كوثر فاتح : التديّن الكئيب وتديّن السكينة عند عبدالجبار الرفاعي وبوريس سيرولنيك
#الحوار_المتمدن
#كوثر_فاتح وأنا أطالع الصفحات الأولى من كتاب عبد الجبار الرفاعي "الدين والكرامة الإنسانية" استوقفتني مطولا عبارة صاغها في الصفحة الرابعة عشرة من الكتاب متحدثا عن: "تدين كئيب يغمر الروح بالأسى"، وكأني به فقع دمامل الغبن والكآبة . قد لا أبالغ إن قلت إن تلك العبارة لخصت كل ما نعانيه اليوم نحن المسلمون من: تدني شغف ديني، غياب لوعة وجودية، ونضوب سكينة إيمانية: "في زمن قلما تفرح فيه الروح"، كما قال الرفاعي صادقا في الصفحة عينها. تديننا كئيب وكئيب جدا، واقعنا فقير جدا، على الرغم من أن تراثنا غني جدا. فكيف نفسر عوز تديننا؟ هل هي المادية المتغولة؟ هل هي الفردانية الزاحفة؟ أم هو قصور الفهم الديني؟ أهو عيب دين أم عيب تدين؟ دعونا لا نقفز باتجاه استنتاجات متسرعة قبل ان نسافر في جغرافيا كتابات الرفاعي، وذكريات ماضينا، لنعود لتشخيص واقعنا ثم الأمل في حلول ممكنة. أتذكر هنا ما كتبه الرفاعي عن والدته في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي "، حيث اعترف بفضل تدين أمه البسيط عليه، وما ألهمه من سكينة إيمانية، (الظمأ الانطولوجي ، ص 47-48)؛ مدافعا عن: "تدين فطري عفوي بريء شفيف"، (ص 48)، ومذكرا إيانا ببساطة التديّن الشعبي وتلقائيته. أعرج على ما سرده في كتابه الأخير "الدين والكرامة الإنسانية" عن قصة موسى النبي مع الراعي، ثم قصة فخر الدين الرازي مع المرأة العجوز، (الدين و الكرامة الإنسانية، ص25-23). أحيا لدي الرفاعي ذكرى أجدادي، وانتبهت فجأة إلى أن تديني كئيب جدا وجدا. أذكر أن جدي كان من دراويش زاوية الهادي بنعيسى "الزاوية العيساوية".كان له ورد صباح وورد مساء. كان ما إن يفرغ من عمله حتى يهرع للزاوية للقاء الأحبة. كانت له طقوسه قبل وبعد الصلاة. حتى أدعيته كانت متميزة ببساطتها وكثافة معناها. ما إن يقترب موسم "الشيخ الكامل" بمكناس حتى يغادرنا جدي "باسيدي" متخليا عن الأهل والزوج. لا تفارقه سبحته ولا ابتسامته. كان محدثا بليغا ورجلا حكيما بشهادة من عاصروه. والأهم من هذا وذاك كان مرحا، لأن تديّنه كان تديّن سكينة للروح وطمأنينة للقلب. لا أتذكر انه في إحدى حكاياته لنا أو جلسات سمرنا معه قد حدثنا عن جهنم أو نار أو عقاب. لم يكن جدي مهووسا بجهنم، لأنه كان متيقنا من رحمة الله ومن عوضه الجزيل. لم يحدثنا عن الدين، لأنا كنا نراه في أفعاله. لم يفتش كثيرا في عيوب فهم الدين، لأنه سلم بأن دينه يخاطب روحه. أما عقله الصرف فقاصر عن أن يدرك أفق المعنى الديني. هذه ليست دعوة لتعطيل العقل وإنما اعتراف بحدوده. دون شك ليس في عرفان دراويش الحاضر حل لما نكابده. جدتي لوالدتي أيضا كانت متدينة مرحة. وأذكر أن أحد أخوالي قد أصابه لفترة ما وباء التطرف الشديد، ومنعها من مشاهدة حفل "سهرة السبت"، الذي تعرضه قناتنا الوطنية الأولى نهاية كل أسبوع، بدعوى حرمة الموسيقى، لكنها انتفضت في وجهه وصرخت: "إن كان الأمر بيني وبين الله فدعني وخالقي، سأخبر الله أني أحب سهرة السبت في التلفاز". لم تشغل جدتي بالها كثيرا بحلال وحرام، كانت تستمتع بتدينها، لأنها آمنت بالله وسلّمت برحمته. هذه ليست دعوة لتحليل أو تحريم، بل قد يكون الحل في الانعتاق من جدلية حلال وحرام هذه التي أنهكت أفهامنا. هي حكايات كثيرة يمتلكها كل واحد منا لأب، أو أم، أو جد، أو عم وخال، كان تديّنه تديّن سكينة للروح وطمأنينة للقلب. تخبرنا أمي أن جارات وصويحبات الحي كن يقمن حفلة متى وضعت قطة إحداهن، أو عندما يكسر صغارهم أول كأس، حين يحلقون رؤوسهم أول مرة، وعندما يحفظ طفلهم أول حزب من القرآن … كن يغتنمن كل مناسبة للقاء الفرح والمرح.كانت النسوة تلت ......
#التديّن
#الكئيب
#وتديّن
#السكينة
#عبدالجبار
#الرفاعي
#وبوريس
#سيرولنيك
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725261
#الحوار_المتمدن
#كوثر_فاتح وأنا أطالع الصفحات الأولى من كتاب عبد الجبار الرفاعي "الدين والكرامة الإنسانية" استوقفتني مطولا عبارة صاغها في الصفحة الرابعة عشرة من الكتاب متحدثا عن: "تدين كئيب يغمر الروح بالأسى"، وكأني به فقع دمامل الغبن والكآبة . قد لا أبالغ إن قلت إن تلك العبارة لخصت كل ما نعانيه اليوم نحن المسلمون من: تدني شغف ديني، غياب لوعة وجودية، ونضوب سكينة إيمانية: "في زمن قلما تفرح فيه الروح"، كما قال الرفاعي صادقا في الصفحة عينها. تديننا كئيب وكئيب جدا، واقعنا فقير جدا، على الرغم من أن تراثنا غني جدا. فكيف نفسر عوز تديننا؟ هل هي المادية المتغولة؟ هل هي الفردانية الزاحفة؟ أم هو قصور الفهم الديني؟ أهو عيب دين أم عيب تدين؟ دعونا لا نقفز باتجاه استنتاجات متسرعة قبل ان نسافر في جغرافيا كتابات الرفاعي، وذكريات ماضينا، لنعود لتشخيص واقعنا ثم الأمل في حلول ممكنة. أتذكر هنا ما كتبه الرفاعي عن والدته في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي "، حيث اعترف بفضل تدين أمه البسيط عليه، وما ألهمه من سكينة إيمانية، (الظمأ الانطولوجي ، ص 47-48)؛ مدافعا عن: "تدين فطري عفوي بريء شفيف"، (ص 48)، ومذكرا إيانا ببساطة التديّن الشعبي وتلقائيته. أعرج على ما سرده في كتابه الأخير "الدين والكرامة الإنسانية" عن قصة موسى النبي مع الراعي، ثم قصة فخر الدين الرازي مع المرأة العجوز، (الدين و الكرامة الإنسانية، ص25-23). أحيا لدي الرفاعي ذكرى أجدادي، وانتبهت فجأة إلى أن تديني كئيب جدا وجدا. أذكر أن جدي كان من دراويش زاوية الهادي بنعيسى "الزاوية العيساوية".كان له ورد صباح وورد مساء. كان ما إن يفرغ من عمله حتى يهرع للزاوية للقاء الأحبة. كانت له طقوسه قبل وبعد الصلاة. حتى أدعيته كانت متميزة ببساطتها وكثافة معناها. ما إن يقترب موسم "الشيخ الكامل" بمكناس حتى يغادرنا جدي "باسيدي" متخليا عن الأهل والزوج. لا تفارقه سبحته ولا ابتسامته. كان محدثا بليغا ورجلا حكيما بشهادة من عاصروه. والأهم من هذا وذاك كان مرحا، لأن تديّنه كان تديّن سكينة للروح وطمأنينة للقلب. لا أتذكر انه في إحدى حكاياته لنا أو جلسات سمرنا معه قد حدثنا عن جهنم أو نار أو عقاب. لم يكن جدي مهووسا بجهنم، لأنه كان متيقنا من رحمة الله ومن عوضه الجزيل. لم يحدثنا عن الدين، لأنا كنا نراه في أفعاله. لم يفتش كثيرا في عيوب فهم الدين، لأنه سلم بأن دينه يخاطب روحه. أما عقله الصرف فقاصر عن أن يدرك أفق المعنى الديني. هذه ليست دعوة لتعطيل العقل وإنما اعتراف بحدوده. دون شك ليس في عرفان دراويش الحاضر حل لما نكابده. جدتي لوالدتي أيضا كانت متدينة مرحة. وأذكر أن أحد أخوالي قد أصابه لفترة ما وباء التطرف الشديد، ومنعها من مشاهدة حفل "سهرة السبت"، الذي تعرضه قناتنا الوطنية الأولى نهاية كل أسبوع، بدعوى حرمة الموسيقى، لكنها انتفضت في وجهه وصرخت: "إن كان الأمر بيني وبين الله فدعني وخالقي، سأخبر الله أني أحب سهرة السبت في التلفاز". لم تشغل جدتي بالها كثيرا بحلال وحرام، كانت تستمتع بتدينها، لأنها آمنت بالله وسلّمت برحمته. هذه ليست دعوة لتحليل أو تحريم، بل قد يكون الحل في الانعتاق من جدلية حلال وحرام هذه التي أنهكت أفهامنا. هي حكايات كثيرة يمتلكها كل واحد منا لأب، أو أم، أو جد، أو عم وخال، كان تديّنه تديّن سكينة للروح وطمأنينة للقلب. تخبرنا أمي أن جارات وصويحبات الحي كن يقمن حفلة متى وضعت قطة إحداهن، أو عندما يكسر صغارهم أول كأس، حين يحلقون رؤوسهم أول مرة، وعندما يحفظ طفلهم أول حزب من القرآن … كن يغتنمن كل مناسبة للقاء الفرح والمرح.كانت النسوة تلت ......
#التديّن
#الكئيب
#وتديّن
#السكينة
#عبدالجبار
#الرفاعي
#وبوريس
#سيرولنيك
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725261
الحوار المتمدن
كوثر فاتح - التديّن الكئيب وتديّن السكينة عند عبدالجبار الرفاعي وبوريس سيرولنيك