محمد الفقي : سينما روي آندرشون*
#الحوار_المتمدن
#محمد_الفقي محور أفلام المخرج السويدي الكبير روي آندرشون وعمودها الحامل هو حال الإنسانية التي باتت تفتقد للإنسانية، وحال الإنسان الذي صار بعيداً عن الآخرين، وعن نفسه أيضاً. ورباعيته، التي تسمى أحياناً "رباعية الحياة"، هي أربعة أفلام متتالية، صنعها في الفترة ما بين عامي 2000 إلى 2019، وتصور الوضع الروحي والقيمي الذي وصل إليه إنسان اليوم. مشاهدة هذه الرباعية تمنح المتفرج فرصة فريدة لخوض تجربة بصرية وفكرية غير مسبوقة في تاريخ صناعة السينما، مع استثناءات قليلة، بالطبع، لقلة من كبار صناع السينما العالميين، وإن اختلفت أساليبهم. ولأغراض التحليل فقط، سنقسم ملاحظاتنا إلى قسمين؛ أحدهما عن المضمون، والآخر عن الأسلوب والشكل، لأنه من المستحيل عملياً فصل الاثنين عن بعضهما أثناء فعل المشاهدة، فالأسلوب عند آندرشون هو أسلوب مبتكر خصيصاً من أجل التعبير عن معان بعينها، وقد ابتكره على نحو يصبح معه جزءًا من المضمون في كل واحد متحد، كاتحاد الماء بالإسمنت، فالفني لا ينفصل عن الاجتماعي، والجماليات البصرية مضفورة بحال الإنسانية.الغايات والمعاني هناك ثبات ملموس وواضح في قناعات آندرشون الفكرية والقيمية منذ فيلمه الأول عن المراهقين السويديين (قصة حب سويدية، 1970) وحتى اليوم. ظل آندرشون منحازاً دائماً إلى منظومة القيم والأفكار المتعاطفة مع اليسار ومع الطبقة العاملة السويدية، والناقدة لقيم الرأسمالية الجامحة والنيولبرالية، مثله في ذلك مثل آكي كورسماكي الفنلندي، ومايك لي وكن لوتش الإنجليزيين، وإن اختلفت الأساليب الفنية. رغم ذلك، نستطيع القول إن أعمال آندرشون، من الناحية البصرية، قد بلغت أوجاً فنياً لم تبلغه معها أي من أعمال باقي السينمائيين أصحاب القضايا الاجتماعية.يصر آندرشون في كتابه (زمننا الذي يخشى الجدية، 1995)، وفي أكثر من فقرة، على ضرورة ممارسة النقد الاجتماعي في أفلامنا المعاصرة، وعلى أهمية أن ُتصنع الأفلام بصورة أكثر جدية وأكثر مسؤولية. حتى طيلة الربع قرن الذي هجر فيه صناعة الأفلام الروائية، واقتصر فيه عمله على صنع الإعلانات التجارية، لا يمكننا أن نعثر على إعلان تجاري واحد لآندرشون دون ملمح من النقد الاجتماعي تجاه الحالة الإنسانية بصفة عامة.ينتمي آندرشون فكرياً إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي السويدي؛ أعرق الأحزاب السويدية وأقدمها، وأكثرها شعبية في السويد، والذي يُنسب إليه معظم الفضل في "دولة الرفاهة الاجتماعية" التي ينعم بها المواطن السويدي أمس واليوم. لكن في انتخابات عام 1985، تعرض الحزب لتهديد خطير من (حزب المحافظين) اليميني الصاعد حديثاً في الحياة السياسية آنذاك، والذي بدا أنه على وشك الفوز بالانتخابات العامة وتشكيل الحكومة الجديدة. مسؤولو الحزب الديمقراطي الاجتماعي استنجدوا ساعتها بآندرشون (وكان أشهر وأهم صانع إعلانات تجارية في أوروبا) لصنع إعلانات تلفزيونية تساعد الحزب في مأزقه. إبن الحزب البار لم يتأخر، وصنع فعلاً عدة إعلانات لصالح حزبه، ساهمت في قلب التوقعات، واكتساح الديمقراطيين الاجتماعيين للانتخابات في ذلك العام. إعلانات آندرشون الحزبية كانت عبارة عن عدة لقطات، كل لقطة بمثابة مشهد مستقل بذاته (والذي سيصبح أساس أسلوبه السينمائي بعد ذلك)، وكل لقطة-مشهد منها يعبر عن نفس الفكرة التي تتكرر بأشكال متنوعة: طبيب وممرضة يفرغان ما في جيوب المرضى قبل علاجهم، حشد من المارة في نفق يسرعون ويدوسون بلا رحمة شخصاً تعثر منهم، مدرس يصفع تلميذاً ليس معه نقوداً في مطعم المدرسة ويرفض إعطاءه وجبة الغداء، وهكذا. هذه الإعلانات السياسية كانت كلها بلا ......
#سينما
#آندرشون*
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751550
#الحوار_المتمدن
#محمد_الفقي محور أفلام المخرج السويدي الكبير روي آندرشون وعمودها الحامل هو حال الإنسانية التي باتت تفتقد للإنسانية، وحال الإنسان الذي صار بعيداً عن الآخرين، وعن نفسه أيضاً. ورباعيته، التي تسمى أحياناً "رباعية الحياة"، هي أربعة أفلام متتالية، صنعها في الفترة ما بين عامي 2000 إلى 2019، وتصور الوضع الروحي والقيمي الذي وصل إليه إنسان اليوم. مشاهدة هذه الرباعية تمنح المتفرج فرصة فريدة لخوض تجربة بصرية وفكرية غير مسبوقة في تاريخ صناعة السينما، مع استثناءات قليلة، بالطبع، لقلة من كبار صناع السينما العالميين، وإن اختلفت أساليبهم. ولأغراض التحليل فقط، سنقسم ملاحظاتنا إلى قسمين؛ أحدهما عن المضمون، والآخر عن الأسلوب والشكل، لأنه من المستحيل عملياً فصل الاثنين عن بعضهما أثناء فعل المشاهدة، فالأسلوب عند آندرشون هو أسلوب مبتكر خصيصاً من أجل التعبير عن معان بعينها، وقد ابتكره على نحو يصبح معه جزءًا من المضمون في كل واحد متحد، كاتحاد الماء بالإسمنت، فالفني لا ينفصل عن الاجتماعي، والجماليات البصرية مضفورة بحال الإنسانية.الغايات والمعاني هناك ثبات ملموس وواضح في قناعات آندرشون الفكرية والقيمية منذ فيلمه الأول عن المراهقين السويديين (قصة حب سويدية، 1970) وحتى اليوم. ظل آندرشون منحازاً دائماً إلى منظومة القيم والأفكار المتعاطفة مع اليسار ومع الطبقة العاملة السويدية، والناقدة لقيم الرأسمالية الجامحة والنيولبرالية، مثله في ذلك مثل آكي كورسماكي الفنلندي، ومايك لي وكن لوتش الإنجليزيين، وإن اختلفت الأساليب الفنية. رغم ذلك، نستطيع القول إن أعمال آندرشون، من الناحية البصرية، قد بلغت أوجاً فنياً لم تبلغه معها أي من أعمال باقي السينمائيين أصحاب القضايا الاجتماعية.يصر آندرشون في كتابه (زمننا الذي يخشى الجدية، 1995)، وفي أكثر من فقرة، على ضرورة ممارسة النقد الاجتماعي في أفلامنا المعاصرة، وعلى أهمية أن ُتصنع الأفلام بصورة أكثر جدية وأكثر مسؤولية. حتى طيلة الربع قرن الذي هجر فيه صناعة الأفلام الروائية، واقتصر فيه عمله على صنع الإعلانات التجارية، لا يمكننا أن نعثر على إعلان تجاري واحد لآندرشون دون ملمح من النقد الاجتماعي تجاه الحالة الإنسانية بصفة عامة.ينتمي آندرشون فكرياً إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي السويدي؛ أعرق الأحزاب السويدية وأقدمها، وأكثرها شعبية في السويد، والذي يُنسب إليه معظم الفضل في "دولة الرفاهة الاجتماعية" التي ينعم بها المواطن السويدي أمس واليوم. لكن في انتخابات عام 1985، تعرض الحزب لتهديد خطير من (حزب المحافظين) اليميني الصاعد حديثاً في الحياة السياسية آنذاك، والذي بدا أنه على وشك الفوز بالانتخابات العامة وتشكيل الحكومة الجديدة. مسؤولو الحزب الديمقراطي الاجتماعي استنجدوا ساعتها بآندرشون (وكان أشهر وأهم صانع إعلانات تجارية في أوروبا) لصنع إعلانات تلفزيونية تساعد الحزب في مأزقه. إبن الحزب البار لم يتأخر، وصنع فعلاً عدة إعلانات لصالح حزبه، ساهمت في قلب التوقعات، واكتساح الديمقراطيين الاجتماعيين للانتخابات في ذلك العام. إعلانات آندرشون الحزبية كانت عبارة عن عدة لقطات، كل لقطة بمثابة مشهد مستقل بذاته (والذي سيصبح أساس أسلوبه السينمائي بعد ذلك)، وكل لقطة-مشهد منها يعبر عن نفس الفكرة التي تتكرر بأشكال متنوعة: طبيب وممرضة يفرغان ما في جيوب المرضى قبل علاجهم، حشد من المارة في نفق يسرعون ويدوسون بلا رحمة شخصاً تعثر منهم، مدرس يصفع تلميذاً ليس معه نقوداً في مطعم المدرسة ويرفض إعطاءه وجبة الغداء، وهكذا. هذه الإعلانات السياسية كانت كلها بلا ......
#سينما
#آندرشون*
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751550
الحوار المتمدن
محمد الفقي - سينما روي آندرشون*