الحوار المتمدن
3.16K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
أحمد غانم عبد الجليل : صور بوجه آخر أولى سنوات العصف
#الحوار_المتمدن
#أحمد_غانم_عبد_الجليل "هل والدك متآمر؟" سؤالٌ يواجهني به زملائي في المدرسة، يتسرب إليهم مما يسمعونه في غفلة من ذويهم، يباغتني مثل صفعة مدوية تحط على خدي، لا تترك لي مجالًا للحراك أو الرد بكلمة، فقط يتجدد كل شيء أمامي، كما لو أنه يحدث للتو، ومن ثم يعود ليتمثل في وجه والدي، آخر صورة تم التقاطها له بالتحديد، كان في كامل أتاقته التي تلفت الأنظار دومًا، يتأكد من مواءمة الألوان وتناسقها، البذلة مع القميص وربطة العنق والجَورب والحذاء، يضع عطرًا نفَّاذ الرأئحة، فيبدو لي مثل أحد نجوم السينما في الأفلام التي كنت بدأت مشاهدتها برفقته، إن سمح لي بالسهر معه حتى ساعة متأخرة من الليل. أجمد في حضنه داخل الصورة، بوجهٍ ذاهل عما حوله، يظل يطاردني شروده وأنا أكاد أتفجر من غيظٍ أخرس لا يهب طفلًا دون العاشرة من عمره فرصة النطق بحرفٍ واحد، فكيف لي أن أرد على تهمة يتحير بشأنها الكبار، وتظل الكلمات تتلجلج داخل الأفواه قبل أن تؤول كل الأصوات إلى الصمت المتخوف من الإفصاح بما يثقل الأنفاس ويدب الرعب في القلوب والأوصال، من الثرثرة غير المجدية، وإن كانت لا تعلو عن الهمس المتواري خلف الأبواب، الأبواب التي صرنا نتأكد من إيصادها كل ليلة ونحن على يقين إن كل الأقفال لن تصد شيئًا من الريح العاتية التي ستظل تعصف بنا طويلًا طويلا. تطغى على دوي قذائف الحرب المتخطية جبهات القتال لتهوي نحو المدن مسلوبة الإرادة، ألبستْ أغلب الرجال البزة العسكرية وأمسكتهم الرشاشات، أبصرُ أصابعهم وهي تكاد تلامس الزناد، تطلق رشقة هنا وأخرى هناك، رشقات تقتل الأعداء على الحدود الشرقية، ورشقات تنفذ في صدور الرفاق، تنخر أجسادهم أمام ضحكة عربيدة تزهو بفرحة الانتصار بعد حربٍ مضمرة ظل (الرئيس المناضل) يعد لها جيدًا على مدى سنوات، ربما سبقت قيام آخر ثوراتنا المجيدة. دومًا كنت أجد تلك الرشقات النارية متزامنة مع بعضها، أو بالأحرى متواصلة، إحداها تسترسل من الثانية، ومع توالِ البيانات العسكرية زحف السواد على أجساد النساء من مختلف الأعمار، وكأنهن يشاركن في الحزن على والدي ورفاقه، وبمباركة سيادية من قيادة الحرب التي أمرت بتنفيذ أحكام الإعدام في منتصفف شهر المغفرة والرحمة، مفارقة عجيبة لم أفهمها، لعلها بلا معنى وليس لها أي أساس سوى في عقل صبي يتعلم أحرف الأبجدية لتوه، وقد تكون مثار سخرية الكبار إن سمحتُ لها بتجاوز عتبات الصمت، إلا أنها ظلت تستملك ذهني الذي اجتهد في الربط بين الأحداث ونسج الكثير من الأخيلة المخيفة المتأتية عنها، تسطو على حكايات يصعب إدراكها ووجه والدي يتموج في خاطري ما بين قرب أشعر بعبق حنوه وبعد يكاد يخفيه عني للأبد، تحت التراب كما أخبروني، منذ ذلك الوقت أيضًا بدأت تراودني هواجس الموت وألغازه عصية الحل على كل من لم يدركه بعد، مهما تفقه في الدين وتقرب من الله، وبدوري صرت أتقرب من الله ما بوسعي، عسى أن يزرع في قلبي السكينة والصبر على غيابٍ لا ينتهي مهما امتد بي العمر، والأهم من ذلك رحت أتضرع إلى الله أن يدفع عني ولو بعض الرعب الذي صار يطاردني حتى وأنا بين جنبات النوم، أتوجس من اقتحام رجال الأمن المنزل مجددًا كي يوالوا التفتيش دون أن يهملوا جارورًا أو صندوقًا صغيرُا، وإن كان صندوق اللعب التي كان والدي يحب مشاركتي أوقاتي المستمتعة ببعثرتها من حولي، رغم كثرة مشاغله وسفرياته من أجل تحقيق أهداف خبت مع وهج فرحي الطفولي، فصرت أردد الشعارات المفروضة علينا في كل درس دون وعي، وفي داخلي غصة ممزوجة بسخرية مقيتة أحرص ألا تثير انتباه زملائي ولا أي من المعلمات. ظللت في تلك السنوات أسير رعب ما حصل وما يمكن أن يحصل، قد أنه ......
#بوجه
#أولى
#سنوات
#العصف

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=766892