الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
داود السلمان : مع دوستويفسكي في سجنه2 2
#الحوار_المتمدن
#داود_السلمان وفيما بعد فأنّ آكيم أصبح من أفضل الشخصيات المحبوبة لدى دوستويفسكي، كان يعينه ويساعده في قضايا كثيرة داخل السجن، وبتعبير آخر أنه صار ساعده الأيمن حيث يعتمد عليه في كل شاردة وواردة تحتاج إلى حل فيقوم بها هذا الرجل الغريب الأطوار. والشخصية الثانية التي أهتم بها الكاتب؛ شاب لا يتجاوز عمره الثانية والعشرين، وهو شاب مسلم يدعى علي، جاء مع أثنين من أخوته بتهمة واحدة، وصفه أديبنا بأنه ذكي ومحبوب، مطيع ذا اسارير منشرحة، يميل له من يراه لأول مرة لأخلاقه الجميل ومنطقه العذب، فصار يتقرب الى دوستويفسكي ليستمع اليه فيأخذ منه بهدف الاطلاع والمعرفة، حتى صار تلميذا مطيعًا للكاتب، فوجهه إلى أن يتعلم اللغة الروسية، بعد ما وجد فيه المواصفات الكاملة لارتقاء سلم الانسانية، والسياحة في أفكار تخدم الأدب، بعد خروجه من السجن. وثمة شخصية أخرى يدعى فوما فومتش، وهو شخص يهودي يعمل مرابي حتى قام بهذا الدور في داخل السجن، وراح الجميع يرهنون عنده ملابسهم الرثة، وبعض مستلزماتهم، لأجل معلوم مقابل بعض الأموال البسيطة، كي يشترون بها خمرة، إذ كان مهربون يدخلون الخمرة إلى السجن، مقابل مبالغ مالية وفي خفية من السجانين. دوستويفسكي وصف فومتش بأنه شخصية هزيلة، يحب النقود أكثر حبه نفسه فضلا عن كونه بخيل كثير الشح، ويفيض حقارة أحيانا ولا يتساهل مع السجناء قط؛ وله مواقف غير محمودة العواقب مع النزلاء، وكان دائما يتصادم مع احدهم، فهو بغيض لدى الجميع، لكنّ مع ذلك يعتبر ثريًا ويمتلك أموالا طائلة. وهو مع ذلك أيضا كان متدينا متمسكا بدينه إلى حد بعيد، كما يصفه أديبنا، فيؤدي صلواته في أوقاتها، فهو محافظا عليها. وعلى كل حال، فأن هذه الرواية يؤرخ الكاتب فيها حقبة أليمة من حياته، لكنها أفادته من ناحية أخرى: أنه درس أحوال السّجناء من الداخل، وعايشهم معايشة فعلية عن كثب، خصوصًا وأنه كان فردًا منهم، وتوصل إلى الغور في أعماق النفس البشرية، لا سيما إذا كان هذه النفس في وضع غير سويّ، كالوضع داخل السجن مشلولة الحركة، معدومة الحرية، مسحوقة الارادة، تعيش في بحبوحة ضيقة لسنوات طويلة، فكيف تفكر هذه الشخصية وكيف تنظر إلى واقعها الراهن، وهي تسكن داخل اربع جدران وفي قيود صارمة. يوصف الكاتب الحال تلك بقوله" أنني حين أهزّ هذه الذكريات القديمة أشعر بالعذاب القديم يستيقظ في نفسي ويخنق صدري. أنا واثق من أنني نسيت أشياء كثيرة، أن ما أتذكره مثلا هو أن هذه السنين قد أنقضت بطيئة حزينة وأن الأيام كانت طويلة مضجرة مملة تمضي قطرة - قطرة. واتذكر أيضا أن رغبة عنيفة قوية في أن أبعث بعثا جديدًا وأن أحيا حياة جديدة، قد وهبت لي القدرة علي أن أصمد وأن انتظر وأن آمل؛ وأن نفسي قد قست أخيراً، فأنا انتظر صابرًا، وأعدّ الأيام يومًا بعد يوم، ويفرحني، حتى حين يكون قد بقي عليّ أن أمكث في السجن ألف يوم أخرى، أنني سأستطيع أن أقول لنفسي في الغداة أنه لم يبق إلا تسعمائة وتسعة وتسعين يوما، لا ألف يوم. وأتذكر أيضًا أنني كنت، وأنا محاط بمئات من الرفاق، اشعر بوحدة هائلة وعزلة رهيبة، وأنني وصلت من ذلك الي أن أحب هذه الوحدة وهذه العزلة. كنت وأنا معتزل في وسط جمهرة السجناء استعرض حياتي السابقة، وأحلل أدق تفاصيلها، واطيل التفكير فيها، وأحكم علي نفسي بغير رحمة أو شفقة. حتي لقد كنت في بعض الأحيان اشكر للقدر إنه فرض علي هذه العزلة التي لولاها لما استطعت أن أحكم علي نفسي ولا أن أنفذ الي قرارة حياتي الماضية. وما اكثر الآمال التي تنبت في قلبي حينذاك، كنت أفكر واقرر، وأحلف أن لا أقارف في المستقبل ما قارفت في الماض ......
#دوستويفسكي
#سجنه2

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762220