الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
ملهم الملائكة : قطار البصرة الذي تكرهه الزوجات
#الحوار_المتمدن
#ملهم_الملائكة القطار الذي أنشأه البريطانيون في العراق بعد "استعماره" بقي بخطوطه الحديد يخدم العراقيين حتى اليوم، ومنذ انتقال الفرقة الثامنة بشكل نهائي إلى قاطع البصرة، بتُّ أعود من اجازتي إلى مقر اللواء غالباً بالقطار، وفي القطار قصص.المحطات دائما مساحات الفراق واللقاء، فهي مسارح لوداعات حزينة ولقاءات مفرحة لا نهاية لها، حيث الأهل يودعون بنيهم المسافرين لرحلات الدراسة خارج البلد، والأهل والأقرباء يودعون العرسان الذاهبين إلى رحلات شهر العسل في الموصل أيام الربيع والصيف، وفي البصرة أيام الخريف والشتاء، فالبصرة مشتى العراق المجهول. وفي الحرب أضيف لهذا الموروث أنّ قطار البصرة، يأخذ العسكر إلى جبهات القتال الجنوبية. الرحلة تبدأ في الثامنة ليلاً، ويصل القطار البصرة في السابعة صباحاً، أي 11 ساعة ونحن في نهاية القرن العشرين!الرحلات كانت مجانية، وأحجزُ في العادة سريراً في إحدى المقصورات هاتفياً من البيت. المقصورات مريحة عموما ونظيفة ومرتبة، وهي مقسّمة إلى قسمين، قسم للضباط الأعوان، وفي كل منها سريران متعامدان فوق بعضهما، كما يمكن دمج مقصورتين متلاصقتين في دعوة عشاء وسمر لأربعة أشخاص، يمكن بعدها فصل المقصورتين لتوفير منام مريح لشخصين. أما القسم الآخر فكان للضباط القادة (من رتبة مقدم فصاعداً) بسرير منفرد وخدمات غرفة كاملة. ليلة نهاية الإجازة، كانت حزناً لا ينتهي في البيت، وينفرج هذا الحزن بتأملاتي في المحطة العالمية ببغداد. جو المحطة، ينقلني دائما إلى عالم نتشوّق له، إلى محطات القطارات في لندن وبرلين وباريس وروما، حيث تقف الحبيبات، صوفيا لورين، أودري هيبورن، رومي شنايدر، وهنّ يودعن أحبتهن، ألان ديلون، شين كونوري، كيرك دوغلاس العتيق الباقي. في زوايا المحطات المظلمة يتبادل العاشقون قبلات وداعٍ اختلط فيها الحب بالدمع الحزين. وقاطرات الديزل تنفث بشدة بخار الرحيل الجميل الذي يغمر المودعين والمستقبلين والمسافرين على أرصفة المحطات الرمادية. كل هذا كان ينسيني لوهلة كآبة رحلتي التي لا يستبعد قط أن تكون الأخيرة، ففي جبهة الحرب، يصبح الموت مسألة يومية، وقد يتدنى دونها العوق، فيفقد الإنسان أحد أعضائه أو تنطفي فيه إحدى حواسه، أو تتعطل في جسده إحدى الوظائف، وإن تاهت البوصلة، فالأسر ليس نهاية غريبة لسفوح المعارك الموحشات، فهي الحرب ولن تكون قط نزهة. وكانت زوجتي تشايعني أحياناً إلى رصيف المحطة لتودعني، بعناق وقبلة طويلة على سلم القطار قبل أن يقلع في طريقه إلى الجبهات، وتمازحني بطرافة طفولة ضائعة قائلة:"خذني معك، ضعني في الحقيبة، وخذني معك، ودعني أقضي كل الأيام الأربعة وعشرين مختبئة في ملجئك، وعليك أن تؤمن لي الطعام والماء". ونستذكر بصمتٍ محموم معاً تلك اللحظة الجميلة التي شاهدناها في أفلامٍ عن محطات العواصم الغربية إبان حروب عتيقة لم نعرفها سوى على الشاشات، وها نحن نعيش أبشع صفحاتها. مجرد الحلم بالوصول إلى تلك العواصم بات صعباً، فالحرب تأبى أن ترفع أوزارها. ويقلع القطار، وحال أن يغادر المسيب والمحمودية متجهاً نحو الجنوب، أسارع لأقاسم رفيق الدرب وزميل الكابينة عشاءنا والكحول المرافق له كيفما كان، ولم يصدف أن التقيت ضابطاً يرفض الكحول، والأطباء كانوا دائماً أجمل رفاق السفر، فهم مثقفون منفتحون على العالم، ويمكن معهم أن ينسى المرء أنّه ذاهب إلى موت محتمل بشدة.ذات ليلة من أواخر خريف عام 1984، عدت من إجازتي الدورية بقطار البصرة، وودعني المطر على رصيف المحطة العالمية، وكنت مع نفسي أسرح بخيال أن يسرقني القطار وهو ماضٍ بلا هوادة عبر الحدود جنوباً إلى الكويت، ......
#قطار
#البصرة
#الذي
#تكرهه
#الزوجات

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=748371