رؤوف علوان : كراجات العالم
#الحوار_المتمدن
#رؤوف_علوان سفر الى النسيان...........الكراجات برزخ بين مثواك ومرتحلك، تجربة لتتامل ما انبتت نفسك من اشجار وأشواك في ترحالها اليومي والأبدي. فسفر الاجساد ترافقه ظلال الارواح. والكراجات نقاط مفصلية تربط حنان اقامتك الآمن بالعالم الخارجي المفتوح على كل الاحتمالات. لذا تبدو لفظة (المرآب) غريبة هجينة لا تهبك معنى ولا يتداولها احد. ويكتسب الكراج صفات اهله, ولو كان مجرد سيارتين تقف جانب الشارع وينادون زبير زبير. فكراجات الاحياء تأخذ شكلها ووجهها ولغتها من المناطق التي تذهب اليها. فهل ان كراج التنومة الذاهب الى ما تبقى من انهار ونخيل وخضرة وطيبة يشابه كراج القبلة او الحيانية. وكذلك هي الكراجات الكبيرة. ففي التسعينات, قال لي صديق وكان نائب ضابط في القوة الجوية انه حين يصعد متسول الى الحافلة في احد كراجي بغداد فسوف ينال الخير . ولكنه في الكراج الاخر ينال رفسة الى خارج الحافلة. وقبل ايام كنت اروم السفر الى بغداد في حاجة عاجلة ( صد رد), فذهبت الى كراج البصرة الرئيسي في ساحة سعد، فكان السواق كعادتهم يأكلون الوجه, ويتشبثون بساعد كل قادم من الجهات الثلاث. وهم ينادون بحرارة: بغداد, نجف, ناصرية بالكيا. (حجي نفر واحد عمارة بالتاكسي. يالله توكل) مع أن السيارة فارغة. وحين يكتمل العدد, ينبهك اكثر الركاب ايمانا او خوفا (الفاتحة لام البنين رحم الله والديكم تسهيل امر ) وكانك ما ان تغادر الكراج حتى تدخل دائرة الخطر والحذر. وقفت عند بوابة الكراج الكبيرة والسقائف الطويلة تمتد في الداخل. فأحسست بيد الغربة تمسك بيدي. تمسح على وجهي, وتهب قلبي بهتة. فكراجات المدن الكبيرة هي الاكثر غربة, تقراها في الوجوه, وأسماء المحافظات, الأشجار الزائدة عن الحاجة, والمحلات المريبة, ومزاح السواق. وكانك في حلم طويل لن ينقضي حتى تجد السيارة الملائمة للسفر. والكراجات بطبعها جاحدة ناسية لتاريخها. لا تذكر امسها, فكيف بنا ونحن ابناء الامس الاوفياء. فانبعثت في خيالي صورا من خلال الضباب بالأسود والأبيض الشاحب بالحزن والحنين. فأرى مفرزة الانضباط العسكري تجثم في مدخل الكراج مطلوب منها ان يكتظ باطن سيارة البوكس بالجنود المساكين سيئي الحظ. واسمع جعجعة الايفا ترتج امام الكراج مولية الى الفاو, عبادان, نهر جاسم, السودة والبيضة. وعلى ظهرها جنود يعتلون اليطقات مرغمون على الاستشهاد في الخنادق الوسخة. وأصوات القصف البعيد ينبأ عن نزف في شرايين الأرواح. ان للقذائف صوت الموت. فينادون أهذا موعد ملائم للشهادة, الا يكفي أيها الوطن المسخّم ستة آلاف سنة من القتل والقتال والغزو والإذلال! ستمتد المعارك لأسابيع، يجزر فيها الف اضحية يوميا. اشاهد الجنود على رصيف الشارع المواجه للكراج. يفطرون الكباب او الفشة او شوربة طيبة لرخصها من عربة ألوانها براقة. او عند بائعة القيمر الحميراء المكتنزة, تجامل للتكسب,أو لمن يروق لها. فيشربون اكثر من استكان للشاي. ثم يمضون الى موتهم المحتمل مع سيكارة سومر اسود سن طويل. في قلب الكراج، ابصر سيلا متدافعا يجري الى طرفه خلف المنشاة 44 راكب. وألاجساد تجهش بتعرّق الخاكي حيث تتقافز الحقائب الخالية والمنتفخة بالدجاجة المقلية الملفوفة بجريدة القادسية أو ألف باء, او كيلو كعك أبو السمسم. وحي ......
#كراجات
#العالم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=743025
#الحوار_المتمدن
#رؤوف_علوان سفر الى النسيان...........الكراجات برزخ بين مثواك ومرتحلك، تجربة لتتامل ما انبتت نفسك من اشجار وأشواك في ترحالها اليومي والأبدي. فسفر الاجساد ترافقه ظلال الارواح. والكراجات نقاط مفصلية تربط حنان اقامتك الآمن بالعالم الخارجي المفتوح على كل الاحتمالات. لذا تبدو لفظة (المرآب) غريبة هجينة لا تهبك معنى ولا يتداولها احد. ويكتسب الكراج صفات اهله, ولو كان مجرد سيارتين تقف جانب الشارع وينادون زبير زبير. فكراجات الاحياء تأخذ شكلها ووجهها ولغتها من المناطق التي تذهب اليها. فهل ان كراج التنومة الذاهب الى ما تبقى من انهار ونخيل وخضرة وطيبة يشابه كراج القبلة او الحيانية. وكذلك هي الكراجات الكبيرة. ففي التسعينات, قال لي صديق وكان نائب ضابط في القوة الجوية انه حين يصعد متسول الى الحافلة في احد كراجي بغداد فسوف ينال الخير . ولكنه في الكراج الاخر ينال رفسة الى خارج الحافلة. وقبل ايام كنت اروم السفر الى بغداد في حاجة عاجلة ( صد رد), فذهبت الى كراج البصرة الرئيسي في ساحة سعد، فكان السواق كعادتهم يأكلون الوجه, ويتشبثون بساعد كل قادم من الجهات الثلاث. وهم ينادون بحرارة: بغداد, نجف, ناصرية بالكيا. (حجي نفر واحد عمارة بالتاكسي. يالله توكل) مع أن السيارة فارغة. وحين يكتمل العدد, ينبهك اكثر الركاب ايمانا او خوفا (الفاتحة لام البنين رحم الله والديكم تسهيل امر ) وكانك ما ان تغادر الكراج حتى تدخل دائرة الخطر والحذر. وقفت عند بوابة الكراج الكبيرة والسقائف الطويلة تمتد في الداخل. فأحسست بيد الغربة تمسك بيدي. تمسح على وجهي, وتهب قلبي بهتة. فكراجات المدن الكبيرة هي الاكثر غربة, تقراها في الوجوه, وأسماء المحافظات, الأشجار الزائدة عن الحاجة, والمحلات المريبة, ومزاح السواق. وكانك في حلم طويل لن ينقضي حتى تجد السيارة الملائمة للسفر. والكراجات بطبعها جاحدة ناسية لتاريخها. لا تذكر امسها, فكيف بنا ونحن ابناء الامس الاوفياء. فانبعثت في خيالي صورا من خلال الضباب بالأسود والأبيض الشاحب بالحزن والحنين. فأرى مفرزة الانضباط العسكري تجثم في مدخل الكراج مطلوب منها ان يكتظ باطن سيارة البوكس بالجنود المساكين سيئي الحظ. واسمع جعجعة الايفا ترتج امام الكراج مولية الى الفاو, عبادان, نهر جاسم, السودة والبيضة. وعلى ظهرها جنود يعتلون اليطقات مرغمون على الاستشهاد في الخنادق الوسخة. وأصوات القصف البعيد ينبأ عن نزف في شرايين الأرواح. ان للقذائف صوت الموت. فينادون أهذا موعد ملائم للشهادة, الا يكفي أيها الوطن المسخّم ستة آلاف سنة من القتل والقتال والغزو والإذلال! ستمتد المعارك لأسابيع، يجزر فيها الف اضحية يوميا. اشاهد الجنود على رصيف الشارع المواجه للكراج. يفطرون الكباب او الفشة او شوربة طيبة لرخصها من عربة ألوانها براقة. او عند بائعة القيمر الحميراء المكتنزة, تجامل للتكسب,أو لمن يروق لها. فيشربون اكثر من استكان للشاي. ثم يمضون الى موتهم المحتمل مع سيكارة سومر اسود سن طويل. في قلب الكراج، ابصر سيلا متدافعا يجري الى طرفه خلف المنشاة 44 راكب. وألاجساد تجهش بتعرّق الخاكي حيث تتقافز الحقائب الخالية والمنتفخة بالدجاجة المقلية الملفوفة بجريدة القادسية أو ألف باء, او كيلو كعك أبو السمسم. وحي ......
#كراجات
#العالم
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=743025
الحوار المتمدن
رؤوف علوان - كراجات العالم