّ. فقد كانوا يعتقدون أنّ كاتِبه، بالمعنى الحرفي للكلمة، هو الرّب، وأنّ آياته كانت تترجِم ب ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=749048
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 15
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(قسم 2)كان سبينوزا يعي جيّدا خطورة الموقف الذي يتّخذه في رسالة اللّاهوت والسّياسة:"[...] سأبدأ بالأحكام المُسبَقَة المُتعلِّقة بمن قاموا بتدوين الكُتُب المُقدَّسة، وسأبدأ أولًا بمَن قام بتدوين الأسفار الخمسة. لقد ظنَّ الجميع تقريبًا أنّ هذا الكاتِب هو موسى، بل إنَّ الفِرّيسيِّين(1) أيَّدوا هذا الرأي بإصرارٍ شديد، حتى أنَّهم عدُّوا مَن يَظنُّ خِلافَ ذلك من المارقين"(2).ولكن مع ذلك، كان مهمّا بالنّسبة لمشروعه اللّاهوتي-السّياسي أن يُحلِّل هذه العقيدة ويشرحها. فقد كان يُساوِر سبينوزا قلق كبير من توسّع سلطة الآكليروس في المقاطعات المتّحدة، وبالخصوص تدخّل القساوسة الكلفانيّين في الشّؤون العامّة وفي حياة المواطنين؛ كما كان أيضا يُدرِك تمام الإدراك أنّ أحد أسلحتهم النّاجِعة لتبرير تَحيُّلاتهم للإستيلاء على كلّ تلك السّلطة هو البيْبل نفسه. فقد كان الوعّاظ يُجاهِرون بأنّ أفعالهم تستند إلى كلام الرّب معتبرين أنّ البيْبل هو مصدر سلطتهم الأخلاقيّة، والإجتماعيّة، بل حتّى السّياسيّة؛ ومن جهة أخرى، فهم يُنَصِّبون أنفسهم المفسِّرين الشّرعيّين الوحيدين للكتابات المقدّسة الذين يقدِّمون عنها قراءة منسجِمةً مع مقاصدهم وأهوائهم. فقد كتب سبينوزا في هذا السّياق ما يلي:"ما انفكّ رجال الدّين يردّدون بأنَّ الكتابات المُقدّسة هي كلام الرّب، وأنّها تُعلِّم الناس السعادة الروحية الحقَّة أو طريق الخلاص، غير أنَّ سلوك الناس يكشف عمَّا يُغاير ذلك تمامًا؛ لأنَّ العامَّة لا يحرصون أبدًا على أن يعيشوا وفقًا لتعاليم الكتابات المُقدّسة، وما يقدِّمه رجال الدّين على أنّه كلام الرّب ما هو في الغالب إلاّ مجرّد أوهام سخيفة، وتراهم يبذُلون قصارى جهودهم، باسم شغفهم بالدّين والذبّ عنه، من أجل إرغام الآخرين على أن يُفكِّروا مِثلهم. أقول: إنَّنا نرى عبر التّاريخ كلّه أنّ شُغْل اللاّهوتيّين الشّاغل هو التعسُّف على الكتب المقدّسة وتذليلها حتّى تؤكِّد خزعبلاتهم ونُظُمهم وتُماشيها، وبالتّالي وضْعُها تحت غطاء السّلطة الإلهية"(3).إنّ رفع البيْبل والتّلويح به كان ولا يزال دائما وسيلة قويّة لإقناع الجماهير، ناهيك عن النّخب الحاكِمة، بأنّ الطّريق التي يسلكها الوعّاظ، المتعصّبون، واللّامتسامحون والمحافظون (حسب القاموس السّياسي النييرلندي)، هي بالفعل طريق الرّب.عندما يُؤكِّد سبينوزا، بسخرية واستهزاء، أنّ البيْبل في حقيقة الأمر ليس من عمَل ربٍّ مفارقٍ للطّبيعة-"عبارة على رسالة كتبها الرّب في عليائه وأنزلها على البشر" - بل هو حقيقة وثيقة بشريّة، طبيعيّة جدّا، وأنّ كاتب التّوراة ليس موسى، وأنّ الكتب العبرانيّة التي صُمِّمَت كمجموع موحَّدٍ ليست إلاّ تجميعاً لكتابات ناجمة عن ظروف تاريخيّة وسياسيّة ألّفها أفراد غير معصومين من الخطأ وغير متعلِّمين، وأنّ هذه النّصوص في معظمها وقع تناقلها من جيل إلى جيل إلى أن رتّبها في نهاية المطاف قائد سياسيّ أو ديني في فترة لاحقة وأعطاها شكلها النّهائي؛ باختصار، من خلال "تَطبيع" التّوراة وبقيّة كتب البيْبل، واعتبارها مجرّد كتب عاديّة (حتّى وإن كانت ذات قيمة أخلاقيّة فائقة)، كان سبينوزا يأمل في تقويض تأثير الدّين في السّياسة، وفي ميادين أخرى أيضا، والحدّ من مخاطر التعصّب الذي تواجهه جمهوريّتُه الحبيبة. "بالنّسبة لنا نحن، فإذا أردنا القَطْع مع هذه الحُشود المسعورة من اللّاهوتيّين المبتَذَلين، ونُخلِّص أنفسنا من أحكامهم المسبَقة التي لا طائل من ورائها، ومن تعريض ع ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=749475
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 16
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(قسم 3)لم يكن سبينوزا الوحيد، من بين معاصريه، الذي لجأ إلى عناصر نصيّة وإلى اعتبارات ذات طابع تاريخي، بما في ذلك الرّكون إلى أعمال كتّاب قدامى، مثل فلافيوس يوسوفوس (Flavius Josephus)، واسمه العبري يوسف بن متتياهو الكاهن، حتّى يَخرُج باستنتاجات جذريّة، حول الأصول البشريّة للبيْبل، تذهب إلى أبعد ممّا سمح به علماء العصور السّابقة لأنفسهم بالذّهاب إليه. وفي نفس الوقت، لم يكن من بين هؤلاء عدد كبير يشاطِر سبينوزا آراءه، فحتى ما ندر منهم الذين نشروا، قبل ذلك ببضع سنوات، أفكارا مشابهة لم يُهيِّئوا بكلّ تأكيد لظهور محيط أكثر تقبُّلا للأطروحات التي طرحتها رسالة اللّاهوت والسّياسة. بل لربّما كان تأثيرهم عكسيّا من حيث أنّهم وضعوا السّلطات في حالةِ استنفار أكبر ضدّ مثل هذه التّجديفات التي تنال من الكتب المقدّسة، على الرغم من أنّه من غير المحتمل أن تكون قد وُجِدت في القرن السابع عشر ظروفٌ مناسبة للتأكيد على أنّ الأسفار الخمسة ليست بأيّ حال من الأحوال من عمل موسى نفسه وأن يقع تقبُّل هذا الرّأي دون تحيُّز وأفكار مسبقة.كان هوبز قد أكّد في كتابه "اللّيفياثان" أنّ الكتب المقدّسة، في حالتها التي وصلتنا فيها، ليست كلام الرّب لا شكلاً ولا مضموناً، بل هي بكلّ تأكيد، وعلى ضوء بعض الجوانب التي لا يستهان بها، مجرّد وثيقة بشريّة وتاريخيّة. وهو يُقِرّ بأنّ الرّب هو "المؤلِّف الأوّل والأصلي" للكتابات المقدّسة: فقد بلّغ كلامه إلى الأنبياء بواسطة الوحي السّماوي، وبناء على ذلك فإنّ الأنبياء هم وحدهم الذين في مقدورهم أن يؤكِّدوا ما هي بالضّبط الأقوال التي نطق بها الرّب في البداية. فقط المتلقِّي المباشر للوحي يُمكنه أن يعرِف معرفة تامّة ما الذي كان قد أُوحِيَ، وفي الآن ذاته أنّ هذا الوحي كان بالفعل قد جاء من عند الرّب مباشرة. وبما أنّ هذه الكتابات التي أصبحت الآن قانونيّة داخل الكُتب المقدّسة قد ابتعدت ابتعادا كبيرا عن الوحي الأصلي وعن كلّ ما قيَّده مباشرة منها الأنبياء الذين كانوا قد استلموها، فإنّ المعرفة الأوليّة للوحي فُقِدت منذ ذلك الحين وإلى الأبد.ومن هنا، وعلى غرار سبينوزا [وابن عزرا(1)]، وانطلاقا من مشكلات بديهيّة أثارتها أبوّة موسى للأسفار الخمسة ("القول بأنّ موسى تحدّث عن قبره [حتّى وإن كان ذلك من باب التنبُّؤ] والإشارة إلى أنّ هذا القبر لم يُعثَر عليه إلى حدّ السّاعة وهو ما يزال على قيد الحياة" هو تأويل غريب)، فإنّ هوبز يخلص إلى أنّ موسى لم يكتب كلّ الأسفار الخمسة، بل ولا حتّى الجزء الأكبر منها، بالرّغم من أنّه بالفعل كان قد دوّن كلّ ما قيل صراحة أنّه دوّنه، وبالخصوص الشّريعة الموسويّة (مثلا هوبز يرى أنّ الفصول من 11 إلى 26 من سفر التّثنية لم يخطّها موسى بيده). وهذا ينطبق كذلك على يشوع، فهو لم يكتب "سفر يشوع" الذي حُرِّر "بعد وفاته بعدّة قرون"، وقس على ذلك أسفار أستير، وراعوت، وصموئيل وكثيرون آخرون، التي كُتِبت بعد مدّة طويلة من وقوع الأحداث التي ترويها. يتوصّل هوبز بالنّهاية إلى نتيجة مفادها أنّ "العهد القديم" هو عبارة عن تجميع لكتابات ألّفها "أناس مختلفون"، بالرّغم من أنّ كلّهم كان "يحدوهم نفس الدّافع المتمثّل في تواطئهم جميعا لبلوغ نفس الهدف وذلك بغرض إثبات حقوق مملكة الرّب: الآب، والإبن، والرّوح القدس". هذه النّصوص المُلهَمة كانت قد جُمِعت بعد زمن طويل من "السّبي البابلي"، ورأي هوبز المتعلّق بمؤلِّف-محرِّر هذه النّصوص هو نفس رأي سبينوزا: "عزرا هو مَن رتّب الكتاب ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=749934
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 17
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(قسم 4)عندما ظهر عرض سبينوزا لفلسفة ديكارت "مبادئ فلسفة ريني ديكارت، الباب الأوّل والثّاني" كان الكتاب مصحوبا بتصدير كتبه أحد أعزّ أصدقائه لودفيك مايِرْ. لقد كان ماير، الذي يكبر سبينوزا بقليل، لُوثيرِيّاً ولو أنّ ورعه كان بالتّأكيد محدودا. وقد كان يكرِّس معظم طاقته لمسائل الفكر والفُنون. وكان حائزا على ديبلوم في الفلسفة والطّب من جامعة ليدن، ونشر في بداية الستّينات من ذلك القرن العديد من مقاطع شعريّة ومسرحيّات من تأليفه. سيُصبِح بين عاميْ 1665 و1669 مديرا للمسرح البلدي لآمستردام ومؤسِّسا لشركة الدّراما والأدب التي أُطَلق عليها اسم (Nil Volentibus Arduun)، بمعنى "لا شيء يَصعُب على مَن لهم إرادة"، أو [الإرادة تُذلِّل الصّعاب].ومع هذا، وفي عام 1663، لم يكن ماير إلاّ مجرّد واحد من أطبّاء آمستردام يُنمّي اهتمامه بعض الشّيء بالفلسفة. وقد كتب تصديرا لأوّل كتاب نشره سبينوزا وذلك بهدف لَفْت انتباه الجمهور لطبيعة غاية صديقه المحدَّدة، والتي تتمثّل في تقديم المبادئ الميتافيزيقيّة والإبستيمولوجيّة الجوهريّة لفكر ديكارت، وتحذير القارئ بألاّ يخلط بين محتوى هذا الكتاب وفلسفة المؤلِّف نفسه [أي سبينوزا]:"أريد الإشارة قبل كلّ شيء إلى أنّ رغبة مؤلِّفنا لا تتعدّى في كامل مؤلَّفه [...] التّنصيص على أفكار ديكارت وبراهينها كما هي موجودة في كتاباته أو كما يمكن استنباطها بإحكام من مبادئ مسلَّمٍ بها [...]، فلا تظنّوا إذن أنّه يصدع هنا بأفكاره الشّخصيّة أو بأفكار يُسلِّم بها"(1).يبدو أنّ سبينوزا كان ينوي تخصيص عرض مبادئه الخاصّة به لكتابه الأخلاق الذي كان يشتغل فيه، تزامنا مع تأليفه لهذا البيان الدّيكارتي، والذي لن يُنشَر إلاّ بعد وفاته، وبالتّزامن أيضا مع كتابة الرّسالة في اللّاهوت والسّياسة (غير أنّ ماير لم يكن باستطاعته معرفة ذلك).ومع ذلك، لم تكن نيّة ماير تقتصر فقط على إعداد أفكار سبينوزا للنّشر، إذا كان يمتلك مفاهيمه الفلسفيّة الخاصّة به التي كان الكثير من نقّاد تلك الفترة يعتبرونها قابلة للنّقاش بعض الشّيء. بعد ثلاث سنوات من كتابته تصدير كتاب سبينوزا، نشر ماير في آمستردام كتابا بعنوان "الفلسفة، تأويل الكتب المقدّسة" (Philosophia S. Sciptures)، والتي ستظهر نسختها النييرلنديّة في السّنة اللّاحقة؛ وهو يقدّم فيه اقتراحا راديكاليّا يقضي بأن تكون الفلسفة، أو العقل، حجر الزّاوية في تأويل البيْبل. فالفلسفة، في نظر ماير، ليست خادمة الدّين، المُجبَرة على مواءمة استنتاجاتها لكي تتطابق مع العقيدة اللّاهوتيّة والكلام الحرفيّ للبيْبل؛ بالعكس، يجب بالأحرى على الكتب المقدّسة أن تَخضَع للفلسفة وتُلبّي احتياجاتها. بالفعل، الحقائق المُعلَنة في الكتب المقدّسة يتمّ إدراكها فقط بالعقل البشري دون الحاجة للّجوء إلى أيّ فعل آخر من أفعال الوحي الرّبّاني.يُفرِّق ماير في كتابه هذا بين "المعنى البسيط" لجملَة مّا (أي، ما تعنيه حرفيّا وبالضّبط عندما تُقرَأ ألفاظها حسب الاستعمال الشّائع)، و"معناها الحقيقي" (بمعنى، ما ينوي كاتب الجملة تبليغه)، وبين "الحقيقة ذاتها" (أي، مدى مطابقة معنى الجملة مع الواقع). فالكتّاب غالبا ما يُفصحون عن أفكارهم باستخدام ألفاظ بالمعنى المجازي، وفي مثل هذه الحالات فإنّ "المعنى الحرفي" سيختلف عن "المعنى الحقيقي"، بمعنى أنّها ستكون مختلفة عن "الأفكار والمفاهيم الحاضرة في ذهن ذاك الذي صاغ هذه الجملة". وليس لأنّ مؤلِّفاً مّا بمجرّد أنه يقول (أو يريد أن يقول) أنّ ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=750307
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 18
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(قسم 5)في كتاباته الفلسفّية في مرحلة النّضج، نرى سبينوزا قلَّما يذكر فلاسفة آخرين، سواء أولئك الذين يتّفق معهم (مثل ديكارت)، أو أولئك الذين يضع بينه وبينهم مسافات لكي يبتعِد عنهم (أيضا، ... ديكارت). وبالفعل، فمثل هذا التّشخيص قد لا يتماشى مع الطّريقة الهندسيّة لكتاب الأخلاق. بالمقابل، نجده في رسالة اللّاهوت والسّياسة يذكر عرَضا أفلاطون أو أرسطو، وكذلك ابن عزرا عند تحليله المعجَب ببرهنة هذا الأخير والمتعلّقة بأُبُوّة موسى للكتابات المقدّسة العبرانيّة. غير أنّ هذه الاستثناءات تجنح إلى تأكيد القاعدة التي يعتمدها سبينوزا في تحفّظه المعتاد عند إشارته إلى أفكار الآخرين. ومع ذلك، فهو يُخالِف هذا النّهج العامّ في الرّسالة عندما يناقش تأويل النّصوص المقدّسة.يقدّم سبينوزا نظريّته الشخصيّة لتأويل نصوص البيْبل بطريقة مضادّة صراحة وفرط-نقديّة (highly critical) لنظريّة ابن ميمون (وضمنيّا متعارضة أيضا مع نظريّة صديقه ماير). فإذا كان سبينوزا قد عارض بلباقة صاحب "دليل الحائرين" عندما ناقش النبوّة حيث كشف عن توجّهاته الميمونيّة، فإنّه لم يدّخِر أيّ جهد في إظهار أنّ "منهج ابن ميمون لا فائدة منه على الإطلاق"(1)، وذلك عند تحليله "آراءَ أولئك الذين يناهضون منهجنا [منهج سبينوزا]" بخصوص مسألة تأويل النّصوص المقدّسة. فهذا المنهج يتلاعب، من بين أشياء أخرى، بمعاني المقاطع البيْبليّة لكي يُطوِّعها لمذاهب فلسفيّة مستقلّة، إذ: "يفترِض ابن ميمون أنّه يحقّ لنا تفسير الكتاب وتأويله بطريقةٍ مُتعسِّفة طبقاً لآرائنا المسبَقة، ورفْض المعنى الحرفي عمداً واستبدال مَعانِيَ أخرى به"(2). ويبدو هذا غير ملائم بصفة خاصّة في حالة الكتابات النبويّة من حيث أنّ مؤلِّفيها لم يتمتّعوا بتكوين فلسفي، ولأنّهم كانوا منشغلين أساسا بنشر الطّاعة الأخلاقيّة أكثر من انشغالهم بإذاعة حقائق فكريّة.بالإضافة إلى ذلك، يُضيف سبينوزا، أنّ منهج ابن ميمون الفرط-عقلاني (hyper-rationalist)، الذي يشترط معرفة قيمة الحقيقة التي تحتوي عليها قضيّة مّا بهدف تحديد ما إذا كانت أم لا مُعبَّرًا عنها في مقطع من مقاطع البيْبل، من شأنه أن يجعل معنى البيْبل عَصيًّا على العامّة المحرومين من تجربة فلسفيّة ولا يتمتّعون بمعارف صلْبة بخصوص المعتقدات ذات الطّابع النّظريّ الفائق: "[...] وإذن [في رأي ابن ميمون] لا يُمكن أن نَستيْقنَ من المعنى الحقيقي لمقطع من الكتاب المقدّس، مهما كان واضحًا، ما دامنا نشكُّ في حقيقة العقيدة التي يُعبِّر عنها، وما دامت هذه الحقيقة لم تَثبُتْ في نظرِه بالبُرهان. وطالما لم يقُم البرهان على هذه الحقيقة، فلن نعلَمَ إن كان المعنى الحرفي للنّصوص المقدّسة مُتَّفِقًا مع العقل أم مُناقضًا له، وبالتالي لن نعلَمَ إن كانَ هذا المعنى الحَرْفي صحيحًا أم باطلًا"(3). فتأويل النّصوص المقدّسة تكون في حاجة إلى "نور آخرَ غير النّور الطّبيعي"، وبالتّالي يكون الفلاسفة هم وحدهم المؤهَّلين لتحديد ما يُحاوِل البيْبل تبليغه:"وفضلًا عن ذلك، فلو كانت طريقة ابن ميمون صحيحة، لكان على العامَّة، الذين هم في أغلب الأحيان جاهلون بالبراهين أو عاجزون عن الاضطلاع بها، ألَّا يُسلِّموا بشيءٍ يتعلَّق بالكتابات المقدّسة إلَّا مُعتمِدين على سُلطة الفلاسفة وعلى شهادتهم، ولكن عليهم بالتالي أن يَفترِضوا أنَّ الفلاسفة مَعصومون من الخطأ في تفسيرهم، وهذا يَعني افتراض وجود سُلطة جديدة داخل الكنسية، نوع جديد من القساوسة والباباوات، وهو أمرٌ يُثير سُ ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751577
ناصر بن رجب : كتاب صُنِع في الجحيم 19
#الحوار_المتمدن
#ناصر_بن_رجب محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلمانيالفصل السّادسالكُتُب المقدَّسة(نهاية الفصل)على غرار ما يقوم به علم الطّبيعة، " فإنّ "علْم" تأويل البيْبل يبدأ بتجميع المعطيات والموادّ. والمعطيات الأكثر أهميّة بالنّسبة لدراسة البيْبل هي الأقوال نفسها: مثلا، ما يؤكِّده كاتِبٌ بيْبلي حول الرّب الذي يمكن أن نجده في الكتب والأسفار التي يكون قد ألّفها؛ وكذلك ما يقوله كاتِب آخر حول العناية الإلهيّة؛ وأخيرا، وهو الأهمّ من كلّ هذا، ما كان عند مختلف الكتّاب ما يقولونه حول المسائل الأخلاقيّة، وبخصوص ما هو حقّ وخير. وما إن يقع تجميع كلّ هذه الموادّ يجب ترتيبها بالشّكل المناسب وتصنيفها حسب المؤلِّف وحسب الموضوع؛ إذ يقول سبينوزا في هذا الصّدد: "يجب على تاريخ الكتب المقدّسة تجميع آيات كلّ سفْر واختزالها في عديد قليل من الموضوعات الرّئيسيّة حتّى يتسنّى لنا من الوهلة الأولى معاينة معتَقد الكتب المقدّسة بخصوص كلّ مادّة [موادّ البيْبل]"(1). وفي ذات الوقت، يجب على المفسِّر، الذي يتحتّم عليه امتلاك معرفة جيّد بالّلغة العبريّة القديمة، وذلك لأنّ "كلّ مؤلِّفي العهديْن القديم والجديد هم عبرانيّون"، أن يأخذ بعين الاعتبار كلّ الأقوال المتشابِهة منها والغامضة ("بحسب ما إذا كان المعنى عَصيَّا عن الفهم أم سهلا على العقل وذلك استنادا على نصّ ذلك الخطاب نفسه")، الحاضرة في المقاطع البيْبليّة التي جمعها، وأيضا الاختلافات والتّناقضات التي يمكن العثور عليها في الموادّ التي تخصّ مؤلِّفاً بعينه أو مؤلِّفين مختلفين.بالإضافة إلى هذه المعطيات النّصيّة، يجب على المفسِّر أن يُجمِّع كلّ الأخبار الممكِنة فيما يتعلّق بكتّاب البيْبل من حيث دراسة خلفيّة السّيرة الذّاتية وكذلك الخلفيّة التّاريخيّة والسّياسيّة والبسيكولوجيّة لكلّ مؤلِّف سفر من الأسفار. يجب على تاريخ الكتب المقدّسة:"أن يدلّنا على مختلف الإرهاصات التي يمكن أن تكون قد تعرّضت لها كتب الأنبياء، والتي حفظتها لنا الذّاكرة، أعني بذلك سيرة مُؤلِّف كلِّ كتاب، وأخلاقه، والغاية التي كان يَرمي إليها، ومَن هو، وفي أيَّةِ مُناسبة كتَب كتابه، وفي أيِّ وقتٍ ولِمن وبأيَّةِ لُغة كتبه. كما يجِب أن يُقدِّم هذا الفحص [التّاريخي] الظّروف الخاصَّة بكلِّ كتابٍ على حدة: كيف جُمِع أوَّلًا، وما الأيدي التي تناوَلَتْه، وكم نُسخة مُختلِفة معروفة عن النصّ، ومَن الذين قرَّروا إدراجه في الكتاب المُقدس، وأخيرًا كيف جُمِعت جميع الكتُب المُقنَّنة في مجموعة واحدة؟ أقول: إنَّ الفحص التّاريخي يجِب أن يتضمَّن كلَّ هذا؛ إذ إنه لكي نعلَمَ أيَّ القضايا قد نُودِي بها في صيغة قوانين وأيُّها أصبحت تعاليم خلقية، فمن الواجِب أن نعرِف سِيرَ المُؤلِّفين وأخلاقهم والهدَف الذي كانوا يَرمون إليه. هذا بالإضافة إلى أنَّنا نستطيع أن نُفسِّر بسهولةٍ أكثر أقوال مؤلِّفٍ مّا إذا زادَتْ مَعرِفَتُنا بعبقريَّتِه الخاصَّة وطبيعة تكوينه الذهني"(2)باختصار، يقول سبينوزا إنّه، في حالات عدّة، لا يمكننا معرفة ما يحاول شخص مّا قولَه، اللّهم إلاّ إذا لم نكن نعرف مَن هو هذا الشّخص، وما هي اهتماماته ومصالحه، ولماذا يكتُب، ولمَن يتوجّه: "ولذلك، وحتّى نفسِّر مؤلَّفات تحتوي على أشياء غامضة وغير مفهومة، يكون من الضّروري بصورة خاصّة أن نعرف مَن هم كتّاب هذه النّصوص"(3). وهذا ينسحب على أنبياء البيْبل مثلما ينسحب على مؤلِّف "أوليفر تويست"، فكلّهم يكرّسون أنفسهم لخلقِ أدَبٍ خياليّ حامِلٍ لرسالة أخلاقيّة واجتماعيّة، حتّى وإن كان ذلك داخل أنماط أدبيّة مختلفة وموجّه لجماهير مختلفة. وهذ ......
#كتاب
ُنِع
#الجحيم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753004