الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
ضيا اسكندر : عويلُ ثعلبة
#الحوار_المتمدن
#ضيا_اسكندر كنت وصديقي منذ أيام نقضي وقتاً ممتعاً في بيته الجبلي على ضفاف بُحيرة سدّ نهر الكبير الشمالي. وعند أول المساء، ونحن جالسان على الشرفة نراقب سحر الغروب، تناهى إلينا صوت حيوانٍ حزين يعوي على مقربة منّا في الغابة الحراجية المحاذية للبحيرة. تطلّعنا ببعض وأدَّينا دقيقة صمت تلقائية، نصغي إلى هذا الصوت الذي أسمعه لأول مرة في حياتي، رغم اهتمامي بعالم الحيوانات والطيور. وتكرّر صوت هذا الحيوان بمعدّل مرّة كل عشر ثواني. وقد فسّرته على أنه تعبير عن حالة وجع شديد يعاني منه. سألت صديقي المعروف عنه بمعلوماته الموسوعية بهذا الصدد؛ كونه أمضى شطراً مديداً من حياته في الريف الساحلي، عن سرّ هذا الصوت. فأجاب:- إنه صوت أنثى الثعلب والتي تسمّى (ثعلبة). ويبدو أنها في مرحلة الدّورة النزوية، تستدعي الذكور من خلال هذه الأصوات.قلتُ له وأنا في حالٍ من الدهشة والارتياب:- لكن صوتها حزينٌ جداً وكأنها في مرحلة خطر! ألا يوجد احتمال آخر؟!- نعم. هناك احتمالان: إمّا أنها تتوجّع من آلام الولادة. أو أنها تُصدِرُ هذه الأصوات دفاعاً عن جرائها من خطرٍ محدقٍ يحيق بهم. أصغينا مجدداً إلى الثعلبة التي بدأ عويلها يبتعد تدريجياً، ما يدلّ على نفي الاحتمال الأول (الولادة). إذ من المعروف أن الثعلبة تلتزم وكرها ولا تغادره قبل إتمام عملية الولادة. وفي هذه الأثناء يزوّدها الذكر بالطعام. وطالما أن صوتها يبتعد، فهذا يعني أنها تنتقل من مكان إلى آخر. إذن هي في حالة الخصوبة وتستدعي الذكور. ولكن هذا العويل الحزين لا يمكن تفسيره إلّا أنها في حالة دفاع عن نفسها وعن صغارها. ما جعلها تنتقل بهم من مكان إلى آخر أكثر أمناً. اشتعلت لديّ مشاعر التضامن مع هذه الأنثى التي تدافع بضراوة عن صغارها ضدّ الوحوش الكاسرة كما خمَّنت. وتخيّلتُ كيف يحتمي صغارها بها مذعورين غير قادرين على الدفاع عن حقهم في الحياة بسبب قِواهم الهزيلة. وكم ستكون فجيعة أمّهم فظيعة وهي تشاهد مصرعهم وتمزّق أجسادهم الدامية. فجأةً اندلعت فكرة في نفسي فقلت لصديقي بنخوةٍ بدويّة:- ما رأيك أن نهرع لنجدتها ومن معها؟ لم أعدْ أحتمل هذا الصوت المعذّب رغم ابتعاده.رسم صديقي ابتسامة وديعة على وجهه وهو ينظر باتجاه مصدر الصوت. وتريَّثَ قليلاً قبل أن يُجيب. وهو المشهود له بعقلانيته وابتعاده عن ردود الأفعال الارتجالية، وقال:- أقدّر أحاسيسك المرهفة، وشعورك المتعاطف مع المظلومين، واستعدادك الدائم للوقوف معهم ضدّ ظالميهم. ولكن يا صديقي ما ينطبق على البشر، لا ينطبق على عالم الحيوان.ألححْتُ عليه بلهجة المستغيث:- أرجوك! دعنا نتوجه إلى مكان الثعلبة. فلْيحملْ كلٌّ منّا عصا طويلة، لنقف إلى جانبها وندافع عنها..رمقني بنظرة طويلة، ثم ابتسم مجدّداً وأشعل سيجارة، ورفع كأس العرق بيده مقرّباً كأسه بكأسي ليدقّا ببعضهما وقال:- بصحّتك يا صديقي الثوري.وارتشف من كأسه رشفةً وأجاب بهدوء الحكماء:- طيب، لنفترض أننا قمنا بمهمة الدفاع عن الثعلبة وأزلْنا الخطر عنها. هل يعني ذلك، أنها لن تتعرّض مستقبلاً إلى ذات المخاطر؟ وهل نحن جاهزون للدفاع عن كل الحيوانات والطيور التي تتعرّض للهلاك يومياً بسبب قانون الطبيعة الذي نظّم عالم الحياة البرية؟! يا صديقي، دعنا نفكّر بكيفية رفع الظلم والقهر والعذاب من حياة البشر. ولْنترك الحيوانات تبتدع وسائلها في الدفاع عن نفسها وفي صراعها من أجل البقاء.. وهي ليست قاصرة عن ذلك. ابتعد صوت الثعلبة ولم أعد أسمع عويلها الذي تلاشى أثناء جواب صديقي.جلْتُ بناظري إلى القرى المتناثرة على سفوح الجبال، لاحظ ......
#عويلُ
#ثعلبة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724312