ماهر عزيز بدروس : حجرة الراهبات
#الحوار_المتمدن
#ماهر_عزيز_بدروس استعصت الفرصة للتحدث إليها بكل سبيل، ولما هَدَّنى البؤس والحنين اتجهت رأساً إلى مكتب الأستاذ العميد، أطلب إليه أن يمنحنى نصف حجرة الطالبات لأقيم فيها معرضى الفنى، لعلها تدخل تتفقد اللوحات، فتتخلق أمامى فرصة طبيعية لأقترب منها وأتحدث إليها. كان ذلك ما هدانى إليه طموحى وانهيارى، بعد انتظار طال من بدء العام الدراسى حتى إجازة نصف السنة، دون تمكنى من الاقتراب منها والحديث إليها.. هكذا جاءنى الوعى بحضور المرأة فى العالم وفى وجودى أشبه بزلزال.. كان زلزالاً تقوضت له روحى، وتكسرت به نفسى، واهتز له جهازى العصبى، حتى بقيت بعد انتهائه لمدة ستة شهور كاملة لا أستطيع أن أضم أصابع كفى اليمنى على القلم لأكتب، من فرط الإجهاد الداخلى رغم تماسك الصورة الخارجية. حدث هذا الزلزال كالكشف الصوفى أو الخبرة الروحية التى لا تترك صاحبها إلا أشلاء، يظل يجمعها زمناً وهو ذاهل عن الوجود كله.. أما كيف حدث هذا الزلزال فجذوره تعود إلى الطفولة والصبا وشرخ الشباب، حيث تكونت لدى صورة ذهنية سامية للمرأة على نحو فادح الثراء.. لقد تفتحت عيناى منذ نَيِّف وثلثى قرن على أمى تصحو فى الفجرية تعجن لنا الدقيق لِتُصَيِّرهُ بعد ذلك خبزاً، وتعتنى بنا حتى نذهب إلى مدارسنا ويخرج أبى إلى عمله، فإذا اطمأنت لذلك تخرج إلى السوق لتبتاع الطعام وأشياء البيت، ثم تعود فتحترق كشمعة تذوب لتتوهج، وتتوهج فتملأ حياتنا والبيت ضياءً لا يخبو ونوراً لا ينقطع.. كنت أرى أمى الجميلة يكسوها التعب، فلا أميز فيها الجمال من الجلال.. وأظل أسأل نفسى: هل هى جميلة فيتألق جلالها؟ أم هى جليلة فتزهو بالجمال؟..لكننى انتهيت إلى حقيقة غالبة ارتبط فيها جمال المرأة فى عينى بجلال سابغ، ثم راح هذا الجلال يسحق شعورى فيما بعد بالمرأة موطناً للإعجاب والروعة. ومن نبع أمى فى هذه السن المبكرة صرت أدرك المرأة مناطاً للجمال والجلال معاً.. فاقترن وعيى بالمرأة منذ اللحظة الأولى بجلال الجمال وسحره، ورحت لا أتمعن التكوين الأنثوى الخالد إلا بوصفه موضعاً مشتركاً للجمال والجلال معاً.. فيأخذنى الجمال فى المرأة دائماً ليحول نظرى نحوها إلى نوع من الاستغراق الصوفى. وفى مدرستى الابتدائية تفجر فى طفولتى شغفان، تلقفهما أساتذتى العظام بالرعاية والتنمية، وكان سبيلى إليهما معاً هو الشعور بالجمال، فأحببت الإلقاء مغموراً بجمال التعبير، وولعت بالرسم مفتوناً بجمال الصورة. وفى الثالثة الابتدائية بمدرسة الإنجيلية النزهة بشبرا كان الأستاذ/ فاضل مدرس اللغة العربية يكتب لى بنفسه الخطب الرنانة، لأقف فى طابور المدرسة ألقى الخطب أمام زملائى، وكان الأستاذ/ فريد يترك معى مفتاح حجرة الرسم بالمدرسة، التى تمتلئ بالألوان واللوحات الخام المعدة للرسم، والأدوات كلها، لأذهب لأرسم كلما واتتنى الفرصة، حتى امتلأت جدران المدرسة بلوحاتى المكبرة لرسوم صاروخان وصلاح جاهين وغيرهم ممن زخرت صحف ذلك الزمان برسومهم الجميلة؛ ولقد فجّر ولعى بالرسم سلسلة طرزان المرسومة فى جريدة الأهرام، التى كان أبى مواظباً عليها، وكنت حريصاً على قراءتها بعده، وعلى أن أعكف على تقليد رسوم مسلسل طرازان تقليداً متقناً، شجعنى أبى عليه، فمدنى بأدوات وكراسات الرسم اللازمة؛ على أن قراءتى للأهرام فى الثالثة الابتدائية جعلتنى أفوز لمدرستى بكأس أوائل الطلاب، رغم كونى أصغر أفراد فريق مدرستى، لغزارة المعلومات العامة التى أمدتنى بها الأهرام فى هذه السن الصغيرة. أقول إننى فى هذه السن الباكرة - حوالى ثمانى سنوات من العمر - أحببت ال ......
#حجرة
#الراهبات
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=730886
#الحوار_المتمدن
#ماهر_عزيز_بدروس استعصت الفرصة للتحدث إليها بكل سبيل، ولما هَدَّنى البؤس والحنين اتجهت رأساً إلى مكتب الأستاذ العميد، أطلب إليه أن يمنحنى نصف حجرة الطالبات لأقيم فيها معرضى الفنى، لعلها تدخل تتفقد اللوحات، فتتخلق أمامى فرصة طبيعية لأقترب منها وأتحدث إليها. كان ذلك ما هدانى إليه طموحى وانهيارى، بعد انتظار طال من بدء العام الدراسى حتى إجازة نصف السنة، دون تمكنى من الاقتراب منها والحديث إليها.. هكذا جاءنى الوعى بحضور المرأة فى العالم وفى وجودى أشبه بزلزال.. كان زلزالاً تقوضت له روحى، وتكسرت به نفسى، واهتز له جهازى العصبى، حتى بقيت بعد انتهائه لمدة ستة شهور كاملة لا أستطيع أن أضم أصابع كفى اليمنى على القلم لأكتب، من فرط الإجهاد الداخلى رغم تماسك الصورة الخارجية. حدث هذا الزلزال كالكشف الصوفى أو الخبرة الروحية التى لا تترك صاحبها إلا أشلاء، يظل يجمعها زمناً وهو ذاهل عن الوجود كله.. أما كيف حدث هذا الزلزال فجذوره تعود إلى الطفولة والصبا وشرخ الشباب، حيث تكونت لدى صورة ذهنية سامية للمرأة على نحو فادح الثراء.. لقد تفتحت عيناى منذ نَيِّف وثلثى قرن على أمى تصحو فى الفجرية تعجن لنا الدقيق لِتُصَيِّرهُ بعد ذلك خبزاً، وتعتنى بنا حتى نذهب إلى مدارسنا ويخرج أبى إلى عمله، فإذا اطمأنت لذلك تخرج إلى السوق لتبتاع الطعام وأشياء البيت، ثم تعود فتحترق كشمعة تذوب لتتوهج، وتتوهج فتملأ حياتنا والبيت ضياءً لا يخبو ونوراً لا ينقطع.. كنت أرى أمى الجميلة يكسوها التعب، فلا أميز فيها الجمال من الجلال.. وأظل أسأل نفسى: هل هى جميلة فيتألق جلالها؟ أم هى جليلة فتزهو بالجمال؟..لكننى انتهيت إلى حقيقة غالبة ارتبط فيها جمال المرأة فى عينى بجلال سابغ، ثم راح هذا الجلال يسحق شعورى فيما بعد بالمرأة موطناً للإعجاب والروعة. ومن نبع أمى فى هذه السن المبكرة صرت أدرك المرأة مناطاً للجمال والجلال معاً.. فاقترن وعيى بالمرأة منذ اللحظة الأولى بجلال الجمال وسحره، ورحت لا أتمعن التكوين الأنثوى الخالد إلا بوصفه موضعاً مشتركاً للجمال والجلال معاً.. فيأخذنى الجمال فى المرأة دائماً ليحول نظرى نحوها إلى نوع من الاستغراق الصوفى. وفى مدرستى الابتدائية تفجر فى طفولتى شغفان، تلقفهما أساتذتى العظام بالرعاية والتنمية، وكان سبيلى إليهما معاً هو الشعور بالجمال، فأحببت الإلقاء مغموراً بجمال التعبير، وولعت بالرسم مفتوناً بجمال الصورة. وفى الثالثة الابتدائية بمدرسة الإنجيلية النزهة بشبرا كان الأستاذ/ فاضل مدرس اللغة العربية يكتب لى بنفسه الخطب الرنانة، لأقف فى طابور المدرسة ألقى الخطب أمام زملائى، وكان الأستاذ/ فريد يترك معى مفتاح حجرة الرسم بالمدرسة، التى تمتلئ بالألوان واللوحات الخام المعدة للرسم، والأدوات كلها، لأذهب لأرسم كلما واتتنى الفرصة، حتى امتلأت جدران المدرسة بلوحاتى المكبرة لرسوم صاروخان وصلاح جاهين وغيرهم ممن زخرت صحف ذلك الزمان برسومهم الجميلة؛ ولقد فجّر ولعى بالرسم سلسلة طرزان المرسومة فى جريدة الأهرام، التى كان أبى مواظباً عليها، وكنت حريصاً على قراءتها بعده، وعلى أن أعكف على تقليد رسوم مسلسل طرازان تقليداً متقناً، شجعنى أبى عليه، فمدنى بأدوات وكراسات الرسم اللازمة؛ على أن قراءتى للأهرام فى الثالثة الابتدائية جعلتنى أفوز لمدرستى بكأس أوائل الطلاب، رغم كونى أصغر أفراد فريق مدرستى، لغزارة المعلومات العامة التى أمدتنى بها الأهرام فى هذه السن الصغيرة. أقول إننى فى هذه السن الباكرة - حوالى ثمانى سنوات من العمر - أحببت ال ......
#حجرة
#الراهبات
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=730886
الحوار المتمدن
ماهر عزيز بدروس - حجرة الراهبات