بتول حميد : احذرْ من شفقة الحب
#الحوار_المتمدن
#بتول_حميد في باحة أحد المعارضِ، وتحديداً في متحف البحرين الوطني، نادتني لوحة مفعمة بالأسى، مكتظة بالأحمر القاني والسواد المصوّغ من هيئة ملاكٍ يجثو على ركبتيه ضاماً جناحيه وخاضعا لعذاباته.ليس بالضرورة أن تكون محللا نفسياً لتفهم ماوراء هذه الألوان من مونولوج وصراع نفسي أو حكاية صغيرة عبقها الخيال الشجي. وفي الوقت ذاته قد تملك شعوراً استثنائيا بلوحة كأن تذكرك بشيء عالق في قلبك. ولعل الذكرى التي نقرت العقل كانت ملحة لأستذكر مروراً بأخيلة الألوان إلى قصة رسام قديمة، كان ذائع الصيت بما يرسم من لوحات فريدة ويقيم من معارض ناجحة، وثيمة لوحاته كلها سيدة جميلة تمتلك نفس الملامح في كل اللوحات، بيْد أنها مختلفة الإيماءات في كل واحدة منها. فتنة اللوحات مستمدة من عينين ساحرتين وشفتين مكتنزتين تجعل المتفرج عليها يسأل نفسه مستدركاً، ولكن ماذا لو لمس الرجل قلب امرأة جميلة واستشف أنه خاوي العاطفة، وتحسس عقلها بأفكاره فوجده أجوف؟ملامح الحسناء التي كانت تكتسح اللوحات، صارت حديث الساعات ومبعث شغف المتفرجين، إلا أنهم ذهلوا أن المرأة هي زوجته المتشوهة لحريق قديم نشب في بيته فخطف بنيرانه نضارة وجهها وحولها إلى تقاسيم تكسوها الحروق الخالدة. سألوه برعونة وصراحة جاسرة، هل مازلت تحب هذه المرأة؟ وهل هي الإلهام لريشتك؟ أجابهم ببديهية: زوجتي هي من آثرت أن تحافظ على مخزون لوحاتي فيما كان بيتي يحترق، وتحملت سياط ألسنة اللهب لتأخذ كل لوحاتي خارج البيت وكان نصيبها أن طغت النار على جلدها الرقيق. لا أرى فيها إلا المرأة التي تزينت بالتضحية والتي سأبقى أحبها ما حييت.كل روح في هذا الكون البديع هيأها الله لاستقبال الجمال، ولكن لكل روح أيضا نظرة نسبية ومعايير مختلفة حد الدهشة! منا من يبحث عن الجوهر بنفسية حساسة وشفافة ومنا من يكتفي بالظاهر ويتبع خطى المادة والمظهر مهما كان هشا أو يجنح للضعف. لكنّا مهما قرأنا أو أدركنا مشاهد حياتية عن التعاطف الإنساني الذي يتصف به بعض البشر، فإن الوصول إلى فهم خالص لهذا الشعور الأصيل يستدعي وعياً وتجربة ورؤية حساسة لا يبلغها جميع الناس.ربما لأن الطريق إلى التعاطف يبدأ بالشفقة مرتكزًا على الحب الأساسي للإنسان وللحياة حتى يصل المرء بذلك إلى قيمة أخلاقية من درجات الخير والجمال تتمثل في الرقة، التي تتجسّد من خلالها رؤيتنا للآخرين و-كأنهم نحن-. إذْ أنني إذا كنت أتعاطف معك، فمعنى ذلك أني أعيش موقفك وأتمثل كينونتك بأكملها وأتلمس تفاصيل حياتك؛ ليس على سبيل التقمص الخيالي فقط وإنما على مستوى الوعي العقلي بالتجربة الإنسانية، وبذلك تتكشف لي شخصيتك وألوان تشكيلك الجوانيّ، مما يمكنني من فهم موقفك ورود أفعالك ودوافعك. كما يقول فرويد “التعاطف نوع خاص من كشف الهوية؛ حيث نرى أنفسنا في أشخاص آخرين ونجعل تجاربهم وسلوكهم والمواقف التي يعيشون بها جزءاً من نظرتنا إلى ذاتنا” فهل نستطيع أن نصل إلى ذلك؟يختلف نيتشه مع فرويد ويرى الشفقة لا تقتصر على مضاعفة بؤسنا، بل إنها تقود أيضًا إلى انتقاص الكرامة؛ فالشفقة – أو حتى الرأفة – على إنسانٍ آخر تمنح المُتلقي تأييدًا ضمنيًّا للظرف الذي أثار الشفقة في المقام الأول “لقد تجرأ الناس على وصف الشفقة بالفضيلة! بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك بجعلها عين الفضيلة؛ أساس ومصدر كل الفضائل، لكن لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن هذا المنظور مأخوذٌ من فلسفة عدمية نقشت نفيَ الحياة على درعها. كان شوبنهاور مُحقًّا في رأيه بأن الشفقةُ تنفي الحياة، وتجعل منها شيئًا جديرًا بالنفي. إن الشفقة ممارسةُ العدمية. مرة أخرى: هذه الغريزة ......
#احذرْ
#شفقة
#الحب
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=694919
#الحوار_المتمدن
#بتول_حميد في باحة أحد المعارضِ، وتحديداً في متحف البحرين الوطني، نادتني لوحة مفعمة بالأسى، مكتظة بالأحمر القاني والسواد المصوّغ من هيئة ملاكٍ يجثو على ركبتيه ضاماً جناحيه وخاضعا لعذاباته.ليس بالضرورة أن تكون محللا نفسياً لتفهم ماوراء هذه الألوان من مونولوج وصراع نفسي أو حكاية صغيرة عبقها الخيال الشجي. وفي الوقت ذاته قد تملك شعوراً استثنائيا بلوحة كأن تذكرك بشيء عالق في قلبك. ولعل الذكرى التي نقرت العقل كانت ملحة لأستذكر مروراً بأخيلة الألوان إلى قصة رسام قديمة، كان ذائع الصيت بما يرسم من لوحات فريدة ويقيم من معارض ناجحة، وثيمة لوحاته كلها سيدة جميلة تمتلك نفس الملامح في كل اللوحات، بيْد أنها مختلفة الإيماءات في كل واحدة منها. فتنة اللوحات مستمدة من عينين ساحرتين وشفتين مكتنزتين تجعل المتفرج عليها يسأل نفسه مستدركاً، ولكن ماذا لو لمس الرجل قلب امرأة جميلة واستشف أنه خاوي العاطفة، وتحسس عقلها بأفكاره فوجده أجوف؟ملامح الحسناء التي كانت تكتسح اللوحات، صارت حديث الساعات ومبعث شغف المتفرجين، إلا أنهم ذهلوا أن المرأة هي زوجته المتشوهة لحريق قديم نشب في بيته فخطف بنيرانه نضارة وجهها وحولها إلى تقاسيم تكسوها الحروق الخالدة. سألوه برعونة وصراحة جاسرة، هل مازلت تحب هذه المرأة؟ وهل هي الإلهام لريشتك؟ أجابهم ببديهية: زوجتي هي من آثرت أن تحافظ على مخزون لوحاتي فيما كان بيتي يحترق، وتحملت سياط ألسنة اللهب لتأخذ كل لوحاتي خارج البيت وكان نصيبها أن طغت النار على جلدها الرقيق. لا أرى فيها إلا المرأة التي تزينت بالتضحية والتي سأبقى أحبها ما حييت.كل روح في هذا الكون البديع هيأها الله لاستقبال الجمال، ولكن لكل روح أيضا نظرة نسبية ومعايير مختلفة حد الدهشة! منا من يبحث عن الجوهر بنفسية حساسة وشفافة ومنا من يكتفي بالظاهر ويتبع خطى المادة والمظهر مهما كان هشا أو يجنح للضعف. لكنّا مهما قرأنا أو أدركنا مشاهد حياتية عن التعاطف الإنساني الذي يتصف به بعض البشر، فإن الوصول إلى فهم خالص لهذا الشعور الأصيل يستدعي وعياً وتجربة ورؤية حساسة لا يبلغها جميع الناس.ربما لأن الطريق إلى التعاطف يبدأ بالشفقة مرتكزًا على الحب الأساسي للإنسان وللحياة حتى يصل المرء بذلك إلى قيمة أخلاقية من درجات الخير والجمال تتمثل في الرقة، التي تتجسّد من خلالها رؤيتنا للآخرين و-كأنهم نحن-. إذْ أنني إذا كنت أتعاطف معك، فمعنى ذلك أني أعيش موقفك وأتمثل كينونتك بأكملها وأتلمس تفاصيل حياتك؛ ليس على سبيل التقمص الخيالي فقط وإنما على مستوى الوعي العقلي بالتجربة الإنسانية، وبذلك تتكشف لي شخصيتك وألوان تشكيلك الجوانيّ، مما يمكنني من فهم موقفك ورود أفعالك ودوافعك. كما يقول فرويد “التعاطف نوع خاص من كشف الهوية؛ حيث نرى أنفسنا في أشخاص آخرين ونجعل تجاربهم وسلوكهم والمواقف التي يعيشون بها جزءاً من نظرتنا إلى ذاتنا” فهل نستطيع أن نصل إلى ذلك؟يختلف نيتشه مع فرويد ويرى الشفقة لا تقتصر على مضاعفة بؤسنا، بل إنها تقود أيضًا إلى انتقاص الكرامة؛ فالشفقة – أو حتى الرأفة – على إنسانٍ آخر تمنح المُتلقي تأييدًا ضمنيًّا للظرف الذي أثار الشفقة في المقام الأول “لقد تجرأ الناس على وصف الشفقة بالفضيلة! بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك بجعلها عين الفضيلة؛ أساس ومصدر كل الفضائل، لكن لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن هذا المنظور مأخوذٌ من فلسفة عدمية نقشت نفيَ الحياة على درعها. كان شوبنهاور مُحقًّا في رأيه بأن الشفقةُ تنفي الحياة، وتجعل منها شيئًا جديرًا بالنفي. إن الشفقة ممارسةُ العدمية. مرة أخرى: هذه الغريزة ......
#احذرْ
#شفقة
#الحب
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=694919
الحوار المتمدن
بتول حميد - احذرْ من شفقة الحب!