سعود سالم : كاليجولا ومطاردة القمر
#الحوار_المتمدن
#سعود_سالم أركيولوجيا العدم ١٢٤ - كاليجولا ومطاردة القمرالإنسان غريب عن ذاته، ألقي به في هذه الصحراء من الكينونة الباردة، بالصدفة وبدون هدف محدد، ومن غير إرادته. وهو مضطر ومحكوم عليه أن ينجاوز ذاته وكينونته المزرية، ويتجاوز وجوده المادي إلى حريته. وحريته ليست شيئا آخر، ولا تتحقق سوى في هذا التجاوز المستمر الأبدي. غير أنه كما سبق القول هو ممزق بين هذه الحرية وبين كينونته المادية التي تجذبه على الدوام نحو الطبيعة والطبيعي، نحو كينونة التراب والأحجار. ولكن الإنسان كوعي فاقد لبراءته الأولية، فإن حريته تتطلب الكينونة، غير أن هذه الحرية لا تطارد الكينونة كي تسجنها في صندوق حديدي مقفل، الحرية تريد إكتشاف الكينونة ودلالاتها ومعانيها الظاهرة والخفية، تريد كشف الإشارات الدالة عليها وعلى مصدرها ومناطق ظهورها، بإختصار، حرية الإنسان تتطلب منه أن يفهم ويكتشف معنى الكينونة. ها هو كاليجولا، بعد موت المرأة الوحيدة التي يحبها، حبيبته وأخته "دروزيللا"، يختفي لمدة ثلاثة أيام، قضاها وهو يجري، يطارد القمر. كان يريد أن يمتلك هذا القرص الفضي الذي يراقبه من السماء، ولأن القمر من الأشياء التي لا يمتلكها، ولأنه بحاجة لشيء مستحيل التحقق. نظام الأشياء كماهي، أي الكينونة عموما لا تناسيه : " هذا العالم بحالته التي هو عليها، لا يطاق. لهذا أحتاج إلى القمر أو الفردوس أو الخلود، لأي شيء، حتى ولو كان جنونيا، فقط ألا يكون من هذا العالم." وهذا الجنون ينبع من إحساس عميق بتعاسة البشرية، وبوجود حقيقة لا يستطيع إحتمالها وهي موت الناس وهم ليسوا سعداء، مما يحرمه من راحة البال ومن الراحة الجسدية " إذا ذهبت للنوم، فكيف سأحصل على القمر .. "كاليجولا ليس مجنونا ولكنه يبحث عن ذاته، أي عن وجوده الحقيقي وراء كينونته، إنه يبحث عن كيفية أن يكون حرا. فيتخذ قرارات عجيبة في وظيفته كحاكم مطلق، من أجل ملء خزينة الدولة، يقرر يقرر إلغاء نظام الوراثة، بحيث ترجع كل أموال الأغنياء والنبلاء إلى الخزينة العامة بعد موتهم. ولكي يتم الإسراع بهذه العملية، يتم قتل النبلاء من قبل الدولة، حسب جدول عشوائي. ويقول بخصوص السلطة التي يتمتع بها كإمبراطور " أخيرا أدركت فائدة السلطة. إنها تعطي المستحيل حظوظا ما، ومن الآن فصاعدا سوف أترك العنان لحريتي لتجول أينما تريد، دون حدود." ويذهب أبعد من هذه الحرية المتعلقة بالسلطة السياسية، إنه يريد أن يتجاوز الألوهية : " من هو هذا الإله كي أرغب أن أتساوى معه ؟ الذي أسعى إليه الآن مستخدما كل قواي، هو أن أترفع عن جميع الآلهة ( .. ) أريد أن أذيب السماء في البحر وأن أصهر الجمال مع القبح، وأن أخلق من الألم فقاعات من الضحك."كاليجولا كان يطارد القمر، لأنه كان يجري وراء الكينونة، وكان يحاول أن يدرك العالم المحيط به ويفهم أسراره. غير أن هذه الكينونة، عندما ندركها ونحاول الإمساك بها، سرعان ما تنزلق كالسمكة من بين أصابعنا، ما أن نرفع عنها الستار حتى تتبخر وتختفي عن الأنظار وتتحول بطريقة سحرية إلى "وجود". هدف هذه الحرية المجنونة هو الوجود من خلال كثافة الكينونة الهاربة والمفقودة على الدوام. هذه الحركة المستمرة والدائبة، وهذا التجاوز والتخطي الدائم للإنسان نحو مشروعه الوجودي، يتطلب أن تكون هذه "الحرية-الوجود" مفتوحة على المستقبل وتطل على مواقف لانهائية، وأن تتخلص من الحصار وتفجر كل الأسوار والبوابات والحدود، بحيث تستطيع في كل لحظة وكل موقف أن تتجاوز ذاتها إلى ذاتها، أن تلغي ذاتها لتوجد. ......
#كاليجولا
#ومطاردة
#القمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=748362
#الحوار_المتمدن
#سعود_سالم أركيولوجيا العدم ١٢٤ - كاليجولا ومطاردة القمرالإنسان غريب عن ذاته، ألقي به في هذه الصحراء من الكينونة الباردة، بالصدفة وبدون هدف محدد، ومن غير إرادته. وهو مضطر ومحكوم عليه أن ينجاوز ذاته وكينونته المزرية، ويتجاوز وجوده المادي إلى حريته. وحريته ليست شيئا آخر، ولا تتحقق سوى في هذا التجاوز المستمر الأبدي. غير أنه كما سبق القول هو ممزق بين هذه الحرية وبين كينونته المادية التي تجذبه على الدوام نحو الطبيعة والطبيعي، نحو كينونة التراب والأحجار. ولكن الإنسان كوعي فاقد لبراءته الأولية، فإن حريته تتطلب الكينونة، غير أن هذه الحرية لا تطارد الكينونة كي تسجنها في صندوق حديدي مقفل، الحرية تريد إكتشاف الكينونة ودلالاتها ومعانيها الظاهرة والخفية، تريد كشف الإشارات الدالة عليها وعلى مصدرها ومناطق ظهورها، بإختصار، حرية الإنسان تتطلب منه أن يفهم ويكتشف معنى الكينونة. ها هو كاليجولا، بعد موت المرأة الوحيدة التي يحبها، حبيبته وأخته "دروزيللا"، يختفي لمدة ثلاثة أيام، قضاها وهو يجري، يطارد القمر. كان يريد أن يمتلك هذا القرص الفضي الذي يراقبه من السماء، ولأن القمر من الأشياء التي لا يمتلكها، ولأنه بحاجة لشيء مستحيل التحقق. نظام الأشياء كماهي، أي الكينونة عموما لا تناسيه : " هذا العالم بحالته التي هو عليها، لا يطاق. لهذا أحتاج إلى القمر أو الفردوس أو الخلود، لأي شيء، حتى ولو كان جنونيا، فقط ألا يكون من هذا العالم." وهذا الجنون ينبع من إحساس عميق بتعاسة البشرية، وبوجود حقيقة لا يستطيع إحتمالها وهي موت الناس وهم ليسوا سعداء، مما يحرمه من راحة البال ومن الراحة الجسدية " إذا ذهبت للنوم، فكيف سأحصل على القمر .. "كاليجولا ليس مجنونا ولكنه يبحث عن ذاته، أي عن وجوده الحقيقي وراء كينونته، إنه يبحث عن كيفية أن يكون حرا. فيتخذ قرارات عجيبة في وظيفته كحاكم مطلق، من أجل ملء خزينة الدولة، يقرر يقرر إلغاء نظام الوراثة، بحيث ترجع كل أموال الأغنياء والنبلاء إلى الخزينة العامة بعد موتهم. ولكي يتم الإسراع بهذه العملية، يتم قتل النبلاء من قبل الدولة، حسب جدول عشوائي. ويقول بخصوص السلطة التي يتمتع بها كإمبراطور " أخيرا أدركت فائدة السلطة. إنها تعطي المستحيل حظوظا ما، ومن الآن فصاعدا سوف أترك العنان لحريتي لتجول أينما تريد، دون حدود." ويذهب أبعد من هذه الحرية المتعلقة بالسلطة السياسية، إنه يريد أن يتجاوز الألوهية : " من هو هذا الإله كي أرغب أن أتساوى معه ؟ الذي أسعى إليه الآن مستخدما كل قواي، هو أن أترفع عن جميع الآلهة ( .. ) أريد أن أذيب السماء في البحر وأن أصهر الجمال مع القبح، وأن أخلق من الألم فقاعات من الضحك."كاليجولا كان يطارد القمر، لأنه كان يجري وراء الكينونة، وكان يحاول أن يدرك العالم المحيط به ويفهم أسراره. غير أن هذه الكينونة، عندما ندركها ونحاول الإمساك بها، سرعان ما تنزلق كالسمكة من بين أصابعنا، ما أن نرفع عنها الستار حتى تتبخر وتختفي عن الأنظار وتتحول بطريقة سحرية إلى "وجود". هدف هذه الحرية المجنونة هو الوجود من خلال كثافة الكينونة الهاربة والمفقودة على الدوام. هذه الحركة المستمرة والدائبة، وهذا التجاوز والتخطي الدائم للإنسان نحو مشروعه الوجودي، يتطلب أن تكون هذه "الحرية-الوجود" مفتوحة على المستقبل وتطل على مواقف لانهائية، وأن تتخلص من الحصار وتفجر كل الأسوار والبوابات والحدود، بحيث تستطيع في كل لحظة وكل موقف أن تتجاوز ذاتها إلى ذاتها، أن تلغي ذاتها لتوجد. ......
#كاليجولا
#ومطاردة
#القمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=748362
الحوار المتمدن
سعود سالم - كاليجولا ومطاردة القمر