محمود شقير : ظل آخر للمدينة48
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير ها أنذا أقف حراً طليقاً خارج بوابة السجن، أعانق أفراد أسرتي الذين جاءوا منذ الصباح الباكر من يوم 27 / 5 / 1970، ينتظرون لحظة الإفراج عني. طوال الليلة التي سبقت هذه اللحظة، لم أنم من شدة الفرح، فبعد عشرة أشهر من الاعتقال الإداري، أخرج من السجن. حينما نظرت في المدى الواسع المكشوف من حولي، أدركت إلى أي حد هو بغيض هذا السجن. غادرت سجن الدامون متجهاً إلى القدس (سوف أعود إليه بعد ست وعشرين سنة من مغادرتي إياه، إثر الدعوة التي وجهها إلي الدكتور نعيم عرايدي مدير مركز أدب الطفل العربي في حيفا، للمشاركة في ندوة حول أدب الأطفال، تعقد في منتجع بيت أورن على جبل الكرمل، ليس بعيداً عن سجن الدامون. أذهب صحبة الناقد أنطوان شلحت لزيارة السجن، سنتوقف في الساحة الترابية المحاذية لبوابة السجن، التي كان أهلنا ينتظرون فيها، ريثما تتاح لهم فرصة الدخول لزيارتنا، وهي الساحة نفسها التي ما زالت أسر مقدسية تتردد عليها لزيارة الأبناء الذين ما زالوا يقبعون في السجن. سنلقي نظرة على الأسلاك الشائكة التي تحيط بالمبنى، ثم نقترب من بوابته المتجهمة، ولا نطلب من السجانين إذناً للدخول، لأننا نعرف أنهم لن يسمحوا لنا بذلك). وصلنا البيت بعد ثلاث ساعات من لحظة الانطلاق. كانت العودة إلى البيت تبعث في القلب مشاعر دافئة، وكان علي أن أعود إلى ممارسة حياتي اليومية في المدينة. وصلتني بالبريد، بعد أيام قلائل، ورقة رسمية، يتعين علي بموجبها أن أذهب إلى مكتب المخابرات، القريب من سجن المسكوبية، لمقابلة أحد المسؤولين هناك. ذهبت للمقابلة. قال المسؤول دون مقدمات: إذا عدت إلى مواصلة النشاط السياسي، فسوف نعيدك إلى السجن. غادرت مكتب المخابرات. اتجهت إلى مكتب فيليتسيا لانجر لأخبرها بما جرى معي.(تعرفت إلى فيليتسيا لانجر حينما زارتني أول مرة بعد أسبوعين من اعتقالي في سجن المسكوبية. تقدمت بطلب إلى المحكمة للإفراج عني بكفالة. جاءني شرطي، فتح باب الزنزانة التي تقع في طرف ساحة سجن المسكوبية (وضعت فيه بعد عودتي من سجن صرفند)، اقتادني الشرطي إلى الباحة الخارجية للسجن. هناك كان أبي ينتظر، فلما رآني بادي الشحوب، انقلبت سحنته، غير أنه تماسك ولم يسمح لعينيه أن تدمعا، إلا حينما عاد إلى البيت، وراح يصف لأمي ولزوجتي ولأبناء عائلتي الحالة التي وجدني فيها. أما فيليتسيا، فقد أصبحت أكثر قدرة على ضبط انفعالاتها، لكثرة ما شاهدت من مآسٍ، منذ أن تطوعت للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. سلمت علي وحثتني على الصمود في وجه الجلادين. كانت تتأمل وجهي الشاحب بين الحين والآخر، وكنت أشعر بامتنان نحوها). غادرت مكتب فيليتسيا لانجر إلى البريد. أرسلت إلى زملائي في السجن بطاقات بريدية، تمنيت لهم فيها إفراجاً عاجلاً، ثم انهمكت في البحث عن عمل، بعد أن قرر الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، فصلي من عملي في التدريس منذ اللحظة الأولى لاعتقالي، فوجدت عملاً في المعهد العربي الذي تأسس العام 1970 باعتباره مدرسة ثانوية، تديرها هيئة عربية مرتبطة بوزارة التربية والتعليم الأردنية. عملت في المعهد عاماً واحداً مدرساً للغة العربية والفلسفة، ثم فصلت من العمل على أيدي الهيئة نفسها التي عينتني فيه، وذلك اعتماداً على تقرير قدمه مدير المعهد، يشير فيه إلى أنني وزميلاً آخر هو عادل عيد، الذي كان خارجاً من السجن الإسرائيلي أيضاً، قمنا طوال العام الدراسي بتحريض طلبة المعهد على تنظيم التظاهرات والإضرابات، وتوزيع المنشورات التي تدعو إلى مقاومة الاحتلال، ما "يتسبب في تشويش الدراسة وانتظامها في المعهد"! غير أن الهيئة ......
#للمدينة48
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=757797
#الحوار_المتمدن
#محمود_شقير ها أنذا أقف حراً طليقاً خارج بوابة السجن، أعانق أفراد أسرتي الذين جاءوا منذ الصباح الباكر من يوم 27 / 5 / 1970، ينتظرون لحظة الإفراج عني. طوال الليلة التي سبقت هذه اللحظة، لم أنم من شدة الفرح، فبعد عشرة أشهر من الاعتقال الإداري، أخرج من السجن. حينما نظرت في المدى الواسع المكشوف من حولي، أدركت إلى أي حد هو بغيض هذا السجن. غادرت سجن الدامون متجهاً إلى القدس (سوف أعود إليه بعد ست وعشرين سنة من مغادرتي إياه، إثر الدعوة التي وجهها إلي الدكتور نعيم عرايدي مدير مركز أدب الطفل العربي في حيفا، للمشاركة في ندوة حول أدب الأطفال، تعقد في منتجع بيت أورن على جبل الكرمل، ليس بعيداً عن سجن الدامون. أذهب صحبة الناقد أنطوان شلحت لزيارة السجن، سنتوقف في الساحة الترابية المحاذية لبوابة السجن، التي كان أهلنا ينتظرون فيها، ريثما تتاح لهم فرصة الدخول لزيارتنا، وهي الساحة نفسها التي ما زالت أسر مقدسية تتردد عليها لزيارة الأبناء الذين ما زالوا يقبعون في السجن. سنلقي نظرة على الأسلاك الشائكة التي تحيط بالمبنى، ثم نقترب من بوابته المتجهمة، ولا نطلب من السجانين إذناً للدخول، لأننا نعرف أنهم لن يسمحوا لنا بذلك). وصلنا البيت بعد ثلاث ساعات من لحظة الانطلاق. كانت العودة إلى البيت تبعث في القلب مشاعر دافئة، وكان علي أن أعود إلى ممارسة حياتي اليومية في المدينة. وصلتني بالبريد، بعد أيام قلائل، ورقة رسمية، يتعين علي بموجبها أن أذهب إلى مكتب المخابرات، القريب من سجن المسكوبية، لمقابلة أحد المسؤولين هناك. ذهبت للمقابلة. قال المسؤول دون مقدمات: إذا عدت إلى مواصلة النشاط السياسي، فسوف نعيدك إلى السجن. غادرت مكتب المخابرات. اتجهت إلى مكتب فيليتسيا لانجر لأخبرها بما جرى معي.(تعرفت إلى فيليتسيا لانجر حينما زارتني أول مرة بعد أسبوعين من اعتقالي في سجن المسكوبية. تقدمت بطلب إلى المحكمة للإفراج عني بكفالة. جاءني شرطي، فتح باب الزنزانة التي تقع في طرف ساحة سجن المسكوبية (وضعت فيه بعد عودتي من سجن صرفند)، اقتادني الشرطي إلى الباحة الخارجية للسجن. هناك كان أبي ينتظر، فلما رآني بادي الشحوب، انقلبت سحنته، غير أنه تماسك ولم يسمح لعينيه أن تدمعا، إلا حينما عاد إلى البيت، وراح يصف لأمي ولزوجتي ولأبناء عائلتي الحالة التي وجدني فيها. أما فيليتسيا، فقد أصبحت أكثر قدرة على ضبط انفعالاتها، لكثرة ما شاهدت من مآسٍ، منذ أن تطوعت للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. سلمت علي وحثتني على الصمود في وجه الجلادين. كانت تتأمل وجهي الشاحب بين الحين والآخر، وكنت أشعر بامتنان نحوها). غادرت مكتب فيليتسيا لانجر إلى البريد. أرسلت إلى زملائي في السجن بطاقات بريدية، تمنيت لهم فيها إفراجاً عاجلاً، ثم انهمكت في البحث عن عمل، بعد أن قرر الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، فصلي من عملي في التدريس منذ اللحظة الأولى لاعتقالي، فوجدت عملاً في المعهد العربي الذي تأسس العام 1970 باعتباره مدرسة ثانوية، تديرها هيئة عربية مرتبطة بوزارة التربية والتعليم الأردنية. عملت في المعهد عاماً واحداً مدرساً للغة العربية والفلسفة، ثم فصلت من العمل على أيدي الهيئة نفسها التي عينتني فيه، وذلك اعتماداً على تقرير قدمه مدير المعهد، يشير فيه إلى أنني وزميلاً آخر هو عادل عيد، الذي كان خارجاً من السجن الإسرائيلي أيضاً، قمنا طوال العام الدراسي بتحريض طلبة المعهد على تنظيم التظاهرات والإضرابات، وتوزيع المنشورات التي تدعو إلى مقاومة الاحتلال، ما "يتسبب في تشويش الدراسة وانتظامها في المعهد"! غير أن الهيئة ......
#للمدينة48
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=757797
الحوار المتمدن
محمود شقير - ظل آخر للمدينة48