سلام عبود : ترامب يوقظ أشباح ماركس: طيور كورونا
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود مقدّمة لا بدّ منها:ضربات الوباء نزلت سريعة، مباغتة، غادرة وماحقة.أتوقف مليًّا عند كلمة مباغتة وأسائِل نفسي: أحقًّا هي مباغتة؟ هي غادرة، لأنّها تشبه لعبة الروليت الروسيّة. ولأنّها تنتقل بإصرار من بلد إلى آخر، ومن قارّة إلى قارّة، ومن رئة إلى رئة، فهي ماحقة؛ ولأنّها تضرب بسرعة البرق، فهي جرثومة القدر الأعمى والعاجل. ولكن، أن تكون مفاجئة، تلك مسألة تحتاج إلى دليل أقوى.جميعنا سمعنا بنهوض وانتشار الجرثومة، وانتقالها عبر المحيطات. الأعداء كلّهم شيطنوا خصومهم جرثوميًّا. فظهر الفيروس السياسيّ والقوميّ والطبقيّ والدينيّ والطائفيّ وحتّى العشائريّ والجنسيّ! ألصق الأمريكيّون الوباء بالصين، وألحقه بعض الخليجيين وأتباعهم بإيران "فيروس قُم"، وختمه متطرّفوهم ببصمة شيعيّة خالصة "فيروس المنطقة الشرقيّة"، وأدّعى المتصينِنون أنّه وباءٌ إمبرياليٌّ. في الهند جعلوه مؤامرة إسلاميّة لإهلاك الهندوس والأمّة، أمّا العلمانيّون العرب المتأمركون فقد جعلوه خطّة صينيّة للقضاء على المسلمين الإيغور. أطباء فرنسيّون اقترحوا تجريب اللقاح على عاهرات العالم الثالث! بعض المصابين بكورونا، ممن صدّقوا نكات ترامب، تناولوا الكحول الخالص والمعقّمات، فذهبوا بسرعة البرق إلى الجنّة!النزعات العنصريّة تتصاعد وتتفاعل مع انتشار الوباء. على الرغم من ذلك، لم يمنعنا تنامي الوباء من ممارسة حياتنا المطمئنّة، كما اعتدنا أن نفعل من قبل. ولسبب خفيّ بدأنا أحيانا نتمادى في استخدام الحياة، ربّما نكاية بالقاتل الخفيّ، المتوّج عالميًّا. بدلاً من عطلة صيفيّة لأسبوعين، ألغينا الحجز وجعلناه أربعة أسابيع. وبدلاً من زيارة دولة جعلناها جولة لعدّة دول متجاورة. تسامحنا في قبول اعتذار الأبناء والأحفاد عن زياراتنا الأسبوعيّة بحجج تافهة جدًّا، لم نكن نسمح بها من قبل. لدينا متّسع من الوقت قبل عطلة الصيف، ولدينا حياة مديدة بعدها. رؤساء دول عظيمة يشاركوننا متعة الحياة بشهيّة عارمة. يوم أمس قال الرئيس ترامب ما مفاده: الأغبياء وحدهم من يصابون بالهلع سريعاً. مرض الانفلونزا حصد عدداً يفوق ما يستطيع أن يفعله وباء كورونا الغبيّ!أفكّر في هذه الثقة العجيبة، المزروعة في أعماقنا، من أين تنبع؟ أحاول أن أربط أفكارنا المتناقضة ببعضها: الثقة بالمباغتة. ما الذي زعزع الثقة في النفس بهذه الطريقة المفاجئة؟ من دون شك ليس انتشار الوباء السريع هو الذي فعل ذلك، بل هو البطء العجيب، الذي تتمتع به حواسنا ومداركنا وهي تواجه ما لم تكن معتادة عليه، وبدقّة أكبر ما ترفض الاعتياد عليه. لقد أخافنا الايدز وايبولا وجنون البقر وانفلونزا الطيور وغيرها، لكنّنا لم نقابل، عند ظهورها، مفردة وباء وجهاً لوجه. فقد لبثت الأوبئة أخباراً تلفزيونيّة وكلمات قاموسيّة أكثر منها واقعاً معيشاً. أمّا كورونا فكان أكثر سرعة من مقدرات مداركنا على تغيير ثوابتها الساذجة.فجأة خسرنا عطلة الصيف. فجأة رفضت شركة الطيران إعادة مبلغ الرحلة، وماطلت شركة الفنادق في إلغاء حجوزاتنا، ولم تستجب لنا سوى شركة واحدة. إجازة الصيف ضاعت بالسفر أو بدونه، بسبب عدم وجود لقاح أو علاج. والأبناء، والأحفاد خاصّة، أصبحوا مجرد صور ثابتة أو متحركة نراها عبر أجهزة الاتصال! لكنّنا، للأمانة، لم نفقد مؤازرة قادة العالم، آباء البشريّة الكبار والحكماء. فقد لبث ترامب ، حصريًّا، يساندنا في محنتنا، ويقوّي من عزائمنا، بتنشيط ذاكرتنا الحربيّة: شهداء 11 سبتمبر، شهداء معارك فيتنام، ثمّ بيرل هاربر! وما تتضمنه الأخيرة من إشارات عاطفيّة إلى قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، فخر التاريخ الأميركي.1 لأنّ ......
#ترامب
#يوقظ
#أشباح
#ماركس:
#طيور
#كورونا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679743
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود مقدّمة لا بدّ منها:ضربات الوباء نزلت سريعة، مباغتة، غادرة وماحقة.أتوقف مليًّا عند كلمة مباغتة وأسائِل نفسي: أحقًّا هي مباغتة؟ هي غادرة، لأنّها تشبه لعبة الروليت الروسيّة. ولأنّها تنتقل بإصرار من بلد إلى آخر، ومن قارّة إلى قارّة، ومن رئة إلى رئة، فهي ماحقة؛ ولأنّها تضرب بسرعة البرق، فهي جرثومة القدر الأعمى والعاجل. ولكن، أن تكون مفاجئة، تلك مسألة تحتاج إلى دليل أقوى.جميعنا سمعنا بنهوض وانتشار الجرثومة، وانتقالها عبر المحيطات. الأعداء كلّهم شيطنوا خصومهم جرثوميًّا. فظهر الفيروس السياسيّ والقوميّ والطبقيّ والدينيّ والطائفيّ وحتّى العشائريّ والجنسيّ! ألصق الأمريكيّون الوباء بالصين، وألحقه بعض الخليجيين وأتباعهم بإيران "فيروس قُم"، وختمه متطرّفوهم ببصمة شيعيّة خالصة "فيروس المنطقة الشرقيّة"، وأدّعى المتصينِنون أنّه وباءٌ إمبرياليٌّ. في الهند جعلوه مؤامرة إسلاميّة لإهلاك الهندوس والأمّة، أمّا العلمانيّون العرب المتأمركون فقد جعلوه خطّة صينيّة للقضاء على المسلمين الإيغور. أطباء فرنسيّون اقترحوا تجريب اللقاح على عاهرات العالم الثالث! بعض المصابين بكورونا، ممن صدّقوا نكات ترامب، تناولوا الكحول الخالص والمعقّمات، فذهبوا بسرعة البرق إلى الجنّة!النزعات العنصريّة تتصاعد وتتفاعل مع انتشار الوباء. على الرغم من ذلك، لم يمنعنا تنامي الوباء من ممارسة حياتنا المطمئنّة، كما اعتدنا أن نفعل من قبل. ولسبب خفيّ بدأنا أحيانا نتمادى في استخدام الحياة، ربّما نكاية بالقاتل الخفيّ، المتوّج عالميًّا. بدلاً من عطلة صيفيّة لأسبوعين، ألغينا الحجز وجعلناه أربعة أسابيع. وبدلاً من زيارة دولة جعلناها جولة لعدّة دول متجاورة. تسامحنا في قبول اعتذار الأبناء والأحفاد عن زياراتنا الأسبوعيّة بحجج تافهة جدًّا، لم نكن نسمح بها من قبل. لدينا متّسع من الوقت قبل عطلة الصيف، ولدينا حياة مديدة بعدها. رؤساء دول عظيمة يشاركوننا متعة الحياة بشهيّة عارمة. يوم أمس قال الرئيس ترامب ما مفاده: الأغبياء وحدهم من يصابون بالهلع سريعاً. مرض الانفلونزا حصد عدداً يفوق ما يستطيع أن يفعله وباء كورونا الغبيّ!أفكّر في هذه الثقة العجيبة، المزروعة في أعماقنا، من أين تنبع؟ أحاول أن أربط أفكارنا المتناقضة ببعضها: الثقة بالمباغتة. ما الذي زعزع الثقة في النفس بهذه الطريقة المفاجئة؟ من دون شك ليس انتشار الوباء السريع هو الذي فعل ذلك، بل هو البطء العجيب، الذي تتمتع به حواسنا ومداركنا وهي تواجه ما لم تكن معتادة عليه، وبدقّة أكبر ما ترفض الاعتياد عليه. لقد أخافنا الايدز وايبولا وجنون البقر وانفلونزا الطيور وغيرها، لكنّنا لم نقابل، عند ظهورها، مفردة وباء وجهاً لوجه. فقد لبثت الأوبئة أخباراً تلفزيونيّة وكلمات قاموسيّة أكثر منها واقعاً معيشاً. أمّا كورونا فكان أكثر سرعة من مقدرات مداركنا على تغيير ثوابتها الساذجة.فجأة خسرنا عطلة الصيف. فجأة رفضت شركة الطيران إعادة مبلغ الرحلة، وماطلت شركة الفنادق في إلغاء حجوزاتنا، ولم تستجب لنا سوى شركة واحدة. إجازة الصيف ضاعت بالسفر أو بدونه، بسبب عدم وجود لقاح أو علاج. والأبناء، والأحفاد خاصّة، أصبحوا مجرد صور ثابتة أو متحركة نراها عبر أجهزة الاتصال! لكنّنا، للأمانة، لم نفقد مؤازرة قادة العالم، آباء البشريّة الكبار والحكماء. فقد لبث ترامب ، حصريًّا، يساندنا في محنتنا، ويقوّي من عزائمنا، بتنشيط ذاكرتنا الحربيّة: شهداء 11 سبتمبر، شهداء معارك فيتنام، ثمّ بيرل هاربر! وما تتضمنه الأخيرة من إشارات عاطفيّة إلى قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، فخر التاريخ الأميركي.1 لأنّ ......
#ترامب
#يوقظ
#أشباح
#ماركس:
#طيور
#كورونا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=679743
الحوار المتمدن
سلام عبود - ترامب يوقظ أشباح ماركس: طيور كورونا
سلام عبود : ديك الزمن الجميل نص تسجيليّ
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود لم يلتفت إلى الخلف. سار الأستاذ رياض، مدرّس اللغة الإنجليزيّة في ثانوية عليّ الغربيّ، وهو يقاوم بشدّة الرغبة الملحّة في الالتفات إلى الخلف. ولم يفعل ذلك إلاّ بعد أن تأكّد أنّ بناية مقرّ الحزب في عليّ الغربيّ، التي غادرها منذ دقائق، غرقت تماماً في الظلام، وأنّها لم تعد تُرى من هذه المسافة البعيدة.التفت الأستاذ رياض إلى الخلف مرّة ثانية على عجل، ثمّ تلاها بالتفاتة ثالثة ورابعة خاطفتين. لا أحد يمشي خلفه. اطمأنّ قلبه، وانعطفت به قدماه في اتجاه الجسر. عبر جسر المدينة الرجراج، الطويل، واقترب من بناية دار الضيافة، من دون أن يستعيد وعيه تماماً. كلّ ما يشعر به الآن هو أنّه مخلوق بلا جسد، يسير، كالغبار، محمولاً على موجة هوائيّة جارفة، وأنّه قادم توًّا من عالم آخر، غير قابل للوصف، وأنّه قبل أن يعود إلى بيتهم في حاجة ماسة إلى مقابلة شخص ما، صديق ما، أحد ما، لكي يحسّ ويتأكّد أنّه طليق حقًّا، وأنّ الكابوس المرعب انقضى فعلاً، وأنّه الآن يمشي على قدميه، حرًّا.الطريق من بناية مقرّ الحزب حتّى دار الضيافة يعمّها ظلام الليل وبرودة أوائل الربيع، ورائحة المطر العالقة في الهواء. كتلة متماسكة من الصمت والعتمة والرطوبة تجعله يشعر أنّه لم يزل أسيراً في قبضة الرعب، الذي عاشه قبل دقائق.لن أعود إلى البيت وأنا على هذه الحال. فكّر بعقل مشوش، وهو يحاول أن يحسم أمره. يجب أن يختار واحداً من أمرين: أن يبدّد قلقه أوّلاً بسبب ما جرى له، أو أن يذهب إلى البيت، لكي يُطمئِن أمّه وأخاه منير. فمن المؤكّد أنّهما قلقان عليه بسبب غيابه. فهو لم يتأخر يوماً عن العودة إلى البيت عقب انتهاء الدوام الرسميّ. اقترب أكثر من بناية دار الضيافة. رأى كتلة البيت الغارقة في الظلام، تنتصب مثل كومة هائلة من السخام. هنا يسكن زملاؤه المدرّسون القادمون من خارج المدينة، متّخذين من الدار العتيقة، الواقعة خارج المدينة، مسكناً لهم. فجأة استيقظت حواسّه كلّها. التقطت أذناه صوتاً طليقاً لديك يصيح. صوتٌ حرّ، مزهوّ برنينه، تخترق نغماته الطويلة حلكة المساء. أغمض عينيه وراح ينصت إلى صدى الصوت المتردّد في مخيلته والسابح في الفضاء المظلم الرطب. صوت يشبه زغرودة تطلقها أفواه فرحة ولكن في مأتم، فتمزّق طقوس الموت وتشيع الارتباك. نسي كابوسه ولبث يتعقّب صوت الديك. هل يُعقل أن يصيح الديك الآن، والساعة لم تتجاوز التاسعة مساء! هل هذا من أثر الكابوس؟ فكّر وهو يشكّ في صدق حواسّه. لكنّ الصوت المنغّم تكرّر مجدّداً بالزهو ذاته، فشقّ جدار العتمة واخترق أحاسيسه المشوّشة، وجعله يصدّق أنّ ما يسمعه ليس بقيّة أو تتمّة لمشاهد الكابوس، التي عاشها قبل دقائق، وأنّ ما يحدث جزء من الواقع.الواقع! أيّ واقع؟ وهل ما يحدث هنا له علاقة بالواقع؟دخل البناية العتيقة المكوّنة من ثلاث غرف مغبّرة، متآكلة، مليئة بالحشرات والأوساخ، فألفى زملاءه المدرّسين، غارقين بنشوة طاغية من الصخب العبثيّ.سكارى! فكّر رياض. اليوم هو الخميس والجو ينذر بالمطر، وقد جلسوا جميعهم في البناية، متّخذين من إحدى الغرفتين الأماميتين مجلساً للسكر. وضعوا قوارير العرق والمقبّلات على الأرض وتحلّقوا حولها جميعاً. حتّى الذين لا يشربون العرق يشاركون في التهام المقبّلات والثرثرة بصخب. جميعهم هنا، عدا محسن وعباس وقرطاس. اعتزل الثلاثة في غرفة البيت الثالثة، الواقعة في ركن البيت الخلفيّ، ولبثوا طوال الوقت يتهامسون بغضب وحقد دفين. ومن حين إلى آخر، يخرج أحدهم من معتزله ويعود سريعاً إلى الغرفة، وهو يحاول تجنّب الاصطدام أو الاحتكاك بزملائه العابثين، الكفرة.اخترق ......
#الزمن
#الجميل
#تسجيليّ
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684675
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود لم يلتفت إلى الخلف. سار الأستاذ رياض، مدرّس اللغة الإنجليزيّة في ثانوية عليّ الغربيّ، وهو يقاوم بشدّة الرغبة الملحّة في الالتفات إلى الخلف. ولم يفعل ذلك إلاّ بعد أن تأكّد أنّ بناية مقرّ الحزب في عليّ الغربيّ، التي غادرها منذ دقائق، غرقت تماماً في الظلام، وأنّها لم تعد تُرى من هذه المسافة البعيدة.التفت الأستاذ رياض إلى الخلف مرّة ثانية على عجل، ثمّ تلاها بالتفاتة ثالثة ورابعة خاطفتين. لا أحد يمشي خلفه. اطمأنّ قلبه، وانعطفت به قدماه في اتجاه الجسر. عبر جسر المدينة الرجراج، الطويل، واقترب من بناية دار الضيافة، من دون أن يستعيد وعيه تماماً. كلّ ما يشعر به الآن هو أنّه مخلوق بلا جسد، يسير، كالغبار، محمولاً على موجة هوائيّة جارفة، وأنّه قادم توًّا من عالم آخر، غير قابل للوصف، وأنّه قبل أن يعود إلى بيتهم في حاجة ماسة إلى مقابلة شخص ما، صديق ما، أحد ما، لكي يحسّ ويتأكّد أنّه طليق حقًّا، وأنّ الكابوس المرعب انقضى فعلاً، وأنّه الآن يمشي على قدميه، حرًّا.الطريق من بناية مقرّ الحزب حتّى دار الضيافة يعمّها ظلام الليل وبرودة أوائل الربيع، ورائحة المطر العالقة في الهواء. كتلة متماسكة من الصمت والعتمة والرطوبة تجعله يشعر أنّه لم يزل أسيراً في قبضة الرعب، الذي عاشه قبل دقائق.لن أعود إلى البيت وأنا على هذه الحال. فكّر بعقل مشوش، وهو يحاول أن يحسم أمره. يجب أن يختار واحداً من أمرين: أن يبدّد قلقه أوّلاً بسبب ما جرى له، أو أن يذهب إلى البيت، لكي يُطمئِن أمّه وأخاه منير. فمن المؤكّد أنّهما قلقان عليه بسبب غيابه. فهو لم يتأخر يوماً عن العودة إلى البيت عقب انتهاء الدوام الرسميّ. اقترب أكثر من بناية دار الضيافة. رأى كتلة البيت الغارقة في الظلام، تنتصب مثل كومة هائلة من السخام. هنا يسكن زملاؤه المدرّسون القادمون من خارج المدينة، متّخذين من الدار العتيقة، الواقعة خارج المدينة، مسكناً لهم. فجأة استيقظت حواسّه كلّها. التقطت أذناه صوتاً طليقاً لديك يصيح. صوتٌ حرّ، مزهوّ برنينه، تخترق نغماته الطويلة حلكة المساء. أغمض عينيه وراح ينصت إلى صدى الصوت المتردّد في مخيلته والسابح في الفضاء المظلم الرطب. صوت يشبه زغرودة تطلقها أفواه فرحة ولكن في مأتم، فتمزّق طقوس الموت وتشيع الارتباك. نسي كابوسه ولبث يتعقّب صوت الديك. هل يُعقل أن يصيح الديك الآن، والساعة لم تتجاوز التاسعة مساء! هل هذا من أثر الكابوس؟ فكّر وهو يشكّ في صدق حواسّه. لكنّ الصوت المنغّم تكرّر مجدّداً بالزهو ذاته، فشقّ جدار العتمة واخترق أحاسيسه المشوّشة، وجعله يصدّق أنّ ما يسمعه ليس بقيّة أو تتمّة لمشاهد الكابوس، التي عاشها قبل دقائق، وأنّ ما يحدث جزء من الواقع.الواقع! أيّ واقع؟ وهل ما يحدث هنا له علاقة بالواقع؟دخل البناية العتيقة المكوّنة من ثلاث غرف مغبّرة، متآكلة، مليئة بالحشرات والأوساخ، فألفى زملاءه المدرّسين، غارقين بنشوة طاغية من الصخب العبثيّ.سكارى! فكّر رياض. اليوم هو الخميس والجو ينذر بالمطر، وقد جلسوا جميعهم في البناية، متّخذين من إحدى الغرفتين الأماميتين مجلساً للسكر. وضعوا قوارير العرق والمقبّلات على الأرض وتحلّقوا حولها جميعاً. حتّى الذين لا يشربون العرق يشاركون في التهام المقبّلات والثرثرة بصخب. جميعهم هنا، عدا محسن وعباس وقرطاس. اعتزل الثلاثة في غرفة البيت الثالثة، الواقعة في ركن البيت الخلفيّ، ولبثوا طوال الوقت يتهامسون بغضب وحقد دفين. ومن حين إلى آخر، يخرج أحدهم من معتزله ويعود سريعاً إلى الغرفة، وهو يحاول تجنّب الاصطدام أو الاحتكاك بزملائه العابثين، الكفرة.اخترق ......
#الزمن
#الجميل
#تسجيليّ
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=684675
الحوار المتمدن
سلام عبود - ديك الزمن الجميل (نص تسجيليّ)
سلام عبود : المثقّف الصفيع بين محمّد وماكرون
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود توضيح لا بدّ منه: الاختلاف بين المصفوع والصفيع نوعيّ. فكلّ من صُفع: "ضُرب على قفاه بالكف المفتوحة"، هو مصفوع. بيد أنّ الصفيع هو من يمتهن تقديم قفاه للصافعين. وقد ظهرت شريحة تمتهن هذه الحرفة في العصر العباسيّ، أسموا صاحبها البُهلول (أخذت التسميّة بغير حقّ من اسم الشاعر الكوفيّ، مدّعي الجنون، بُهلول بن عمر الصيرفيّ.) والضحّاك والمصطفع والهُزأة، وغيرها من النعوت.بالأمس كانت الدانمارك، واليوم فرنسا، وبدقّة أكبر فرنسا الماكرونيّة. لماذا يتكرّر حدوث أمر يعرف الجميع حجم أذاه، وحجم تداعياته الاستفزازيّة العاطفيّة والثقافيّة، والأهم حجم ما يثيره من الكراهية بين البشر والشعوب؟ لماذا هذا الإصرار الجنونيّ الحادّ على إعادة ما يستفزّ مشاعر "الآخر"، المختلف؟فبصرف النظر عمّن هو أكثر تحضّراً أو أكثر تخلّفاً، وبصرف النظر عمّن هو أكثر حريّة أو أكثر تزمّتاً، لماذا يتمّ تكرار حدث يعرف الجميع حجمه وأبعاده؟ أهي تسليّة سياسيّة، أم هي حكمة سياسيّة؟ هل هي شجاعة ضروريّة، أم وقاحة ضروريّة، أم تجارة سياسيّة ضروريّة!هذه أسئلة يصعب تجاهلها، سواء كان الفعل موجّهاً إلى نبيّ أو إلى رجل ضال، إلى عبد أو إلى سيّد، إلى خيّر أو إلى شرّير. وربّما يكون أخطر ما في تجديد هذه الدعوة أنّ متبنّيها، ماكرون، أعلن قبل أيّام دعوة أخرى عظيمة الشذوذ سياسيًّا وفكريًّا، مرتبطة بالإسلام أيضاً، فحواها "إعادة هيكلة الإسلام". شذوذ هذه الدعوة لا يكمن في طبيعتها الاستفزازيّة، لأنّ مطلقها لا صلة له بالإسلام ديناً وفكراً من قريب أو بعيد، بل يكمن الشذوذ في توقيت انفجار الصحوة الإسلاميّة الماكرونيّة. فماكرون، الذي يتولّى مهمّة لعب دور المساعد "الحنون" في الشرق الأوسط، لغرض تمرير قضايا غير مباشرة، أضحت مستعصية على الإدارة الأميركيّة، منها ما يحدث في لبنان، في ظلّ تصاعد نبرة التبطرك السياسيّ والفدرلة الدينيّة، يبحث ماكرون عن دور إقليميّ، مستخدماً الوسيلة الأسهل: الإسلام، والصراع المسيحيّ الإسلاميّ حصريًّا، وسيلة في أدائه السياسيّ.قضيّة الرسوم الساخرة، التي نُشرت في الدانمارك من قَبْل واحدة من أعقد وأكثر حوادث الصراع الثقافيّ المعاصرة حدّة وإثارة. في هذه القضيّة تجلّى بقّوة ضعف الفكر "الآخر" في مواجهة الفكر الأوروبيّ المتسيّد والواثق والاستفزازيّ. فالقائمون على الرسوم يقولون بصراحة تامّة إنّ هدفهم هو إظهار الحقيقة، وإنّ الحقيقة لا تظهر واضحة من دون أن يتمّ وضعها في إطار الممارسة والفعل، أي في الكشف عنها. لذلك لم تكن الرسوم - في نظرهم- استفزازاً لأحد، بقدر ما كانت وسيلة إيضاح، هدفها تعريف المواطن الغربيّ بحقيقة الوافد الجديد، المسمّى الإسلام، من طريق فضح أبرز وأكبر رموزه: الرسول محمّد.قوبل هذا الاستفزاز العمليّ أو الاختبار، كما هو معروف للجميع، بردود أفعال محسوبة ومتوقعة ومنتظرة (شعبيّة ورسميّة حكوميّة): أعمال عنف هستيريّة، صاحبتها ردود أفعال "دبلوماسيّة" خجولة ومضطربة وغير مفهومة في أحوال كثيرة. إنّ الدوافع الحقيقيّة لمثل هذه الرسوم الاستفزازيّة معروفة، ولا تحتاج إلى شرح. ولكن ما كان محيّراً فيها هو موقف المثقف العربيّ المتنوّر، الذي ضاع جملة وتفصيلاً بين الأرجل في هذه المعركة. وهو موقع يستحقّه بجدارة، لأنّه ليس مؤهلاً تأهيلاً كافياً لمواجهة إشكال على هذه القدر من العمق والالتباس والخطورة.حينما نقارن موقف المثقف الغربيّ بموقف المثقف العربيّ، نجد أنّ البون بينهما أكثر من شاسع. وربّما لا نجد صلة ما عقليّة أو منطقيّة تربط الفريقين ببعضهما، لشدة تباعدهما وتفاوت استجاباتهما ومرجعيّاتهم ......
#المثقّف
#الصفيع
#محمّد
#وماكرون
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697047
#الحوار_المتمدن
#سلام_عبود توضيح لا بدّ منه: الاختلاف بين المصفوع والصفيع نوعيّ. فكلّ من صُفع: "ضُرب على قفاه بالكف المفتوحة"، هو مصفوع. بيد أنّ الصفيع هو من يمتهن تقديم قفاه للصافعين. وقد ظهرت شريحة تمتهن هذه الحرفة في العصر العباسيّ، أسموا صاحبها البُهلول (أخذت التسميّة بغير حقّ من اسم الشاعر الكوفيّ، مدّعي الجنون، بُهلول بن عمر الصيرفيّ.) والضحّاك والمصطفع والهُزأة، وغيرها من النعوت.بالأمس كانت الدانمارك، واليوم فرنسا، وبدقّة أكبر فرنسا الماكرونيّة. لماذا يتكرّر حدوث أمر يعرف الجميع حجم أذاه، وحجم تداعياته الاستفزازيّة العاطفيّة والثقافيّة، والأهم حجم ما يثيره من الكراهية بين البشر والشعوب؟ لماذا هذا الإصرار الجنونيّ الحادّ على إعادة ما يستفزّ مشاعر "الآخر"، المختلف؟فبصرف النظر عمّن هو أكثر تحضّراً أو أكثر تخلّفاً، وبصرف النظر عمّن هو أكثر حريّة أو أكثر تزمّتاً، لماذا يتمّ تكرار حدث يعرف الجميع حجمه وأبعاده؟ أهي تسليّة سياسيّة، أم هي حكمة سياسيّة؟ هل هي شجاعة ضروريّة، أم وقاحة ضروريّة، أم تجارة سياسيّة ضروريّة!هذه أسئلة يصعب تجاهلها، سواء كان الفعل موجّهاً إلى نبيّ أو إلى رجل ضال، إلى عبد أو إلى سيّد، إلى خيّر أو إلى شرّير. وربّما يكون أخطر ما في تجديد هذه الدعوة أنّ متبنّيها، ماكرون، أعلن قبل أيّام دعوة أخرى عظيمة الشذوذ سياسيًّا وفكريًّا، مرتبطة بالإسلام أيضاً، فحواها "إعادة هيكلة الإسلام". شذوذ هذه الدعوة لا يكمن في طبيعتها الاستفزازيّة، لأنّ مطلقها لا صلة له بالإسلام ديناً وفكراً من قريب أو بعيد، بل يكمن الشذوذ في توقيت انفجار الصحوة الإسلاميّة الماكرونيّة. فماكرون، الذي يتولّى مهمّة لعب دور المساعد "الحنون" في الشرق الأوسط، لغرض تمرير قضايا غير مباشرة، أضحت مستعصية على الإدارة الأميركيّة، منها ما يحدث في لبنان، في ظلّ تصاعد نبرة التبطرك السياسيّ والفدرلة الدينيّة، يبحث ماكرون عن دور إقليميّ، مستخدماً الوسيلة الأسهل: الإسلام، والصراع المسيحيّ الإسلاميّ حصريًّا، وسيلة في أدائه السياسيّ.قضيّة الرسوم الساخرة، التي نُشرت في الدانمارك من قَبْل واحدة من أعقد وأكثر حوادث الصراع الثقافيّ المعاصرة حدّة وإثارة. في هذه القضيّة تجلّى بقّوة ضعف الفكر "الآخر" في مواجهة الفكر الأوروبيّ المتسيّد والواثق والاستفزازيّ. فالقائمون على الرسوم يقولون بصراحة تامّة إنّ هدفهم هو إظهار الحقيقة، وإنّ الحقيقة لا تظهر واضحة من دون أن يتمّ وضعها في إطار الممارسة والفعل، أي في الكشف عنها. لذلك لم تكن الرسوم - في نظرهم- استفزازاً لأحد، بقدر ما كانت وسيلة إيضاح، هدفها تعريف المواطن الغربيّ بحقيقة الوافد الجديد، المسمّى الإسلام، من طريق فضح أبرز وأكبر رموزه: الرسول محمّد.قوبل هذا الاستفزاز العمليّ أو الاختبار، كما هو معروف للجميع، بردود أفعال محسوبة ومتوقعة ومنتظرة (شعبيّة ورسميّة حكوميّة): أعمال عنف هستيريّة، صاحبتها ردود أفعال "دبلوماسيّة" خجولة ومضطربة وغير مفهومة في أحوال كثيرة. إنّ الدوافع الحقيقيّة لمثل هذه الرسوم الاستفزازيّة معروفة، ولا تحتاج إلى شرح. ولكن ما كان محيّراً فيها هو موقف المثقف العربيّ المتنوّر، الذي ضاع جملة وتفصيلاً بين الأرجل في هذه المعركة. وهو موقع يستحقّه بجدارة، لأنّه ليس مؤهلاً تأهيلاً كافياً لمواجهة إشكال على هذه القدر من العمق والالتباس والخطورة.حينما نقارن موقف المثقف الغربيّ بموقف المثقف العربيّ، نجد أنّ البون بينهما أكثر من شاسع. وربّما لا نجد صلة ما عقليّة أو منطقيّة تربط الفريقين ببعضهما، لشدة تباعدهما وتفاوت استجاباتهما ومرجعيّاتهم ......
#المثقّف
#الصفيع
#محمّد
#وماكرون
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697047
الحوار المتمدن
سلام عبود - المثقّف الصفيع بين محمّد وماكرون!