الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
احمد جمعة : -عناقيد الثلج- مدينة المحرق القديمة
#الحوار_المتمدن
#احمد_جمعة مقطع من رواية "عناقيد الثلج" ثمرة هذا الخريف وتصدر قريبًا...- لا أفهم خوْفي وأشعرُ بتهديدٍ من الحياة، من كلِّ شيءٍ، أخشَى أن تتَركيني، أهابُ أن ينْضُبَ المال الذي معي ولا أملكُ عمل أقوم به، أخاف العودَّة للغوصِ ثانية، أخاف من وجودِ ميتٍ دُفنَ هنا بصَحنِ الدار، حتى أننا لم نُعْلِم سكان الحي ولا أحدٌ يعرفُ بأنَها رحَلتْ...أخاف - كفى إدريس.انْزلَقتْ من فوق السرير ووقفتْ أمامه، كان الليلُ ساكنًا والهدوءُ يسود، والعِتمة تخفي كلّ شيء في الغرفة إلا من ضوءٍ ضئيلٍ من بقايا شمعةٌ تكادُ تذْبَل، تنهَّدتْ وحدَقتْ فيه وهي تحمل صينية الطعام وتضَعها على الفراش وتجلس على طرفه... حَدجَتهُ بسهمٍ بنظرةٍ حادة وقالت بنبرةٍ صارِمة.- انْظر لهذه الصينية من الأكلِ الذي ظلَّ طوال الوقت بالأرض، هل تراهُ؟ لقد أمْضيْتُ حياتي كلَّها منذ وُلدتُ وحتى الساعة لا أخافُ من شيءٍ سوى أن افْتقدَ هذا الطعام...كلّ ما أخافنِي طوال عمري هو الجوع، لم أخْشَى حتى الله وفَعلتُ كلّ ما يُغضِبهُ ولكني خشَيتُ يومًا يأتي من دونِ طعام...وحدثَ ذلك كثيرًا، قضيتُ أيامًا بلا كسرةِ خبز، كنت التهم بقايا ما كان يُرمى بزبالةِ بعض الجيران دون علمهُم ولم أجدَّ من أتوَسَّل لكي ينقذني من الجوع، لا تَسأل ماذا فعلتْ؟ أسْألَنِي كم كان الخوفُ يأكُلَني حتى كِدتُ أتوَّفى من الخوفِ قبل أن أفْطسَ من الجوعِ...إدريس طالمّا أمامُكَ هذه الصينية من الأكل لا تخشَى من شيءٍ. لْملَمتْ شعرها وعقَصَتهُ ووضَعتهُ خلفَ رأسها واسْتدركتْ.- عندما كنا نجوع منذ طفولتنا والخوفُ يتَعقَبنا، التَصقَ بنا الخوفُ مع الجوع، حين تُحدثُني عن مدينة المحرق، سأقْرِنُ مدينة المحرق بالجوعِ، كان يُفترضُ أن تُسمى بمدينةِ الجياع، اما الذين يجِدون ما يأكلونهُ فيها فهم محظوظون، وأما أمثالُنا فقد خُلِقوا ليخافوا من الموتِ جوعًا...كانت تمُرُّ أيامٌ طويلةٌ بالشتاءِ، تغرقُ فيها المدينة بالمطر ونُحْبَسُ بالأسابيعِ، لا نخرجُ إلا إذا غَرقَت بيوتنا بالمياه، لا نجدُ الطعام ونكْتفي بالصومِ وتخَيَّل يَهِلُّ علينا شهرُ رمضان ويُطالِبُنا الله بالصومِ شهر...هههه...كنا قبْلَها صيامٌ ولا حاجة بنا لأمرٍ إلهي لكي نصوم...هذه المدينة تكادُ تصوم طوال السنة، صيفٌ وشتاءٌ وخريف، لا نجدُ ما يسدُّ رمقُنا سوى بقايا تكفينا لكي نتجاوْز الموت...هل ما زِلتَ إدريس حتى الآن خائفٌ؟ لا تخفْ إلا من الجوع.هبَطَ من فوق الفراش، جلسَ على السجادةِ وأسْندَ ظهرهُ على الحائط، شعرَ ببرودةِ الجدار، فأبعد ظهره، حَملتْ الصينية ووضَعتها أمامهُ وجاءتْ بالشمعةِ المُشْتعلِة التي أوْقدَتها للتوِ وحطتها بقربهِ وجلَستْ إلى جانبهِ وقالت.- تعشَى وسيزول خوْفُك. بعد أن تناولا الطعام، أخرَجتْ صينية وطبق العشاء ووضعتهُما خارج الحجرة وعادتْ تحملُ إناءٌ معدني به الماء وخرْقة قماش وضعتها امامهُ ليغتَسل ويُجفَّفَ يديه، ثم خرَجتْ ثانية وغابَتْ لفترةٍ وعادتْ ومعها رَزمَة فحم وضعتها في المَنقلَة وسَكبتْ فوقه الكيروسين ثم أشْعلتْ النار، فوق ما تبقّى من جمرٍ لم يتَحوَّل لرمادٍ بعد ليشْتَعل الفحم من جديد، وتخْتنقُ الغرفة برائحةِ الدخان الذي تصاعد وأحدث سَحابة لوهلَةٍ وجيزة ثم تلاشَى وظلَّت رائحةُ الفحم المُحترق تطْبع المكان.- سنَدفَأ لننام حتى اليوم التالي، فقد بذَلنا منذ الأمس طاقتنا كلَّها بالدَفنِ والتنظيف، كان يومٌ طويلٌ للغايةِ.عندما صعدا الفِراش، وإثر محاولة ثانية مسْتمِيتَة بذَلَتْها معهُ جوري لتُعيدهُ لوَهجِ الشَبقْ الذي كان عليه، أخْفقَ مرّة أخرى وتَغَطى بالبطانية، ليُخْفي و ......
#-عناقيد
#الثلج-
#مدينة
#المحرق
#القديمة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700391
احمد جمعة : شتاء المحرق 1940
#الحوار_المتمدن
#احمد_جمعة المكان-مدينة المحرق-الوقت-ليلاً-الزمان 1940من رواية "عناقيد الثلج" ليلُ مدينة المحرق، بيوتُها وأزقتُها، سواحلُها وطرقاتُها، روائحها، أنفاسُ سكانها، بهائِمُها الضالّة، تَغصُّ وقت المطر، تخْتبئُ الخَطيئة بين كلّ هذه الدهاليز المُكتظَّة بالأسرارِ، مثل مدينةٍ خُرافية في مجَرّةٍ أسطورية بالكونِ الشاسع، رغم صغرها وضيقها، ومع سِياجها الذي يُكبِلُها عن بقية البلاد، تظلُّ مُزدَحمَةً بالبشرِ والبهائم والحوادث والخطايا التي تتَخَفى داخل البيوت التي تبدو للوَهلَةِ الأولى كأنها نائِمة، ولكنها مُتيقِّظَة بالأسرارِ، بيوتٌ صغيرةٌ، مُعْدِمة، مُتناثِرة بين أطرافِ المدينة الغامِضة وهي تحْتَضِن أطياف البشر الذين يخْتَبئون، يَتصرفُون بوحيٍ من انفعالاتٍ وعواطفٍ تُحرِكُها دوْرَة الحياة المشُوبَة بالمعاناة والألم والحزن، لا شيء يُنْبئُ عن نهايةٍ لخطواتِ هؤلاء البشر وإلى أين تقودهم خطواتهم ولكنهم رغم عَدَم معرِفتهم بالطريق إلا أنهم مسْتمرين في السيرِ؟ لا غرابةَ في أن ترى الفَقْرُ مع الاِبتسامة، والألم مع الضَحْكَة، يتشبَثُون بالحياةِ وكأنها ستَختَفي بعد ساعة زمن، يقْتنِصون الْلُقمَة من أفواهِ بعضهم البعض لشدّةِ العَوزُ، يسْتغربون من بعضِهم كيف يحْيُّيون وهم لا يأكلون بالأيام...؟ ومع كلّ هذه الضائِقة يجدونَ الوقت ويتَضاجَعون، ومن لم يجد امرأةً يبحثُ عن مثِيل لهُ، ومن لم تجد رجلاً تُفتِشُ عن مَثيلَة لها، وفي النهايةِ يُفْرِغون شهواتهم حتى لا يختَنقون، حتى الفَقرُ يحْتمِلونهُ والجوع يَصْبِرون عليه، ولكنهم يجِنُّون لو لم يُفْرغوا شَبَقهُم في أيِ جحْرٍ يُصادِفونهُ، هذا هو ليلُ المحرق، يضِجُ بالآهاتِ والتنهدات وزفرات الشهوات التي تَسْمَعَها مُنْبعِثة من شقوقِ المنازل المُتصَدِعة ومن فتحاتِ النوافذ، لا يَخفُون تلك الآهات لأنها تَفْلتُ منهم دون إرادَة، ويعرفون عن بعضهم بعضًا تلك الأسرار ويتجاهلُونها. تلك هي مدينةُ المحرق الجاهليّة الغامِضَة.كان تفكير جوري وإدريس، وكلّ منهما بعيدٌ عن عقلِ الآخر، في تلك الهُمُوم التي يتقاسَمُها الجميع تحت سقوف البيوت الآيل بعضُها للسقوطِ، والمُتصَدِعة، والمُكتظَّة بالبشرِ رغم صغر حجمها، لا تخْتلفُ حياة الاثنين عن حياةِ الآلاف من سكانِ المدينة، فالغالبيةُ العُظمى وهي تعيشُ داخل بيوتِ العريش وأكواخ التَنَك ومنازل الطين، تتَوَحَّد همومها مع الطعام الذي اِنْعدَم، والمطارَحات الجسدية المُتبايِنَة الرغَبات والشهوات، يُوَحِّدَهم المطر عندما يحْتجِزهُم بين الجدّران، وتَجمَعهُم المقاهي والسواحل والأزِقَّة حتى بأيامِ البرد، لا تُوجد مدينةٌ بالدنيا يفْترِشُ سُكانها السواحل ومراسي البحر، كمدينةِ المحرق، فهناك ارْتباطٌ عضوي لا ينفصم بينهم وبين البحر، سواء من ركبَ الموج، وأبْحرَ للغوصِ أو بصيدِ السّمك، أو بمن عشِقَ منظر البحر واسْتأنَس الجلوسِ أو الوقوف عنده وتأمّلهُ، حتى أن بعضهم كانوا يخاطبونهُ بالسرِّ في أعماقهم كما لو يفْضفِضون لكائنٍ حيٍ يسْمعهُم...بحرُ المحرق سَكنَ في داخلهم فأضْحوا مثل الأسماك تغوص فيه، لا يتَخيَّل أحدهُم أنه سَيسْكن بعيدًا عن البحر، وإن لم يتَوَفَّر له مكان هناك، دأبَ على الخروجِ يوميًا للصلاةِ والركوع عند سواحله ومرافئه المُتعَدِّدة على أطرافِ المدينة، فالمحرق يَحفُها البحر من كافةِ نواحيها، وهي أشبهُ بغيْمةٍ في كبدِ كوْمَة من السحابِ تسبحُ فيه...جاء المطر ولم يتَوَقفْ فأغرقَ المدينة بالماءِ وكأنها لم تكْتفِ بمياهِ البحر، المطر أضافَ إليها، وابلاً من الماء، فحُوصِرَ الناس في منازِلهم ولم يخرجوا إلا حين غَرقتْ بيوتهُم في الم ......
#شتاء
#المحرق
#1940

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706085