جورج منصور : حكايتان من الجبل: الساقية والبغل
#الحوار_المتمدن
#جورج_منصور (1) حال وصولي، في مطلع عام 1982، إلى القاعدة الأنصارية في قرية ناوزنك التي تأسست في العام 1979. وتقع على الحدود العراقية الإيرانية، والتابعة لقضاء رانية بمحافظة السليمانية. لم أنتظر طويلاً في غرفة "الضيافة" بنوكان، كما كان معتاداً، حيث يستريح الملتحق الجديد لبضعة أيام، ثمّ ينتقل بعدها إلى أحد المقرات الثلاثة الموجودة في المنطقة. إذ بعد حوالي الساعة من وصولي تم تبليغي بوجوب الالتحاق بمقر قيادة الحزب الشيوعي العراقي، حيث المكتب العسكري والإعلام.مشيتُ، مع أحد الرفاق المسلحين، وصعدتُ مرتفعاً حاداً إلى أن وصلتُ إلى غرفة الرفيق أبو سرباز الطينية، وجدته واقفاً ينتظرني، فقد كان القيادي احمد باني خيلاني (أبو سرباز) عضو اللجنة المركزية للحزب يعرفني تمام المعرفة منذ السبعينيّات، حينما كنتُ، قبل أن أسافر إلى موسكو للدراسة عام 1975، أعمل في المكتب الصحفي لقيادة الإقليم، ومراسلاً لجريدة "طريق الشعب" في أربيل. كان متوسط القامة، أشيب الرأس، مبتسماً رغم الصرامة البادية في سيمائه، وتنم هيأته عن العزم وفي وجهه تجاعيد ظاهرة، هادئاً خفيض الصوت، ويتدلى مسدسه حول وسطه. رحب بي وسألني عن صعوبات الطريق الطويل الذي قطعته مع رفاق آخرين مشياً على الأقدام من مدينة القامشلي السورية، عبوراً الى الأراضي التركية، ثم إلى الأراضي العراقية. ثم أبلغني أن قيادة الحزب والمكتب العسكري ترى أن مكاني الأنسب هو في الإعلام، وأن الرفيق أبو ليلى (الدكتور نزار ناجي يوسف)* هو الذي يشرف على عمل الإعلام.وبينما كان يومئ لي بالجلوس، دلف الى الغرفة الرفيق (أبو ليلى) فتقدم نحوي وصافحني مرحباً. كان على مشارف الأربعين من عمره، متوسط القامة، ودوداً ولطيف الشكل والمعشر وصوته خافت، وبدا سعيداً باللقاء. أخذني إلى غرفة طينية بدون نوافذ أو تجاويف، مخصصة للرفاق العاملين في الإعلام المركزي، وقام بتعريفي إلى الرفاق: أبو آزاد (الشاعر الكبير احمد دلزار) الذي كنت أعرفه، فقد عملنا سوياً في المكتب الصحفي للإقليم أواسط السبعينات، أبو بشير (الدكتور كاظم الموسوي)، وشاخوان (هاشم كوجاني)، وأبو داستان (حمه رشيد هه ورامي) ودارا (تحسين عثمان).كانت مهمتنا، في الإعلام المركزي، تحرير البلاغات العسكرية، وإصدار جريدة "نهج الأنصار" باللغتين العربية والكردية، إضافة إلى "الخدمة الرفاقية"،أو "الخفارات"؛ وهي عبارة عن تهيئة وجبات الطعام حسب الجداول والأيام المحددة لكل رفيق أو رفيقة، والحراسات الليلية، والتدريب على الأسلحة الخفيفة، وتهيئة الفوانيس النفطية والوقود، والاحتطاب، وتجميع الصخر، وتقطيع أشجار السبندار لاستعمالها في التسقيف والبناء في موسم الصيف، وتنظيف الثلج من سطح الغرفة، ودكّها بالمحدلة في الشتاء.وكنا أحياناً، خاصة عندما نقبض المخصصات التي تدفع لنا شهرياً والبالغة 5 دنانير، نقصد الفروشكا (سوق شعبية) القريبة من مقراتنا، بسقوفها الصفيحية، والواقعة في الطرف الإيراني على الحدود، وهي مركز للتجارة الحرة، والتهريب، وتبديل العملات، وتجد فيها كل ما تحتاجه، من الخيط والإبرة، إلى الأسلحة النارية الخفيفة والمتوسطة، وفي السوق مطاعم صغيرة.في إحدى ليالي الربيع، بينما كانت المصابيح الزيتية مطفأة، ولم يكن قد بقي في الغرفة سوى بصيص يسير لشموع تتوهج، سمعنا نشيج تدفق الماء من باطن الأرض وسط الغرفة، وكأنه خرير نبع اندفع من الأرض، وسال الماء فجأة، شاقاً طريقه ليشكل، على امتداد الغرفة، ساقية انساب ماؤها من تحت الحائط الطيني. يُعتقد أنّ الغرفة كانت قد شيدت في المكان الخطأ، لهذا شق الماء طريقه وتدفق من المياه ......
#حكايتان
#الجبل:
#الساقية
#والبغل
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715215
#الحوار_المتمدن
#جورج_منصور (1) حال وصولي، في مطلع عام 1982، إلى القاعدة الأنصارية في قرية ناوزنك التي تأسست في العام 1979. وتقع على الحدود العراقية الإيرانية، والتابعة لقضاء رانية بمحافظة السليمانية. لم أنتظر طويلاً في غرفة "الضيافة" بنوكان، كما كان معتاداً، حيث يستريح الملتحق الجديد لبضعة أيام، ثمّ ينتقل بعدها إلى أحد المقرات الثلاثة الموجودة في المنطقة. إذ بعد حوالي الساعة من وصولي تم تبليغي بوجوب الالتحاق بمقر قيادة الحزب الشيوعي العراقي، حيث المكتب العسكري والإعلام.مشيتُ، مع أحد الرفاق المسلحين، وصعدتُ مرتفعاً حاداً إلى أن وصلتُ إلى غرفة الرفيق أبو سرباز الطينية، وجدته واقفاً ينتظرني، فقد كان القيادي احمد باني خيلاني (أبو سرباز) عضو اللجنة المركزية للحزب يعرفني تمام المعرفة منذ السبعينيّات، حينما كنتُ، قبل أن أسافر إلى موسكو للدراسة عام 1975، أعمل في المكتب الصحفي لقيادة الإقليم، ومراسلاً لجريدة "طريق الشعب" في أربيل. كان متوسط القامة، أشيب الرأس، مبتسماً رغم الصرامة البادية في سيمائه، وتنم هيأته عن العزم وفي وجهه تجاعيد ظاهرة، هادئاً خفيض الصوت، ويتدلى مسدسه حول وسطه. رحب بي وسألني عن صعوبات الطريق الطويل الذي قطعته مع رفاق آخرين مشياً على الأقدام من مدينة القامشلي السورية، عبوراً الى الأراضي التركية، ثم إلى الأراضي العراقية. ثم أبلغني أن قيادة الحزب والمكتب العسكري ترى أن مكاني الأنسب هو في الإعلام، وأن الرفيق أبو ليلى (الدكتور نزار ناجي يوسف)* هو الذي يشرف على عمل الإعلام.وبينما كان يومئ لي بالجلوس، دلف الى الغرفة الرفيق (أبو ليلى) فتقدم نحوي وصافحني مرحباً. كان على مشارف الأربعين من عمره، متوسط القامة، ودوداً ولطيف الشكل والمعشر وصوته خافت، وبدا سعيداً باللقاء. أخذني إلى غرفة طينية بدون نوافذ أو تجاويف، مخصصة للرفاق العاملين في الإعلام المركزي، وقام بتعريفي إلى الرفاق: أبو آزاد (الشاعر الكبير احمد دلزار) الذي كنت أعرفه، فقد عملنا سوياً في المكتب الصحفي للإقليم أواسط السبعينات، أبو بشير (الدكتور كاظم الموسوي)، وشاخوان (هاشم كوجاني)، وأبو داستان (حمه رشيد هه ورامي) ودارا (تحسين عثمان).كانت مهمتنا، في الإعلام المركزي، تحرير البلاغات العسكرية، وإصدار جريدة "نهج الأنصار" باللغتين العربية والكردية، إضافة إلى "الخدمة الرفاقية"،أو "الخفارات"؛ وهي عبارة عن تهيئة وجبات الطعام حسب الجداول والأيام المحددة لكل رفيق أو رفيقة، والحراسات الليلية، والتدريب على الأسلحة الخفيفة، وتهيئة الفوانيس النفطية والوقود، والاحتطاب، وتجميع الصخر، وتقطيع أشجار السبندار لاستعمالها في التسقيف والبناء في موسم الصيف، وتنظيف الثلج من سطح الغرفة، ودكّها بالمحدلة في الشتاء.وكنا أحياناً، خاصة عندما نقبض المخصصات التي تدفع لنا شهرياً والبالغة 5 دنانير، نقصد الفروشكا (سوق شعبية) القريبة من مقراتنا، بسقوفها الصفيحية، والواقعة في الطرف الإيراني على الحدود، وهي مركز للتجارة الحرة، والتهريب، وتبديل العملات، وتجد فيها كل ما تحتاجه، من الخيط والإبرة، إلى الأسلحة النارية الخفيفة والمتوسطة، وفي السوق مطاعم صغيرة.في إحدى ليالي الربيع، بينما كانت المصابيح الزيتية مطفأة، ولم يكن قد بقي في الغرفة سوى بصيص يسير لشموع تتوهج، سمعنا نشيج تدفق الماء من باطن الأرض وسط الغرفة، وكأنه خرير نبع اندفع من الأرض، وسال الماء فجأة، شاقاً طريقه ليشكل، على امتداد الغرفة، ساقية انساب ماؤها من تحت الحائط الطيني. يُعتقد أنّ الغرفة كانت قد شيدت في المكان الخطأ، لهذا شق الماء طريقه وتدفق من المياه ......
#حكايتان
#الجبل:
#الساقية
#والبغل
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715215
الحوار المتمدن
جورج منصور - حكايتان من الجبل: الساقية والبغل