كمال جمال بك : في التدوين الخامس للعمر
#الحوار_المتمدن
#كمال_جمال_بك بعمق وجدان في كارثة، وبساطة سقوط برميل متفجّر فوق لا هدف في حارة شعبية، ومن آثار ألم ما بعد النسيان، ندخل في "التدوين الخامس للعمر" عبر فوهات الجحيم السوريالي الأرضي "إلى: أطفال سوريا"(ص٥-;-) البوابة التي تختصر الحاضر الذي صار ماضيا، وهو نفسه المستقبل أيضاً، إذ ذاك يكتسب التعميم خصوصيّات الصّفة والهويّة والمكان:"الأم السوريّةتشبه الحمامةتنجب الأطفالتخبئهم في أعالي الشجرتطعمهم بفمها الجائعتقاتل ذكور الحمام لأجلهموحين يكبرون تعلّمهم الطيرانفيطيرونوتفقدهم إلى الأبد"(ص11)هنا ومع الشّاعر السوريّ الكرديّ محمد سليمان زاده، لا رفاهية للتعمية أوالتعتيم، ولا فسحة حتى للحاق بالتدقيق اللغويّ أحيانًا، وتاليا لا نزعة شعبوية في أكمام النصوص. هنا تنتفض الأعصاب لا من لسعة كهرباء، بل من انطفاء أرواح أهل في عرائهم هناك. لكأن المسافات بين أبناء القهر صارت محروقة، وكأن الأنا في ارتجاجها الوجودي صدى ترددات زلزالية متتابعة، وما من فرق إنقاذ أو طوارىء لها:"هذا الصباح أيقظنيضجيج عمال البناء الألمانوهذا الصباح كتب لي أخي أنَّه لم ينممن ضجيج القصفصوت الموسيقى عالومذيع الأخبار بحّ صوتهوأنا لم أتأكد من رقم الشهداءوطفلتي تكرّر السؤال للمرّة الخامسة⁃-;- ماذا يعني دولة على ورق؟وأنا أفهمها عرقومفتاح البيت عثرت عليه في الثّلاجةآه يا سورياماذا فعلت بنا؟!"(ص12).في تفاصيل بلاد الخراب، وحدها المقابر الجماعية تكبر وتتّسع، وعلى أنقاض بيوت تجرَّع أهلوها سمَّ الاستبداد والاحتلال والمليشيات الظلامية بتواطؤ عربي وإقليمي ودولي، يحضر الشهداء بكامل أناقتهم وفجائعيتهم، ليرسموا بطباشيرهم وورودهم أفقاً أحمر للحرية، يمتد من الطفل حمزة الخطيب في درعا، إلى الطفلة فاطمة معلاج التي قطعوا رأسها في إدلب، مرورا بمجزرتي الحولة وبابا عمرو في حمص، وصولا إلى مجزرة الغرقى في حلب، وليس انتهاء بآخر أغنية سالت مدماة من حنجرة القاشوش في حماة، أو آخر قلب حبّ لبخاخ في أي بقعة سوريّة، أهداه لحبيبته قبل أن تغدر به رصاصة قنّاص. وعلى تلّة الكارثة يتربَّع الكرسيُّ في حالة فصام غير مكترث إلا باكتمال المشهد الدمويّ:قالوا لي: أنت كرديّوقالوا لأخي: أنت عربيّوكأخوينتقاسمنا إرث الوطن الضائع في المزاريبأعطوني القمحوأعطوه حجر الطواحينوأخذوا لهم فخامة الكرسي… واستطعنا أن نعيشأنا وأخي في سجن واحدأنا أزرع وهو يطحنوفخامتهم يأكلون.. ويأكلون.. ويأكلونإليكم يا فخامة الكرسيّ المبجَّل بالكراهيةيا فخامة اللصوصأنا كرديّ ولن أقتل أخي"(ص27).في التدوين الخامس للعمر الصادرة عن "مومنت كتب رقمية" 2014 بلوحة للفنان يوسف بكر، 51 نصّا نثريّا باستثناءات قليلة بعضها يقترب أحياناً من محاكاة قصيدة التفعيلة من حيث توزّع الأسطر واعتماد القافية، من دون ضوابط إيقاعيّة في الوزن، ومثال ذلك نصّ "الحبر الأحمر" المقدّم بحسن مدخله:"نفذ الحبروهذا البحر لا يكفي رغباتيجدّي قال:اكتب بدمك يا بنيّفالدم حبر واضحتفهمه كلّ لغات العالم دون ترجمات"(ص70).تجربة محمد سليمان زادة لا تحفل بالنحت في الجبال بل تغرف حبرها السريّ من نسغ الحياة اليومية، وفي أسلوبيتها ذات خصوصية السهل الممتنع، تجمع بين بساطة القول إلى حد الكلام المنساب، وبين عمق الإحساس أو الفكرة أو الموقف أو الحالة، إلى حد الغوص في الأعماق. *محمد سليمان زادة شاعر ومسرحي سوري من مواليد قري ......
#التدوين
#الخامس
#للعمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738924
#الحوار_المتمدن
#كمال_جمال_بك بعمق وجدان في كارثة، وبساطة سقوط برميل متفجّر فوق لا هدف في حارة شعبية، ومن آثار ألم ما بعد النسيان، ندخل في "التدوين الخامس للعمر" عبر فوهات الجحيم السوريالي الأرضي "إلى: أطفال سوريا"(ص٥-;-) البوابة التي تختصر الحاضر الذي صار ماضيا، وهو نفسه المستقبل أيضاً، إذ ذاك يكتسب التعميم خصوصيّات الصّفة والهويّة والمكان:"الأم السوريّةتشبه الحمامةتنجب الأطفالتخبئهم في أعالي الشجرتطعمهم بفمها الجائعتقاتل ذكور الحمام لأجلهموحين يكبرون تعلّمهم الطيرانفيطيرونوتفقدهم إلى الأبد"(ص11)هنا ومع الشّاعر السوريّ الكرديّ محمد سليمان زاده، لا رفاهية للتعمية أوالتعتيم، ولا فسحة حتى للحاق بالتدقيق اللغويّ أحيانًا، وتاليا لا نزعة شعبوية في أكمام النصوص. هنا تنتفض الأعصاب لا من لسعة كهرباء، بل من انطفاء أرواح أهل في عرائهم هناك. لكأن المسافات بين أبناء القهر صارت محروقة، وكأن الأنا في ارتجاجها الوجودي صدى ترددات زلزالية متتابعة، وما من فرق إنقاذ أو طوارىء لها:"هذا الصباح أيقظنيضجيج عمال البناء الألمانوهذا الصباح كتب لي أخي أنَّه لم ينممن ضجيج القصفصوت الموسيقى عالومذيع الأخبار بحّ صوتهوأنا لم أتأكد من رقم الشهداءوطفلتي تكرّر السؤال للمرّة الخامسة⁃-;- ماذا يعني دولة على ورق؟وأنا أفهمها عرقومفتاح البيت عثرت عليه في الثّلاجةآه يا سورياماذا فعلت بنا؟!"(ص12).في تفاصيل بلاد الخراب، وحدها المقابر الجماعية تكبر وتتّسع، وعلى أنقاض بيوت تجرَّع أهلوها سمَّ الاستبداد والاحتلال والمليشيات الظلامية بتواطؤ عربي وإقليمي ودولي، يحضر الشهداء بكامل أناقتهم وفجائعيتهم، ليرسموا بطباشيرهم وورودهم أفقاً أحمر للحرية، يمتد من الطفل حمزة الخطيب في درعا، إلى الطفلة فاطمة معلاج التي قطعوا رأسها في إدلب، مرورا بمجزرتي الحولة وبابا عمرو في حمص، وصولا إلى مجزرة الغرقى في حلب، وليس انتهاء بآخر أغنية سالت مدماة من حنجرة القاشوش في حماة، أو آخر قلب حبّ لبخاخ في أي بقعة سوريّة، أهداه لحبيبته قبل أن تغدر به رصاصة قنّاص. وعلى تلّة الكارثة يتربَّع الكرسيُّ في حالة فصام غير مكترث إلا باكتمال المشهد الدمويّ:قالوا لي: أنت كرديّوقالوا لأخي: أنت عربيّوكأخوينتقاسمنا إرث الوطن الضائع في المزاريبأعطوني القمحوأعطوه حجر الطواحينوأخذوا لهم فخامة الكرسي… واستطعنا أن نعيشأنا وأخي في سجن واحدأنا أزرع وهو يطحنوفخامتهم يأكلون.. ويأكلون.. ويأكلونإليكم يا فخامة الكرسيّ المبجَّل بالكراهيةيا فخامة اللصوصأنا كرديّ ولن أقتل أخي"(ص27).في التدوين الخامس للعمر الصادرة عن "مومنت كتب رقمية" 2014 بلوحة للفنان يوسف بكر، 51 نصّا نثريّا باستثناءات قليلة بعضها يقترب أحياناً من محاكاة قصيدة التفعيلة من حيث توزّع الأسطر واعتماد القافية، من دون ضوابط إيقاعيّة في الوزن، ومثال ذلك نصّ "الحبر الأحمر" المقدّم بحسن مدخله:"نفذ الحبروهذا البحر لا يكفي رغباتيجدّي قال:اكتب بدمك يا بنيّفالدم حبر واضحتفهمه كلّ لغات العالم دون ترجمات"(ص70).تجربة محمد سليمان زادة لا تحفل بالنحت في الجبال بل تغرف حبرها السريّ من نسغ الحياة اليومية، وفي أسلوبيتها ذات خصوصية السهل الممتنع، تجمع بين بساطة القول إلى حد الكلام المنساب، وبين عمق الإحساس أو الفكرة أو الموقف أو الحالة، إلى حد الغوص في الأعماق. *محمد سليمان زادة شاعر ومسرحي سوري من مواليد قري ......
#التدوين
#الخامس
#للعمر
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738924
الحوار المتمدن
كمال جمال بك - في التدوين الخامس للعمر