الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء السادس
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل أساطير ونبوءاتالساعة التاسعة مساءفي ساعات المساء الأخيرة شهدت الحديقة حركة غيرعادية. فبدلاً عن أن تبدأ بالسبات كما يحصل كلّ ليلة من ليالي الشتاء الباردة، تجمّع عدد من الناس قرب خيمة المجنونين، وراحوا ينصبون خيمة لهم. يبدو أنهم قرروا المبيت هنا. كان أولئك هم جماعة الشايب، ذلك المهووس بالمسرح، ومريدوه من الفنانين غريبي الأطوار، وهم ثلة من رجال السطح. أما الآخرون الذين تجمعوا قرب الخيمة، فقد كانوا خليطاً من متسولين ومحبطين ومجانين ومدمنين وهم لفيف من رجال ، وفدوا الى الحديقة من أماكن مختلفة من وسط المدينة، جلسوا تحت الأشجار، تلحفَّ بعضهم بأسماله وأغطية بالية متسخة، وراح يتصنع النوم. لقد صار الأمر جنونياً تماماً، هكذا فكر عماد. وكذلك راح يفكر حسن بالطريقة نفسها. فقد اختلطت الأمور عليهما تماماً. فقد ألفا الهلوسات التي كانت تجتاحهما، وتعودا على الأوهام والخيالات التي طالما عصفت برأسيهما، خاصة أثناء الليالي. ألف عماد الأحلام التي كان يراها وقد غادرت قلوب اصحابها الميتين قبل أوانهم كحمامات فزعة تائهة تحوم، والتي راحت تبحث لها عن مأوى بعد أن خطفت يد الموت القاسية التي لا ترحم أصحابها فجأة وهم يسيرون، وهم يعودون من مدارسهم، أو وهم يعودون من لقاء أحبّتهم. واعتاد حسن رؤية نسخ مشوهة ظلّيّة من كل مشهد واقعي أمامه. نسخ مغشوشة، كأن الواقع أصبح بنظره طبقات متوازية متشابهة ومختلفة في الوقت نفسه. ولهذا لم يعودا متأكدين ما اذا كان الذي سمعاه من هذا الرجل واقعاً أم خيالاً، فمن المؤكد أنه كان يتحدث عن مدينة ليس لها وجود. قطعاً، لا يمكن أن تكون هناك مدينة بمثل هذه المواصفات. ولكن الشيء غير المؤكد أيضا هو هل أن هذا الرجل موجود فعلاً في خيمتهما يفتعل القصص والأكاذيب، أم أنه لا وجود له إلا في عالميهما الخياليين؟ أم أنه موجود في خيال عماد ويقصُّه على حسن، أم أنه من اختلاق حسن ويصدّع به رأس عماد؟ كلّ شيء ممكن. ولكن ما قصة هؤلاء المجانين الذين تجمعوا حول خيمتهما لمراقبة الاحداث؟ لماذا قدموا؟ هل لهم علاقة بهذا الرجل؟ أم أن أحدا لم يتجمع، أم أنهم تجمعوا لسبب آخر لا علاقة له بقصة هذا الرجل الغامض؟ حاول عماد التأكد من أنه كان قد أرسل المقاطع الصوتية لأحدهم أم أنه تخيّل ذلك أيضاً، ولكنه عندما حاول التحقق من هذه وجد هاتفه مطفئاً تماماً.من جانب آخر يبدو أن الناس العاديين لم يلحظوا شيئاً، فقد استمرت حركتهم كما هي دون أن يلتفتوا الى ما استجدَّ من تجمع غريب في حديقة الأمة. في هذه الأثناء قال عماد للرجل الغامض:- أخبرنا المزيد رجاءً لنعرف ما الذي جرى، وما هي قصة تلك الرموز والحيوانات؟أما الرجل الغريب فيظنُّ نفسه هذه المرة كما لوأنه ضيف على برنامج تلفزيوني يجيب على أسئلة الصحفيين. قال: - تسألني لم اختار الكبار تلك الرموز ليضعوها في بيارقهم دون غيرها. أنا أقول لك، لم يكن ذلك عملاً اعتباطيا. بل لأن هذه الرموز كانت متجذرة في إسطورة قديمة. إسطورة كان الناس يعرفونها، وكانوا يحفظونها عن ظهر قلب. يقال أنها كانت مكتوبة على المسلّة التي يقال أنها كانت موجودة في مكان ما قبل أن تختفي بظروف غامضة. تردد في أرجاء المثلث الجنوبي أن سكان مثلث آخر قد سرقوها، وأنهم قد دفنوها في مكان ما تحت الأرض، وأنهم لازالوا عاكفين على إزالة نقوشها الأصلية واستبدالها بنقوش مزيّفة أخرى، نقوش تمجّد مثلثهم دون غيره! يعتقدون أنهم سينجحون بفعلتهم هذه! مستحيل أن يحصل هذا، قال أحدهم. ولكنني سمعت الناس في كل مثلث وهم يتّهمون أصحاب مثلث آخر بسرقة المسلّة. كان ذلك منذ وقت بعيد قبل أن يبدأ الجميع با ......
#الذي
#_الجزء
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=703873
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء السابع
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الحربالساعة الخامسة صباحالم ينم المجنونان الصغيران الا سويعات معدودة منذ انتهاء الجلسة السابقة التي دامت حتى منتصف الليل، لم يتبادلا أي كلام بعدها، ولم يعلما السبب الكامن وراء صمتهما ذلك، كانا يستمعان كل تلك المدة الى رجل مهووس، تسكنه قصة غريبة ربما سمعها ذات يوم، أو ربما شاهدها بفلم، أو ربما قرأها. أم أنهما لم يعودا متأكدين من حقيقة هذا الذي سمعاه. فتركا الأمر لتقييم الأصدقاء، وردات أفعالهم حين يشاهدون ويسمعون. فقد بدا لعماد أنه كان قد أرسل مقاطع تسجيلية الى كل الأصدقاء في المرات السابقة، وقد لاحظ ان هناك من الذين توافدوا الى الحديقة مؤخرا من كان يستمع بحرص شديد لما كان الرجل المجنون يرويه، أو هكذا خُيَّل له على الأقل، وتراءى له أيضا أن بعضهم ربما كان يصوّر بهاتفه المحمول ما كان يجري. نام الصديقان المتعبان ليلتهما دون أن يتبادلا حديثا مع بعضهما.بغداد مثل قطعة موسيقية، سيمفونيّة فريدة، بامكانك أن تغمض عينيك وتنسى كل شيء، وتستمتع بالاصوات والنغمات وهي تحكي قصة مدينة ليس لها مثيل، مدينة عتيقة، حيّة، متجددة، مدينة يصعب فهمها، ويصعب هضمها، ويصعب نسيانها. فجراً وكعادتها دوماً، يكسر سكونَها دعاءُ المساجد التي تصحو، رويداً رويداً، يبدأ الدعاء من أحد الجوامع البعيدة، صوت خافت لايكاد يسمع، ثم يعلو، ويعلو، ويزداد، وتضجُّ السماء والأرض بالتلاوات، متداخلة، تعلو وتهبط مثل موسيقى كونية، فتوقظ النائمين، وتسلب الكرى من الغافين. ثم تخفت تلك الأصوات ليحل محلها أصوات الحركة المبكرة، حركة السيارات والباعة وأصحاب العربات التي يبيع أصحابها كل شيء، ثم يعلو نفير السيارات، وصفير شرطة المرور، ثم أصوات المتشاجرين، وتذمّر المتذمرين، يتخلل تلك الفوضى بين الحين والآخر أذان المساجد، وقرع أجراس الكنائس، مثل تبادل الأدوار بين الروح والجسد، تسمع أصوات الجوامع والكنائس مرة، ثم أصوات الصراخ والسعي والضجيج مرة. ثم تهدأ وتيرة الأصوات قليلاً، فتسمع زغاريد من مكان ما، ودفوف، ثم عود، وناي، ثم تسمع غناء المطربين، والعاشقين، وهم يندبون حظهم العاثر! ثم تنام بغداد رويداً رويداً، ما تلبث حتى تصحو من جديد لتعيد تلك الجلبة دورتها الأبدية، وتلك الموسيقى عزفها المتكرر. الرجال من مجتمع السطح غريبو الأطوار من المسرحيين والرسامين الذين لا يهتمون كثيرا لهندامهم تكاثروا في الليلة السابقة على يمين خيمة المجنونين المتذبذبين عماد وحسن، فبنوا لهم ما يشبه الخيام، ملاجيء تقيهم البرد كي يستطيعوا الاستمرار بالنقاش الذي بدأ، ويبدو أنه لن يتوقف! أما المتسولون والمجذوبون فقد تجمعوا على يسار خيمة عماد وحسن، وراحوا يحملقون بالفراغ صامتين. أو ربما تصدر عن بعضهم بين الحين والآخر هلوسات غير مفهومة، وهمهمات لا تعني شيئاً! أو ربما هي لا تعني شيئا لنا، ولكنّها ربما تكون مفهومة عندهم. يتواصلون من خلالها، أو ربما يتواصلون مع كائنات أخرى، أشباح، أرواح يرونها هم ولا نراها نحن. هل يعنيهم وجودُ هذا الرجل؟ هل يمثل وجوده شيئاً مهما لهم؟ اكتشف المجانين أن شيئاً خاطئاً كان يحصل منذ مدة، تناقض ربما أو شيء من هذا القبيل، اذ يصعب عليهم وصف الاشياء، ويصعب عليهم التعبير عنها. والخطأ الجوهري الذي تفاجأ مجتمع القاع باكتشافه، العيب الكبير الذي عرفوا بوجوده بينهم مؤخراً وبعد مناقشات مستفيضة حول قصة هذا الرجل الغامض، هو أنهم كانوا يكلّفون أنفسهم فوق طاقتها. فالجنون هو بالحقيقة ممارسة أو إختيار فردي، هكذا اعتقدوا، ينسحب الفرد بموجبه ويتقوقع في عزلته، يتخلى عن كل شيء، فيصير ببساطة مجنوناً. بيد أن مجانين وسط بغداد اكتشفو ......
#الذي
#_الجزء
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704088
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء الثامن
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الخامسة مساءًالرنينمثل طفلين تعودا على الاستماع الى قصص ما قبل النوم، مثل طفلين تعودا قراءة قصص المغامرات في المجلات، مثل طفلين اعتادا على سماع الحكايات الملفتة للنظر، اعتاد الشابان عماد وحسن على الاستماع لسرد هذا الرجل الغامض الذي وُجد قبل ساعات فقط فاقد الوعي قرب خيمتهما. أصبح للشابين المجنونين قصة تختلف عن كل ما سبق لهما أن خاضاه من قصص. وتوهّما قبل ساعات أن شهرة قد أصبحت لهما من خلال المقاطع الصوتية والرسائل التي خُيّل لهما أنهما كانا قد بعثا بها لكل اصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.أصبح لهما مهمة جديدة، هكذا توهّما، مهمة لم تكن بالحسبان. إذ صارا كمضيفين لرجل غريب يحكي قصة جنون أغرب من الخيال، صارا مثل صحفيين ينقلان على الهواء مباشرة ما كان يجري في خيمتهما من أحداث، وما كانت تُنسج هناك من أكاذيب، وما كان يروي لهما الرجل المخبول من أباطيل. ضاقا ذرعاً بهذه الأحداث، فأرادا نقلها الى الناس. أن تحتفظ بالفكرة داخل رأسك يعني أن تعالجها، أن تقلّبها، أن تحلَّ إشكالاتها، وأن تجد الأجوبة عن اسئلتها، ولكن كيف لك ذلك؟ والفكرة أكبر منك! خاصة اذا كنت مجنوناً، لابد لك أن تناولها، أن ترسلها الى الآخرين وتستريح، وتنتظر ما سيقولون. أما أنت فتجلس مستريحاً منتظراً. لم يدر بمخيلتهما أن تصير خيمتهما محطَّ اهتمام الجميع، حتى أن مراسلي القنوات التلفزيونية بدأوا يترددون عليها لالتقاط صور لذلك الرجل الذي ذاع صيته في الأرجاء، وأصبح حديث الناس، فضلا عن تجمهر الفنانين يقودهم ذلك المسرحي المخضرم المعروف بالشايب، والمجانين الآخرين الذين تواجد عدد منهم بشكل ملفت وغير مسبوق في الحديقة. كانت صورة الرجل تتقلب أمامهما في الساعات التي مضت. فمن رجل مجهول، الى رجل مجنون يهذي، الى رجل مهووس بالقصص والروايات والأفلام، الى رجل يحكي عن قضية مهمة. لم يكن اشراكهما للآخرين بهذه القصة التي بدأت منذ يومين ناجماً عن حب للشهرة والظهور أساساً، ولكنهما لضعف تجربتهما، اعتقدا أن الآخرين ربما يكونون أقدر منهما على فهم حقيقة الرجل. طلبا من أصدقائهما المساعدة لا غير. أو هكذا تخيّلا الأمر، ثم وبشكل سريع وغير متوقع صارا مقتنعين أنهما قد ضاعا مجدداً، بل فقدا خيمتهما التي كانت تؤيهما. فقد زحف المجانين من كل صوب اليها، ومدّوا رؤوسهم داخلها، وأزاح الجمهور المأخوذ بحكاية الرجل الغامض المجنونين الصغيرين منها، احذر، تنحَّ جانبا، من فضلك، ماذا تعمل هنا؟ قف هناك! وهكذا وجدا نفسيهما في الصفوف الخلفية ينظران الى خيمتهما التي لم تعد لهما. بل أنهما بعد دقيقتين فقدا بعضهما. ما عاد عماد يعلم الى أي جهة تم دفع حسن، ولا يعلم حسن أين قُذف بعماد!لم يكن متوقعاً في عقليهما الصغيرين المريضين أن يزحف الناس الى خيمتهما مأخوذين، لم يكن متخيلاً أن يكون وجود الرجل في خيمتهما سبباً لطردهما منها من قبل أناس غريبي الأطوار، قساة، عيونهم لا ترى، وأيديهم تبعد بقسوة الشابين الى الخلف كخرقتين لا أهمية لهما، تماماً مثلما تم إبعاد أمتعتهما البسيطة.توارى عماد وحسن وسط جمهور مضطرب، وصارت خيمتهما هناك على مبعدة منهما نهباً لعيون الجميع، بل لم تعد هي، صارت شيئاً آخر، فمن مكان يحتويهما، وينتشلهما من الفضاء العام وشخوصه. صارت مكانا مفتوحاً تشرأب الرؤوس اليه، وتتفرسه العيون، لم تعد خيمتهما تلك المنزوية بين الأشجار، المختفية بانخفاض أرض الحديقة، المستترة بظل جدار الرصيف المرتفع، المتوارية بالظلام، المنخفضة، الواطئة، التي كانت بالكاد ترتفع عن الأرض بضعة أقدام. لقد رفعت من مكانها الأول ونُصبت على الرصيف ال ......
#الذي
#_الجزء
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704493
حامد تركي هيكل : هو الذي رأى كل شيء _الجزء التاسع والأخير
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل النوارسالساعة العاشرة مساءحدث تغير كبير في طبيعة الجمهور المتجمّع حول الخيمة في الساعات الأخيرة. كان هناك المجنونان الصغيران عماد وحسن يستنطقان الرجل الغامض، ثم توافد لفيف من مجتمع السطح ممثل بالفنانين، فنصبوا لهم خيمة الى جهة اليمين، وتهافت مجانين وغريبو الأطوار، فتناثروا الى جهة اليسار. أما الآن فقد إجتذب الحدث أعداداً كبيرة من الناس، فأبعدتِ الشابين، وابتلعتِ الفنانين والمجذوبين، واختلط الحابل بالنابل.انتظر الناس ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. فبعد أن طاف المتحمسون حول الخيمة حاملين الرجل على أكتافهم قبل ساعات، وبعد أن تعبوا، أو ربما بعد أن تعب، أعادوه الى سريره، وأسدلوا عليه خيمته، فنام. ثم ظلّوا يراقبونه. تناوبوا على مراقبته. أما الذين كانوا في الحديقة، وعلى الرصيف، وفي عموم الساحة، بل الذين كانوا يراقبون شاشات التلفزيون، وأولئك الذين كانوا يراقبون هواتفهم بانتظار أن تصلهم رسالة جديدة من أصدقائهم تنبئهم عنه، فقد بَدَوْا مندمجين مع قصته، مشدودين لسيناريوهاتها. وهو ما شجّعهم لتخيّل ما سيقول. أطلق الجميعُ العنانَ لخيالاتهم لتصور النهاية. لا بل أن البعض آمن إيمانا قاطعاً أنه يعلم ما سيقوله الرجلُ الغامض في اللقاء القادم الذي لابد أن يكون حاسماً. كان الجميع مشغولاً بتلك القصة، فقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع سجّلها بعض الحاضرين للرجل وهو يقف رافعا ذراعيه، هاتفاً بأعلى صوته المبحوح. وصلت التسجيلات الى كل الأماكن، وشاهدها الكثيرون، بل أن تلك المقاطع قد ظهرت في بعض القنوات التلفزيونية المحليّة. ظهر فيها الرجل وهو يخطب بالجماهير فيما أُضيفت موسيقى الى التسجيل. ورغم أن الصوت لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية، ورغم رداءة الموسيقى التي أُضيفت، الا أن المشهد بدا مؤثراً لكل من شاهده تلك الليلة.أخبار كاذبة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة بعناية، مقاطع تبدو وكأنها مشاهد من أفلام، مشاهد مفبركة تتضمن رجلاً بملابس غريبة، بدلة عمل بيضاء عليها قميص فضفاض ونطاق من قماش بلون مائل للحمرة. وهو يقف على منصة، ويتلو مقاطع عجيبة مما جادت به قرائح الناس. فأحد تلك المقاطع يظهر فيها رجل يذكر مواعظ أو ما شابه ذلك! بينما كانت إحدى القنوات التلفزيونية تعرض تقريراً مزيّفاً أعدّه مراسلُها، يزعم فيه أنه ينقل الكلمة التي ألقاها الرجل الغامض قبل ساعات. فيما شدَّ التقرير انتباه جميع العوائل التي شاهدته في البيوت والمقاهي والمطاعم، وتناقلته قنوات أخرى مشيرة الى مصدر التقرير التزاما منها باخلاق المهنة! كان ذلك التقرير يعرض رجلاً يقدم للناس نصائح بضرورة التزام الهدوء، والتأكد من غلق الأبواب الخارجية قبل النوم!توقعات في خيمة فسيحة تعود لمجموعة الشايب من هواة المسرح، واساتذة الفن، بدأ عدد منهم يرتجل ما سيقوله الرجل الغامض في المرة القادمة. أمام جمهور من المتفرجين الواقفين حول مساحة خالية كأنها خشبة مسرح، وبعضهم كان جالسا مفترشا الأرض. كان الشايب يقول تلك الليلة: بغض النظر عمّا سيقول هو أو لا يقول. يمكن إستثمار هذا الحدث لاطلاق العنان للخيال، خيالنا يعبر عن رؤيتنا، خيالنا يرسم الصورة التي نريدها أن تكون. لذلك فما ينتجه خيالنا من توقعات للأحداث ليس شيئا تافهاً، بل هو جزء مهم من الحدث ذاته، نحن نعيد بناء الحدث، لذلك لا بأس لنتخيَّل ما سيقول الرجل ، لنتخيَّل فحسب. قال الشايب مشجعاً الشباب لارتجال نص درامي. وقف شاب، وبصوت جهوري مؤثر راح يقول: من بين الأنقاض ، ومن تحت الرماد. كانت العزيمة التي خُيّل للبعض أنها قد أ ......
#الذي
#_الجزء
#التاسع
#والأخير

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704848
حامد تركي هيكل : خيالات
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الساعة الحادية عشر ليلاً، تجلس س وحيدة في غرفة المعيشة تشاهد التلفاز، بعد أن انسحب كل أفراد العائلة الى غرفهم. نشرات الاخبار ليس فيها ما يسرّ. كلّ الأخبار تدور حول الجائحة، عدد الصابات،عدد الوفيات، إجراءات الحظر، لقاحات جديدة، تحول الفايروس، أعراض جديدة. تشعر بالاشمئزاز. تطفيء التلفاز وتنسحب هي الأخرى الى غرفتها أيضاً.هي طالبة في كلية الطب السنة الخامسة. لقد تعبت من أجل الحصول على معدل يؤهلها دخول هذه الكلية قبل خمس سنوات. ولشدّما كانت فرحتها وفرحة والديها كبيرة بحصولها على مقعد لدراسة الطب. ولكنها الان تعتقد أن هذا لم يكن يستحق كل ذلك العناء. هي الآن تتمنى لو أنها درست الفن التشكيلي. س في العشرين من عمرها، وبالتحديد فهي ستحتفل بعيد ميلادها الثالث والعشرين بعد شهرين من الآن. ذكية، وجميلة، ومرهفة الحس، ولديها طموح كبير في أن تكون طبية ناجحة. الا أن ما حلَّ بالعالم بعد أن اجتاحه فايروس كوفيد -19 ربما غيَّر نظرتها قليلاً. فقد بدى لها الطبُّ عاجزاً عن مجابهة أصغر فايرس. فضلاًعن أن مهنتها المستقبلية بدت لها مصحوبة بالألم والفقدان أكثر مما تستطيع احتماله. هكذا فكرت. قبل نحوِعشرين سنةعندما كانت س طفلة، راودت المخاوفُ أمَها عليها. فقد ظنت أن ابنتها الصغيرة البالغة من العمر ثلاث سنوات ربما تعاني من مرض عقلي أو نفسي ما. فقد لاحظتها تلعب وحيدة في غرفتها، وتبقى على تلك الحالة ساعات دون أن تملّ. كانت تسمعها تكلم نفسها. وعندما زاد قلقها راقبتها أكثر، فوجدتها وكأنها تلعب مع طفل آخر. تحدّثه، وتضحك، وتناقش معه مواضيع عديدة. عندها لم تجد الأم بداً من سؤال ابنتها. كانت الأم مترددة، وخائفة، ولا تعلم ما الذي ستكتشفه. ولكنها استجمعت قواها، وبهدوء، وبريق ناشف، وقلب خافق بشدة سألتها: مع من تتحدثين حبيبتي؟ ولكن الطفلة أجابت بسرعة وبلا تردد: مع صديقتي. - صديقتك! ومن تكون صديقتك هذه؟ استمر الحوار بهدوء. وعلمت الأم أن طفلتها تتخيّل فتاةً شفافةً! جميلة، ترتدي ثوبا من نور، ثوباً يشع بألوان بهيجة لامعة مثل الألوان التي تنعكس من الهرم الزجاجي الموضوع على الطاولة في غرفة الجلوس عندما يسقط عليه ضوء الشمس. وهي لا تحتاج للأبواب لتدخل وتخرج. بل تدخل من ألجدران أو أحيانا من السقف! وهي تحبُّها حباً جماً، ولا تصبر على غيابها. وعندما تحضر فهي تجيب عن كل اسئلتها، وليس كما يفعل الأهل، إذ غالباً ما يتهربون من الإجابة عن الاسئلة! هكذا أذن.استشارت الأم أطباءً، وتحدثت مع زوجها ومع أمها أيضاً، ولكن الجميع أكّدوا لها أن ذلك طبيعي جداً، وأن الطفلة سرعان ما ستنسى هذا الخيال وهذا اللعب عندما تلتحق بالروضة. بشكل أو بآخر أحسّت الطفلة الذكية بقلق أهلها وارتباكهم، ولذلك طلبت من صديقتها الشفافة عدم الحضور، ولكنهما، هي وصديقتها الشفافة، اتفقتا على تقليل الزيارات فقط، وتقليل زمن الزيارة، لأن ذلك ضروري، كما قالت الشفافة.وبمرور السنين، بدا للأهل وكأن ابنتهما قد تجاوزت هذه الحالة تماما، وغدت فتاة طبيعية، فتاة ذكية، بل خارقة الذكاء. أفكار الأمهل كانت تلك الشفافة التي تراها ابنتي حقيقة؟ كانت الأم تفكر. هل هي كيان مادي؟ ولكن، أنى لها أن تكون كذلك وهي ضوء؟ ألوان، تنفذ عبر الجدران، ولا يراها أحد؟هل هي مخلوق من عالم آخر؟ من يدري؟ ثم ألا يتعارض ذلك مع كلِّ شيء؟ العلم، الدين، العقل. يا ألهي! كانت في حيرة.أخيراً أستقر رأي الأم على أن هذه الشفافة التي تراها ابنتها الموهوبة هي محض خيال. فللطفلة قدرات عقلية خلاقة، هي تستطيع أن تجسّد أفكارها بالشكل الذي يحلو ......
#خيالات

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712562
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الأول
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كان بينه وبين التصوير حبٌ من جانب واحد على ما بدى له. حبٌ لم يتكلل بالنجاح رغم تعدد محاولات التودد والتقرب والتضحيات. فعلى مدى سنوات كان يحبُّ أن يكون مصوّرا فوتوغرافياً. ولا يعرف هو لماذا أحبَّ التصوير. ولكن ظروفاً قاهرة حالت بينه وبين تحقيق حلمه. حتى أنه بات مقتنعاً أنه لم يُخلق للتصوير، وأن الكاميرا تأبى أن تكون الى جانبه. فأقلع عن فكرة التصوير. وله مع الكاميرات وعشقها قصصٌ ثلاث.الكاميرا الأولىكان في الثالثة عشرة من عمره، عندما تملكته رغبة عارمة في الحصول على كاميرا.لا يتذكر الآن بعد مرور نصف قرن كيف تسللت الفكرة الى رأسه. ربما سمع عنها، ربما شاع في القرية حينها كلام عن كاميرات. ولكنه متأكد أن تلك الفكرة لم يكن سببها أنه شاهد واحدة. ففي تلك القرية الوادعة، تلك القرية الجميلة التي تغفو على نهر خضابو، والتي خرجت للتو من محنة الفيضان الكبير عام 1969 الذي أتى على كل شيء، لم يكن أحد يمتلك كاميرا، بالتأكيد. ولكن الفكرة التي قضّت مضجعه وألجأته الى التفكير الجدي لامتلاك كاميرا ربما كانت بسبب تلك الكاميرا الصندوقية العجيبة التي تلتقط الصور الشمسية. حيث تطلب دخوله إمتحان البكلوريا للصف السادس الابتدائي أن يجلب لادارة المدرسة صورة شمسية لتسلمه بدورها بطاقة. ومن دون تلك البطاقة لم يكن بمقدوره دخول قاعة الامتحان المهيبة. جلس على كرسي حديدي أمام حائط، خلفه ستارة سوداء معلقة بمسمارين، وأمامه ذلك الصندوق الخشبي العجيب المرتكز على ثلاث أرجل، يتدلى من خلف الصندوق كمٌّ أسود طويل من قماش ثقيل كأنه اقتطع من سروال رجل عملاق. كان المصور يمارس حركات مريبة لا يعرفها أحد. فكان يطلُّ مرةً بعين واحدة من فتحةٍ جانبيةٍ ناتئة ليرى ما يجري في قلب ذلك الصندوق، ومرةً كان يمد يده من خلال الكمّ الأسود ليعالج أشياء لا يعلمها إلّا هو في أحشاء ذلك الصندوق. أما هو فكان عليه أن يجلس متسمّراً على ذلك الكرسي الحديدي المؤلم، ينظر الى عين الصندوق مدة من الزمن. وبشكل سحري يخرج المصور من قلب الصندوق بعد طقوس يمارسها بصمت شريطاً مبللاً، يجففه تحت أشعة الشمس، ثم يقطّعه بمقصّ، ثم يضع القطع بكيس ورقيّ، تفضل عمي، هاي هيه صورك.أيمكن أن تكون هذه الحادثة هي من زرع بذرة الميل لامتلاك كاميرا في قلبه؟ أم تلك الأحاديث التي راجت في القرية وانتشرت كانتشار النار في الهشيم عن عباس حمد؟ هو لم يرَ عباس حمد، ولا يعرفه. ولكنه سمع عنه أنه كان يجلب الاشياء ويبيعها. وكان أهل القرية يكلفونه بشراء الأشياء العجيبة، فيجلبها لهم. وسمع أيضاً، ربما، أن عباس حمد قد قال أن سعر الكاميرا في أربد ثلاثمائة فلس. عباس حمد كان جندياً مكلفاً، وكانت وحدته قد نقلت الى الأردن واستقرت في مدينة أربد بعد حرب حزيران.المشكلة التي كانت تواجهه هي في الكيفية التي سيحصل بها على المبلغ المطلوب، وهو مبلغ ليس ياليسير، ذلك لأن أكبر مبلغ كان قد أمسكه بيده حتى تلك اللحظة هو الدرهم (خمسون فلساً) الذي كان يستلمه من والده كل صباح، والذي كان يدفع منه للسيد سلمان عشرين فلساً للذهاب ومثلها للإياب كأجرة ركوب باصه المتهالك من أجل الذهاب الى المدرسة. أما العشرة الباقية فكان يشتري بها لفّة لبلبي. أما اذا رغب بشراء قنينة بيبسي كولا باردة، أو قنينة سينالكو، فكان عليه أن يوفر العشرة يومين لشراءها، لأن ثمنها عشرين فلساً. لم يكن أمامه الا أن يتحايل على أمه، التي لم يكن أقناعها بالأمر الصعب، رغم أنه يعلم أنها لا تمتلك المبلغ، ولكنه يعلم أيضاً أنها لن تردَّ له طلباً، ولن تعييها الوسيلة. فقد تلجأ لبيع بطّة لأم قويدر، التي تك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الأول

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712683
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الثاني
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثانية القطار الصاعد في صيف العام &#1633-;-&#1641-;-&#1639-;-&#1638-;- ظنَّ الناس إن فاضل العطيّة يمرِّ بأسّعد أيامه. واعتقدوا أنه الآن يطير من الفرح. فقد حقّقَ حلمَه، وحصل على معدلٍ عالٍ جداً يمكّنه من دخول أيَّ كليّةٍ يريد. ففي ذلك الزمان كانت فئة التسعينات في امتحان البكلوريا للفرع العلمي نادرة جداً.ولكن فاضل لم يكن كذلك. فقد شعر أن ذلك المعدل العالي صار قيداً عليه. ذلك لأن عليه أن يختار بين الطبِّ والهندسة. ولن يتمكن من ولوج عالم التصوير الفوتوغرافي، حلمه القديم، ولا المسرح، حلمه الثاني. وسيتعيَّن عليه أن ينسى سحر الصور، وينسى بريخت وشيكيسبير للأبد.هل يستسلم؟ هل يترك تذوّق الجمال ليغرق بالمعادلات والأرقام؟ أم هل يغادر تشريح الروح لينغمس بتشريح الجسد؟ كيف له أن يخرج من هذا المأزق؟ولكنه فكّر، لابد من وجود وسيلة، لابد من وجود حلٍ وسط. وقد وجد الحلّ بدراسة العمارة. فملأ الاستمارات، وما إن ظهرت نتائج القبول حتى ركب قطار الساعة الخامسة الصاعد الى بغداد.في كلية الهندسة ظنَّ أن في القسم المعماري ثمة مجال واسع للفن. وهو مع هذا قسم من أقسام الهندسة. التفافٌ رائع على تقاليد المجتمع. وفي القسم المعماري ثمة كورس اسمه التصوير الفوتوغرافي. يا إلهي! كيف اجتمعت الأشياء الجميلة في مكانٍ واحد دفعة واحدة. اللهم لك الحمد. كان على طلبة المراحل الأولية مغادرة بناية القسم المعماري والتوجه الى قسم الهندسة الكيمياوية لحضور درس في مختبر التصوير الفوتوغرافي. وأجمل ما في الكليّة التوغلُ في فضاءاتها الفسيحة، والسياحة في الأقسام الأخرى. فحضور درس ورشة الحدادة والنجارة هو انطلاقةٌ في الفضاء الرحب. وولوج المرسم الحرّ تحرر ٌمن الروتين. وحضور درس الرياضة هو السعادة بعينها. والتوغل في دهاليز بناية الحاسبة أو حضور درس المساحة في قسم المساحة مغامرةٌ واكتشافُ تخوم بعيدة. وكلُّ ذلك يُشعر الطالب بالانتماء للكلية ومن بعدها المدينة ومن ثم الوطن. كم أتمنى على القائمين على التدريس اليوم أن يمنحوا الطلبة فرصة التجوال في أقسام كلياتهم ومختبراتها، يأخذون الدروس في أقسام أخرى لا أن يأتي إليهم الاساتذة من أقسامهم. يمنحونهم فرصة السياحة والانطلاق بدل أن يحجرونهم سنوات عدّة في حجرات اعتادوها، وممرات ألفوها. فذلك يخلق فيهم السعادة، ويزرع في نفوسهم الحريّة والانطلاق، أما الركودُ فيشيع في قلوبهم الدعة والخمول.حديقة الجمال حضور درس الرسم اليدوي ودرس التصوير الفوتوغرافي في قسم الهندسة الكيمياوية هو شيءٌ خاص، وتجربةٌ مفعمةٌ بالجمال والتوتر. فالمكان فريدٌ من نوعه حقاً. فأنت حين تجتاز الفضاء الوسطي المفتوح الذي تحيط به أبنية الهندسة المدنية والمكتبة المركزية وقسم هندسة الريّ وبناية الدراسات العليا، وتسير بخط مستقيم فتعبر الشارع الذي تقع عليه مختبرات قسم الميكانيك، تواجهك بناية حديثة جداً، ومتقشفة جداً. تعبرُ ممراً يسقفه طابق تماماً كما لو كنت تتمشى في مبنى مدرسة الباوهاوس في ديساو الذي صممه جروبيوس! لتصل الى حديقة وسطية مترفة وهادئة جداً. حديقة تحيط بها أبنية الكيمياوي والنفط، ونادي الأساتذة والجدار الخلفي المصمت لنادي الطلبة. تحيط بها مماشي مبلطة ثم سياج من الآس بارتفاع الخصر، وثمة شجرة برتقال تتوسط بساطاً أخضراً من الثيّل، ويوجد في هذه الحديقة المشمسة دوماً مصطبتان خشبيتان مصبوغتان بلون أخضر للجلوس.هل يعود احساس فاضل المفعم بالجمال حين يلج هذه الحديقة لذلك الاحتواء الفريد من نوعه الذي توفره هذه الحديقة؟ أم أن ذلك الاحساس مردّهُ ال ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثاني

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713559
حامد تركي هيكل : كاميرات ثلاث -الجزء الثالث
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل الكاميرا الثالثة في العام 1979عندما كان يضيق صدره، ويرغب باستنشاق هواء نقيّ، عندما تزعجه الزحمة وتشتاق روحه للخلوة، عندما يشعر أنه بحاجة الى العودة الى مونولوجه الداخلي الخاص والذي اعتاده منذ أن كان يجلس هناك وحيداً على السدّة يتطلع الى فضاء الشطّ الواسع الممتدّ أمامه، ذلك الفضاء الصامت الرحب، ذلك الفضاء الأليف الذي لايملّه أبداً، أو منذ أن كان يتكيء على جذع نخلةٍ ويسيحُ روحيّاً بين أعمدة ذلك المعبد الفسيح التي تمتد أروقتُه بكلِّ الاتجاهات حتى تزدحم وتتقارب وتغلق المشهدَ أمام عينيه، هناك في غابة النخيل. عندما يشعر فاضل العطية بكل ذلك الاختناق لا يكون بمقدوره سوى أن يفتح باب الغرفة ليخرج الى الشرفة.الرغبة بالتصوير كم تمنى أن يكون له متسع من الوقت ليأخذ كاميرته ويجول في بغداد يمارس هوايته القديمة التي لم تتحقق. ولكن كيف له ذلك وهذه الواجبات التي لا تنتهي؟ والمشاريع التي لا يكفي الوقتُ المتاح لإتمامها؟ وكم تمنى أن يكون حرّاً ليصّور ما يشاء متى يشاء، لا تضايقه عيون الحرّاس والمراقبين، ولا تطارده الممنوعات، التصوير ممنوع! كان قد اشترى كاميرته الثالثة من الشركة الأفريقية لتجارة الأجهزة الدقيقة. وهي كاميرا جديدة، وصغيرة نسبياً، لونها أسود، ولها عدسة يميل لونها الى الأزرق، ماركة "زينت" روسية، وضعت داخل صندوق صغير، مع كتيِّب إرشادات صغير جداً. لم يجرّبها بعد، كان يتحيَّن الفرصة حالما يفرغ من التقديمات التي لا تنتهي. ولكنه عندما يجد أن لديه يوماَ أو بعض يوم، لا يجد في نفسه رغبةً للخروج، ولا في جسمه طاقةً للمشيّ، فيخمد نائماً معوِّضاً ما فاته من النوم لأيام خلتّ. لذلك ظلَّتِ الكاميرا في صندوقها في الرفّ الأعلى لخزانة الملابس الحديدية.غرفة القسم الداخلي الغرفة التي يعيش فيها يتقاسمها مع خمسة طلبة آخرين. ستةُ أسرّة، وستُ خزانات حديدية ذات لون رصاصي غامق. كل خزانة منها ذات مصراعين، حين يفتح أحدهما يهتزُّ، يقرقعُ، ويصدرُ هديراً أو رعداً مزعجاً يوقظ من كان نائماً. وثمةَ ستُ مناضد صغيرة، يضعُ عليها الطلبة الذين تتطلب واجباتهم رسماً ألواحاً خشبية بيضاء كبيرة. الغرفةُ هي واحدة من غرف عديدة متماثلة على جانبي ممر طويل، غرفته تطلُّ على الشارع، فيما تطلُّ الغرف المقابلة على الحدائق الداخلية للمبنى.لا توفر الشرفة الخصوصية المطلوبة ولا الهدوء المرجو، ولا توفر الإطلالة الجيدة على فضاء بكر أو حديقة غنّاء. هي شريط ممتد متصل تنفتحُ عليه كل الغرف المجاورة. شريط بعرض متر ونصف. تنغرز وسطه الأعمدة الهيكلية ذات اللون الرصاصي الغامق والملمس الخشن، يسيجها سياج حديدي بارتفاع الخصر من أنابيب مصبوغة هي الأخرى باللون الرصاصي أيضاً. هذا المبنى الحداثي الجميل، المتقشف جداً، المختزل، الغني بفضاءاته المنسابة، والذي يدهشك لأول مرة باختلافه عن كل المباني التي ألفتها، سيتحول فقره الجمالي المتقع الى كابوس يقطّع الأنفاس حين تقيم فيه سنوات عدة، فتنزع روحك للهروب الى غنى التفاصيل، وسحر الجدران الطابوقية الهشّة، ورقة المواد الخشبية التي تعبق منها رائحة العتق الممزوجة بعطر الصاج.الشارع المقابل تقع غرفته في الطابق الأول، والحديقة التي تفصل مبنى دار الطلبة هذا عن السياج بعرض بضعة أمتار في هذا الجانب، لذلك يبدو الشارع الموازي للمبنى والممتدُّ من التقاطع الذي يبدأ منه شارع الكفاح الى ساحة باب المعظم يبدو ملاصقاً للشرفة. ومن موقعه في الشرفة كان باستطاعته رؤية محلّات بيع المواد الإنشائية التي تحتلُّ واجهة الشارع المقابلة لدار الطلبة. حيث تعرض تلك ......
#كاميرات
#ثلاث
#-الجزء
#الثالث

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=714076
حامد تركي هيكل : حكاية سعيد الورّاق
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل العام 2010 منذ ان أُحيل سعيد الورّاق الى التقاعد قبل خمس سنوات، أو ربما عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة، لم يعد متأكداً تماماً، واظب على الحضور الى مقهى سلمان كلَّ صباح، وكلَّ مساء. يجلس على التخت الذي وُضع على الرصيف، تحت شجرة التوت المعمّرة، في شارع الكرادة داخل. يرشف استكان شاي، وينظر الى المارّة الذين لا يعنيه أمرهم. كلَّ يوم، يأتي الى المقهى بعد تناول الافطار وحيداً أو مع من يصادف وجودُه ضيفاً عنده من أقربائه الذين يسكنون مدينة الحلّة، والذين كثيراً ما يترددون على بغداد للعلاج أو لأسباب أخرى، فهم لا يجدون أفضل من بيت العازب سعيد مكاناً لإقامتهم، فهو مفتوح للجميع دائماً. بعد أن يجلب بعض المشتريات من أجل غداء الضيوف من السوق القريب من بيته، كالخضروات واللحم وما شابه، يجرجر جسمه الذاوي، ويجلس على تخت المقهى، ليترك لهم أمر اعداد الغداء كيفما شاءوا، أما إن لم يكن لديه ضيوف فهو لا يشغل باله بموضوع وجبات الطعام، يكفيه أن يأكل لفة فلافل من باسم الخِبِل، أو شيش معلاگ من شكّوري الكبابجي، هذا يكفي . كل يوم يجلس على تخته المعتاد حتى صار جزءً من المشهد اليومي لهذا الجزء من شارع الكرادة داخل. رجلٌ نحيف متداعي، يرتدي أيام الصيف قميصاً فضفاضاً لونه سمائي، وبنطال أسود، يضع على رأسه عرقجيناً أبيضاً، ويلبس نعلا من الجلد مفتوحاً أسود اللون . أما في الشتاء فلا يكاد يظهر منه سوى معطفه الرماديّ و سدارة وحذاء وبنطال أسودان. لايهتم كثيراً لحلاقة شعروجهه. من ينظر اليه يشعر إنه أمام رجل حزين، أو محبط. وسواء كان الوقت صيفاً أم شتاءً، لا يتذكر أحدٌ أنه رآه من دون سحابة الدخان التي تلفّه، ذلك لانه كان يدخن باستمرار، يشعل سجارته التالية من السابقة بيده المرتجفة دون الحاجة الى عود ثقاب أو قدّاحة!يدهشه تغير المكان بسرعة مذهلة، عمارات جديدة، سيارات جديدة، أناس جدد لا يعرفهم، ولا يعرفونه. أغاني جديدة تتردد، وحتى أشعار حزن دينية جديدة. يفكر ما الذي جرى للمكان؟ ما الذي جرى للناس؟ ما الذي جرى له؟ كل يوم منذ أن تقاعد سعيد كان يفكر بصديقه حقّي عبد الحسن الذي عمل معه في شعبة الذاتية، وصديقه خلف الذي كان يجلس معه هنا ذاك الذي كان يعمل في قسم الصيانة التابعة لدائرة الكهرباء، وزهر الدين أبو حدبة الذي كان مسّاحاً بدائرة الطابو. كانوا يلتقون هنا عصر كلّ يوم يلعبون الدومنه ويشربون الشاي، وقد تعاهدوا على اللقاء هنا بعد التقاعد كل يوم، ولكنّهم اختفوا، جميعهم اختفوا. أما ضيوفه الذين يتوافدون الى بيته ويذهبون، فهو لا يشعر برغبة بالتعرف اليهم، أو الاستماع الى حكاياتهم. هم غرباء عنه رغم أنهم اقرباؤه. لهم عالمهم الخاص، وهمومهم الخاصة التي لا يشعر برغبةٍ للولوج فيها. لذلك كان يقضي الساعات في تذكّرها هيَ، كان يصبِّ جامَ غضبه عليها، تلك المرأة التي طالما كرهها. تعجّب من مقدار الغضب الذي خلّفتْه تلك المرأة في روحه طوال تلك السنوات، تعجّب من مقدار الكراهية التي زرعتها ونمّتها في قلبه. يا لها من امرأة قاسية، ومكروهة. ترى كيف كانت ستكون حياته لو أنه لم يعرفها؟ كان يتسائل!العام 1979 يكرهها فحسب، لا إحساس يفوق كرهه لها، لا مشاعر أخرى يمكنها أن تطغى على كراهيته لها، تلك الموظفة التي ناصبته العداء منذ اليوم الأول لهما معاً في دائرة الشؤون الثقافية. لا يعلم هل أحسّت أن عليها أن تنافسه وأن تتفوق عليه دون غيره! هل لأنهما التحقا بالعمل في اليوم ذاته؟ كانت محظوظة أكثر منه، وكانت جميلة جداً، وسعيدة جداً، وكانت مُقدمة عليه في كل شيء. نسَّبَها المديرُ ......
#حكاية
#سعيد
#الورّاق

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715063
حامد تركي هيكل : حكاية موت الدكتور سلمان
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل (توفيَّ الأستاذ الدكتور سلمان داوود الفرج اليوم بعد صراع طويل مع المرض عن عمرٍ يناهز الثمانين عاماً).نشرت أحدى الصحف المحلية الصادرة في البصرة هذا الخبر المقتضب في زاوية على إحدى صفحاتها الخلفية. فيما ظهر في الموقع الاليكتروني لجمعية الباحثين الزراعيين نعيٌّ بسيط مع ملخص للسيرة الذاتية للفقيد. عدا هذين الخبرين يبدو أن أحداً لم يهتمَّ لهذا الحدث، إذ ليس للمتوفى أهل، ويبدو أنه غير معروف للأهالي.السيرة الذاتيةولد سلمان داوود فرج في البصرة، قضاء شط العرب عام 1940.وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في مدارسها، ثم انتقل الى بغداد ليدرس الهندسة الزراعية في جامعتها التي تخرج فيها مهندساً زراعياً. التحق بعدها ببعثة الى إنكلترا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة الوراثية للنبات. عاد بعدها الى البصرة حيث عمل في دائرة الزراعة مرشداً زراعياً، ثم عمل سنوات عدة باحثاً ومديراً لمركز البحوث الزراعية. حصل على درجة الاستاذية، ونال عددا من الجوائز لعمله البحثي. تقاعد عن العمل عام 2004. وتوفي في العام 2021 في بيته الذي يمتلكه والواقع في حي البراضعية. كان مقعداً في سنواته الأخيرة، يقوم معين بنغالي الجنسية على خدمته، إذ وظّفه أقرباء الدكتور ليقوم بهذه المهمة. لم يتزوج، بل عاش عازباً. وفي سنواته الأخيرة لم يكن له أصدقاء.السرير بين النوم واليقظة يراوح سلمان داوود فرج البالغ من العمر نحو ثمانين عاماً وهو مستلقٍ منذ مدة لم يعد يتذكر أمدها على سريره الحديدي الذي علا الصدأُ قضبانه، واختفت ألوانه وانطفأ لمعانه. سرير ذو أرجل سوداء تحمل مستطيلا حديديا ثقيلا له تراكيب تشبه المفاصل، عبارة عن رؤوس تدخل بتجاويف ناتئة من أرجل السرير الأربعة، ربطت في المستطيل حصيرة متكونة من نوابض وسلاسل حديدية لم تعد تعمل، بل تهدّلت وتقطّع بعضها، وفُقدت بعض حلقاتها، لذلك تمَّت الاستعاضة عنها بألواحٍ خشبية ثقيلة من خشب الجاوي الأحمر اللون، فالخشب المستوي أفضل لفقرات الظهر، هكذا كان يُقال دائما، والخشب أحنُّ على الأنسان من المعدن، هكذا قيل أيضاً. فقد رافق الخشبُ الأنسانَ منذ أول يوم في رحلته التي بدأها منذ فجر البشرية الأول، كان يتخيَّل الأنسانَ الأول بهيئة قردٍ حمل غصن شجرة ونزل منها ليجوب الغابة بعد أن سئم بقاءه هناك. لم يعد يتذكر متى وُضعت ألواح الخشب على السرير، ولكنه يتذكر أن حشرة الأرضة كانت قد هاجمت ألواح الخشب تلك، لذا تم طلاء الألواح بزيت الحوت المسمى زيت الصلّ والذي كان متوفراً دوماً من أجل دهن أخشاب السفن لحمايتها من الماء وديدان الماء. يتذكر سلمان ذلك جيداً. إبان طفولته البعيدة، وحين تظهر العيوب على البلم الذي تمتلكه عائلته، كانت تتم دعوة القلّاف . وقبل مجيئه كان لابد من شراء بضع صفائح من زيت الصلّ ذو الرائحة الكريهة، فضلا عن القطن، ومواد أخرى. وحين يأتي القلّاف، يتم الايعاز باخراج البلم من النهرلإصلاحه.يتذكر سلمان داوود دائماً القلّاف ذلك الشيخ ضئيل البنية، الذي كان يتكور دائماً مقابل البلم وبيديه المعروقتين أسفين ومطرقة صغيرين، وبأصابعه النحيلة الطويلة كان يفتل حبال القطن ويدخلها بطرقات خفيفة بين الألواح وهو يصدر همهمة متواصلة. حاول سلمان منذ كان صغيراً أن يتبيَّن ما الذي كان يقوله القلّاف . ولكنه لم يفلح. كان القلّاف يهمهم، أو يصدر دويّاً متواصلاً رتيباً، طيلة ساعات العمل في النهار كان يئن . وفي ساعات الليل حين يأوي الى فراشه كان يئنُّ أنيناً خافتاً أيضا مثل خلية نحل. هل كان يغني أغنية ما؟ كثيراً ما راقبه من بعيد، وعن قرب متو ......
#حكاية
#الدكتور
#سلمان

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=723741
حامد تركي هيكل : ضحايا مجرمون
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل بسرعة كبيرة انتشر خبر مقتل خمسة رجال، رغم أنه خبر عادي جداً، فحوادث مماثلة كثيراً ما تحصل ولا يلتفت اليها أحد، لكنَّ شيئاً غريباً ومثيراً في هذه الحادثة أثار انتباه الناس. إذ تم العثور عليهم في الصحراء، وقد فارقوا الحياة ليلاً! وعليهم آثار جروح بشعة، يبدو أنها كانت ميتة مؤلمة! هل هاجمهم وحش؟ هل تعرّضوا لهجوم عصابة من السفّاحين؟ الملفت أن نقودهم لم تسرق وأمتعتهم لم تُمَسْ! كلُّ شيء كان هناك عدا أرواحهم! لا أحد يعلم ما الذي حدث. الاصدقاء الخمسة كانوا يستقلّون سيارة على الطريق الدولي بين مدينتين، ولسبب مجهول تنكبوا الطريق الدولي وسلكوا طريقاً نيسميّاً مهجوراً. قيل أنهم ربما قصدوا زيارة صديق قديم يسكن تلك الفيافي، وقيل ربما اعتقدوا أن هذا هو طريق مختصر. وقيل أيضاً أن من قتلهم ربما استدرجهم الى هذا المكان المقفر لينفِّذ جريمته. وقيل إنه قد لوحظ مؤخراً أنَّ سلوك بعض المسافرين يتغيَّر فجأةً لسبب مجهول حين يمرّون في هذه الأرجاء، كما لو أن قوىً خارقة من وراء الطبيعة تسيطر عليهم، فيتَّجهون الى الصحراء ليموتوا هناك! بعد مضي اسبوع تم العثور على تسجيل صوتي في هاتف أحد الضحايا، تسجيل كشف سرَّ اللحظات الأخيرة القاسية. يبدو أن ذلك الرجل أراد أن يترك للناس دليلاً، أو ربما تم التسجيل بضغطة غير مقصودة! المهم عرفنا من خلال ذلك التسجيل الذي شبهه أحدهم بالصندوق الأسود ما الذي جرى لهم قبل موتهم. تمَّ التحفظ على التسجيل وجهاز الهاتف، واعتبر دليلاً جنائيّاً مهماً لذلك لم يتسنَ لأحدٍ سماعُه الّا نفر قليل. لكنَّ من سمعوه أصيبوا بالدهشة. والخلاصة التي خرجوا بها أن كلَّ الضحايا هم مجرمون في الوقت نفسه! باختصار شديد لقد قتلوا بعضهم! فحين سلكوا الطريق النيسمي في تلك الليلة المظلمة، وبعد أن ساروا في التيه ساعتين ربما، تعطلت السيارة، فنزلوا وفرشوا لهم بساطاً وجلسوا يتسامرون! لم يحاولوا إصلاح السيارة لكنهم جلسوا يناقشون أموراً فكرية! ثم تطرّقوا الى مسألة ما ( لم يتم الكشف عنها) قيل أنها سياسية، وقيل أنها دينية، وقيل أنها تاريخية، وقيل انها قضية رأي! لا يُعرف بالضبط عمَّ كانوا يتجادلون. المهم إنهم اختلفوا. ثم ما لبثوا أن اختلفوا بشدّة. ثم غضبوا، ثم تشاتموا، فقدوا أعصابهم تحت جنح الظلام! في ذلك اللامكان فقرر كلٌّ منهم أن يقتل خصمه! ......
#ضحايا
#مجرمون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761036
حامد تركي هيكل : اجتماع اللجنة العليا
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل وردتْهُ رسالةٌ نصيّةٌ على هاتفه النقّال من رئيسه قلبتْ كيانه رأساً على عقب. لا يدري ما الذي عليه فعله. نزلتْ على رأسه كالصاعقة. يا ويلي! صاح. ثم ضحك، وانهمرت الدموع من عينيه، ثم بكى! الذين رأوه تلك الساعة ظنّوا أنه قد جُنَّ.احضر غداً لاجتماع اللجنة العليا في المقرّ الساعة التاسعة صباحاًيا ويلي! قال. وكاد ينهارُ من الصدمة! اللجنة العليا مرّةً واحدة! يا ويلي! صرخ. سيلتقي بهم وجهاً لوجه! سيستمع اليهم وهم يتحدَّثون! وسيستمعون اليه! يا ويلي! ولطم رأسه. وأحسَّ بحلقه يجفّ، وبركبتيه ترتجفان، وبمغصٍ مؤلمٍ في بطنه يقطّع أمعاءه ويطرحه أرضاً. ماذا سألبس؟! ماذا سأقول؟! كيف أتصرَّف؟! إنهم مهمّون! يا ويلي! لم ينمْ ليلته تلك، ولم يهدأ. كانت ليلةً جنوبيّةً صيفيّةً حارّة ورطبة. ولكنّه تدبّر أمرَه على أيّةِ حال وذهب الى الاجتماع مختنقاً بربطةِ عنقٍ لم يعتدْ ارتداءها، وحذاءٍ جديدٍ يعضُّ على أصابع قدميه بلا رحمة، وبدلةٍ رسميّة راحتْ تراكمُ الحرارةَ على قلبه. حين وصل المقرَّ، واقتاده أحدُ العاملين الى قاعة الاجتماع، وأجلسه الى مائدة مستطيلة طويلة تحيط بها كراسي فخمة ويتوسطها حوضُ زهور بلاستيكية ملوّنة، كان على وشك أن يموت هلعاً. اللجنة العليا كلُّها هنا! يا ويلي! قال في نفسه. وسرت في جسده رعدةٌ لم يعهدها من قبل. أحسَّ وقتها أنه في مركز الكون، وأن كل قوى الجذب والضغط الموجودة في الكوكب قد سُلِّطت عليه، تكادُ تسحقه. جال بنظره في الوجوه، وحاول أن يفهم. لكنّه سرعان ما بدأ يبرد، رويداً رويداً، وراح ريقه يعود رطباً، وقلبه المضطرب يعود لطبيعته، وعرق جسمه يجفّ، واختفت الطبول الصاخبة التي كانت تقرع في رأسه. واستعاد توازنه. أرخى ربطة عنقه، ومدَّ يديه وفكَّ خيوط حذائه. ثم راح يكابد لحبس انفجار ضحكته! فقد تأكَّد أن الجالسين معه (أعضاء اللجنة العليا) ما هم الا جذوع أشجار قديمة ميتة نتنة متجهمة القسمات! وُضِعت هناك!ِ ......
#اجتماع
#اللجنة
#العليا

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761193
حامد تركي هيكل : حكايتا بقرة ووزّة
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل 1- البقرةفكر مليّاً، ورأى أن وجود بقرة حلوب أمرٌ مهم للعائلة، فهي ستوفر الحليب للفطور، واللبن للعشاء. ولا تكلّف شيئاً، فالحشيش صيفاً كثير، واليبيس شتاءً كذلك.وضع ما يملك من مال بصرّة، وتحزّم عليها، ونده أبا فتنة صديقه، وانطلقا فجراً آمّين سوق الصفاة.كم هم مراوغون ومحتالون أولئك الدلّالون في السوق! كيف لك ان تعرف البقرة الجيدة وكلامهم لا يعتدُّ به، هم يسوِّقون بضاعتهم ويقبضون عمولاتهم.لكنه لمحها هناك. كانت الشمس بالكاد تبزغ مسلِّطة أشعتَها على عينيه، وفي لحظة كانت هي تلك البقرة هناك بينه وبين قرص الشمس.شعر انها هي التي قسمها الله له. ولكنها اختفت، بحث عنها، جال في السوق يميناً وشمالاً، وأبو فتنة يهرول خلفه. ما بك؟ ما الذي دهاك؟ ولكنه لم يجب. وهناك وجدها! يا للهول! صفراء فاقع لونها تسر الناظرين. تبدو متقدمة بالعمر، لكنها مكتنزة، عريضة العجز، مطأطئة الرأس، ضرعُها وسط لا كبير ولا صغير، متأنية بمشيتها، تلحقها بچرة صفراء هي الأخرى ولكن لونها أدّكن.هذه هي. قال لصاحبه. واشتراها بلا مساومة بعشرة دنانير، كل دينار يذبح الطي. لم تخيّب ظنّه. كانت مانحة بسخاء، فقد فاض اللبن عن حاجتهم، وراحت زوجته تجفّف الفائض منه وتعمل منه ريّاناً، ومن الزبد الفائض دهناً حرّاً، ومن الحليب الفائض جبناً.ما أكثر خيرها يا أبا فتنة! الحمد لله على نعمه. أبا فتنة لماذا لا تأخذ البچرة ولك منها حليبها وبطن لك بطن لي.فرح أبو فتنة، وطار بالبچرة التي ما لبثت أن صرفت عنده وحملت، وولدت أنثى تشبه جدّتها.منحها صاحبنا الى امرأة أخرى. يا أمَّ خلف! ما رأيكِ؟ لكِ حليبها وبطن، ولي بطن. وهكذا بعد مرور ثلاثين سنة لم يعد يعرف كم امتلك من البقر. وكلهن إناث صفر مباركات، كنَّ عوناً للعوائل سنيَّ الحصار الطويلة.لم يأخذ من أحد بقرة الا ومنحها لآخر. ثم وهب كلَّ ما ملك من بقر عند الناس لهم، محللين موهوبين. كلٌ له ما عنده حلالاً بلالاً، هنيئاً مريئاً. وفي آخر أيامه نسيَّ القصة كلها. ولكن الناس ما فتئت تذكره وتترحم عليه.2- الوزّةكانا صديقين يعملان معاً في البلدية. طاهر ينحدر من الريف، وعبد الغفور من المدينة. ولكن ذلك لم يمنعهما من اقامة صداقة قوية تربطهما.ذات يوم حينما كانا يمشيان معاً في سوق المدينة، شاهدا بائعة تجلس على الرصيف وأمامها جُلّة من خوص بها وزّة بيضاء ناصعة البياض، منقارها أحمر ورجلاها حمراوتان. و في الجلّة بضع بيضات كبيرات. سألاها فأخبرتهما ان البيض يعود لتلك الوزّة وانه لذيذ، وهو فضلاً عن ذلك ملقّح إن أرادا تفقيسه! وأن سعر الوزة ربع دينار وكل بيضة بعشرين فلساً! وكيف نفقسه يا خالة؟ سألا.قالت: إقعدوا عليه دجاجة.فرحا بالفكرة، واتفقا ان يشتريا بيضتين، كتبا على احداهما ( عبد الغفور) وعلى الثانية طاهر. وتعاهدا على الأمانة والصدق. فأخذ طاهر البيضتين الى بيته في القرية ووضعهما تحت دجاجة راقدة. بعد مدة، فقست بيضة عبد الغفور عن فرخٍ جميل يكسوه زغب أصفر ناعم، فيما فسدت بيضة طاهر!ولكن الشيطان لعب بعقل طاهر، فأنكر على صديقه حقَّه، وادّعى أن بيضة صاحبه قد فسدت. وأقنع نفسه وبرّر فعلته في أنه أحقُّ بالفرخ لقاء تعبه في رعاية البيضتين وتوفير الدجاجة! ولا يُلام طاهر على فعلته. لأن جمال الفرخ لا يُقاوم!عاشت الوزة وكبرت في بيت العائلة، أليفةً تنام بأحضانهم، وتأكل من أيديهم وأفواههم، وفهمت كلامهم، وعرفت كم هي محبوبة لديهم فراحت تتدلل عليهم.هي بيضاء ناصعة البياض كأنها قطعة من الثلج بعد أن طرحت زغبها الأصفر، منقارها ورجلاها كمنقار ورجل ......
#حكايتا
#بقرة
#ووزّة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761302
حامد تركي هيكل : عطلة العيد
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل انقطع الماء عن المحلّة فجفَّت نباتات الحديقة. أما درجة الحرارة فأخذت تناهز الخمسين المئوية في ساعات الظهيرة. الهواء محمل بالسخام، وعربات التكتك التي تعبر الزقاق قادمة من منطقة الحواسم باتجاه السوق أو عائدة اليها منه ما انفكت تثيرالمزيد من الأتربة والصخب من ساعة الفجر حتى منتصف الليل. كل أفراد الأسرة انتهزوا العطلة الصيفية وفرّوا في سفرات سياحية يتبرّدون ويلهون، الا هو فقد منعته أمراضُه المزمنة وسوفان ركبه، وعدم قدرته على تحمّل تغيير المكان، ولأنه لن يجد ما يمكنه أكله من الطعام المنزوع الدسم في أي مكان آخر، لذلك قرر البقاء وحيداً يجول في بيته الخاوي.لكنه حصل على قدر من السعادة ربما لم يحصل عليه من سافروا الى بلاد أخرى. فقد خلا له البيت، فشعر بالحريّة التي لم يذق طعمها منذ مدةٍ طويلة. فراح يهزُّ كتفيه ويدور بكرسيّه ذي العجلات في أرجاء البيت مغمض العينين واضعاً سمّاعات الآيفون في أذنيه، والهاتف في حضنه، كمن يقود فرقةً سينفونية راح يهزُّ يديه شابّاً مفعماً بالحبِّ والهيام والحيوية ويردد.أما تجلى ليأما تجلى ليبالدمع ناديتو …بالدمع ناديتو ......
#عطلة
#العيد

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761375
حامد تركي هيكل : فنان فطري عجيب
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كان غُلام يأتي أو كما يسمّونه بصيغة التصغير كعادتهم في تلك الأزمان مع الصغار والعاديين غير أولي القوة والسلطة والمال من الرجال (غليِّم)، أو أبو عُبيد من شرق الشطّ كلَّ سنة. رجلٌ في الأربعين من عمره، بدويٌّ غريب الأطوار، عجيب، لا يشبهه أحدٌ من الرجال. كثيرون هم الذين كانوا يأتون للقرية من جهات العالم الأربع في موسم التمر، يأتون لينالوا نصيبهم من التمر، فمنهم من يبيع سلعته مقابل التمر، ومنهم من يبيع قوته أو خبرته، ومنهم من يأخذ بلا مقابل، فالخير كثير،ولكنهم يغادرون دون أن يتركوا أثراً. الا ان غُلام من بين القليلين الذين لا يمكن نسيانهم.كان فناناً بحقّ. يصنعُ للأطفال من الطين الأحمر الحرّ النقي تماثيلَ حيوانات بمنتهى الدقّة، خروف، حصان، أسد، ضبع، غزال ، جمل، ثور ، كلب، وكلّ ما يخطر لك على بال. بمجرد أن يعالج كتلة الطين بأصابع يديه العشرة، وبمشاركة لسانه أحياناً! ويندمج وهو يدندن تتحول تلك المادة الى حيوان لا ينقصه الا روح.كنتُ أراقبه باندهاش، حين كنت صغيرا، كان كمن يقدم ألعاباً سحريّة. يجفّف قطعَهُ تحت شمس آب اللهاب، ثم يوقد ناراً، وينتظر حتى تتحول الى جمر، يدفن في الجمر حيواناته الصغيرة، فتصير بعد ذلك قطعاً فخاريّة ورديّة اللون، لها رنين. يقدمها للأطفال هدايا.حاولت تقليده ولكنني لم أنجح ، فقد أبت الأجساد الحيوانية أن تتشكل، ولم تفارق هيئتها الهلامية التي لا شكل لها، وحين جرّبتُ تجفيفها تصدعتْ وتشققتْ، وحين وضعتها في جمر الموقد تفجرتْ وتشظتْ.- علّمني قلت له ذات يوم- الأمر بيدك وليس بيدي، أجاب- كيف؟- عليك أن تستخدم عينيك، ويديك، وعقلك وقلبك- فقط؟- فقطحسبتُ الأمر هيناً ساعتها. ولكنني أدركتُ بعد مدةٍ طويلة أنه كان يعطيني درساً بالغ التعقيد عميقاً. ......
#فنان
#فطري
#عجيب

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761535
حامد تركي هيكل : موقفان
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل 1- ابتكار في ربيع العام &#1633&#1641&#1638&#1641فجأةً اجتاح الفيضان كل البساتين والقرى والحقول والبراري، فتحول العالم بين ليلة وضحاها الى بحر ٍ متلاطم الأمواج، فقد انهدمت السدود الطينية على ضفتي الشط، وتدفق الماء عارماً، ولم يعد ثمة شيء خارج طوفان الماء سوى الطريق العام و جزء بسيط من تل المقبرة القديمة وديوانية فالح التي اتخذها مسكناً لعائلته. حتى المدرسة غرقت. لم يقلق أحد على شيء فهم يعلمون ان الماء سينحسر إن عاجلا ً أو آجلا، قد تموت فسائل النخيل الصغيرة التي يغمر الماء قلوبها، ومن المؤكد ان أشجار التين، والبرتقال، والعنب ستموت أيضاً، لا بأس يمكن زراعتها من جديد. ومن المؤكد ان البيوت المبنية من الطين سيبتلعها الماء، أما الأكواخ فقد طافت. يمكن اعادة بناء كل شيء. لا شيء يدعو الى القلق طالما انتقل السكان الى كتف الطريق العام الذي عرضه أربعة أذرع وبنوا لهم أكواخاً موقتة بين حافة الأسفلت حيث تمر الشاحنات الهادرة وبين الموج. وتمنّوا أن لاتحصل حوادث دهس! لكن القرويين قلقون بخصوص امتحان البكالوريا للصف السادس الابتدائي الذي سيحلّ موعده عمّا قريب! فالوقت مهم، ولابد للمعلمين أن يكملوا المنهج! ولابد للأولاد أن يعرفوا كلَّ شيء ويكونوا على أتمِّ الاستعداد. وليس من سبيل لاتمام تلك المهمة.لكن فالح أعلن ان ديوانيته ستكون صفاً. يا للخبر السعيد! والله أنت بطل يا فالح! بل انه بادر بنقل عائلته الى كتف الطريق وحشرها بين الاكواخ المتلاصقة. وترك الديوانية فارغة.رحب الجميع بالفكرة. فحملوا السبورة وعلبةً بداخلها قوالب طباشير ومسّاحة من الصف السادس في المدرسة الغارقة التي صارت ملعباً لأسماك الخشني. نقلوها كأثاث عروس وسط الأغاني والهلاهل الى ديوانية فالح، وفرشوا الأرضية بما تيسر من البسط والسجاد والحصران. وجاء الاطفال وأهاليهم والمعلّمون كلّ صباح. حتى أُكمل المنهج على أفضل وجه. ودخل التلاميذ الامتحان ونجح الجميع.2- تقليد بيد أن موقفاً آخر حدث مع أغلب سكان تلك القرى الغارقة. فحين بات الناس محتجزين على كتف الطريق العام لايغادرونه أبداً شعروا بحاجة الى الحركة. اذ عليهم أن يخوضوا في الماء حتى السرّة لجلب العلف الاخضر لأبقارهم التي نجت، ولجلب الحطب من أجل الخبز. وكيف لهم أن يخوضوا وقد ارتفع منسوب الماء، وما عاد أحدٌ قادراً على تجنّب السقوط في العميق بعد أن اختفت معالم الدنيا! ولكنه جاء من مكان خفيّ، لا يعلم أحدٌ على وجه الدقّة من أين. قالوا انه كان يعمل صبياً في سوق التنك! وقالوا انه كان يعمل في البحر، وقالوا انه راضع مع أبليس! جاء في الوقت المناسب يحمل معه الحلّ. بصفيحتين من الحديد المغلون المضلّع، ولوحي خشب، وبعض القطع الخشبية، عملها أمام أعين الناس المذهولين، طرق الصفيح المضلّع فصار مستوياً، ثم ربط القطعتين بمسامير، ثم طواهما وثبَّت الأخشاب بالصفيح، فصار زورقاً. سدَّ بعض الفتحات بالقار، ثم صبغ الصفيح بلون أزرق، والأخشاب بلون أحمر، والقى الفُلكَ في الماء، بسم الله، فطافت. ليست بلماً، وليست مشحوفاً، هي خفيفة، ومتينة، ومبتكرة، وسريعة، وبسيطة التركيب، ورخيصة الثمن، وجميلة، وملوّنة. لذلك ابتكروا لها اسماً جديداً. كل عائلة احتاجت واحدة، بل كل شخص احتاج واحدة! يالها من فكرة. ولكن الرجل لم يستطيع تلبية كل الطلبات التي صارت بالعشرات! - هي سهلة لماذا لا نعملها نحن؟ قال أحدهم.وعملوها، بالمواد نفسها، والأبعاد نفسها، والطريقة نفسها، وصبغوها، بالألوان نفسها، أزرق للصفيح، وأحمر للخشب. فامتلأت تلك الآفاق بذينك اللونين ......
#موقفان

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761746
حامد تركي هيكل : بيروقراطية ونفاق
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل انتظر صاحبنا في الطابور دورَه حاملاً أوراقه ليقف أمام الموظف. كان قلقاً من أن يفتعل الموظف المتجهم الجالس هناك خلف الزجاج نقصاً ما. قد يقول له ان المعاملة ينقصها ختم، مع انها قد ملئت أختاماً بعضها فوق بعض، أو ربما يطالبه بصحة صدور كتاب من الكتب المرفقة وهي كثيرة. يشعر بالهوان، والاشمئزاز، والتعب، والمرارة، لكنَّ خيطاً من رجاء لازال يربط قلبه بأمل إنجاز هذه المهمة التي أخذت منه أشهراً، حتى بات يراها في كوابسيه. بالكاد تقدم الطابور ببطء شديد، حتى صار بينه وبين الزجاج ثلاثة من المراجعين فقط، وصار بإمكانه استراق السمع لما يدور بين المواطن والموظف.- الله يساعدك على هذا التعب؟ من الصباح وأنت تعمل! راقبتُك وعجبتُ لإخلاصك، والله أنت رجل عظيم، لك الجنة يا أخي. بالمناسبة أنا لدي علاقة قوية بمكتب المحافظ فإذا كان لكم طلب أو حاجة فقط أبلغني رجاءً!قال المواطن الأول. وسارت الأمور معه بسهولة ويسر. أما المراجع الثاني فقد اتَّبع ستراتيجيةً أخرى.- هلو حبيبي أبو باسم! ابن محلتنا الورد، والله أفرح حين أراك في الجامع، ما عرفتني ها؟ أنا أخوك جاسم، البيت الثالث على اليمين شارع المولدة. ومرّت أوراقه بيسر ودون أي تعقيدات. في حين انفرجت أسارير الموظف العابس، رفع رأسه، وبان وجهه المغطى بشعرٍ كثّ، وثمة بقعة سوداء بين حاجبيه! انقسمت الى فصّين أسودين، تعلوهما ثقوب متقرنة، وقشور متفحّمة! أسنانه صفراء، إحدى عينيه تهمل، أما الأخرى فتبدو كأنها زجاجية لا حياة فيها، وشفته السفلى متدلية، عليها آثار حبر أزرق. يلعقُ ابهامه ويقلب أوراقه.أما المراجع الثالث فقد اقترب من الزجاج وهمس بصوت خافت لا يمكن سماعه، فتبسم الرجلُ المتجهم. وسارت الأمور على أحسن وجه. ماذا قال؟ لا يعلم أحد. يبدو أن الثلاثة قد وفّروا كلَّ الخبث في صدر الموظف، وراكموا سوء المعاملة التي كان يمكن أن يوزّعها على أربعة لتصير جرعةً مضاعفة يصبّها على صاحبنا الذي تسمّر في مكانه لا يتكلم، وكأنه أبكم! ......
#بيروقراطية
#ونفاق

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=761932
حامد تركي هيكل : زمانان
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كانت الأعمال مُقسَّمة بين أفراد العائلة. هناك أعمال لا يقوم بها الا الأب. وهناك أعمال ينهض بها آخرون. أما هو فلم يبلغ الحلم بعد وليس لديه أعمال يكلف بها. كان يتمنى أن يُكلَّف بأعمال، ويرغبُ أن ينجزها على أتمِّ وجه. لكنّهُ ظلَّ يترقب ذلك اليوم بلهفة. فجأةً وبلا أي مقدمات ناداه أبوه ذات يوم: - حسن! تعال! خذ هذه النقود واذهب حيث تمر بائعات السمك وأشتر لنا سمكاً. نشتهي اليوم سمكاً مشوياً ورزّاً محمّراً! يا لها من لحظة حاسمة! لقد أزفت الساعة، وأنشقَّ الزمان نصفين. نصفٌ مضى، ونصفٌ آت. إنه زمن الرجولة. ها نحن قادمون! وضع حسن الدراهم التي تخرخش في جيبه! وراح يتبختر لانجاز المهمّة. كما يفعل الرجال. قصد الدرب حيث تمر البائعات وهنَّ في طريقهن الى السوق قادمات من الشطّ. انتظر لحظات حتى ظهرت من بعيد سوادةٌ تهتزّ. امرأةٌ تأتزر بعباءتها، وتتراقص بمشيتها، تحمل فوق رأسها طستاً أو قفّةً. اقتربت أكثر، رآها تعضُّ طرف شالها بأسنانها، كاشفةً عن بياض جيدها.- ماذا لديك؟- سمك طازج يلبط- دعيني أرى انحنت، ووضعت الطست على الأرض، وجلست، وجلس قبالتها. وكشفت عن السمك. فتاة في عنفوان شبابها، لم يكن يدر بخلده أنه سيكون يوماً على مقربة من شيء بهذا السحر، وبهذا الجمال. لم يستطع رؤية السمك! كانت عيناه لا تقويان على مغادرة بياض آخر أكثر إدهاشاً، وجهها. لقد أُطيحَ بأحلامه في الانجاز. فهوى طموحه، وتمرّغ أنف زهوه بالتراب. ودارت الدنيا بعينيه، وزاغَ بصره، وأخذهُ خفقانُ قلبه، مثل طفل صغير كان يشعر برغبة عارمة في إطلاق ساقيه للريح فارّاً الى ذلك الزمان الذي مضى للتوّ. ما هذا بحق السماء! أيمكن أن تكون حياة الكبار صعبة الى هذا الحدّ؟ ألا يمكن أن تأتي سهلةً بلا منغصّات؟ وبلا مزلزلات؟ ......
#زمانان

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762092
حامد تركي هيكل : خيارات محدودة
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل كانت الخيارات التي أمامه محدودة جداً، وهذا هو المربك بالأمر حقاً، إذ ان عليه هو أن يختار، عليه أن يقرّر بمحض إرادته وبكامل وعيه، وعليه أن يتأكد أنه حرُّ الإرادة وكامل الأهليّة، وأنه هو وحده صاحب الشأن فيما يختار وما يقرر. ليس لأحدٍ سلطة عليه، ولا لمخلوقٍ أيّ حق في أن يرغمه على شيءٍ لا يرغب هو به، ولا على طريق لا يستسيغ سلوكه، ولا على وضعٍ لا يحبّه، ولا على رأيٍّ لا يؤمن به. زد على ذلك فقد كان الوقتُ ضيقاً جداً. هي مجرد سويعات معدودات فقط، وعليه أن يقرر. كم تمنى لو أن لديه فسحةً أوسع من الوقت ليفكر بهدوء، ويقلِّب في عقله الاحتمالات والايجابيات والسلبيات ومكامن القوة والضعف والفرص والتهديدات، كم تمنى لو كان لديه متسعٌ من الوقت ليتفحّص الوضع الراهن ويستشرف المستقبل ويرسم في ذهنه السيناريوهات والتفاصيل والأبعاد. لكنَّ ذلك لم يكن بالأمكان فهم مستعجلون وقد حزموا رأيهم واستعدوا لتنفيذ خطّتهم، في الوقت نفسه فالمعلومات المتوفرة لديه شحيحة جداً، وعليه أن يختار هذا كل ما في الأمر.لحد الآن، ورغم أن ذلك كان قد حدث في الماضي القريب أي قبل أيام، مع هذا، لا يستطيع أحد أن يؤكد ما الذي اختاره في تلك الليلة حقاً، ولا يوجد من يستطيع أن يجزم ما اذا كان قد اختار هو أساساً أم لم يختر. وليس هناك من دليل ماديّ ملموس يؤكد حدوث تلك الواقعة أصلاً، قصدي مسألة الاختيار، ولا ما اذا كان هو قد خطر على باله أن يختار، ولا يمكن لأحد أن يجزم أنه كان على علم بما جرى أصلاً، فكل ذلك في الواقع يندرج في باب التكهنات. ولكنَّ المؤكد أنهم قد قاموا بالأمر على أتمِّ وجه.ملاحظات توضيحية: &#1633-;- بالنسبة للخيارات المتاحة فقد كان عليه أن يقرر (أو هكذا أُشيع على الأقل)ما اذا كان يريد أن يُذبح بالطريقة التقليدية أم بالطريقة الحديثة!&#1634-;- أما هو فقد كان يعتقد انه انسان&#1635-;- أما هم فقد كانوا يعتقدون انه خروف&#1636-;- بالنسبة للوقت فقد كان ليلة العيد ......
#خيارات
#محدودة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762347
حامد تركي هيكل : الندم
#الحوار_المتمدن
#حامد_تركي_هيكل من خلف باب الغرفة (&#1633&#1639) في دار رعاية المسنين الخيرية كان صوته يعبر واضحاً الى الممرّ، وهو يكلّم نفسه، بحيث يتمكن المعين الفضولي الذي يقف ليسترق السمع من تمييز كلماته. المسنُّ النزيل في الغرفة رقم (&#1633&#1639) في ساعة متأخرة من الليل كان قد رأى طيفاً. خُيّل اليه أنه سمع صوت والده العجوزوهو يناديه من أجل أن يقدم له خدمة. رأى أن والده كان يستقبل ضيوفاً يبدو أنهم أصدقاؤه، وأنه بحاجة لولده كي يقدم لهم الشاي وما يلزم. فنهض متذمراً كسلاناً. كان بنظر نفسه لمّا يزل شاباً صحيحاً ولكنه كان يود أن يكمل نومه، لذا شعر بالضجر من والده الذي يناديه في هذه الساعة للقيام بأمر بدا له سخيفاً. ولكنه ما أن نهض حتى أدرك أن ذك كان حلماً، وان والده قد مات منذ سنين عديدة، وأنه الآن رجل مسنٌّ يسكن الغرفة رقم (&#1633&#1639) في دار المسنسن. وقد راح يبكي ويتكلم بصوت عال يمكن للمعين الفضولي أن يسمعه من خلال باب الغرفة الموصد قائلاً:. فجر اليوم، سمعت نداءك يا أبتِ. فجر اليوم تراءى لي أنك ناديتني يا والدي. فجر اليوم والسكون يخيّم على الوجود تذكرتُك يا أبي الحبيب. نهضتُ من فراشي مع آلام مفاصلي، ودوار رأسي، وحرقة معدتي، وجفاف حلقي، وخفقان قلبي، فكنت أنتَ ماثلاً أمامي! نهضتُ بل ناضلت لاستوي وأنا أتلمّس السطوح التي بدت لي في تلك الساعة مبهمةً، بحثتُ عن نظارتي لتعينني على رؤية المكان قليلا، و عن أقراص أدويتي لتعينني على خفض ضغط دمي قليلاً، وتهدئة خفقان قلبي قليلاً ! و عن عصاي لتعينني على حمل جسمي قليلاً! في تلك الساعة العصيبة تذكرتُك يا أبي! من المؤكد إنَّكَ مررتَ بلحظاتٍ مؤلمة يا أبي، بل أيام وليالي، بل سنوات، بل عقود من العمر! أبتاه! اليوم فقط اكتشفت انني لم أكن أعلم، هل حقاً كنت تعاني من العجز والشيخوخة وضعف القوى وتدهور الحواس كما أعاني أنا الآن يا ابتِ؟ هل كان يقلقك ضعفُ بصرك؟ هل كنت تخشى اليوم الذي لا تستطيع فيه الحركة؟ الأن فقط تذكرتُك يا أبتِ، ولكنني وقتها لم أكن أظنِّ أنك بحاجة لي، هل مررت يا أبي بليالٍ كهذه التي أمرُّ أنا بها الآن حين كنتُ أنا لاهياً بحياتي، أصولُ وأجول، أسافر وأسعى، وأخوض معاركي، وأهتمُّ بشؤوني! لم يكن يخطر على بالي أنك كنت بحاجة لي! بل بالعكس كنتُ أظنُّ انني أنا من كان بحاجة اليك دوماً، كنتُ أشعر أنك تقف خلفي سنداً متيناً، وبيني وبين مصائب الحياة سدّاً منيعاً ، وأمامي كاسحةً تزيحُ عن دربي المطبّات، ونبراساً تنير لي الظلمات. كنتُ أشعر دوماً انّك قويٌّ مقتدر حتى وأنت طريح الفراش. هل كنتَ تتوقع مني أن أسندك في سنوات ضعفك يا والدي الحبيب ولم أفعل؟ هل كنتَ بحاجةٍ لي ولم تجدني؟ هل كنتَ تتوقع مني أن أخدمك ولم ألحظ ولم انتبه حتى؟ وأجهش الرجلُ المسنُّ ببكاءٍ مرير. ثم واصل كلامه: يا إلهي لماذا الآن؟ والآن فقط تبرز داخل عقلي هذه الافكار ُوالهموم؟ أحاول أن أجد تفسيراً لما حصل. مؤكد انني كنتُ مشغولاً بحياتي التي لم تكن سهلة على أية حال. ولكنني لم يخطر ببالي انّك كنت شيخاً كبيراً يا والدي أكبر بكثير مما أنا عليه الان! هل كنتُ أنا أنانيّاً الى هذه الدرجة يا أبتِ؟ هل كنتَ تراني هكذا؟ يا لتعاستي! آلآن أدركُ ذلك وبعد فوات الأوان؟ هل كنتَ أنتَ السبب يا أبتِ؟ فأنت كنتَ من يعطي ولا يأخذ، وكنت عزيز النفس، أبيّاً، شامخاً، قوياً. لم تطلب مني أن أتوقف لحظةً للتفكير بك! لم أكن أظنُّ أنك بحاجة لي، أو بحاجةٍ لانسان آخر! لقد عودتني أن أراك غنياً، معطاءً، وهّاباً، متفضلاً، عالياً، ثابتاً، جبلاً لا يهتزّ ......
#الندم

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=762539