الحوار المتمدن
3.18K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
مصطفى حمدان : ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة» 1
#الحوار_المتمدن
#مصطفى_حمدان في مكانٍ بعيد عن حدود المدينة وتضاريسها المعقدة،بعيداً عن زحمة الأحياء وضوضائيتهم وضجيجهم،بعيد عن فوضويتهم وحركتهم المستمرةهدوء وسكينة ما يُعطي الطابع السائد لطقوس المقابر ومكانها،لا أصواتٌ هنا ولا حركة ،إلا حركة الريح التي تموج بالعراء وتتحرك بسهولة وحرية بين أغصان الشجر ونباتات الورود المحيطة بالقبورقبور بُنِيَت على خطوط أُفقية بتنظيم هندسي ليس عشوائي كمساكن الأحياء ،ليَسهُل على الأحياء التعرُف على قبور موتاهم.لا أرقام هنا ولا عناوين ، الشخوص ونوع النبتة حول القبر ما يُميز القبر عن الآخر،وتختلف أشكال القبور وحجمها وطريقة بنائها ونوع الزرع والنبات حولها، فهذا القبر لرجل عاش ثمانون عام،وذلك القبر لطفل عاش يومينوهذا القبر لفلان وكنيته،وذلك القبر لفلان ومكانته ، الأحياء هم من اعطى القبور حجمها ومكانتها ، ولكن هؤلاء الأموات لا يقسم بينهم سيئ فمه جميعاً أموات ،وبغض النظر كم عُمر الميت أو حجمه ومكانته في الحياة لا فرق هنا بين الكُنية والمكانة ،لا فرق بين نوع الموت ، الجميع هنا أموات يرقدون بسكينة وسلام بعيداً عن الأحياء.***تأتي جموع ومجموعات من البشر تُفرِغ حمولتها من الأموات وتذهب، عويلٌ ودموعٌ ومناجاة ، هذا ما يستطيع ان يفعله الأحياء للأموات ، الكل يثرتر ويتكلم ،ينظرون إلى تلك الحفرة بحزن وألم ،ما عدا الميت فهو صامت ينظُر وينتظِر.وما أن وضعوه في أعماق الحفرة ،وجرفوا التراب فوقه ،حتى مضوا يتركونه خلفهم وحيداً ،يصيح بهم أين انتم ذاهبون؟ ولماذا تتركوني هنا؟ أرجوكم لا تبتعدوا ولا تتركوني وحيداً.بقي يتمتم ويهذي لنفسه ،ولم يعد يرى أحد ،فالكل إختفى عنه وعن المقبرة،صرخ الكثير ونادى الكثير حتى تعب ويأس،حينها قرر أن يموت بسلام وهدوء،فقد أيقن انه مجرد إنسان للتو مات.***دخل في غيبوبة تُشبه نقطة ضوء في أفق بعيد،تصل نهايته إلى كتلة ضبابية غامضة،يسأل نفسه أين أنا وماذا يحدُث معي؟ وما هذه الأشياء حولي ،يبقى يتسائل ،ربما أنا أحلُم!أو ربما أني أحلُم بأني أحلم!فذه الأشياء حولي غامضة وغير مفهومة ، إلى أين تأخذني هذه الجاذبية البطيئة نحو الأسفل؟ إني أرى الأشياء من حولي وأعرف من أنا ولكني لا أعرف أين سأسقط ومتى!ثمة ساحة كبيرة تشبه السهل المستوي دون تضاريس أو معالم،دون أشجار أو جبال ،سهل تملأه الأعشاب القصيرة الخضراء، تتمايل طوعاً لحركة الريح المستمر دون توقف.مكان يبدو أن ليس له نهاية أو حدود،فكل الاتجاهات لا ترى هنا سوى الأشياء نفسها ومتشابهة ، ساحة كبيرة ، سهل مستوي ،لا تستطيع أن تحدد المكان أو ان توصفه ، يمشي بكل الإتجاهات دون جدوى يمشي ويقطع مسافة طويلة باتجاه اللاشيئ أو العدم ،يحاول أن يميز شيئاً ربما رآه من قبل ،يحاول أن يفك لغز وجوده في هذا المكان ،ويبقى يتمتم لنفسه ،أين هذا المكان على هذه الكرة الأرضية ! ومن جاء بي إلى هنا؟يحاول من جديد ان يحدد الأشياء في هذا المكان الغامض الفارغ من كل شيء الا من أعشاب قصيرة تتمايل بكل الاتجاهات وريح لا يتوقف عن الصفير،يصرخ ربما يسمعه أحد أو يجلب إنتباه كائن حي أو حيوان أو طير،لا يسمع سوى صوته وصفير الريح المستمر، يجُن جنونه وبدا وكأنه فقد عقله ،وبدا من جديد يهذي لنفسه ويكام حاله ليواسي أفكاره الشاردة ، لعله يجد جواب لهذا الغموض من حوله، يُتبع ......
#ذاكرةٌ
#للموتى
#«قصة
#قصيرة»

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=695060
مصطفى حمدان : ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة» 2
#الحوار_المتمدن
#مصطفى_حمدان هل من حياة هنا ولماذ انا الوحيد في هذا المكان ، يفرُك عينيه يحاول أن يوقظ رأسه المتعب من الأسئلة والتفكير ،أهي غيبوبة قصيرة جائت بي إلى هنا إلى هذا المجهول،سأصحوا بعد قليل وسأستيقظ مِن هذا الكابوس اللعينحتماً سأستيقظ لأكتشف أنه مجرد حلم سيء ، ودون جدوى لا شيء يوحي له بأن هذه الأشياء مِن حوله أمور طبيعية ، يبدأ المشي من جديد بإتجاه لا يعلم أين سيأخذه ،ويبدو له كأنه يدور حول حلقة فارغة لتشابه الأشياء من حولهيحاول مِن جديد أن يستكشف شيئاً آخر لا يُشبه الأشياء التي رآها حين سقط على أرض ذلك السهل الكبير، يمشي ويتعب ويعود للمشي مرةً أخرى ،يركض كمن يطارد سراباً أو ضوءً في صحراء رملية واسعة ليس لها نهاية.يستلقي على العشب مُستسلماً لهذاالواقع المجهول الذي لا يعرف ما نهايته أو مِن أين أتى،يغمض عينيه يحاول أن يُركِز تفكيره ومخيلته بشيء يستطيع أن يفعله لكي يخرج من هذا المكان المجهول الذي لم يرى مثله من قبل،يغفوا من شدة التعب والإرهاق الذهني،ويُرخي جسده المُنهك فوق العشب فاقداً بأي أملٍ بأن يستنتج أو يبني فكرة عن هذا المكان ،وعن ما يحدث معه .ثمة أصوات تأتي مِن بعيد بدأ يسمعها ، أصوات بشر يتحدثون دون توقف ،يصحوا مذعوراً ويبدأ بالنظر حوله ليحدد من اين تأتي هذه الأصوات ، ينهض ويبدأ بالنظر الى كل الإتجاهات ، ليس بعيداً عنه ثمة ضباب ينساب ببطئحتى أصبح يرى من خلف الضباب ناسٌ كثيرون دون عدد والجميع يمشي ببطء ويتكلم جميعهم في نفس الوقت، يجري نحوهم ويصيح ! أنا هنا ، أرجوكم إنتظروا أنا هنا ! يقترب من هذه الجموع البشرية ليكتشف أنهم أناس عاديين ، أشخاص من كل الأعمار ، شيوخ وأطفال ورجال ونساء ، الكلُ يمشي ببطئ يتكلمون مع بعض دون توقف.يقف أمام الحشد البشري مستغرباً ، دون خوف أو حذر ، لأن وجودهم ربما يعطيه الأجوبة لأسئلته ، وأيضاً شعر بالإرتياح لأنه ليس وحيد في هذا المكان ، من انتم وماذا تفعلون في هذا المكان ؟ أرجوكم أن تقولوا لي من أنتم وما هذا المكان ؟الجميع ينظر اليه بشفقة وإستعطاف ، يتقدمهم كهل ذو لحية بيضاء ويتركز على عصا ، ينظر اليه الكهل ويبتسم ، قائلاً يبدوا أنك تتسائل عن هذا المكان ! ولماذا أنت هنا!يجيب ! نعم ..نعم انا سعيد بأني وجدتكم ، وأرجوك هل تقل لي ما هذا المكان ، وماذا يحدث معي ، ومن انتم ! يبتسم الكهل مواسياً الرجل قائلاً ، هذا المكان ، الشيء الأول والمكان الأول الذي تراه بعد أن تموت ، وبعد أن يضعوك في القبر،يصرخ رافضاً الفكرة ، ماذا تقول يا رجل هل هذه دعابة أم أُحجية ! ماذا تقصد بعد الموت ، بعد القبر ! يجيبه الكهل بهدوء وسكينة ، لا يا صديقي لست أمزح ، أنت ميت ، ولهذا أنت هنا في هذا المكان، يصرخ مستنكراً ما قد سمعه من الكهل،ميت ماذا تقول ! وكيف أتكلم معك وتكلمني ،وأسمعك وأراك ،فكيف أنا بميت ! فرَدَ عليه الكهل ،ونحن أيضاً أموات يا صديقي ، كلنا هنا أموات ولا يوجد أي حي بيننا ، لقد متنا هذا اليوم مثلك ، وجئنا إلى هذا المكان كما جئت أنت ، ويبدو هذاالمكان هو الفاصل بين الموت والقبر ، وغداً سنختفي خلف ذلك الضباب إلى الأبد ، ليأتي أمواتاً آخرين ماتوا من بعدنا ليستريحوا من عناء الموت ومفارقة الحياة ، قاطعه جازماً .. ولكني لم أمت ، أقسم لك أني لم أمُت ! فسأله الكهل ! هل تذكرآخِر شيء رأيته أو حدث معك قبل أن تأتي إلى هنا ؟ فرَدَ عليه الرجل ! بلى أذكر جيداً أني جئت من العمل ومن شدة التعب ، أكلت طعامي واستلقيت لقيلولة قصيرة لأريح جسدي من عناء اليوم ، فرَدَ عليه الكهل ، أكمل وثم ماذا حدث !أخذتني الغفوة الى البع ......
#ذاكرةٌ
#للموتى
#«قصة
#قصيرة»

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=695188
مصطفى حمدان : ذاكرةٌ للموتى «قصة قصيرة» 3 والأخير
#الحوار_المتمدن
#مصطفى_حمدان أيُ عالمٍ هذا الذي يحيط بي ، وما هذا المكان الذي لا زلت أجهله ، وإلى أين نذهب بعد هذا المكانلكنه يبدوا أن للأموات مجتمع وأماكن كالأحياء ، ولهم طقوسهم وعلاقاتهم كما الأحياء ، أمواتٌ يواسون بعضهم ، وكلما جائهم ميت جديد ، هبوا لمواساته وليضموه إلى جموعهم .نعم أنا رجلٌ ميت كهؤلاء ، وهذه الحقيقة التي آراها الآن ، ولا أستطيع أن أغير هذا الواقع أبداً ، وأفضل شيء أفعله هو الإنضمام اليهم .هذه التساؤلات التي تدور وتعبث بأفكار رأسه ، أكدت له حقيقة موته ، وإبتعاده عن الأحياء والحياة .ومِن جديد أخذ الجميع يُرَبت على كتفيه ومعانقته محاولين تخفيف صدمة إكتشافه بحقيقة أنه مجرد إنسان قد غادر الحياة ومات ، وما يحدث في هذا الوقت ألا هو نوع من طقوس الموت وتفاصيل ما بعد الموت .يتقدم الكهل قائلاً ! لا تحزن يا صديقي ولا تُثقِل رأسك بمزيد من التساؤلات والاستفسار ، لأنها لن تجدي شيء ولن تعيدك الى الحياة أبداً ، وهذا هو واقعك ، ونحن معك جميعاً يواجه نفس المصير .لمْ نلتقي أثناء الحياة ولكننا التقينا ونحن أموات ، فانضم الينا لنكمل هذه الطقوس كما يفعل كل الأموات ، نموت بسلام وسكينة بعيداً عن ضجيج الأحياء وزحمتهم وتفاصيل حياتهم المعقدة ،وصدقني يا صديقي أن الأحياء سينسونا قريباً ، أو ربما نسونا بأي حال .ينضم الرجل لجموع الناس التي ما زالت تتكلم جميعها دون توقف ، ويبدوا أنهم يسردون قصص موتهم وتفاصيلها لبعضهم البعض ، يمشون ببطئ نحو تلك الكتلة الضبابية التي خرجوا منها .واثناء المشي وكالجميع بدأ يتحدث مع من حوله ، يشاركهم الحديث ويسأل ؟- كيف مُتَ أنت ؟- كنت عائداً إلى بيتي قادماً من العمل - ماذا حدث ؟- قتلتني السرعة والمركبة - لماذا ؟- كنت على عجلٍ لأصل البيت - ثم ماذا حدث ؟- لم أصِل للبيت ، مُتُ بعيداً عنه- وأنت كيف مُتَ ؟ - كنت أسبح في البحر - لماذا ؟- هربت من الحرب والموت في بلدي- وماذا حدث ؟- قتلتني الأمواج وغرقت ، لم أصِل الجهة المقابلة- وأنتِ يا صبية كيف مُتي ؟- أحببت شخصاً بالحي والتقينا - ماذا حدث ؟- قتلني أبي وأخوتي - لماذا ؟- لا أعلم - وأنتَ كيف مُت ؟- توقف قلبي عن العمل- لماذا ؟- كنت أكتب قصيدة عن الفقراء- ماذا حدث ؟- لَمْ أكمل القصيدة ومُت- وأنتَ يا صغير كيف مُت ؟- لا أدري ولكني كنت بحضن أمي ومت- لماذا ؟- أصابني المرض - وماذا حدث ؟- لا تملك أمي ثمن الدواء فمُت- وأنت يا صديقي كيف مُت ؟- كنت جندياً في معركة- وماذا حدث ؟- سقطتُ في المعركة- هل انتصر جيشكم ؟- لا أعلم - وأنتم يبدوا أنكم متم مع بعض ؟- نعم فنحن أخوة- ماذا حدث ؟- كنا نائمين فاخترقت قذيفة سقف بيتنا ومُتنا - ولماذا أنتم ؟- لا ندري ، هم يطلقون القذائف من طائراتهم في كل مكان ودون سبب- وأنتَ كيف مُت ؟- أطلق أحدهم الرصاص علي فقتلني - لماذا ؟- كنت أحاول أن أسرق شيئاً من بيته لأسدَ جوعي- ولماذا ؟- لأني لا أملك شيء ولا أستطيع أن أجد عمل- وأنتِ كيف مُتِ ؟- خرجت في مظاهرة أطالب بحريتي- ماذا حدث ؟- أطلقوا الرصاص علينا - من هم ؟- رجال الأمن- وماذا حدث ؟ - سقطت اليافتة من يدي ، قتلتني رصاصة - وأنتَ كيف مُت ؟ - قلت شيئاً عن الحاكم ، فاعتقلوني - وماذا حدث ؟ - مُتُ تحت التعذيب في الزنزانةيسأك المزيد ويتحدث مع كل من حوله ، ويسمع الكثير من القصص وا ......
#ذاكرةٌ
#للموتى
#«قصة
#قصيرة»
#والأخير

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=695391
صفوت فوزى : للموتى أجنحة بيضاء
#الحوار_المتمدن
#صفوت_فوزى وكنت، حين يأتيني نشيجُها المخنوق، في صباحاتٍ بعيدة. أرفس الغطاء، أتسلل خارجًا، أتعثر في طريقي، والدار من حولي ساكنة إلا من حركة خفيفة. ألمحها في ظل الجدار الخشن تجرد شعرها الفاحم الطويل بفلَّاية خشبية لها أسنان رفيعة حادة. تهمس بعديدها الذي لا أفهمه، وأنا أرتجف كعصفورٍ بردان. تُربِكني الحيرةُ والقلق. أتكوَّر في ركن بعيد، متقرفصًا دافنًا رأسي بين ركبتيَّ أطوقهما بذراعيَّ، وأنا أجترُّ كلماتها العصيَّة على الفهم. يهبط الحزنُ في قلبي ويهاجمني الخوف، وأنا أقف على حافة البكاء. وفى نومي المتقطع القلق، تُهاجِمني الكوابيس وتمزِّقُ نومي. أرتجف بردًا ورعبًا، خائفًا على أمي التي خطفتها الجنّية، وتأتيني الآن متقمصةً شكلها. تخرج إليَّ، وأنا أحكم الغطاء حول جسدي الذي ينتفض، من ذؤابة ضوء اللمبة نمرة 10. يتماوج ظلُّها على الحائط الخشن. تمد إليَّ يدًا ناعمةً ملساء كحيَّةٍ مرقطة، تظهر منها مخالبُها الحادة تنغرز في جسدي. تحز في اللحم الحي. قلبي يرفُّ كطائرٍ مذبوحٍ. أسقط في بئرٍ تعجُّ بالغيلان. أصرخ بكلِّ قوتي. لا تجيبني سوى الريح، والرمل الذي يغطي وجهي، وهذا الليل الطويل الذي لا يريد أن ينتهي. اليوم، تفاجئُني جلستُها، والشمس تغزل خيوطَها الواهنة الرحيمة في صحن الدار. تفترش حصيرًا تهرأت أطرافُه ونُحِل نسيجُه الخشن، ملتحفةً بجلبابها باهت السواد، معصوبة الرأس بتربيعة سوداء تنسدل من خلفها ضفيرتا شعرها الناعم على الظهر. يسقط عليها الضوء من نافذةٍ قريبةٍ فيضيء جانبُ وجهها القمحي المدور، فيما تسبح آلاف من ذرات غبار نشطة في مخروط الضوء. تفرد ساقيها، يقبع بينهما حجرُ الرحى ثقيلًا شديد الوطأة، تضع بين شقيه حبات الذرة، تجرشها لفراخها الصغيرة التي أطلقتها لشمس الصباح، تلقط الحَبَّ وبقايا المأكولات، ولا تكف عن الصوصوة. تدير الحَجَرَ المكتوم، وتسكب عديدها بلوعةٍ تُشبه حزنَ الأبواب القديمة. يسري هسيسُه في الدار، ويتقطَّر الأسى من ملامح وجهها النحيل. عيناها العسليتان القبطيتان يخبو بريقُهما، وتظل تحدِّقُ ساهمةً شاردةً، فيما يأتيني هديلُ الحمام في أخنانه شفيفًا أسيانًا. أسألها فتجيب: أصل افتكرت أبويا اللي مات – جدك -.تأخذني في حضنها. راحتاها مفتوحتا الأصابع، مخضلتان بالدمع، تتخللان خصلات شعري المجعَّد. أزاحت عن جبهتي شعراتٍ نافرةً. تضمُّ رأسي بين يديها. رسمت علامة الصليب بكثير من التقى والورع. تُطيل النظرَ في عينيَّ وتهمس -ماسحة عينيها بطرف جلبابها- أني أشبهه. أغادر حضنها الدافئ لأسألها: يعنى إيه مات؟ تنساب الدموع، تغسل الوجهَ الممرور، ولا أسمع ردًّا سوى نهنهة خافتة لا تبين. أمضي، وفي داخلي يعشِّشُ حزنٌ شفيفٌ وأسئلةٌ مراوغةٌ ليست لها إجابات. ***ريحٌ عاصفةٌ جموح، كنست قعرَ الدار، طوحت بعيدانِ الحطب الجافة من فوق أسطح الدور. صنعت دواماتٍ من الغبار وبقايا الورق الجاف. هاص العيال وزاطوا مرددين: "فسية العفريت". نهق حمارٌ. أقعى كلبٌ أسود على قائمتيه الخلفيتين شاخصًا نحو السماء، وعوى عواءً ممطوطًا مرتجفًا. جاوبته كلابٌ بعيدةٌ. السماء تبهت زرقتها وتكتسي لونًا رماديًّا. زحف الخوفُ من الزوايا والأركان المظلمة المسكونة بالأشباح وتحول في داخلي إلى انتظارٍ مفجعٍ، وأنا أدخل في الرعدة. تنطلق الصرخة الأولى من بيت الجار الطيب. صرخة مرعبة، تصدر عن قلب مفجوع. تسقط بغتةً كلصٍّ متربصٍّ خلف جدار. دوَّت في فضاء البيت، وارتفعت كدخان حريق فوق سطوح المنازل القريبة. تجاوزتها مرتفعة إلى عنان السماء. ارتجفت أطراف الحارة. فزعت حماماتُ الدار وطارت مبتعدةً. خوفٌ غامضٌ أمسك بعنقي. يه ......
#للموتى
#أجنحة
#بيضاء

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764232