محمد ياسين : وجودتي المؤسفة
#الحوار_المتمدن
#محمد_ياسين كم أشعر بالندم لأنني صدقت ذات يوم بأنه لا توجد حقيقة مطلقة، عندما وقعت ضحية لتلك الأفكار التي تحث على التشكيك في مظهر كل الظواهر والأشياء ثم الغوص في جوهرها الذي لا حد له ولا لون باستثناء السواد، تلك الأفكار التي تقذفك في بحار التيه والظلام لتسبح بأبدية كسفينة منكوبة مثقلة بالرفات حيث لا يابسة هناك لترسو ولا قعر لتغرق، فقط سباحة وعوم أبديين بلا توقف وإلى دهر الداهرين. أولئك الذين يدعون إلى مذهب الريبة والشك والتعمق في هذا الكون دون إعطائك الرجاء في الوصول يوما إلى نقطة نهاية تخبو عند مشارفها كل تسؤلاتك الوجودية وتضيئ نباريس السلام وسروجه في وجدانك، حقا إنهم مجرمون، أولئك يجب أن تشيد لهم محاكم في أعماق الجحيم وأن تفرغ لهم كل سجون الأرض وتبنى لهم زنازين في أروقة الكواكب الرتيبة ليقضوا الأبدية في كل مكان . أولئك -وعلى الرغم من غبائي الكبير وبلادتي الصارخة- أفلحوا في الزج بي في مواجهة غير عادلة مع هذا الوجود الغامض، لقد أصبحت عاجزا عن الافتتان بألوانه الزاهية المنتشرة على واجهته وعن ذلك الطلاء البهيج الذي أخضب به وجهه ودس عيوبه، كيف لا وقد فقدت الثقة بعيني ولساني وأذني وكل حواسي؟ بل فقدت الثقة حتى في هويتي وذاراتي، فعلى أي أساس يكون إبني هو إبني لأنني فقط نقلت له جينة يشترك فيها الآلاف من الغرباء ومن الأسلاف؟ لماذا أكون إبنا لأبي وأمي وهما فقط أوصلا إلي جينات يشترك فيها جمع كبير من أموات أفناهم الوجود نفسه وهضمتهم قبوره ؟ ليت الأمر يقتصر على الهوية فقط، إذ يتجاوز هذا البعد إلى وجوديتي: فلماذا أكون أنا هو أنا وأنا كشخص واحد وأنا لست إلا نتاجا لعدد لا يحصر من عمليات التناسل بين ملايين الأشخاص الذين لا أعرفهم ولا يمكن أن أعرفهم؟كيف لا يعاقب هؤلاء الذين سلبوني سذاجتي التي بفضلها فقط عشت أبهى الأيام ؟ ولماذا أقنعوني بأن السذاجة شيئ فظيع ؟ وهل هناك سذاجة أكبر من أن يسرقوا منك سذاجتك ؟ أرجوك أيتها القوى التي أنتي قابعة في أعماقي خاملة بداخلي عودي كما كنت إبان الطفولة المطمئنة، عندما كنت أظن أن لهذا الكون حدودا ونهاية، عندما كنت موقنا غاية اليقين بأن العدد 10 الذي تجسده أناملي النحيفة الصغيرة هو نهاية كل الأعداد، عندما آمنت بأن النملة التي تتسلق بكد عود "مصاصتي" هي أصغر الأجساد، عندما كنت أظن بأن العالم ما هو إلا مكان متموقع في سكينة وسكون بين سقف السماء وسطح الأرض، بل عندما كنت أختزل الوجود كله في ما هو موجود في ذهني فقط، هكذا بكل بساطة كنت أعرف الحياة بمجرد فتح عيني وأعرف الموت عند إغماضها، فعودي بي كما كنت أرجوك أيتها القوة التي أنتي راقدة في داخلي . صدقني أيها الوجود العتيد: أنا لا أصلح للتفكر في أسرارك، أسئلتك، و اختباراتك، لا أصلح حتى لسماع أجوبة صاغها العميقون والشكوكيون والعدميون وكل أولئك الذين لا يؤمنون بمعرفة مطلقة، فأنا غبي، غبي جدا ولا أصلح للتدبر في آفاقك المترامية ولا أصلح أيضا لأن أكون كبيرا .أريد أن أبقى على الدوام وهذا كل ما أصبو إليه، وحتى إن كبرت فإن مكاني هو الأدغال كابن لأسرة متواضعة في إحدى القبائل البدائية على صفاف أنهار أيثوبيا القديمة -حيث كانت تلعب آردي ولوسي- لا هم له سوى تعقب الطرائد وتسلق الأشجار رغبة في قطوفها وضلالها ، فإن لم تستطيعي أيتها القوى التي أنت كامنة في داخلي أن تعودي بي كما كنت طفلا، ولا حتى أن تجعليني رجلا يسيح في البراري فعلى الأقل كوني بأفكار كتلك الأفكار التي كانت عند جدتي . ......
#وجودتي
#المؤسفة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=677083
#الحوار_المتمدن
#محمد_ياسين كم أشعر بالندم لأنني صدقت ذات يوم بأنه لا توجد حقيقة مطلقة، عندما وقعت ضحية لتلك الأفكار التي تحث على التشكيك في مظهر كل الظواهر والأشياء ثم الغوص في جوهرها الذي لا حد له ولا لون باستثناء السواد، تلك الأفكار التي تقذفك في بحار التيه والظلام لتسبح بأبدية كسفينة منكوبة مثقلة بالرفات حيث لا يابسة هناك لترسو ولا قعر لتغرق، فقط سباحة وعوم أبديين بلا توقف وإلى دهر الداهرين. أولئك الذين يدعون إلى مذهب الريبة والشك والتعمق في هذا الكون دون إعطائك الرجاء في الوصول يوما إلى نقطة نهاية تخبو عند مشارفها كل تسؤلاتك الوجودية وتضيئ نباريس السلام وسروجه في وجدانك، حقا إنهم مجرمون، أولئك يجب أن تشيد لهم محاكم في أعماق الجحيم وأن تفرغ لهم كل سجون الأرض وتبنى لهم زنازين في أروقة الكواكب الرتيبة ليقضوا الأبدية في كل مكان . أولئك -وعلى الرغم من غبائي الكبير وبلادتي الصارخة- أفلحوا في الزج بي في مواجهة غير عادلة مع هذا الوجود الغامض، لقد أصبحت عاجزا عن الافتتان بألوانه الزاهية المنتشرة على واجهته وعن ذلك الطلاء البهيج الذي أخضب به وجهه ودس عيوبه، كيف لا وقد فقدت الثقة بعيني ولساني وأذني وكل حواسي؟ بل فقدت الثقة حتى في هويتي وذاراتي، فعلى أي أساس يكون إبني هو إبني لأنني فقط نقلت له جينة يشترك فيها الآلاف من الغرباء ومن الأسلاف؟ لماذا أكون إبنا لأبي وأمي وهما فقط أوصلا إلي جينات يشترك فيها جمع كبير من أموات أفناهم الوجود نفسه وهضمتهم قبوره ؟ ليت الأمر يقتصر على الهوية فقط، إذ يتجاوز هذا البعد إلى وجوديتي: فلماذا أكون أنا هو أنا وأنا كشخص واحد وأنا لست إلا نتاجا لعدد لا يحصر من عمليات التناسل بين ملايين الأشخاص الذين لا أعرفهم ولا يمكن أن أعرفهم؟كيف لا يعاقب هؤلاء الذين سلبوني سذاجتي التي بفضلها فقط عشت أبهى الأيام ؟ ولماذا أقنعوني بأن السذاجة شيئ فظيع ؟ وهل هناك سذاجة أكبر من أن يسرقوا منك سذاجتك ؟ أرجوك أيتها القوى التي أنتي قابعة في أعماقي خاملة بداخلي عودي كما كنت إبان الطفولة المطمئنة، عندما كنت أظن أن لهذا الكون حدودا ونهاية، عندما كنت موقنا غاية اليقين بأن العدد 10 الذي تجسده أناملي النحيفة الصغيرة هو نهاية كل الأعداد، عندما آمنت بأن النملة التي تتسلق بكد عود "مصاصتي" هي أصغر الأجساد، عندما كنت أظن بأن العالم ما هو إلا مكان متموقع في سكينة وسكون بين سقف السماء وسطح الأرض، بل عندما كنت أختزل الوجود كله في ما هو موجود في ذهني فقط، هكذا بكل بساطة كنت أعرف الحياة بمجرد فتح عيني وأعرف الموت عند إغماضها، فعودي بي كما كنت أرجوك أيتها القوة التي أنتي راقدة في داخلي . صدقني أيها الوجود العتيد: أنا لا أصلح للتفكر في أسرارك، أسئلتك، و اختباراتك، لا أصلح حتى لسماع أجوبة صاغها العميقون والشكوكيون والعدميون وكل أولئك الذين لا يؤمنون بمعرفة مطلقة، فأنا غبي، غبي جدا ولا أصلح للتدبر في آفاقك المترامية ولا أصلح أيضا لأن أكون كبيرا .أريد أن أبقى على الدوام وهذا كل ما أصبو إليه، وحتى إن كبرت فإن مكاني هو الأدغال كابن لأسرة متواضعة في إحدى القبائل البدائية على صفاف أنهار أيثوبيا القديمة -حيث كانت تلعب آردي ولوسي- لا هم له سوى تعقب الطرائد وتسلق الأشجار رغبة في قطوفها وضلالها ، فإن لم تستطيعي أيتها القوى التي أنت كامنة في داخلي أن تعودي بي كما كنت طفلا، ولا حتى أن تجعليني رجلا يسيح في البراري فعلى الأقل كوني بأفكار كتلك الأفكار التي كانت عند جدتي . ......
#وجودتي
#المؤسفة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=677083
الحوار المتمدن
محمد ياسين - وجودتي المؤسفة